الفصل الرابع عشر

انتهت سعاد من شراء المشغولات الذهبية، بعد أن اختارت بعض القطع البسيطة، سعد بها عدي و قرر العودة ولكن بعد إن قام بعزومتهم، لكي يتناولوا طعامهم بالخارج، وبالفعل قبلوا العزومة هي وأسماء.

بينما كانت زوجة عمها وأبنتها ينظرون إلى عقارب الساعة ويتحدثون بأنها قد تأخرت، بينما تساءلت منار والدتها، لماذا أخذت زوجة عمها ولم تأخذ أحداً منهم معها، فأخبرتها والدتها أنها تكرههم منذ الصغر، ولذلك يجب أن لا تبالي بتلك الحقودة، فهي قد حصلت على شهاده من علامها، بالإضافة إلى زواجها من شاب صالح عكس زوجها تماماً، كل ذلك بسبب أبيها الذي جعلها سلعة رخيصة تباع وتشترى.

بينما كان عمار يجلس بجانب أبيه وإخوته، يتحدثون في أمور عديدة، فأخبره والده بأنه أن أراد العودة، فمكانه موجود لا يشغل باله، وسوف يجعل معظم الأموال تحت يده.

بينما أخبره عمار بأنه بخير، وأنه قد حصل على وظيفه تصد احتياجاته هو وزوجته، بينما عندما تسأل عن ياسمين فأخبرهم بأنه تركها لدى أحد الجيران، نظراً لمرضها فهي لم تستحمل سكه السفر، فنظر له والده بمكر قائلاً:

- هل سوف يزيد المرض من السفر؟ أم أنك تقوم بأبعاد طفلتك عنا.

أرتبك عمار وقال:

- هذا اعتقاد خاطيء، فإنها مريضة بالفعل ولم تقدر على السفر، ولذلك سوف ازوركم في القريب العاجل وهي معي، فهي عاشقة للزرع والخضرة.

بينما أخبره مهاب مطمئناً أياه أن لا يخاف علي صغيرته، فهي مازالت طفله، والكثير من الأطفال يمرضون بأستمرار، ولكن كانوا يريدون أن نراها ونتحدث معها كي نطمئن عليها.

بينما كان يوسف يشعر بالحزن على بعدها، ولذلك لم يتناول طعامه، وذهب إلى روضته وجلس في أحد الأركان، كأنه يوضع فوق كتفه هموم الدنيا، بالإضافة إلى عندما عاد من الروضة، كان يكتب ما عليه من واجبات، ثم يعود لكي يجلس وحيداً في أحد الأركان.

  شعرت رباب بأن هناك خطب ما، وجلست بجانبه وحدثته لكي تعلم ماذا حدث؟ فأجابها بأنه يشعر بالحزن على رحيل ياسمين، وأنها يشعر بأن هناك شيء ينقصه، انهمر في البكاء فقامت بضمه إليها وحدثته، بأنها سوف تعود خلال يومين فلا يحزن وعليه أن يأكل، حتى عندما تعود يكون لديه طاقة للعب واللهو.

  كما قام أنس عندما عاد بشراء مجموعة من الألعاب، ولم ينسى ياسمين في تلك الألعاب، فقامت رباب بالاحتفاظ بالهدية حتي تعود ياسمين وتحصل عليها.

كانت ميرال وياسمين يتناولون فطارهم في جو من الضحك بينما قالت ياسمين:

-  لقد أحببتك فإنك تلعبين معي دون غضب، بالإضافة أنك أحضرت لي العصير، والطعام الذي أفضله.

بينما أخبرتها أنها حينما تنتهي من تناول طعامها، سوف ينزلون ويلعبون معاً في الحديقة، فمن يري ميرا يعتقد بأنها آنسه، ولكنها تحمل بداخلها قلب طفلة تريد أن تلعب وتلهوا.

كانت أميمه تلقي محاضراتها والجميع يركزون معها، وجدت من يركز في شيء، بدلاً من أن  يركز معها في محاضراتها، فقامت بتسليط إحدى الإجهزة، عليه كي يقف ويخبرها ماذا يحدث؟ وعلى ماذا ينظر؟

فأجابها الطالب بأنه ينظر في الساعة كي يعلم الوقت، فأخبرته بأنه لا يفعل ذلك مرة أخرى وإلا سوف يندم، وكذلك أخبرت الجميع بأن ينتبهوا لما تتحدث أثناء المحاضرة، نظراً لأنها يمكن أن تعطي لهم أمتحان في نهاية المحاضرة، عندما تحدثت بذلك جلس الجميع منتبهين لما تقوله.

بينما نظرت ميرا لصديقتها التي كانت تحاول استفزازها قائلة:

- أن هذا الحديث لا يسري عليك، فإنك أبنتها تعلمين ما نوعية الأسئلة التي سوف تطرح .

نظرت لها ميرا ولم ترد عليها، لأنها تعلم بمحاولتها في الخروج عن شعورها، ولذلك ارتسمت علي وجهها علامة الإبتسامة، مما جعلها تستشيط من الغضب وتنهرها.

بينما كانت أميمة تشرح فوجئت بأحدي الفتيات ترفع صوتها بضجر، فنظرت لها وطلبت منها أن تقف كي تتحدث معها، وبالفعل وقفت الفتاة وسألتها لماذا تشعر بالضجر وكانت تنهر من؟

نظرت لها الفتاة بكبر وقالت:

- من غير العدل أن تطلبي منا الإنتباه لمحاضرتك، لأنك سوف تعطي لنا أمتحان مع العلم أن ميرا ابنة حضرتك تجلس معنا، وتعلم ما سوف يكن في ورقة الامتحان.

نظرت لها وقالت:

- ومن أخبرك أن ميرا تعلم ماذا سوف أعطي لكم؟  هل هي من أخبرتك؟

نظرت لها الفتاة وأجابت:

- لا، ولكن ميرا تحصل علي جميع الدرجات في مادة حضرتك، فهل هناك تفسير لذلك.

ابتسمت أميمة ونظرت لميرا، التي كانت تشعر بقلق فهي لم تتحدث وكانت تريد أن تري ماذا سوف ترد والدتها؟  ولكن فاق صدمتها عندما قالت والدتها:

- ما لا تعلميه عزيزتي أن والد ميرا رجل الأعمال المعروف معتز الأسيوطي فهو أيضاً يدرس نفس مجالي، ولكنه أراد أن يبتعد عن الجامعة ويلجأ للعمل الخارجي، وأنني لا أفضل أن تعتمد ابنتي علي، بل تستمد ميرا معلوماتها من خلالي أثناء المحاضرة، فهي تأتي وسطكم وتسألني مثلكم وهذا من حقها،
وهذا حقاً لها.

صمتت قليلاً وأكملت أما في المنزل فنحن نعيش حياة طبيعية، فلو أرادت شيء تلجأ لوالدها كي تعلم منه ما تريده، فأتمنى منك أن لا تظني مرة أخري بأحد ظن السوء، وعليكي الاعتذار لها الآن علي سوء الظن بها.

بينما نظرت الفتاة إلي جميع الموجودين، وهي تشعر بالخزي ثم نظرت لميرا واعتذرت لها عما حدث منها،
بينما ابتسمت لها ميرا وأخبرتها بأنها لا تشغل بالها، فهم أخوات في نهاية الأمر، مما جعل الفتاة تستشيط من الغضب وتستأذن للرحيل لشعورها بالتعب.

نظرت ميرا لوالدتها بامتنان وبادلتها والدتها ابتسامة صافية وعادت أميمة للشرح مرة أخري.

بينما كانت مرام تشعر بالتعب ولكنها تحاملت علي ذاتها كي تكمل عملها فهي موظفة في شركة والدها ولكنها تعينت نظراً لتقديرها وليس لأنها أبنة صاحب العمل فطلبت من أحدهما جلب فنجان من القهوة وبالفعل ذهبت زميلتها لجلبها لأنها تراها علي غير عادتها.

عندما جاءت شهد بالقهوة، وناولتها لمرام بدأت الرؤية تتلاشى وسقط فنجان القهوة، ليتهشم في الحال وغابت عن الوعي كل ذلك أمام عين شهد ووليد، الذين أصابهم الزعر وحاولوا أفاقتها لكن دون جدوى، لذلك هاتفوا طبيب الشركة كي يأت في الحال.

بينما كان معتز يمر ليري أحوال الموظفين، تفاجأ بطبيب الشركة أمامه، فسأله أين يتجه؟ فأخبره بأن هناك أحدي الموظفات قد أغمي عليها، لذلك هو متجه لها ذهب معه معتز الذي تفاجأ أنه المكتب الذي توجد به أبنته، وما جعل قلبه يكاد يقف هو عندما وجد أبنته هي المصابة، وأسفل ما تجلس فنجان القهوة المتهشم، فأسرع نحوها ولكن لم تفيق بعدما حاول معها الطبيب، لذلك طلب الإسعاف في الحال.

حاول معتز السيطرة علي نفسه، ولكن قلقه علي ابنته فاق التوقعات، وكذلك أصر كلاً من شهد ووليد أن يكن معها، وفي الطريق سألهم معتز ما حدث فأخبرته شهد بما حدث.

وصلت سيارة الإسعاف للمشفي وتم نقلها للطوارئ، بعد مرور دقائق كأنها ساعات علي معتز أخبره الطبيب بأنه انخفاض في ضغط الدم نظراً لكثرة الإجهاد عليها فيجب أن تلتزم الراحة وتكن بعيدة عن أي ضغط عصبي.

هز معتز رأسه ودخل هو وزملائها للاطمئنان عليها، وبالفعل كانت بدأت تفوق، فابتسمت لهم كي تخبرهم أنها بخير، تركها معتز وذهب للطبيب كي يعلم منه متي سوف يسمح لها بالخروج، فأجابه في أي وقت يريده.

كانت ياسمين تجري وخلفها ميرال ثم جلس بعدما شعروا بالتعب، كي يتناولوا العصير الخاص بهم، وجلسوا يتحدثون فكانت ميرال تريد أن تعلم كل شيء عن خالها من خلال أبنته، ولكن لاحظت أنها لا تريد أن تتحدث عن شيء يخص طفولتها.

بينما كانوا يجلسوا جاء الجنايني كي يسق الأزهار، وعندما رأت ذلك ياسمين تحولت نظراتها للرعب، وأخذت تصرخ ولم تستطع ميرال السيطرة عليها، فلقد تفاجأت بها لذلك هاتفت والدتها علي الفور كي تأت.

بينما كانت أوشكت المحاضرة علي الإنتهاء، جاءها إتصال من ميرال، فعلمت أن هناك شيء لذلك اجابتها، وعندما علمت ما حدث أعتذرت عن المحاضرة، وغادرت علي الفور ولحقت بها ميرا، لأنها علمت بأن هناك شيء قد حدث.

عادت أسماء مع سعاد وهم محملين بالأشياء التي تم شراءها، وكانت زوجة عمها وأبنتها يجلسون، وعندما رأوه ما يحملون أسرعوا كي يروا، بينما قالت سعاد:

- سوف أصعد للأعلي كي انظم الملابس لغد.

ابتسمت لها أسماء وأخبرتها بأنها سوف تعد لهم بعض الحلويات، وتهاتف عمار كي يأت لأخذها للذهاب إلي بيت عمها.

بينما أخبرتها سعاد بأنها لو أرادت المكوث معها فسوف تشعر بالسعادة، ابتسمت لها أسماء وأخبرتها بأنها لا تستطع ترك عمار لوحده، وهي علي علم بعاداتهم وعادات جدها.

أبتسمت لها سعاد وقالت مشاكسة لها:

- سوف أتركك ترحلين، ولكن مع أذان الفجر تكوني أمامي.

أبتسمت لها أسماء وأخبرتها أنها بالفعل سوف تكن موجودة بينما قالت منار:

- انتظري كي نري ماذا جلبتم؟

فأخبرتها سعاد بأنها مرهقة، وسوف تري كل شيء غداً بالفعل، واعتذرت لهم بالصعود لأنها تشعر بالتعب.

بينما نظرت منار ووالدتها لأسماء وقالت منار:

- وهل أنت الأخري يا زوجة عمي تشعرين بالتعب؟

فأجابتها والدتها:

- لن تتحدث زوجة عمك في شيء، فهي دائماً قليلة الكلام، فهيا نرحل ونعود بالغد، ولكن لماذا لم تحضري ياسمين؟

فأجابتها منار:

- لأنها تعلم أن جدي لا يحب الإناث، فتركت طفلتها لذلك.

وغادرت هي ووالدتها وهم يضحكون.

عندما غادروا وتأكدت سعاد لذلك، عادت لأسماء وأخبرتها بأنها لا تبالي بحديث الإثنان، فهم لديهم طبعاً لا يتغير، والتي كانت غيرهم قد توفت.

نظرت لها أسماء بحزن، وأخبرتها أنها بالفعل قد تركت طفلتها لأنها عانت بعد سفرهم كثيراً، بسبب المعاملة وأنها لم تتركها مع جارتها كما أدعو، لكنها تركتها مع عمتها أميمة.

نظرت لها سعاد بفرح وقالت:
- أحقاً تواصلتم مع عمتي، فأنا أشتاق لرؤياها لقد كنت أخشي علي ياسمين، ولكن الآن أعلم أنها في أمان.

بينما عادت أميمة وهي تشعر بالهلع، عندما سمعت صرخات الصغيرة من الخارج، وما جعلها تحزن هو عندما رأت الحالة التي أصابت أبنة أخيها، وعندما سألت ميرال ماذا حدث؟ أخبرتها بالفعل بما حدث فعلمت لماذا توصلت الطفلة لتلك الحالة؟

جلست أميمة بجانب ياسمين وقالت:

- فلتنظري لي يا عزيزتي، فأنا عندما وعدتك لم أخلف الوعد، ومن وجدتيه بالخارج ليس له علاقة بجدك، فهذا الجنايني يأتي كل أسبوع، كي يحافظ علي الورد لينظفه، لكي تريه مثل ما وجدتيه، وإذا نظرتي الآن من النافذة، سوف تجديه يرحل ومعه ما نظفه من الورد الذابل.

اتجهت الطفلة إلي النافذة وبالفعل وجدت ما تحدثت به عمتها حقاً، فهو يغادر بالفعل.

هدأت الطفلة بينما نظرت ميرال لوالدتها حتي تفسر عما يحدث، فنظرت لها والدتها بأنها سوف تخبرها بكل شيء ولكن ليس الآن.

لم يطل الهدوء والراحة كثير حتي وجدوا معتز يدخل، وهو يحمل مرام وفي يدها القطعة الخاصة بالمحلول، فاتجه الجميع نحوهم متسائلين ماذا حدث؟ فأخبرهم معتز بما حدث، فقالت الصغيرة:

- هل شاهدتي الرجل الذي يرتدي جلباب مثل جدي؟ فلا تخافي منه فذلك الرجل قد جاء لتنظيف الورد وليس لأخذك.

بعدما أنهت الطفلة حديثها، ذهبت كي تجلب أحدي الألعاب التي كانت في غرفة ميرال، بينما نظر الجميع بتعجب، فأخبرتهم أميمة أن الطفلة كانت لديها طفولة قاسية، بسبب أبيها وأخيها ومازالت متأثرة بها، وعندما وجدت الجنايني ظنت بأن جدها قد أرسله لها، كي يأخذها ويقتلها لذلك أصابها تلك الحالة التي رأتها عليها ميرا و ميرال.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي