الفصل الثاني

كانت رباب تشعر بشيء من الخوف، فما الذي قد حدث مع تلك الصغيره، كي تشعر بكل ذلك الخوف، ولقد أصرت أن تكن صاحبه فعل مع تلك الصغيرة، حتى تعود مثل الذين في عمرها.

بينما غادرت أسماء إلى منزلها، كي تحضر الطعام لزوجها، لأنها على علم بالفعل سوف يحضر بعد دقائق معدودة، عاد عمار من العمل فوجد أسماء تنتظره والإبتسامة على وجهها، فنسى ما شعر به خلال اليوم.

قام عمار بالسؤال عن طفلته، فأخبرته بأنها نائمة بعد ما تعبت من اللعب مع أطفال رباب، تعجب عمار كيف لطفلته التأقلم واللعب مع غيرها؟ فأخبرته أسماء بأنها في بدء الأمر كانت تشعر بالخوف، لكن فيما بعد قد تلاشى الخوف وصارت تلعب دون خوفاً من شيء، وقامت بإعداد الطعام لهم، وجلسوا يتناولوه معاً.

قد أخبرها عمار أنه سوف يبحث عن وظيفه، كي تكن بجانب تلك الوظيفة التي يعمل بها، كي يلبي إحتياج ابنته.

قالت له بعطف :

- يكفي تلك الوظيفه التي تعمل بها، وسوف أدبر أمري أنا وطفلتي، فلا تقلق.

نظر لها وقال:

- أنا لن أطلب من أبي شيئاً وأنت تعلمين عقلية أبي.

فكانت تشعر بالحيرة فهي ليست بيدها شيء كي تفعله، وترددت في أخباره بأمر إرسال ياسمين إلى الروضة، ولكنه شعر بها فقال لها:

- أتريد أن تخبريني بشيء، فيوجد في عينيك كلام كثيراً لم تستطع البوح به.

نظرت له وقالت:

- نعم، فلقد أردت أن أرسل ياسمين إلى إحدى الروضات، كي تتعامل مع غيرها وليتلاشى خوفها، ولكن الظروف التي نحن بها لن تسمح، ولذلك سوف أقم بتعليمه.

نظر لها وقال:
- بل فلتفعلي وتقومي بإرسالها إلى إحدى الروضات، فهي فتاه يحق لها التمتع بكل لحظة تعيشها، فيجب أن تكن طفولتها مثلها مثل ما في عمرها، يكفي ما رأته مع أبي وإخواتي.

نظرت له وقالت:
- حسناً، سوف أذهب في الغد مع جارتي لتلك الروضة، التي ترسل إليها أبنائها، حتى تتأقلم طفلتي معهم، فلقد نامت ياسمين بالفعل عندما شعرت بالأمان، نعم كانت جارتي رباب سنداً لي فلا تقلق.

بينما شعر عمار بسعادة، لتأقلم زوجته وطفلته مع المكان، فهو كان يشعر بالخوف وبعدما تناولوا طعامهم، أخبرها بأنه سوف يذهب إلى معاذ زوج رباب، يحدثه أن يجد له وظيفه بجانب وظيفته.

بالفعل ذهب له وطلب مساعدته، بأنه يريد وظيفة يعمل بها في المساء، بالفعل أخبره معاذ أن ذلك المحل الذي أسفل البيت، يريد صاحبه شخص أمين كي يعمل به حتى منتصف الليل، فلو أراد فسوف يتوسط له، وافق عمار على الفور حتى يكون بجانب طفلته وزوجته، فلقد شعر بأن الله يقف بجانبه.

بالفعل نزل الإثنان للتحدث مع صاحب المحل فوافق على الفور، لأنه يعرف معاذ حق المعرفة، بالإضافة إلي أنه لم يجد سوء من عمار خلال الأيام التي قضاها معهم.

جاء الصباح يحمل في طياته أشياء عجيبة وأشرقت الشمس فالعمال يذهبون إلى مصانعهم، وتجول البائعين كي يبيعوا ما يحملون على عرباتهم، وأصبحت أصوات النساء والأطفال في تصادم.

قد انتهت أسماء بالفعل من إعداد وجبه الفطار لصغيراتها، بعد مغادرة والدها إلى العمل، وبعد ذلك قامت بالذهاب إلى رباب، كي تخبرها بأنها سوف تذهب معها هي وصغيرتها لتلك الروضة التي حدثتها عنها .

سعدت رباب عندما علمت من أسماء بأن ياسمين بالفعل سوف تذهب إلى الروضة، فهي تشعر بالقلق تجاه تلك الصغيرة، وبالفعل ذهب الأطفال معهم، في بدء الأمر كانت ياسمين متردده، ولكن بالفعل وجدت يد يوسف هي مصدر للأمان لها حتى وصلوا إلى الروضة.

اتفقت أسماء مع المديره التي تمسك الروضة على
كل الإجراءات وأخبرتها بأن طفلتها قليلة المشاركة مع المحطيين بها، لذلك تهتم لرعايتها.

تفهمت المديرة لأمر الطفلة وقالت لها:
- يا لك من فتاة رائعة، صاحبة وجه مشرق، ولكن لم أعلم ما أسمك بعد؟

نظرت إلى والدتها وهي تجتمع في عينيها الدموع المتحجرة بالخوف والرهبة، وكانت تلك الكلمات القاسية تتردد في سمعها، سوف نلقي بك في أقرب مكان، فإنك سوف تأتي لنا بالعار فلتغادري من أمام أعيننا حتى لا نقتلك، كانت تلك الكلمات تتردد في أذان الطفلة، فأخذت تصرخ وتقول:

- يا أمي لا تتركيني لم أفعل شئ، كي أقتل لم أفعل شيء، أرجوك يا أمي سوف أكون هادئه لا أفعل شيئاً، سوف أذهب للغرفة، ولم أغادرها أرجوك لا تتركيني.

نظرة أسماء إلى إبنتها وعيناها متحجرة بالدموع، وكذلك المديرة التي كانت لا تفهم شيئاً، ولا تعلم ماذا تقصد الطفلة؟ كانت رباب تنظر بحيرة، فكيف لفتاة صغيرة أن تحمل كل ذلك الضغط؟ فأخذت الدموع تسيل من عينيها.

قامت أسماء بالفعل بضمها في حضنها وتهدئتها، وقالت لها:

- أطمئني يا صغيرتي لن أتركك، فإنك الهواء الذي أتنفس به، فسوف أرحل بيك فلا تقلقي، هنا تدخلت المديرة قائلة:

- عذراً يا مدام فإن ما تفعليه مع تلك الطفلة خاطئ وعليكي أن تجعليها تواجه الحياة، كي تعلم أن ليس كل الحياه التي أمامها قاسية، لذلك هل تسمحين لي بالتحدث معها؟

جلست على ركبتيها ونظرة للفتاة وقالت:

- يا صغيرتي ما رأيك أن تأتي معي لكي تلعبي؟

نظرت لها الفتاة وما زالت تبكي وتتمسك بوالدتها، فهمت المديرة أن الطفلة لم تتحرك خطوة من دون والدتها، فسمحت لأسماء بالدخول معها حتى تطمئن الطفلة لها.

وبالفعل ذهبت أسماء خلف المديرة إلى المنطقة المخصصة للألعاب.

وجدت الفتاة أن تلك المنطقة مليئة بالأطفال الذين في نفس عمرها، يلعبون، ويجرون، ويضحكون ويبتسمون، فأخذت تنظر بحيرة لتلك الأطفال، وتتعجب فكيف لهما أن يتحركوا دون أن ينهرهم أحد، فقالت له المديرة:

-ما رأيك أن تجربي تلك الألعاب، فهي مخصصة لسنك يا صغيرتي.

ذهبت أسماء حيث أشارت المديرة، صعدت الطفلة وقامت باللعب بالفعل، ووجدت أن يوسف قد تقرب منها، وقال لها :

- ما رأيك يا ياسمين أن تأتي معي، كي نلعب معاً، فهناك الكثير من الألعاب، ولا تخافي فلم أتركك ولم أتخلى عنك.

بالفعل تركت ياسمين يد والدتها وذهبت إلى يوسف، مما جعل أسماء تشعر بالتعجب، فكيف لها أن تثق في طفل مثل سنها! ولأول مره تترك يديها ولا تنظر لها.

بينما علمت المديرة بأن هذا الطفل تشعر معه الطفلة بالأمان، بينما كانت رباب سعيدة، سوف يكون ما حدث بداية كي تخرج تلك الطفلة من تلك المرحلة.

كان في عمله مشغول بطفلته، فهو يعلم بأن اليوم أول يوم لها في الروضة، ويعلم بأنه لن يمر مر الكرام على طفلته، نظراً لما قابلته من رهبة وخوف، فقرر أن يخرج ويطلب أن يستاذن كي يطمئن على صغيرته.

لذلك طلب من المدير بأن يسمح له بالمغادرة ساعة واحدة ويعود لمزاولة عمله مرة أخري، بالفعل قام المدير بإعطائه ساعة كي يخرج.

علم من والد يوسف بمكان الروضة فذهب إليها، فوجد طفلته تلعب مع يوسف، وفي الجهة المقابلة أسماء، والمديرة، ورباب يقفون ليروا رد فعل الطفلة، وعندما وجدت أسماء زوجها أمامها، ارتمت في أحضانه وانهمرت في البكاء، فعلم أن ما ظنه كان صحيحاً، وأن طفلته واجهة مشكلة منذ قليل.

بينما كانت الصغيرة مشغولة، فلقد وجدت مصدر الأمان، وعندما نظرت تلك الصغيرة وجدت والدها يقف بجانب والدتها، فذهبت مسرعة له وقالت:

- هذا صديقي لقد تعرفت عليه أمس، وأنه يلعب معي، ولا أحد يمنعني أن ألعب بأي شيء، فأنا سعيدة فلتأتي معي، ولتنظر لي يا أبي.

ذهب خلفها عمار وجدها تلعب من دون خوفاً، ولذلك قالت المديرة:

- عليكم أن تذهبوا حتى تتعود الفتاة الاعتماد على ذاتها.

بالفعل غادروا وكانت ياسمين تبتسم لهم.

بينما في الخارج كان عمار يشكر رباب عما فعلته مع زوجته، واعتذر لاسماء بأنه سوف يرحل ويعود للعمل مره أخرى، لقد جاء كي يطمئن على طفلته ولقد أطمئن عليها بالفعل.

أخبرته أسماء بأنها سوف تذهب الى التسوق مع رباب، كي يجلبون بعض متطلبات البيت، ثم يعودون إلي البيت.

بينما في مكان أخر كان أنس يعمل، ووصل إلى أذانه بأن المدير يحتاج إلى عامل، كي يأتي للعمل معهم، فصديقه قد خرج على المعاش، ويجب أن يحل أحد مكانه، لذلك توسط لعمار من دون أن يرجع له، كي يعمل معه فتلك الوظيفة، لأنها سوف توفر له مقداراً من المال يسد حاجته واحتياجات طفلة.

سعد أنس عندما وافقه المدير، بأن يأتي معه العامل في الغد، فكان سعيد بذلك، وعندما عاد أخبر عمار بذلك.

سعد عمار لأن أنس يقف بجانبه، لم يفعل أخواته معه أو والده ذلك، فعندما قرر الرحيل رحل دون أي شيء، فكان ذلك قرار والده، فكان والده يعتقد بأنه سوف يجلب ذكر وعندما رزق بالأنثي، شعر بأنه في ساحة من الحرب، وعليه أن يحارب من أجل أسرته فإنه متعلم ويعرف أهميه الأنثى كأهمية الذكر.

كانت تلك العادات العقيمة التي جعلت للعقل أن يفرق بين الذكر والأنثى، لذلك عندما سنحت له الفرصة بالسفر إلى مكان آخر، بالفعل سافر دون أن ينظر خلفه حتى ينقذ ما يمكن إنقاذه، فزوجته وابنة عمه ليست ذنبها بأن تنجب أنثي.

كان يشعر بالسعادة بأنس وزوجته الذين يقفون بجانبهم، فكما وصى الرسول"صلى الله عليه وسلم" على الجار، فكان نعم الجار له وزوجته التي لم تترك زوجته هي الأخرى، ولذلك كان يعلم أن ما ينتظره سوف يكون خير.

كذلك لم يشعر بالخوف على ابنته، عندما وجدها تقف بجانب يوسف، لأنه شعر بأنها قصة حب سوف تبدأ، لأنه سبق وأن فعل ما فعله الصغير منذ زمن، عندما وجد أسماء تستمد منه الحنان منذ الصغر.

في مكان أخر يقف رجلاً كبير ذو هيبة شامخاً، يتكئ على عكازه، من يراه يجد أن ما لديه من صحة بالفعل ليست لدى شاب في مقتبل العمر، وملامح وجهه توضح مدى صعوبة الحديث معه، الجميع يشعر بالخوف منه، فهم ملكاً له لا أحد يقدر على إتخاذ قرار دون الرجوع له.

يقف خالد أمامه ويتحدث معه ويقول:

- يا جدي جئت لأعلمك ذلك وأنت صاحب القرار، فأبي يميل الى سعاد ويجعلها تتحكم في مصيرها، كذلك أخي عز يقف هو الآخر بجانبها، فهذا ما تم أخذه من العلام، وهو السير خلف حديث أنثى، وأنا أرى أنه يكفي عليها ما وصلت له، وعليك أن تتدخل في الأمر.

صمت قليلاً وأكمل قائلاً:
- فلقد كان إبن عمي يريدها لذاته، ولكنه ينتظر عليها حتى تنتهي من علامها.

نظر الجد وقال:

- أظن حقاً أن والدك قد أصيب بالجنون، كيف له أن يتحدث في أمر دون الرجوع إلي؟ وماذا تفعل أختك قد تحصل على أعلى الدرجات، ولكن في النهاية فأن مصيرها هو الزواج؟ كي تخدم زوجها و ترعى أبنائها.

لا تخف يا خالد فسوف أجلب والدك، واعنفه تجاه ما يفعله من خلفي، أما أخيك عز فإنه له وقفة هو الآخر معي، فكيف له أن يؤيد أختك؟ ألم يعرف عادتنا من قبل! فقال خالد بابتسامة:

- إذن فلقد فعلت الثواب بالحديث معك.

وتحرك من أمام جده على الفور، وهو يشعر بلذة الإنتصار، فعندما تحدث مع والده ووجد بالفعل الجميع يؤيدون أخته في قرارها فقرر اللجوء لجده.

بينما كان في ذلك الوقت عز يعلم ما يدور في مخيلة أخيه، فعندما غادر المنزل خرج خلفه وجده يدخل في بيت جده، فعلم بأنه لن يتراجع، وأنه بدأ المعركة بالفعل، كي يحصل على تلك الأرض التي وعده بها من قبل أبن عمه، ولذلك كان له قرارا آخر كي ينقذ ما يمكن إنقاذه.

ذهب مسرعاً ولكن ليس لكي يخبر والده، ولكن ذهب لصديق طفولته وعمره، الذي يعلمه حقه علم، وطلب منه بترجي، بأن يذهب إلى جده، ويطلب يد أخته لأنه يعلم أنه سوف يحافظ بالفعل على أخته، وبذلك سوف ينقذ أخته من بطش أخيه وأبن عمه.

شعر صديقه بالتعجب، فكيف يطلب منه عز ذلك الطلب، وهو يعلم بأنهم في الصعيد عندما يطلب أحدهما بالتقدم للفتاه، فهذا ينقص من قدر تلك الفتاة ، لكنه يعلم أن صديقه لديه مشكله لم يفصح عنها بعد.

صمت قليلاً لأن سبق وعز لم يتركه في شدته، ووقف بجانبه عند مرض أبيه، وكان خير سند وخير صديق، ولكن أخبره قائلاً:

- سوف أخبر والدي أولاً ثم اتقدم إلى جدك، لأنك تعلم العادات والتقاليد التي تحكمنا.

قال له عز:
- حسناً فلتصرع في التقدم كي أنقذ سعاد من مصير محتوم بالهلاك.

هزه عدي رأسه وقال:

- سوف أتحدث مع أبي عندما يأتي من صلاه المغرب، وأن شاء الله سوف نكن عند جدك بالفعل بعد صلاة العشاء، وبعد ذلك سوف أخبرك بما حدث يا صديقي، ولكن عليك أن تحدثني بكل شيء.

ابتسم له عز وقال:

- كنت نعمه السند لي فلقد من الله بك علي، ولذلك سوف أخبرك كل ما حدث، ولكن بعد أن تخبرني بما حدث مع جدي.

كان عز يشعر بالقلق خوفاً، من أنه لا يوافق على تلك الزيجة، وكذلك خوفه من أن أبن عمه وأخيه أن يسبقوه بخطوة، وهو لم يعد حتى الآن إلى المنزل ليعلم ماذا حدث؟

في منزل الجد كان صوته يصدع في المكان قائلاً بصوت جهوري:

- أتتحداني يا مهاب، كيف لك التحدث في أمر دون الرجوع لي، ماذا حدث لعقلك! لقد قمت بإرسال أخيك شهاب إليك، كي يقم بإحضارك، لكن عندما جئت وجدت على ملامحك، أنك تعلم ما الذي جعلني أرسل إليك.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي