20،كشف غطاء العقرب

"عودة إلى جوسلين والعقرب"
أتفقت "جوسلين" مع "عماد" أن يفتعلا مشكلة كبيرة معا عند وجبة الغداء وبعدما يتم ضربهم من الحرس وعند جرهم نحو المنطقة الثالثة بالقرب من الوادي

يقومان بتنفيذ خطتهم وهي إدعاء "جوسلين" المرض والصراخ، بعدها يبدأ العقرب في الصراخ أيضا وإدعاء رؤية مخلوقات الوادي المخيف.

ذهبا معا للمعمل في المنجم مع باقي السجناء، لكن جاء أحد الحرس ونادى "العقرب" قائلا له:
_يا "عقرب" تعال، فعملك ليس هنا اليوم، الرائد يريدك في مبني الحرس.

نظرت "جوسلين" له بقلق، لكنه غمز لها بمعنى لا تقلقي، خرج "العقرب" مع الحارس متوجها صوب مبني الحرس في المنطقة الأولى، بعيدة قليلا عن المناجم والجبال.

دخل "عماد" إلى غرفة التخزين وأحضر دلو وممسحة، بدأ ينظف الأماكن التي طلب من تنظيفها، لكن بعد فترة قصيرة رآى حرس تركض هنا وهناك وحركة غير منتظمة في مبني الحرس كله، قلق "عماد" مما يحدث حوله، أوقف أحد الحرس

يعرفه جيدا وسأله بفضول:
_ما الخطب يا "سعد" لما تهرولون هكذا جميعا؟

رد الحارس بأستعجال:
_أنها كارثة وحلت علينا، أتعرف السجين "موسى نوسلي" أتضح أنه فتاة يا "عقرب" فتــــاة، أتصدق هذا الأمر.

تركه الحارس وركض خلف رفاقه الحرس، ألقى "العقرب" ما بيده من شده الصدمة، ركض للخارج مسرعا قبل أن ينتشر الخبر بين الحرس، أو قبل أن يلقي الحرس القبض على "جوسلين"

أخذ طريقا مختصرا ووصل إلى المناجم، رآى "جوسلين" تحمل وعاء مليئ بالأحجار وتخرج به لتلقي به في الجبل كما يفعلون طوال الوقت، لكن "عماد" ألقى بالوعاء من يدها وركض بها وهي تسألها بأنفعال:
_ماذا؟ ما الخطب "عماد"؟

_لقد كشفوا أمرك أيتها الغبيه تعالي لأخبئك بسرعة وغدا سننفذ خطتك اللعينة.

حملقت أمامها برعب، لكن "عماد" فعل أمرا صدمها، وضعها بجوار صخرة وألقى على تلك الصخرة بضعة أسياخ حديد وغطاها بالصخور حتى أختفى مخبأها عدا جزء صغير جدا، قالت له بخوف:
_ماذا يا "عماد"؟ هل سأظل هنا؟ هل تعتقد بأنهم لن يعثروا علي هنا.

قال لها بحدة غاضبة:
_عليكي أن تظلي مختبئة هنا، لا مكان أخر يمكن أن اخبئك فيه، سأتركك الأن وأذهب إليهم حتى لا أثير شكوكهم ولا تخافي سأحضر لك الماء والطعام قريبا، إياك أن تخافي أو تصدري أي حركة.

تركها ونظر حوله وجد وعاء به بنزين يستخدمونه في إشعال الحرائق في المحاجر ويتواجد منه الكثير في كل مكان على الجزيرة، حمل الوعاء وصبه عليها وهو يقول بقلة حيلة:
_هذا لــيغطي أثرك في حال لو ارسلوا الكلاب في أثرك.

غطت وجهها بيدها وهي ترتعش بعنف، تركها "عماد" مضطرا ووضع صخرة على الجزء المكشوف منها، عاد يركض إلى المنجم، لــحظه أن الحرس جميعهم ذهبوا لمبني الحرس ليأخذون الأوامر من اللواء المسئول عن الجزيرة كلها.

وقف "عماد" مع العمال في المنجم وأدعى أنه أنهى عمله في مبنى الحرس وآتى لــيكمل عمله معهم، لكن لم تمضي سوى لحظات ودخل أحد السجناء وصاح في الجميع قائلا:
_يا حمقى ألم تعرفوا أخر الأخبار، "نوسلي" أتضح أنه فتاة يا اغبياء، كانت فتاة تعمل وتعيش معنا وفلتت من يدينا والأن الحرس كلهم يبحثون عنها.

صيحات أستياء، صدمة، تعجب، ذهول من الجميع، أدعى "عماد" الصدمة مثلهم وشاركهم في الأحاديث، بعد قليل حضر الحرس وبحثوا بين السجناء عنها، لكن لا أثر لها.

بعد ساعتان متواصلتان من البحث عنها في المنطقة الثانية، أوقف الحرس السجناء كلهم في صف متوازي، خرج اللواء "فتحي رشدان" بنفسه ووقف بكل شموخ وهيمنة وسط السجناء وقال لهم بجدية غاضبة:
_أنتباه إيها الأوغاد، لقد علمتم جميعا بأن هناك فتاة وقحة قامت بأستغفالي ودخلت سجني تتلصص علينا وتختبئ بيننا بعدما قتلت والدها

أسمعوني جيدا أيها الملاعين، سأقولها للمرة الأولى والأخيرة، إيا كان منكم يعرف مكانها، أو يحاول مساعدتها، أو فكر حتى في إخفاء أمرا يعرفه بشأنها

قسما بربي، لأعذبنه عذاب الملكين، سيجلد مئة جلدة كل ساعتان وهو معلق من قدمة كــالذبيحة، وبعدما أضجر من تعذيبه سألقي به بنفسي في وادي الجن، وهذا ليس بتهديد أيها السفلة الساقطين، أنها حقيقة وبيان أصدرته
وقمت بكتابته على كل عمود وجزع على الجزيرة

وتلك أخر فرصة لكم جميعا، من منكم يعرف أي شئ عن تلك العاهرة الحقيرة فليتقدم ببوح ما يعرفه عنها، الأن هي فرصتكم جميعا، لن أعاود تلك الفرصة إن تحركت من هنا، هيا يا أوغـــــاد، من لديه معلومة عنها فليتقدم ويدلي بها الأن.

لكن الكل ينظر للأمام بجمود كأنهم حفنة من الأصنام المجمدة، زفر اللواء بأختناق وهو ينظر لهم نظرات نارية قاتلة، تحرك من مكانه ومر عليهم وهم يقفون بلا حراك أو حتى نفس، مر من أمامهم جميعا وهو ينظر لكل واحد فيهم في عيناه مباشرة.

جاء دور "عماد" وقف "اللواء فتحي" أمامه مباشرة، حدق في عيناه بنظرات رجل القانون الخبير، حاول عماد أن لا يهتز بداخله، لا يتنفس، لا يرمش ولو حتى بعروق وجهه وعنقه كي لا يثير الشبهات

تركه اللواء أخيرا، زفر "عماد" بأرتياح وتحرك صدره صعودا هبوطا، لكن عاد اللواء بقدمه للخلف وقف أمامه مجددا، قال له بخبث وحدة:
_أنت "العقرب" أليس كذلك؟

رد "عماد" بآليه كأنه في الجيش وأسوء:
-نعم سيدي.

_ألم يكن "عيسى نوسلي" رفيقك في الزنزانة"؟

_نعم سيدي.

_كيف لم تكتشف أنه فتاة يا "عقرب"؟ أم أنك تعرف حقيقتها وكنت تضاجعها سرا وتستغفلنا جميعا؟

هنا نظر السجناء كلهم إلى "عماد"، لكنه أرخى كتفه ونظر إلى اللواء بحدة وقال بثقة لا يعرف من أين له بها:
_ماذا تقول سيدي؟ أتريد تحريض السجناء علي، ألا تعرف كم العدواة والكراهية بيني وبين "نوسلي"

لقد قتل عائلتي كلها وهو من ألصق بي تهمة قتل عائلة "سعيد الجزار" هذا "النوسلي" هو من دمر حياتي وتسبب في أنقضاء شبابي وصباي هنا في هذا الجحيم، كيف بحق الجحيم تظن أنني سأتستر عليه أن كنت أعرف أنه أدخل فتاة مكانه؟ أو اوقع بها، أو أيا كان

بالطبع كنت سأكون أول من يشئ به وينتقم منه، أنا أعرف انكم وضعتموني معه في نفس الزنزانة لأقتله وأنتقم لكل من قام بقتله وتعذيبه، لكن سيدي أنا لا أريد أن أقضي باقية أعوامي في المنطقة الثالثة، لهذا تركته وشأنه وأدعيت أننا أصبحنا رفقة لأوقع به وأقتله خلسة، وهاك سيدي جعلتني أعترف على جريمة لم أرتكبها بعد.

ضحك السجناء كلهم حتى بعض الحرس، لكن صاح بهم كبير الحرس، خرسوا جميعا، نظرا اللواء إلى "عماد" بشك، كأنه لم يقتنع كليا بما قاله، لكنه تركه وأكمل سيرا، لكنه عاد مجددا ،إلى "عماد"، حملق عماد فيه وبدأ يهتز بداخله، بدا الإرتباك واضحا عليه

قال له اللواء بخبث:
_لكن يا "عقرب" إن كنت تنوي قتله لما لم تفعل؟ لقد سنحت لك الفرصة مرارا، أيضا لقد تم توزيعك اليوم على مبني الحرس، لما وجدك الرجال في المنجم؟ لما تركت موضعك بعدما سألت "سعد" عما يجري وقمت بالركض للخارج؟ للآسف لم أجدك في كاميرات المراقبة لأنه من الواضح أنك سلكت طريقا أخر بعيد عن الكاميرات

ومن أفضل منك في معرفة طرق الجبل ومخابئه، يا رجل أنت أقدم مني أنا شخصيا هنا وأنا أعتقد بأنك من قمت بتحذير "جوسلين" وقمت بمساعدت---

قاطع كلام اللواء صرخات مفزعة آتيه من المنطقة الأولي ومن البحيرة، والنهر الذي يأتون بــمياه الشرب منه، ركض اللواء وترك "عماد" والكل، حتى السجناء نفسهم ركضوا مع الحرس ليعرفون من يصرخ هكذا؟ ولماذا؟

أدعى "عماد" أنه يركض بينهم، لكنه عاد للخلف وتأكد بأن الجميع ذهب تجاه المنطقة الأولي، عاد بسرعة إلى جوسلين، ألقى بالصخور من عليها، نظرت له بصدمة! مسك يدها وقال لها بلا تردد:
_هيا "جوسي" سنهرب الأن، لقد أنكشف أمري أنا أيضا.

"عودة إلى حسن وعائشة"
لم استطع التوقف عن الركض، أركض وأنا أبحث بعيني عن مخبأ من هذا المطر الحارق، لكن ياللهول ما هذا!!

توقفت قدماي فجأة كأنني أصيب بالشلل المفاجئ وأنا أرى ذاك القبو اللعين أمام عيني مرة أخرى، أنه نفسه القبو الذي سبب لي رعب لا يوصف زمان

رآيته مفتوح، مظلم كأنه يناديني مجددا، لم أفق من شرودي، جمودي وخوفي إلا عندما حرقني المطر مجددا وبعنف، كأنه يدفعني للدخول لهذا القبر مجددا

أضطررت جديا أن الجأ إليه لأحتمي بداخله من المطر، حنيت رأسي ودخلت إليه مجبر.

القبور في هذه المقابر وفي البلدة كلها على نظام
صفة الشق وهي أن يحفر في وسط القبر حفرة على قدر الميت، ويُبنى جانباها بالطوب اللبن حتى لا تنضم على الميت، ويوضع فيها الميت على جنبه الأيمن مستقبلاً القبلة، ثم تسقف هذه الحفرة بأحجار أو غيرها ويرفع السقف قليلاً بحيث لا يمس الميت، ثم يهال التراب.

بمعنى أن يوضع المتوفى في مكان صغير يشبه الغرفة ويترك على سطح الأرض ويغلق عليه باب حديد قصير.

المهم أنني دخلت وبالطبع جلست أرضا، لأن السقف منخفض جدا، نظرت للخارج بعيناي، لكنني كنت حذر أيضا، وضعت قدمي على الباب الحديد كي لا يغلق علي وأنا بالداخل.

رأيت المطر الغريب يضرب الأرض بقوة كأنه سهام أو رماح ترشق في الأرض بعنف، رأيت الدخان يخرج من الأرض وفجأة أرض المقبرة بدأت ترتفع حراراتها

بصورة كبيرة، شعرت أنني اجلس على فوهة بركان لعين، لم أعرف ماذا علي أن أفعل، أغمضت عيني وقرأت ما تذكرت من القرآن الكريم في سري

لأن لساني كأنه أنعقد بداخل فمي، رفض صوتي أن يخرج، لكن فجأة وجدت عقلي يعيد إلي ذكرى رغما عني، ذكرى جاهدت سنوات كي أنساها، كنا نترجل بين شواهد القبور

مع والدي ورفاقه، ومحمل على أكتافهم الحج "يحيى" والد رفيق والدي، توقفنا عند مقبرة قريبة من تلك التي أجلس فيها حاليا، لكن فجأة صرخ أطفال القرية الذين آتوا راكضين خلفنا ليروا الدفن

صراخهم كاد أن يفزع الموتى في قبورهن، نظر الرجال كلهم وانا معهم، وجدنا الأطفال يشاورون على تلك المقبرة التي أجلس أنا فيها حاليا

نظرنا جميعا لتلك المقبرة وكانت الصدمة، رأينا إمرأة سوداء الوجه ممتلئ الشعر فمها به أنياب كــالحيوانات ممتلئ بالدماء كأنها كانت تأكل من جثة لتوها.

الناس كلها، الرجال الأشداء صرخوا بفزع، ألقوا النعش أرضا وركضوا بصياح في كل حدب وصوب مبتعدين عنها، فارين منها، لكن أنا من هول الصدمة تسمرت مكاني

بالرغم من رؤيتي للرجال يركضون حولي وهم يصرخون بفزع قائلين معا:
_"أم الخدود" عادت من قبرها، خبئوا أولادكم، أهربــــــــــوا، أحتموا في منازلكم قبل أن تقضي عليكم.

تعالت الصرخات في المقابر والبلدة كلها، أنا من وقفتي بينهم، قاموا بدهسي، سقطت بينهم فاقد الوعي، لم أستيقظ سوى على جر شئ ما لي من قدمي، شعرت برأسي تتخبط على حصى المقابر

بالفعل فتحت عيني وجدت تلك المرأة المرعبة تجرني من قدمي مثل الكلاب، تغرز أنيابها في قدمي وتزمجر بصوت مرعب، أوقف قلبي من شدة الخوف

أخذتني لنفس تلك المقبرة اللعينة التي أجلس فيها الأن، القت بي أرضا، وجاءت إلي بــوجهها المفزع، وجهها في وجهي، اسنانها مرعبة كأنني كنت في مواجهة مع أسد أو ذئب مفترس

الدماء تقطر على وجهي من أسنانها، ظلت تشم في كأنها تتفقد ضحيتها هل لاتزال حية أم توقف قلبها من الرعب؟

فتحت فمها وأقتربت مني لتأكلني لكن فجأة رحمني الله عز وجل وأرسل إلي نجدة من السماء، سمعت صوت طلقات نارية من كل مكان

أتى أهل البلدة مع والدي وهم يطلقون النيران في الهواء ويحملون المشاعل في يدهم كأنهم ذئاب الجبل، جذبوني من بين يدها قبل أن تأكلني كليا

لكن أنا فقدت وعيي ولم أستيقظ من فقدان الوعي إلا بعد أربعة أيام، أستيقظت في مشفى البلدةن ما أكتشفته بعد ذلك أن تلك المرآة كانت إمرأة عادية جدا

جاءت البلدة وعاشت فيها ولم يعرف أي أحد شيئا عن ماضيها،
أستضفها سكان البلدة بترحاب كعادتهم الطيبة، وبعد أيام قليلة بدأت المصائب تحل على البلدة كلها

بداية من أختفاء الحيوانات الأليفة كــالقطط والكلاب، ثم أختفاء الأطفال تدريجيا، اصيب اهل البلدة بالجنون من فقد أطفالهم، حتى اليوم الذي أشتموا رائحة العفن من بيتها

وهنا كانت الكارثة التي حطمتهمن كسروا الباب عليها وجدوها تأكل في طفل من أطفالهم، وجدوا جثامين لا تعد ولا تحصى لأطفال صغار أبرياء كانوا ضحايا كرم وعطاء وطيبة أهاليهم

سكان البلدة فقدوا صوابهم وقاموا بحرقها حيه، لكنهم لم يكونوا اذكياء كثيرا، قاموا بدفن جثمانها في مقابر بلدتهم البسيطة.

ومنذ ذاك الحين يراها الناس تجول المقابر ليلا وهي تعوي كــالذئاب، وكلما حاولوا دفن أحدهم صباحا تظهر لهم وتحاول سرقة إيا منهم لتأكله

تجمعوا معا وبحثوا عن جثمانها ليلقوا به بعيدا عن بلدهم، لكنهم لم يعثروا لها على أي جثة، ومن هنا أنتشرت الشائعات حولها، هناك من قال أنها شبح، وقيل أنها مسخ متوحش من تحت الأرض

كثرت الأقاويل حولها، المهم أن البلدان المجاورة والشرطة رفضوا تصديق هذا الكلام وأرجعوا جرائم خطف الأطفال إلى سفاح مهووس أو تجار الرق والعبيد.

الأن كل هذا يتردد في عقلي كأنني مجبر أن أعيشه مرة أخرى بالإكراه، لكنني قاومت هذا الإحساس وفتحت عيناي بقوة لأطرد هذه الذكريات البشعة من عقلي وذهني.

لكن ما هذا يا ألهي؟ لقد عادت تلك الهمهمات والزمجرة المرعبة التي لم أنساها يوما في حياتي، أرتعبت، بدأ شعر جسدي كله يقف من الرهبة والذعر.

لكن فجأة آتى صوت "عائشتى" كــالملاك الحارس المنقذ، سمعتها تقول لي ذهنيا:
_كل هذه أوهام يا "حسن"، لا تخشى منها، أخرج يا "حسن"، أهرب، أخرج وواجه هذا الخوف وستجد أنها مجرد أوهام ليس إلا، أرجوك أفق يا "حسن" لأجل عائلتك أفـــــق.

شعرت أنها تصفعني بكلامها هذا، لم أنظر خلفي، تشجعت بطريقة غريبة، زحفت على يدي وقدماي، خرجت وبدأت الركض بشكل جنوني

أركض كأن إبليس بنفسه يطاردني، لكنني لا أسمع شيئا خلفي، فجأة سألت نفسي وأنا أتوقف:
_ما خطبك يا "حسن"؟ من ماذا تركض انت كــالابله؟ لما أنت خائف لــهذه الدرجة؟

ومن تكون "أم الخدود" تلك لكي تخاف أنت منها؟ أفق لــنفسك يا "حسن"، كل تلك الأمور مجرد أوهام لا تذكر، لما تخاف من بعض الأوهام وقد قابلت ما هم أعنف، أشرس، أخطر منهم ورأيت الحقيقي منهم.

لكن فجأة سمعت صوت خلفي يقول بتهكم ساخر:
_حقا يا "حسن"، وماذا رأيت أنت؟

صوت غليظ خشن بشع، أوقع قلبي بين ضلوعي، أستدرت حول نفسي بسرعة، ورأيت ما أفزعني مجددا، رأيت مخلوق طويل جدا بظهر محني يركض بسرعة غير معقولة وأختبئ خلف شجرة ضخمة مرعبه.

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي