الفصل 1 الجزء الأول المغادرة

تقع سلسلة جبال أزليسيان بين إمبراطورية باهروث ومملكة ري إستيز. كانت سفوحها الجنوبية محاطة بغابة مترامية الأطراف - غابة توب العظيمة - وكانت هناك بحيرة ضخمة عند الحافة الشمالية.
كان حجم هذه البحيرة اكثر من عشرين كيلومترا مربعا، وتشبه القرع المقلوب. تم تقسيمها إلى البحيرة العليا والبحيرة السفلى. كانت البحيرة العليا عميقة للغاية، و موطنا لمخلوقات أكبر، بينما كانت البحيرة السفلى هي المكان الذي تعيش فيه المخلوقات الأصغر.
أحيطت النهاية الجنوبية للبحيرة السفلى بالأراضي الرطبة، وقد تم تشييد عدد لا يحصى من الهياكل في هذه المنطقة المستنقعية الكبيرة. تم بناء كل من هذه المنازل في المستنقعات ودعم كل منها بنحو عشرة ركائز.
من بين العديد من المنازل ذات الركائز، كان أحدها مفتوحا، وكشف صاحبه نفسه للجميع تحت أشعة الشمس الذهبية.
كان أحد أنضاف البشر المعروفين باسم رجال السحالي.
...
يشبه رجال السحالي الخليط بين البشر والزواحف. على وجه الدقة، كان لدى رجال السحالي أيادي وأقدام شبيهة بالبشر وكانت في الأساس سحالي ذات قدمين، على الرغم من أن رؤوسهم لا تشبه رؤوس البشر على الإطلاق.
وباعتبارهم أنصاف بشر - إلى جانب أعراق مثل الجوبلن و الغيلان — فقد تم وصفهم بالمتوحشين، بسبب نقص التكنولوجيا وطريقة الحياة التي يعيشونها. ومع ذلك، لا يزال لديهم حضارة خاصة بهم، على الرغم من أنها لم تكن متقدمة جدا.
يبلغ متوسط طول الذكور الناضجين حوالي مائة وتسعين سنتيمترا ويزنوا أكثر من مائة كيلوغرام. لم تكن كتلة أجسامهم مكونة من دهون، ولكن من عضلات منتفخة، مما ساهم في تكوين لياقة بدنية مثيرة للإعجاب.
نبتت ذيول الزواحف من خصورهم، والتي استخدموها للحفاظ على توازنهم.
كانت أقدامهم كبيرة مع أصابع مكشوفة، ومحسنة للحركة في المياه والأهوار. لذلك، لم يكونوا بارعين في الحركة بريا، لكن هذا لم يشكل مشكلة بالنسبة لهم نظرا لبيئتهم المعيشية.
(القور والجمع أهوار هي أرض رطبة منخفضة تنبت فيها بعض النباتات العشبية كالقصب والحشائش أو نبات البردي وغيره من النباتات الأخرى، وعادة توجد الأهوار في أماكن تعمل طبيعة الأرض ونوع التربة على إيجاد بيئة رطبة، مما يؤدي إلى تكون هور)
غطت الحراشف أجسادهم تراوحت ألوانها من الأخضر القذر إلى الرمادي إلى الأسود. فبد لا من الجلد الشبيه بالسحالي، كان لديهم جلود قاسية تشبه جلود التماسيح، والتي حمتهم بشكل أفضل من الدروع البشرية السفلية.
امتلكوا خمسة أصابع، مثل أيدي البشر، وامتلك كل إصبع مخلب قصير.
استخدموا الأسلحة البدائية للغاية، لأنهم لم يحظوا قط بفرصة استخراج الخامات وصقلها من أجل التسلح. وهكذا، كانت أسلحتهم الأكثر شيوعا هي الرماح المصنوعة من أنياب ومخالب الوحوش، فضلاً عن الهراوات ذات الرؤوس الحجرية.
...
علقت الشمس الساطعة عاليا في السماء اللازوردية، مع بضع سحب سريعة الزوال تقطع الامتداد اللامتناهي للسماء. كان الطقس جيدا جدا، ويمكن للمرء أن يرى بوضوح القمم الشاهقة من بعيد.
كان لدى هذا الرجل السحري مجال رؤية واسع، وكان بإمكانه رؤية الشمس الحارقة في الأعلى حتى دون أن يدير رأسه. نظر - زاريوسو شاشا - إلى الأسفل لفترة وجيزة، بعدها نزل الدرج بخطى ثابتة.
تمسك زاريوسو بالعلامة التي على صدره ذو الحراشف السوداء.
مثلت تلك العلامة موقعه في القبيلة.
كانت قبائل رجال السحالي مجتمعا منظما بدقة، وكان أعلى سلطة بينهم هو زعيم القبيلة. لم يكن المنصب وراثيا. تم منحه لأقوى شخص داخل القبيلة. كل عام، كانوا يقيمون حفل لاختيار زعيم قبيلة جديد.
بالإضافة إلى ذلك، كان هناك مجلس للشيوخ يقدم المشورة للزعيم، ويتألف من أكبر أعضاء المجتمع. أسفلهم كان رجال السحالي المحاربين، و رجال السحالي العاديين، و نساء السحالي، ورجال السحالي الأطفال. معا كانوا يشكلون مجتمع رجال السحالي.
بالطبع، كان هناك بعض رجال السحالي الذين وقفوا خارج هذا التسلسل الهرمي.
أولاً، كان هناك الكهنة - الكثير من الكهنة في الواقع - الذين توقعوا الخطر القادم من خلال التنبؤ بالطقس أو مساعدة القبيلة بالسحر العلاجي.
و هناك الجوالين الذين شكلوا مجموعات للصيد. كانت مهمتهم الرئيسية هي صيد الأسماك، لكن السحالي العاديين سيساعدون في هذه المهمة أيضا. وبالتالي، كان أهم عمل لهم هو أنشطتهم في الغابة.
يأكل رجال السحالي اللحوم، لكن نظامهم الغذائي
الرئيسي كان نوعا من الأسماك يبلغ طوله حوالي ثمانين سنتيمترا، وكرهوا الخضار والفواكه. ومع ذلك، كان لا يزال يتعين على الصيادين دخول الغابة لأغراض قطع الأشجار. لم تكن الأرض آمنة لرجال السحالي؛ لذلك كانت هناك حاجة إلى المتخصصين عندما يذهبون لقطع الأشجار.
وبينما كانوا في مقدورهم التحرك كما يحلو لهم واتخاذ قراراتهم بأنفسهم، فقد كانوا في النهاية خاضعين لسلطة زعيم القبيلة. كان مجتمع رجال السحالي أبويا، مع قواعد ومسؤوليات محددة بوضوح لأعضائها.
ومع ذلك، كان هناك البعض ممن كانوا خارج سلطة زعيم القبيلة.
و هؤلاء هم المسافرون.
قد يفكر المرء في الأجانب عندما يسمع كلمة "المسافرون". ومع ذلك، هذا مستحيل. كان مجتمع رجال السحالي مجتمعا مغلقا بشكل أساسي، ولم يقبل أي شخص خارج القبيلة.
في هذه الحالة، من هؤلاء المسافرون؟
كانوا رجال السحالي الذين يريدون استكشاف العالم.
بشكل أساسي، لن يترك رجال السحالي مكان ولادتهم إلا إذا كانت مسألة حياة أو موت - على سبيل المثال، عندما تهرب الفريسة - أوحالة طوارئ رهيبة مماثلة. ومع ذلك، كان هناك عدد قليل من رجال السحالي الذين تعطشوا للحصول على فرصة لرؤية العالم الخارجي.
عندما يقرر المسافر ترك قبيلته، سيحصل على علامة خاصة على صدره. كان يمثل رحيله عن القبيلة وسلطتها.
في كثير من الأحيان، لم يعد أولئك الذين غادروا للسفر إلى العالم الخارجي. أحيانا ماتوا بعيدا عن منازلهم، وأحيانا وجدوا مكانا للإقامة في العالم الجديد الواسع الذي اكتشفوه، وما إلى ذلك. ومع ذلك، عاد عدد قليل من الأشخاص إلى منازلهم بعد أن شبعوا برؤية العالم.
أولئك المسافرون الذين عادوا إلى مسقط رأسهم نالوا استحسانا كبيرا لمعرفتهم بالعالم الخارجي التي جلبوها معهم. ربما كانوا غرباء تهربوا من سلطة الزعيم، لكن في لحظة يمكن أن يصبحوا مشاهير محليين.
في الواقع، كان هناك بعض القرويين الذين حافظوا على مسافة محترمة من زاريوسو، ولكن في الغالب نظر إليه الخرون بعيون إعجاب. ومع ذلك، لم يكن هذا لمجرد أنه كان مسافرا. كان هناك سبب آخر لإعجابهم -
عندما ذهب إلى المستنقع، قعقع سلاحه المفضل عند خصره وهو يلامس حراشفه.
كان لهذا السلاح حافة شاحبة وحادة وينبعث منها وهج باهت. كان شكله غريبا، يشبه الساي الذي امتزج نصله وقبضته في واحد، لكن النصل يصبح أرق كلما ابتعد عن المقبض، حتى يصبح رقيقا عند طرفه.
(ابحثوا عن شكل الساي في جوجل لم أستطع شرحه الصراحة، Sai)
لم يكن هناك رجل سحلية لا يعرف هذا السلاح. كان واحد من العناصر السحرية التي تعتبر الكنوز العظيمة الأربعة لقبائل رجال السحالي المحيطة - ألم الصقيع.
كانت حقيقة امتلاكه لهذا السلاح مصدرا رئيسيا لشهرة زاريوسو.
تقدم زاريوسو إلى الأمام.
كان لديه وجهتان في ذهنه. كان على ظهره هدية سيأخذها إلى أحد تلك الأماكن.
كانت الهدية أربع أسماك طول كل منها مترا واحدا. حملهم على ظهره وهو يمضي قدما، ولم تنفره رائحتهم، بل أثارت شهيته.
كم أرغب في تناول هذه الأسماك - كان على زاريوسو أن يتجاهل هذه الرغبة بينما كان يتنهد عدة مرات وهو يرش المياه الضحلة باتجاه قرية المخلب الأخضر.
ضحك الأطفال، الذين كانت حراشفهم الخضراء لا تزال براقة ولامعة، وهم يركضون حول زاريوسو، لكنهم توقفوا بمجرد أن رأوا السمكة الكبيرة على ظهره. رأي أطفالا يحدقون بشهيتهم النهمة من فجوات المنازل،واعينهم تركز على زاريوسو- لا، على السمكة التي يحملها. كانت أفواههم جميعا تقريبا مندهشة، وعلى الأرجح سال لعابهم تحسبا. حتى عندما ابتعد عنهم، كانت عيونهم لا تزال ملتصقة به. كانت تلك عيون الأطفال الذين يستجوبون الوجبات الخفيفة.
ابتسم زاريوسو بمرارة في هذا وتظاهر أنه لم يلاحظ ذلك ثم واصل تقدمه. لقد قرر بالفعل من سيحصل على هذه الهدية، لكن لسوء الحظ لن يكون هؤلاء الأطفال.
حقيقة أن التوهج في عيون الأطفال لم يكن بالكامل بسبب الجوع أسعد زاريوسو، لأنه كان مشهدا لم يكن من الممكن تخيله منذ عدة سنوات -
بعد أن ترك تلك النظرات الشوق وراءه، مر زاريوسو بعدة منازل على طول الطريق قبل أن يجد المسكن الذي كان وجهته.
كان الن في ضواحي القرية، وإذا استمر في ذلك، فلن يبقى في المستنقع، بل في جزء عميق نسبيا من البحيرة. بدت المنازل المبنية على هذا الخط الفاصل الدقيق متينة في المظهر وكانت اكبر من منزل زاريوسو.
والشيء الغريب هو أن المنزل كان مائلاً قليلاً، لذلك غمر نصفه في الماء. ومع ذلك، كان هذا عن قصد، وليس بسبب قوة خارجية.
اقترب زاريوسو من المنزل، وهو يرش الماء بصوت عال أثناء ذهابه.
عندما اقترب، جاءت صرخة مرحة من الداخل. ربما صاحبها قد اشتم شيئا ما.
خرج رأس ثعبان من نافذة. كان ثعبانا ذو حراشف بنية عميقة وعينين كهرمانيتين. عندما رأى زاريوسو، مد رقبته إلى الخارج ولف حوله بشكل هزلي.
"فتى جيد."
داعب زاريوسو جسد الثعبان بطريقة مألوفة. بدا أن الثعبان وجد الأمر مريحا للغاية، وأغمض عينيه نتيجة لذلك. أستمتع زاريوسو ايضا بشعور الحراشف تحت أصابعه.
كان هذا المخلوق حيوان زاريوسو الأليف، رورورو.
لقد قام بتربية رورورو منذ صغره، لذلك بدا الأمر كما لو كان يجري بالفعل محادثة مع مالكه.
"رورورو، لقد أحضرت لك الطعام. تناوله ببطء."
ألقى زاريوسو السمكة داخل المنزل من خلال النافذة، وجاءت أصوات خفيفة من الداخل.
"أردت أن ألعب معك، لكن يجب أن أتحقق من الأسماك الآن، لذلك ربما لاحقا."
ربما فهم الثعبان ما قاله صاحبه، لكنه لف حول جسد زاريوسو عدة مرات قبل أن يعود إلى المنزل. وسرعان ما وصل إلى زاريوسو صوت تمزيق اللحم والمضغ الشديد.
الطريقة التي أكل بها رورورو طعامه تشير إلى أنه في حالة جيدة، ولذلك شعر زاريوسو بالارتياح ثم ترك المنزل الصغير و ذهب.
...
كانت وجهة زاريوسو التالية هي ضفاف البحيرة على بعد مسافة من القرية.
ارتطمت قدميه بالأرض وهو يسير في الغابة. كان زاريوسو معتادا على التحقق من محيطه لمعرفة ما إذا كان هناك أي شيء يحدث أثناء تحركه على الأرض. ومع ذلك، نظرا لأن الرؤية كانت ضعيفة جدا في الغابة، فإن البقاء في حالة تأهب كان له أثر عقلي حتى على شخص مثل زاريوسو.
لم يمض وقت طويل حتى رأى وجهته عبر الأشجار. ملأت حقيقة عدم حدوث شيء زاريوسو بشعور من الارتياح. قام زاريوسو بتسريع وتيرته عبر الغابة الآن بعد أن أصبح قريبا.
بعد تفادي فرع تلو الآخر، خرج زاريوسو من الغابة. عندها اتسعت عيناه. كان ذلك لأنه رأى شخصا أمامه.
هذا الشخص كان رجل سحلي أسود يشبه إلى حد بعيد زاريوسو.
"آلي- كي—"
"-إنه انت."
التفت رجل السحلي الأسود لينظر إلى زاريوسو بنظرة ثاقبة. كان رجل السحلي هذا زعيم قبيلة المخلب الأخضر، وكذلك الأخ الأكبر ل زاريوسو- شاسوريو شاشا.
لقد دافع عن لقبه كزعيم في مناسبتين سابقتين، ومع عدم وجود من يتحداه هذه المرة، فقد احتفظ بمنصبه. كان جسده العضلي ذو أبعاد مذهلة. إذا وقف زاريوسو جنبا إلى جنب معه، فسيظهر زاريوسو ونوع جسمه الأكثر توازناً أصغر مقارنة به.
تميزت حراشفه السوداء بندبة بيضاء قديمة، مثل صاعقة مقوسة.
كان السيف العظيم على ظهره سيفا ثقيلا غير مزخرف بطول مترين تقريبا ومصنوع من الفولاذ. كان رمز الزعيم وقد سحر بالتعاويذ لمنع الصدأ وتحسين حدته.
اقترب زاريوسو من البحيرة ووقف بجانب أخيه.
"لماذا أتيت هنا؟"
"... أنا من يجب أن أسألك هذا، أليس كذلك، آني كي؟ لست بحاجة إلى الخروج شخصيا، أليس كذلك؟"
"موو."
غير قادر على الرد على ذلك، شخر شاسوريو وعاد إلى البحيرة.
ظهرت أعمدة متينة من سطح البحيرة محاطة بمنطقة بينهما. كانت شباك منسوجة بكثافة معلقة بين الأعمدة. كان هدفهم واضحا على الفور.
كانت هذه مزرعة أسماك.
"هل يمكن أن يكون... هل جئت إلى هنا لسرقة الطعام؟"
تحرك ذيل شاسوريو استجابة لكلمات زاريوسو، ودق الأرض عدة مرات.
"موو... لقد جئت فقط لأرى كيف تسير عملية التكاثر."
"أنا لا أمزح، يا اخي الصغير. هل "نعتقد أن أخاك شخص من هذا القبيل؟"
بعد هذا البيان القوي، اتخذ شاسوريو خطوة إلى الأمام. على الرغم من أن زاريوسو كان من المحاربين القدامى الذين خاضوا العديد من المعارك منذ وقته كمسافر، إلا أن هذا الشعور بالضغط الذي يلوح في الأفق - مثل الجدار الزاحف - جعل حتى شخصا مثله يريد التراجع.
ومع ذلك، أصبح لدى زاريوسو الآن الطريقة المثلى للرد عليه.
"إذا كنت هنا فقط لترى كيف ينمون، فهذا يعني أنك لا تريد أي شيء. يا له من عار. كنت أفكر في إعطائك القليل إذا كان حالهم جيدا."
"موو."
نلاشى صوت الدق، وتدلى ذيل شاسوريو بشكل خشن.
"إنهم لذيذين حقا، كما تعلم. لقد أعطيتهم الكثير من الأعلاف اللذيذة وربيتهم بشكل جميل حتى أصبحوا سمينين. إنهم أفضل من أولئك الذين تم صيدهم في البرية."
"صحيح..."
"ستتدفق العصائر الطازجة والرائعة بمجرد أن تقضمها و بمجرد مضغ قطعة، سيذوب اللحم على لسانك."
"موووء"
رن صوت ذيل مرة أخرى، أكثر حدة من السابق.
حدق زاريوسو في ذيل أخيه الأكبر، وأضاف بنبرة مرحة:
"الأخت الكبرى دائما تقول إن ذيلك كان صادقا جدا، آني "ماذا؟ اللعنة على هذه المراة، كيف تجرؤ على السخرية من زوجها هكذا. علاوة على ذلك، ذيلي صادق؟"
لم يكن لدى زاريوسو أي فكرة عن كيفية الرد على أخيه الأكبر، الذي كان يحدق في ذيله الثابت. في النهاية، تمتم شيئا يشبه، "هذا صحيح..."
"همف، تلك المرأة اللعينة ... إذا تمتلك واحدة، ستفهم ما أشعر به الآن."
"أنت تعلم أنني لا أستطيع الزواج."
"همف، ما هذا الهراء؟ تقصد تلك العلامة؟ من يهتم بهؤلاء الشيوخ على أي حال؟ لن ترفضك امرأة واحدة في هذه القرية إذا طاردتها... حتى لو كان لها ذيل خارج هذا العالم."
تم استخدام ذيول رجال السحالي لتخزين العناصر الغذائية.وبالتالي، كان الذيل السميك جذابا جدا لأفراد الجنس الآخر. كان زاريوسو يفضل الإناث ذوات الذيل الكبير في شبابه، ولكن بعد نشاته ورؤية العالم، اختار تجنبهن قدر الإمكان.
"بالنظر إلى الوضع الحالي للقرية، فأنا لا أهتم بالإناث ذوات الذيل السميك. إذا اضطررت إلى الحكم من خلال ذيول، أفضل أن أمتلك واحدة ذات ذيل أنحف. أنا شخصيا أعتقد أن امرأة مثل الأخت الكبرى ستكون ملائمة."
"حسنا، ربما انت تفكر بهذه الطريقة، بالنظر إلى شخصيتك... لكن بصراحة، لا يجب أن تضع أنثى على الفراش بهذه الطريقة. قد تتأذى. ها، عليك أن تذهب لتتعلم مدى سوء الزواج أيضا. ليس من العدل أنني الشخص الوحيد الذي يجب أن يمر بهذه المعاناة."
"أوي أوي أوي، آني كي، إذا لم تكن حريصا، فستكتشف الأخت الكبرى هذا الأمر."
"مووو... أرايت؟ هذا جزء من سبب سوء الزواج." انطلقت ضحكات مرحة فوق البحيرة الهادئة. بعد أن هدأ شاسوريو من فرحه، درس مزرعة الأسماك أمامه مرة أخرى. كمزيج معقد من المشاعر يتم تشغيلها في قلبه، تمتم في رهبة:
"ومع ذلك، لقد أنجزت حقا بعض الأعمال الرائعة هنا..."
بعد أن شعر الأخ الأصغر بفقدان أخيه الأكبر للكلمات، قدم له يد المساعدة.
"مزرعة الأسماك؟"
"نعم هذا كل شيء. لم يقم أحد بهذا من قبل في قبيلتنا، والآن يعلم الجميع أن تربية الأسماك هي خطة عملية. إذا استمر هذا الأمر، سيبدأ الكثير من الناس في تقليدنا في حسد."
"هذا كل شيء شكراً لك، آني كي. أعلم أنك كنت تبيع الفكرة للجميع."
"زاريوسو، ما الفائدة من مجرد نشر الخبر؟ لن يكون أكثر من ثرثرة خاملة. ما كان مهما حقا هو عملك الشاق في تربية كل تلك الأسماك اللذيذة من هذه المزرعة."
بالطبع، لقد فشل عدة مرات عندما بدأ لأول مرة في إنشاء مزرعة الأسماك. بعد كل شيء، كانت مجرد فكرة كانت لديه بعد أن ألهمه ما رآه وسمعه في رحلاته. حتى الشبكة المحيطة به قد تعطلت مرات لا تحصى، واستغرق الأمر عاما كاملاً من التجربة والخطأ قبل أن يتمكن من بناء مزرعة سمكية عاملة.
ومع ذلك، لم تنته الأمور عند هذا الحد.
كان لابد من رعاية الأسماك، وكان لابد من إطعامها.
لقد ألقى بجميع أنواع الأعلاف ليرى أيها سيكون أكثر فاعلية، ونتيجة لذلك قتل جميع الأسماك في المزرعة أكثر من مرة. كانت هناك حالات حيث قامت الوحوش بتكسير شبكة السمك، وأعادته إلى البداية.
أشار الناس وهمسوا خلف ظهره حول كيفية استخدامه للسمك الذي يتم صيده كلعب، حتى أن البعض ذهب ووصفه بأنه أحمق في وجهه. ومع ذلك، فقد أثمر عمله الشاق الآن.
سبحت الأسماك الكبيرة بهدوء تحت سطح البحيرة. كانت أكبر من الأسماك التي يتم صيدها في البرية. لم يصدق أي رجال السحالي أنهم نشأوا من اليرقات. حسنا، لا أحد باستثناء شقيق زاريوسو الأكبر وزوجة أخيه.
"... أحسنت يا زاريوسو."
تمتم شاسوريو بمدحه وهو ينظر إلى نفس مكان شقيقه الأصغر. احتوى صوته على نغمات لعواطف مختلفة ممتزجة معا.
"كل الشكر لك،آني كي."
كان رد شقيقه الأصغر مادحا بدرجة مماثلة من التعقيد.
"موو، ماذا فعلت؟"
في الواقع، لم يفعل شقيقه - شاسوريو - أي شيء للمساعدة. ومع ذلك، كان هذا فقط في إشارة إلى اتخاذ إجراءات مباشرة.
كلما حدث أي شيء للأسماك، كان الكاهن يحضر على الفور. جاء كثير من الناس لمساعدته في جمع المواد لنسج الشباك. وعندما يحضر رجال القبائل السمك للمشاركة، فإنهم يعطونه أفضل الأسماك. في غضون ذلك، قام الصيادون بإيصال الفاكهة لاستخدامها كعلف.
رفض جميع هؤلاء المساعدين بشدة الكشف عن هوية الشخص الذي أرسلهم، ولكن بغض النظر عن مدى غباء زاريوسو، كان بإمكانه معرفة من الذي طلب منهم المساعدة، وكذلك حقيقة أن هذا الشخص لم يرغب للتعريف بهويته.
كان ذلك بسبب أن قيام زعيم قبلي بمساعدة شخص انفصل عن القبيلة كان أمرا غير لائق على الإطلاق.
"آني كي، عندما تكبر الأسماك، سأتأكد من أنك أول من يصطف للحصول على واحدة."
"أوه، سوف أتطلع إلى ذلك."
استدار شاسوريو ليبتعد، ثم قال بهدوء:
"انا أسف"
"... ما الذي تقوله، أني كي؟ ... بعد كل شيء، لم ترتكب
أي خطا."
لم يكن يعرف ما إذا كان شاسوريو متى قد سمع هذه الكلمات. كل ما يمكن أن يفعله زاريوسو هو أن يشاهد بصمت شقيقه الأكبر يغادر، سائرا على طول شاطئ البحيرة.
بعد فحص الظروف في مزرعة الأسماك، عاد زاريوسو إلى القرية. ثم جعله حدس غريب ينظر إلى السماء فجأة.
لم يكن هناك شيء غير عادي. الشيء الوحيد الذي يمكن أن يراه في السماء الزرقاء الصافية هو القمم المكسوة بالغيوم في الشمال.
بمعنى آخر، كان المشهد طبيعيا تماما.
لم يكن هناك شيء غير عادي. بينما يتساءل عما إذا كان يتخيل الأوهام، لاحظ سحابة غريبة في السماء.
في الوقت نفسه، ظهرت غيوم كثيفة حجبت الشمس فجأة فوق وسط القرية. كانت كثيفة وواسعة الانتشار لدرجة أنها اغرقت القرية باكملها في الظلام.
بصدمة، نظر الجميع إلى السماء.
قال الكهنة أن اليوم سيكون مشمسا. كانت تنبؤاتهم الجوية دقيقة تماما، حيث كانت تستند إلى السحر والمعرفة المكتسبة على مدار سنوات طويلة من الخبرة. وبالتالي، كان من المفاجئ أن تكون توقعاتهم الجوية خاطئة.
لكن الغريب أنه لم تكن هناك غيوم في السماء إلا في الهواء فوق القرية مباشرة. كان الأمر كما لو أن شخصا ما قد استدعى تلك السحب إلى الوجود هناك.
استمر هذا المشهد الغريب في الظهور.
بدأت الغيوم تدور حول القرية، وبينما فعلوا، انتشرت لتغطي مساحة أكبر. كان الأمر كما لو أن هذه الغيوم الغامضة تتآكل بسرعة.
كان هذا غير عادي للغاية.
استعد محاربو رجال السحالي على عجل للمعركة. فر الأطفال إلى المنازل. خفض زاريوسو موقفه ونظر حوله، وأمسك بيد واحدة حول قبضة ألم الصقيع.
ملأت الغيوم المظلمة الآن الهواء فوقهم، لكن من بعيد يمكن للمرء أن يرى السماء الزرقاء. غطت الغيوم القرية فقط. في هذه اللحظة سمع صوتا من قبل رجال السحالي جاء من وسط القرية.
لقد كان تحذيرا. وحذر من عدو قوي وضرورة الفرار على الفور.
عندما سمع التحذير، بدأ زاريوسو على الفور في الركض عبر المستنقعات، في ما مر بسباق سريع بين رجال السحالي.
ركض وركض وركض أكثر.
بينما كان من الصعب الركض في الأراضي الرطبة، حافظ زاريوسو على توازنه من خلال تغيير موضع ذيله. وبسرعة لا يمكن لأي إنسان بلوغها. كان رجال السحالي أكثر ملاءمة لهذه التضاريس - وصل إلى المكان الذي جاء منه التحذير.
شكل زاريوسو والمحاربون دائرة في وسط القرية. تبعت عيناه أعينهم، وسرعان ما حدق أيضا.
تقاربت خطوط رؤيتهم العديدة في مكان واحد - وحش يشبه سحابة من الضباب الأسود الهائج.
ظهر عدد لا يحصى من الوجوه المخيفة والمتغيرة باستمرار من داخل الضباب. كانت الوجوه تنتمي إلى العديد من الأجناس والأعراق، ولكن الشيء الوحيد المشترك بينها جميعا هو حقيقة أنها حملت تعبيرات مؤلمة.
حملت الرياح أصوات البكاء وصراخ الألم وصرير الأسنان و شهقات الموت إليهم. جعل المد اللامتناهي من الضوضاء المروعة لعمود زاريوسو الفقري يرتجف من الخوف.
"... هذا سيء... يجب أن نسمح للآخرين بالفرار حتى نتمكن أنا وآني كي من الاهتمام بهذا الأمر. ولكن إذا فعلنا ذلك..."
كان زاريوسو واحدا من كبار المقاتلين بين القبائل، ومع
ذلك كان خائفا من الوجود الذي أمامه.
في الوقت الحالي، ربما يكون الشخص الوحيد الذي يمكنه الصمود واقفا ضد هذا النوع من الأعداء هو وأخوه الأكبر. كان الشيء الأكثر أهمية هو أن زاريوسو مازال لا يعرف القدرات الخاصة التي يمتلكها العدو.
نظر حوله، ولاحظ أن جميع رجال السحالي المحاربين من حوله كانوا يلهشون ومتوترين، مثل الأطفال الخائفين.
الوحش الذي استولى على وسط القرية لم يقم بأي خطوة بعد.
لم يكن يعرف كم من الوقت مضى. في هذا الجو المتوتر، قد تشير أدنى حركة، حتى حركة الرياح التي تهب على العشب، إلى بداية معركة كارثية. وخير دليل على ذلك هو المحاربون الذين كانوا يتجهون ببطء نحو خصمهم. لقد تجاهلوا الضغط الهائل عليهم وتحركوا.
رأى زاريوسو أخاه يسحب سيفه من زاوية عينه. وبسرعة تضاهي سلاحه، رفع زاريوسو سلاحه أيضا. إذا كان هناك قتال، كانت خطتهم هي اخذ زمام المبادرة وتوجيه الهجوم للعدو قبل أي شخص آخر.
"لا ينبغي أن يعتبر هذا طائشا إذا تمكنا من الكشف عن قدرات العدو الخاصة للجميع..."
ازدادت حدة التوتر في الهواء - ثم توقف عويل الألم فجأة.
تحدث الوحش بأصوات ناس كثيرين، ممزوجين معا في صوت واحد. على عكس أصوات الألم الغامضة وغير المركزة من قبل، كان لهذا الصوت هدف واضح.
"-استمعوا جيدا. أنا أحد أتباع الوجود الأعلى، وأنا هنا لتوصيل رسالة إليكم."
انتشرت موجة من الفوضى بين الحشد. نظر الجميع إلى بعضهم البعض. فقط زاريوسو و شاسوريو ظلوا يركزون على الوحش.
"أعلن رسميا أن أيامكم معدودة، فقد أرسل الوجود الأعلى قواته للقضاء عليكم. ومع ذلك، من رحمته، يمنحكم الأعلى حرية القتال من أجل حياتكم. بعد ثمانية أيام من الآن، ستصبح قبيلتكم الذبيحة الثانية بين قبائل رجال السحالي في هذه البحيرة."
تحول وجه زاريوسو إلى وحشي. كشف عن أسنانه وأطلق صوت هدير مهدد.
"كافحوا بكل قوتكم. سوف يسعد صاحب السمو بالسخرية من جهودكم."
طاف الوحش متعدد الأشكال الذي يشبه الضباب في السماء.
"لا تنسوا - في غضون ثمانية أيام..."
طاف الوحش في السماء الزرقاء الصافية، باتجاه الغابة. بينما كان رجال السحالي الآخرون يراقبونه وهو يغادر، كان زاريوسو و شاسوريو يحدقان في السماء البعيدة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي