الفصل الثالث عشر

أخبرت أسماء رباب بأنها سوف تسافر عند مطلع الفجر، وعليها أن تأخذ بالها من منزلها حتى يعودوا، بينما تساءلت رباب عن الطفلة، هل ستسافر أم ماذا؟ فأجابتها بأنها بالفعل ذهبت مع عمتها، كي تقضي عدة أيام حتى يعودوا.

كان كل ذلك تحت مسمع يوسف الذي شعر بالحزن، فعلى الرغم من أن ياسمين قد ودعته قبل رحيلها، ولكنه أصبح يشعر بأن هناك شيء ناقص في حياته، بينما جلست وتين بجانب أخيها لتخبره بأن ينتظر عده أيام كي تعد مرة أخرى، فنظر لها وعلامات من الحزن تتسم على وجهه.

بينما كانت الصغيرة قد غفت بالفعل، وجلست أميمه مع بناتها، فكانوا  يشعرون بالأستغراب تجاه تلك الفتاة، التي تشبه والدتهم قلبًا وقالبًا كذلك طريقتها في تناول الطعام، في حديثها، في حركتها، تشبه حركات والدتهم كأنها نسخة مقتبسه منها.

بينما تساءلت ميرا لماذا فضلت أن تكن ياسمين بجانب ميرال، وليس بجانبها هي أو مرام؟ فأخبرتها بأنهم لديهم مدارسهم أما ميرال فهي أجازة في الغد لذلك تركت الصغيرة بجانبها، كي لا ييقظها أحد.

بينما سألها معتز هل سوف تذهب إلى جامعتها في الغد أم ماذا تفعل؟ فأخبرته بأنها سوف تذهب وتعطي محاضرتها وتعود بعد انتهائها، كي تكن بجانب الطفلة ثم نظرت إلى ميرال وأخبرتها، أن تراعي الطفلة حتى تعد فإذا شعرت بها تستيقظ فلتجلس بجانبها، وتنتظر عودتها حتى تعود لنومها ابتسمت ميرال لوالدتها وأخبرتها بأنها لا تقلق.

بينما أشار عليها معتز بأنه عند عودته غداً من الشركة، سوف يمر عليهم ليأخذهم لتناول الغداء بالخارج، سعد البنات بذلك ونظروا إلى رد والدته، فهم يعلمون انها سوف ترفض، بينما قالت أميمه:

- حسناً فلنفعل حتى تخرج الصغيرة معنا، ولكن لم يحدث ذلك قبل أن تعود ميرا ومرام من كلياتهم.

جاء الليل وشعر عمار وأسماء بأن هناك شيء ينقصه في البيت، فوجود ياسمين كان يعطي للبيت شعوراً آخر، لذلك خلدوا للنوم كي يستيقظوا عند مطلع الفجر ويرحلوا، ولكن قبل ذلك قد تساءل عمار أسماء فيما سوف تجلب لسعاد، فأخبرته بأنها سوف تأتي لها بهدية ولكن من الصعيد، ولكن عليه أن يذكرها حتى لا تنسى.

 قام عمار بأخبار رباب أن  أميمه قد تركت ظرف مخصوصاً لمهاب، مباركة له على خطبة ابنته، أبتسمت أسماء وأخبرته بأن أميمه، ما زالت تحتفظ بنفس عاداتها وطبيعتها التي كانت عليها من قبل، وبالفعل مع أذان الفجر توضأ عمار وأسماء وصلوا فرضهم وغادروا، كي يلحقوا القطار.

بالفعل لقد أختار عمار الدرجة الأولى من القطار، حتى تشعر أسماء بالراحة.

وصل القطار إلى المحطة بعد عدة ساعات، ولكن كانت على وجه أسماء علامات من الحزن، أولا نظراً لوجود تلك المرأة التي كانت جالسة بجانبها، وقد قصت عليها بأن ولدها قد رحل وتركها وحيدة، حيث  تزوج وأصبحت زوجته المتحكمة فيه، لذلك عندما وضع في مقارنة بين والدته وزوجته أختار زوجته، فعادت والدته إلي قريتها حيث نشأت، وحتى تكن آخر حياتها في المكان الذي ولدت به.

ثانياً هو شعورها بالخوف، فهي تعلم  بأنها عمها شديد بالفعل، فبعد أن  شعرت بالراحة عند رحيلها، ولكن قد عادت له مرة أخرى، وعاد قلقها وخوفها معها.

  شعر عمار بأن هناك خطب ما مع زوجته، وعلم أن ما وراء خوفها هو والده، لذلك حدثها بأنه سوف يكن بجانبها ولن يتركها، ولكن عليها توخي الحذر في التحدث معه، حتى لا تسير حفيظته.

هزت أسماء رأسها متفهمة لما قاله زوجها، ولذلك كانت متمسك بيده كأنها طفلة صغيرة، وقد عاد بذاكرته إلى عندما كانوا صغار بالفعل، فنظر لها وتبسم فبادرته الإبتسامة.

بينما في منزل مهاب قد أستيقظت سعاد بالفعل، وبدأت في ترتيب المنزل على حسب قدراتها، ولم يطل الأمر كثيراً، حتى حضرت زوجة عمها شهاب وأبنتها، فقالت لها زوجة عمها:

- مبارك يا عروس، فلقد أكملتِ علامك وحصلت على عريس مناسب لك، فلقد فرق العلام معك.

شعرت سعاد بأن زوجة عمها تريد أن تخبرها شيء بطريقة غير مباشرة.

بينما أجابت أبنتها بحقد قائلة:

- لقد تغيرت العادات على يدها، فجدي لم يحدثها بشيء، ولم يجبرها على الزواج بأخي، رغم أنه كان لا ينقصه يدًا ولا رجل.

فقالت لها سعاد محاوله السيطره على ذاتها:

- كيف حالك مع زوجك؟ وحال أبنائك، وما زال يقوم بضربك حتى الآن.

نظرت لها وهي تشعر بالغضب:

-ماذا تقصدين؟

فأجابتها بأنها لم تقصد شيء بل تريد أن تطمئن عليها.

بينما قالت زوجة عمها:

- رغم أن أبنتي في نفس سنك، لكن لديها طفلين وسوف تحاول أن تأتي بالثالث عن قريب، فأفضل شيئاً أن تنجب الأم أطفالها في سن صغير، حتى يكبروا معها.

بينما أخبرتهم أسماء أن العلم هو الفاصل في المجتمع، فهو سبب التقدم في بعض المجتمعات وسبب تخلفها، أما الزواج فهو بالفعل موجود في جميع الأوقات، وعدم الزواج لم يؤخر ولا يقدم شيئاً في المجتمع، فإنه يترك للنصيب ولذلك هي رضيت بنصيبها فأرضاها الله.

أستيقظت الطفلة ونظرت حولها، فتذكرت بأنها غير غافلة في حجرتها، ونظرت بجانبها فوجدت أن ميرال أبنه عمتها، هي من معها على السرير، ونظرت لها و قد أعجبت بنعومة شعرها التي توضع على وجهها وعلى السرير، كأنها أميره تسبح في البحار، فقامت بإزاحة الشعر عن وجهها، فوجدت ملامحها الطفولية قد ظهرت.

فجلست تتأمل في تلك الملامح بعض الوقت ثم قامت من جانبها، وتحركت إلى البرانده كي تري الأزهار.

في ذلك الوقت قد شعرت ميرال بها، فقامت خلفها في نفس اللحظة خوفاً أن يصيبها مكروه، وسألتها ميرال هل تعد لها شيئاً؟ فأخبرتها بأنها لم تريد أن توقظها، ولا تريد أن تضايقها، أخبرتها ميرال بأنها بالفعل سوف تجلب لها كل ما تريد.

طلبت الطفلة منها أن تعد لها كوباً من اللبن مع البيضة المسلوقة، كي تتناولها معاً، فقالت ميرال متحدثة معها:

- متى تعودت على هذه العادة؟

فأجابتها بأنها منذ الصغر، قد تربت على تلك الأطعمة، وأنها تعشقها نظرًا بأنها أطعمه صحية لها.

بينما قامت ميرال بأرتداء ملابسها، ونزلت معاها حتى يحضروا الطعام، جلست الطفلة بجانب ميرال، حتى تنتهي من أعداد طعامها، ونظرت لها ميرال مبتسمة فبادلتها الطفلة نفس الأبتسامة، وقامت بالسؤال على عمتها، فأخبرتها بأنها ذهبت لكي تلق  محاضراتها وتعود على الفور.

بينما كان خالد وعز ينامون، وجدوا صوت الكثير من التحركات بالخارج، فخرجوا ليروا ماذا يحدث؟ فوجدوا زوجة عمهم وأبنتها وأخته يقومون بتنظيف المنزل، وإعداده لأستقبال الضيوف، فقال لهم خالد:

- ألم تنتظروا حتى نستيقظ؟ فلتتركوا ما تفعلوه.

بينما قال معز مبتسم لها:

- مباركاً يا غاليتي.

فتبسمت بخجل.

بينما تدخلت أبنه عمها قائلاً:

-لا تقلقوا يا خالد سوف نترك كل ما بيدنا، حتى تستيقظ فإنك كبير ويجب أن نحترمك، بينما قالت زوجة عمها:

-فلتذهبوا إلى حيث يوجد ناصر وتجلسوا معه و تترك لنا المنزل حتى نجهزه، نظر لها وقال:

- حسناً سوف أرتدي ملابسي، وأرحل حيث يوجد ناصر كي نكمل نومنا، فما ينتظرنا بالليل يوم عسير.

وصل القطار ونزل عمار وأسماء وأخذوا أقرب وسيلة، كي يصلوا إلى منزل مهاب، بينما أشار عليها عمار بأنه  فسوف يذهب بها إلى منزل مهاب أولاً، وسوف يذهب هو إلى أبيه في الأرض، وتبسمت فيكفي أنها لن ترى عمها حتى يأت الليل.

بالفعل وصلت السيارة إلى المنزل، فنزلت وتحركت حركة بسيطة حتى تركت الباب، وفتحت سعاد الباب فتفاجأت بأسماء أمامها فرحبت بها، وقامت بأحتضانها، ولكن بعد ذلك علمت سعاد ما فعل بقدمها، فكانت ملامح الحزن تغزو وجهها.

بينما أخبرتها أسماء بأن لا تقلق، وسوف تذهب معها إلى أي مكان تريده، فسوف تسند عليها عند الخروج معها.

بينما تساءلت زوجة شهاب:

- متى جئت يا أسماء؟

فأخبرتها بأنها قد وصلت في التو.

تساءلت زوجة شهاب مرة أخري:

- هل قمت بزيارة عمها؟

فأخبرتها بأنها قد حضرت إلي هنا على الفور، وأن عمار بالفعل ذهب إلى والده.

بينما سألت سعاد على ياسمين، لأنها لم تجدها مع سعاد، فأخبرتها بأنها تركتها في مصر مع أحدى الجيران، وأخبرتها بأنها سوف تقضي يومين ثم تعود.

بينما تساءلت أبنة شهاب، كيف يأتي لها قلب وتترك طفلتها لدى شخص غريب، فأخبرتها بأنها قد تركتها نظرًا لتعلقها بتلك السيدة.

فقالت لها:

- أن لديها قسوة من القلب، فكيف تكن هي بمكان وأبنتها في مكان آخر؟ وجلست تقص عليها شده خوفها على أبنائها.

بينما قالت سعاد حسناً فلنترك الحديث جانباً، ونعيده حتى ننظم البيت، ونظرت لأسماء وقالت:

- فلتجلسي ولا تفعلي شيء حتى لا تشعري بالتعب، ولتأخذي قسطاً من الراحة، لأنها بالفعل بعد الظهر سوف تخرج معها، لجلب ما تريده، فهزت أسماء رأسها وأخبرتها بأنها سوف تعمل على تفريز الطعام، حتى ينتهوا من إعداد البيت، فيصبح إعداد الطعام أمر يسير.

كان عمار يشاهد الطبيعة كأنه أول مرة يشاهدها، ولقد كان ينظر ويتأمل الطبيعة، وصل حيث يجلس والده وعندما وجدوا ركع على قدميه، وقبل يديه،  بينما قال العدلي:

- متى جئت يا بني.

فأخبره بأنه قد وصل في التو، ولكنه قد أرسل أسماء إلى منزل مهاب، كي تساعد الحريم، وبالفعل عندما جاء وقت الظهيرة، أرتدوا ملابسهم وذهبوا معاً حيث يقومون بشراء بعض الأطعمة والأشياء الناقصة لتلك المناسبة.

بينما كانوا يمرون على  أحدي المحال،  أعجب سعاد  أحدي الفساتين فطلبت من أسماء أن تدخل هذا المحل كي تقيسه، لتراه على وجهها.

كما طلبت أسماء من سعاد قياس أحدي الفساتين الأخري، وبالفعل قاسته سعاد فكان عليها كأنه فصل خصيصاً لها، فقالت لها أسماء فتأخذي  هذا الطقم مباركة لك على خطوبتك، فهذه هدية من عمك.

نظر العدلي إلى عمار وقال له:

-  ألا يكفي لكي تعد لتكن بجانبي أنت وزوجتك وطفلتك، فلقد إشتقت لكم.

نظره عمار إلى والده بتعجب، فكيف له أن يشتاق إلى ياسمين وهو يكره الإناث.

بينما استأذنت ورد من جدها، كي تحضر حفل خطوبة صديقتها وأن تذهب لها كي تساعدها، فأذن لها الجده على أن لا تتعامل مع ناصر، حتى لا تحدث مشكلة، وامر فهد أن يقم بأيصال ورد إلى منزل سعاد، وسوف يذهبون بالليل إلى بيت العدلي، ويجب أن يسيطر على ذاته، وأن لا يفتعل المشاكل حتى لا يفسدون فرحه تلك الفتاة.

هز فهد رأسه موافقاً على ما قاله جده، وأخبره بأنه لا يقلق، فإنه سوف يحاول السيطرة على ذاته حتى لا ينتصروا.

قد وصل عدي إلى منزل سعاد، فوجدها في أفضل صورة لها، كان معها عز يقف ينتظره بجانبها،  فأخبرته سعاد بأنها تريد أسماء زوجة عمها بأن تكن معها في تلك اللحظة، فوافق على ذلك عدي وأخبرها بأن تذهب كي تأت بها.

بالفعل قد جاءت أسماء وصعدت معهما، وذهبت لجلب المشغولات الذهبية الخاصة بها، بينما كانت تختار سعاد ما هو أقل في الوزن، حتى تراعي ظروفه، نظر لها عدي وقال:

- لماذا تختارين الأقل في الوزن، وأنت لديك الكثير من الأشياء ذات المناظر الرائعة وذات الحجم الكبير؟

فأخبرته أنها تحب البساطة في إختيار الأشياء.

بينما كانت أسماء سعيدة بتلك الأجواء هي الآخر.

بينما كان خالد يقف جانباً ينظر إليهم، كان يلعن غباء أخيه وأبيه، فلولا وقوفهم بجانب أخته لكانت متزوجة من ناصر، وكان سوف يحصل علي قطعة الأرض التي يطمع بها مكافأة على تلك الزيجة ولكن غباءهم وعناد أخته قد أفسدوا ذلك.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي