11 انا لست ساحر

"عودة إلى عائشة، حسن"

لم أصدق ما تقوله "عائشة" حقا، ولم أستوعبه جيدا أيضا، قلت لها بحيرة كبيرة:
_لقد بدأتي حقا تخرفين وتهذين يا "عائشة"، أي قرابين تلك التى تودين مني تقديمها لـٕـعشيرتك بحق السماء،

أولاً الساحر يفعل هذا مع الجن لــيستحوذ عليه، يسخره، يستعبده صراحة يا "عائشة"، لكن انا كيف تطلبين مني ان أفعل هذا؟

انا لا أريد ان أستحوذ على أيا منكم، لا أريد أستعباد اي احد يا مجنونه أنتي، لا تطلبي مني هذا يا "عائشة" فمن رابع المستحيلات أن أفعل هذا

أتطلبين مني ان اقدم لكم قرابين بشرية، اتريدينني أن اقتل بشر او أحضر لهم جثامين موتى ليأكلوهم

من المؤكد أنك فقدتي عقلك أخيراً، أيضا لما بحق الجحيم سأفعل هذا؟!

"عائشة" تحول وجهها البريئ الوديع لــوجه غاضب، نظرت لي نظرات نارية شعرت أنها تحرقني بها، كانت أول مرة تنظر لي

بغضب شديد هكذا، قالت بحدة غاضبه:
_ أسمع يا "حسن"، أنا لا أسمح لك أن تتحدث عن الجان هكذا، تأدب يا "حسن"

وتحدث عنهم بأحترام، أنت تعرف جيداً أنهم حولك يحيطون بك في كل مكان وزمان

وأيا ما ستقوله عليهم أو ضدهم سيصل إليهم، "حسن" لا تجعلني أغضب منك، ولا تضطرهم ان يغضبون عليك

أيضا أنت دائماً متسرع، مندفع في كلامك خاصة عن عشيرتي التي تسئ فهمهم دوماً، نحن لسنا من آكلى لحوم البشر

تلك أفعال الجنة الكافرة ونحن لسنا مثلهم، القربان المطلوب تقديمه لهم، هو أنت يا "حسن".

أنا فقدت أعصابي أخيراً، صرخت في وجهها بحده لدرجة أنها اغمضت عيناها من الخضه:
_مـــــاذا؟ ماذا تقولين أنتي أيتها المجنونة؟

أكملت كلامها بتوتر قليلا لأنها تعلم كم ساصدم مما ستقوله لي:
_ أنتظر حتى أنهي كلامي يا"حسن" أنت فقط ستقدم روحك قربان لهم، ستفعل هذا لتثبت حسن نواياك فقط، هذا كل ما في الامر

هنا انا فقدت أعصابي كليا، أنفجرت فيها قائلا بغضب:
_ ماذا تقولين بحق الجحيم؟ الأن أنا متأكد بأنك فقدت عقلك كليا بعد رؤيتك لجبل إبليس

أتريدين مني أن أقدم روحي لــعشيرتك، كيف أفعل هذا بحق الجحيم يا حمقاء؟

هل أذهب لورشة خياطة وأطلب منهم قص روحي من جسدي وتفصيل روحا أخرى بديلة لأتحرك بها، ما خطبك يا "عائشة" بحق؟أنا أرى انك فقدتي صوابك.
حدقت بي بعدم تصديق ثم صاحب بــنفاذ صير:
_ ما خطبك يا "حسن" تريث قليلا وكف عن القفز إلى الإستنتاجات الخاطئة بحق السماء، من طلب منك أن تفصل أو عن جسدك أو اي شئ مشابه، "حسن" أنت بــمنتهى البساطة ستشرب

من كأس المملوك، كأس شرب منه كل ساحر أبيض عظيم وهب حياته وكل مسؤولياته لــمساعدتة البشر من أذي الجن، أن هذه هي الترضية أو الضمان لملوك عشائر الجان كي يطمئنوا أن

الساحر لن ينقلب على عاقبيه ويخون العهد معه، بعدما ستشرب من هذا الكأس ستخرج من بين شفتاك نقطة زرقاء وهي النطفة التي خلقت منها

وإذا، إذا لاقدر الله خنت عهدك وقسمك مع الجان يستطيعون تدميرك والقضاء عليك بسبب نطفتك تلك، وهذه يا حسن هي ترضية الجن

أفعلها يا "حسن" أفعل هذا لأجلي، وأنا واثقة بأنك من المستحيل أن تحاول أذيتنا مطلقا، أنا عندي ثقة عمياء بك، ومن المؤكد أنك لن تؤذى من عشيرتنا

بل بالعكس سيكون لك حلفاء من ملوك الجن ولــسوف يساعدونك في كل شئ، أفعل هذه الترضية يا "حسن" وأنا أضمن لك حياة عائلتك.

"عودة إلى رقيه"
حملقت الفتاة في السيدة "لاشين" بصدمة وذعر! كلام غريب لا يعقل، لكن لماذا ستكذب المرأة الكبيره؟ نقلت "رقيه" نظراتها بين الوالدين

وقالت بتوتر:
_ أعذريني سيدتي على كلامي هذا، بالفعل قصة عائلتك تبدو وهمية جدا، لكن ما تعلمته في سنوات عمري التاسعة والعشرون هو أن لا يوجد ما هو مستحيل، لكن سؤالي أنا لك يا أمي، كيف تعرفون الفتاة المختارة تلك؟ أعتذر عن تطفلي لكن ماذا قصدتي بكلمة الخاتم أخطأ مجددا؟

نظر الوالدين لبعضهم بحزن، لكن الوالد قال:
_ تقريبا نفس الكلام يا أبنتي، مجرد سحر باحت، أخبرنا الشيخ أنه عندما تقترب تلك الفتاة من منزلنا، سيضئ الخاتم في يد "يوسف" أبني، وهذا حدث منذ ليلتان

كان في ورشته الموجودة أمام المنزل عندما أضاء خاتمه، لم يسرع للمنزل ويخبرنا في وقتها

بل أنتظر حتى أنهى عمله وأخبرنا ونحن نتعشى معا، لقد مل وضجر من قصة الزواج هذا ولم يعد يكترث للأمر، نعتقد بأنه فقط يأس، المهم

أننا تشاجرنا معه لأننا لم نذكر أي فتاة آتت لــمنزلنا لأنه في هذا اليوم بالذات كان والدي الأصغر "رامي" يتشاجر كــعادته ودخل منزلنا العشرات من الفتيات كما يحدث

في كل مرة، ومنذ ذاك الحين واالدته تبحث عن تلك الفتاة، لكنها لم تجدها وسط جيراننا، بل تذكرت أبنتي الصغيرة "رحمه" أنك جئتي تسألين عن سبب إنقطاع المياه بعد عودتك من عملك،
لهذا جئنا إليك يا أبنتي وكلنا أمل أن تقبلي بمساعدتنا، لك منا كل التقدير والشكر هذا بالإضافة للمبلغ الذي تحددينه.

"رقيه" أرعبها الكلام هذا أكثر، ليس خوفا من الجن وكل هذا الكلام، بل خافت من قصة الزواج عامة، لأنها أقسمت أن لا تسلم روحها، جسدها، أمرها ككل إلى رجل يتحكم بها، يملي أوامره عليها، يصب غضبه وغروره فيها

لكنها في نفس الوقت شعرت أن تلك العائلة في حاجة لــمساعدتها حقا، وهذا مالم تجده مطلقا، قالت لــنفسها وما المانع من التجربه؟ ما العيب في العيش وسط عائلة كبيره

عائلة تشعر وسطها أنها فردا منهم، وهذا ما أفتقدته طوال عمرها، نظرت لهم وهي تؤمي برأسها وتقول لهم:
_ هل يمكنكم تركي لأفكر قليلا، سوف أستخير الله عز وجل وأرد إليكم خبرا في الغد، موافقون.

أضطر الوالدان أن يوافقا على طلبها وهذا طبيعي، لكن "رقيه" كانت موافقة بالفعل، لكنها قررت التريث وعدم التسرع

أيضا أرادت أن ترى أبنهم هذا أنهم يقولون أنه يعمل في الورشة أمام المنزل، وهي لا تعرف أيا من أبناءهم الخمس من الرجال، أما الفتيات فهي تعرفهم

في المساء وقفت في شرفة غرفتها التي تطل على الشارع الأمامي للمنزل مباشرة، بحثت بــعيناها عنه وسط عمال الررشة، لم تستطع تميز أي واحد منهم هو يوسف.

كبرت عقلها ودخلت تنام وقررت أن تخبرهم بموافقتها على الأقتران بنجلهم في الغد بعد الإنتهاء من عملها.

"عودة إلى جوسلين"

شعرت "جوسلين" بيدها تتحطم من جراء ضرب الفأس في الجدار الصلبة جداً، نظرت حولها رأت الرجال يعملون بلا كلل أو ملل

بل يبدو أن كلا منهم يبدو مستمتعا بما يفعله، بل كأن كل واحد فيهم يتباهى بتفاخر بــقوة عضلات يده

أستغلت "جوسلين" أنشغال الحرس في الثرثرة خارج المنجم، وتسللت مبتعدة وهي تدعي أنها ستدخن سيجارة

جلست على صخرة مبتعدة قليلا عن حشد الرجال، توارت بعض الشئ عنهم، ودت أن تذهب للمرحاض، لكنها لا يمكن أن تخاطر بــفعل هذا هنا.

خشت دخول أحد الرجال عليها فجأة، فبحثت بـعيناها عن مكان بعيد منزوي قليلا، وجدته أخيرا بعد بحث طويل

كادت أن تنزع سروالها، لكنها فجأة وجدت نفسها دارت في حلقة مفرغة، وجدت نفسها وقد عادت لــحشد الرجال من الخلف،

تضايقت وكادت أن تخرج لهم وتتحمل قليلا حتى وقت البريك، أوشكت على الخروج، لكنها فجأة سمعت بعض الرجال يتهامسون بأسمها

سمعت أحدهم يقول للأخر:
_ على قولك يا رجل، من كان يصدق أن الأسطورة "عيسى نوسلي" مجرد رجل تافه، أتصدق بأنه يتحاشى أتفه المشاكل.

رد الأخر بأشمئزاز:
_ نعم أعرف لقد رأيته وهو يتنازل عن قطعة اللحم خاصته للوغد القذر "عبسلام" تخيل يا رجل بأنني رأيت يده وهي ترتعش

لقد ظننت بأنه سيتبول على نفسه يا صاح.

ضحك الرجل ضحكة شيطانيه، لكن الأخر قال له بسخط:
_ أتعرف يا "بندق" أنا حقا أشك أن هذا الحقير هو "عيسى نوسلي"، لقد كنت أعمل

لدى رجل خطير جدا يدعى " الأدهم"، من المؤكد انك تعرفه، أتعلم أن "نوسلي" هو من قضى على الأدهم وكل عصابته

أنا وبعض الرجال أعترفنا على أنفسنا كي نهرب منه، أنت لا تعرف "نوسلي"، هذا الرجل عندما تخلق عداوة معه، سوف يقضى عليك لكن ليس قبل القضاء على كل عائلتك أولا

وأمام عيناك ايضا، بعدها يقضي على تجارتك، ثم رجالك، ثم يستحوذ على أملاكك وكل أسلحتك أن كنت تاجر أسلحة

او على بضاعتك أن كنت تاجر صنف، هذا الــ" نوسلي" لا يرحم، رجل مصنوع من حجر، لكن هذا السجين الذي معنا انا حقا لا أعرفه

كيف بحق الجحيم يكون هو نفسه "عيسى نوسلي" الذي لا يهاب شيئا البته؟

قال الأخر ضاحكا:
_ يا صاح لا تهتم كثيرا، إن كان هو ذاك الــ"نوسلي" الذي تعرفه أم فقط هو نسخة مقلدة منه لم يعد هذا مهم، سوف يقضي عليه العقرب اليوم.

قال الأخر بحماس غريب:
_ نعم سمعت هذا أيضا، فــاليوم بعد البريك لأنش، سيفتعل رجال العقرب مشكلة مع بعضهم البعض

ويستغل العقرب أنشغال الحرس في فض الأشتباك المزيف ويجر العقرب هذا المزيف "نوسلي"

خلف الجبال تجاه الوادي الكبير، لقد دفع رشوة للحارس لكي يتركه يعبر، سيقتل العقرب "عيسى نوسلي"

ويلقي به في الوادي الكبير، أتعرف لقد سمعت عن هذا الوداي وفهمت أنه يرعب كل الحرس هنا والسجناء القدماء، أتعرف السبب خلف هذا الرعب من مكان كهذا يا رجل؟!

ضحك "بندق" بتهكم وقال له:
_ ياااه يا صاح، قصة هذا المكان غريبة ومرعبة لبعض الشباب الويزو، لكن بالنسبة لنا فــهي قصة سخيفة مضحكة، منذ ما يقارب سبعة عشر عاما

كان السجناء يعملون في مناجم الوادي كما نعمل هنا وعندما وصلوا بالحفر إلى ذاك المنجم المشؤوم وجدوا بداخل الكثير من الألماس والأحجار الكريمة النادره

لكن يا رجل لم يخرج أيا من الكنوز تلك من المنجم، كل العاملين قتلوا هناك بطريقة غامضة، دخل الحرس وقتلوا أيضا، أرسلت وزارة الداخلية بعض الخيالة لأستكشاف الأمر ومن دخل منهم لم يخرج مجددا

حاولت الشرطة كثيرا أن تستولي على كنوز ذاك المنجم لكن لم يخرج أحدا منهم حي، ظنوا أن هناك مخلوق مفترس يعيش بالداخل ويفترس كل من يدخل ذاك المنجم

فــأرسلوا في طلب أفضل الصيادين العرب ودفعوا لهم مئات الدولارات يا رجل، وأيضا لم يخرج أي صياد منهم جتى الجثث لا يعرفون مصيرها

أخر ما نفذ صبرهم توجهوا للدجل والشعوذة، أحضروا مشايخ، قساوسة، روحانين عالميين، وبالرغم من كل هذا لم يستخرجوا كنوز المنجم

بل أن كل رجل دين يقف عند باب المنجم، يهرب من أمامه مفزوع كأنه رآى الشيطان الرجيم بالداخل، أخر شئ فعلوه بشأن المنجم أن يفجروه وهنا أنطلقت لعنة القتل على الوادي كله


قتل كل السجناء والحرس الذين يعملون هناك، وصل بهم الحال أن قرروا إغلاق الجزيرة، لكنهم خافوا من إنتشار الخبر بأن هناك كنوزا على متن الجزيرة وبالتالي

يتوافد التجار ورجال الأعمال المشبوهين، القراصنة وغيرهم ممن يسعون بحثا عن الكنوز، ويبدأ سفك الدماء
على الجزيرة من أجل الحصول على ثرواتها

لهذا خصصوا سجن الجزيرة للسجناء الأشد خطورة في البلد كلها، أوقفوا الإعدام لهم ويرسلونهم إلى هنا من أجل العمل الشاق وأيضا أستخراج الكنوز لهم وإن

مات أيا منهم كما يحدث الأن أسبوعيا، لا يهتم أحد بموته لأنه يعد في المجتمع مجرما، سفاحا، إرهابيا، أيا كان مدى سوء إجرامه فهو في نظر المجتمع يستحق ميتة بشعة كــتلك التي يموت بها هنا

هل فهمت الأن يا صاح حقيقة ما يحدث هنا تحديدا؟

حدق فيه الرجل بصدمة وقال بذعر:
_ وهل ترى أنت أن هذا شئ مضحك يا رجل؟ ألا تعرف بأن الأماكن المهجورة يسكنها الجان ومن المؤكد أن تلك الجزيرة بأكملها

مرتع لــعشائر الجان المؤذي جدا، أنها حقا قسوة كبيرة أن يضعوننا هنا في وجه المدفع لأجل تحقيق أطماعهم الشخصية، حقا شرطة تلك البلد حقيرة جدا وتستحق القتل والذبح.

كتم الرجل فمه وقال له وهو ينظر حوله بقلق:
_ اغلق فمك اللعين هذا، أن سمعك أيا من الحرس ستعاقب عقاب إنفرادي وهل تعلم أين يكمن الحجز الغنفرادي يا رجل؟

هز الرجل الأخر رأسه علامة النفي، أكمل "بندق" بقلق:
_ أنه على أطراف الوادي، الحجز الإنفرادي من الدرجة الثالثة، من يخطئ أو يذنب، أو يشاغب، يقضى ليلة من أسوء أيام حياته في حفرة منفردة بداخل هذا الحجز، اتريد أن تقضي هناك شهرا كاملا يا أحمق.

هز رأسه نفيا بسرعة، أكمل "بندق" وهو يرفع يده من على فم الرجل:
_ إذن ضع حذاءك العفن في فمك ولا تتحدث بالسوء عنهم مرة أخرى وألا أنت من سيندم أشد الندم

أتعرف كم من الذين ذهبوا إلى هناك وعاد حي، لا أحد يا رجل، من يذهب هناك أما يجن جنونه ويرسلونه إلى مصر إلى الخانكة، أو يقتل نفسه بقطع شرايين يده، أو يجدونه ممزق الأطراف كأنه كان مكبل من أطرافه

في سيارة كارو ويشده أربعة أحصنة من كل الأتجاهات وهذا العقاب كان ينفذ زمان في السجناء المحكوم عليهم بالإعدام، ألا تقرأ تاريخ الجرائم يا رجل.

هز الرجل رأسه نفيا وهو يرتعش من الخوف، أشار له "بندق" برأسه وهو يقول:
_ حسنا عليك بالبدء في القراءة، فأنت لايزال أمامك ثمان عشرة عام تقضيهم هنا، عليك بتثقيف نفسك قبل أن تمزق أنت أيضا.

الكلام أخاف الرجلان معا، خرجا معا بعدما قام الحارس بإطلاق صافرة البريك، "جوسلين" وضعت يدها على رأسها كي تستوعب كل ما قيل الأن

لقد أنكشف سر الجزيرة بالصدفة وأيضا هي ستقتل بعد دقائق معدودة، لا يمكنها أن تظل هنا فالحرس سوف يأتون بحثا عنها وستعاقب أن وجدوها مختبئة هكذا

وأن خرجت لتناول الطعام، ستحدث المشاجرة المتفق عليها وستكون على موعد لمواجهة العقرب الذي ينتظر بفارغ الصبر أن يخرج أحشاءها بيده ويلقي بها في وادي الجان اللعين.

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي