الفصل العاشر

قال ماهر بابتسامة:
_ لا تقلقي فمن الآن لن تحتاجي للبحث عن عمل، لدي أصدقاء كثر يريدون جمال صوتك، أجل سوف أساعدك،أه صحيح أريد أيضاً صورة لعثمان ومعلومات عنه.

تحدثت ميسون بتساؤل:
_لماذا تريد صورته والمعلومات عنه؟

_ هذه المعلومات تلزمني وأعدك أنه لن يتعرض لكِ مرة ثانية، وستكونين في القمة مجدداً، أما هو كوني أكيدة، سأفعل معه الكثير.

اقتربت منه وهي تعلم ماذا سيفعل أصبحت تفهم نظراته كثيرا، كان يتحدث وهو يتوعد له، نظرت في خاصته قائلةً:

-إياك أن تفعل له شيئاً يعرضك للخطر أرجوك، أرجوك أن لا تضره، واتركه للزمن سيعلمه الدرس، أرجوك ماهر أنا لا أريد عودة المشاكل مجدداً، ساعدني فقط.

_ لا تهتمي بشأنه، فقط ركزي بحلمك وحياتك التي ستتغير كليا.

-لكن..

قاطعها حينما وضع أصبعه فوق شفاه "بمعنى انتهى الحديث".

_قلت لكِ أن لا تقلقي واهتمي لمستقبلك الجميل هيا ابتسمي.

ابتسمت بحب، ثم فتح باب السيارة قائلاً:
_تفضلي.

بعد ذلك ركبت بجانبه وأدار وجهه إليها مرةً أخرى ونزل؛ ليفتح الباب الخلفي لمريم التي ركبت وبدأ يقود السيارة والصمت ساد اللحظة، حتى مضت مدة طويلة فقرر كسر الصمت واضعاً يده فوق المذياع وقام بتشغيل موسيقى رومانسية، فنظرت له ميسون وبدأت تغني وتتمايل بخصرها ثم تصقف بيديها وكأن كلمات الأغنية كانت تصفها.

أما مريم فقد كانت تراقبهم وكانت تنظر الى ماهر، ورأت نظراته المليئة بالحب لصديقتها وبدات تراجع نفسها:
"هل هي إساءة الظن به، أم أنه يحبها، لا، لا؟"

تحدث ماهر معها بمرح:
_لم أركِ ترقصين بهذه الطريقة من قبل.

-لأن مزاجي جيد، وأيضا حبيبي لا يجعلني أريد شيئا وينفذ كل طلباتي ويساعدني، واثقة به جدا.

أنهى حديثه وأمسك يدها وقبلها برفق قائلاً: _أريد أنْ أراكِ ناجحة مرةً ثانية ومهما حدث لا تتخلي عن هدفك، ضعي هدفك نصب عينيك واسعِ إليه ستصِلين حتماً، وسأظل بجانبك، حتى إذا حدث شيء وتخالفنا لن اترككِ.

قاطعته بحزن:
_ لماذا أنت متشائم هكذا؟ ألا تتذكر إلا كلمة فراق أو بُعْد، أنا لا أريد هذا، ولن نفترق، سنختلف بحالة واحدةً فقط.

قال متسائلاً:
_وما هي؟

-أسرارك و ماضيك هم من سيجعلوننا نختلف وهذا سيسهل على أي شخص أن يفرقنا فأرحوك قل لي من أنت يا ماهر ولا تخفي عني الكثير أنت ما زلت لا تثق بي فكيف تحبني، وانت لا تثق بي جاوبني لقد تجاهلت كل شيء يجعلنا ننفصل، ولكن ماضيك وهويتك لم أستطع تجاهلهما وأحاول ان أتذكر حبك وحنانك ولكن ما يعكر مزاجي هو ما تخفيه عني ما هي الحقيقة.


هنا صمتت وأشاحت بوجهها للحظات ثم نظرت إليه قاطبة الحاحبين وقالت مراقبة
تلك الابتسامة التي ارتسمت على وجهه:

_هل تعتقد انني حمقاء إلى هذا الحد؟ فقبل أن أفقد وعي، رأيتك تقاتل الرجال الذين حاولوا التهجم علي وبضربة واحدة منك سقطوا مفارقين الحياة، الذي أعرفه هو أن الماهر فى القتال لهذه الدرجة هو المدرب أو الضابط أوربما المجرم.

نظر لها بصدمة حينما تفوهت بأخر كلمة، ثم صمت، أما هي فلم تدع هذا الصمت طويلاً فقالت:

-هل ستصمت مجدداً؟ تحدث أخبرني بكل شيء لا تجعل عقلي مشتتا.ِ

تنهد مغمضاً عيناه بحزن ثم فتحهم مرةً ثانيةً قائلاً:
_أنتِ جاوبتي على أسئلتك بنفسك.

توسعت مقلتيها قائلةً:
_لماذا تتحدث بالألغاز؟

_ أقصد أنكِ كيف تقولين بأنني لا أثق بكِ وأنا أحبك أكثر من روحي، أنا جاهز لأقدم حياتي لكِ في سبيل أن أرى سعادتك وأراكِ في أمان، من الأفضل أن لا تعرفي الماضي فهو صفحة مؤلمة أغلقتها، لكنكِ مُصرة على فتحها مرة أخرى.

أنا لا أريد إنهاء علاقتنا، فمعك أنسى الماضي، فلماذا تصرين أن تذكريني به، ويبقى شيء من عبق الماضي عالق بي رغم مرور الزمن، أعجز عن نسيانه مهما طال، أحاول أن أعيش يومي وأنساه صدقيني في كل يومٍ يمر، أسأل نفسي من سيبقى حتى النهاية.

أنت من رأيتِ حزني وسط مِئات عاشروني ولم يكتشفوا أنني أتالم، الجميع يعتقد أنني قوي وسعيد الحقيقة ليست مثلما يظنون، لقد أطلقوا الرصاص على قلبي وما زالت حياً، لقد كانوا مجرد مجموعةٍ من الحمقى لا يعرفون أن قلبي مليء بالثقوب.

ثم تنهد بحزن قائلاً:
_سأظل أكتم بداخلي ولن أبوح بشيء، لا أعلم هل سنستمر أم لا؟

لكن الحياة هكذا حكاية تبدأ وحكاية تنتهي الأيام تمضي ولا شيء يدوم، والمؤكد أنني لن أبقى كثيرا وسأرحل ويرحل معي ازعاجي في يوم ما لن يتوقعه أحد، سأكون مجرد ذكرى قد تكون جميلة عند البعض وقد تكون لا، لكنني فخور بقلبي لأنه تعرض للظلم والطعن لأكثر من مرة وما زال ينبض.

الجميع يقول عني بارد لا تحسدوني على هذا البرود فبداخلي حرب لا تعلمون عنها شيئا أعتقدتٌ أنني فقدت مشاعري ولكن عندما أتيتِ و أثبتي العكس.

كانت ميسون تشعر بصعوبة في التنفس وضغط على صدرها وهي تحدث نفسها:

"كل كلمة قالها كانت من عمق قلبه الحزين، عينيه المليئةً بالكسره خيبات الالم".

شعرت بالحزن الذي يملأ قلبه ولم ترد أن تضغط عليه أكثر من ذلك، حتى لا ينفجر وينهار أمامها فلم تعتد أن ترى هذا الحزن بهذين العينين اللتين عشقتهما، واعتادت فقط على رؤية الحب بهما قالت لنفسها:
"سأتركه الآن وأنتظر الوقت المناسب حتى أعلم ما هي الحقيقة."

فأمسكت بيده ونظرت إليه بحنان حينما رأته يقود السيارة بسرعة جنونية لا مثيلّ لها.

صرخت مريم بخوف قائلةً:
_أيها المجنون توقف سنموت.

لكنه لم يهتم وكأنه لم ينصت إليها؛ لأنه يرى ذكريات من الماضي المؤلم نصب عينه، لم تعلم أن سؤالها سيفعل به كل هذا، لقد تحولت عيناه من الحزن الى الغضب، فنبض قلبها بعنف من الخوف وضعت يدها فوق خاصته، حينما لمسته كأنها كالماء الذي خمدت النار المشتعلة.

قالت بخوف ممزوجاً بترجي:
_أرجوك توقف أنا أعتذر لا أريد ان اعرف ماضيك، لم أكن أعلم أنك ستصل إلى هذه الحالة بسببي.

عندما سمع نبرة صوتها المليئة بالخوف لم يتحمل أن يراها خائفة بسببه، فأوقف السيارة وفتح الباب ثم نزل وأشعل سيجارة وبدأ يدخن بشراهه وغضبٍ شديد وكأنه يعبر عن غضبه بالتدخين، فاقتربت منه وعانقته من الخلف بقوة لعلها تسحب كل هذا الغضب.

شعر بنبضات قلبه التي تعلو وتعلو من قربهما وعناقها المليء بالحب، كم تمنى منذ زمن أن يشعر بالاهتمام والحب من شخص يحبه دون إستغلال، أغمض عينيه وألقى ما بقي من سيجارته على الأرض، وشبك أصابعه بخاصتها وبدأ يهدأ تدريجيا.

"أصبحت ميسون علاجاً لجرح الماضي وألمه، وبعد فترة بعدت عنه، ووقفت أمامه ملامسةً وجنيته بحب ويدها الأخرى على قلبه ناظرةً في عينيه".


- قائلةً ماذا فعلوا بقلبك لكي تحزن وتتألم بهذا الشكل أشعر بك كثيرا؟

فأجابها بهدوء شديد وهو يداعب شعرها:
_أنا مجرد غبار يلاعبه الهواء، ثم تحمله الغيوم فتختلط بالمطر، وتهبط على أرضٍ لا تعرفها.

تنهد مكملاًحديثه:
_اي ذرة مجبورة، يوجهوها ولا تعترض قابلةً بكل شيء.

وقفت على أطراف أصابعها حتى تصل لمستوى طوله محاوطةً يديها حول رقبته قائلةً بحب محاولةً تجنب الموضوع الذي أوصله لحالته:

-هل عشقت من قبل؟

ابتسم بحب متحدثاً:
_لا أنتِ حبيبتي الأولى والأخيرة، صحيح، هل أحببتِ أحدا من قبل؟

أومأت بالنفي وهي تضع راسها على صدرها بينما هو حاوط خصرها، ودفن رأسه في عنقها بحب.
حدثت مريم نفسها:
"يبدو أن ميسون ستكون بدايةً ونقطة تحولٍ مهمةٍ في حياته، ليس بسبب جمالها، بالرغم من جمالها؛ بل لأنها الوحيدة التي استطاعت بحضورها أن تنسيه ألم الماضي، جعلته يضحك من كل أعماق قلبه، استطاعت أن تخرج ذلك الرجل الحنون الذي قتله الكثير من الالام والظلم".

حب ميسون جعله ينسى هويته، ويريد البقاء معها فقط كان عقله لا يتوقف عن التفكير بعمله والانتقام وكسب الصفقات )إلى أن اقتحمت حياته أصبح قلبه وعقله مشغولاً بها فقط.



قاطعه عناقهم تلك المزعجة "مريم" التي قالت وهي تحضن يدها بغضب:
-هل اكتفيتم من الحب أم لا؟ هل هدأت أيها الغاضب الغامض، يمكننا الآن الذهاب الى المدير؟

نظر لها بسخرية قائلاً:
_أنا أشمُ رائحة غيرة ممزوجةً بالغضب، هل أنتِ دائما غاضبةً هكذا؟ وتقولي عني غاضب شاهدي نفسك أولاً، ثم تكلمي عن الآخرين أيتها المعتوهة.

نفخت بضيق وأحمر وجهها بغضب.

- يا لك من بارد هيا بنا كي لا نتأخر.

ضحكت ميسون عليهما، ثم ركبوا السيارة وبعد مدة وصلوا أمام محل كبير جدا خاص بالعمل فأمسك يدها


‏ و دلفا للداخل ومريم تسير خلفهم، حينما دخلوا كان الجميع يلقون التحيه على ماهر باحترام أما مريم وميسون يراقبونهم ومصدومين من إحترام الجميع له بهذه الطريقة لماهر.

خرج رجل كبير في العمر يظهر عليه الثراء والوقار ويبدو انه ذو مكانة عالية، من ثيابه الفاخرة حيث كان يقف خلفه حراس كثيرة مد ماهر يده، لكي يصافح ماهر وسلم عليه
قائلاً باللغة الانجليزية:

- مرحبا يا سيد الكسندر كيف حالك؟

_ بخير وانت؟

- في نعمة، لقد تحدثنا بالأمس بخصوص ميسون مثلما قلت لك تمتلك صوتا عذبا واحساسها رائع يستطيع ان ينسيك العالم بأسره ويجعلك تندمج معه، احضرتها الان لك، يمكنك سماع صوتها الآن في الغرفة.

ابتسم الكسندر وهو يشير بيده على الغرفة التي ستدخل بها ثم دخلوا جميعهم ودلفوا للداخل.

تحدث الكسندر:
_تفضلي آنسة ميسون إلى تلك الغرفة، يوجد بها سماعات، وأدوات التسجيل ضعي السماعات على أذنك وأسمعيني صوتك، ونحن بالخارج سنستمع لك وساقيمك بعد الانتهاء.

أومأت برأسها ثم دلفت للغرفة التي كان جدارها من الزجاج الشفاف، وكانوا يرون بعضهم من خلال الزجاج وضعت السماعات على آذانها،ونظرت لماهر ثم ابتسمت وأطلقت العنان لصوتها العذب، وبمجرد أن قالت بعض من كلمات الاغنية استطاعت أن تجذب استماع ونظر الجميع.

كانوا مبهورين بصوتها حيث كانت السماعات توصل صوتها للخارج عبر الأجهزة، وماهر كان ينظر لها وهو يغلق جميع أصابعه، ويرفع إبهامه لها ليزيد من ثقتها.

الكسندر:
‏_يا للروعة صوتها ساحر وخلاب ستكونين بفريقي بالتأكيد، أين كنت أيتها الفتاة ذلك الصوت اخترق أذني وقلبي دون استئذان.

بينما هي تغني وترى تعبيراتهم السعيدة وترى ماهر الذي يدعمها هو ومريم انتهت من الاغنية وخلعت السماعات وخرجت ووجدت كل من في الغرفة يصفق لها بإعجاب شديد، فأظهرت ابتسامة كبيرة على وجهها ووضعت يدها على فمها بسعادة والدموع تلمع في مقلتيها.

الكسندر:
_ يا له من صوت ملائكي أين كنتِ،أقسم أنك ستحطمين الأرقام القياسية بصوتك، واحساسك الصادق الخارج، من أعماق قلبك استطعت أن تجعلينا نشعر بكلمات الاغنيه واحساسك وكأنك تعبرين عن الواقع الأليم الذي نعيشه، ما اجملك!

-اشكرك يا سيد الكسندر.

_ هل أحضرتي الاغنية الجديدة، لكي تغنيها في حفلة نهاية الأسبوع القادم والتي ستكون على التلفاز.

ارتسمت السعادة على وجهها ولمعت عينيها قائلةً:
-هل سأظهر على التلفاز مرة ثانية بهذه السرعة؟

_ وهل تمانعِ؟

فردت بلهفةً:
_بالطبع لا لكن لم يخطر ببالي انه سيحدث كل هذا بهذه السرعة ظننت أن الأمر سيتطلب الكثير من الوقت.

_ كيف سيستغرق الوقت وأنتِ موهوبة وتكتبين أجمل الأغاني و تغنيها وتستطيعين أن توصلى احساسك ومشاعرك للمستمع.

ماهر:
_معك حق يا الكسندر.

الكسندر:
_ لنمضي على عقد العمل، وأؤكد لكِ بعد ظهورك على التلفاز ستحظين بفرصٍ كثيرة من العمل، لكن لا تتركيني.

ابتسمت قائلةً:
_ لن أترك اليد التي مدت لي المساعدة لست أتصف بصفة الغدر، معروفك لن انساه ابدا، اشكرك.

_ اذاً كل يوم ستأتين وتكتبي الأغنية الجديدة وسأسمعها ونسجلها وبعد عرضها على التلفاز، واثق جداً بانها ستنال اعجاب الجميع، سنكون قد نسخنا منها الكثير، ويتم توزيعها على المتابعين.

-لا تقلق لن انام الليل حتى اتدرب كثيراً، الأغنية يتبقى لها أخر مقطع ستنتهي الليلة.

ابتسم قائلاً:
‏_حسنا اتمنى لك النجاح يمكنك الخروج الآن.

خرجوا جميعهم للخارج وكانت ميسون تقفز من الفرحة معانقةً مريم بسعادةً، كانت تصدر اصواتاً تدل على مدى سعادتها.

ثم رأت ماهر الذي فتح ذراعيه لها قامت بالقفز عليه غير مصدقةً أن الحياة ستبتسم لها مجدداً، دون أن تعلم ما الذي يخبئه لها القدر.

قالت بسعادةً:
‏_ هذا حلم أم حقيقة؟ أنا لا أصدق مر وقت قصير ودائما أخرج محطمة الأمال، لكن الله جبر خاطري الحمد لله، أشكرك يا عزيزي ماهر ، دخلت حياتي وأعدت إضاءتها وجعلتها مليئة بالحياة والبهجة والسعادة، أحبك.

رفعها من على الارض ودار بها قليلاً قائلاً: _وأنا أيضا أحبك، بمناسبة هذا الخبر السعيد ما رأيك أن نذهب إلى السينما الآن نشاهد الفيلم الجديد.

مريم:
_ أعتذر حان وقت عودتي الى المطعم لقد تركته لمدة طويلة سأذهب أنا وأترككم.

ميسون:
‏_حسنا عزيزتي انتبهي إلى نفسك، الى اللقاء.

ابتسمت وودعتهم، بينما ميسون ركبت السيارة مع ماهر متجهين إلى السينما.

وفي تركيا كان حمزة يتحدث مع شخص ما قائلاً:
_ لا تقلق لن اجعل هذه الصفقة تذهب الى رولا وصدقي؛ بسبب تخلي ماهر الأحمق عنها، إنه يريد قتلنا بغبائه وبسبب الحب المجنون وهوسه به، لقد نسي الحرب التي بينه وبين المافيا وراح يحب، كم هو احمق! لكني سأحل هذه المشكلة بأقرب وقتٍ، لقد خططت، وتبقى التنفيذ في الوقت المناسب سيتلقى عدة صدمات متتالية.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي