الثاني عشر

انصدمت عندما وضع شريط أسود اللون على عيونها ثم أمسك يدها واتجه بها إلى الأمام، وهي لا تفهم شيئاً

-قلي يا ماهر أين نحن ذاهبون؟

_ إنها مفاجأة، وأثق انها ستنال إعجابك، ثقي بي وتعالي معي.

ابتسمت وظلا يسيران حتى وصلا لنهاية الممر فأزال الشريط من على عينيها.

_ تستطيعين الآن فتح عينك الآن.


ففتحت عينيها ونظرت أمامها بدهشة، وتوسعت مقلتيها حينما رأت الشموع الحمراء مضاءة، توجد طاولة وكرسيان مزينتان بالورد الأحمر والشموع، وأمامها بالونات على شكل قلب لونه أحمر.

وفجأة بدأ ينزل فوقها ورد أحمر، وهي تدور بسعادة وتضحك وتمد يديها وصوت ضحكاتها تعلو وتعلو، وهو سعيد لسعادتها والتصميم رائع ثم لمعت مقلتيها ونظرت له وابتسمت، فاقترب منها وضمها نحوه بحب وقال:

_ هل أعجبتك مفاجأتي؟

قبلته على وجنته بسعادة، وهي تقفز كالطفلة حاوطت يديها رقبته ونظرت في عيونه بحب قائلاً:

-لقد خطفت قلبي بهذه المفاجأة، إنها رائعة جداً، أشعر وكأنك تقرأ أفكاري، منذ طفولتي وأنا أشاهد الكرتون، كان الرجل يحب الفتاة ويصنع لها مفاجأت، كنت أتخيل نفسي مكان تلك الفتاة ولطالما تمنيت أن أكون مكانها حقا في يومٍ من الأيام، والان تحقق هذا الحلم.

حاوط خصرها وسند جبينه على جبينها.

_ وها قد حققته لكِ، ماذا ستهدينني في المقابل؟

-أي شيء تريده.

قال بخبث وهي يغمض عين ويفتح الأخرى: واثقه من حديثك؟

-أجل ماذا تريد مني، أثرت فضولي.

وضع إصبعه على شفاها قائلاً بهمس وشغف:
_أريد تزوق كريزتكِ.

نظرت أسفلها واحمر وجهها من الخجل وابتعدت عنه لكنه جذبها له مرةً ثانيةً.

تحدث وهو يحدق بشفاها بشغف وحب ويضع يده خلف مؤخرة رأسها:
_ هل تقبلين؟

لم تجاوبه ولكنها نظرت له، فلم يسمح لها برفضه واقترب منها أكثر حتى تلامست شفاهم و اندمجوا في قبلةً مليئةً بالحب والشوق فلفت يديها حول خاصته واستسلمت له، بعد ثوانٍ فصل القبلة حينما شعر باحتياجها للهواء.

التقطا أنفاسهما، وركضت نحو البحر ووقفت تنظر له وضربات قلبها تعلو وصدرها يهبط ويرتفع وشعرها يتطاير مع الهواء فوضعت يدها على قلبها.

قالت في نفسها:
" ماذا فعلت، ولما اندمجت معه هكذا أعلم بأني أحبه، لكن هذا تصرف خاطئ مني لقد انجرفت مع مشاعري ولم أستطع المقاومة، أشعر وكأن قلبي سيخرج من مكانه".

وفجأة شعرت بيده فوق خاصتها انفزعت وابتعدت عنه قائلاً بتوتر:
_ممم..ماذا تفعل؟

اندهش من تحولها قائلاً:
_هل أنت بخير ماذا بكِ؟

-لماذا قبلتني دون أن تسمع رأيي؟

_ هل انت منزعجة لهذا السبب، لم اعلم انك ستمانعين، هذا خطأي، لقد انجرفت وراء قلبي وفعلت ذلك، لكنكِ لم تمانعي ذلك ورأيتُ بانكِ احببت ذلك أليس كذلك؟

-لم أشعر بنفسي وتركت مشاعري تتحكم بي، ولكن الآن ند..

قاطعها بحزن:
_ندمتي، ألهذة الدرجة، حسناً أنا أعتذر أعدك انها لن تتكرر مجدداً.

خلع سترته وابتعد عنها بغضب وأخرج سيجارته وأشعلها وبدأ يدخن بغضب وشراهه، فجلست على الأرض تفكر في حديثه وتتذكر مدى اهتمامه بها، وأنه حقق لها أحلامها ودائما ينقذها، فشعرت بأنه لا يستحق هذا منها، فوقفت بعدما حسمت أمرها، واقتربت منه ووضعت يدها على كتفه بحزن.

_ميسون ابتعدي عني اتركيني بمفردي، لا أريد أحداً، اتركي نار قلبي مشتعلة، فهي ستظل هكذا ولن تنطفأ ابداً.

-ماهر أنا أعتذر لم أقصد أن أجرحك صدقني، لكنني تفاجئت من الذي فعلناها، ولم يكن في الحسبان، لذلك كانت ردة فعلي غير متوقعة.

_حسنا اذهبي الان.

-اتريدني أن أرحل وأتركك بهذه الحالة السيئة.

جلست بجانبه على الرمال وكانت أصوات الا
أمواج عالية.

قال ماهر بتأثر:
_هذا البحر يشبهني هو هاديء وأنيق وبداخلي عالم عميق، حياتنا كأمواج البحر؛ بين مد وجزر، وبين فرح وحزن.

-فلذلك يجب عليك التمسك بالصبر، كفى أرجوك سامحني لم أقصد أن أجرحك.

_لكنكِ نادمة على ما حدث، هذه المرة الأولى التي أقبل فيها امرآه بحب لن أنكر أنني قبلت الكثير، ولكنني لم أشعر معهم كما شعرتُ معك، أنت مختلفة عن الجميع، فأنا احبك.

-مازلت تقول أحبك وان انتظر أن اسمع شيء آخر.

ابتسم قائلاً:
_لقد نزعتي اللحظة الرومانسية، لقد أحضرت لكِ مفاجأة كي اقول لك اهم شيء، بكل حياتي و ما أفكر به.

قالت بلهفة:
_ما هو؟

أوقفها وأثنى ركبته ومد يده ناظراً لعسليتها قائلاً بحب:
_هل تقبلين الزواج بي يا محبوتي؟

وضعت يدها على فمها لم تصدق أن هذه اللحظة التى تمنتها منذ زمن، تحققت الان، كان تريد حبيبها أن يعترف لها بحبه ويتقدم لها للزواج بهذه الطريقة وها قد تحققت الآن ، وضعت يدها بخاصته وأومأت برأسها بالموافقة.

قالت بسعادة ودموع الفرحة:
_ أجل موافقة أن أكون شريكتك للأبد ونصفك الاخر، وزوجتك وحبيبتك وصديقتك وكل شيء، وتظن أنني قد اميل لغيرك، انا وقلبي ملتصقين باسمك، انا ما شربتُ الحبّ إلا مرةً، والكل بعدك كأسه مسكوب، سأقول لهذا القلب أنني أحببته، وأني تركت العالم كي أبقى معك، يا شاغل العينين كيف سلبتني؟

نظر لها قائلاً:
_لقد كنت في يأسي ودمعي غارقاً مختصراً بالآهِ والكتمان والحرمان، بلا اذنٍ ولا استئذان، من أي نافذةً دخلتِ عواطفي؟ ونشرتي هذا الطُهر في بستاني، إني عرفت من النساء قبائلاً، لكن كرسمك لم تجد الواني، عيناكِ خارطتان من أوطانِ، وأنا بلا وطنٍ ولا عُنوانِ.

_ إن كنتِ من ضلعي خُلقتِ، فإنني من طين قلبك خالقي ثوّان، كتبت الشعر لأجلك، كلماتي لن تعبر عن ما في قلبي، أحبك بجنون ولا أريد شيء سواكِ، اكتفي بكِ، يا من بكِ مرُّ الحياة يطيب.


ابتسمت بحب وجلسا يتناولان العشاء على شرف الحب وهما يتحدثان كثيرا، وانصدمت حينما قال:
_ في الغد سيكون زواجنا لن اتحمل شهر ولا تقلقي سأجهز كل شيء.

-لكنني لستُ جاهزة يا ماهر لا تتعجل هكذا، كن صبوراً.

_ إذا كنت تحبيني، فأثبتي لي ذلك ووافقي، لا شيء يعوق زواجنا سوى كلامك الآن، إن لم توافقي الان سأرحل ولن تريني مجدداً.

-ايها المجنون حسنا، سأترك كل شيء لك.

قبل يدها بحب:
_سيعجبك يوم زفافنا وسأجعله يوما مميزاً في حياتنا.

-حسناً هيا بنا إذاً لقد تأخر الوقت ويجب أن آخذ قسطاً من الراحة، حتى أكون مستعدة للغد.

_هيا بنا.

وقفا وتوجها ناحية السيارة وكانت السعادة تغمرهما كعصفورين زقزق قلبيهما قبل جناححيهما، وبعد فترةٍ أوصلها إلى المنزل ودلفت بسعادة وذهبت تركض بسرعة إلى غرفة مريم وفتحتها بقوة، ففزعت مريم وصرخت، بينما ميسون عانقتها بسعادة.

-مريم سأتزوج أنا وماهر في الغد، سأكون أجمل عروسة، أنا متحمسة.

ذهب النوم من عين مريم وشربت كأساً من الماء وقالت:
_ماذا، كيف حدث كل هذا بهذه السرعة.

-لا يوجد سرعة انا وهو نحب بعضنا البعض ولا يوجد شيء يعوق علاقتنا ويجب أن تكتمل بزفافنا.

صمتت مريم ولكن لم يعجبها حالهما وأبتسمت ثم عانقتها بحب قائلةً:
_اتمنى لكِ السعادة، هيا لننام الآن، سيكون الغد يوما شاقا وطويلا، وجميلا أيضاً.

-أعتقد أنني لن أستطيع النوم، بسبب سعادتي، سأكون ملكاً لماهر وهو سيكون ملكي أيضاً.

انتهى اليوم ولم تنم كثيراً؛ بسبب سعادتها، وأشرقت الشمس معلنةً يوماً جديداً مليئاً بإحداثٍ ومفاجآت.

رن جرس الباب وفتحت مريم ووجدت حارس ماهر وفي يده حقائبَ وأكياس كثيرة.

-لقد أرسلني السيد ماهر إلى هنا، وهذه الأشياء لكِ وللانسة ميسون، وقال إنه سيأتي في منتصف النهار، وبعد قليل سيصل خبراء التجميل وعند الانتهاء سيأتي ويأخذ الآنسة ميسون إلى صالة الزفاف.

_ حسناً شكرا لك.

اخذت منه الحقائب وأغلقت الباب، ونادت على ميسون.

_ ميسون تعالي إلى هنا، واحملى هذه الأكياس معي.

خرجت ميسون وحملت معها الأكياس و دلفتا إلى الغرفة، ثم أخرجتا كل شيء من الحقائب ووجدتا فستان زفاف رائع جدا، فانبهرت الاثنتين من جماله فقد كان مزيناً ببعضٍ من فصوص الألماس، ويبدو أنه من أحدث ما نزل الأسواق.

ميسون:
_يا الهي سأكون مثل الأميرة.

_ ستكونين أجمل عروس، مبارك عزيزتي.

عانقتا بعضهما بحب، وفجأة سمعتا طرقات على الباب، خرجت مريم وفتحت الباب ووجدت مجموعة من الفتيات.

-مرحباً سيدتي، جئنا إلى هنا لكي نزين العروس ميسون هل يمكننا الدخول؟

_ بالطبع تفضلوا.

دلفوا الفتيات لغرفة ميسون وبدأوا بتزينها وتجهيزها للزفاف من إستحمام ووضع أجود انواع العطور على جسدها، ثم ارتدت الفستان الأبيض التى جعلها كالاميرة به، ثم وضعت خبيرة التجميل مساحيق التجميل على وجهها وظلت تضع حتى انتهت بعد فترة قائلةً:
_ سيدتي بإمكانك النظر لنفسك في المرآة.

فتحت ميسون عينيها ونظرت لنفسها وصرخت من فرط جمالها وظلت تحدق لنفسها بإعجاب.

_يا للروعة! أنا جميلةٌ جداً.

مريم:
_بالطبع جمالك لن يقاوم، ماهر سينبهر ويجن بجمالك .

ضحكت الفتاتان وسرعان ما لبست مريم فستانها وجهزتها خبيرة التجميل، وحينما انتهوا، ظهرت أصوات زمور سيارات كثيرة، ركضت ميسون بسرعة وفتحت الباب فوجدت ماهر الذي خرج ببدلته السوداء التي زادته وسامة.

ولحيتة الثقيلة ونظرت لإعداد السيارات الكثيرة والألعاب النارية التي تشتعل وتصل إلى السماء، دمعت عينيها غير مصدقة كل هذا لأجلها.

اقترب ماهر وقبل رأسها بحب وهمس بجانب أذنها:
_ارهقني جمالك سيدتي، كم أنتِ جميلةٌ! حقا أنا محظوظ بكِ، لو كان الجّمال وطناً لكانت عيناك عاصمةً له.


أمسك يدها وفتح لها باب السيارة وركبا معا وركبت مريم في سيارة أخرى واتجها إلى صالة الأفراح، ليتمما خراسم زواجها، لقد كانت السيارات تسير خلفهم ويوجد فرق موسيقية وأصوات ألعاب نارية يملأ المكان، وزمور السيارات جعلته كزفةً أسطورية.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي