23، ظهور كائن الكهف

"عودة إلى رقيه ويوسف"
لم تستطع "رقيه" التوقف عن البكاء الحارق، الخانق، والمرهق، أخيراً دخلت شقيقات "يوسف" البنات

"زينا، رنا، يسر، ورحمه" حاولوا أن يهدأوها لتكف عن البكاء، لكن المسكينة منهارة على أخرها، نظرت الشقيقات لـبعضهم، ربتت "رنا" على كتف "رقيه"

وقالت لها بصدق:
_يا "رقيه" أنتي تسرعتي عزيزتي، أن تلك الفتاة تكون "سعاد" إبنة خالي، وشقيقتنا في الرضاعة، لكن المشكة أنها قبيحة نوعاً ما،

تحدثت زوجة خالي مع "يوسف" ليتحدث إليها ويعطيها بعض الثقة في النفس لانها و"يوسف" مقربين لبعضهم منذ الصغر، أنها فقط ستتزوج عما قريب وتشعر أن عريسها لا يحبها بالرغم من عشقه لها

لهذا "يوسف" كان يخبرها بأن عليها أن تثق في نفسها قليلاً لأن شكل الوجه ليس كل شئ، هذا فقط كل شئ، مجرد سوء تفاهم من صنع خيالك، فـشقيقي ليس من النوع الذي يتغزل في البنات عبر الهاتف أو في الواقع، أنه متزمت بعض الشئ وأنتي تعرفينه جيداً الأن، أليس كذلك عزيزتي؟

كلام "رنا" لم يخفف وطأة الموقف، أو حزنها، قالت "رقيه" في نفسها:
_حتى وأن كانت الفتاة شقيقته في الرضاعة، وتعتبره صديق مقرب تثق في كلامه

هذا لا يعطيه الحق في كل ما فعله بي ومعي، لقد عايرني بحقيقة كوني يتيمة ترعرت في ملجأ، لقد أخبر الجميع بحقيقتي بأبشع طريقة، كيف لي أن أسامحه بعد ما قاله وفعله بي؟

لم ترد "رقيه" على البنات، قامت بالتمدد على الفراش وغطأت وجهها بالغطاء وأكملت بكاء بصمت كي لا تزعجهم، لكنها في قرارة نفسها تصرخ، تصيح، تعول وتنتحب بشدة.

لم تستطع "رقيه" النوم طوال الليل، سمعت الشقيقات وهم يخلدون للنوم في الغرفة معها، أثنتان منهم "يسر ورنا"

أغلقوا الضوء وذهبوا في سبات عميق، لكن "رقيه" لم يرد النوم أن يريح قلبها وعقلها المتعب، ظلت مستيقظة لكنها تغطي وجهها بالغطاء كي لا يلاحظ أحدهم بأنها مسيقظة حتى الأن

لكن "رقيه" سمعت تنفس عال بالقرب من الفراش، رفعت الغطاء ورأت الغيلان عادت تقف بجوار فراش الفتيات، غضبت "رقيه"

قالت لنفسها بغضب:
_لا أعرف حقا لما أنا لازلت هنا؟ ما الذي يجبرني على رؤية وجوهكم القبيحة المقززة طوال الوقت هنا؟ سوف أرحل من هنا، نعم غداً سأرحل ولن أنظر خلفي مرة أخرى، لن أهتم لمصير تلك العائلة مهما كان.

كانت تتحدث للغيلان وهي تنظر لهم بغضب، ألقت برأسها على الوسادة خلف ظهرها، حاولت أن تخلد للنوم، لكن صوت تنفس الغول بجوار فراش "يسر" كان عاليا جداً جعلها تتعصب

جلست مجدداً وقالت للغول بجوار فراش "يسر" بغضب:
_هيا أبتعد من هنا، أغرب عن وجهي فـصوتك مقرف يشبه وجهك الدميم.

أستدارت للغول الأخر وقالت بحدة كأنها مدرسة وتصرف الطلاب على فصولهم:
_الكلام لك أيضاً أيها القبيح الغاضب، هيا أخرج أنت أيضاً.

الغيلان حملقت في "رقيه" بغضب جام كأنهم يريدان حرقها حيه، نظرت لهم بتهكم وهم يبتعدان ويختفيان في الظلام في أركان الغرفة المظلمة.

راقبتهم "رقيه" وهم يتراجعان ببطء غاضب وهم يدبان بأقدامهم الضخمة على الأرض بقوة مصدرين أصوات ترهب القلب، لكن "رقيه" لم تهتم بكل هذا الرعب الذي يحاولان إثارته بداخلها

عادت بوجهها لتحاول النوم من جديد، لكن فجأة لمحت شئ أرعبها بشدة وجعل شعر جسدها يتوقف من الفزع.

"عودة إلى حسن وعائشة"

سمعت فجأه صوت حاد صرخ من أعالي السماء، رفعت عيناي لأعلي لأصدم بــرؤية أفظع مخلوق مرعب يمكن للمرء رؤيته في كل حياته، كان طائر ضخم، أضخم طائر منذ طائر الفيل وهو كان من

أكبر الطيور في السجل الأحفوري، انقرض طائر الفيل (Aepyornis) في مدغشقر، لقد تجاوز 3 متر (9.8 قدم) في الطول و 500 كيلوغرام (1,100 رطل)
آخر فرد من طيور الفيل انقرض منذ حوالي 300 سنة.

هبط أمام عيناي مباشرة، خفت منه كثيرا، وصل الطائر العملاق للأرض أخيرا،
لكني لم أكن الوحيد الذي أرتعب من هذا المخلوق الطائر، بل تلك الذئاب أيضا أرتعبت منه، سمعتهم يزائرون بشدة وكان زئيرهم مرعب كأشكالهم الدميمة.

المخلوق هذا هجم عليهم وبدأ زئيرهم يتحول لــصرخات حادة تؤذي الأذن وتسبب الصم، جعلوني أضع يداي بقوة على أذني، خافت الذئاب وبدت كأنها تتألم وتتعذب من لمسته لهم

أنا وقفت أتابع الموقف الغريب بذهول وصدمة! بدأت الذئاب تركض في كل حدب وصوب بلا هدى كأنهم أصيبوا بالعمى، تخبطوا في بعضهم البعض ومن سقط منهم

وهجم عليه الطائر الريش كان يحترق ويتحول لرماد محترق حتى يختفى في غبار الأرض ويصبح الغبار محترق كغبار الأفران، منظر بشع مؤلم مخيف.

أختفت باقي الذئاب التي نجت من الطائر هذا ولم أعد أرى لهم أي آثر أو أسمع صوت زئيرهم المؤلم،
لكن حدث ماهو أغرب من الخيال

أصبح الطائر فجأة عباره
عن دوامه من الريش الملون الزاهي، دوامه تطير أمامي بخفة في الهواء، وتشكل أخيرا ع هيئه رجل،
رجل عادي يرتدي قفطان أحمر ناري، كان أطول من البشر بكثير، أرتعبت منه بشدة،

أبتسم الكائن الطائر، مد يده إلي بموده وهو يقول لي:
_أنهض يا "حسن" لا تخاف مني مطلقاً.

مسكت يده بأرتباك، سألته وأنا أقف معه:
_ماذا تكون أنت؟ هل أنت جن؟ مارد، شبح، مخلوق أرضي أخر، أم من خدام البهطوني!!!

ضحك بمرح وقال:
_لا يا "حسن"، ولا أي مخلوق منهم، أنا أدعي "روقيائيل".

سألته مجدداً وأنا في حيرة شديدة من أمر هذا الكائن:
_لقد سمعت بأسمك من قبل، ماذا تريد مني؟ وما هو نوعك تحديداً؟

قال المخلوق الطائر المدعو "روقيائيل":
_أنا كائن، مخلوق مثل البشر والجان وغيرهم من مخلوقات الله، وما أريده منك هو أنني قد وكلت بحماية "حسن الراوي" وحراسته
كالملاك الحارس، أنت يا "حسن".

تعجبت من كلامه! سألته بعدم تصديق:
_أتتحدث بجدية، هل أنت ملاك؟ هل الأله أرسلك إلي لتحميني، تساعدني، وتشد أزري ضد عالم الجان المؤذي؟

قال "روقيائيل" وهو يحاول التوضيح بأسلوب مبسط لأفهمه:
_ليس حقا يا "حسن"، أن ليست ملاك من ملائكة الله عز وجل، أنا مخلوق لم يسمع عنه من قبل،

وأن هناك الكثيرين مثلي وسط البشر، يعيشون في كل مكان لكن لا يراهم أحد أو يشعر بأختلافهم، ولا أحد يعرف حقيقتهم لا البشر او الجان، لا يعلم بوجودهم سوي الخالق فقط، أنا وهم فقط مخلوقات أسطوريه.

سألته مجدداً لأني لم أفهم كلامه جيداً:
_أعتذر منك لكنني لم أفهمك جيداً، هل لك أن تشرح لي أكثر عن ماهيتك؟ من فضلك طبعاً.

قال لي وهو يبتسم ببراءة غريبة:
_أسمع يا حسن انا لا أعرف إذ كنت تعرف القصه تلك أو لأ، زمان قبل خلق البشر، الله كان خالق مخلوقات أخري كي تعبده، لكنها عصت الله وقامت بفعل محرمات كثيرة فخلق الله الجن وأمرهم

بالقضاء على تلك المخلوقات، قامت حرب دمويه بين الجن ومخلوقات "الحن والبن" أو كما يدعونهم في الغرب"الطم والرم" لكن نجا مخلوقات منهم، أختبأوا بعيد عن عيون الجان، وبعد أن استعمر الجان الأرض وعاشوا فيها وتزوجوا وتكاثروا،

قبيله من الجن رأت مخلوقات الحن لكنهم لم يقاتلوهم بالعكس عاشوا مع بعض ف سلام وتزاوجوا من بعض ونتج عن زواجهم مخلوقات "الجنكيز"، نحن، هجين من الجان و الحن، لكن للأسف

كبير عشائر الجان وقتها عرف عن الحن والبن الناجيين وقرر القضاء عليهم هم والجان الذين تناسلوا معاهم، لكن أستطعنا أن نهرب ونتخبي ومن يومها لم يعرف عنا أو يسمع عنا أي مخلوق حي،

نحيا ونعيش وحدنا، لا يوجد أجناس مثلنا نستطيع أن نتزاوج معها ونكبر جنسنا، لجئنا للأختباء والتخفي عن الكل و أصبحت قصتنا أسطورة وماتت وانتهت من ألالاف القرون ولا يوجد مخلوق حي في يومنا هذا يعرف بأسطورتنا

لا من الجان ولا من البشر اكيد، غير واحد فقط، هوه إبليس اللعين، لكن هو ف حاله ونحن في حالنا، نحن أصبحنا عشيرة وحدنا ولنا كبير مسؤول عنا، لكننا لا نظهر سوي لمن لهم قدرات خاصه

انت مميز يا "حسن"، أنت خضت عوالم كثيرة لم يقدر سواك أن يدخل كل العوالم تلك ويخرج منها حي، لهذا انا اخذت أمر بحمايتك لان صدق أو لأ انت أصبحت واحد منا

انت بالنسبه لنا كائن اسطوري مثلنا، أستطعت أن تتخفي مثل الجان وعندك قدرة بشرية غير عادية، وقد تغلبت على مخلوقات ما تحت الأرض،

وأصبحت أسطورة حيه بين عشائر الجان، ومن الآن فصاعدا أنا حارسك الأمين، اعتبر نفسك من اليوم انك لست وحدك، ستجدني دائما معك،

انا أستطيع أن أتشكل في كل شئ، بشر، جن، حيوان، طير، تمثال، أعني سأكون معاك إينما كنت، والأن سأختفي وأتركك تكمل مهمتك الصعبة

لكن متى أحتاجت إلي نادني، سأظهر لك فوراً، ولا تقلق من شئ أو أي أحد يا "حسن" فــأنت لست وحدك مطلقاً.

أنا لم أعد أفهم شيئاً حقاً، لا أعرف ماهية شعوري الأن حقيقة
هل أنا سعيد؟ فخور بنفسي، أو مندهش مصدوم حائر بشدة!
أنا فقط أصبحت ممتلئ بالكثير من المشاعر الممزوجة بالتضاد والاختلافات المرهقة.

قلت له أخيراً بعدما فقت لنفسي وأستعدت رشدي:
_إذن أنت ستظل معي دائماً "روقيائيل"، أعني حتى أموت طبعاً.

_نعم يا "حسن" سأظل بجوارك طوال الوقت، والأن أسمح لي بالذهاب، سأتركك تكمل مهمتك، وسأكون بجوارك وكما أخبرتك لن أظهر إلا بأمرك، كان علي الظهور ولو لمرة واحدة كي تعرف بوجودي معك والأن سأختفي كي تكمل رحلتك هنا.

دار "روقيائيل" حول نفسه، عاد لنفس دوامة الريش الغريب التي ظهر منها، وأختفى كما ظهر فجأة، أنا ضحكت بسعادة، كانت تلك أول مرة أشعر فيها أنني مميز حقاً

سجدت على الأرض وبكيت وأنا أحمد الله على مساعدته لي وعلى إهتمامه وأنه لم يتخلى عني ويترك مخلوقاته المرعبة تتحكم بي وتقضى علي أو على الأقل تنجح في هذا

وقفت ورفعت يدي للسماء وقلت بصدق:
_حمداً لله كثيراً وأبدا، أشكرك يا رحيم على مساندتك لي، الأن أستطيع أن أكمل رحلتي وأنا مطمئن نسبياً

صحيح يا "حسن" أن الله كبير، عظيم بحق، لا يتخلى عن عباده مهما تهوروا وأدخلوا أنفسهم طرق الظلام، لقد أبتلاني الله بــلعنة ونعمة

في نفس الوقت، لكن أنا سأكمل رحلتي معهم للأخير، لقد تأكدت وإيقنت أن الله معي ويريد مني أن أكمل رحلتي، علني أستطيع تغير شيئاً أراد الله أن يتغير وما أنا إلا مجرد سبب من أسباب الله في تغير مصير الكون، الحمد لله يا ربي على ثقتك بي.

أبتسمت بتفاؤل لأول مرة منذ أشهر بعيدة، أكملت طريقي، لكني لم ألاحظ أن المكان حولي تغير مرة أخرى، لكن هذه المرة كنت في مكان جعلني أقلق بشدة وقلبي ينقبض بحق.

"عودة إلى جوسلين والعقرب"
سارت خلفه لـداخل الكهف الصغير هذا، لم تشعر بالخوف بعكس ما توقعت كلياً، تشعر بأن تواجدها مع "عماد" يجلب السلام والطمأنينة لـقلبها بالرغم من وجود الخطر حولهم في كل مكان.

جلست على أرض الكهف الرطب، بدأ الجو يشتد برودة، لأحظ "العقرب" أن جسدها ينتفض من شدة البرودة، أسنانها أيضاً بدأت تصطك في بعضها.

أقترب منها "عماد" وجذبها بلا طلب إذن منها إلى حضنه، هو أيضا شعر بالبرودة لكنه تحمل لأجلها.

صدمت "جوسلين" من فعلته! لكنها سعدت بما فعل، جذبت نفسها أكثر إليه، رفعت وجهها له، تقابلت أعينهم معاً، قالت له بهمس وقد بدأت تشعر بشئ من الدفء وهي بين يداه:
_"عماد"، هل سنظل هنا طويلاً؟ هل تعتقد بأننا سنخرج من هنا أحياء؟

قال لها لـيطمئنها بالرغم من عدم ثقته بما يقوله لها:
_قلت لك لن أدع مكروه يصيبك يا حمقاء، لا تخافي، سأخرجك من هنا حيه ترزقين قريباً، لا تخافي أبداً.

_أنا لست بـخائفة وأنا معك، أعرف أنك ستحميني مهما كلف الأمر.

تلاقت نظراتهما معا، أراد أن يسألها لما تثق فيه بهذا الشكل الأعمى؟ لكن عيناه تولت تلك المهمة، رآى رد سؤاله في عيناها تقول له:
_أشعر بالدفء في حضنك، أشعر بالأمان بين يداك، أعرف بأنك منقذي وأسلم أمري كله إليك بعد الله.

تعجب "عماد" بشدة! لأنه لا يعرف لغة العيون أبدا، سأل نفسه لما يفهم ما تقوله له بدون أن تفتح فمها معه، ولتأكد على شعوره وما توصل إليه، رمشت بــعيناها مؤكدة، كأنها أخترقت عقله وسمعت أسئلته لها.

وضعت "جوسلين" رأسها على صدره وسكنت تماماً كأنها غابت في سبات عميق.

"عماد" وضع وجهه على شعرها، ضمها لــجسده أكثر وأغمض عيناه بسكون، لم يعد يشعر بالبرد كثيراً، أستمدا الدفء من بعضهم، وغطا في نوم عميق معاً.

لكن فجأة، أنتفض الأثنان معاً على صوت زمجرة مخيف، صوت لم يسمعاه إلا في أفلام الرعب والمؤثرات الصوتية للوحوش على الإنترنت.

نظرت له "جوسلين" برعب وهي تتشبث بذراعه، ربت على كتفها وهمس لها:
_تعالي لــنرى ما مصدر هذا الصوت.

تركها وتوجه للخارج ببطء وحذر وهو يحني جسده بسبب إنخفاض سقف هذا الكهف الصغير، ذهبت "جوسلين" خلفه وهي ترتعد حرفياً وليس بسبب البرد القارس، بل بسبب الرعب من صاحب تلك الزمجرة الغاضبة والصوت المخيف.

وصلا لـحافة الكهف، أخرج "عماد" وجهه وفعلت "جوسلين" مثله، كان الوقت تأخر وآتى الليل بــقمره المضئ، القمر بدراً في السماء كشف بنوره المنطقة كلها.

نظرا معا لأسفل الشلال والمنطقة حوله، لم يريا أي آثر للحرس أو الكلاب، لكن صوت الزمجرة لايزال يصدر من مكان قريب جداً، وفجأة تجمد "عماد" مكانه

أنتفض جسده وهو يحملق عند الجهة المقابلة من الشلال، شعرت "جوسلين" بأرتعاد جسده بجوارها، نظرت إليه وجدته يحدق بفزع هناك عند أخر حافة الشلال.

نظرت بدورها إلى هناك وكادت أن تصرخ، رآت غول ضخم يشبه مخلوق الغوريلا الضخم الشبيه بــ"KING KONG"

من أفلام الخيال العلمي الأمريكي، لكنه أبشع وأفظع منه، طول هذا المخلوق يتعدى الأربعة أمتار، عريض بضخامة حتى أن عضلات صدره المشعرة بارزة

قدماه ليست كــأقدام الغوريلا المعروفة، بل كانت معقوفة للخلف كـاقدام النمور، عيناه مضيئة بنور أحمر متوهج، لديه ذيل مشعر طويل.

"عماد" وضع يده على فمها بسرعة يكتم صرختها قبل أن تفضح مكانهم، عاد بها إلى الخلف، جلست وهي لاتزال بين يده، نظر لوجهها المرتعب

ووضع أصابعه على شفتاه شارة الصمت، همس لها بصوت مرتبك متوتر:
_بحق السماء تمالكي أعصابك ولا تصدري أي صوت أو تفعلي حركة مفاجئة، أنه المخلوق ساكن الجبال الذي سمعت عنه، لكني لم أصدق أنه موجود حقا، يا إلهي الرحيم، أنه حقاً مفزع.

قالت له "جوسلين" بهمس وهي ترتجف رعباً وفزعاً:
_"عماد" ألن يعرف بوجودنا هنا؟ ألن يشتم رائحتنا ويأتي إلينا هنا؟ أرجوك أخبرني بأننا نبعد عنه مسافة طويلة، ارجـــوك.

هز رأسه بثقة وقال لها وهو يعتدل لــينظر عليه مجدداً:
_لا تقلقي، لن يستطيع إلتقاط رائحتنا لأن مياه الشلال الباردة تغطي آثرنا جيداً.

_كيف لك أن تعرف هذا؟ لما أنت واثق لهذا الحد "عماد"؟

_ببساطة لأن كلاب الحراسة المدربة تدريبات عالية المستوى لم تستطع إلتقاط رائحتنا بعدما صعدنا إلى هنا، لقد قادت الحرس إلينا هنا بالقرب من الشلال

لكنها لم تستطع تتبع آثرنا ونحن هنا خلف المياه، أنتظري لحظة لأتأكد بأنه لا يأتي إلينا.

هزت رأسها وهي تزفر بأرتياح، كلامه أقنعها وأراح قلبها، أخرجت وجهها بعده من مياه الشلال لكن بحذر.

رأوا معا ذاك المخلوق المرعب يتوجه إلى الغابة، خمنت "جوسلين" بأنه يذهب إلى هناك لــيصطاد طعامه، لم تجد تفسير أخر لــخروجه
ليلاً من كهفه إلا لهذا السبب الطبيعي.

وجدت "عماد" يرفع رأسه نحو الكهف الذي أشار عليه لها سابقاً، عاد برأسه لخلف المياه وجذبها من يدها وهي تنظر أيضاً إلى الكهف الذي خرج منه هذا المسخ المرعب.

أجلسها أمامه وهو يمسح المياه من على شعره ويتنفس بأختناق، قال لها وهي تنظر له بترقب لتسمع ما سيقوله:
_أسمعي "جوسلين" سأخبرك بشئ وعليكي أن تستمعي لي ولا تهلعي من فضلك، علينا أن نتسلق الأن لهذا الكهف قبل أن يعود المسخ إليه قريباً.

حملقت "جوسلين" فيه بصدمة وذهول! لدرجة أنها فتحت فاهها على آخره، بل سقط فكها الأسفل من هول ما سمعت منه تواً.

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي