27،نهاية رجل ظالم

"عودة إلى حسن وعائشة"
أركض بعزم ما في من قوة لكي أهرب منهم، لم أكن أنظر أين أضع قدمي، وفجأة وجدتني أنزلق على منحدر ظهر من العدم، أو أنا فقط من لم أنتبه له.

سقطت بكل حدة وعنف من أعلى منحدر جبلي، تخبط جسدي في صخور، نقرات، وحصي على المنحدر، شعرت بعظامي تتحطم وجلدي يتمزق، آلم رهيب لا أعرف كيف أصفه.

أخيراً وصلت إلى قاع هذا المنحدر، سقطت على وجهي تحديداً، لم أكن مستعد لأن أرفع وجهي وأجد نفسي في جحيم أخر مع مخلوقات غريبة مرعبة أخرى.

لكنني وجدت من يجذبني من شعري بكل عنف، أضطررت أن أفتح عيناي التي تورمت من التخبط والأذى الذي لحق بي بشدة.

نظرت أمامي من بين دمائي التي تغرق وجهي بشدة ورأيت وجه، وجه بشع لكنه وجه لإنسان مثلي، أنا متأكد من هذا، كان رجل أسمر البشرة لكن عيناه طبيعية بالرغم من حمرتها الشديدة كمدمني المخدرات، أو من لم يذقوا طعماً للنوم من أسابيع مثلاً.

وجدته يقترب مني أكثر وعلى وجهه أشد علامات الغضب، نظر لي طويلاً كأنه يتفحصني وفجأة مسك رأسي وقام بدفعها نحو حجر أمامي، سقطت فاقداً الوعي.

أخيراً فتحت عيني بتألم شديد، نظرت حولي لآرى أين أنا؟ وجدت نفسي في غرفة ضخمة، سقفها عال جداً، جدرانها مرسوم عليها باللون الأحمر، أو بالدماء لا أعرف حقيقةً.

هناك طلاسم وتعاويذ ميزتها بسهولة لأنني أعرفها جيداً، أيضاً أثاث الغرفة كله قديم من خامة الأربيسك القديمة.

لكن ما آثار صدمتي وأشمئزازي حقاً هي تلك القوارير الكبيرة الزجاجية، كان فيها أعضاء بشرية، نعم، رأيت فيها أعين، أسنان، وبعض الأعضاء الأخرى.

حقاً أنقلبت معدتي وشعرت بغثيان رهيب مما آرى بعيني، فتح الباب فجأة ودخل نفس الرجل الذي رطمني بالصخرة وأفقدني الوعي.

أقترب مني وعلى وجهه نفس النظرات الغاضبة، كان يمسك سكين ضخم، أقترب مني وأنا ملقى على الأرض كـالذبيحة، قال لي وهو يحدق في وجهي من قرب:
_إذا أنت المتطفل المزعج الذي يثير الفوضى في مملكتي،

أخبرني يا هذا، من تكون أنت؟ وكيف أستطعت الوصول إلى هنا بحق الجحيم؟ وكيف تستطيع التآثير في خدامي من الجان وتجعلهم غير قادرين على إيذائك؟

أو حتى معرفة أي شئ عنك، أي سحر لعين هذا الذي أستخدمته لتحصن نفسك من أعظم وأقوى خدام الجن، هيا تحدث الأن يا فتى ولا تختبر صبري فأنا لا أملك شيئاً منه.

وجدت نفسي مجبر أن أتحدث إليه، حاولت أن أعتدل لأحدثه لكنني مقيد بأحكام في مقعد متين، يداي وقدماي مكبلان بقوة، أجبرت نفسي أن أجاريه حتى أعرف ما الذي علي فعله وكيف سأجد مخرج من هذه الورطة؟

قلت له بثقة:
_أنت "البهطوني" أليس كذلك؟

رد علي بكل عجرفة وتكبر:
_إذا أنت تعرفني، حسناً إذا أنت لست بعابر سبيل ضل طريقه في أرضي، أنت آت مخصوص من أجلي أليس كذلك؟

أنطق يا فتى، من آمرك أن تدخل إلى أرضي وتحاول الوصول إلي؟ لما أنت هنا؟ وماذا تريد مني؟

أنا شعرت بالقوة عادت إلي من جديد، قلت له بكل ثقة وعجرفة مماثلة لعجرفته:
_ أنا لا أعمل لدى أي شخص ليأمرني يا هذا، أنا رجل حر كلياً،

أتريد معرفة سبب وجودي هنا، أنا جئت خصيصاً لأقضي عليك يا "بهطوني"، لكن لدي سؤال واحد فقط لك، لماذا بحق السماء تفعل كل هذا؟

لماذا تقوم بإعادة تخييط أجزاء الموتى ببعضهم مرة أخرى وتسخر الجن عليهم؟ ماذا تريد أن تثبت يا "بهطوني"؟ أتظن نفسك بهذا التصرف الشنيع أنك تدب الروح فيهم بعد موتهم، أتظن نفسك آلــــــــــــــه، أتتحدى خلقك يا حقيـــــر.

قلتها بصراخ رهيب، فقدت أعصابي عليه، لكنه لم يتآثر بكلامي وصراخي فيه، بل بالعكس وجدته يضحك ضحك شيطاني، إبليس اللعين نفسه لا يستطيع أن يضحكها.

رد عليا بفخر وتكبر:
_ومن أدخل تلك المعلومات لرأسك الهزيل هذا يا فتى؟ أسمع، سوف أخبرك بالرغم من أني آراك تافه لا قيمة لك، لا تستحق حتى أن أتعب نفسي وأشرح لك،

لكن طالما ستصبح خادماً لدي بعدما أقتلك وأقوم بتحويلك لــزومبي مثلهم، سأخبرك، من الجلي أنك لا تعرف عني سوى أسمي فقط، لكن ما لا تعرفه أنت هو أنني كنت طبيب جراح، من أمهر وأذكى الأطباء في جيلي، بل على مر الأجيال،

لقد كنت رجلاً عادياً ذات يوم، وذات ليلة سمعت عن قصة إحياء الموتى وإعادتهم مرة أخرى للحياة، جذبتني الفكرة كثيراً وعرضتها على رئيسي في القسم الجراحي كي يساعدني في التفكير فيها وتنفيذها،

طلبت منه أن نقوم بعمل أبحاث مكثفة ونراجع التقارير التي تحدثت في هذا الشأن لكن بحرفية مهنية، لكنه أتهمني بالجنون، لكن أنا لم أهتم برأيه ولم أعره أي إهتمام،

بدأت أبحاثي وحدي وكدت أن أنجح بشدة، كنت على بعد ذرة من أكتشاف أهم وأعظن إعجاز علمي على مر التاريخ، وهو سر البعث، قمت وحدي بالتجارب المكثفة على جثث الأموات

لكن للآسف قبل ظهور النتائج الأخيرة، أكتشفوا أمري، وقاموا بتوقيفي وإصدار قرار فصلي نهائياً من نقابة الأطباء، بسببهم أصبحت نكرة بعدما كنت طبيب ممتاز ذو مستقبل باهر،

لكني أستطعت أن أجمع شتات نفسي مرة أخرى، قمت بعمل أبحاث من جديد وتجارب عديدة أخرى، أنا العالم الطبيب الوحيد الذي مزج العلم بالسحر،

درست السحر بإتقان، أستطعت أن أصل بعلمي إلى حد لم يصل إليه سحرة فرعون نفسهم، فعلت الكثير والكثير من هذا لكن في الخفاء وبسرية تامة، نجحت في هذا، نعم لقد أحييت الموتى، وأنت رآيت بنفسك عينات حيه منهم،

وأعترف أنني أحياناً يصادفني الفشل، لكن من منا لا يقابل هذا في حياته، أحياناً تتحلل الجثث سريعاً وتتعفن، هنا الجن الذي يتلبس الجثة يظهر بوضوح فأعود مضطراً لأن أفكك بعض الأعضاء وأعيد تشكيليها من جديد،

أيضاً أستطعت أن أهجن مخلوقات حيه خطيرة وأنت رآيت منهم أيضاً بالخارج، مثل المستذئبين، نعم ما سمعته صحيحاً كلياً، أنا قمت بخلق مستذئبين من أفلام الرعب الأجنبية العالمية،

قمت بتهجين جينات وأحماض البشر، الدببة، الثعالب، مع الذئاب، بعقلي وعبقريتي أنا فقط نجحت في خلق مخلوقات صورها البشر في أفلام لإخافة الناس، أنا جعلت منهم واقع متجسد بل وأشد شراً وخطورة،

بالفعل أنا لازلت أطورهم كي أتحكم فيهم كلياً قبل أن أطلقهم على العالم الخارجي، سأكون أنا الوحيد المسيطر عليهم وأخذ بثأري من تلك المخلوقات البشعة المقرفة المسماة بالبشر،

البشر الذين أستهانوا بقدراتي العظيمة والجبارة، البشر الذين أهانوني وقاموا بطردي ونعتي بالجنون، سأريهم الجنون الحقيقي كيف يكون،

حينما يعرفون قيمتي وأهمية قدراتي سيركعون تحت قدمي طالبين الرحمة والمغفرة، أيضاً تلك الدول الخبيثة الأجنبية سيتسابقون ويتهافتون علي لكي أبيعهم مخلوقاتي الثمينة،

بالطبع أنت تعرف أن تلك الدول خاصة الدول النامية تسعى طوال الوقت لخلق كائنات خارقة لتكون سلاحها الفتاك ضد باقي العالم وتكون المسيطرة والسائدة على الجميع،

وأنا وحدي من يمتلك هذا السلاح، أنا من أستطاع التحكم في الجن، الأنس، والمخلوقات الأسطورية، ها يا فتى، هل عرفت من أنا الأن؟

أنا شعرت بأني سأفقد صوابي مما سمعت من هذا المعتوه، حدقت فيه بعدم تصديق وقلت له بصدمة:
_هل تتحدث بجدية؟ أقسم بربي أن ما تقوله هذا أن سمعته في برنامج ما أو مسلسل تلفزيوني أو حتى فيلم خيال علمي،

لكنت أحتقرت العمل بأكمله وداينته أمام الجميع، حقاً أنا لا أعرف كيف تكون أنت بشراً؟ من المؤكد أنك من سلالة إبليس اللعين، لا حتى إبليس نفسه لم يتجرأ ويفكر مثلك هكذا منذ بداية الخليقة،

لكن لا تخف يا "بهطوني" أنت بالفعل جبرت وتجبرت، جنون العظمة أخذك إلى البعيد واللاعوده، لكن علاجك عندي أنا، أنا من سيقضي عليك يا "بهطوني"، أنا من نعته بالتافه والفتى،

هذا الفتى هو من سينقذ العالم من شرك وجنونك، سأدمر أبحاثك كلها واقضي على كل تجاربك الرهيبة، سأدمرك أنت شخصياً وهذا وعدي لك وأنا لا أخلف وعدي أبدا، هذا ليس من شيم الرجال، والأن هل عرفت من أنا يا قذر؟

نظر لي نظرة من المستحيل على أي بشري أن ينظر هكذا بكل غضب، شعرت بأن هالة من النار تحيط عيناه وتحيطه هو كله، لكنه صدمني حينما.

يتبع في الفصل
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي