اللا وجود

جنى موسى بيطار`بقلم

  • أعمال مشتقة

    النوع
  • 2023-09-30ضع على الرف
  • 40.2K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

1

كانت الشمس توهجُ خصلات شعرها المتموجة ذات اللون البني، كانت تبدو فاتنة جداً و هي ترسم ملامح المارّة ، تبتسم تارة و تتمعّن تارةً أُخرى، كانت جميلة جداً، طويلة،عيناها خضراوتان، كانت كثيرة الابتسام ناعمة الملامح، بسيطة جداً، كانت ترتدي فستان أبيض جميل رقيق، و كانت قد وضعت طوق عنق ناعم جداً يحمل إشارة "إشارة اللا نهاية" ، كانت تائهة تحاول أن تجد نفسها من بين العابرين، كانت تحاولي تناسي المتاهة بالرسم، كانت تبوح بما في داخلها بالرسم، اقتربت منها طفلة صغيرة ، كانت تلك الطفلة بشوشة جداً، كانت جميلة جداً بشعرها الكويل و قبعتها الصغيرة، كانت بريئة جداً هادئة الملامح، كانت تلك الفتاة تناظرها من بعيد فاقتربت و وقفت تنظر اليها و هي ترسم، بدأت تتمعن بالطفلة الصغيرة و ترسم ملامحها الهادئة لتتوه من جديد، كانت ملامحها تذكرها بشخصٍ ما..

_نيهان: ما اسمكِ؟

_ايليف:ايليف و انتِ أيتها الرّسامة ما اسمك؟

_ نيهان: اسمي نيهان أيتها الأميرة الصغيرة.

_ ايليف: رَسمُكِ جميل و اسمكِ أيضاً.

_نيهان: شكراً لكِ هذا من لطفك

_ايليف: هل تأتين الى هنا دائماً لِتَرسمي؟

_نيهان: نعم لدي ذكريات كثيرة هنا لذلك آتي الى هنا كي أتعايش جميع ذكرياتي التي مضت..

_ايليف: إذاً انتِ تنتظرين أحداً ما..

نسيت نيهان أن من تبوح لها بكل ما في قلبها مجرد طفلة، كانت نيهان متألمة جداً و هي ترد على الطفلة، كانت تحتاج لشخص ما تستند إليه و تفضفض بكل ما بداخلها، كانت تحتاج لأحد ما، لقريب ما لتبوح إليه بكل المشاعر و العواطف، بكل الآلام و الخيبات و المواجع، كانت تحتاج لحضن دافئ و ملاذ آمن..

_نيهان: نعم، ليتهُ يعود!

و بعد ان انتهت من رسم الطفلة أخذت اللوحة و أهدتها لتلك الطفلة الصغيرة ايليف
ثمّ أخذت صفحة بيضاء و وضعتها على المرسم لتغوص في رسم من أحبّت و لتعود لبداية الماضي ..


اسطنبول/تركيا

(على متن الطائرة)


مضيفة الطيران: تفضّلي سيّدتي لقد طلبتِ حضور أحد المضيفين.

نيهان: نعم أشعر بالغثيان قليلاً.

مضيفة الطيران: سأجلب لكِ بعض الأدوية التي ستفي بالغرض.

نيهان: شكراً لكِ.


مضيفة الطيران: لا تقلقي ها نحن نهبط الآن.


نيهان: شكراً جزيلاً على لطفك.


الكابتن: لقد هبطنا يمكنكم أخذ أمتعتكم و النزول من الطائرة.


نيهان مع نفسها: حسناً لأنهض الآن عليّ أخذ حقيبتي.

نهضت و أخذت الحقيبة التي قد وضعتها أعلاها سابقاً و بعد أن أخذتها بيدها اقترب شاب منها، كان عريض المناكب و طويل، كان وجهه جميل جداً، أسمر اللون بعينان كبيرتان عسليتان و كان شعره كثيف جداً بالإضافة الى كثافة لحيته، كان حاجباه كالسيف المسلول لجمالهما و أناقتهما، نظرت إليه نيهان و قد بدا الاعجاب يسود ملامح وجهها، احمرّت خجلاً فلقد ظنّت أنه يريد رقم هاتفها ليتواصل معها، ظنّت أنها قد نالت إعجابه لكنّ أحلامها تلاشت كالهباء المنثور بعد أن قاطع تفكيرها و هو يقول:

_ عفواً هذه حقيبتي!

_صُدِمَت نيهان من تدخل هذا الغريب و انفجرت غضباً و هي تقول:


نيهان: ماذا؟! ألا ترى أنها حقيبتي.


_ مدّ يده ليصافحها قائلاً:مرحباً انا كمال كنتُ أجلس في المقعد المجاور لك.


نيهان: و ما شأني أنا ؟


كمال: أولاً ليس من الجيّد رفض المصافحة.


نيهان: أيضاً هذا ليس من شأنك!


كمال: ثانياً كما قلتُ لكِ هذه الحقيبة التي في يدك هي حقيبتي انا!!!


نيهان: كلا بل هذه حقيبتي.


كمال: اذاً فلتنظري لشعار إسمي المطبوع عليها!

_توسّعت عيناها من إثر صدمتها،احمرت وجنتاها خجلاً نظاً لهذا الموقف المحرج ثمّ قالت


نيهان: إنها تبدو و كأنها حقيبتي لأنها تشبهها تماماً و لذلك أخطأت!


كمال: انظري الى حقيبتك إنها بالأعلى و لا داعي لشكري أو الاعتذار مني.


نيهان: و من قال لك بأنني سأقوم بشكرك أو الاعتذار منك! لا تتأمل.


كمال: لا أدري ما الصعاب التي واجهتيها حتى تبدي هذا التصرّف، سعيد بلقائك.


نيهان: لستُ سعيدة بلقائك بتاتاً.

كمال مع نفسه: فتاة مجنونة لكنها جميلة.


وصلت نيهان الى الفندق و استلمت الغرفة الخاصة بها ثم بدأت بالرسم فلقد كان الرسم هوايتها الأحب و شغفها الأعظم، بدأت ترسم ملامح كمال ذلك الشاب الذي صادفته في الطائرة كانت ترسم ملامحه بكل حذافيرها لقد نال اعجابها بالرغم من شجارهما.


نيهان مع نفسها: هناك بريق في عينيه لم أرى مثله قط !
اوه ماذا دهاني علي أن أنام فلدي عمل متراكم للغد..


حلّ الصباح و استيقظت نيهان على رنين المنبه.

_نيهان مع نفسها:اوه لااا لقد تأخرت يجب عليّ أن أسرع اليوم مهم جداً بالنسبة لي كيف أمكنني التأخر كل هذا الوقت.

ثمّ هرعت الى خزانتها اختارت طقم رسمي أنيق وردي فاتح اللون و بعد ان ارتدته تركت شعرها منساباً كما هو بتموجه الجميل و ارتدت حذاء ذات كعب أنيق مطابق للون الطقم تماماً.


في شركة سويدري، دخل مدير الشركة كمال سويدري و وقف جميع الموظفين و الموظفات و بدأوا بالترحيب به.


السكرتارية: سيّدي لقد أحضرتُ قهوتك.

كمال: ضعيها في مكتبي.

السكرتارية : حسناً سيّد كمال كما تريد.

كمال: أين السيد أمير.

السكرتارية: في مكتبه سيّدي.

كمال: حسناً شكراً لكِ، يمكنكِ الإنصراف.

السكرتارية: لا شكر على واجب.



في مكتب أمير..

كان يجلس أمير في مكتبه و يتناقش مع العملاء عن بعد عبر الحاسب الحمول، كان يضحك تارة و يغضب تارة لتظهر تجاعيد وجهه الناعمة، كان شعره كثيف السواد ناعم الوجه، كانت عيناه سوداوتان كلون شعره كانت ابتسامته مبهرة تظهر بياض أسنانه الناصع.

كمال: أراك بكامل نشاطك لليوم يا أمير و متأنق أيضاً ما هذا اللون الجديد.

أمير: بالطبع لأن صديقة طفولتي ستعمل معنا فكيف لي ألا أكون نشيطاً، أما الطقم فلقد أخذته اليوم إنه لون نيهان المفضل، اللون الخمري و لذلك ارتديته ألا يبدو جميلاً؟


كمال: نعم يبدو جميلاً.

أمير: و أنت الى متى ستبقى ترتدي اللون الأسود هيا فلتغيّر قليلاً يا صاح!

كمال بمزاح: هذا ليس من شأنك فلتكمل عملك.

أمير: حسناً حسناً العمل هو كل شيء بالنسبة لك.

كمال: ألا يبدو أن صديقتك تأخرت!

أمير: إرحمها قليلاً يا صاح هذا اليوم الأول لها في العمل و أعدك بأنها ستكون كفئ لعملها انها موهوبة جداً و ستستطيع رسم تصاميم تبهرك.


كمال: لنتأمل خيراً.


السكرتارية: عذراً سيّدي لقد أتت الموظفة الجديدة.

أمير: سأستقبلها.

كمال: انا سأكون بانتظاركما في مكتبي

أمير: حسناً


نظر أمير الى المرآة و بدأ يهذب و يرتب نفسه و ينسّق ملابسه قائلاً: أبدو وسيماً لماذا اقلق إذاً، هيّا لأستقبل حب طفولتي.

ثمّ خرج مستقبِلاً نيهان.

أمير: حمداً لله على سلامتك.

نيهان: شكراً لك أمير و أعتذر على تأخري.

أمير: لا تقلقي، كيف كان طريق عودتك من لندن.

نيهان: جيّدة الا أنني شعرت بالغثيان قليلاً كالعادة.

أمير: ألم أوصيكِ قبل صعودك الى متن الطائرة بتناول الطعام.

نيهان: كنتُ سأتأخّر على موعد طائرتي بالفعل.

أمير: حسناً المهم أنّك بخير هيا فلندخل الى غرفة شركي المدير كمال سويدري.

نيهان: حسناً أنا متوترة قليلاً.

أمير: لا تتوتري أو ترتبكي إنه إنسان خلوق جداً.

نيهان: حسناً إذاً لندخل.

دخل أمير برفقة نيهان و هو يقول لكمال: لقد أتينا

وقفت نيهال و هي تنظر الى كمال بدهشة و صدمة: أنت!!

كمال: أنتِ!!!

أمير: اووه لحظة لحظة هل تعرفتما على بعضكما من قبل؟


كمال و نهال معاً: نعم !!

أمير: اوه انظر للصدفة الجميلة!

نيهان بغضب: لا تسيء الظن يا أمير فتلك الصدفة لم تكن جميلة بتاتاً، من هذا هل يعمل معكم أيضاً.


أمير: نهااان إنه المدير!

نيهان بعد أن تناولت الصدمة و هي تمد يدها مصافحةً لكمال: حسناً تشرفت بمعرفتك أنا نيهان.

كمال: في السابق رفضتي مصافحتي لذلك لن أصافحك لننتقل للعمل حالاً.

نيهان بغضب: متغطرس لدرجة.

كمال: هذا نوعك المفضل غالباً.

نيهان: هذا ليس من شأنك.

أمير: حسناً حسناً يكفي شجار هيا لنبدأ بالحديث عن العمل.

كمال: نعم ! العمل فقط.

نيهان: و هل تراني ميّتة للتحدث معك في مواضيع أخرى، لقد جئتُ من أجل العمل فقط.

أمير: حسناً فلنهدأ قليلاً.

نيهان: حسناً سأخرج تصاميمي لتلقوا نظرة.

كمال: فلنرى!

أمير: انا متحمّس جداً لتصاميمك الرائعة.

نيهان: هذا من لطفك أمير.

كمال: حسناً أمير بلا مبالغة!

نيهان: لا تحكم على أي شيء دون رؤيته، تفضل هذه تصاميمي!

كمال: حسناً لأرى.

أمير: دعني أشاركك النظر يا صااح.

كمال بعد أن تمعن بنظره في التصاميم التي قامت نيهان بتصميمها:حسناً إنها جيّدة لكنّها تفتقر قليلاً لعصر الموضة، فمثلاً هذا الفستان يحتاج الى بريق أكثر ليُظهر خامته و ماهيته.

نيهان غضبت من تعليقه الذي لم ينال إعجابها بتاتاً لكنّها لم تظهر أي ردة فعل تجاهه.

نيهان: سأقوم بالتعديل عليهم إذاً.


أمير: اتفقنا إذاً، ما رأيكم بتناول الإفطار معاً؟

نيهان: لا شكراً سأذهب لتعديل التصاميم.

كمال: قومي بتعديلهم بعد تناول الإفطار.

نيهان: حسناً إذاً.



في مقهى الشركة كان أمير و كمال و نيهان يجلسون على مائدة الإفطار و أثناء تناولهم للطعام بدأ أمير حديثه.

أمير: إذاً نيهان لم تخبريني عن السكن الذي وجدته.

نيهان: في الحقيقة لم اجد سكن مناسب بعد و لذلك أقيم في الفندق حالياً.


كمال: يمكنكِ السكن بالشقة المجاورة لنا فهي لي و فارغة أيضاً.

نيهان: لا شكراً سأجد سكن عمّا قريب لا أريد إتعابكم معي.

أمير: اوووه نيهان تعب ماذا أرجوكِ اعقليها، لن تتمكني من ايجاد شقة كهذه صدّقيني!

كمال: على راحتك.

نيهان: حسناً إذاً سأنتقل للشقة المجاورة لكما.

أمير: أهلا و مرحب بكِ.

كمال: بالمناسبة لا اراكِ تتناولين الإفطار.

أمير: بالفعل فهي دائماً ما تهمل صحتها بهذا الشكل.

نيهان: لا يكنني تناول الطعام أكثر من ذلك شكراً لكنا على اهتمامكما.

كمال: اذاً فلتنتقلي اليوم.

أمير: حسناً إذاً سأصطحبها.

كمال: اذاً نلتقي في المساء.

أمير: اتفقنا.


ذهب أمير برفقة نيهان الى الفندق ليأخذ أمتعتها ثم اصطحبها الى شقتها الجديدة.

نيهان: هذه الشقة تبدو جميلة جداً من الخارج.

أمير: لقد كان يعيش بها كمال و من الداخل مرتبة جداً فهو ذات طراز متفرد و جميل.

نيهان: همم جميل.

أمير: هيا فلتفتحي باب الشقة.

نيهان: حسناً إذاً لندخل، اووه إنها جميلة جداً.

أمير: كما قلتُ لكِ، إنها شقة فريدة من نوعها و لن تجدي أي شقة مماثلة لها.

نيهان: كنتَ محق.

أمير: حسناً إذاً سأتركك لترتاحي الآن.

نيهان: شكراً لك أميؤ لن أنسى معروفك بتاتاً.

أمير: و هل يوجد بين الأصدقاء شكر؟

نيهان: بين الأصدقاء لا يوجد أي شكر أو أي اعتذار.

أمير: هذه هي صديقتي.


خرج أمير قليلاً و فجأة صرخت نيهان بصوتٍ عالٍ..

يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي