الفصل التاسع

استيقظت ميسون على أشعة الشمس الساقطة على وجهها، فركت عيناها بنعاس وهي تمد يديها للأمام والخلف، وأزالت الغطاء من على جسدها ثم قفزت من أعلى الفراش وفتحت خزانة الملابس وأخرجت ملابس ماهر ودلفت إلى المرحاض.


وفي الخارج كان ماهر يقف في المطبخ يطهي الطعام، وهو يدندن بالأغنية التي كانت ترددها ميسون في المطعم.

_هل جميلتي مازالت نائمة؟ يبدو أن نومها ثقيل، لاأعتقد فقد مرت ليلة سيئة عليها وهي تركض من الرجال، بالطبع ستتأخر في النوم، لكني اشتقت لها ولجنونها، انا لم انم طوال الليل عقلي يفكر بها وبعلاقتنا معاً، سأحارب لنبقى سويا.

أخذ الطعام ووضعه على مائدة الطعام، واتجه نحو غرفتها وطرق على الباب قائلاً:
_ميسون هل ما زالتِ نائمة؟

خرجت من المرحاض وردت عليه قائلةً:
-لا لقد استيقظت.

_هل يمكنني الدخول؟

-أجل تفضل.

كانت تقف أمام المرآه وهي تجفف شعرها الذي يتساقط منه الماء فتح فمه من جمالها فقد كانت جميلةً للغاية بعيونها الواسعة العسلية، وشعرها المبلل وشفاها الممتلئة والحمراء مثل الكرز وبياضها كالثلج ظل صامتاً، ولم يتحرك حتى أفاق على صوت ضحكاتها الرقيقة.

تحدثت بصوت مليء بالضحك وقالت:
_لم اعلم أن جمالي يؤثر بك هكذا…يا الهي انت مثل التمثال وأنت تفتح فمك مدهوشاً من جمالي، نعم أعلم أنني جميلة، فهذه النظرة رأيتها في أعين الكثير من الرجال.

قالت أخر كلامها بعفوية لم تعلم أنها أثارت جنونه وغيرته فقبض على يده بغضب واقترب منها وضغط على كتفيها حتى دفعها عند الحائط محاوطا لها بغضب.

_من الذي يتجرأ ينظر لشيء ملكي، انا ارى انك سعيدة بنظراتهم وتحبين هذا، ولم تمانعي ولم توقفي كل شخصٍ عند حده.

أصبحت عيناه حمراوان يتطاير منهما الغضب وكانتا بلون الدم، فابتلعت لعابها بخوف وتوتر من نبرته وقوة يديه على جسدها بدأت تتألم وامتلأت مقليتها بالدموع قائلةً بألم:

-ماهر أرجوك ابتعد، كيف تحولت هكذا، أنت تخيفني وتؤلمني، هل سأحاسب الناس على نظراتهم لي؟

أبتعد عنها وهو يمسح على شعره بغضب ونظر إليها فوجدها منكمشه وخائفةً وتضع يدها على كتفها، فاقترب منها ولكنها ابتعدت عنه.

-اتركني سأغادر الآن، لم اعلم أنك عصبي لهذا الحد.

_ أعتذر لم أقصد، فأنا أغير عليكِ بشدة، ولن أتحمل نظرة أحد لكِ.

قاطعته بحزن:
_ انتهى الكلام اتركني بمفردي لفترة.

لم تسمع حديثه وقامت بلف شعرها بفوضوية ثم خرجت بسرعة من المنزل بحزن، أما هو فقد جلس على الفراش بغضب مؤنباً نفسه:

"هذا خطأي لقد غضبت منها ولم يكن علي هذا، لم أرد أن أجعلها ترى جانبي المظلم الذي أحاول أن أخفيه عنها، كان يجب عليّ أن أحتفظ بهدوئي، علي أن سدأصالحها مجددا، لكنني أعرف أنها عنيدة جدا، لكن سأصلح خطأي.

ثم تذكر شيئاً ما، اعتقد أنه سيسعدها كثيراً وصاح بفرح:

_وجدتها.

أخرج هاتفه واتصل بشخص وأخبره بشيء.

وفي الطريق كانت تسير ودموعها على وجنيتها لا تعلم هل كان اختيارها صحيح حينما اختارت شريكاً لها قاسي القلب غاضب جدا، بعصبيته يدمر كل ما هو جميل.

"لن أستطيع تحمله؛ بسبب غضبه قتل كل الرجال بمهارة ومن يضرب هكذا ويقتل بهذه السهولة لابد من أنه جيد بهذا الشيء أي خبير بالقتل والضرب، يبدو أنه يخفي أسرار كثيرة هل هو من الشرطة، ما الذي تخفيه يا ماهر؟

ظلت تسير حتى وصلت منزل مريم طرقت الباب وفي ثواني فتحت مريم وبدأت تضربها بعتاب وحزن.

مريم بغضب:
_أيتها الصعلوكة، لم أنم بسببك أين كنتِ؟ لقد كنت قلقة عليكِ أيتها الصرصورة العفنة.

أمسكت ميسون يديها ثم عانقتها بقوة: _اهدئي صديقتي، دعينا نأكل ثم نتحدث لأن معدتي تصدر الكثير من الأصوات وسأحكي لك كل شيء بالتفصيل، عقلي مليء بالأسئلة وانت ستشاركينني كل شيء.

تحدثت مريم وهي تعقد حاجبها وتغلق عين وتفتح الأخرى:
_قلبي يشعر أن هذا الحوار وراءه ماهر صحيح؟

ضحكت ميسون بشدة؛ لأن مريم كشفت أمرها وعلمت أن ماهر هو السبب.

فردت عليها:
-نعم إنه ماهر، لقد تقابلنا بالأمس كانت اجمل صدفة لقد أنقذني ولن تصدقي أنه يحبني واتعرف بحبه.

هنا جلست مريم بصدمة وهي تشدها وتجعلها تجلس بجانبها.

_هيا احكي لي، ماذا حدث؟ وهل كل هذه الأحداث حدثت بالأمس.

بدأت ميسون تروي تفاصيل ما حدث بالأمس ومريم مصدومة وهي مستمعة لها حتى انتهت من الحديث وقالت بأنانية كسرت قلب ميسون:

_وهل أنت مقتنعة بأنه يحبك ولا يستغلك؟ أأنت مجنونة؟ هو عصبي جدا ولا يطاق أنه غامض ولا نعلم عنه شيء كيف تصاريحيه؟

-انا سعيدة وكنت أحلم بهذا اليوم الذي سيعترف بحبه لي وانا اعترف له لقد كانت أجمل ليلة، هو منفذي دائما ينقذني وقت المشاكل والصعاب وكأنه يشعر بي، بكل مأزق يخرجني، يحميني ويحبني، بالرغم من أنه لا يشاركني ما يحزنه ولكنني واثقة أنه سيحكي كل شيء في الوقت المناسب.


صمتت هكذا ويبدو أنها سرحت بخيالها بعيداً ثم أتمت:
-‏لا تقلقي، ولا تجعلنيني أفقده فأنا أحبه ولا أتحمل البعد عنه، ويكفينا مشكلة هذا الصباح.

_ الغيرة الزائدة تسبب الكثير من المشاكل، احذري هو ليس مناسب لكِ.

غضبت ميسون بشدة ورفعت صوتها عليها: _لم أنت هكذا؟ لماذا تكرهيه؟ ماذا رأيتي منه؟ إنه شهم ولطيف وحزين وأنا من أهون عليه وحدته، دعينا وشأننا، فلن أتركه؛ لأن قلبي نبض له فقط.

حزنت مريم بسبب كلامها الجارح لها ونظرت للاسفل قائلةً بحزن:
_ المعذرة، أنا مخطئة لا يجب أن أتدخل في حياتك الشخصية والعاطفية.

أنهت كلامها بحزن ثم دلفت إلى غرفتها وأغلقت الباب بحزن، جلست ميسون وهي تشعر بالحزن لأنها ولأول مرة تجعل مريم تحزن بسبب خلاف بسيط بينهم.

لكنها استيقظت على صوت هاتفها الذي يرن فوجدته ماهراً وتجاهلته، ادأما هو فقد زمجر غضباً لأنه لم يعتد أن أحداً قد يتجاهله، فتحدث ماهر بغضب ممزوج بتحدي:

-حسنا سأعلمك كيف تتجاهليني يا ميسون سأحضر لكِ مفاجأة ستعجبك بالتأكيد.


وفي مكان آخر تحديداً في تركيا في قصر كبير وفخم دلف حمزة بغضب وأصبح ينادي بصوت عالي:
_يا عمة أين أنتِ؟

نزلت سيدة كبيرة في العمر من على الدرج وكانت ملامحة جدية وغاضبة وملابسها فخمة وترتدي الثوب الأسود وصوت حذائها يصدر صوتٌ، ركض حمزة نحوها ثم قبل يديها ونظر لها باحترام.

_كيف حالك يا عمه لقد اشتقت لكِ.

-أنا بخير يا حمزة، لماذا تصرخ وغاضب هكذا، ماذا بك؟

_ هذا المعتوه ماهر، قد جن جنونه.

-إن هذه الألغاز تحدث مباشرةً.

فتنهد بغضب وبدأ يأخذ شهيقاً وزفيراً لكي يهدأ ثم جلست أمامها قائلاً:
_ لقد وقع في الحب!

وقفت السيدة بغضب وهي تشهق وتضع يدها على فمها قائلة بصدمة:
-ماذا؟ كيف وقع في الحب أنت تمزح يا حمزة.

_لا يا عمة، انا لا أمزح ولكن هو الذي يمزح بفعلته، أنا مصدوم، كيف يفعل هذا ويضعنا في مأزق ، والله أنا لم أصدق كيف سمح لقلبه أن يحب، ألم يقل لنا أنه لن يحب وسيعيش ويموت وحيداً، وأنه خلق للقتل والمافيا كيف حدث هذا؟ لقد حاولت كثيراً أن أبعده عنها لكن بدون جدوى، حتى ملَ مني وأرسلني أنا ومروان إلى تركيا لكي نتمم الصفقة.

سكت لبرهة ومسح على شعره وقال بغضب:

_حتى يخلو له الجو مع ميسون، يبدو أنني اريد أن اقتلها، فبسببها سيتدمر كل شيء، وحياتنا معرضة للخطر، لم يكن له أي نقطة ضعف والان أصبح لدية نقطة ضعف، إذا أمسكوه لن يقتلوه وإنما سيعذبوها ويقتلوها أمامه وسيتدمر نهائياً وهكذا سيتحقق الانتقام، يا ليتها ستأتي على ذلك، بل سيقتلونها بعدما يتعذب هو ويموت ببطىء على وفاتها وفراقها، ماذا سأفعل؟

ردت السيدة بغضب شديد:
_ أنت احمق يا حمزة، أين كنت حينما وقع في حبها ومن هذة الفتاة؟ وكيف أحبها؟ أنت كنت ملازما له ومروان، كيف سمحت له أن يقابلها ويحادثها، أنا أعرف كيف سأفرقهم.

-لا اخرجي منها يا عمة فهو لن يسمح لأي أحد بأذيتها أو أن يفرقهم، مغرم بها وبحبها بشدة، أتركيه، سنجد خطة قوية لننفذ قريباً فراقهم.

_وكيف ستفرقهم؟

-اتركيها لي أنا أعلم، كيف سيحدث هذا؟ منذ أن تركته معها وعقلي لا يقف عن التفكير بأمرهم حتى توصلت إلى..

-الى ماذا ؟

_لن أخبر أي شخصٍ حاليا أتركيه لي وارتاحي ولا تقلقي.

-لا تتصرف بغباء حتى لا تندم وتدفع الثمن في النهاية، فكر جيداً ولا تتسرع بسبب غباءك، أنا أعرفك كثيرا، فأنا عمتك.

ابتسم وقبل يديها قائلاً:
_اعدك بأن كل شيء سيكون بخير الى اللقاء.

خرج حمزة وفي عقلة أشياء كثيرة.

في روسيا كانت ميسون تطرق الباب على مريم بندم.

-مريم أفتحي أرجوكِ، أنا أعتذر أعلم أنني مخطئة، لقد غضبت ورفعت صوتي عليكِ أعلم أنكِ تخافي عليا كثيراً وتحبينني ولم تعاملني كصديقتك إنما كشقيقتك لا تحزني بسببي هيا اخرجي لا أتحمل خصامنا، أريد أعانقك.

كانت تسمعها ثم خرجت لها وفتحت الباب قفزت ميسون داخل أحضانها بمرح وهي تضحك.

-كنت أعلم أن قلبك أبيض وستسامحيني وتتحملي غضبي، كم أنا أحبك، اتركي علاقتي بماهر تسير، فهذا قدري.

_كل ما أقوله هو أن تحاذري منه حتى لا تتعلقي به ثم يتركك، ولحظتها لن تلومي سوى قلبك الذي سيتحطم وسوى نفسك، لا تتركي عاطفتك تتغلب على عقلك.

-أعلم هذا اتركي كل شيء لله، فهو عالم بأحوالنا، سأبدل هذا الملابس الكبيرة التي تخص ماهر حبيبي، وسأرتدي فستاناً ثم نخرج لنبحث عن عمل.

_ حسنا وانا سأبدل ملابسي أيضا.

وبعد فترة من تبديل ملابسهم وخرجتا وركبتل السيارة لتبدأ رحلة البحث مجددا عن عمل لها.

وكان ماهر يراقب ميسون، حيث ركب سيارته واتجه نحو الطريق الذي تسير منه، وقد كانت مريم تقود السيارة وتخرج من نهاية الممر وهو يدخل الممر وفجأة اصطدمت سيارة مريم بسيارته؛ مما أدى إلى حدوث خدوش بسيارتها.

نزلت مريم وميسون بغضب أما ماهر فنزل بكل هيبة، متجاهلاً ما فعله فصرخت مريم به بغضب شديد قائلةً:
_ماذا فعلت أيها الاحمق كيف تصطدم بسيارتي هكذا، ياالله انا لم انتهي من دفع قسطها والدَّين فوق رأسي وها أنت بكل بساطة تفعل هذا، ماذا سأفعل، لماذا لم تعطي إشارة بضوء السيارة أو تعطي تنبيها لأنتبه.

ظل ماهر صامتاً يستمع لها وميسون تنظر لهم.

-هل انتهيتي من هذة الثرثرة، لما انت منزعجة، لا تقلقي اهدئي.

ضمت شفاها وانفها بغضب وقبضت على يديها قائلاً بغضب:
_ما هذا البرود يا رجل، تحطم سيارتي من الأمام وتتكلم هكذا، وتقول لي:
_ اهدئي، ميسون كيف أحببتي هذا السخيف البارد ماذا يوجد به لتحبيه؟

قالت أخر:
_حديثها موجهه لميسون.

قال ماهر بغضب:
_ توقفي عن سبي كي لا اجعلكِ تبكين الآن، كيف تجرأين على الحديث معي بهذه الوقاحة.

أمسكت ميسون يده حينما رأت غضبه قائلةً:
-ماهر اهدأ هي لم تقصد ولم تعرفك جيداً، وبالطبع ستتصرف هكذا فهي ليست ثرية بالرغم أن لديها مطعم والديون تغرقها أعذرها.

أخرج من جيبه المال وكان كثيرا وابتسم وأمسك أيد مريم بلطف ووضع بهما المال.

_اتمني أن تقبلي اعتذاري وتقبلي المال لكي تصلحي سيارتك كان يجب عليا أن انتبه المعذرة.

وضعت المال مرةً ثانية بيده قائلةً بكبرياء: _لا اشكرك لا احتاج لمالك رب العالمين موجود ويدبر لنا أمورنا شكرا على لطافتك اعتذارك مقبول.

نظرت لها ميسون بترجي فهي تعرف مريم لديه كبرياء يفوق الحدود وتعلم أنها بحاجة للمال وعليها أن تقبلة، وبدون سيارتها لن تستطيع بيع طعامهم، لأنها توصله للبيوت بسيارتها.

-مريم، ماهر لطيف واعتذر اقبلي اعتذاره هو اخطأ، خوذي المال وصلحي سيارتك.

ظلت تُصر عليها حتى وافقت بالنهاية.

ماهر:
_حسنا سأطلب شخصاً يأخذها إلى مهندس ميكانيكي، إلى أين أنتم ذاهبون سأقلكم بطريقي.

مريم:
_اشكرك يبدو أنني أسئت الظن بك، وقلت كلاما مهينا بحقك أعتذر، نحن نبحث عن منتج يقبل ميسون ويساعدها لتكون نجمة مجدداً، ولكن لم نجد؛ بسبب الحقير عثمان، يخرب كل شيء بوجهنا.

فتحدث بتساؤل:
_من هو عثمان؟

تنهدت ميسون وبدأت تحكي له ماذا فعل وأنه عدوها، وسرق أعمالها ونسبها له وأصبح ناجح وغني على حسابها وهو مستمع لها ومصدوم حتى انتهت وهي تضم شفاهها بحزن ومقليتها تلمع من شدة الدموع.

اقترب منها قائلاً ما جعلها تنصدم لم تتوقع أن يخبرها شيء مثل هذا!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي