الفصل السابع

أجابت ورد على الشباب قائلة:
- فلتأتوا بمقاعدكم وتجلسوا بجانب فهد كي تحصلوا علي ما تريدوا.

بينما كان الجد يشعر بالقلق فنزل للأسفل، فوجد الجميع كأنهما في فصل، فقال لهم بأستنكار:

- ماذا يحدث هنا؟

شعر الشباب بالقلق وقاموا مسرعون كي يخفوا مقاعدهم، بينما ضحكة ورد وخرجت وقالت له:

- لقد طلبوا مني أن أعد لهم الشطائر فلذلك طلبت منهم أن يجلسوا معي في المطبخ.

فقال لها جدها وهو يرسم على وجهه ملامح الغضب:

- ماذا تقولين؟ أتعني أنهم كانوا سوف يجلسون حتي تنتهي من أعداد الطعام.

فقال له فهد:

- بل سوف نرحل يا جدي، فلا نريد أي طعام، فلقد شبعنا.

وقام الثلاثة بالصعود إلى غرفهم مسرعين.

بينما ضحك الجد وورد عما حدث، وقال لها الجد:

- سوف أذهب لجلب مقعدي، وأنتظرك لحين تنتهين من إعداد الشطائر، ولنتناولها معاً فيكفي ما فعلوه خلال اليوم من مشاكل.

ضحكت له ورد وقالت:

- سوف أعد لك كوباً من العصير حينما تنتهي من تناوله، سوف تكون الفطائر قد انتهت بالفعل.

بينما كان ناصر يفكروا كيف يصل إلى ورد ولكن لا يعلم، ولذلك أهتدى بأنه يذهب لها أمام مدرستها ويراقبها، وعندما تسنح له الفرصة بالتحدث معها سوف يتحدث بالفعل، ولم يجعل كلام جده نصب عينيه، عندما نصحه بعدم الإقتراب منها حتى يقرر ماذا يفعل؟

بينما كان خالد يجلس مع تلك الفتاة لا يخاف شيء، وهو يشعر بالغضب فلقد خلف ناصر وعده معه، وكذلك طرده والده من منزله، فلم يكن لديه مكان يجلس به إلا مع تلك الفتاة، التي كان كل ما يشغلها هو الحصول على ماله دون أن تتعب.

بينما كان العدلي يجلس جاءه أحدهما وأخبره بوجوده خالد مع فتاة من الغجر، وكذلك بأن ناصر طلب من السائق الخاص به أن يترك له سيارته، لأنه سوف يذهب صباح الغد في مشوار ولا يريد لأحدهما أن يعلم عنه شيئاً.

  علم أن حفيده سوف يفعل كارثة، تعود عليه بالخراب، لذلك قرر بأن يرسل أحدهما إلى خالد، كي يحضره ويعنفه عما يحدث، ويعلم منه ما الذي يخطط له ناصر؟ فإن الإثنين لديهم نفس العقلية الشيطانية، ويعلمون ما يدور في عقل بعضهم البعض.

بينما كان خالد يجلس وجد أحدهما يقترب منه، ويهمس له في أذنيه قائلاً:

- أن جده يرده الآن فليذهب معه.

عندما سمع ذلك قام خالد على الفور، ليعلم ماذا يريد جده؟

عندما ذهب إلى جده قام بتعنيفه ثم طلب منه معرفة ما يدور في رأس ناصر فأخبره أنه بالفعل سوف يذهب إلى ورد كي يتحدث معها وجه لوجه.

علم الجد بأن ما يدور في رأسه هو صحيح، وأن حفيده سوف يفعل جرماً لا يغتفر، وسوف يشعل الحرب مرة أخرى، فعلى الرغم أن عائلة النعمان لديها عقلية غير عقليتهم، لكنهم لا يسمحون لأحد أن يتعدى على امرأة من بيتهما مهما يكون، خصوصاً ورد التي تعتبر معشوقة لجميع من في البيت، فلن يقبل أن يعترض أحدهما طريقها، لذلك كان عليه أن يجلب ناصر ويراجعه عما يدور في رأسه، لكنه وجد هاتفه أغلق بالفعل.

لذلك قرر إنتظار الصباح وأن يرسل أحدهما لاستدعائه.

بينما كانت أميمه قد شعرت أن هناك شيء ما، لكنها لم تعلم تفسير ذلك الشيء، لذلك قررت النهوض والجلوس مفردها لحين عودة الراحة لها، وتذكرت حنين أبنة أخيها التي كانت مثل الورده الحمراء، فكانت كثيراً ما تلقبها بذلك وشعرت بالندم، فعندما لجأت إليها كي تنقذها من جدها وأبيها كانت ليس في يدها شيء لتفعله.

لذلك قالت لها:

- أصري على قرارك حتى تصلين إلى ما تريدي.

وكانت النهاية مؤلمة وصاعقة لها، عندما وصل لها خبر وفاتها، فقد اعتقدت بأنها مشتركة مع أبيها وأخيها في تلك الحادثة، نظراً لسلبياتها وعدم التحدث مع أبيها أو أخيها في التراجع عن ذلك القرار، لأنها تعلم بأن والدها سوف يقوم بطردها من المنزل مرة أخرى كما فعل من قبل معها .

قد ترى ما يفعله إحدى الشباب المتهور، سبباً في إنهيار كيان بأكمله، وخاصة بأن هذا الشاب لا يريد إلا ما يدور في عقله، دون أن يرى ما عواقب ذلك الامر.

أستيقظت ورد وكلها نشاط وحيوية، ونظرت من خلال نافذتها، فوجدت جدها بالأسفل، فقامت بصلاة فرضها وقرأت وردها، نزلت للأسفل حتى تتناول إفطارها مع بقيه أفراد أسرتها، فهي عادة تفعلها منذ الصغر.

كان المكان التي تجلس فيه هو المكان الذي بجوار جدها، نظراً لمكانتها في البيت يحسدونها على تلك المكانة جميع من في الأسرة، بينما تحدث فهد قائلاً:

- هل قمت بالتفكير فيما حدثتك به البارحة؟

-  نعم، فمازلت أفكر، ولذلك أترك لي حرية الاختيار والوصول للقرار النهائي، عندما أحصل على شهادتي.

سعد الجد بأن حفيده قدر أن يتحدث مع أخته والوصول لحل، بينما أنهت ورد إفطارها، وقامت مسرعه كي تلتقط حقيبتها، لكي تصل إلى مدرستها في الموعد المناسب، فهي لا تريد أن تتأخر.

بينما تحدث معها صقر قائلاً:
- لو أردت أن أقم بإيصالك، فعليكي أن تنتظري بضعة دقائق حتى انتهي من تناول إفطاري.

اعتذرت ورد له بأنها لا تستطيع الإنتظار، لأنها سوف تتأخر بالفعل.

خرجت ورد وهي سعيدة وعلى وجهها الضحكة التي تتسم بها، بعد بعض كلمات الإعجاب التي ألقاها جدها علي مسامعها، في الطريق قامت بمقابلة سعاد فقاموا بالسلام على بعضهم البعض، فهم يتقابلون معاً في نفس الموعد كل صباح.

بينما كانوا يسيرون تذكرت سعاد بأنها قد نسيت إحدى الأوراق الخاصة بها، فقررت العودة إلى المنزل سريعاً، كي تجلبهم.

بينما أكملت ورد طريقها، وعندما كانت علي وشك  الدخول في المدرسة، وجدت من يعترض طريقها وعلى وجهه إبتسامة شيطانيه، فشعرت بالخوف لذلك قررت أن تترجع، ولكنها كانت مثل التمثال من كثره الرعب الذي دب بها، فقررت أن تكمل سيرها،   فقام ذلك الشاب بأخذها عنوة في سيارته، والذهاب بها إلى إحدى الطرق المتطرفة.

بينما انتهت سعاد من إحضار ما نسيته وعادت إلي المدرسة، لكنها شعرت بالصدمة عندما لم تجد ورد، فكاد عقلها أن يجن وأخذت تبحث عنها وتسأل صديقاتها، لكن دون جدوي لذلك قررت أن تهاتف أخيها خوفاً من أن ما يدور في عقلها صحيح.

  بالفعل قامت بإجراء مكالمة وتهاتف أخيها عز، كي يرى ماذا حدث لصديقتها؟ وأخبرته بما يدور في عقلها وخوفها من إصابة صديقتها مكروه، خصوصاً بعدما رأت سيارة ناصر علي مقربة من المدرسة.

  شعر عز بالرعب لما أخبرته أخته، بالإضافة أنه وجد ناصر بالفعل يرحل بسيارته، عندما كان عائداً من صلاة الفجر، وشعر باستغراب لأنه علي علم بأن ناصر في ذلك الوقت يكن نائماً بالفعل، لذلك تحرك بسرعة لكي يخبر أبيه عما حدث قبل أن يفوت الأوان.

عندما علم مهاب ما حدث قام بمهاتفت والده، وخبره بما حدث، فعلم العدلي أن ما يغشاه قد حدث بالفعل.

بينما كانت تسيل دموعها على وجهها، فهي تدور في عقلها أشياء كثيرة، وقامت بتأنيب ذاتها عندما عرض عليها صقر أن يقم بإيصالها إلى المدرسة.

لا تعلم كم مر من الوقت نظراً لشدة خوفها، شعرت بأن السيارة قد توقفت بالفعل، ونزل منها ذلك الشاب، وفتح الباب لها و هو يقول:

- لقد جئت بكِ إلى هنا، كي أحدثك وليس كي أرهبك، فأنا أعشقك منذ أن كنت تلعبين أمام منزلنا، ولكن نظراً لحدوث المشاكل بين العائلتين هي التي  تسببت أن نترك البيت، ونذهب إلى مكان قريب من منزل جدي.

أخذت تتذكر عما يتحدث لكن دون جدوى، فعلي ما تعتقد أنها كانت في ذلك الوقت طفلة لا تفقه شيئاً، بينما أكمل قائلاً:

- لقد جئت بك كي أحدثك بأني سوف أطلب يدك بالفعل عن قريب العاجل ولقد انتظرت أن تغادر سعاد حتي أتحدث معكي، وأريد أن أحصل على موافقتك، فهل تري أني مناسباً لك؟

نظرت له باستغراب وقالت:

- من أنت؟ وهل تعتقد أنك بما فعلته الآن سوف تحصل على رد المناسب مني؟ فيمكن أنا أكذب عليك، كي أهرب منك.

نظر لها وعلم ذكائها وقال لها:

- لقد علمت أيضاً إنك لا تخافي شيئاً، ولا تتحدثي كذب في كل ما يدور بعقلك يظهر على لسانك.

نظرت له بصدمة فهو يعلم شخصيتها ويحفظها، لذلك أخبرته بأن يتقدم لها وعندما يصل الأمر لها، فهي صاحبة القرار بالقبول أو بالرفض، وليعلم بأنها سوف تكن صاحبة القرار، لا يستطيع أحد إرجاعها عما يدور في رأسها مهما كانت النتيجة، بالإضافة أنها لن تمر ما فعله بها مر الكرام، لأن ذلك السلوك لا يخرج إلا من شخص غير سوي.

  نظر لها بغضب وقال:

-  أجننت انت! أتتحدثين معي بتلك اللهجة؟ ماذا حدث لك؟ أتعلمين بأن للأنثى ليس لها كيان؟ وأن الذكر هو من يتحكم فقط، وسوف أتقدم لك وستقبليني بالفعل.

نظرت له وقالت بتحدي:

- بل نحن الإناث لنا مثل ما لك، فلا يزيدك شيئاً ولا ينقصنا شيء، كذلك لو كنت من نصيبك، فأعلم بأنك قد جلبت لك الهلاك، فأنا ليس كغيري، عبده بل لي  شخصية إذا نظرت لي تجدني مسالمه، لكن ما لا تعلمه أن لدي عقل أشد من الحجر، ولا أرحب بسيطرة أحد علي، لذلك قبلت التحدي معك يا ذات القلب القاسي.

ونظرت له باحتقار وأكملت:

- فهل لك أن تعيدني من المكان الذي جلبتني منه.

فقد شعر بالنصر من خلال التحدث معها، ونظر إليها وقد قبل روح التحدي، فهو لأول مرة تتحداه وتقف أمامه أنثى، وبالفعل قام بإعادتها إلي ذلك المكان،  وبذلك قد عادت إلى المدرسة.

لكنها في بدء الأمر لم يسمحوا لها بالدخول، ولكن نظراً لأنهم يعلمون أنها لم تتأخر يوماً في حياتها، فسامحوا لها بعد أن قاموا بالتنبيه عليها بأن لا تفعل ذلك وتتأخر مرة أخرى.

تفاجأت سعاد بها، وجرت إليها وضمتها وقالت لها:

-أين كنت لقد كنت أشعر بأن عقلي يجن.

قصت ورد علي سعاد كل ما حصل، وتعجبت سعاد لجبروت إبن عمها، فكيف له أن تراوده ذاته على أن يخطفها ويذهب بها الى مكان دون الخوف من أحد؟ وشكرت ربها على أنه أنقذها منه.

قامت بمهاتفت عز، كي تخبره ماذا حدث؟ وبالفعل كان عز في ذلك الوقت عند جده مع أبيه، وعندما أنتهى مع محادثة أخته، قام بإخبار جده بما حدث، ولذلك تحدث جده قائلاً:

- هذا الولد جن وأصبح لا يعقل الأمور برأسه وسوف يقع بينا في كثير من المشاكل.

بينما كانت أسماء تجلس مع عمار يتحدثون ويخبرها بمهاتفت أخته له، وحدثها بخطوبة سعاد على القريب العاجل، سعدت بذلك لأنها تعلم أسلوب سعاد، وكانت تشعر بالخوف عليها حتي لا تقع فريسة لتلك العادات، في ذلك الوقت طرق الباب، فوجدت رباب تخبرها بأنها سوف تخرج كي تتنزه مع أطفالها، فهل تريد القدوم معها؟

صمتت أسماء ولم تجيب عليها، فعلمت رباب بأنها تريد أن تتحدث مع زوجها،  فقالت لها لقد أعلمتك كي لا تشعري بالقلق علينا، وسوف أذهب لكي أرتدي الملابس، فلو أردت شيئا فلتأتي، ودعتها أسماء وعادت إلى عمار وأخبرته بما حدث.

فأخبرها بأن تخرج معها حتى تشعر بالهواء النقي في الخارج، ولكن لفت انتباهه طفلتها، فهي لم تعلم شيئاً عن هذا العالم الجديد.

وضعت ورد الحجاب علي رأسها، وقامت على عجالة، لكي تخبر رباب بأنها سوف تخرج معها، كذلك عادت كي ترتدي هي وطفلتها ملابس الخروج، سعد عمار بما رآه من سعادة بالغة على ملامح طفلة، خاصة أن اليوم يوم عطلة وعليها أن تستمتع بعطلتها.

وبالفعل قد خرجت مع رباب بصحبة الاطفال للتنزه في إحدى الأماكن القريبة منهم.

بينما واجهه الجد ناصر قائلاً بحدة:

- ماذا فعلت؟ أحقاً قد ظننت بأنك قد كبرت، ماذا حدث لعقلك؟ قد سبق أن نبهتك بأن لا تذهب أو تتخذ أي قرار دون الرجوع لي.

بينما قابله ناصر بنظرة استحقار قائلاً:

- أنا ليس صغير كي أخذ الأوامر من أحد، مهما كان وضعه ومكانته، ويحق لي أن اتحكم في زمام الأمور الخاصة بي.

هنا صرخ به  قائلاً:

- لقد أخطأت في تربيتك، وسوف أعيدها مرة أخري، وقد أمر أحدهما  بأن لا يغادر ناصر البيت حتى يأذن هو بذلك.

كما قام بإستدعاء أبنه كي يخبره بما حدث، حضر شهاب الذي بمجرد علمه بما فعله أبنه ثأر هو  الآخر وأثنى عما قاله أبيه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي