الفصل الرابع

عاد خالد إلى المنزل لكي يتسبح ويبدل ملابسه، كي يذهب مع ناصر إلى جده لأمر خطبة أخته، بالفعل ذهب إلى المنزل ولكن كان والده يجلس بالأسفل منذ عشيه ينتظره.

عندما دخل خالد كان يشعر بالراحة، وهو يعلم بأن والده سوف لا يكن بالمنزل، لكنه وجده بالفعل أمامه، فقال لها:

- حسناً يا صغيرتي، سوف تصبحين اليوم عروس.

أبتسمت له سعاد بسخريه فأكمل حديثه:

- لقد جئت كي أطمئنك بأن ناصر سوف يذهب كي يطلب يدك من جدك، ولن يتراجع جدك عن ذلك الطلب، فأذهبي وأعدي لي الأفطار.

نظرت له ولم تتحدث بينما قال لها:

- ألم اتحدث معك؟ فلتذهبي حالاً وتحضري ما طلبته منك بالفعل.

بينما جاء صوت من خلفه قائلاً:

- سعاد فلتعودي لتكملت ما تفعلي، وسوف يكون أفطار أخيك معي، نظر خالد برعب لأبيه قائلاً:

- إنك مازلت في المنزل.

فقال لها أبيه:

- نعم فأنا لم أترك ذلك الموضع منذ عشيه، أتتحداني؟ وتذهب إلى جدك كي تضعني أمام الأمر الواقع.

فأخبره بتردد:

- أنا لم أفعل شيء، ولم أذهب إلى جدي.

قام مهاب بصفعه على وجهه، ثم قال:

- بل فعلت قد حدثني جدك عن ما حدث بينك وبينه.

نظر له خالد برعب وأخبره بأنه ذهب إلي جده، لأنه يخشى على ذلك المنزل من العار أو أن يدنس أحد رؤوسهم في التراب.

نظر له والده وقال:

- أين كنت عشيه؟

- كنت أجلس مع ناصر.

فأخبره أبيه بأنه كان يجلس مع الغجرية وقال بسخرية:

- ألم تعجبك فتاة أمس؟

نظر له بصدمة وقال:

- من أين علمت بذلك؟

أخبره والده بأنه يعلمه جيداً ويعلم ما يدور فيه قلبه، لذلك يجب أن يعد من حيث أتى، ولا يعد مرة أخرى، ويكفي عودته أمس هو وناصر ورائحة الدخان، تنبعث من أفواههم غير قادرين على الحركة.

نظر له خالد وقال:

- أتبعث خلفنا من يراقبنا؟ فسوف أخبر جدي بأنك تراقب الولد وتترك الفتاة، تفعل ما تريد.

فقال لها أبيه ساخراً:

- بل تذهب إلى جدك، فهناك مفاجأة تنتظرك هناك، وتنتظر أيضا ناصر.

نظر له خالد وقال:

- مفاجأة ما هي؟ هل حدث شيء لم أعلمه؟

ضحك له والده وأخبره بأنه سوف يعلم كل ما حدث من جده بالفعل، وأنه يجب أن يره رد فعل ناصر علي ذلك.

شعر خالد بالقلق، فخرج مسرعاً دون أن يتسبح ولكن عقل لم يتخيل ما حدث.

بالفعل ذهب إلى جده، فوجد صوت صراخ وصوت ناصر يقول:

- من أين جاء هذا العريس؟ ومتي؟ فأنت تعلم يا جدي أني أريدها منذ الصغر، وهي لي ولا يحق لأحد أن يتقدم لها.

هنا دخل خالد قائلاً:

- من ذلك العريس، ومتي جاء؟

هنا نظر له ناصر قائلاً:

- أتضحك علي لقد جاء عريس في الأمس وأنت لا تعلم بذلك فأنت أخو العروس.

هنا صرخ الجد به وأخبره بغضب بأنه من صنعه وصنع غيره ولا يحق له أن يراجعه في أمر حدث بالفعل وقال له:

- فلتذهب وتختار أي فتاة، وسوف أجلبها لك بالفعل، لكن سعاد أصبحت ملكاً لآخر، وأنا لا أتراجع في ما أقوله، ولقد أعطيت الشاب كلمة.

نظر خالد له وأراد معرفة من ذلك الشاب الذي تقدم في ذلك الموعد لأخته، فأخبره جده أنه عدي الذي يشهد له بحسن خلقه، وأبيه رجل كبير في السن، ويحتاج من يرعاه كذلك والدته، فعندما يحصل على أخته فسوف لا يكن لها مجال لتكملت تعليمها، وسوف تعمل في بيتها ، وهذا ما أردته أنت بالفعل أن لا تكمل علامها.

نظر جده لناصر وأخبره أنه سوف يدفع كل ما يملك لمن يختارها قلبه.

فقال له ناصر:

- أذن فأنا أريد ورده حفيدة النعمان.

نظر له جده بغضب وقال بصوت جهوري:

- ماذا تقول ورده! أنها الحفيدة الوحيدة لنعمان، واستحالة أن يقم بإعطائك إياها، فهي مدلله من الجميع ولم يسمح لها جدها أن تكن لنا كخادمة.

بينما أخبر ناصر جده بأنه سوف يحصل عليها حتى لو عنوة.

فقال له جده:

- أتتحداني فأنا من صنعتك، فإني أخبرك بأن تبتعد عن طريق هذه الفتاة، وإلا سوف أفعل ما لا يتوقعه أحد.

نظر له ناصر وقال:

- أنك تعلم أني أعشق سعاد، ورغم عن ذلك قد أعطيتها لعدي، لذلك أنا وقع اختياري على حفيدة النعمان، فتفعل ما تشاء حتى أحصل عليها.

نظر له جده وأخبره أن يتركه بضعة أيام، كي يفكر كيف يطلب يدها.

بينما نظر ناصر لخالد وقال:

- أما أنت فلا تقترب مني بعد اليوم، وإلا سوف أنسى ما يوجد بينا من صله رحم، وبشأن قطعة الأرض فأنسى ما وعدتك به.

صمت خالد وهو بداخله بركان من الغضب، فلقد فاز أبيه وأخيه في تلك المعركة معه، لذلك عاد إلى البيت وعندما وجد عز أمامه قام بضربه، وقال له:

- أتتحداني وترسل صاحبك كي يتقدم لأختك، وتنقذها من ناصر، ولكن لا تفرح فسوف تندم أشد الندم أنت وصاحبك معاً.

قال له عز:

- أفعل ما شئت فإن لنا الله يحمينا، ولكن أخاف عليك من غضب ناصر، فإنه لن يمر ذلك الموقف مر الكرام، ونظر له بسخرية:

- هل حصلت على قطعة الأرض التي وعدك بها ناصر؟

نظر خالد له قائلاً:

- فلتبتعد بعيداً عن نظري وإلا سوف أفعل معك، ما يجعلك تندم.

هنا تدخل مهاب قائلاً:

- ألم أقل لك أرحل، فهذا البيت لن يستحمل شخصاً مثلك، فإنك ليس لك مكانة في ذلك المنزل، فلتتركه ولترجع لتلك الغجريو، التي تجري وراءها كل ليلة، فهذه ما تليق بك وبأفعالك.

بينما كانت تلك المسنة التي تسكن هي وابنتها فوق عمار، تشعر بالتعب ولا تجد من يساعدها.

بينما كان عمار يجلس بالقرب من النافذة فوجد أحدهما يأن من الوجع، فقال لزوجته:

- فلتذهبي لتلك الجارة التي تسكن فوقنا لعلها تحتاج من يساعدها، فأنا أسمعها تتألم.

بالفعل قامت أسماء بالذهاب إلي رباب، كي تأخذها معها لأنها تعلم أن لها علاقة بجميع الجيران.

بالفعل صعدوا لها ووجدوها في أشد حالة من التعب، فقامت أسماء بالنزول إلي بيتها وجلب قطعة من اللحم من ثلاجاتها، والصعود بها لتلك الجاره.

وقامت رباب هي الآخر بشراء بعض الأدوية التي تحتاجها تلك المسنة، وجلسوا معها حتى شعروا أن تلك المرأه بالفعل قد شعرت بالتحسن، فتركوها كي ترتاح وخرجوا.

بينما قالت أبنتها:

- لا أعلم ماذا أفعل معكما؟ فلولا وجودكم ما كانت والدتي بخير، فإن آخر أموال كانت لدينا تم سرقتها صباح اليوم، عندما كنت عائدة بعدما قمت بقبض معاشها، وعندما علمت شعرت بالتعب، وأصبحت غير قادرة على الحركة، لذلك لم أتي لها بأي طعام.

فأخبرتها رباب أنها سوف تبعث لهم كل يوم طعام، كما أخبرتها أسماء بأنها سوف تصعد لها كل يوم، كي تطمئن عليها، وتصنع لها ما تريد، لأنها تعلم بأنها تخرج للعمل كل يوم، وكذلك سوف تجلب ما يتوفر لدي بيتها، لكن على قدر حاجتها.

قالت لهم هاجر:

- لقد بعثكم الله نجدة لنا، ولكن لا أريد أن أحملكم فوق طاقتكم، فكل بيت لديه مسؤوليات وواجبات، فسوف أطلب مبلغ من المال من عملي، كي يسد الحاجة.

أخبرتها رباب إنهم أخوه، وأنهم سند للزمن، فكيف لها ان تتحدث بذلك الحديث؟

بينما أخبرتها أسماء بأنهم قد أتوا منذ أيام، ولم تره منهم أي سوء، كذلك قد من الله عليهم برباب خير سند، فلا تقلق فجميعهم أخوه قد خلقوا من طين واحد، ليس لأحدهم فضل على الآخر، فكل الفضل بيد الله.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي