الفصل الثالث والعشرون

مر اليوم والبنات يحضرون كل شيء، لأن سعاد سوف تسافر في الغد، وتظل ثلاثة أيام حتى تأتي بكل ما تريده، بينما أخبرتها أسماء بأنها لن تتركها وسوف تكون معها في كل خطوة تخطيها، بالإضافة أن عمته أميمه سوف تستقبلهم يوماً، كي تجمع شمل العائلة.

بينما تساءلت منار هل لديها أبناء، فأخبرتها بأن لديها ثلاثة أبناء إحداهما تعمل، والأخرى في الجامعة، والأخرى في الثانوية، تبسمت لها منار وأخبرتها أنها كانت تريد أن تذهب معهما، ولكن سوف يأتي عمر في الغد، كي يتناول إفطاره معهما ويأخذها ويرحل، وسوف تعود مرة أخرى ليلة الحناء، كي تكون بجانبها.

بينما أخبرتها أسماء بأن لا تترك أذنيها مرة أخرى لوالدتها، نظرت لها وقد تجمعت الدموع في عينيها، وأخبرتها أنها قد نسيتها بالفعل، فهي لم تسأل عليها، ماذا حدث لها؟ فكل ما يهمها ذاتها، فنعم كانت مخطئة في تتبعها والإستماع لها.

بينما كان عمار يتحدث مع عمر في تلك المشروعات التي سوف تقام فأخبره أن مجموعة من رجال الأعمال ذات الشهرة الواسعة، يريدون أن يستثمروا أموالهم في بعض المشروعات الخاصة بالزراعة والثروة الحيوانية، وأنه عليه أن يختار مجموعة من الشباب لكي يديروا تلك المصانع.

كذلك أنه يرى أن فهد وصقر مناسبين لتلك الوظيفة، ففهد لديه معرفة بالمجال الهندسي وصقر يدرس الطب البيطري، كذلك سوف يستلم ببعض الشباب الآخرين في المصنع، فما رأيه أن إستعان بعدي وناصر.

فأخبره عمار أنه بالفعل قرار صائب، كذلك عليه أن يستبعد خالد، فهو مازال قلبه ينبض بالأذى، وأنه لا يضع قدمه في مكان إلا عمل علي حدوث مشاكل به.

سأله عمر أين يعمل؟ فأخبره بأنه يعمل لدى مصنع لرجل أعمال وقد توسط له صاحبه كي يعمل به، بينما كانوا يتحدثوا جاء عمار هاتف من والده يخبره أن يحضر فوراً، بالفعل ذهب له.

بينما كان العدلي يجلس لكي يرى ماذا سوف يريدون في الأيام المقبلة؟ في ذلك الوقت حضر عمار فوجد والده ومهاب، فأخبره والده بأنه على معرفة بزيادة الأسعار في ذلك المكان، الذي يسكن فيه، فما هو متوسط السعر؟ لأنه سوف يتكفل بمصاريف زفاف سعاد كاملة.

فأخبره الأسعار فقام والدهم بإحضار الأموال، حتى يعطيها لمهاب، كي يجلب لأبنته كل ما تريد، كذلك تساءل مهاب عن أخيه شهاب، فأخبره أنه لم يأتي منذ غد، فلقد أدب زوجته وغادرت وغادر هو الآخر خلفها على الفور، وتحدث متهكماً بأنه الآن يجلس بجانبها، كي ينل منها الرضا.

فتلك العقربة رغم عدم قدرتها على التفوق أمامه، ولكن سمها مازال بداخلها، وسوف تفعل ما يدور في رأسها على عكس زوجته التي تتسم بالرضا.

هنا تسرع عمار قائلاً:

- وماذا أفادت أن زوجتي تتسم بالرضا إلا معاملة قاسية، وكذلك أبنتي التي فقدت جانب من طفولتها بسبب تلك المعاملة.

هنا أنتبه عمار لما تفوه به فصمت على الفور.

نظر إليه والده وأخبره أنه يعلم ما يدور في رأس كل واحد منهما، ويعلم بأنه ترك ذلك المكان، وذهب إلى مكان لا يعرف به أحد، كي يفلت منه هو وأبنته وزوجته، وأنه تركه يفعل ما يريد، ولكن عندما يأمره بالعودة سيعود علي الفور، وإلا يعتبر خارجاً عن طوعه.

حاول مهاب تهدئه الجو ولكن دون جدوى، لأن والده باغته بنظرة كي يصمت ولا يتدخل في الحديث، بينما أخبره عمار بتحدي، أنه سوف يفعل ما يراه في صالح أبنته، غير ذلك لم يفعل شيئاً وصحيحاً أنه ترك تلك المكان، كي ينقذ أبنته من تلك العادات العقيمة.

هنا نظر له والده نظرة غضب وقال:
- أتتحداني بعد العمر ده؟

نظر له عمار وأخبره، انه لم يتحدى أحد ولكن لن يترك أبنته فريسة لأحد، فأبنته فوق الجميع، فلا تفرق عن الذكر بشيء، وسوف يهتم بها ويعلمها حتى تلتحق بوظيفة تناسبها، وسوف يعمل على تطوير تلك العادات، ولن يتبعها كالأعمي، فلقد أختلف الزمن وأختلفت الأجيال، ومازلت تلك العادات مترسخة قائمة.

هنا أخبره والده أن سفره قد جعل عقل أصابه الجنون، وعليه أن يتراجع عن تلك العادات التي اكتسبها صحيحاً، وإلا سوف يأمره بجلب أبنته وزوجته، كي يعودوا إلي عاداتهم الذين تربوا عليها.

نظر عمار لوالده وأخبره بأن تلك المعتقدات خاطئة، والجميع يخافون منه ولا يجرأ أحد عن التحدث ويخبره بأنه خاطئ لذلك الجميع يتبعه خوفاً من تلك المعاملة القاسية.

وما حدث مع منار لن يفضل أن يفعل بأبنته، بالإضافة أن أبنته قد قاست، فكانت تشعر بالرعب من جميع البشر وتهابهم ولقد تغلبت على تلك الشعور، وبدأت في ممارسة حياتها الطبيعية، كأنها مثلها مثل أي طفله عادية، وأن ما فعله مع منار غير عادل وذلك نتيجه زيجة لأب فاشل وأم طامعة، لا يقدروا أن يحموا أطفالهم أو يجنبوا أطفالهم المشاكل.

بعد ما أنتهى من التحدث استأذن كي يغادر بعدما شعر بضيق التنفس لديه.

بعد مغادرة عمار شعر الجد، بأن زمام الأمور تخرج من يده، فأولا ما فعلته أميمه وثانياً ما سوف يفعله عمار، ولذلك قرر أن يقف ويعلم الجميع درساً قاسياً، حتى لا يخرجوا عن طوعيه.

نظر مهاب لوالده وعلم ما يدور في عقله، واستأذن من والده كي يجرى مكالمة هاتفيه، وبالفعل خرج كي يجريها فهاتف عز وأخبره بأن يكن مع عمه ولا يتركه، وأخبره والده عما حدث من شد وجذب بين عمه وجده، وأن ما حدث لا يبشر بخير، لأن عمه تحدى جده ووقف أمامه.

فهم عز ما حدث وأخبره بأنه سوف يبحث عنه، بعدما أنتهى من المحادثة تساءل ناصر هل حدث شيئاً؟ وأخبره بحدوث مواجهة بين جده وعمه وغادر عمه، فأخبره فهد بأن ينهضوا ليعلموا ما حدث، وعليهم أن يطمئنوهم عندما يصلون لشيء.

بالفعل غادر عز وناصر وذهبوا ليروا أين يوجد عمهم، فأخبره عز بأن لدى عمه مكان مميزاً يذهب إليه عندما يشعر بالضيق، وبالفعل ذهبوا إلي ذلك المكان، فوجدوه وسط الأرض يجلسوا تحت ظل أحد الأشجار وعندما ذهبوا إليه، لكي يتحدثوا معه وجدوا ملامحامه متغيرة ووجهه متصبغاً باللون الأزرق.

تحدث على الفور ناصر وقال:

- هل أنت بخير يا عمي؟

نظر له عمار وأشار بيده بالنفي، فقام على الفور ناصر بمهاتفت فهد بأن يأتي على وجه السرعة كي ينقلوا عمه إلى أحدى المستشفيات القريبة، وبالفعل فحصه الطبيب على وجه السرعة، وأمر بوضعه على جهاز التنفس فهو يشعر بالأختناق.

مرت ساعة كأنها عمر والجميع يشعر بالقلق، بينما تحدث مهاب مع أبنه كي يعلم إلى ماذا وصل؟ فأخبره عز أنه وجد عمه والآن به في المستشفي القريبة من بيتهم.

بينما كان مهاب يجلس مع أبيه، وينظر إلى الساعة من حين لآخر، فحتى الآن لم يهاتفه أبنه، وعندما شعر بالقلق طلب من والده، بأنه سوف يذهب ليطمئن على أبنته، وسوف يعود له مرة أخرى، وبالفعل خرج عندما تأكد أنه قد بعد عن البيت، هاتف عز ليعلم منه ما حدث، فأخبره بمكان وجودهم، فسأله برعب هل أصابه مكروه؟

فأخبره بأنه حتى الآن لا يعلموا شيئاً وأنه على جهاز النفس، نظراً لأنه كان يشعر بالأختناق.

أخبر مهاب أبنه بأنه سوف يأتي له على الفور، وعليه أن يطمئنه أولا بأول حتى يصل إليهما كما أخبره بأن لا يخبر أحداً من البنات، حتى لا يثير قلقهم.

وصل مهاب إلى المستشفى ووجد جميع شباب عائلة النعمان بالأضافة إلى عمر وعدي وأبنه وناصر، يقفون أمامه والجميع على وجوههم علامات من القلق، كان يحاول مهاب أن يتواصل مع أحد من الموجودين، كي يعلم ماذا يحدث؟ ولكن دون جدوى، فكان كل ما يترد على أسماعهم بأن ينتظر حتى يخبرهم الطبيب بذاته ما حدث.

بالفعل بعد مرور الوقت خرج الطبيب وحدثهم بأنه قد تعرض لضغط عصبي قاسياً، مما جعله يشعر بالأختناق وأن جسده كان غير قادر على التنفس، وأمرهم بأن يعملون بعض الإشاعات والتحاليل كي يطمئنوا عليه وأن يبعد بعيداً عن أي توتر عصبي.

أخبره مهاب بأنه سوف يفعل ذلك وأنه سوف يسافر في الغد.

بعدما رحل الطبيب أخبره عدي بأنه ان أراد أن يؤجل السفر كي يطمئن على عمار فليفعل، ولكن أخبره بأنه السفر أفضل طريقة كي يعد عمار إلى طبيعته.

بينما نظر له فهد وتحدث بأدب وأخبره بأنه ليس من شأنه التدخل بينهم، ولكن ماذا حدث؟ كي يصل عمار إلى تلك الحالة.

صمت قليلاً ثم عاد للتحدث وأخبره أنه أخطاء في التحدث عندما أخبر والده بأنه بالفعل هرب بأبنته وزوجته من تلك العادات التي مقتنع به والده، مما جعل والده يثير عليه ويخبره أنه إن أراد أنهم يعودون ويعيشوا معنا مرة أخرى في ظل هذه العادات سوف يفعل وإلا يعتبر خارج عن طوعه.

هنا غضب عمار هو الآخر ووقف بتحدي وأخبره بأنه سوف يفعل ما يجده صالح لأبنته، كما أنه غير قابل لما فعله أبيه مع منار.

هنا تدخل عمر بصوت مرتفع:

- ماذا حدث لزوجتي؟

فلقد نسى مهاب أن عمر موجود بالفعل، فقام ناصر وعز بمحاولة تهدئة الجو وقال ناصر:

- سوف أخبرك بما حدث ولكن ليس الآن.

بينما نظر له عمر وأخبره بأن يأتي خلفه للخارج فليس هو ذلك الرجل الذي يسمع أن شيء حدث لزوجته ويظل صامتاً دون أن يعلم.

بالفعل ذهب ناصر خلف عمر وأخبره بما حدث في زوجته منذ قدومها إلى منزل جدها حتى ذهابها إلى منزل مهاب، وأخباره بما فعلوه أسماء وسعاد وعمته أميمه معها هنا غضب عمر وخرج مسرعاً لا يريد أمامه.

عاد ناصر مسرعاً إلى الداخل كي يجلب هاتفه الذي كان في ذلك الوقت مع عز وخرج مسرعاً قبل أن تحدث كارثة، نظر له مهاب وعلم بأن الأمر لم يمر مر الكرام فأمر فهد وعدي أن يلحقوه كي يهدأوا الجو.

بالفعل لحق فهد ناصر وهو يتحرك ويحاول أستقلال إحدى السيارات.

بينما كان عمر يقود سيارته على أعلى سرعة حتى وصل إلى منزل مهاب، وقام بالصراخ من خارج المنزل كي يعلم من في الدار بحضوره.

بينما كانت أسماء وسعاد ومنار في الأعلى يضحكون سمعوا صراخاً في الأسفل، فأخبرتهم منار أن هذا صوت زوجها، فأرتدوا البنات الحجاب الخاص بهم، ونزلوا ليروا ماذا يحدث؟

عندما فتحت منار الباب، نظر لها زوجها قائلاً:

- ماذا فعل جدك بك فلتخبريني؟

نظرت له منار بحيرة وصمتت فعاد يصرخ بها فتحدثت وهي تبكي لقد فعل بي ما لم يفعل بأحد، وكنت كالجثة الهامدة لولا تدخل أخي ناصر بمساعدة عمتي أميمه.

قام عمر في جذب حجابها عندما وجد إحدى العلامات على رقبتها، وعندما ازاحه وجد الكثير من الجروح، فنظر لها قائلاً:

- هل هناك جروح أخرى غيرها؟

فأخبرته بأن ذلك الجروح في جميع جسدها ولكن هذا لا يشغلها ما يشغلها هو كسر قلبها وجرحه، فلقد أعتقدت بأنه قد ذهب بها إلى جدها كي يفعل بها ذلك.

فأخبرها أين يوجد أبيها وأمها صمتت، لأنها ليس لديها إجابة، فتدخلت أسماء قائلة:

- لا تحاول أنت الآخر أن تقسو على زوجتك، فهي بريئه من أفعال والديها ولذلك فهي فهمت خطأها، وحاولت أن تكن بجانبها ولتبدأوا صفحة جديدة.

نظر لها عمر وقد هدأ وأخبرها بأنه سوف يجلب حق زوجته اولاً ثم يبدأ تلك الصفحة مع زوجته، فليس هو ذلك الرجل الذي يعلم أن لزوجته حق عند أحد ويتركه فإن قيمة زوجته من قيمته، ومن تعدى على زوجته كأنه تعدى عليه شخصياً.

قد حضر الشباب بالفعل فأسرعت البنات إلى داخل الدار تاركين المكان كي يجلس الشباب وكانوا يسمعون بعض المناوشات والأصوات العالية، فكان فهد يخبره بأن يهدأ كي يجلب حق زوجته بعقل وليس بالتسرع أو بالعنف كما أخبره بأن الله قد سخر لها من يقف بجانبها.

بينما قال ناصر لقد فعلت ما أقدر عليه بالأضافة إلى أنها سبباً في تحول شخصيته، ولذلك نصحه من داخل قلبه بأن ينسى كل ما حدث ويبدأ من جديد وهي سوف تكون رهن إشارته.

فالجميع يعلم أنه كالأسد الزائر على عرينه لا يفضل من يأتي عليه، ولكنه أيضاً صاحب قوة وقادر على التسامح هذه المرة، وأخبره أنه مقتنع بأنه لن يلجأ لجده أو والده عند حدوث شيئاً، كما أنه اعلم الناس بأخته أنها لن تلجأ لأحد فعندما تشعر بالغضب منه، لن تجد غيره حتى تشكو له ما بداخلها في ذلك الوقت.

قد أعدت لهم أسماء بعض المشروبات بالأضافة إلى الأطعمة وقامت بتقديمها والصعود إلى الأعلى، بينما أخبره عدي أنه يعلم أنه بالفعل سوف يأتي غداً لكي يحصل على زوجته فليتركها حتى غد ويأتي في الصباح لتناول أفطاره معهم ثم يأخذها ويرحل، وأخبره بأنه لا يهتم بما حدث.

في ذلك الوقت هاتف عز عدي كي يعلم ماذا حدث؟ فأخبره أنه بالفعل في بيتهم فأخبره بأنه سوف يأتوا، فلقد سمح الطبيب لعمه بالرحيل.

هنا تفهم عدي الوضع وأخبر ناصر بأن يخبر منار بأن تعد بعض الأطعمة الصحية، لأن عمها سوف يأتي الآن وأخبره بأنه لا يتحدث في شيء، فهو عندما يأتي عمار سوف يتحدث معهما من تلقاء نفسه وجهاً لوجه.

لم يمر الوقت حتى تفاجأت أسماء بدخول زوجها مسنداً علي أخيه، فنزلت دون وعي ولم تنتبه للجمع الذي يوجد، فكان كل ما يشغلها هو زوجها، ونظرت إليه وهي عينيها متحجرة بالدموع قائلة:

- ماذا حدث له؟

فأخبرها مهاب عن مرضه وأنه أصبح بخير، فقد تعرض لضيق في التنفس ولقد جلس على جهاز التنفس حتي أصبح بخير.

نظرت له وأخبرته أنه لا يتعرض لتلك الضيقة إلا عندما يشعر بالغضب أتجاه شيئاً، فما الذي أغضبه؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي