6

أمير: لقد نسيتُ إحضار هوّيتي الشخصية.

كمال بغضب: كم أنتَ عبقري!

نيهان: هيا فلنعد.

أمير: سأعود لوحدي ربما لن أستغرق وقت طويل لوحدي.

كمال: حسناً انزل من هذه السيارة و اطلب سيارة أخرى حالاً.

أمير: سيارة ماذا سأستقل دراجة ذلك الرجل.

نيهان: أمييير أريد الذهاب معك.

كمال: هكذا سيتأخر، هيا أمير فلتذهب نحن سنكون بانتظارك في المطار.

أمير: حسناً إذاً لقد اتفقنا.

كانت نيهان تشعر بالضجر لمرافقة كمال لوحده فهو دائماً ما يكون صامت عاقد الحاجبين، فكانت تنظر من نافذة السيارة الى الطريق تارة و تحادث أصدقائها على الانترنت تارة أخرى، أما كمال فلقد شعر بضجر نيهان و لذلك أحب أن يبدأ بأطراف الحديث...

كمال: ما الأشياء التي تريدين القيام بها في الهند.

نيهان بسعادة و حماس كانت مع كل جملة تنطقها تقفز فرحاً و هي جالسة..

_أريد تجربة لباسهم أولاً و الذهاب الى معالم الهند الأثرية و المعروفة بالاضافة الى انني أريد تجربة طعامهم، بالمناسبة هل سمعت بزبدة الكاري؟

كمال: لا، ما هذه؟

نيهان: إنها الأكثر شهرة في الهند فهي تُأكل بجانب أغلب أطعمتهم و أطباقهم.

كمال: همم جميل.

نيهان: و أنت؟

كمال: ماذا؟

نيهان: أقصد ما الذي ستفعله في الهند.

كمال: سأرافقك.

نيهان: ههه جميل.

كانت نيهان تشعر بنبضات قلبها المتسارعة بسبب قربها الشديد من كمال، كان الاعجاب واضح في ملامح وجههما كلاهما، كانا في بداية الإعجاب، ذلك الإعجاب الذي يتسلل إلينا رويداً رويداً حتى يوصل بنا الى الطامة، الى الحفرة، الى الفخ..

من يعلم ماذا يخبئ الزمن، المستقبل دائماً ما يكون مجهول الهوية كالمواطن الذي في غربته بلا هوية أو تعريف..

كانت عيونهما مليئة بالمشاعر من مختلف أنواعها، حاولت نيهان الكف عن إظهار مشاعرها فبدأت تتناسى الشعور عبر هاتفها المحمول كانت تحاول التقليب في هاتفها و رؤية أي شيء قد ينسيها بأنها مع كمال لوحدها، كانت مرتبكة جداً كان قلبها يرتجف، الشعور الأول، الاعجاب المبهم، كل العواطف كانت تبدو على شكل نار متجهمة في عرش قلبها..


و بعد أن وصلا الى المطار تفاجئا برؤية أمير في مقدمة بناء المطار، كانا مصدومان تماماً فلقد استطاع أمير اللحاق بهم بل و سبقهم أيضاً..


كمال: أمير كيف وصلت الى هنا بهذه السرعة؟

أمير: عندما ذهبت لأتكلم مع صاحب الدراجة النارية لاحظتُ أن هويتي الشخصية في جزداني أي أنها كانت بحوذتي، لذلك أردتُ العودة إليكما لكنكما كنتم قد مضيتم قدماً بالفعل و لذلك اصطحبني الرجل بدراجته النارية الى هنا.


نيهان: همم جميل إذاً، أين رقائق البطاطس التي أوصيتها لك، لم تحضرها صحيح!

أمير: كيف لي أن لا أحضر ما طلبته، طبعاً أحضرت لك ألذ رقائق، لقد اشتريتها و أنا في طريقي الى هنا.

نيهان بسعادة: أمييير أنتَ الشخص المفضل لدي.



كان أمير يطير فرحاً بسماع نيهان و هي تمدحه، أما كمال فلقد كانت رائحة نيران الغيرة ظاهرة تماماً إلا أنه حافظ على صمته و عقدة حاحباه.

جلسوا في غرفة الانتظار حيث كانوا ينتظرون موعد طائرتهم، كانت نيهان منهكة جداً لذلك أغمضت عينيها لتحاول النوم قليلاً قبل الصعود الى الطائرة، كانت تحاول إسناد رأسها على المقعد الا أنها لم تستطع التأقلم على النقعد بسبب صلابته، لاحظ أمير ذلك فاقترب اليها و جلس بجانبها ثمّ وضعت رأسها على كتفه محاولةً النوم، فلطالما كان أمير صديقها منذ الطفولة فلذلك كان محل ثقة بالنسبة لها، أما كمال فاكتفى بالنظر دون أي تعليق متجاهلاً الحرائق التي بداخله..

و بعد مرور ربع ساعة تقريباً أعلنت إدارة المطار عن رقم رحلتهم، أخذ كل من كمال و أمير الأشياء ثم تبعتهم نيهان، و بعد تفتيش الحقائب و الأشياء و تسليم تيكيت الطائرة صعدوا على متن الطائرة و كان مقعد نيهان بجانب مقعد كمال بحسب الترتيب التسلسلي...

جلست نيهان و أغمضت عينيها كانت ترتجف، لقد كان الخوف ظاهر جداً عليها، ظلّ كمال يحدق بها و هي مغمضة الأعين بسبب خوفها و ارتباكها، بدأ يعلن كابتن الطائرة عبر مكبر الصوت قائلاً:

_حان وقت الإقلاع.

عندما سمعت نيهان بذلك أمسكت يد كمال و بدأت بالشد عليها لكثرة خوفها من الطائرة و لحظة الاقلاع، كانت تجلس بجانب النافذة و ذلك زاد من خوفها و ارتباكها أكثر، لم تكن تتمكن من النظر كانت مغمضة العينين طوال الوقت، عندما لاحظ كمال خوفها اقترب منها و أمسك بيدها قائلا:

كمال: أنا هنا لا تخافي.

نيهان: لدي فوبيا من صعود الطائرة لكنني لم ارد إضاعة هذه الرحلة من يدي لذلك قبلتُ بالمجيء، انا خائفة جداً!

كمال: هل تعلمين؟

نيهان: ماذا؟

كمال: الطائرة كالسيارة تماماً الفرق الوحيد هو أن الطائرة تسير في الأعلى و السيارة تسير في الأسفل.

نيهان: ما هذا التشبيه!

كمال: حاولي فتح عينيكِ و ستتأكدين مما أقوله.

نيهان: حسناً سأحاول لكنك ستتحمل العواقب.

ضحك كمال و قال مجيباً: حسناً إذاً اتفقنا.

بدأت تفتح نيهان عينيها رويدً رويداً حتى فتحتهما بالكامل، نظرت الى نفسها، شعرت بأنّ الطائرة مشابهة جداً للسيارة، فلم تكن تشعر أنها بالجو أبداً.

كمال: أحسنتِ، بماذا تشعرين الآن؟

نيهان بسعادة و راحة: كنتَ على حق!ش

كمال: أرأيتِ؟

نيهان: نعم لكنني لا زلت أهاب النظر من نافذة الطائرة!

كمال: إذاً فلنبدأ بالخطوة التالية.

تفاجئت نيهان و قالت: خطوة تالية! ما هي هذه الخطوة؟

كمال: النظر من نافذة الطائرة.

نيهان: ماذا؟ مستحيل لا يمكنني أن أنظر من النافذة نهائياً!

كمال: حاولي إنه المنظر الأروع على الاطلاق، لن تشاهدي مثله قط.

نيهان: أحقاً ما تقوله؟

كمال: بالتأكيد، هيا حاولي فلتنظري للسماء و الغيوم و الأرض من الأسفل فلتنظري لجمال و إبداع الخالق، سبحان الله.

نيهان: سأحاول لكن سأبقى ممسكة بيدك لأنني لا زلت أخاف ان أنظر.

كمال: حسناً هيا ابدأي بالنظر.



اقتربت نيهان من نافذة الطائرة و بدأت تحدق في السماء و الغيوم و طبيعة الأرض عن بعد، كانت تنظر بصدمة، كان المنظر الرائع يشدها أكثر إليه، لم ترفع نيهان نظرها عن السماء أبداً، لقد واجهت خوفها بفضل الله ثم كمال، كانت تنظر بسعادة، كانت تشعر و كأنها فراشة ملونة زاهية حرّة طليقة..


نيهان: انظر لهذه الغيوم تبدو و كأنها تشكل رسمة ما.

كمال: نعم إنها تبدو جميلة جداً.

نيهان: شكراً لك كمال على تشجيعي لرؤية هذا المنظر الرائع.

كمال: لا شكر على واجب.

نيهان: انظر لم أعد خائفة أو قلقة، و لم أعد أرجف كما في السابق.

كمال بقهقهة: انظري الآن لأمير المسكين ههه إنه يحاول النوم لكنه لا يستطيع بسبب الأطفال الذين بجانبه ههه.

نيهان: المسكين ههه.

كان أمير يجلس بجانب طفلان كان يحاول النوم لكنه لم يستطع بتاتاً بسبب ضجيج الأطفال و مشاجراتهم، كان ينظر تارة لنيهان التي تمناها أن تكون بجانبه في الطائرة إلا أن إدارة الطائرة كان لها خطط أخرى، و فجأة رنّ جرس الإنذار..

يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي