21، بداية عشق رقيه

"عودة إلى رقيه ويوسف"
نهض "يوسف" من على الفراش وتوجه صوب الأريكة، حدقت له "رقيه" برعب خافت أن يضربها

لكنه أنحنى عليها وقال لها بهمس:
_أنا غريب إذا، حسنا، سأعرفك كيف أكون غريبا بعد الأن؟

رفعها بين يديه وهي مستسلمة كليا، كأنها تمنت هذا، سار بها تجاه فراشه، أنزلها بجوار الفراش أوقفها على قدمها، قالت له بهمس والرغبة تملأ صوتها وكل كيانها:
_ماذا ستفعل بي؟

_سوف ترين بنفسك.

مسك شعرها بقوت وانهال على رقبتها يقبلها بشغف وجنون، "رقيه" مستسلمة له وهي تسمح لتلك النيرلن المتأججة بكيانها تسرب إليها وتتركها تأكلها بلذة العشق

أقبل "يوسف" على شفتيها يقبلها بنهم كأنها حبات كريز كما رآها أول مرة على حقيقتها، بدا أنه يتناولها بتمتع وشغف

أستمرا في تبادل القبل الحارة، لم ارد أن يتركها أو يبتعد عنها، فجأة رفعها على الفراش برغبة مجنونة، بدأ ينزع عنها ثيابها، لكن هنا دب الرعب قلبها، مسكت يده وقالت له بخوف:
_"يوسف" ماذا تفعل؟

نظر لها بصدمة! فجأة ضحك بصوت عال، قال لها بتساؤل:
_ألا تعرفين حقا ما أفعل؟ "رقيه" أنتي زوجتي، حلالي، ملكي، سأفعل معك ما يفعله المتزوجون، لا تخافي من شئ، ألم يخبرك أحدهم ماذا يفعل المتزوجون؟

هزت رأسها بخوف وهي تقول:
_لا يا "يوسف"، أنا لا أعرف أي شئ عن الحياة الزوجية أو ما يحدث بين الزوجين؟

حدق فيها بجدية وأستغراب، أردف قائلا بجدية لــيطمئنها:
_لا، عليكي أن تعرفي هذا جيدا، أنتي زوجتي، جسدك هذا ملكي شرعا وقانونا، من حقي أنا فقط أن أمتلكك

وهذا ما سأفعله الأن، سوف أمتلك جسدك وروحك، لا تخافي من شئ يا "رقيه"، ستشعرين أن الأمر مؤلم قليلا في البداية، لكن بعد هذا اليوم سوف تطلبين أنتي مني فعل هذا معك، سوف تحبينه كثيرا أعدك بهذا

وأن كنت لازلتي خائقة، أغلقي عيناكي وأتركي الأمر لي، أتفقنا.

أومأت له إيجابا وهي ترتعش بخوف، تركته ينزع ثيابها عنهان بدأ يقبل جسدها بلهفة، جعل القشعريرة تملأها حتى العنق، سعدت بهذا الشعور كثيرا وتمنت أن لا يتوقف أبدا

كانت خجلة من أن تفتح عيناها، لكنها عاد يقبل عنها وشفتاها، رغم عنها أصدرت تآوهات السعادة، فتحت عيناها وهي تنظر لبعيد، لكن فجأة

رآت الغول يقف في الركن المظلم ويحدق فيهم بغضب، خافت "رقيه" أن يرآه "يوسف" ويختف ويبتعد عنها، حدقت "رقيه" في الغول، كأنها تأمره بنظراتها أن يبتعد

بالفعل بدأ الغول يبتعد حتى ألتصق في الجدار وأختفى بداخله، أرتاحت "رقيه" وفرحت لأنها أستطاعت أن تبعده ولو مؤقتا،

هي أيضا أختفت في عالم جديد عليها، عالم تملأه المتعة الحقيقة والرغبة الجميلة، تمنت "رقيه" أن يطول الليل ولا ينتهي، أخذها "يوسف" في حضنه طوال الليل.

في الصباح التالي، أستيقظت طرقيه" باكرا عن زوجها، كانت كــالطير يرفرف مكانه بكل سعادة وهو يستقبل الشروق الجديد المنعش

خرجت للصالة تجلس مع العائلة، لم تبغي أن توقظ زوجها، تركته ينعم بــنوم جميل هادئ، بعد قليل طلبت أم "زين" من أبنتها "يسر" أن توقظ "يوسف" لــيخرج لــعمله

حزنت "رقيه" لأنها تمنت أن توقظه هي، لكن لشدة صدمتها وحزنها، خرج "يوسف خلف شقيقته، أخذ حمامه المعتاد، تناول فطوره سريعا، وخرج لــعمله في الورشة دون أن يلقي عليها تحية الصباح

أو ينظر لها بمودة حتى، كأن ما جرى بينهم ليلة أمس لم يحدث من الأساس، شعرت بحزن وخيبة أمل، حتى ظنت بأنه كان حلم وليست حقيقة عاشتها بكل تفاصيلها بين يداه.

أنتظرت "رقيه" عودته بــفارغ الصبر، عله لم يكن في كامل وعيه صباحا وسيتذكر ما حدث بينهم أثناء نهار عمله

لكن لشدة خيبتها، عاد "يوسف" مساءاً في موعده، تناول العشاء مع العائلة كــالمعتاد ولم يلقي بالا لها، كأنها كائن شفاف غير مرئي بالنسبة له.

خرج "يوسف" مع أشقاءه للوقوف مع رفاقهم ككل ليلة، بمعنى أنه لا شئ تغير بالنسبة له، حزنت "رقيه" ضجرت بشدة

أستئذنت الجميع ودخلت غرفته، حاولت أن تنام قبل أن يدخل هو وتتصادم معه، نامت على الأريكة كعادتها في منزله

لكن لــسوء حظها لن تنام بسهولة، انهالت على رأسها ذكرياتها معه ليلة أمس وهي تنظر للفراش خاصته بشوق كبير

ولتكتمل خيبتها، دخل الغرفة بعد قليل من الوقت، وجدها تنام على الأريكة، نادها بصوته الخشن:
_"رقيه"، أنتي يا فتاة، ألا تسمعي.

جلست مجبرة وقالت له بحزن:
_نعم، ماذا تريد؟
_لما تنامين هناك على الأريكة؟
_إذا أين أنام أنا؟

نظر لها بعيناه الحادتان وقال لها بخبث:
_حقا، هل ستدعين أمامي الجهل والغباء؟ أنهضي هيا، ستنامين بجواري، هيا أسرعي.

وقفت وأقتربت منه على أستحياء، قال لها بهيام أمر:
_ألا تريدين النوم بجواري؟
_بلى أريد.
_ألا تريدين مني أن أفعل بك ما فعلته ليلة أمس مرة أخرى؟
هزت رأسها بحرج شديد وقالت له:
_بلى أريد.

رفع رأسها بأطراف يده، حدق في عيناها الرمادية وسألها بخبث أكبر:
_قولي نعم أريدك.

شعرت أنها تحترق من الخجل، أخفضت رأسها أرضا وقالت له بحرج شديد:
_نعم أريدك.
_لم أسمع هذا جيدا، قوليها بصوت عال لأسمعك وأفعلها معك مجددا.

شعرت أن الحرج تلاشى من وقاحته، نظرت في عيناه وقالت بصوت عال على مقدار غرفتهم:
_نعم أريـــــــدك وبشدة.

ضحك بصوت عال وقال لها لــيغيظها:
_ما الذي تريدينه مني تحديدا؟

ضحكت من كل قلبها، أرتمت في حضنه، ضمها بقوة بين يداه، قبل عنقها جعل القشعريرة تعود إليها بــقوة ونشوى، لكن "رقيه"، شعرت بكم من الحنان والأمان في حضنه وبين يداه لم تشعر بهم في حياتها قط، فجأة تذكرت أمرا هاما

لم تعرف يوما والديها الحقيقين، تربت وترعرت في ملجأ، وقد هربت منه قبل أن تتم عامها الرابع عشر بسبب تهجم مدير الملجأ عليها ومحاولة أغتصابه لها

كما فعل مع الكثير من زميلاتها، ضربته بأداه حاده على رأسه وهربت من المكان، منذ ذاك الحين وهي تعيش في الشوارع حتى وجدت طريقة تخفي بها جمالها

وتعمل كــالرجال في المهن الحرة، ومنها أستطاعت أن تأخذ سكن لــنفسها وتحتمي بين أربعة جدران من الناس، برد الشتاء القارس، من وحوش العالم الذين طالما طاردوها لأنها كانت فريسة سهلة لهم.

عودة كل تلك الذكريات المؤلمة لها جعلتها تبكي رغما عنها، لاحظ "يوسف" دموعها، مسك وجهها وهو مصدوم خائف، سألها بقلق:
_ما الخطب "رقيه"؟ ألا تريدين مني أن ألمسك؟ هل أؤذيكي دون قصد مني؟

هزت رأسها نفيها بسرعة وهي تبكي بحرقة وتقول له:
_لا، بالطبع لا.

_إذا لما كل هذا البكاء الحار؟

_أنت لا تعرف شيئا عني، "يوسف" أنا لم يسبق لي أن شعرت بالأمان كما أشعر به وأنا بين يدك، لم أفهم يوما معنى الحنان، العطف سوى معك أنت، لم يربت أحدا يوما على كتفي أو يهون علي قسوة الأيام

لقد ترعرت في ملجأ أيتام، لم أعرف يوما والداي، لقد تعرضت لــقسوة شديدة من البشر ولم يحن علي أحدهم يوما، لكن في حضنك أنت رأيت أجمل معاني للحنان والأمان "يوسف" أرجوك، أتوسل إليك

لا تهجرني أبدا، لا تبعدني عنك، لا تتركني أو تكرهني يوما، أرجوك ظل معي دائما، لا تبعد حضنك عني أبدا، أنا أراك حصني، قوتي، أريد أن أستمد الشجاعة منك كي أنسى كل حياتي السابقة.

"يوسف" فاجأها بقبلة قوية عنيفة على شفتيها، ترك شفتاها، قبل وجهها، عيناها، دموعها، جعلها تضحك بعد البكاء، أبعدها قليلا ونظر لوجهها

مسح دموعها برقة وقال لها بمشاكسة:
_ستظلين في حضني للأبد، هيا تعالي لأعرفك معنى الحنان كما قال الكتاب.

حملها بين يده القوية، ألقى بها على الفراش، قفز عليها كأنه يقفز في بركة مياه، ضحكت من كل قلبها، بدأ يقبلها بجنون من وجهها، صدرها، كل جسدها

لم تتوقف عن الضحك الهستيري، لكنه أبتعد عنها فجأة، نظرت له بتعجب وهي تحاول التوقف عن الضحك، وجدته يقول لها وهو ينزع ثيابه بعنف:
_أخرسي قليلا، أنتهى وقت المزاح، جاء وقت العمل الجدي الأن.

أبتسمت وهو يلقي بجسده الضخم عليها ويقبها بقوة ويأخذها لذاك العالم الذي ظنت طوال اليوم أنه كان حلما جميلا تمنت أن ترآه مجددا، الأن "يوسف" يحققه لها بكل تفاصيله، بل وأكثر نظرا لأنها أصبحت بالفعل ملكا له ولن تتعبه كــالليلة السابقة حينما كانت عذراء.

"عودة إلى جوسلين والعقرب"
أدعى "عماد" أنه يركض بينهم، لكنه عاد للخلف وتأكد بأن الجميع ذهب تجاه المنطقة الأولي، عاد بسرعة إلى جوسلين، ألقى بالصخور من عليها، نظرت له بصدمة! مسك يدها وقال لها بلا تردد:
_هيا "جوسي" سنهرب الأن، لقد أنكشف أمري أنا أيضا.

_ألى أين عماد؟ من المؤكد أنهم يحاصرون المناطق كلها الأن، لن يتركنا اللواء بسهولة.

_لا أهتم، هيا بنا الأن وأنا على يقين بأننا سنجد مهربا منهم.

مد يده لها، مسكتها وركضا معا صوب الجهة الغربية تجاه وادي الموت مباشرة، لكن أثناء ركضهم سمعا صراخات مفزعة مصدرها االجهة التي يركضان فيها، حدقا لــبعضهم بصدمة.

وقف "عماد" ينظر حول نفسه، قالت له "جوسلين" فجأة:
_ألم تقل لي سابقا أنك من أقدم السجناء هنا وقد قمت بالعمل الشاق في كل أرجاء الجزيرة الملعونة تلك؟ إذا من المؤكد أنك تعرف طرقا بين الجبال أو بداخل الأحراش لا يعرفها أحد الحرس لأن معظمهم شباب لا يتجاوز الثلاثون عام

هيا يا "عقرب" فكر قليلا، ستتذكر طرقا كثيرا، هيا أسرع قبل أن يصل كل من بالجزيرة إلى هنا بسبب تلك الصرخات.

عض "عماد" شفتيه بتفكير عميق، لمح طرف الشلال بعيناه، تذكر أن هناك طريق سري أكتشفه هو وبعض الرجال سابقا خلف مياه الشلال مباشرة

تذكر أيضا أنه من الخطير جدا العبور فوق الشلال أو السباحة فيه بسبب الصخور الحادة الموجودة في عمق البكة التي يصب الشلال فيها والقريبة جدا من سطح المياه، عمق بركة الشلال لا يتجاوز المتران، لهذا منع منعا باتا الأقتراب من الشلال أو السباحة فيه، هناك شلال أصغر منه يأخذون منه مياه الشرب.

ضربها "عماد" على يدها ليثير أنتباهها، نظرت له أشار لها على الشلال البعيد وهو يقول لها:
_لديك حق في قولك هذان أترين هذا الشلال هنا، هيا بنا نصل إليه، هيا.

أومأت له وركضت معه تجاه الشلال، مرا بصعوبات كثيرة وهم يركضون بكل جهدهم حتى وصلا على مشارف البقعة الخطرة، الصخور تحاوط المكان كله كأنهم حرس يمنعون أي أحد من الدخول، أو الخروج من وإلى الشلال.

وقفا يلتقطا أنفاسهم بصعوبة وهم أمام تلك الصخور، قال "عماد" وهو يلتقط أنفاسه:
_هناك خلف مياه الشلال طريق متعرج أشبه بالكهف الصغير، لكن لم يجرؤ أيا منا على الدخول إليه، يقال بأنه مسكون بغول مفزع يخرج ليلا ويعوي

في المنطقة كلها، ومن يجرؤ على الأقتراب من الشلال لا يعود مجددا، وهناك أقاويل كثيرة عن جرائم لم تحل حدثت هنا بالذات، لكن الشرطة قالت للسجناء أن الصخور تلك هي العقبة التي تمنعهم من الإقتراب من الشلال

لكن أنا والرجال جئنا بالعند إلى هنا وكانت أسوء خطة قمنا بتنفيذها معا، لهذا لم أفكر في هذا الطريق قبلا، لكن للضرورة أحكام، لقد حكم علينا بالهلاك، هيا الأن نختبئ وهناك سأكمل لك كل شئ.

خافت "جوسلين" بشدة، قالت له وهي تنظر للشلال، الصخور حوله، للمياه والبركة المقبضة:
_لكن يا "عماد" أليس من الخطير علينا أن نعبر تلك الصخور؟ أعني أن أختل توازن أحدنا سوف نقتل على الفور.

وقف "عماد" معتدلا ويداه على خصره، قال لها وهو ينظر للصخور بثقة:
_حسنا من تلك الجهة لا تخافي من شئ، فــأنا مشهور بالتوازن والثبات، هيا سأحملك وأسي بك حتى نقف على أرض البركة.

نظرت له بــأمتنان كبير، حملها "العقرب" وبدأ يخطو بثقة بين الصخور المدببة الخطرة، وصلا لــمنتصف الطريق تقريبا، وفجأة.

"عودة إلى حسن وعائشة"
لكن فجأة سمعت صوت خلفي يقول بتهكم ساخر:
_حقا يا "حسن"، وماذا رأيت أنت؟

صوت غليظ خشن بشع، أوقع قلبي بين ضلوعي، أستدرت حول نفسي بسرعة، ورأيت ما أفزعني مجددا، رأيت مخلوق طويل جدا بظهر محني يركض بسرعة غير معقولة وأختبئ خلف شجرة ضخمة مرعبه.

حملقت في الشجرة الأشبة بإمرأة ضخمة عملاقة عجوز شمطاء بــشعر مشعث يثير الفزع في قلوب الصغار والكبار، عدت بـقدمي للخلف خطوة خلف خطوة

سرت ببطء، استدرت، ركضت بكل ما أؤتيت من قوة، أستدرت خلفي كــالمجنون وأنا أركض، لكن لم آرى أيا أحد أو أي مسخ يلاحقني، لما أركض بحق الجحيم؟

وقفت أخذ نفسي وأنا أحاول ممارسة ضبط النفس لأستطيع ان أكمل رحلة العذاب تلك، عدلت قامتي، وقفت لآرى أين أنا؟ وجدتني في مكان يشبه القرية أو البلدة الريفية التقلديه

مكان فارغ، مهجور، منازل مكونة من طابقين متهالكة تبدو قديمة بقدم الزمن، أرى حظيرة خيل على يميني، خلفها أرض زراعية خالية من أي زرع هناك على مرمى البصر

سمعت صوت ضعيف يخرج من إحدى تلك المنازل الهالكة، أقتربت ببطء وأنا أمني النفس أن آرى بشر طبيعين ولو لــمرة في ذاك المكان اللعين

وصلت للمنزل أسفل نافذة من الطابق الأول، رفعت جسدي كي أنظر داخل المنزل، لكنني لم آرى أي أحد، لكنني أسمع صوت أناس يتحدثون بصوت ضعيف

ثيئست من محاولة إيجاد أو رؤية أحدهم في هذا المنزل، عدت للخلف ووقفت في منتصف الطريق مجددا، رآيت هناك بالقرب مني مبنى يشبه المدرسة

حدقت فيها قليلا، شعرت أنني آرى أطياف طلاب تتحدك داخل المبنى، فجأة صدر صوت جرس المدرسة المعروف، دوى صوته كــصوت آنين عال مزعج جدا في أذني، لكن لتكتمل الغرابة

بدأت أسمع صوت طلاب كثيرين يهمهمون بأصوات عالية، صوت طابور الصباح وتحية العلم المعروفة، أصوات الطلبة وهم يتحدثون، يلعبون، يصيحون كأي أطفال عاديين في مدرستهم

لكن لماذا لا آرى أي أحد؟ لكن فجأة، حدث شئ غريب لم أفهمه، مرت سحابة رمادية طوليه أمام عيني، فجأة المشهد تبدل كليا، أصبح المكان حولي ملون

كأنني خرجت من فيلم كلاسيكي قديم إلى فيلم ملون حديث، رىيت المكان حولي دبت فيه الحياة، الأرض الزراعية الخاوية اصبحت مليئة بالزرع والخضرة النضرة

المدرسة تعج بالطبية والمدرسين الذين يقفون في كل دور من أدوار البناية، المنازل حولي أصبحت تضج بالحياة وتخرج الأصوات منها بوضوح

وأناس في شرفات منازلهم تطل منها، يخرجون ويدخلون منازلهم، وهناك بائعين يتجولون ببضائعهم في الطرق، أشخاص تذرع الأرض ذهابا إيابا تحت ضوء الشمس الساطعة

لكن الغريب هو ثيابهم القديمة، تبدو من فترة السبعينات مثلا، والأغرب أنهم يمرون من حولي ولم يلاحظ أو يستغرب وجودي أحدهم، كأنني شفاف بالنسبة لهم.

فجأة أخرى بدأ المشهد يتبدل وأصبحت الصورة سريعة كأن أحدهم ضغط زر تسريع الصورة، أنتهى النهار وأقبل الليل، عاد الناس لــمنازلهم، خرج الطلبة من المدرسة والكل أصبح في منزله مع أسرته بعدها هدوء تام

يمر الليل سريعا، يأتي الفجر، ينزل المصلين لأداء صلاة الفجر، بعدها تشرق الشمس ويعاد روتين اليوم السابق وهكذا، مرت بضعة أيام بنفس الشكل في صورة سريعة جدا وفجأة.

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي