9،فريسة في عرين الاسد

أستغرقت في نوما عميق ورأيت أغرب حلما يمكن للمرء رؤيته، رأيت نفسي كأنني أتعرف عليها، رأيت كل ما مررت به حتى الأن

أنا الشاب الذي مر في حياته بالفزع، الرعب، الهلع، حتى أبيضت خصلات كثيرة في شعره، أن الشاب الذي كتب عليه من صغره أن يرى الجان، المرده، الشيطين، مخلوقات ما تحت الأرض، والأشباح

أنا الشاب الذي خاض أو أجبر ان يخوض تجارب أقوى البشر لن يتحمل خوضها ويظل حي على قيد الحياة، لكن أيضا لكل ضارة نافعه، أثناء رحلتي مع الجان وكل ما سبق قابلت "عائشة"

واحده من الجان، عشقتها منذ اللحظة الأولى التي وقعت عيناي عليها، هي أيضا أحبتني وتحبني وتحميني

مررت بعد مراحل كثيرة من المغامرات المرعبة
مع الجان، الشياطين، السحره المشعوذين، الأرواح والاطياف، وصلت لمخلوقات ما تحت الأرض، مخلوقات ما قبل خلق البشر،
مخلوقات لم أسمع عنهم من قبل

يدعون مخلوقات الأرضين السبع، أيا كان ما يعنيه هذا لكنني وصلت إليهم وتلبسني مارد منهم يدعى "قايربيل"، لكنني أستطعت بعد معاناه شديدة وعذاب

أستطعت التخلص منه، لكنني أيضا حصلت على أخطر كتاب خلق يوما في الكون ويدعى "جخام الكون" أنه كتاب خطير لم يكتبه بشر أو جان

أصبحت أنا صاحبه بعدما سرقته من مملكة إبليس اللعين، أيضا حصلت على قلادة الحصان الذي أمر الملك "سليمان" نبي الله أن يصنعها كـــهدية لزوجته الملكة "بلقيس"

أصبحت أنا صاحبها، المسيطر عليها، "قلادة الحصان" جعلت مني رجلا قوي جدا لا أهاب أيا من مخلوقات الله المفزعه، لم يمتلكها سوى الملوك، من يمتلكها

من البشر يصبح خارقا، ومن يمتلكها من الجان يصبح لا يقهر وسيدا ملكا على كل العشائر وهذا فقط بفضل قوتها النادرة جدا.

المهم بعدما تخلصت من مخلوق الأرضين السبع "قايربيل" طلبت من "عائشة" مساعدتي في إصلاح كل ما خربه، من أشخاص بأسين تلبسهم الجان وساهم

"قايربيل" في تدميرهم أكثر، وافقت "عائشة" بالطبع أن تساعدني في مساعدتهم بالرغم من أني لم أكن بحاجة لـتمساعدتها بسبب تمكني الخالص

في علوم السحر وكل ما يخص الخوارق، لكنني لم أحبذ أن أشعرها بأنها بلا فائدة معي، المهم أني صلحت الكثيرمما فسده "قايربيل"
لكن عند أحد الشباب اليافعين

وأنا أحرره من الجان الذي يتلبسه، خرج لي مارد من إبالسة إبليس، وأخبرني بأن زوجة الشيطان "سماهيل" عرفت بأمر سرقتي للكتاب وهددني مباشرة

أنها ستنتقم مني، وقال كلام غريب لم أفهمه أيضا، أخبرني بأن "عائشة" لن تنفعني لا هي أو ملاكي الحارس، أنا صدمت من كلامه لأنني لا أملك أي ملاك حارس

وبعدما أختفى هذا المارد من سقف الغرفه، بدأت النيران تشتعل في كل مكان حولي، لكن ما أرعبني أكثر من تهديد "سماهيل" والمارد والنيران، هو تلك الرسالة النصية التي وصلتني على الهاتف

الرسالة كانت من رقمي أنا، انا، فتحت الرسالة ويدي ترتعش بجنون، مكتوب فيها
_"حسن" أنت لا تعرف من أكون لكني أعرفك جيدا،

سنتعارف قريبا جدا، إن أردت رؤيتك عائلتك مرة أخرى وهم على قيد الحياة ستنفذ كل ما أمرك به دون نقاش، أجعل "عائشة" تحضرك لعالمنا، فأنت أصبحت تعرفه جيدا أليس كذلك؟

أخبرها أن تحضرك عند الملك "شنقيائيل"، وهي ستحضرك، الأفضل لك أن لا تتأخر وإلا عائلتك ستدفع الثمن غالي جدا يا "حسن".

أنتهت الرسالة هكذا، سقط الهاتف من يدي وحملق في الفراغ بصدمة، لكن وهاتفي على الأرض أشتغل فيديو من تلقاء نفسه على الشاشه

مسكت هاتفي ورأيت أفظع ما يمكن رؤيته، رأيت مالم أتخيله يوما أو أعمل له حساب، رأيت عائلتي مقيدين من يديهم وهي مرتفعة لأعلى، كانوا يصرخوا جميعا، والدي، والدتي، اشقائي

هناك من يضربهم من كل مكان وهم يصرخون، يبكون بأستغاثه، عائلتي لم ترى من يضربهم، لكنني وضعت يدي وهو ترتعش على القلادة تلقائيا ورأيتهم، رأيت جان خدم بأشكال مفزعه

يربون عائلتي بسوط جلد وعصي، قلب كاد أن يتوقف من الرعب على عائلتي، أيضا أحمد الله أنهم لا يمكنهم رؤية من يعذبهم وإلا لكانوا ماتوا من الفزع وليس من العذاب فقط.

سقط الهاتف مني مجددا، هطلت دموعي بحرقة رغما عني، صرخت باسماءهم جميعا وأنا منها، لم أتخيل أن يدخلوا عائلتي في الاعيبهم القذرة تلك

"عائشة رآت القيديو مثلي، ربتت على كتفي، لكني نظرت لها وصرخت فيها:
_ والدتي، والدي، أشقائي سيقتلون بسببنا يا "عائشة"، الملك "شنقيائيل" هذا

من أتباع "سماهيل" أليس كذلك؟ ماذا يريدون مني تحديدا؟ القلادة، الكتاب، روحي! أم ماذا بحق الجحيم؟ فليأخذوا كل ما يريدون لكن يتركوا عائلتي، انهم أبرياء ولم يذنبوا في أي شئ لــيعذبوا بهذا الشكل يا "عائشة"، سأضحي بأي شئ كي لا يؤذوا بسبننا.

"عودة إلى جوسلين"
بحثت في كل مكان عن شئ مجهول علها تصل إلى أي شيء يساعدها في فهم ما يجري هنا، لكن فجأة سمعت صوت خلفها يقول بتهكم:
_ يا مليون مرحبا، جئت إلى بقدمك يا حقير، دخلت عرين الاسد ولن تخرج منه حي.

حملقت "جوسلين" في هذا الرجل بصدمه، رأت أمامها رجل ضخم الجثة قمحي اللون يقف أمامها بكل شموخ وعيناه ينضج منها الشر بكل كبير.

أقترب منها وهو ينفث غضبا وشر، قالت له وهي تتراجع بخوف:
_ ماذا؟ ماذا تريد مني يا رجل؟ ماذا فعلت لك بحق السماء؟

حاول أن يمسك بها، لكنها تتهرب منه، قال لها وهو يقلب كل ما يقابله حنى يمسك بها:
_ هل نسيتني حقا يا حقير؟ بالطبع ستنسى، من كثرة من أذيتهم وتسببت في سجنهم، كيف ستذكرني بعدما ألقيت بي هنا من عشرة سنوات؟

قالت له وهي تحاول بأسة أن توقفه:
_ أسمع يا رجل أيا كان ما فعلته لك سابقا فأنا أعتذر حقا، أنا بالفعل لا أعرف ماذا فعلت لك أو أتذكر، أغفر لي يا رجل، نحن هنا جميعا في سلة واحده، أرجوك يا رجل لا تتشاجر معي، أقسم بأنني لم اتعمد إيذائك سابقا.

صرخ فيها بحده:
_ لم تتعمــــــــد، لم تتعمد ماذا؟
وصل إليهان قفز عليها كــالنمر الرشيق، قبض على رقبتها وهو يقول بكل شر وغضب:
_ لم تتعمد إغتصاب زوجتي أمام عيني، ام لم تتعمد دفعها للإنتحار بعدما ضربتني أمامها، أم لم تتعمد إهانة والدتي ودفعي لضربك في الشارع

وبسبب أندفاعي عليك حرقت منزلي وقتلت كل عائلتي في الحريق وأنا ألقيت بي وأنا فاقد الوعي في وكر للمجرمين الخارجين عن القانون وأبلغت عنهم وتسببت في سجني خمسة وعشرين عام

قضيت منهمعشرة سنوات وأصبحت زعيم هذا المكان والأن انت ملكي، سأقتلك مثلما قتلت كل من أحبهم واهتم لهم، سأحرقك بعدما أعذبك حتى تتمنى الموت وتتوسل إلي لأقتلك يا قذر.

تركها قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيره، لكنه لم يتركها رحمة منه عليها، بل جثى أرضا ألتقط سكين من التي سقطت من على الطاولة بعدما كسرها، حدقت فيه "جوسلين" وهي تلتقط أنفاسها، قال لها بحده:
_ والأن سأترك لك تذكرا بسيط، سأطبع أسمي على وجهك ومؤخرتك القذرة حتى لا تنسى مجددا ما فعلته بي، وسأفعل هذا كلما ألتقينا هنا، وصدقني سنتقابل كثيرا يا ديوث يا قذر.

قالت له بتوسل وهي تتراجع أكثر:
_ أرجوك لا تفعل، انت لا تفه---.

حملق فيها الرجل، قطعت كلامها بسبب صوتها، لقد تعطلت شريحة الصوت المعلقة في حنجرتها، سألها الرجل بذعر:
_ ما هذا بحق الجحيم؟ هل أنت ملبوس، ممسوس، ماذا تكون أنت يا وغد؟

خافت "جوسلين" أن يكشف أمرها، وضعت يدها على حنجرتها، عدلت الشريحه، لكنها لمحت أحد رجال الشرطة وهو يقترب منهم، قالت له بسرعة بعدما أعتدل صوتها:
_ ألقي بهذا السكين يا رجل سوف تتسبب في ألقاءنا معا في حفرة الأنفرادي لمدة أسبوع وأكثر، القي بها وسأشرح لك فيما بعد.

سمع الرجل إقتراب رجل الشرطة فألقى بالسكين وهو يقول لها:
_ وأنا ساشرحك فيما بعد أيضا.

سأل رجل الشرطة وهو يدخل بكل شموخ:
_ هل هناك مشكلة يا عقرب وأنا يا نوسلي؟

لكن قال هذا المدعو بــ"العقرب":
_ ليس بعد يا "حسان"، سأعلمك عندما يحدث هذا الشئ هنا.
ترك المطبخ وخرج وهو يرمق "جوسلين" بنظرات توعد وشر، زفرت بأرتياح وهي تخرج خلفه.

مضت الساعات االتاليه عليها وهي متوترة طوال الوقت، تشعر به يراقبها طوال الوقت، خطرت لها وبدأت تبحث عن رجل في منتصف الأربيعينات من عمره

حاول كثيرا التقرب منها على أنها "عيسى نوسلي" المجرم الخطير، وجدته يدخن سيجارة بالقرب من بركة صغيرة يسمح للسجناء بزيارتها والأستحمام فيها

بالطبع البركة مؤمنة جداوعليها حرس، كاميرات، أجهزة أستشعار متطورة جدا، إذا ما فكر أي سحين بالغوص أسفل البركة ووجد طريقة لكتم نفسه والمكوث فيها لأكثر من نصف الساعة، تعمل أجهزة الأستشعار

بالأشعة البنفسجية وتكشف أي طاقة حرارية غريبة عن مياه البركة فيكشف أمر السجين على الفور، حتى إذا فكر أيا منهم أن يخبئ غرضا ممنوع، يتم كشفه، أو قتل سجين أخر وألقاه في البحيرة تكشفه الأجهزة أيضا.

جلست "جوسلين" على صخرة قريبة منه وقالت له بأسلوب الرجال حولها:
_ كيف الحال يا "عطا" هل جننت وتنوي الأستحمام كــالبشر الطبيعين يا رجل؟

لم يصدق المدعو "عطا" أنها تتحدث إليه، أعتدل في جلسته وفجأة قبل يدها وقال لها بأندفاع:
_ مرحبا بك يا كبير، لا تصدق كم يزيدني فخرا وشرفا جلوسك معي الأن.

قالت له بعنطظه:
_ لا تبالغ يا رجل، انا فقط بدأت أشعر بالضجر من هذا المكان، أيضا من المؤكد أنك تعرفني جيدا أليس كذلك؟

قال لها وعلى وجهه علامات أستفهام وتساؤل:
_ نعم أعرفك سيدي، ولهذا أتعجب من هدوءك المبالغ هذا، لقد أعتقدت كما أعتقد العشرات هنا بأنك ستقاتل كل ليلة وتذبح مالا يقل
عن خمس أو ستة رجال لـتتنفث عن غضبك كما أعتدت أن تفعل خارج قضبان السجن

حقا لقد بدأت تساورني الشكوك حولك، أعني، الناس هنا بدأوا يتسالون لما أنت هادئ هكذا؟ ظننا بأنك تخطط لــشئ كبير، لكنك، أعني--

لم يكمل كلامه خشية من أن تضربه لتظهر له مدى قوتها وسلطتها عليه وعلى السجناء أمثاله، هذا بأعتبار أنه "عيسى"

حديثه قلقها أكثر وفهمت أن ما كانت تخشاه يحدث بالفعل بين السجناء ويتحدث عنها الجميع، فكرت سريعا وضحكت
ضحكة شيطانيه

خاف منها "عطا" وأبتعد بجسده للخلف، قالت له بتمثيل متقن:
_ كم أنتم أغبياء حقا، هل تظن يا رجل بأنني سأوسخ يدي ببعض الحمقى عديمي الفائده مثلكم؟

أنت وغيرك من الحمقى هنا لا يمكنهم أبدا الترقي لــمستوى ذكاء أمثالي، هل تظن بأنهم ألقوا القبض علي؟ لا يا رجل، لقد تركتهم يفعلون

فعلت هذا مع رجالي لأنني أريد فك شفرات هذا السجن، لقد مات هنا رجال من أفضل رجالي، وتحديت بعض الأشخاص المهمين في أنني سأكتشف حقيقة ما يجري هنا وكيف يقتل رجال أشداء أقوياء بهذا الشكل الغامض؟

لهذا أنا لن أتورط في المتاعب حتى أكتشف ما جئت لأاثباته وأكسب الرهان، هل تعرف بكم راهنت على هذا التحدي؟ وكم سأكسب منه أن أستطعت التوصل للحقيقة يا أبله.

هز الرجل رأسه نفيا، وقفت "جوسلين" وهي تشعل سيجارة بكل تفاخر كي تحبك التمثيلية للأخر، قالت وهي توليه ظهرها:
_ خمسة عشر مليون جنيها يا غبي.

شهق "عطا" مخضوض، ضحكت مجددا، لكنها توقفت عن الضحك فجأة وهي ترى "العقرب" ينظر لها من بعيد ويشير على رقبته علامة الذبح.

بلعت ريقها وعادت تنظر إلى "عطا" سألته وهي تحاول تقمص دور المتعالي غير المبالي:
_ أخبريني يا "عطعط" ما قصة "العقرب" هذا؟ هل تعرف قصته وما الذي فعلته بزوجته وعائلته؟

ضحك "عطا" بسخرية شديده وهو يقول:
_ أنها قصة قديمة يا كبير، لا تهتم له، أنت بمقدورك أن تفعصه بسهوله، بالفعل هو أصبح ذو شأن كبير هنا، لكنك أنت الملك سيدي

أنا أذكر أنك أغتصبت زوجته في الشارع وحرقت منزله ومنعت الناس من أطفاء منزله، وعندما جن جنونه وفكر في مقاتلتك، قمت بتكسير قدمه

وألقيت به في المخزن خاصتك وكنت تعذبه كل ليلة حتى شفيت قدماه ولفقت له جريمة قتل عائلت "البيومي" الذي رفض أن يبع لك منزله، أغتصبت زوجته وأبنته أمام عينه، بعدها ذبحتهم جميعا.

ضحك "عطا" ضحكة شيطانية لا تخرج من إبليس نفسه، تجمدت الدماء في عروق "جوسلين" وعاد الندم ينهش قلبها من جديد، فهمت الأن لما يريد "العقرب" سلخ جلدها من على عظامها؟ بالطبع معه كل الحق في هذا.

لكن ما أرعبها حقا هي الجملة التي ختم بها "عطا" كلامه وهو يضحك:
_ لكن من سوء حظ هذا "العقرب" أنه هو النزيل الجديد معك في الغرفة بدلا من "زيدان" أعتقد بأن أيام سلطته وجبروته في السجن قد ولت الأن.

يتبــــــــع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي