4،خطة جوسلين الخطيرة

حدقت "عائشة" في الراصد وهي تشعر بأنها ستتجمد مكانها من هول الصدمه، لم تصدق ما سمعت ولم تستطع تكذيبه، الأن فقط بدأت الصورة تتضح أمامها كليا

"حسن" حبيبها تغير معها لأنه ببساطة ليس "حسن" أنه جان أستوطن جسده بالإكراه، حارت "عائشة" في هذا الأمر كثيران لم تعرف ماذا عليها أن تفعل الأن؟

فكرت في فكرة تسمح لها بأخذ بعض الوقت لتفكر وتطلب الاستشارة من والدها، خرجت لـــ"قايربيل" وقالت له وهي ترمقه بنظرات متهجمة غاضبة كي لا يشعر بأنها عرفت الحقيقة كاملة من الراصد

سألها بتلهف:
_ها ماذا فعلت معه؟
قالت بتهكم ووجهها مقضب:
_"حسن" أن الرصد هذا أقوى من قدراتي، عد لمنزلك الآن وأنا علي أن أستعين بـ عشيرتي لأجبره على الإخضاع والتراجع امامك

لكن هذا سيأخذ بعض الوقت لكن لا تقلق سأحل الأمر سريعا وأعود إليك قريبا جدا.

"عائشة" لم تعطه الفرصة ليعترض أو يجادل، أختفت من أمامه فورا، عادت سريعا لعالمها، بحثت عن والدها "حيزران"، أخبرته بكل شئ حدث معها وعرفته

لكن "حيزران" بدا قلقا جدا، سألها بقلق:
_هل أنتي واثقة من كلامك هذا يا "عائشة" أتعرفين مدى خطورة الموقف، أنا طوال قروني التي عشتها لم أسمع يوما عن حاله تلبس من هذا النوع الخطير

لكن كلامك هذا أن كان حقيقي ويحدث مع "حسن" فـ اعلمي يا "عائشة" ان "حسن" الأنسي ضاع للأبد، فـ جان الأرضين السبع السفلى هم أقوى، اشرس، اعنف مخلوقات الأرض

أيضا هي مخلوقات منبوذة من عشائر الجان وملوك مخلوقات الأرض لهذا تم نفيهم إلى مملكة الأرضين السبع، وتلك المملكة لا يدخلها أو يخرج منها أي جان او مخلوق أرضي ألا وكان مصيره الهلاك الدائم والعذاب

فإن هرب "قايربيل" من هناك فهذا يعني أنه ذهب ليحيا بالخارج ولا يمكن صرفه بسهولة، من المؤكد أنه قتل "حسن" ليتلبس جسده للأبد، ويبحث عن الزئبق النادر كي يحافظ على جسد الأنسي ولا يتهالك مع مضي القرون

أسمعي يا "عائشة" أنا لا أستطيع أن أساعدك في هذا الشأن، لكن كبير عشيرتنا يمكنه مساعدتكم، من المرجح أن يكون سمع عن حاله مثل حالة تلبس "قايربيل" لـ"حسن"

أذهبي إليه وأشرحي له الموقف، يمكن أن يفيدك هو بالرغم من اعتراضه الشديد على عشقك للإنسان "حسن"، لكن أنا أخبرته بأن "حسن" سيقدم الترضية لنا، لنسمح له بالتواجد بيننا

هو وافق مجبر لكي لا تتمردي وتهربي من العشيره، هيا يا "عائشة" أذهبي له وأتمنى أن تجدي الحل لديه، فهو كبير عشائر الثوران ويعرف الكثير عن المنبوذين ومملكة الأرضين السبع، بالتوفيق يا أبنتي.

"عائشة" لم تنتظرن ذهبت سريعا لـــ كبير عشيرتها الملك"قيسوران"، وصلت للقصر خاصته وطلبت لقاءه على وجه السرعة، رحب بها كثيرا

أنحنت له تبجيلا واحتراما له، أخبرته بتوتر عن مشكلتي، توسلت له تقريبا كي يوافق على مساعدتي، صدم الملك كثيرا، سألها بعدم أستيعاب:
_هل تتحدثين بجدية "عائشة"؟ أعني "ماثور" شخصيا هو من أخبرك بهذا الأمر.

قالت له بتأكيد وبصيص أمل:
_نعم سيدي، وأنا الآن أسألك أن كان لديك حل لهذه المشكلة، لن أستطيع التخلي عن "حين" مهما حدث، أنه حقا رجل طيب ولا يستحق ما حدث ويحدث له، أرجوك سيدي ساعدني.

فكر قليلا ثم لمعت عيناه الصفراء المخيفة بفكره، أردف قائلا بتردد قليلا:
_هناك حلا يا "عائشة" لكنه شبه مستحيل، اسمعي "عائشة" وأفهمي ما سأقوله لك جيدا، أنا طوال حياتي الألف وثماني مائة عام سمعت عن حالة واحدة مثل هذه

لكن البشري لم ينجو من تلبس ذاك المخلوق الرمادي السفلي الذي تلبسه، حل مشكلة "حسن" يا "عائشة" موجود في كتاب نادر جدا جدا،

وهو كتاب وحيد لا نسخ له مطلقا، قيل أن هذا الكتاب كتبت فيه كل أسرار الكون من بداية الخليقة حتى أخر يوم في العالم، كتاب بالنسبة لنا مجرد أسطوره

يقال أنه تم كتابته من رماد كبار ملوك الجان بعدما أحرقت إبليس نفسه وكتب هذا الكتاب ليتذكر دائما ما سيحدث ويخبر من يشاء من خدمة وأبناءه الملاعين كي يدنسوا البشر ويجبرونهم للكفر

بمعنى أنه اختلس النظر لكتاب القدر الذي أمر به الله عز وجل لمصير الأرض وكل من عليها، يقال أن أحد الملائكة هو من كتب الكتاب بنفسه على جلود مخلوقات الطم والرم،

يتناول هذا الكتاب موضوعات مختلفة متعددة بداية من خلق الله للكون، الكواكب، مخلوقات الطم والرم، ذكر ايضا تفاصيل الحرب بين مخلوقات الحن والبن وبين الجان

ذكر أيضا سر وقوة الملكين هاروت وماروت، ومكان قوم يأجوج ومأجوج تحديدا وموعد خروجهم من السد، ذكر خلق البشر بداية من آدم عليه السلام،

الجان بكل أنواعه وفصائله، مخلوقات ما تحت الأرض، مخلوقات مملكة الأرضين السبع، مخلوقات السماء، الفضاء، الملائكة، وقبض الروح البشرية والجان

سر البعث، حياة البرزخ، حساب وعقاب القبر، وصف الجنة والجحيم تفصيلا

"عائشة" إن كان هذا الكتاب موجود حقيقة فهذا يعني انه سلاح خطير جدا، ومن يمتلك هذا الكتاب يصبح قاهرا لا يوقفه أحد، سيكتشف كل أسرار الكون

ويستطيع معرفة مكنونات كل مخلوقات الله ويعرف نقاط ضعفهم ويسهل عليه محاربة أي مخلوق دون الخوف أو الريبة منه، أسمعي "عائشة"

الكتاب هذا كما سمعت عنه من الأجداد العظمى، انه موجود في باطن الأرض، مدفون بداخل بركان تحت عرش إبليس نفسه، لهذا لايمكن لأي مخلوق كان أن يحصل عليه

لا إنس أو جن أو أي مخلوق كان، لكني سأسايرك للنهاية أن كنتي مازلتي مصرة على مساعدة الأنسي "حسن"، أخبريه عن طريق الأحلام، تواصلي معه وعرفيه ما أخبرتك به

وأن كنتي مصره على مساعدته عليه أن يذهب معك، عليه أن يخرج من جسده ويذهب لــ هناك معك، إياكي والذهاب إلى هناك يا "عائشة"، لا تقتربي من الكتاب هناك حتى ولا ستحترقين

فـــإبليس اللعين قد وضع عليه أقوى طلاسم وعزائم لحرق أي جان مهما بلغت قوته وقدراته أو أي مخلوق أرضي، سيقضى عليه في الحال أن لمس الكتاب بيده

بالطبع أخذ كل احتياطاته ضد الجان والمخلوقات الخارقة حتى لا يصل إلى الكتاب إيا منهم ويقرأه ويصبو أقوى من إبليس اللعين، هذا فقط كل ما أعرفه عن أسطورة كتاب "جخام الكون" أن كان موجودا من الأساس.

نظرت له "عائشة" بحزن وظهر جليا على وجهها، لأنها تأكدت أن هذه الأسطوره فقط أسطورة، لا يمكن أن تكون حقيقه، وهذا معناه ضياعي أنا "حسن" للأبد

قالت "عائشة" له بحزن:
_شكرا لك سيدي، لكني سوف أخاطر وأخذ "حسن" إلي هناك ونرى إن كان هذا الكتاب موجود بالفعل أم أنها فقط أسطوره.

وقف الملك "قيسرون" أمامها بكل شموخ وهيبه، ربت على كتفها وقال بشفقه:
_إذا وافق "حسن" وروحه خرجت من جسده وذهبت معك، عليكي أن تحميه، خذيه إلى "مايا" الجنية الكاهنة، سوف تذهبين إليها في الكهف عند بابل

أخبريها أنك من طرفي وأنك تريدين "قلادة الحصان"، سوف تعطيكي قلاده فضيه تلمع بشده، فيها نجمة خماسية ضخمة

على النجمة أرقام أرمينيا، حروف لاتينية ميته، طلاسم سريانية، خذيها وأعطيها لـــ"حسن"

أن تغلب على القلادة وأستطاع ارتدائها فهي ملك له، ستحميه من الجان، الشياطين، المس، اللباس، الأذى الأرضي

لكن "حسن" عندما يعود لـــجسده عليه أن يوفي بوعده، ويقدم الترضيه، "عائشة" أريد أن ألفت إنتباهك لشئ خطير

"حسن" إذا استطاع التغلب على القلادة واستطاع أن يصل للكتاب ان وجدتموه، وان عثر على تعويذة تنقذه من "قايربيل" اللعين

"حسن" من الممكن أن يتكبر، يغتر، يتعظم، وعظمة القوة تعمي بصيرته، عليك أن تحذريه من قوة القلادة والكتاب وما يستطيع فعله به

عليه أن يتخلص منه أن عثر عليه واستفاد منه، لا يجب أن يقع ذاك الكتاب في الأيدي الخاطئة يا "عائشة" وألا مصير الأنس والجن سيكون على المحك، أتفهمين.

تركته "عائشة" وسارت في طريقها إلي، كانت المسكينة حائرة، خائفة، متوترة، شعرت أني سأضيع منها للأبد، تفكر في أنها إذا ساعدتني وانقذتني من الممكن أن أتجبر وتأخذني العظمة والغرور
مثلما قال ملك ملوك عشائر "بنو قيسران"

وإذا تركت "قايربيل" مستحوذ على جسدي، سيقتلني حتما بلا شك قبل أن يترك جسدي أن تركه.

"عائشة" أنتظرت حتى أشرقت الشمس في كبد السماء، لأن هذا الوقت هو الوقت الذي ينام فيه اللعين "قايربيل"، أنتظرت حتى تستطيع الظهور لي والتواصل مع روحي

مثلما فعلت المرة الماضية، هذا الوقت يكون في أحلامي، الوقت والمكان الذي لا يمكن لــ"قايربيل" أو غيره التدخل فيه أو التحكم بي فيه

أنا "حسن" كنت أحلم، هو نفس الحلم لم يتغير منذ استحوذ "قايربيل"
على جسدي، أحلم أنني أركض، استمر في الركض من مخلوقات مفزعة أشد رعبا من مخلوقات ما تحت الأرض

مخلوقات تشبه الغزلان لكنها برؤوس بشر، لديهم قرون طويلة، ايضا مخلوقات تشبه الزواحف، لها وجوه سلاحف في جسد حيوان الشمبانزي الأبيض

مخلوقات أخرى تشبه الأفاعي، لكن لديهم أعين سوداء قاتمة، كنت ولازلت أركض منهم حتى يستيقظ "قايربيل" من النوم،

وقتها أبدا معاناة أخرى، أرى، أسمع، أشعر وأتالم بكل ما يفعله، أفزع وأفجع من شكل الجان الذي يقاتلهم أو خدمة قبل أن يأخذهم "مورقان" وهو يحترق

ما يؤلمني أكثر هو أنني أرى وأشعر بكل ما يفعله بجسدي وأنا غير قادر على التحكم فيه مثلما يتحكم هو في، بل ما يجري معي هو أسوأ مما أتخيل

كلما طالت مدة استيلائه على جسدي وزادت قوته وجبروته، أشعر بضعف غريب ينهك روحي، كأنني أموت بالبطىء بداخل

كنت لا أزال أركض وأنا غارق في عرقي، منهك من الركض وما آراه يوميا من مسوخ بشعه لا يمكن نسيانها مهما طال الزمن،
كل معاني الألم والوجع كانت تنهش بي

فجأة وانا أركض بكل قوتي وجدت شئ ما جذبني لداخل صفوف الأشجار المحترقة المحيطة بالطريق من الجانبين، هلعت لوهلة وأنا واثق بأن أحد هؤلاء المسوخ هو من جذبني من يدي ليأكلني بين حطام الشجر

لكــــــن يا ألهي الرحيم، نظرت لمن جذبني بقوة هكذا، أنها "عائشة"، لم تكن جان أو مسخ، أنها "عائشتى"، لم أصدق نفسي حقا

جذبتها في حضني بكل ما في من قوه، ظهرت الجنيه كـــ الملاك الحارس، الحامي، المضئ، الملاك الذي شعرت بظهور بأن روحي عادت لـ جسدي، ملاك عاد لــــ ينقذني من عذاب وهلاكي

"عائشة" أيضا حضنتني بقوة وهي تقول لي بلهفة وشوق:
_"حسن" أشتقت لك كثيرا، أشتقت لك حبيبي.

فجأة أختفت بداخلي كل مشاعر الألم، الرعب، الخوف، والضعف، حلت مكانها مشاعر الأشتياق والحنين، أخذت وجه "عائشة" بين يدي، نظرت لعينيها الساحرة كـــ لألئ البحر النادرة

عيناها مدتني بالقوة والصلابة من جديد، وجدت نفسي أقبلها بلا توقف، كم أتمنى أن أعود لـ جسدي ولو لساعة واحدة كي أقبلها وأخذها بين يداي ولا أتركها أبدا

أعدتها لـ حضني وأنا أقول لها بكل صدق وحب:
_أنا ايضا اشتقت إليك يا أجمل "عائشة"، أحبك كثيرا، أحبك حب لم تخلق كلمات لتوصف مشاعري نحوك، أريدك يا "عائشة" أريدك بكل ذرة في بدني، لأجلك مستعد لأتخطى كل الحدودن لكن تكوني معي للأبد.

أبتعدت عني وهي تنظر لي وتهز رأسها علامة النفي، قالت لي وهي تبكي بحرقة، بكاء أشتياق على حزن لما أنا فيه، على إعتراض على كلامي:
_لا يا "حسن" لن أتسبب في شرك بالله، أنت تعرف عقوبة هذا الأمر جيدا، أنا وانت نحب بعضنا، لكن هذا أخر حدودنا

أيمكن أن نؤجل هذا الحديث الأن، أخبرني، "حسن" أنا .

لم تكمل كلامها بسبب بكاؤها، دموعها كانت أشبه بالألماس، أقسم بأنني رفعت يدي لأوقفها خشية من خسارة هذه الدموع الثمينة، قبلت يدي وهي تعود لحضني،

أصبح الصمت سيد الموقف للحظات بيننا، لكنها هي من تحدث، حكت لي عما قاله ملك العشائر"قيسوران" كانت صدمة كبيرة على، لكن لا أرى بأن هذا وقت الصدمات أو الأستيعاب من عدمه

وافقتها بدون أن أحسب أو أقدر مخاطر قراري لأني في كل الأحوال ميت، ما الفرق الذي سيشكله تفكيري وترددي، وكان القرار أن أخاطر لأجل إنقاذ جسدي، أو اترك روحي معلقة هكذا للابد واخسر جسدي أيضا فأتخذت القرار الحاسم

قلت لــ"عائشة" بلا تردد:
_حسنا يا "عائشة" أنا موافق، خذيني إلى "مايا" كاهنة الجان عند بابل وأنا مستعد أقدم الترضية للجان بعدما أعود لجسدي مرة أخرى، هيا بنا، دعيني أنقذ جسدي "عائشة" وأنا مستعد لفعل أي شئ بعدها، أعدك بهذا الأمر.

"بداخل جريدة"عمق الحدث"

في جناح "حوادث وقضايا المجتمع" تذرع "چوسلين" غرفة قاعة المؤتمرات ذهاباً إيابا، زفرة "حنين" بضيق
وهي تعبث بقلمها بضجر، أخيرا قالت لها بإحباط:
_"چوس" من فضلك كفي عن حرق سعراتك الحرارية بحرق دمك على هذا الموضوع

أنسي عزيزتي هذا الأمر فهناك المئات من القضايا الأخرى، حتى سيد "ياسين" نفسه يأس من هذه القصه اللعينه، دعينا ننساها مؤقتاً عزيزتي لكي نرى باقي أعمالنا، ألست محقة "چوس".

لكن "جوسلين" نظرت لها بتهكم وهي تزفر بأختناق، خطفت حقيبة يدها مع مفتاح سيارتها من على طاولة الإجتماعات وخرجت وهي تنفث غضبا، حدة من كل أعصابها

لم تعود لقصر والدها، بل توجهت إلى مقر العنقاء وهو منزل يجمعها هي ورفاق الجامعة، يتحدثون فيه بحرية ويضع كلا منهم أغراض هوايته الخاصة هناك، فمنهم من يعشق الموسيقى ويتعلمها
ومنهم من يهوى الرسم، ومنهم يعشق النحت وهكذا

أطلق الرفاق على هذا المنزل "مقر العنقاء" لأن فيه كل مقتنياته النادرة ويقيمون فيه اجتماعاتهم التي لا يريدون لأيا كان معرفة أسرارها

لكنهم أيضا يقيمون فيه إحتفالاتهم الخاصة بنجاح أيا منهم، وفي بعض الأحيان يتقابلون ويتسامرون في مشاكلهم الإجتماعية والأسرية

توجهت "جوسلين" إلي المقر رأسا، لم تجد هناك سوى "حليم" وهو "جيم كاري" بالنسبة لهم، هو الكوميدي، المبدع، صاحب موهوبة الفن والنحت والاسيست بينهم

جلست "جوسلين" بجواره في الحديقة وهو يقوم بأختيار أعماله القادمة، نظر لها وقال بمرح:
_ارجوكي لا تخبريني أنك فشلت مجددا في إقناع والدك.

قالت بسخط وأستياء:
_انا أفشل، فقط أفشل يا "حليم" لك أن تتخيل كم الفشل الذي أغرق فيه، حقا مللت نظراتهم لي في الجريدة.

استدار "حليم" تاركا أعماله جانبا، قال لها وهو يزفر:
_ما الخطب الأن "جوس" هل رفض والدك أن تقابلي أيا من مسؤولي سجن الولايه.

_نعم يا صاح، ومديري طلب مني بلطف أن أحاول مرة أخرى لكي نكشف غموض ذاك السجن، أشعر أنني سأفقد عقلي أن لم اجد حلا لهذا الأمر، فـــالكل يتعامل معي بحذر لأنني ابنه المفتش العام

يخشون مواجهتي بالحقيقة وهي أنه فقط تحقيق بسيط مع أحد السجناء أو ضباط السجن، لكنني أفشل دوما في تدبير هذا اللقاء اللعين.

- عزيزتي أنت فقط لو تخففي عنادك وكبرياءك هذا وتخبريهم أنك ابنه المفتش العام للمنطقه سيدبرون لك هذه المقابلة بسرعة البرق.

_نعم يا صاح أعرف هذا، لهذا لن أخبرهم مطلقا، افهمني يا طحليم" هذا السجن تحدث فيه الكثير من الحوادث الغامضة الغير مفسره

ولا يخبرون الصحافة بالحقيقه، علينا أن نزرع احد ما هناك لنعرف ماذا يدور في ذاك المكان بالضبط، لكن الكارثة أن لا أحد لديه الجرأة ليدخل هذا المكان

والدي أخبرني أنه يمكنه أن يساعدني في ان يرسل أحد عملائنا إلى هناك وهذا أقصى ما يستطيع فعله لأجل وظيفتي، وأنا توسلت للكثيرين بأن يفعلوا هذا لكنهم جميعا حفنة من الرجال الجبناء يا "حليم"

قال لها وهو يحك ذقنه:
_إذا لما لا تستأجرين أي شخص بمقابل مادي ليفعل هذا؟

قالت له بضيق:
_لا يا ذكي، لا يمكن لأي شخص عادي غير متمرس أن يرى ويسجل ويستشف ما يحدث مثلما يفعل الصحفي، هذا ما درسناه في الكلية، ولهذا يجب على صحفي أو ضابط شرطى عالي الكفاءة أن يفعلها، وليس إيا كان يا ذكي.

تنهدت "جوسلين" بإحباط وسخط، أخرجت سجائرها وأشعلت واحدة وهي في قمة الضيق، فكر "حليم" قليلا وفجأة لمعت عيناه بفكرة جنونية، قال لها بانفعال:
_"جوسي" لما لا تدخلين أنت هذا السجن على أنك متهمه في جرائم قتل؟!!!

يتبــع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي