الفصل الحادي عشر

ضحكت أسماء وأخبرتها أن عاداتهم لم تنس، فلقد حفرت في قلوبهم وعقولهم، ومازلوا يتحملون عواقب تلك العادات، وقد قامت أسماء بتعريفها علي رباب وهاجر، كما قامت بأخبارهم بأنها أخت زوجها.

بينما قالت أميمه بابتسامة:

- لقد أخبرني عمار عنكم، وقال أنكم نعم السند ونعم الأخوه.

فأجابتها رباب بابتسامه بسيطة:

- بل هم نعم الأصل الطيب.

بينما سألت أميمه علي ياسمين، لقد اشتاقت إليها.

فأخبرتها رباب  أنها سوف تجلبها، فهي تلعب مع أطفالها في الشقة المقابلة، وبالفعل قد جلبت تلك الفتاة، التي سبق وأن تعلقت بها أميمه، فنزلت أميمه على قدميها حتى تكن في نفس مستوى الطفلة، وأخبرتها أنها تشتاق إليها، كانت تشتاق لرؤياها فهي قد سبق وأن سمعت صوتها ولكن لم تراها، نظراً لتلك القيود التي فرضت عليها.

نظرة لها الفتاة بابتسامة دون أن تفهم معني كلامها، لكن عندما أخبرتها أميمه بأنها عمتها، ظهرت ملامح الرعب على الطفلة، فقد ظنت بأن جدها قد أرسلها لها، فذهبت خلف والدتها وهي تبكي وتصرخ، وتقول:

- لها لن أذهب معك، فأنا سأظل مع أبي وأمي لا أريد شيئاً، فلقد أرسلك جدي كي تأت بي له.

حزنت أميمه لما وصلت له الطفلة، وعلمت حجم ما عانته الطفله، فقامت أميمه وذهبت لها خلف أسماء وقالت لها:

- هل تتذكرين بأني قد قمت  بالتحدث معك منذ يومين، فأنا من هاتفك يا صغيرتي، وليطمئن قلبك فأنا لا أذهب إلى جدك نهائياً، فهل سبق أن رأيتني مرة أجلس هناك؟

نظرت لها وهزت برأسها بالنفي، فأبتسمت لها أميمه وقالت:

- فكيف لك أن تظني بأني جئت لكي لأخذك؟ فلقد جئت كي أطمئن عليك وعلى أسماء وعمار وكي أتعرف عليك.

فأجابتها الطفلة:

- أتعني أن جدي لم يرسلك إلي.

  هزت أميمه رأسها وقامت بجلب حقيبتها وإخراج إحدى الألعاب منها، كذلك كيس مليء بالحلوى، وقالت لها:

- هيا فلتذهبي ولتعطي أصدقائك من تلك الحلوى، فلقد جلبت لك ولأصدقائك بعض الحلوى، فأنا أعلم بأنك تتشاركين معهما جميع ما تملكين، ولقد أحضرت لهم أيضاً ألعاب كي تلعبوا سوياً.

نظرت لها الطفلة بسعادة، فأخبرتها أميمه بأنها تريد   أن تحصل على قبله وحضن منها قبل أن تذهب لأصدقائها، قامت الطفلة بوضع ألعابها وما تحمله، كي تحضن وتقبل عمتها.

بينما كانت الطفلة تغادر، نظرت إليها وقالت :

-هل أناديك عمتي أم ماذا؟

فأجابتها:
- أن أردت أن تلقبيني بعمتي فلتخبريني، وأن أردت أن تناديني بأيمي، فسوف اكون سعيده.

نظرت لها الطفلة، وقالت:

- سوف اناديكي بأيمي، حتى نكن أصدقاء.

ضحك الجميع على مشاكسة الطفلة لعمتها، بينما جلست أميمه مع هاجر وأسماء ورباب، لكن بعد مرور الوقت،  قامت هاجر ورباب بالأستئذان، كي يعودوا إلي منازلهما.

بينما جلست أميمه مع أسماء وأخذوا يتحدثوا في ذكرياتهما، وما حدث من تطورات في بعض الأمور التي طرأت، بعد أن غادرت أميمه البلد.

بينما أخبرته أميمه بأنها جلبت له بعض متطلبات المنزل، وأنها سوف تزورهما كل شهر وفي المرة القادمة، سوف تجلب بناتها معها كي يتعرفوا عليهما،  وقد لاحظت أميمه من خلو يد أسماء من المشغولات الذهبيه فقالت لها:

- أين ذهبك الخاص بك.

فأخبرتها أسماء بأن أبيها قد أخذهم قبل أن يغادروا، فلقد طلب منها أن تترك الذهب الخاص بها لديه، وإلا تظل معه ولا تغادر، لذلك طلب منها عمار أن تترك الذهب، كي يقدروا على الرحيل.

غضبت أميمه من أفعال والدها، الذي مازال يتحكم في غيره، يتعامل معهما بغير رحمة، وكأن الكون خلق له دون أحد، لكن ليس بيدها شيئاً، فهذا الرجل تحمل أسمه، ولكن يجب أن يفيق ويعلم بأن الجميع لا يقبل ذلك التحكم، وأن لم ينتبه فسوف يفقد أحفاده.

كما قامت بأخبرها بأن سعاد سوف يتم خطبتها بعد يومين، فاخبرتها أسماء بأنه لم يتحدث أحد مع عمار حتى تلك اللحظة.

بينما كان عمار في عمله جاءه هاتف من أبيه ومن بعده أخيه يخبره بخطبة أبنته، ويجب عليه أن يحضر لأن الخطبة سوف تكون بعد يومين، فأخبرهم بأنه سوف يأتي على الموعد المحدد له، لأنه ليس لديه رصيد من الراحة وبارك لأخيه، وطلب منه أن يبارك لأبنته حتى يراها.

عاد عمار إلى منزله بعد يوم عمل شاق، وكان متلهفاً ليطمئن علي زوجته، فوجد أميمه مازالت تجلس مع أسماء بالفعل ومعها ياسمين تجلس على قدم أميمه، وعندما رأته قامت وقالت له:

- ماذا جلبت لي؟

فتذكر عمار أنه بالفعل قد نسى ما وعد صغيرته به، فنظر له بحزن وقال:

- سوف أطمئن على والدتك وأسلم على عمتك، وأذهب لجلب ما تريدينه علي الفور.

فأجابته بغضب:

-  كيف لك أن تنسى ما وعدتني به؟ ولكن لقد جلبت لي أيمي الكثير من الحلوى، ولا أريد منك شيء.

تركته الصغيرة وعادت إلى قدم عمتها، فهي رغم صغرها، ولكنها تحمل نفس العرق الذي يحمله أبيها وعمتها وأمها.

بينما نظر عمار لأخته نظر كلها شوق وحنين لها.

كانت المشاعر جياشه بينه وبين أختها التي لم يراها منذ سنوات، فرغم مرور العمر، لكنها ما زالت تحتفظ بتلك البساطة والبراءة في الملامح، بينما بادرته هي نفس المشاعر، فلقد اشتاقت إليه رغم أنها كانت تسمع صوته، ولكن لقد اشتاقت لرؤية ملامحه، كل ذلك كانت تحت نظرات الصغيره، التي كانت تنظر لهما وهي تشعر بالتعجب، لذلك ذهبت كي تجلس بجانب والدتها حتى تتضح لها الرؤية.

بينما كان عدي يهاتف سعاد، لكي يعلم منها وقت فراغها غداً، كي ينزلوا معاً لشراء الذهب الخاص بها، فأخبرته سعاد بأنها سوف تخبر والدها عندما يأتي، وسوف يحدثه عن الموعد المناسب لهم.

شعر عدي بأن سعاد ما زالت تشعر بالخجل، لذلك أنهى المكالمة سريعاً، شعرت سعاد أنها أخطأت  فقررت أن تهاتفه، لكنها تراجعت في آخر وقت، لأنها شعرت بالخجل من مهاتفته.

عاد مهاب إلى المنزل، وجلس بجانب سعاد، كي يطمئن عليها فيما حدث الأيام الماضية، لأنه قد انشغل عنها بالفعل، ولكنها طمأنته أنها بخير، وقامت بأخبار أبيها بما قاله لها عدي، فطلب منها أن تناوله الهاتف، كي يحدثه.

بعد مرور الوقت في المكالمة، أغلق مهاب الهاتف وأخبر سعاد بأن عدي سوف يمر عليها غداً بعد صلاة العصر، كي ينزلوا سوياً لشراء الذهب الخاص بها، وسوف يكون معها عز، في بدء الأمر شعرت بالسعادة لكنها تحولت ملامحها إلى التجهم والحزن.

شعر مهاب بأن هناك خطب ما مع أبنته فسألها مستفهماً عما حدث، كي تتحول تلك الشمس المشرقة إلى الظلام القاسي، فأخبرته أنها انها كانت تريد أن تكن والدتها معها في تلك اللحظة، كي تكمل سعادتها.

بينما أخبرها مهاب أنه يمكن أن يطلب من منار أبنه عمها أن تكن معها، فأخبرته بأنها بعيدة كل البعد عنها بعد زواجها، وكان أقرب شخصين لها عمتها أميمة وأسماء زوجة عمها، فأجابها أبيها أنه سوف يتحدث مع عمها، كي يأت بها معه تلك الليلة، أبتسمت سعاد لذلك كانت تدعو الله أن تحضر زوجة عمها معه.

بينما طلب منها مهاب أيضا أن تخرج في الصباح، كي تقوم بشراء شيئاً يناسب تلك المناسبة، فهي أصبحت عروس ويجب أن تظهر في أفضل صورة لها.

عندما كان عمار يجلس مع أميمه قامت أسماء بالأستئذان، كي تستريح بعض الوقت وتعود لهم مرة أخرى، حتي تجعلهم يتحدثون معاً بحرية، قامت بالفعل أخذت طفلتها معها، جلست أميمه مع عمار تطمئن على حاله وتتأمل ملامحه.

قامت أميمة بإخراج مجموعة من الأموال كانت لديها في حقيبتها، وقامت بإعطائه أياها، فنظرها لها عمار وقال لها:

- ما هذا؟

فأخبرته أنه مال خاص به قد جلبته له، وسوف تستعيده منه عندما يقف على رجليه، نظر لها بخزي قائلاً:

- فلتعودي تلك الأموال إلى مكانها، فلدينا أموال تكفي حاجتنا، ولا تكرري هذا الفعل مرة أخرى، وإلا سوف أشعر من الغضب تجاهك.

أعاده أميمه على الفور تلك الأموال دون أن تتفوه بشيء، حتى لا تثير غضبه في ذلك الوقت بالفعل، بينما كانوا يتحدثون، تصاعد رنين هاتفه وكان المتصل مهاب يخبره بما حدث.

بعد إنتهاء المحادثة، أخبر عمار أمينة بما طلب مهاب منه، بينما قالت أميمه بحزن:

-كنت أتمني أن أكن بجانبها في تلك اللحظة، لكن كيف لأسماء السفر ويوجد جرح في قدمها، فأخبرها بأنه سوف يجلب سيارة تقلهم إلي هناك، حتي لا تشعر بالتعب، فلقد أخبره مهاب أن ابنته تشعر بالحزن، لعدم وجود والدتها بجانبها.

بينما أشارت عليه أميمه بأن تأخذ الطفلة لديها، حتى يعودوا وافقها عمار على الفور ورحب بذلك، فهو يخاف أن تشعر أبنته بما كانت تشعر به من قبل هناك.

اتى موعد معتز من عمله، وقد جلب معه حقائب تحتوي علي الطعام الجاهز، وقام بوضعه على الطاوله، وقام بالنداء علي بناته، كي يأتوا لتناول طعامهم، بينما كانت مرام أول من حضر، فلقد وصل إلي أنفها رائحة الطعام.

فقالت:

- أيعقل ما أرى! أحقاً أن هناك وجبة ساخنة لذيذة لدينا في البيت، لكن أين إيمي؟ وكيف تسمح بهذه المهزلة؟.

كانت تتحدث وفي فمها بعض الطعام،  فهي قد أعتذرت عن محاضرة اليوم.

أشار لها بالنفي، فقالت ميرا:

- أذن كيف دخل هذا الطعام إلى البيت؟

فاخبرها أبيها بأبتسامه، لقد ذهبت والدتك لزيارتك خالك.

هنا تحدثت ميرال قائلة:

-وهل لدينا خال يعيش هنا معناً في نفس المحافظة؟

فأجابها والدها أن خالها عمار قد انتقل قريب إلى هنا، كي يحصل علي وظيفة، ولقد استأذنت والدتها منه كي تزوره وتعرف اخباره، كانت ميرا سعيدة، بأن أخيراً قد ظهر لها أقارب، سوف تزورهم ويزوروها ثم تساءلت هل لدى خالي أطفال؟

فأجابها والدها:

-نعم لديه طفله صغيره.

كان مثل الأسد الثائر لا أحد يستطيع أن يوقفه،إذا كان يفكروا في الوضع الذي وضعه به أحفاده، فهو لأول مرة يوضع في هذا المكان، وتذكر رد ذلك الفهد عليه بكبرياء بالإضافة إلى نظراته التي توحي بالتحدي، وأنه لم يتراجع عما يفعله، بينما شعروا كلاً من ناصر وخالد بالإهانة والذل، لما فعله جدهم بهم بسبب ذلك الفهد، فكانت فكرة الإنتقام حليفة لهم،  وأن لن يتركوه يشعر بلذة الإنتصار.

أخبر عمار أسماء بما حدث ورحبت بفكر السفر، بالإضافة إلى ذهاب الطفلة مع عمتها، فهي سوف تشعر بالراحة والسكينة معها.

بالفعل عندما جاء وقت رحيل أميمه، أخذت الطفلة معها، فقالت ياسمين:

- أين أذهب؟

فأخبرها والدها بأنها سوف تذهب مع عمتها إلى بيتها، وسوف يذهب هو ووالدتها إلى الصعيد، نظرت الطفلة بخوف، عندما ذكر أسم الصعيد فأخبرها أن لا تخاف فلن يأخذها معه بل سوف يتركوها لدى عمتها، وعندما يعودون سوف يأتون لأخذها.

سعدت الطفلة بأنها سوف تذهب إلى عمتها، وسألتها هل لديها أطفال، فاجابتها عمتها بأنها لديها ثلاثة بنات، ولكنهما ليس صغار فقالت:

- وهل هناك من يضايقهم أو يحاول استفزازهم لمجرد أنهم فتيات.

نظرت لها أميمه وقد استغربت من السؤال وكذلك والديها.

بينما كان خالد وناصر يخططوا، لكي يردوا اعتبارها ولكن نظرات جدهم أوقفتهم، فهو يفهم ما يدور برأسهم معاً، فأخبرهم بأن لا يفعلون شيئاً دون الرجوع إليه، كذلك عليهم الإستعداد لخطبة سعاد، كما يجب أن يكن البيت على إستعداد لتلك المناسبة، فهي تعتبر حفيدته ومظهر خطوبتها من مظهره.

بينما سأل خالد هل سوف تكون خطبة فقط؟ فأخبره جده أنها خطبة وكتب كتاب معاً.

بينما سأل ناصر:

- متى سوف تكن خطبته؟

فأخبره جده أن يصمت فيكفي ما فعله، وأن النعمان قد أخبره بأنه إذا فعل شيء مثل ما فعل سابقاً، سوف ينتهي أمر تلك الخطبة.

نظر له ناصر وسأله كيف علم بذلك؟ فأخبره أنه علم كل شيء من بدء الأمر وكذلك صقر.

بينما شعر ناصر أن ورد قد تحدثت في ما حدث بالفعل، لأنه عندما أخذها من أمام المدرسة كان لا يوجد أحد يراه في ذلك الوقت.

أخبر الجد ناصر بأن يترك أمر ورد الآن، وأن ينتبه كي يظهر في أفضل صورة له أمام الجميع، فهو حفيد العدلي ويجب أن يكن في أفضل صورة.

كما أمر خالد بأن يذهب إلى بيت أبيه، وأن يكن بجانب أخته في تلك اللحظة، لأنه الكبير ويجب أن يعلم جميع ما يدور في البيت، بالإضافة أنه أخبره أنه علم أن سعاد سوف تذهب في الغد لجلب الذهب الخاص بها.

بينما كان يتحدثون حضر شهاب، فأخبره أبيه بأنه يجب أن يحضر زوجته وابنته، كي يحضرا تلك المناسبة، وأخذ يدعوا الأقارب ولم ينسوا عائلة النعمان، كي يحضروا تلك المناسبة أيضاً.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي