5

كان الجميع قلق بسبب ملامح كمال القلقة و المُربكة حيثُ كانت الحيرة و التساؤلات مرسومة على ملامح وجوههم جميعاً، كان أمير يحاول التدقيق في ملامح وجه كمال، كان يراوده شك بحدوث شيء ما قد يشكل خطر على الشركة و العمل و الموظفين، أما نيهان فلقد كانت تمسك بعقدها الذي في عنقها و تفكر بقلق نحو مستقبل عملها، كان الجميع يلتف حول حلقة الخوف و القلق و الشك ليقاطعهم كمال قائلاً..

_هناك خبر سيء و هناك خبر جيّد.

أمير: فلتبدأ بالأمر الجيد يا صاح يكفي قلق.

نيهان: أوافقك الرأي يا أمير.

كمال: حسناً إذا لقد حُسِمَ الأمر، فأما الخبر الجيد هو أنّ لدينا عميل في الهند يريد أن يصنع عرض أزياء مختلط بين تصاميم الأزياء التركية و الهندية..

نيهان بحماس و تشوق: وااااو

أمير: عظيييم إذاً ما الأمر السيء في الموضوع؟

كمال: الأمر السيء هو أنّه من الواجب ذهاب جميع مدراء العمل في شركتنا الى الهند في رحلة عمل مهمة لهذا الموضوع.

نيهان: هذه فرصة رائعة و عظيمة ما الأمر السيء بها.

كمال: الأمر السيء أننا سنضطر الى اغلاق الشركة مبدئياً و إكمال العمل عن بعد، لأنني سأذهب مع أمير و لن يكون هناك إداريين لهذه الشركة في غيابنا.

أمير: ألن تذهب نيهان معنا.

كمال: نعم ستذهب فهي المصممة الرسمية لشركتنا من بعد الآن.

كانت نيهان قد التهمها الحماس، كانت تطير فرحاً، صعدت على كرسيها أمام الجميع و بدأت ترقص من كثرة سعادتها، كانت تقول و تردد:

_رحلة عمل رحلة عمل رحلة عمللل و أخيراً...

كان كلاً من أمير و كمال ينظرون لها بعيون معجبة، عيون مغرمة بطفولتها و شقائها، كانا يشعران و كأنهما قد وقعا في عشق طفلة صغيرة، طفلة مبتهجة دائماً ما تكون سعيد و مترنمة، كان ينظر لها كمال دون أن يرف له جفن، أما أمير فكانت ابتسامته عارمة و كأنّ كل سعادة نيهان قد صُبّت على قلب أمير..

كانت ترقص فرحاً و تشارك الجميع سعادتها و ما هي الا ثوانٍ معدودة حتى استفاقت على نفسها التي نسيتها في لحظة سعادة عارمة، توقفت بحرج بعد أن احمرّ وجهها بالكامل من خجلها، بدت مرتبكة جداً رفعت بيديها توظب خصلات شعرها المتطاير، ثم نزلت من الكرسي بحياء رقيق، كانت جميع العيون عليها، كان كمال يشاهد سعادتها تارة و خجلها تارة اخرى، أما أمير فلقد كان على وشك حضنها لسعادته العارمة فهذه الرحلة ستكون الأجمل بالنسبة له لإنها برفقة حب طفولته..

نيهان بحياء: حسناً أعتذر لما بدرَ مني لكني متحمسة جداً لهذه الرحلة و هذا العمل، كل شيء جديد بالنسبة لي إلا أنني أثق بأنني سأنجح.

كمال: جميل و هذا ما نريده.

أمير: إذاً لنتسوق اليوم.

نيهان: بالمناسبة متى الرحلة؟

كمال: اليوم و بعد ساعة و نصف فقط!

أمير و نيهان معاً: ماذااا

بدت عليهم الصدمة الآن لتكمل نيهان قائلة:

_ماذا؟ أنا لم أفهم؟ أنا لستُ مستعدة بعد!

كمال: عندما نصل الى الهند سنستعد هناك لا تقلقي.

أمير: لكن والدك!

كمال: والدي بجانبه عائلته التي تحبه و ترعاه و تهتم به و كنا ترى أنا فرد منبوذ تماماً من تلك العائلة..

أمير: حسناً، لنذهب الى الكفيتيريا لنتناول شيء ما فأنا جائع.

نيهان: و أنا أيضاً متوترة و احتاج الى تناول الكثير و الكثير من الطعام و ذلك ليخف توتري..

كمال: حسناً لنذهب لتناول الطعام.

في المطعم جلس جميعهم على مائدة الطعام كانت نيهان تأكل بشراهة بينما كلاً من أمير و كمال اكتفيا بالتحديق بها، كانا منبهران بشراهتها فلقد كانت تأكل دون توقف، اقترب أمير من وجبة طعامه و أخذها بيديه التي كانتا ترتجفان من شراهة نيهان ثمّ مدّ يديه المحملتين بالوجبة باتجاه نيهان، نظرت اليه نيها بغرابة و دون أن تشعر أخذت وجبته و بدأت في تناولها، أما كمال فبقي محدقاً بها..

كمال: نيهان هل تريدين تناول وجبتي أيضاً.

نيهان: بالطبع كيف لي أن أحرجك دون تناول وجبتك.

ثمّ مدت يدها و أخذت وجبة كمال لتناولها..

نظر كمال الى أمير بصدمة عارمة ثم قال:

_هل تأكل بهذا الشكل منذ الصغر؟

أمير: لقد كانت تأكل أصابعي أيضاً لذلك لا يمكنني الاقتراب منها أثناء تناولها للطعام و هي متوترة..

كمال: و ما الذي يربك في هذه الرحلة يا نيهان؟

نيهان: المربك هو أنني سأذهب دون إخبار والداي..

أمير بصدمة: ماذااا؟ لماذا لن تخبريهم؟

نيهان بقهقهة غير مبالية كانت تتكلم بفم مملوء بالطعام: و هل تعتقد بأنهم سيقبلوا بذهابي؟

أمير: مع ذلك يمكنك المحاولة.

نيهان: لا أريد! بالإضافة إلا أنني لستُ صغيرة بل أنا فتاة بالغة راشدة عاقلة تجاوزت السن القانوني من زمن بعيد، على رسلك يا صاح انا فتاة عشرينية لذلك يمكنني الذهاب الى أي مكان أو أي بلد بقبولي أنا فقط.

أمير: حسناً حسناً آنسة بالغة راشدة عاقلة لقد فهمت.

نيهان: كم مدة الرحلة؟

كمال: شهر.

نيهان: هل تمازحني؟

كمال: نعم، مدة الرحلة خمس أيام.

نيهان و أمير بصدمة: خمسة أيام فقط.

كمال: نعم.

نيهان: لقد ضاع حماسي و ارتباكي سُداً.

بدأ كلاً من كمال و أمير بالضحك بقهقهات مرتفعة الصوت..

نيهان: لنذهب و نجهز حقائبنا.

كمال: نعم فلقد تبقى ساعة واحدة لطائرتنا للهند.

أمير: هيا إذاً..

ذهب كل من أمير و نيهان و كمال لتوظيب أشيائهم و حاجاتهم، كانت نيهان سعيدة جداً، أخذت ورقة صغيرة و بدأت بالكتابة..

_سيتحقق حلمي عمّا قريب..

و أخذت الورقة ثمّ ألصقتها على نافذة غرفتها المطلّة على الحديقة، ثمّ خرجت تحمل أشيائها الثقيلة بنفسها، خرجت من باب شقتها لتجد أمير و كمال ينتظرانها في الخارج، نظرا اليها بصدمة عارمة..

كمال: ماذا ستفعلين بكل هذه الأشياء؟

نيهان: هذه الخاجات قليلة جداً أتمنى أن تكفيني لمدة خمس أيام.

أمير: ههه لا تقلقي ستكفي و ستزيد أيضاً.

نيهان بغرابة: هيا هل ستبقيان تحدقان بي بهذا الشكل هيا فلتأخذو أشيائي من يدي.

اقترب كمال و أخذ حقيبتين ثم اقترب أمير و أخذ حقيبيتين أما نيهان فلقد حملت حقيبتي كمال و أمير الصغيرتين على كتفها و بدأت تتحدث مع نفسها قائلة..

_هل حقاً ستكفيهم هذه الحقيبتين الصغيرتين كيف لهم بكل هذا الاستهتار، شباب هذه الأيام مجانين على الصعيد العالمي..

في السيارة:

كمال: سنصل إلى المطار قريباً، رحلتنا لأول يومين لن تكون ضمن العمل، الاجتماع سيكون في اليوم الثالث، سنذهب للسياحة و الاتطلاع على تقاليدهم و لباسهم التقليدي علينا التركيز على تصاميمهم الحديثة التراثية.

نيهان: فهمت و هذا منطقي جداً.

أمير: سأتولى مهمة التصوير لمراجعة جميع المعلومات عند العودة.

كمال: بالضبط فهذا عملك.

نيهان: ماذا عن الطعام؟

أمير: ربما سنجرب الطعام الهندي هههه.

كمال: لقد حجزتُ لكم في فندق تركي الطراز و هناك جميع المأكولات تركية داخل الفندق، لكن ان اردتم تجربة الطعام الهندي فبالطبع سنجربه أثناء سياحتنا و اتطلاعنا.

نيهان بسعادة و بقفزة عالية و هي جالسة: مرحى!

كمال: متى ستكبرين يا نيهان.

نيهان: لا أعلم!! لكنّك لا تزال فظاً يا مديري العزيز!

أمير: مهلاًاااا!

كمال و نيهان معاً: ماذا هناك؟

يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي