25،رقيه أميرة الجان

"عودة إلى جوسلين والعقرب"
وصلا بعد تسلق أخذ منهم أكثر من ساعة ونصف، مسك "عماد" بحافة الكهف، قفز بداخله، سحب "جوسلين" معه، لكن فجأة سمعا زئير الغول، حملقا في بعضهم برعب ولم يعرفا كيف يتصرفا الأن في هذه الورطة؟

لكن "عماد" لم ينتظر ليأتي الغول ويفترسهم بعد كل ما مروا به حتى الأن، مسك يدها وجذبها للداخل، قالت له وهي ترتعد بشدة:
_ألى أين يا "عقرب"؟ لقد أنتهى أمرنا، أنه آت، ألا تسمع ما أسمعه؟

نظر لها وقال بحدة غاضبة:
_أنا لن أقتل وأؤكل على يد غول بشع، هيا سنهرب من هنا.

ركضت معه، لكن المكان بداخل الكهف مظلم جداً، لا يمكن حتى للمرء رؤية يده في هذا الظلام، توقف "عماد" عندما وجد نفسه لا يرى أي طريق أمامه.

لكنه يسمع صوت قطرات الماء، كأن هناك نهراً جارياً بين الصخور كذلك وليس من الخارج فقط، فكر قليلاً وهمس في أذنها:
_تعالي سنتبع صوت المياه، ومن المؤكد بأنها ستوصلنا إلى مخرج ما.

هزت رأسها موافقة خشية من أن تصدر صوتاً الياً ويسمعها الغول، لكن "عماد" لا يرآها بالطبع، فقط جذبها لصدره وسار بها خلف صوت تدفق المياه بين الصخور.

بدأ يلمح خيطاً من النور، لا يعرف مصدر هذا الضوء، لكنه آت من مكان قريب، نظر لــ"جوسلين" رآى وجهها واضحاً، أبتسمت له وبادلها الإبتسام بسعادة.

توجها معاً صوب هذا الضوء، بدأ يشتد، ومعه يشتد صوت تدفق المياه حتى أصبح عالياً جداً، تيقن "عماد" و"جوسلين" بأن هذا ضوء أشعة الشمس التي أشتاقا لها كثيراً، وصلا عند مدخل يشبه مدخل باب المغارة.

بدون تفكير أو إنتظار أكثر، ركض الأثنان ودخلا إلى ذلك المكان، لكن فجأة تجمدت الدماء في عروقهم، رأوا أمامهم مباشرة أبشع منظر يمكن للمرء رؤيته.

رأوا سبع غيلان من ذاك الغول الذي رآوه سابقاً وأرتعبوا منه، وهناك أقزام ذو شعر أسود غزير يغطي أجسادهم كلياً، لديهم أرجل قصيرة تشبه أقدام الزواحف، لديهم وجه يشبه وجه النمس، قرونهم قصيرة مدببة، عيونهم المضيئة كانت هي مصدر الإضاءة.

كانوا جميعاً ملتفين حول جثتين من السجناء، ويأكلونهم في منظر بشع، مقزز، ومقبض، جميعهم حملقوا في "عماد" و"جوسلين"
الذين تمنوا أن ينشق الجبل ويبتلعهم، حاول "عماد" أن يعود للخلف وهو يجر "جوسلين" في يده، لكن فجأة حدث ما صدم الأثنان معاً.

"عودة إلى حسن وعائشة"
من حسن حظي أن "عائشة" كانت موجودة، مسكت يدي وضعتها على النجمة في "قلادة الحصان" وهنا رآيت الصدمة المرعبة، رأيت "مادلين" على حقيقتها أمامي،

رآيت وجه أزرق باهت به قرنان أعلى الجبهة، أسنان مدببة لم أرى مثلها في كل حياتي، أذنها تشبه أذن حيوان الكنغر، شعر مجعد مشعث أعلى رأسها.

أنا فزعت وأنا أحدق فيها، أرتد جسدي للخلف بعنف، قالت "مادلين" ولا كأنها ترى الفزع على وجهي منها:
_أنزعها لي يا "حسن" أريد رؤيتها.

قلت برعب وأنا أحدق فيها:
_أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ماذا تكونين أنتي؟

ردت بكل براءة لكن بصوت غليظ جداً مقبض:
_ما خطبك يا "حسن"؟ لما تبدو مرتعباً مني هكذا؟

أخيراً "عائشة" تدخلت، وقفت بيني وبينها، رفعت كف يدها على وجه "مادلين" أو تلك الجنية اللعينة، وقالت طلسم سرياني أنا أعرفه لكن لم يخطر ببالي أن أقول أي شئ الأن.

فجأة بدأت تلك الجنية بالصراخ وظهر جسدها البشع المليئ بالشعر كأجساد الحيوانات، أنا شعرت بالأشمئزاز والتقزز منها.

ظهرت دائرة من نار تدعى دائرة السموم، أبتلعت "مادلين" أو تلك الجنية التي تشبهتها، أنا زفرت بأرتياح بعدما أختفت أخيراً.

لكن "عائشة" ألتفتت لي وقالت بهدوء:
-خلاص يا "حسن" أنتهى أمرها، أهدأ قليلاً من فضلك.

قلت لها وأنا مثل المجانين، أشعر بأنني سأفقد عقلي:
_ماذا كانت تلك يا "عائشة"؟ بحق الجحيم ماذا كانت؟ ما هذا المكان أيضاً؟ أنا هنا رأيت مالم يستطيع أحداً أن يرى ويتحمل،

رأيت أشياء غريبة لا يصدقها عقل، رأيت مستذئبين يا "عائشة"، رأيت مقابر زرتها مسكونة زمان، وهناك كانت أمطار تشبه الأحماض حرقت يدي، أنظر ماذا حدث لي؟ أين أنا يا "عائشة"؟

كنت حقاً على حافة الإنهيار، "عائشة" مسكت يدي وقالت لي بقلق:
_"حسن" أنت أتيت إلى هنا وأنت تعرف جيداً أن هذا المكان ملعون،

البلدة تلك كلها مسكونة بأشباح، أطياف بشرية قام البهطوني بآسرها رغماً عنها، أيضاً هناك المئات من عشائر الجان مأسورة هنا بالإكراه،

أيضاً مخلوقات شريرة جداً هجنها هذا الساحر ليحمي الأرض من دخول أي كائن حي أو غير حي، وأنت كنت تعرف هذا جيداً قبل قدومك إلى هنا،

أنت تعرف أن هذا الساحر الخطير سلط الكثير والكثير من المخلوقات على هذه البلدة حتى لا يتم القبض عليه، وإلا لــكان أستطاع أي أحد الوصول إليه، حتى ملك الجان "شنقيائيل" نفسه وجنوده وأعوانه لم يعثرا على ثغرة للوصول إليه،

هل تأكدت الأن أنها مهمة مستحيلة وليست فقط صعبة جداً، أنها لعبة الموت والحياة يا "حسن" وأنت قبلت أن تلعبها بدون النظر في قوانين اللعبة أو إتخاذ الحيطة والحذر منها،

"حسن" لقد أستطعت الوصول إليك هنا بمعجزة، وأنت تعرف جيداً أنه في أي لحظة يستطيعون أن يبعدوني عنك، "حسن" المكان هذا به الكثير من الشر العقيم، والقديم، به طلاسم وتعاويذ قرآت عنها في أساطير مالك الجان،

حقا أنا لا أفهم كيف وصل إليها رجل، بشري، مجرد إنسان؟ حتى لو كان ساحراً، فأنه يظل إنسان، لا أفهم كيف عرف تلك الطلاسم والتعاويذ الخطيرة المدمرة؟

لا أعرف حقاً ولا يوجد من يعرف من مملكتي أو حتى الممالك الأخرى الموجودة في عصرنا هذا، لكن ما أعرفه جيداً وجميعنا من معاشر الجان نعرفه أن "البهطوني"

إنسان خطير جداً، ساحر ملعون، شرير متمكن جداً من شره وآذيته، وأنا أخاف عليك يا "حسن"، أخشى أن يهزمك، فأنت كدت أن تسلم له "قلادة الحصان" بمجرد تعويذة صغيرة،

"حسن" أظن أنه عليك أن تنسحب قبل فوات الأوان، أستسلم يا "حسن"، استسلم ودعنا نهرب من هنا، وأعدك أننا سنجد طريقة لنعيد عائلتك من عند الملك "شنقيائيل" أرجوك يا "حسن" أسمع مني هذه المرة، لن أحتمل خسارتك يا "حسن".

أعرف أن كل كلامها صحيح، لكن أنا تذكرت "روقيائيل" ملاكي الحارس، تملكتني الشجاعة وقلت لها فجأة بثقة:
_لا يا "عائشة" أنا لن أتراجع الأن،

أنا لست بــرجل جبان، "حسن" الذي عرفتيه وعشقتيه ليس بــرجل جبان مطلقاً، أيضاً أنا معي مساعدات كثيرة لا يملكها البهطوني هذا، أنا لدي قلادة خارقة،

لدي ملاك حارس أرسله الله لي وليس بالمعنى الحرفي، لكن سأشرح لك فيما بعد عنه، والأهم أنك أنتي معي، أنا لست بمفردي يا "عائشة" وعليكي أن تتأكدي من هذا،

سأقدر على هذا اللعين بامر الله، ما عرفته وتأكدت منه في محنتي تلك أن الله عز وجل أختارني أنا لهذه المهمة، وإن تراجعت وأستسلمت الأن فلن أكون خارج ثقة يا "عائشة"،

لن أستحق ثقة الله في، ولن أستحق قلادتي تلك، ولن أستحق عشقك لي يا "عائشة"، لهذا أنا سأقاتل، سأتحمل، سأكمل مهمتي ولعبة الحياة والموت تلك التي دخلتها بلا تردد ولا تفكير، لن أفكر في المخاطر بعد الأن، فقط سأفكر كيف أنجح وأتغلب على كل تلك المخلوقات وأنتي معي يا "عائشتي" أليس كذلك؟

أبتسمت لي "عائشة" أخيراً، شعرت بأن الشمس أشرقت من جديد على حياتي، قالت لي بحماس وهي ترفع يدها لــتمسك بيدي:
_بالطبع أنا معك يا عشقي أنا.

أبتسمت لها بمحبة كبيرة ولولا تلك الظروف والمكان المقبض هذا لكنت أقبلتها حتى أنهارت بين يدي، لكن هذا المكان لا يمكن أن أخاطر فيه وأضعف مع "عائشة".

مسكت يدها بيدي، وخرجنا من القصر اللعين هذا، سرنا طويلاً بداخل حديقة موحشة كأنها أحراش غابة، الأشجار جافة، الفروع محطمة، المكان ككل يشبه بيوت الرعب في ألعاب المحاكاه.

خرجنا إلى شارع ومنه إلى أزقة كأننا في بلدة بحق، وصلنا إلى وسط البلدة وسط المنازل والمحلات المغلقة، كنت أتابع كل ما أمر بجواره، وفجأة.

"عودة إلى رقيه ويوسف"
"رقيه"

ليست مثلك ومثلي ولا مثل أي فتاة، أنها فتاة مميزة لأنها إبنة أحد أعظم ملوك الجان.

قال هذا وصمت وسط صيحات وشهقات الجميع، حتى "رقيه" نفسها كادت أن تشل من صدمة ما تسمع! قالت له بنفس مقطع غير مصدق:
_ماذا؟ ماذا تقول سيدي؟ لما تقول على هذا؟ أنا إنسانه ولست بجنيه.

هز الشيخ رأسه موافقاً، أستطرد قائلاً بتركيز:
_أنتي يا فتاة لك قصة مميزة جداً، أسمعوني جيداً منذ جيل مضى كان هناك

رجلاً طيباً يعرف الله عز وجل جيداً، راعى ضميره فيما يفعله، كان من السحرة البيض الذين يعالجون الناس بالقرآن الكريم لوجه الله، وقد تسبب في علاج أناس كثيرين جداً،

لكن شياطين الأنس أفظع من شياطين الجان والمردة أنفسهم، ذات يوم أتفق كل سحرة الجنوب على هذا الرجل لأنه كان من صعيد
مصر والناس تأتي إليه من كل مكان في مصر ومن خارج مصر أيضاً،

لكنهم لم يقدرون على هزيمته، أن الرجل محمي بأمر الله وبتقربه الشديد من الله وأيضا هناك من كان يساعده ويحميه من الجن المسلم الطيب،

لم يكن لدي الشيخ "عمران" سوى فتاة وحيدة تدعي "غيوم"، لكنها كانت كمعظم الفتيات، تكذب أحياناً على والدها، تتمرد أحياناً تبتعد عن الله كثيراً وتكذب على والدها وتخبره أنها أدت فروضها وقامت بتحصين نفسها بالأذكار كما طلب منها،

لكن السحرة المشعوذين تمكنوا منها، سلطوا عليها جن كافر مريد، تعذبت الفتاة لأشهر طويلة، ولم يجد والدها حلاً سوي أن يجعل إبنته تتزوج من أحد ملوك الجان كي يحترق الجان المسلط عليها،

بالفعل بحث الرجل كثيراً ولم يستطع طرد الجن من على إبنته، حتى عشائر الجن المسلمة لم تستطع مساعدته في الأمر بسبب الطلاسم والعهود القوية النادرة التي ألقيت على إبنته،

أضطر الرجل الطيب أن يخالف كلام الله لكي ينقذ إبنته الوحيدة، ضعف وقبل بهذا الحل، لكن حدث مالا يكن على البال ولا الخاطر،

حملت "غيوم" من الملك "حيزران"، ومن المفترض أن يأخذها الملك إلى عالمه ويعيش إبناءه معه، لكن "غيوم" رفضت، والدها أخذ عهد على "حيزران" أن يأخذ طفل واحد ويترك الباقي لــ"غيوم"،

لأنها حملت في ثلاث تؤام، بنتان وولد، لكن بسبب ضعف الشيخ "عمران" وإنتهاكه لشرع الله فيما فعله مع إبنته وإتفاقه مع عشيرة الجن، تمكن السحرة الكفرة منه،

حرقه الجان في فراشه، أنجبت "غيوم" بعد وفاة والدها قبل موعدها، كانت مريضة جداً، أخذ الملك "حيزران" فتاة من الثلاثة، وترك أبناءه الأخرين لــزوجته،

لكن "غيوم" ماتت، طلبت من عمها أن يراعي أبناءها وهي تموت، لكن العم الظالم ظلم الطفلان وأدعى أنهم توفيا مع أمهم، قام اللعين بدفن الأطفال مع جثة أمهم وهم أحياء،

أضطر "حيزران" أن يرسل جنود من عشيرته، قاموا بأخراج أبناءه ووضعهم أمام ملجأ للأيتام، لأنه أخذ عهد أن لا يأخذ سوى طفل واحد، لم يستطع كسر العهود وأخذ أبناءه الثلاثة،

لكن لسوء حظ الأبناء أن هناك من ظهر وسرق الأبن، لم يتسنى له الوقت كي يسرق الإبنه بسبب ظهور أحدهم على باب الملجأ، هرب الرجل ومعه الولد،

ترعرت الطفلة في الملجأ وحيدة، جاهلة حقيقة وجود أشقاء لها، واحدة من الجن، وواحد من البشر، أنتي يا "رقيه" هي البشرية أنتي وعماد شقيقك، و"عائشة" تكون شقيقتك الجنيه،

لهذا أنتي مميزه ولا تخشين من رؤية الجان، وبإمكانك أن تكوني في قوتهم وتذهبي لعالمهم متى أردتي ذلك، لكن طبعاً بتلاوة عهود ومواثيق كي تتخذي قدرات الجن التي أخفاها والدك في زواية مظلمة في عقلك أنتي وشقيقك،

أما "عائشة" فهي عكسكم، لا تعرف أنها بشرية وجنيه، هجين بين هذا وذاك، ولعلمكم جميعاً، "رقيه" وأشقاءها ليسوا الوحيدين بيننا المهجنين من نسلين مختلفين،

هناك مئات الآف بيننا ونحن فقط من لا يمكننا تميزهم، هم من يختارون أن يكونوا بيننا كبشر، أو يذهبون لعالم الجان ويكونون منهم، لكن ميزه الجان المهجن أنهم لا يعيشون مئات السنوات كالجان الطبيعي،

بل يعيشون كــالبشر ويموتون في متوسط أعمار الستينات والسبعينات كالبشر، لكنهم فقط لا يعرفون الخوف، لا يمرضون، لا يشعرون بالبرودة مثلنا، لأن بداخل أحماضهم النوويه أنصاف من الجمر النووي للجان،

وعلى كل حال عليكم أن تعرفوا بأن "رقيه" لا خطر منها أبداً بل بالعكس وجودها معكم هو ما يجعلكم في أمان، أن لديها قرين من الجن يحميها وإن قدر الله وحدث لها مكروه وتوفت بشكل غامض،

سيظل قرينها هنا في بيتكم ليكمل ما بدآته هي، أيضا لدى "رقيه" حارس آمين من جنود "حيرزان" عينه لــحماية "رقيه" وهناك مثله لحمايه الأبن الأخر، معني هذا أنه أمان وحماية أكثر لكم.

صمت الشيخ قليلاً، "رقيه" كانت كمن فقدت النطق، لكنها تسمع جيداً، سمعت كلام "يوسف" للشيخ وهو يقول بأحتقار:
_لم أكن أتخيل أن يحدث هذا لي أنا، الأن أصبحت الأمور منطقية، لكن يا شيخ أريد أن أعرف، بما أنني متزوج من جنيه،

هل ستتمكن من إيذائي إذا ما أغضبتها؟ أعني بما أنها إمرأة خارقة ولديها حرسها الخاص وإبنة ملك من ملوك الجان، هل محرم علي إغضبها كي لا تحرقني مثلاً، أو يحطم عظامي حراسها الأمنين؟

نظرت له "رقيه" بغضب كبير، أيضاً الشيخ غضب منه، قال له بجفاء:
_لا يا "يوسف" أن زوجتك إمرأة كــباقي النساء، والحرس هؤلاء ليسوا لينتقموا من كل من هب ودب وإقترب منها، أنهم لحمايتها من السحرة والجن، من الأشخاص الذين يودون إيذائها من عالمهم،

عالمنا لا يخصهم، لكن يا "يوسف" هذا لا يعني بأنه من حقك أن تضرب زوجتك أو تهينها، لأن هناك من يحميها ويرد لها حقها، من هو أقوى بكثير من الجان وملوك الأرض وما تحتها، أنه المولى عز وجل، هو من حرم علينا

نحن معشر الرجال الإفتراء على النساء، وقد وصانا الحبيب المصطفي صلاة الله وسلامه عليه "عليه أفضل الصلاة والسلام" قائلاً "ارحموا الضعيفين، المرآة واليتيم، وفي حديث أخر أوصنا بهم خيراً وفي حديث أخر حرمنا من

ضربهم والقسوة عليهم وطلب منا رحمتهم لأنهم ضعفاء منذ الخليقة ونحن هم سندهم وحصنهم في الحياة، أعني لا تعطي نفسك حق ظلم زوجتك لأنك ستجد من يخيفك أكثر من الجن لينتقم منك على قسوتك عليها وظلمك فيها، أحذرك يا بني، لا تخطأ هذا الخطأ العظيم، لأن عقابه وخيم.

نظر له "يوسف" وهو يرفع حاجبيه كمن لا يعجبه الكلام، عاد بنظره إلى "رقيه" وجدها تنظر له بغضب، رمقها بنظرات باردة قاتلة متوعدة بالشر، كأن كل ما قاله الشيخ لا يهمه أو يآثر فيه ولو قليلاً.

حزنت "رقيه" بشدة وتحطم قلبها، كادت أن تقف لتخرج من الغرفة وتتركهم، لكنها عادت في قرارها وهي تسمع "زين" يقول للشيخ بحزن شديد.

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي