10،هل أنتي حقاً المختارة؟

صرخت في "عائشة" بجنون، أنهم عائلتي من خطفوا من قومها، لكنها أثارت جنوني أكثر عندما قالت لي لتطمئني عليهم:
_أهدا يا "حسن" أرجوك ولا تخف على عائلتك، أنا لن أسمح له بإيذائهم أبدا أو يؤذيك أنت أيضا

سوف أطلب من عشيرتي أن تساعدنا في هذا الأمر، وأنا سأكون معك، لكن الملك "شنقيائيل" هذا نمروذ، مكروه، طماع، جشع، كل ما يهمه هو السلطة وحشد الجمع حوله

يريد بأي شكل أن يستوطن بنا، لكننا عشائر مسلمه، نرفض دخوله هو أو أمثاله أرضنا، لا نسمح أبدا بدخول العشائر المتكفرة بيننا، لأننا نرفض ما يقومون به من أفعال شنيعة لا نقبل بها أبدا

عندما تعرف عشيرتي بأنه يؤذي بعض البشر ويعذبهم في سبيل حصوله على القلادة أو الكتاب، سوف لن يرحموا أو يتهاون معه أبدا

سنذهب جميعا إليه لا تقلق، لكن يا "حسن" حذاري أن تضعف وتخبره عن مكان الكتاب، هذا الكتاب عليه أن يظل مختبئ بعناية حتى لا يقع بين الأيدي الخطأ وأنت تعرف هذا جيدا أليس كذلك؟

نظرت لها بغضب لأنها لا تعرف معنى أن يتعذب أفراد عائلتك أمام عيناك وبسببك وبسبب عشقك الغبي، قلت لها بعصبيه:
_ أسمعي يا "عائشة" أنا الأن لا أعرف سوى أنني أريد إستعادة عائلتي سالمه وبأي شكل وبأي ثمن كان

أي شئ يمكن معالجته فيما بعد، لكن عائلتي لا يمكن أن اتركها تتعذب بسببي أنا وأنتي، افهميني يا "عائشة" ليس بيدي حيله.

نظرت "عائشة" أرضا كــمن يتفهم الأمر، بدت الحيرة على وجهها، نظرت لي وقالت بتردد:
_ حسنا يا "حسن" تعال الآن لأهربك من هنا قبل أن يدخلوا أسرة الشاب ويرون هذا الحريق

سوف لن يتفاهموا معك يبلغون عنك الشرطة خاصتكم، هيا نهرب الأن وأنا سوف أعود لهم ,اقوم بمسح ذكراك من عقلهم، كي لا يضايقك أحدهم بعد الأن.

نظرت لهذا الشاب المسكين الذي كان كبش فداء ليصلوا إلي من خلاله، كم شعرت بالندم والقهرة الأن، نظرت لــ"عائشة" بغضب وقلت لها بتوبيخ سخيف:
_ هل جننتي يا "عائشة"؟ أتريدين مني أن أهرب وأدع هذا الشاب يموت بسببنا أيضا وربما عائلته أيضا

هيا أطفئي تلك النيران أولا قبل أي شئ، لن أذهب لأي مكان قبل أن أصلح فوضاي وفوضى "قايربيل" لعنة الله عليه.

نظرت "عائشة" حولها لالسنة اللهب وهي تأكل كل شئ لكن لا تقترب منهم، قامت "عائشة" بالنفخ حولها وهي تنطق كلمات باللغة السريانية القديمة "لغة الجن" الأوائل

فجأة انطفأت ورأيت أثاث الغرفة القديم عاد كأن النيران لم تمسه من الأساس، نظرت لــ"عائشة" برضا، لكنها قالت فجأة كأنها غفلت عن ذكر شئ هام لي:
_ صحيح يا "حسن" لن نتمكن من طلب المساعدة من عشيرتي حتى تقدم الترضية كما وعدت.

هنا جن جنوني عليها، صرخت فيها وأنا أمسك يدها بغضب، وقلت بصياح:
_ مــــــاذا؟ تراني في ماذا الآن أيتها الغبية؟ أيضا أريد أن أفهم شيئا، الترضية تلك عبارة عن ماذا تحديدا؟

أعني ما المطلوب مني أن أفعله؟ ولماذا أفعله بحق الجحيم؟

مسكت "عائشة" يدي لـ تهدئني وقالت بتروي:
_ اهدأ قليلا يا "حسن" لما كل هذا الأنفعال المبالغ؟ سوف أشرح لك الأمور كلها لتتفهم طبيعة الوضع

الموضوع بسيط جدا، سوف تقوم بتقديم قرابين للعشيرة كما يفعل الساحر لـ يقبلوا به ويرضوا عنه، بعدها يساعدوه ويرسلون إليه أعوان منهم لمساعدته، أنت أيضا ستفعل هذا لكن بشكل أبسط بكثير.

حملقت فيها بغضب، شعرت بأنني سأحرقها بنظرات الغضب تلك، قلت لها بحدة وعصبية.

"عودة إلى جوسلين والعقرب"
في غرفة السجن تنام "جوسلين" في الفراش العلوي كي تتجنب أي شجار مع العقرب، تحدق في البوابة برعب

تشعر بأنه سيدخل عليها في أي لحظة، اخيرا تحققت مخاوفها، فتح السجان البوابة الحديدية ودخل، دخل خلفه المدعو بــ"العقرب"، أنكمشت "جوسلين" مكانها

لم تستطع مقاومة الرعب الذي اجتاحها، فهي تعرف جيدا أنه إذا أكتشف أمرها سوف يغتصبها ويقتلها أثناء إنتهاك جسدها

أنه رجل لم يرى أم يلمس إمرأة منذ سنوات كثيرة، وأن لم يكتشف أمرها فــسوف يتشاجر معها على أنها "عيسى نوسلي"

لم تعرف كيف تتصرف، تشعر بأرتجاف جسدها يهتز الفراش كله، حاولت السيطرة على نفسها قبل أن يفضح أمرها.

سمعت السجان يقول للعقرب بصرامة:
_ أدخل يا "عماد" سيكون هذا مهجعك من الأن فصاعدا، لا أريد أي مشاكل مع "عيسى" رفيقك وإلا أنت تعرف العواقب جيدا.

رفعت "جوسلين" وجهها لتنظر لهم، رأت "عماد العقرب" هذا يربت على كتف السجان ويقول له بثقة كبيرة مصاحبة بسخرية واضحه:
_ لا تقلق يا "رفعت" لن أسبب مشاكل الأن، لكن عما قريب سنودع جميعا ضيف ثقيل على قلوبنا جميعا.

ضحك ضحكة شيطانية مرعبة، ثم ربت مجددا على كتف رجل الشرطة ودفعة للخارج وأغلق بوابه الزنزانة خلفه، كأنه يقول له أتركه لي الأن.

لم تحتمل أن تدعي النوم أكثر لأنها شكت أنه يعرف أنها مستيقظه، جلست مرة واحدة على الفراش، أبتسم "عماد العقرب" كأنه أنتظر ردة فعلها تلك

أقترب من فراشها، لكنها عادت لأخر الفراش خوفا منه، كاد أن يقفز على الفراش ويقبض في عنقها مرة أخرى، لكن مر الشرطي "رفعت" من أمام بوابة الزنزانة

نظر الشرطي لــ"عماد" بتحذير وضرب بعصاه الجلدية على القضبان الحديدية شارة "أبتعد عنه"، رفع "عماد" يده شارة "الأستسلام" المزيف وهو يضحك

ابتعد الشرطي واختفي من أمامهم، "عماد نظر إليها وهو يبتسم بـ شماته، لكنه لم يفعل لها أي شئ، بل نزع قميص السجن الرمادي هذا كان شيئا جديدا وغريبا على

"جوسلين" فهي تعرف أن زي السجناء في مصر هو الزي الأزرق للسجناء المحكوم عليهم، أم الأبيض فهو لمن لديهم أستئناف وسيتم عرضهم أمام القضاء قريبا

أم الزي الأحمر فهو زي الأعدام، لكن في ذاك السجن الغامض السجناء جميعا يرتدون الزي الرمادي القاتم، عندما سألت بفضول أحد الشرطيين قال لها بتهكم:

_هذا الزي صنع خصيصا لكم، تعبيرا عن مدى إجرامكم وأنكم من المجرمين شديدي الخطورة، هذا رمزا لإدانتكم، زي يشبه قلوبكم القاتمة عديمة الضمير والرحمة.

بلعت "جوسلين" ريقها بصعوبه، لكن ليس لخوفها منه هذه المره، بل لشعورها بالإنجذاب لهذا العقرب المجرم، بدأ يتخلل لـ جسدها الأنثوي

شعور الإنجذاب وهي ترى صدره المشعر العريض، وعضلات معدته السداسيه، بدا أنه رياضي متمرس أو بدا كـ رجل أستعد سنوات طويلة جدا لـ تخوض معركة مميته

خمنت أنها هي الطرف الأخر لـ تلك المعركه، أو "عيسى نوسلي" تحديدا، عادت تراقب "عماد" وهو يجثو على الأرض، رفعت رأسها وهي في أخر الفراش لـ ترى ماذا يفعل على الأرض؟

صدمت به يقوم بتمارين الضغط، لكنه يستعرض أمامها، يلعب مرة بيد اليمنى ويرفع جسده كله بيد واحده عشرون مره، ومرة أخرى بيده اليسرى

عد أكثر من مئة لعبة ضغط، كتمت شهقاتها وهي لا تصدق أنه بكل هذه القوه، بدأت تعجب بقوته كثيرا ونسيت عداءه لها، ونسيت أنها تتأمله بإعجاب وهي في جسد رجل.

لكن "عماد" رفع عيناه مرة واحدة ورأى تلك النظرات المثيرة في عيناها، صدم بغضب ووقف وهو يمسك قميصه بغضب ويضعه عليه، قال لها وهو في قمة غضبه:
_ هل أنت منهم أيها الوضيع؟ أحذرك أن تقترب مني وأنا نائم،

أقسم بأنني سأمزقك أربا ان حاولت التحرش بي أتفهم.

فتحت عيناها على وسعهم، لقد ظن بأنها رجل لوطي، غضبت لـ ظنه فيها هذا الشيء المقزز، لكنها فكرت بإيجاب، لعل هذا الشئ آتى لـ مصلحتها كــ"عيسى" حتى لا يحاول التقرب منها أو مهاجمتها مرة أخرى.

لكن إلى متى ستظل خائفة منه وتتهرب تحت ادعاءات باطلة؟!

"مع رقيه"
في إحدى الأحياء الشعبية البسيطة بمدينة "الإسكندرية"، تعيش
"رقيه" وحدها في غرفة قامت بأستئجارها منذ فترة قصيرة، تعمل في مطحن للمخبوزات.

"رقيه" فتاة جميلة جداً، جمالها لا يمكن أن يوصف ببضع كلمات، لكن في الكثير من الأحيان يكون الجمال نقمة على صاحبه، أضطرت "رقيه"

أن تخفي جمال وجهها تحت نظارة سميكه، وضعت عدسات سوداء على عيونها الرمادية بلون الدخان، أخفت شعرها الحرير الطويل تحت الحجاب

عاشت في حالها لسنوات طويلة وهي تتجنب أي مشاكل، واليوم وهي في تلك المنطقة البسيطة تشعر بالسعادة لأنها لم تصادف أي مشاكل من أي نوع حتى آتى اليوم الذي تغيرت فيه حياتها كليا.

دق خفيف على باب غرفتها، صدمت "رقيه" لأنها غير معتادة على زيارة أحد لها مطلقا، وهذا ليست موعد موظف الكهرباء أو ميعاد الإيجار

لهذا شعرت بالارتباك الشديد، ركضت ترتدي إسدال الصلاة خاصتها ووضعت الميكب المزيف الذي يحميها من تودد الفضوليين إليها، فتحت الباب وهي مرتبكة بشدة

لكنها رأت السيد والسيدة لاشين، زفرت بارتياح، سألتهم بتردد:
_ السلام عليكم، هل هناك خطبا ما؟ هل فعلت شيئا خطأ عن غير عمد لكم؟ أنا فقط أعتذر--

قاطعها الرجل وهو يقول بتوتر:
_ لا يا ابنتي، نحن من علينا الاعتذار لك لمجيئنا هكذا فجأة، لكن الأمر ملح للغايه، هل تسمحي لنا بالقليل من وقتك؟

تعجبت "رقيه" منهم، لكنها فتحت لهم الباب وفسحت لهم المجال لــ يدخلوا لـ غرفتها المتواضعة، اغلقت الباب خلفهم وعادت تجلس كـ الطفلة التي تنتظر عقابها.

بدأت السيدة "لاشين" حديثها قائلة بتوتر:
_ اسمعي يا ابنتي، نحن حقا في أمس الحاجة لمساعدتك في أمر ضخم جدا يخص عائلتي وأبنائي

هل توافقين على مساعدتنا يا فتاتي؟ وسوف نعطيك ما تريدين من مال، على أقساط أعني إذا كان المبلغ كبير، ما ردك يا "رقيه"؟

تعجبت "رقيه" بشدة، سألتها باستغراب:
_ هل تطلبين مساعدتي أنا؟ هل تتحدثين بجدية سيدتي؟

ابتسمت المرأة لـ براءة الفتاة البسيطه، قالت لها بقلق:
_ أسمعيني يا أبنتي، سوف أقص عليك قصة لن تسمعيها لا في قصص الرعب الأسطوريه

أو في الأفلام الأجنبيه، قصة عائلتنا حزينة بائسة جدا، ذات يوم سكنت في منطقتنا إمرأة ومعها ابنتها الجميلة جدا، كان رجال المنطقة كلها يتمنون التعرف إليها،

ومنهم من تقدم لخطبتها، لكن بعدما عرف وانكشفت حقيقة أمها وهي أنها مشعوذة تتعامل بالسحر الأسود وتكسب رزقها من سلب دماء وأموال الناس الفقيره

غير أنها تتسبب في أذى كبير للناس بالأعمال السفلية التي تفعلها مقابل المال ولكي ترضي الجان الذي تخدمه

بدأت الرجال تتراجع في طلب يدها ولم يعد أحدهم يود التحدث معها أو مع أمها حتى، لكن تلك لم تكن قضيتنا حتى اللحظة، ذات ليلة سوداء

طلبت المرأة المشعوذة من أبني الوسط "يوسف" أن يأتي لـ منزلها لـ يقوم بلحم شرفتها الحديد، وافق "يوسف" لأن هذا عمله، لكن أبنتها أعجبت به كثيرا، أصبحت

هي من تتودد إليه وتطارده في كل مكان حتى تشاجر معها ونفرها أمام الجميع في الشارع، لكن الفتاة لم تتحمل إهانة أبني لها، فقامت بالإنتحار من على سطح ذلك المنزل

ولعنته وهي تلقي بنفسها من أعلى، بالطبع أمها جن جنونها، صاحت بنا وهي تخرج جثة أبنتها وحيدتها من المنطقة كلها، أخبرتنا أننا سندفع الثمن غاليا جدا

لم نهتم لها وقلنا أم وقلبها يحترق على أبنتها، لكن ذات يوم كان زفاف أولادي الأثنان في يوم واحد

أبني "زين" الكبير وأبنتي الوسطى "رنا" يتزوجا من أثنان أشقاء أيضا، "أحمد" و"عبير"، لكن يا أبنتي

اكتشفنا في هذه الليلة المشئومة أن تلك المرأة لعنت عائلتنا بالفعل، أبني رأته زوجته حيوانا مرعبا، خرجت تصرخ بثيابها الداخلية،
لم تتوقف عن الصراخ حتى عادت لمنزل عائلتها

بعدها بقليل خرج زوج ابنتي وهو يصرخ بهستيريا هو أيضا، عرفنا أنهم رأوا ما أرادت تلك المشعوذة أن يروه

عرفنا بأمر تلك اللعنة، ذهبنا للكثير من المشايخ، لكن خال زوجي هو الوحيد الذي عرف الحل النهائي لـ كابوس حياتنا وهو

أن يتزوج أحد أبنائي من فتاة مميزة، لها قرين من عشيرة قوية لــ يستطيع أن يحميها ويحمي عائلة زوجها

بحثنا كثيرا عن تلك الفتاة لكن للأسف كلما نجد واحده ويتزوجها أبني "يوسف" لأنه يجد نفسه السبب في تلك اللعنة التي دمرت حياتنا ولازلت تدمرها

يتزوج الفتاة من هنا وتبدأ المشاكل الجمه، وفي الأخير تهرب الفتاة بلا عوده، يأسنا جميعا، و استمر الحال بنا هكذا، لا يستطيع أيا من أبنائي أن يتزوجوا

ولا يمكن أن ينجب أيا منهم، ستنتهي عائلتنا بموتنا وينقطع نسلنا، تخيلي يا أبنتي، عائله بها خمس رجال وثلاث فتيات وينقطع نسلهم

هذا غير ظهور الجان في منزلنا، لقد شيب شعري قبل أوانه، لم أعجز ويشيب شعري من تقدمي في السن، بل شاب من الرعب الذي أحياه ليل نهار أنا وعائلتي بسبب عشيرة الجن التي

تستوطن بيتنا، وهذه هي حكاية عائلتي يا "رقيه" ما قولك؟ هل يمكنك مساعدتنا يا أبنتي؟ هل تقبلين بالزواج من ابني؟ لنرى هل أنتي حقا المختارة أم أخطأ الخاتم مجددا؟

يتبـــــــع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي