8،جوسلين زعيم عصابة

أخيرا أختفى "قايربيل" اللعين، أخذه الحرس وأنتهى كابوسي اللعين، لكنني فجأة تذكرت شيئا لا أعرف كيف نسيته، تذكرت جسدي الذي يسقط ويتهاوي للأرض، ركضت على النافذة وأنا متيقن بأنني سأجد جسدي متهشما على الأرض الأسمنتية

وستظل روحي عالقة هنا للأبد، أو يأخذها "قايربيل" أوحرس الشيطان إبليس، أو مردة الجان الذين حرقتهم

مليون خوف وخوف في عقلي وقلبي مما سيحدث لي الأن، أغمضت عيني وانا أنظر من النافذة، لكن ياللهول، أين جثماني؟ هل أخذوه الحرس مع "قايربيل"؟

اين أختفى جسدي بحق الجحيم؟ شعرت بتواجد "عائشة" معي في الغرفة، أستدرت فجأة بعصبيه، لكنني صدمت، رأيت "عائشة" تقف بجوار الفراش وجسدي المسكين يرقد على الفراش بلا حول ولا قوة

لكني فرحت، ضحكت، ركضت أتفحص جسدي، لكن "عائشة" ربتت على كتفي وقالت لي بحماس مكبوت:
_ "حسن" ركز كل طاقتك حتى تعود لــجسدك مجددا، أغمض عيناك.

قالتها بنشوى حاره جعلتني أفقد تركيزي وأتامل في وجهها هي، أبتسمت بخجل، أحمرت وجنتاها، لكنها أقتربت مني ووضعت يدها على خدي

قبلت كف يدها من الداخل، ضحكت من كل قلبها، ضحكت أنا أيضا بسعادة لا توصف، لكنها بيدها الأخرى ، رفعتها على شفتاي لتطبق فمي عن الضحك، أغمضت عيناي بيدها وقالت بهمس ونشوى عارمه:
_ عد لــجسدك الأن، عد إلي يا "حسن".

بالفعل صمت عن الضحك والحماس، ركزت طاقتي أن أعود لــجسدي، لكنني لم أشعر بأي شئ، زفرت بأختناق وفتحت عيني وأنا أقول لــ"عائشة" بضيق:
_ لا أشعر بشئ، أعتقد أن ال--

صمت فجأة وأنا أرى سقف الغرفة أمامي، مالت "عائشة" على وجهي بوجهها المشرق مثل الشمس في أوجها، ضحكت بسعادة كبيرة لا توصف حقا،

لن يتخيل أيا كان كم السعادة والفرحة التي تملأ قلبي وكياني الأن،
وفجأة بدون تفكير أو تردد رفعت يداي أخذت وجه "عائشة" بين يدي وأنهمرت قبلاتي على وجهها وخدها

لم أركز أين أطبع قبلتي علي وجهها، المهم انها بين يدي، جذبتها على صدري أختل توازنها وسقطت على، لكني نسيت تماما الوجع والألم الذي يملأ جسدي

بسبب تدمير "قايربيل" فيه، تآوهت بألن، أبتعدت "عائشة" عني بسرعة وهي تعتذر، لكني بسبب الألم لم أستطع حتى ان أقول لها "لابأس"

أشعر بعظامي وضلوعي محطمين كليا، قدمي أنكسرت لنصفان وخرج العظام المكسور من الجلد بسبب ضرب الطرقة عليها، قدماي محترقتان من نيران الموقد، شعرت بتألم شديد جدا جدا

أشفقت على حالي وتمنيت أن ابكي واصرخ من شدة الوع، لكنني أرفض أن ابدو ضعيفا أمام "عائشتي"
أعتذرت "عائشة" مني كثيرا

وجدتها تفعل أمرا أخر وهي تعتذر مرات ومرات، مررت يدها على جسدي كله، قدمي المكسوره عادت لوضعها الطبيعي بدون أن أشعر بأي ألم

كل ضلوعي وعظامي ألتئمت في غمضة عين، الدماء أختفت من على جسدي، الكدمات أختفت من وجهي، عاد جسدي سليما معافى بفضل الله ومساعدة "عائشة"

لكن أنا نفسيا كنت مدمرا جدا، لكن بالرغم من هذا وقفت على قدمي أجربها، سقطت جاثيا على الأرض أحمد ربي بكل ذرة من جسدي، لكن رغم عني بكيت بحرقه

ساندتني "عائشة" أوقفتني على قدمي مجددا، مسحت دموعي بأناملها الناعمه، لكني قلت لها بحزن:
_ "عائشة" أنا متعب بشده، ليس جسديا ولكن نفسيا، "عائشة" أريد منك خدمة أخرى، أريد

أن اصلح كل ما فسده "قايربيل" لكي يرضي الشيطان اللعين، ساعديني لكي أساعد كل ما اذاهم وسحرهم وجعل من أجسادهم مرتع للجان الخدم، أريد فعل الصواب يا "عائشة" هل ستساعديني كما تفعلين دوما؟ وهذا رجاء وليس أمرا مني.

حضنتني "عائشة" بشق الأنفس وهي تبكي على بكاءي، أنا أيضا حضنتها بقوة كأنها نهاية العالم وأريد أن ينفجر بنا وهي في حضني، تشبثت بها كــطوق نجاة لي

أبتعدت خطوة للخلف، نظرت في عيني وقالت بصدق:
_ انا معك في أي شئ يا "حسن" أيضا أنا موافقة أن تأمرني كما تشاء، أنا عبدة لك يا "حسن" كما أخبرتك سابقا وسأفعل كل ما تأمرني به حتى وأن طلبت مني--

أقبلت على شفتي وقبلتني بكل شوق ونهم، كانت أول مرة تفعلها هي، بادلتها القبل طوال الليل، لكني لم أنساق خلف وسواسي وأتخطى حدودي معها

في اليوم التالي، قمت بتخبئة الكتاب "جخام الكون" مع الكنوز التي خباها "قايربيل" ووضع عليها طلاسم خفي لا يمكن لغيره وغيري أن يعرفها حتى إبليس نفسه لا يمكنه الوصول إليهم.

قضيت الاسبوع التالي في زيارة كل من أذاهم "قايربيل" وتسبب في تدمير حياتهم، من كان ممسوس من الجان، أخرجته من عليه، من كان مسحورا، أخرجت العمل وأحرقت وقمت بصرف الجان عنه

كنت أحصن أجسادهم خوفا من إعادة التلبس أو المس أو حتى تجديد العمل في أي صورة اخرى.

أنا حقا لم أكن في حاجة إلى "عائشة" لأني وصلت لأعلى درجات العلم في عالم الجان، السحر، مخلوقات الأرض، المردة، الشياطين والأبالسه

الأن أستطيع أن أصرف الجن أو أحرقه، أستخرج العمل السفلي من مكانه بدون البحث عنه، لكني لن أنكر أن اللعين "قايربيل"
كان له دور في تعليمي وتزويد معرفتي بالكثير عن عوالم

الجان وخطورتهم، درجاتهم، منصابهم جميعاً، أعني يمكن القول بأنني أصبحت سيدا مستحقا لـــ"قلادة الحصان" وكتاب "جخام الكون" الوحيد والأوحد من نوعه

لكن بالرغم من كل هذا لم أحب أن أظهر لـــ"عائشة" بأنني لم أعد أحتاج لــمساعدتها بعد الأن، لم أفعل هذا، بل كنت أطلب مساعدتها على الدوام

لكن ذات يوم، ذهبنا إلى شاب أصغر مني بقليل، لكني حزنت على حاله كثيراً، بدا أنه وعائلته قد عانوا كثيرا بسبب التلبس هذا

المهم أنني تحدث على الجان الخادم الذي يتلبس الشاب المسكين، طلبت منه الخروج بسلام والعودة إلى عالمه، لكنه رفض بتكبر، وهذا طبيعي لدى معشر الجان

لكن إصرار هذا الخادم كان غريب، أضطررت أن أهدده بــ"قلادة الحصان" التي لم أنزعها من رقبتي ولن أفعل، أرتعب الخادم، خرج من أصبع الشاب

الشاب المسكين سقط فاقد الوعي، خرج هذا الخادم لكنني صدمت فور رؤيته أنا و"عائشة"، لم يكن خادم من الجان، بل كان أحد مردة الأبالسه

وقف أمامي بطوله الذي وصل للسقف، قرونه المعقوفة الضخمة أخترقت سقف الغرفه، نظر لي ببرود وهو يشير بيده المشعره، حوافر يده الضخمة لفتت نظري

لم أخاف منه فعليا، لكنني فقط صدمت منه، قال لي فجأة بصوت غليظ شامت وهو يشير على الشاب المسكين بحوافره المرعبه:
_ اتظن بأنني سلطت على هذا الطيني يا "حسن"!!

أنه فقط كان الطعم لأصطيادك أنت، لقد أتيت لك برسالة هامه، رسالة من العظيمة زوجة حامل الضياء المعظم، ملكت ملوك العشائر السفليه "سماهيل"

تخبرك مولاتي أنها عرفت بجريمتك أيها الوقح، عرفتك بسرقتك من قصرها كتاب "جخام الكون"، العظيمة لن تترك يا "حسن"، مولاتي العظيمة "سماهيل" ستنتقم منك أشد وأبشع إنتقام

وستسترد كتابه منك، وقلادتك العزيزه لن تحميك للأبد لا هي أو الخائنة لبنو جنسها "عائشة" هي أيضا لها حساب عسير مع العظيمه

أيضا ملاكك الحارس "روقيائيل" لن يستطيع مساعدتك أمام العظيمة زوجة حامل الضياء، أحذر يا "حسن" دوما نام بعين مفتوحه، لن تتوقع ضربتها القادمة أيها السارق المحتال المدعي.

أختفي المارد، وفجأة أشتعلت النيران في كل أركان الغرفه، أنفجرت مصابيح الشقة الواحد تلو الأخر، أنا و"عائشة" حملقنا في بعضنا بخوف
وفجأة رن هاتفي، حدقت في الرقم بصدمة وهلع.

"عودة إلى جوسلين"

تعمل بجد ولا تتوانى عن العمل، لكن ليس بسبب قضية المرأة والرجل والتساوي بينهم في العمل والمساواة وغيرها من تلك الأمور

بل تعمل بجد وتكدح لـــتنتقم من نفسها، فــشعورها بالذنب بسبب مقتل والدها و"حليم، رفيق، وموسى" كان يقتلها لحظة بعد لحظه، لكنها سمعت خلفها فجأة

هرج ومرج من الرجال وسمعت جملة لم تنتبه لها حينها:
_ لقد فعلتها مرة أخرى يا رجال، الممرضة فعلتها وقتلت زيدان الريس.

بعدها زاد صياح الرجال معها في المنجم، لم يكن صياح تعالي أو تمرد كما هو الحال بين هذه الفئة من المساجين، بل كانت صيحات رعب، هلع، فزع

سمعت "جوسلين" بوضوح جملة أخترقت أذنها:
_ ترى من منا سيحين دوره تاليا يا رجال.
ركضت خلف الرجال وهي قمة في الخوف، الغضب، الحده، والقلق

مزيج من مشاعر مختلطة غير مترابطة تدور في ذهنها حالا، توجهوا عبر الجبال الصخريه، وصلوا لمبنى السجن، دخلوا يركضون خلف بعضهم، حتى السجان نفسهم يركضون وسط المساجين وهم مذعورين

وهذا ما لفت إنتباه طجوسلينط فهذا أمر غريب بحقن متى أتفق السجان والسجناء على نفس الأمر وساروا معا جانبا إلى جانب بدون أن يتشاجر المساجين مع السجان

بدأت شعلة الهمة الصحفية تشتعل بها فجأة، نظرت بعيناها الثاقبة على أوجه الجميع حولها، علها تكون جريمة عاديه، احدهم قتل هذا الرجل "زيدان" وبسبب شئ غامض يجري هنا، يتم تلفيق جرائم القتل المكررة أسبوعيا، لهذا الشئ الغامض

عبرت معهم عبر دهليز مظلم نسبيا، مكان مقفر، مرعب، يشبه الهناجر المهجوره، وصلوا عند مكان ما يشبه المطبخ، اشمئزت "جوسلين" وهي ترى هذا المكان الذي يصنع فيه طعام السجناء، حتى الراحة كريهة جدا

لكنها تجمدت مكانها فجأه، رأت رفيق غرفة السجن الرجل المسن "زيدان" ملقى على وجهه ووجهه نفسه غير موجود، أنتزع وجهه كأنه سلخ من عليه، "جوسلين" بالفعل رأت الكثير من القتلى والضحايا

رأت جثث ممزقة لأشلاء بحكم عملها ك،،صحفيه، لكنها لم يسبق لها أن رأت جثة إنسان مسلوخة بهذا الشكل القاسي، شعرت بغثيان رهيب في معدتها

لكنها تحاملت على نفسها كي لا تفضح أمرها، لكنها تسرعت في هذا القرار، لأن بدأ الكثير من الرجال الاقوياء الأشداء يتقيئون في كل مكان.

الشكل العام للمطبخ أصبح مقزز لا يحتمل، خرجت "جوسلين" وهي تركض، جلست على أحدى الصخور بالخارج وأنهارت من البكاء، أمضت يوما عصيبا لا يحتمل

هي تعرف بأن أيامها في ذاك السجن محدودة جدا، وسيبدأ عذابها الحقيقي في اي لحظة بعدما يقرر "عيسى" وشقيقه فضح أمرها أمام الجميع كما وعدها

أمضت ليلتها في السجن رثيما يتم ترتيب أمر إحضار نزيل أخر معها في الغرفة الأشبه بالمقبره، مضت الليلة سيئه، مفزعه، مليئة بكوابيس رهيبه، في اليوم التالي كان الصمت ونظرات الخوف هي من تتحدث في السجن كله، تمنت "جوسلين" بشدة أن تسأل

السجناء عن حادثة "زيدان" والحوادث قبله، لكنها خشت أن تثير فضول الفضوليين، خاصة أن "عيسى موسلي" معروف عنه أنه رجل شرير، بلطجي، رجل عصابات خطير

أيضا لاحظت نظرات الشك فيها في عيون بعض المساجين، تجاهلتهم جميعا سابقا والأن لا يمكنها المجازقة بسؤال أيا كان عما يحدث فعليا في ذاك السجن اللعين

قررت أن تحقق بطريقتها هي، أثناء وقت الأستراحة دخلت للمطبخ، بحثت في كل مكان فيه، كانوا سبق وأزالوا دماء وأشلاء "زيدان" من هناك، لكن رائحة الموت لاتزال عابقة في المكان بشده.

بحثت في كل مكان عن شئ مجهول علها تصل إلى أي شيء يساعدها في فهم ما يجري هنا، لكن فجأة سمعت صوت خلفها يقول بتهكم:
_ يا مليون مرحبا، جئت إلى بقدمك يا حقير، دخلت عرين الاسد ولن تخرج منه حي.

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي