الفصل الثالث

نظر مهاب لوالده قائلاً:

- أن ولدي من فعل كل ذلك، هو من قدم إليك وأخبرك بكل شيء، في سبيل الحصول على قطعة الأرض، ولكن ما لا تعلمه أن أبنتي أهم شيء في حياتي، فهي تاج متوج على رأسي ومن لا يعرف قيمتها فلن يحصل عليها، فهي جوهرة لؤلؤة خاصة بي، أعلم قيمتها وأهميتها فهل أتركها لأي مصير مجهول؟

صمت قليل وأكمل بتهديد:

- سوف أفعل أي شيء في سبيل سعادة أبنتي، حتي لو قررت أن أغادر المكان كي أنقذها، وقد تعلمت منك وكذلك من أمي"رحمها الله" كنت أرى معاملتك القاسية لها، ولكن ما لا تعلمه، أن معاملتك ما جعلت في قلبي إلا احتراماً وتقديراً لمكانة الأنثي، ولقد خصها الله وذكرها قبل ما يذكر الذكر، نظراً
لقيمتها.

قال له والده بصوت جهوري:

- لقد خلقت من ضلعاً أعوج، فهي يجب أن تستقيم وما يعدل هذه الأستقامه الذكر وأنا لم تستقم فسوف يلحقنا العار أينما ذهبت، وسوف أزوجها بالفعل لأول عريس سوف يتقدم لها.

لم ينهي حديثه حتى أخبره إحدى الحراس الخاصة بالمكان، بوصول عدي وأبيه طالبين الأذن برؤياه فأذن لهم.

نظر لأبنه وقال:

- حسناً سوف نكمل حديثنا ولكن ليس الآن، وبالفعل دخل عدي هو ووالده الشيخ العجوز، وانتظروا حتى يأذن لهم بأن يجلسوا، فقال عدي:

- كيف حالك يا جدي؟

فقال الجد:

- أنا بخير ولكن يا لها من زيارة عجيبة.

فقال له والد عدي:

- فلقد جئنا كي نطلب يد سعاد أبنه إبنك مهاب لأبني ونحن نعلم أنك كبيرنا، فيجب الرجوع إليك كي نأخذ مباركتك قبل كل شيء.

سعد ذلك المغرور من ذلك الحديث الذي يكبر منه، ونظر إلى أبنه بتحدي، وشماته وقال:

- وأنا أوافق علي تلك الزيجة.

وحدد موعد الخميس المقبل لكي يكتبوا كتب الكتاب دون أن يطلب منهم شيء، بالإضافة دون الرجوع إلى أبيها لمعرفه رأيه.

بينما غادر مهاب على الفور دون أن يستأذن، وكانت نظرات الكبير تلاحقه، فهو لم يجعل أحد يتخذ قراراً دون الرجوع له، مهما كانت العواقب فهو يعتقد أن رأيه الصواب دون نقاش.

انتهى عدي مين زيارة الجد، وقام بإيصال أبيه إلى المنزل، وذهب كي يخبر صديقه بما حدث، فهو يعلم بقلق صديقه تجاه ذلك الموضوع.

بالفعل ذهب إلى بيت عز، ليخبره بأن قد حدث بالفعل كل ما خططوا له، وعندما ذهب إلى هناك كان مهاب على أحر من الجمر، وكان عز ما زال بغرفته فهو يشعر بالقلق، هل يوافق جده أم سوف يرفض؟ ولكن بينما كان في غرفته سمع صوت صراخ.

نزل عز ليشاهد ماذا حدث؟ فوجد أن أبيه يمسك جلباب عدي، ويقول له:

- لماذا قمت باختيار أبنتي، فهي لن تتزوج حتى تنهي علامها، ولن أجعلها تشعر بالإنكسار مهما كلفني الأمر، فإن طلب زواجك مرفوض حتى لو وافق أبي على تلك الزيجة.

بينما تدخل عز في تلك اللحظة لكي ينقذ صديقه، قائلاً:

- أن عدي ضيف عندنا لا يجب أن يعامل مثل ذلك.

وقام بإفلات عدي من يد والده، وطلب من سعاد إحضار شيئاً لكي يتناولوه.

بينما كان أبيه ينظر له متعجباً من رد فعله، فجلس كي يعلم ماذا يحدث من خلفه؟

أخبر عدي عز بما حدث، فقام عز بشكره على ما فعل، وقال له لن أنسى لك هذا المعروف.

فتدخل مهاب وقال:

- معروف أني لا أفهم شيء.

قص عز ما حدث على أبيه منذ زياره أخيه إلى جده حتى مقابله عدي، بينما أحضرت سعاد المشروب الساخن المفضل لدى عائلتها، بينما كان عدي يتناول ذلك المشروب، لفت نظره وجود سعاد، فهو لم يراها من قبل، لأنه كان دائماً يتقابل مع عز بالخارج.

وجدها حورية من حور الجنة، شعرت سعاد بالخجل وظهر ذلك على ملامحها، فغادرت على الفور، لكنه شعر بشيء يحرك إحساسه تجاهها، بينما اعتذر مهاب عما فعله مع عدي وقال له:

- أعذرني يا ولدي فقلقي وخوفي على أبنتي فاق كل شيء.

بينما قال عز بهدوء :

-هل كنت أترك خالد يتحكم فينا، فلولا تدخلي من بعيد لكان الأمر تطور.

قال له مهاب:

- أتركه لي حتى أعيد تربيته مرة أخرى.

بينما استأذن عدي، لكي يطمئن علي والديه على وعد أنه سوف يتحدث في كل شيء مع عز قبل أن يتحدث مع الجد، وأنهم لا يشعرون بالخوف فسعاد سوف تكن نصب عينيه وفوق رأسه، أعجب به مهاب من أسلوبه، فهو كان يعلم بأن أبنه لن يصادق إلا من يشابهه.

بينما في مكان آخر كانت ضحكات الشياطين تعلو في وسط الأدخنة، كان خالد يتحدث قائلاً:

- لا تقلق لقد أخبرت جدي بكل شيء وسوف يشتعل البيت بالنيران، فلا أحد يقدر علي الوقوف أمام جدي، وسوف يكن الطريق ممهد يا زوج أختي العزيز، ضحك ناصر وقال:

- لا أعلم أن قطعة الأرض عزيزة عليك يا أبن عمي، فمن الصباح الباكر سوف أذهب إلى جدي، اطلب يد أختك لي، وعند الظهيرة سوف تحصل على تلك الأرض، ولكن لن تحصل عليها فعلياً إلا عندما تصبح أختك ملك لي في بيتي.

قال خالد بسخرية:

- أتمنى أن تحافظ عليها.

فأجابه:

- لا تقلق فإناث العائلة لا تملك القدرة على التحدث ولا تملك التدخل في أي شيء، فمثلها مثل الأخريات فلا تشعر بالخوف على أختك، وأنك كل ما يهمك هي قطعة الأرض فقط، فلا تشعر بالندم فإنك ذات قلب متحجر، يابس لا يعرف الرحمة.

ضحك خالد وقال:

- هذا عيب من يعرفنا حق المعرفة.

فأجابه ناصر:

- يكفي فلنعود إلى بيوتنا فلقد أصبحنا في منتصف الليل.

قال له خالد بخوف:

- لن أعود الآن فأنا أعلم أن أبي سوف يكن في إنتظاري، ولذلك سوف أنتظر بعض الوقت حتى أطمئن انه بالفعل خلد للنوم.

بينما كانت تلك الفتاة الغجرية، تنظر له من حين لآخر ولقد أعجب بها، نظراً لما ترتديه، بينما قال ناصر:

- فلتصرف نظر عنها فلن يوافق جدك عليها مهما كلفه الأمر، أننا نأتي إليهم كي يأخذوا الأموال مقابل ما نتمتع به فقط، ولا يطمعوا في شيء آخر، هيا لنرحل يكفي ما حدث.

بالفعل رحلوا وهم لا يقدروا على الحركة، فإنهم يتمايلون يميناً ويساراً، لذلك طلب ناصر من خالد أن يأتي معه تلك الليلة عنده.

كان مهاب ينتظر على أحر من الجمر، فهو يعلم بأن أبنه بالفعل لم يأت إلا عندما يتأكد من عدم وجوده في المنزل أو خلوده للنوم.

بينما في غرفة سعاد كان يتحدث معها عز، عندما قال لها:

- لقد شعرت بالخوف عليكي، لذلك لم أجد أفضل من صديقي عدي كي يحافظ عليك، وإلا سوف يحصل عليكي ناصر، ولن يقدر أحد عن رجوعه عما يخطط، فأنا أريد أن أري وجه أخيك وناصر عندما يعلمون أن تم خطبتك بالفعل، وأن ما يخططون إليه قد باء بالفشل.

ضحك عز وسعاد وهم يتخيلون منظر أخيهم وأبن عمهم، عندما يعلمون أن ما يخططون له فشل بالفعل، وأن جده عندما يعطي كلمه لا يتراجع فيها مهما كان الأمر، ولذلك سوف ينامون تلك الليله في سعادة بالانتصار.

كان مهاب يعلم بأن خالد وناصر لن يمروا ما حدث مر الكرام، لذلك كان يشعر بالخوف على عدي وعز، فهم سوف يفعلون أي شيء كي يفسدوا تلك الزيجة.

كان عمار يجلس مع أسماء فكان سعادته بالغة، عندما عاد من العمل فوجد أبنته سعيدة، ولأول مره يجدها تحب شيء، وعندما عادت أخذت تقص عليهم ما حدث من لعب، وتناولت الطعام وخلدت إلي النوم كي تذهب إلى الروضة في الغد مرة أخرى.

أخبرها عمار أن معاذ قد وجد له وظيفة في عمله، وسوف يذهب معه في الصباح كي يتقدم بأوراقه، فتبسمت أسماء لأنها تعلم بأن الله مازال يقف بجانبهم وأرسل لهم معاذ ورباب كي يكن عوضاً لهم.

في الصباح الباكر ذهب عمار مع معاذ وبالفعل قد تم تعيينه وأمضاء العقد، فاستأذن عمار كي يمضي استقالته في الوظيفة الأخرى، فأذن له المدير وأعطاه بقية اليوم أجازة على أن يحضر في الغد، ويحصل على وظيفته.

سعد عمار لذلك وغادر على الفور، وذهب إلى مكان عمله ومضى استقالته، وقام بصرف له مبلغ قليل من المال عما فعله في العمل، سعد عمار لحصوله علي تلك الأموال، وعاد سريعاً كي يجلب بعض الأشياء لياسمين قبل أن تذهب إلى الروضة.

بالفعل لحقها قبل الدخول إلى الروضة، فنادى عليها قائلاً:

- ياسمين ياسمين فلتنتظري.

نظرة ياسمين إلى أبيها والإبتسامة على وجهها فقال لها:

- لقد أحضرت لك بعض الأشياء.

جلست ياسمين على الأرض، كي تعلم ماذا توجد داخل تلك الحقائب، فوجدت بها مجموعة من الحلوى على بعض الأوراق ذات الأشكال الملونة، وبعض الأقلام التي تتزين بالشخصيات الكرتونية، أخذت تنظر إلى الأكياس وتنظر إلى أبيها وتقول له:

- أحقا هذا ملكاً لي؟

نظر عمار لها وقال بإبتسامة:

- نعم هذه الأشياء ملكك، لكن قد أحضرت ليوسف ووتين مثل ما أحضرت لك.

سعدت ياسمين بذلك وقالت:

- لقد كنت سوف أعطيهم من تلك الأشياء، وأتقاسمها معهما مثل ما يفعلوا معي.

أبتسمت رباب لها وقالت:

- لم يفعلوا معك شيء وأخبرتك بأنك مثل أختهم.

فقالت لها ياسمين:

- لقد أعطتني وتين جزءًا مما تملك، وكذلك يوسف دون أن أطلب منهما، وعندما رفضت قاموا بوضع تلك الأشياء في حقيبتي، حينما أريدها أجدها، ولذلك كنت بالفعل سوف أعطيهم مما أملك.

بينما قامت ياسمين بإعطاء الصغير يحيي شيء من الحلويات، فضحكت رباب وقالت:

- ألم أقل لك أنه لا يشرب إلا حليب؟

فقالت ياسمين موجهه الكلام لأبيها:

- فلتذهب ولتحضر حليب ليحيى.

فضحكت أسماء وأخبرتها أنها سوف تجلب له ولا يجب عليها أن تقلق.

ذهبت الصغيرة مع الأطفال إلي الروضة، بعدما قامت بجمع أشياءها، قامت الطفلة بالأشارة بيدها إلى والدتها كي ترحل، فهي تشعر بالأمان.

بينما تعجبت أسماء لماذا حضر زوجها مبكراً!  فأخبرها بما حدث وشكر رباب عما فعل زوجها معها، فقالت له:

- نحن أخوة ويجب أن نقف بجانب بعضنا البعض.

بينما عاد عمار كي تعد أسماء مع رباب، كي لا تشعر رباب بالإحراج.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي