8

كانت نيهان تشعر بالغضب بسبب أسئلة كمال المملة، نظرت الى كمال و قطبت حاجباها بعبس ثم قالت:

_لقد أضجرتني يا هذا من أسئلتك هذه.

كمال: هناك سر ما بسؤالي الأخير اذاً لذلك مللتِ و لن تجيبي.

نيهان: لا تفكر كثيراً فأفكارك تشوش عقلي.

كمال بغرابة: هل أزعجتكِ حقاً.

تجاهلت نيهان سؤاله و أرادت أن تغير الموضوع فقالت..

نيهان: متى سنصل؟

كمال: قريباً.

نيهان: سأوقظ أمير.

كمال: لا توقظيه إنه متعب.

نيهان: همم فلنطلب مشروب بارد.

كمال: لا أريد.

نيهان: لماذا؟

كمال: في الواقع أنا أشعر بالجوع.

نيهان: لنطلب طعام إذاً، لنطلب السمك المشوي.

كمال: همم تريدين تناول طبقي المفضل معي.

نيهان ضمّت شفتاها كالأطفال و أجابته: أنا أحبه أيضاً حتى لو لم يكن طبقي المفضل يمكنني تناوله و بشهية أيضاً.

كمال: همم تبدين كالأطفال.

نيهان: و أنت.

كمال: أنا!!

نيهان: نعم أنت!

كمال: سأطلب الطعام و أنتِ يمكنك إيقاظ أمير فقد يكون جائع هو أيضاً.

نيهان: حسناً إذاً.

في مكان آخر حيث ليلى:

استيقظت الفتاة الصغيرة سوزان بعد مرور بعض الوقت، عندما استيقظت أقبلت الممرضة تنادي للطبيب مخبرةً إياه بخبر استيقاظها، دخلت ليلى سريعاً الى الفتاة، جلست بجانبها و أمسكت بيدها سائلةً إياها..

ليلى: هل أنتِ بخير يا عزيزتي؟

الطفلة سوزان: انا بخير شكراً لكِ على إنقاذي.

ليلى: لا شكر على واجب يا صغيرتي، أريد أن أسألك بعض الأسئلة هل ستجيبيني بصدق؟

الطفلة سوزان: بالطبع.

ليلى: هل أتيتِ للحديقة لوحدك يا صغيرتي.

الطفلة سوزان: نعم دائما ما أذهب إليها لوحدي.

ليلى: لماذا لوحدك؟ أقصد أين والداكِ؟

الطفلة سوزان: والدي غير موجود لقد مات منذ سنين، أمي دائماً ما تبقى منشغلة بعملها..

ليلى: إذاً سأوصلك الى منزلك انا.

الطفلة سوزان: شكراً لكِ يا خالة ليلى.

ليلى: العفو يا أميرتي.

دخل الطبيب مقاطعاً إياهما، ذهب باتجاه الفتاة الصغيرة و بدأ يسألها قائلاً:
_كيف تشعرين الآن يا صغيرة.

الطفلة سوزان: بأفضل حال يا حضرة الطبيب شكراً لك على اهتمامك بي.

ليلى: سأوصل سوزان الجميلة الى منزلها يا حضرة الطبيب، هل يمكنك إعطائي وصفة لجميع الأدوية التي تحتاجها.

الطبيب: بالطبع.

في الطائرة:

بعد أن طلب كمال الطعام و استيقظ أمير جلسوا مع بعضهم البعض و بدأوا في تناول الطعام سويّة، كانوا جائعين جداً لدرجة أنهم تناولو جميع الأطباق الموجودة، و بعد مرور بعض الوقت انتهوا من الطعام و عادوا للعمل من جديد، كانت نيهان تعمل على تعديل التصاميم أما كمال فلقد كان يعمل على وضع خطة مميزة للمشروع الجديد، أما أمير فكان يعمل على تعديل بعض صور عارضات الأزياء الخاصة بتصاميمهم.

لاحظت نيهان تشابه بعض التصاميم و لذلك بدأت تتناقش من كمال في موضوع التصاميم، و طرحت فكرة وضع تصاميم مختلفة عن بعضها البعض بهدف التميز.

لم يعارض فكرتها كمال بل على العكس فلقد مدح في أفكارها و اجتهادها.


و بعد مرور عدة ساعات و أخيراً وصلوا الى المطار، كان كمال برفقة نيهان ينتظران وصول أمير الذي أراد دخول الحمام..

نيهان: لقد تأخر أمير.

كمال: هو هكذا في العادة دائماً ما يتأخر، سأجلب لكِ مشروباً بارداً.

نيهان: حسناً سأنتظرك.

ذهب كمال مُسرعاً ليجلب بعض المشروبات الباردة و بقيت نيهان لوحدها، كانت نيهان تشعر بحرية مطلقة، كانت سعيدة جداً لاجتيازها أول عقبة فكل ما تريده هو اجتياز العقبات و الوصول لهدفها..

بدأت تحاور نفسها قائلة:

"لقد مللتُ من انتظار كل من أمير و كمال سأذهب قليلاً للخارج لعلي أستمتع قليلاً"

توجهت لخارج المطار و بدأت تمشي قليلاً في الشارع المقابل للمطار و في تلك الأثناء كان كمال قد اشترى بعض المشروبات الباردة و ذهب باتجاه مكانهم إلا أنه عندما وصل لم يجد سوى أمير الذي كان يجلس على الكرسي، اقترب منه كمال ثم سأله قائلاً:

"أين نيهان لا أراها"

أمير: لقد ظننتُ أنها معك.

كمال: لقد ذهبت لشراء بعض المشروبات الباردة و أخبرتها أن تنتظرني!

أمير: اللعنة! كيف سنجدها الآن!

كمال: سأبحث عنها في الخارج و انتَ ابحث عنها هنا.

أمير: حسناً هاتفني إن وجدتها.


بدأ أمير بالبحث في الندوات و الأماكن الظاهرة في فناء المطار، ثم توجه الى الحمامات الخاصة بالسيدات، كان شعور الخوف و القلق على نيهان ظاهر على ملامح وجهه، كان قلق عليها جداً لدرجة رجفان يديه، مشى قليلاً للأمام ليجد فتاة مستديرة الظهر و الوجه كانت ترتدي ملابس مماثلة لنيهان تقريباً، كانت مماثلة الشعر و المظهر من الخلف بدت علامات السعادة على وجهه تظهر ذهب اليه و وضع يده على كتفها دون أن يرى وجهها قائلاً:

"و أخيراً وجدتك"

استدارت الفتاة التي لم تكن نيهان أبداً و كانت علامات الغرابة و الدهشة ظاهرة على وجهها، عندما نظر اليها صُدِم تماماً و اعتذر منها على ما بدر منه قائلاً:

"أعتذر لقد ظننتكِ صديقتي"

ردت عليه بابتسامة قائلةً: لا مشكلة أتمنى أن تجدها.

أمير: شكراً لك.


بينما كان كمال يبحث عن نيهان بالفناء الخارجي للمطار وجد نيهان و أخيراً، كان يسير نحوها دون أن تراه، إلا أنه في تلك الاثناء لاحظ أنها كانت تسير في وسط الطريق دون أن تعير اهتمام لسلامتها فلقد كان الطريق مكتظ بالسيارات و وسائل النقل الأخرى، بدأ يتجه نحوها بشكل أسرع عندما وجد سيارة تقترب باتجاهها، ركض اليها سريعاً و سحبها من يدها اليه، كان يعانقها بشدة و هو مغمض عينيه بينما هي كانت مصدومة بسبب ردة فعله.

ابتعد عنها قليلاً بغضب و أمسك بزراعيها قائلاً لها صارخاً و هو في قمة غضبه:

"لماذا أنتِ مهملة لهذه الدرجة، ألا تري بأن تلك السيارة كانت من الممكن أن تدهسك!"

كانت نيهان تائهة ببريق عينيه و بنفس الوقت كانت مصدومة جداً بسبب خوفه و قلقه عليها، أجابته بارتباك قائلة:

"كنتُ أضع سمّاعاتي الخاصة بي و أستمع للموسيقى لذلك لم أنتبه أو أركز على الطريق.

كمال: هل كنتِ تقولين عن نفسك بأنكِ بالغة و عاقلة و راشدة! برأيي اسحبي كلامك فأنتِ لا تشبهين العقلاء نهائياً.


نيهان: و من قال لك ذلك!

كمال: تصرفاتك الغير جديرة بالثقة.

نيهان: حسناً سأهدأ لأنني لا أريد الدخول في مشاكل أريد أن أعيش بسعادة خلال لحظات هذه الرحلة، سأعود الى أمير الى اللقاء.


شعر كمال بأنه قد بالغ في غضبه من نيهان، اقترب منها و أمسك يدها قائلاً: _نذهب معاً.

بقيت نيهان صامتة و أكملت مسيرها برفقة كمال و عادا معاً الى الداخل حيث أمير.

عندما دخلا كل من كمال و نيهان وجدا أمير يبحث عند باب الدخول و في آن واحد انتبه أمير لدخول كمال و نيهان، لذلك ركض امير مسرعاً نحو نيهان و عانقها قائلاً لها بخوف و قلق:

"أينَ كنتِ لقد بحثتُ عنكِ في كل مكان هنا و لم أجدك"
ثم ابتعد عنها لينظر إليها و يدقق بها ثم أمسك يدها و قال لها:
"هل أنتِ بخير"

ضحكت نيهان ثم قالت: ماذا بك أمير لا تبالغ لم يحدث لي أي مكروه يا صاح هيا متى سيأتون لاستقبالنا.

كمال: هنا في مطار الهند كما تلاحظون مزدحم جداً لذلك أخشى أن لا يتمكنوا من التعرف علينا بسبب هذا الازدحام المتزايد.

أمير: لا تقلقو لقد جهزتُ لافتة و كتبت اسم شركتنا عليها سنقف عند محطة الانتظار و نمسك باللافتة و بهذه الطريقة سيتعرفوا علينا بكل سهولة.


اقتربت نيهان و أمسكت وجنتي أمير و شدتهم بكل طفولة و هي تقول: صديقي الذكي أحسنتَ صنعاً.

نظر اليها أمير بسعادة لمدحها له و اكتفى بغمزها..

أما كمال فكان يلاحظ تقربهم الشديد و كان يفكر في نفس الوقت بردة فعله الغريبة تجاه نيهان..

و ما هي الا دقائق حتى ورد اتصال لكمال، كان الاتصال وارد من العميل، بدأ العميل يتحدث باللغة الانجليزية لعدم اتقانه للغة التركية..

العميل: مرحباً كيف حالك سيد كمال.

كمال: أهلاً سيد آرجون، بخير شكراً لك.

العميل: انا انتظرك مع شركائي في غرفة الاجتماعات الموجودة في المطار.

كمال: حسناً خمس دقائق و سأكون مع شركائي في القاعة.

العميل: اتفقنا نحن بانتظاركم.

_ثم أغلق كمال الهاتف ليحادث نيهان و أمير قائلاً:

كمال: لقد أتى العميل لاستقبالنا شخصياً مع شركائه و هو بانتظارنا في قاعة الاجتماعات.

أمير: إذاً هيا لننطلق.

نيهان: مرحى أنا متحمسة جداً، لكن هناك سؤال يجول ذهني!

كمال: ما هو؟

نيهان: كيف سيفهم لغتي!

كمال: هل تجيدين التحدث باللغة الانجليزية.

نيهان:طبعاً.

كمال: جيد إذاً يمكنكِ التحدث معه بالانجليزية.

نيهان: همم جميل، اتفقنا إذاً.


توجهوا جميعاً الى قاعة الاجتماعات في جناح المطار المخصص، و ما هي الا ثلاثة دقائق حتى وصلوا، و عندما وصلو استقبلهم العميل و رحب بهم، ثم جلسوا و بدأوا في التعارف.

كمال: تشرفت بلقائكم و إنه لشرف عظيم لكوني سأعمل معكم في هذا المشروع الضخم و المميز.

العميل: و نحن محظوظون جداً لاختيار شركتكم فلا يمكن لأحد أن ينكر كفاءة عملكم.

أمير: هذا لطفٌ منك.

نيهان: نحن نضمن لكم النتيجة المميزة التي ستحصلون عليها من خلال تعاونكم معنا.

العميل: هذا أسعدني جداً شكراً لكم.


كانت نيهان تدقق في العميل و شركائه من ناحية ارتدائهم للتصاميم المختلفة و المتنوعة و تدون في دفتر ملاحظاتها، لقد كان آرجون شاب هندي و هو صاحب أكبر شركات تصميم الأزياء في الهند، آرجون بيلاني، كان شاب طويل عريض المنكبين، حنطي اللون ذا شعر أسود كثيف و لحية كثيفة، و كانت عينيه عسليتان اللون، كان لديه غمازتان قد أضافتاه له جاذبية أكثر لجماله و أناقته، كان صوته حاد جداً إلا أنه كان أنيق المظهر، كان يرتدي زي رسمي أسود مُضاف إليه بعض الزخرفة الهندية من جانب واحد، كان يبدو مثالي جداً.

و بعد ان انتهى التعارف ذهب كل من كمال و نيهان و أمير الى الفندق الخاص بالعميل و عندما وصلوا استلم كل من كمال و أمير و نيهان مفاتيح غرفهم الخاصة بهم..

نيهان: حسناً سأذهب الى غرفتي لأرتاح قليلاً.

كمال: سأذهب للنوم غداً نلتقي.

نيهان: كم أنت ممل يا صاح.

أمير: اوافقك الرأي يا نيهان، برأيي اذهب انت للنوم نحن سنرتاح قليلاً و نبدأ التجوال في هذه المنطقة الجميلة مومباي.

نيهان بسعادة: ههه مومباي ترحب بنا.

ثم دخلت نيهان الى غرفتها، و ذهب أمير هو الآخر الى غرفته، بيننا كمال كان يفكر أيضاً بالذهاب معهم.

يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي