الفصل الثاني عشر

كما أمر عدلي ناصر أن يلتزم الأدب وأن لا يفتعل شيئاً آخر كي لا يستفز أحد من أحفاد النعمان، فما فعله المرة السابقة لا يكرره مرة أخرى، حتى لا يقع تحت مخالب الفهد.

فأخبره ناصر بأنه بالفعل سوف يفعل ذلك، ولكنه لن ينسى طاره مع ذلك الفهد، هنا صرخ به الجد وأخبره أن ينس ذلك الأمر، وإلا سوف يقع تلك المرة ويأتوا به جثة هامدة، فذلك الفهد معروف عليه سرعة غضبه، ولا يستطع أحد التحكم به إلا جده، ولذلك لا يجب عليه أن يحاول أن يتقرب منه حتى لا يحدث شيئاً لا يحمد عقباه.

بينما ظلت سعاد حائرة، هل زوجة عمها سوف تأتي بالفعل؟ أم ماذا؟ فهي سوف تؤخر جلب الفستان بضعة ساعات، حتى تتأكد أن زوجة عمها قادمة أم لا، فهي تعشقها لأنها تعلم أنها الأقرب إلى قلبها، وقد شعرت بما قاسته هي الأخرى، على عكس أبنه عمها التي رغم ما تجده من قسوة وألم، لكنها تريد الجميع أن يكونوا مثلها وليس أفضل منها، بعدما وصل إلى مسامعها كلامها مع عمها بأنها يجب أن تقبل ناصر أخيها، فجدها لأول مرة يتراجع عن قرار كان قد اتخذه، وكذلك علامها ماذا تفعل بها؟ فهو ما زادها إلا كبرياء وعند، فحزنت لما سمعته منها لأنها لم تكن تنتظر منها ذلك الرد.

بينما كانت ورد تشعر بالحزن، فبعد غد سوف تكون خطبة صديقتها، ولكن لن تكن معها بسبب تلك الأحداث التي حدثت مؤخراً.

بينما كان فهد عائد وجد حجرتها مازالت مضيئة، فعلم أنها مازالت مستيقظة، فصعد إليها كي ير ماذا بها؟ فوجد ملامحها تتسم بالحزن، فسألها عم حدث، فأجابته بأنها كانت تريد أن تحضر خطبة صديقتها، لكنها تعلم بأن ذلك الطلب سوف يقابل بالرفض.

أخبرها فهد إنها سوف تذهب، لأنهم قاموا بدعواتهم لحضور تلك الخطبة، سعدت ورد في بدء الأمر ولكن تلاشت تلك السعادة، عندما حدثها فهد عم حدث في صباح الأمس، ولماذا لم تخبره بما حدث؟ فإنه يؤخذ عليها ذلك.

سألته بحيرة هل علم ما حدث؟  فأجابها لقد علم بعدما رحل عائلة العدلي من عندهم، وكان جدها لا يريد أن يخبره بما يحدث، ولكنه لقد أقسم بأن لن يفعل شيء متهور، ابتسمت ورد وأخبرته بأنها لم ترد أن تحزنه أو أن تدخله في سلسال من الدم، لذلك لجأت لجدها، حيث تعلم حكمته وقدرته على أدارة الأمور.

أخبرها بأنه سوف يكن في ظهرها وفي أي قرار تتخذه، حتى لو كان هذا القرار يعارض رأيه، أبتسمت له بسعادة، وقامت بضمه وأخبرته بأنها لديها أعظم أخ في الوجود.

بينما ذهبت ياسمين مع عمتها، لأن أبيها ووالدتها سوف يسافرون بالفعل في صباح اليوم، كما ودعت يوسف ووتين ويحيى ورباب قبل أن ترحل.

ذهبت لكي تستقل السيارة بجانب عمتها، بعد مرور الوقت وصلت سيارة عمتها إلى الفيلا، لقد سعدت الطفلة، وتسألت:

- هل هذا المكان تعيشين به يا إيمي؟

 هزت رأسها، فتبسمت الطفلة وأخبرتها بأنه مثل القصور التي تشاهدها في البرامج، وكانت تنظر بين الأشجار والزهور متعجبة من تلك المناظر.

أخبرت ياسمين أميمة بأنها قد ذهبت مع والدتها إلى إحدى الحدائق، ولقد رأت مثل تلك الزهور، فهل هذه الزهور تمتلكها؟ فأجابتها بنعم؟ فقالت الطفلة:

-  سوف ألعب فيها إذا أذنت لي.

تبسمت لها وقالت:

- في بدء الأمر سوف تأتي معي كي تتعرفي على الثلاثة مصائب التي قد أنجبتهم، وكذلك كي تتناولي وجبة العشاء، وفي الصباح سوف نخرج لتناول الفطار في وسط الزهور.

أعجبت الطفلة بذلك وأحتضنتها قائلة:

- وعد.

فهزت رأسها وقالت بنبره طفولية:

- وعد.

بينما كانوا البنات يشاهدون التلفاز، وجدوا باب الفيلا يفتح، وتدخل منه والدتهم ومعها طفلة تشبهها في كثير من الأمور من يراها يعتقد بأنها أختهم فهي تملك نفس ملامح الوجه دون اختلاف.

فتسألت مرام:

- من هذه الطفلة؟ ومن تكون؟

بينما ردت عليها ميرا:

-كيف جلبت لنا نسخة مصغرة لنا؟ وهل لها نفس المعتقدات؟ أم هذه قد طرأت عليها بعض التحديث.

كان كل ذلك تحت مسمع معتز، الذي أخذ يضحك علي ما قالوه بناته.

بينما قالت ميرال:

- اشعر بالتعجب، فأمامي الشيء ونسخته على صغير.

بينما نظرت لهم أميمه متحدثة بنبرة جاده:

- ألم تنتهوا من حديثكم؟ هذه ياسمين أبنة أخي عمار، قد جاءت لكي تقضي عدة أيام معنا، فهل يمانع أحد؟

هز الجميع رأسهم بالنفي، بينما قالت ميرال:

- حسناً سوف تكون معي بغرفتي.

بينما أخبرتهم ميرا بأنها  سوف تكن معها، فتدخلت مرام واخبرتهم بأنهن لا ينزعجوا  فهي سوف تأتي معها بالفعل.

هنا أجابتهم الطفلة بصدمة وقالت:

- أنا لست لعبة كي تلعبوا بها، وسوف أسال إيمي إلى أي مكان أذهب إليه كي أنام، وهي من تقرر وليس أنتم.

نظرت الثلاثة فتيات إلى بعضهم البعض، متعجبون من رد تلك الطفلة، التي تشبه والدتهم عندما تغضب أيضاً، فهي قد شعرت بالغضب تجاههم.

بينما أخبرها معتز، بأن تتركهم وتأتي لتجلس بجانبه كي تشاهد التلفاز، وسوف يجلب لها قناة كرتونيه، فأجابته بأنها تريد قناة معينة، لكي تشاهد بها معالم الطبيعة، وبعض صور الحيوانات.

نظرت الفتيات إلى بعضهم البعض، لأن والدتهم بالفعل تجلب تلك القناه لمشاهدتها، بينما رأي معتز أن ياسمين تشبه زوجته تماماً في الشكل والتفكير، وما جعلهم يشعرون بالزهول، عندما وضعوا العشاء وجلسوا لكي يتناولوه، وكانت المائدة تحتوي علي أشهى الأطعمة.

لكن لقد اختارت ياسمين أن تأخذ قطعاً من الجبن القريش، بالإضافة إلى شرائح الخيار والطماطم، وطلبت من والدتهم أن تحضر لها كوباً من اللبن، فتبسم معتز وإيمي فتلك الصغيرة، تتناول ذات الطعام التي تتناوله إيمي في المساء، بالإضافة إلى طريقة تناولها الطعام، توحي إلى رقيها فهي تأخذ قطعاً صغيرة من الطعام، حتى تستطع مضغه كما تفعل أميمه.

بينما كان عمار وأسماء يشعرون بالقلق على طفلتهم، ولكن ما طمئنهم هو اتصالاً أميمه تخبرهم بأن الصغيرة قد خلدت للنوم بالفعل، وأنها سعيدة بالمجيء معها، فشعروا بشيء من الإطمئنان، ولكن كان عمار خائفاً مما سوف يحدث في الغد، عندما يسافرون فهو علي علم بأن والده لن يمر الموقف مر الكرام.

كانت أسماء تشعر بالرهبة فهي مازالت لا تستطع مواجهة أحد ولولا احتياج سعاد لها ما ذهبت خاصة أنها تعلم سلوك والدة ناصر ووداد فهي لا تفضل سلوكهم وأيضاً هما يستغلوا أي فرصة كي ينالوا منه، وهي لن تفتعل مشكلة كي لا تضع زوجها موضع لا يليق به.

بينما كانت الطفلة تشاهد التلفاز تارة وتشاهد الموجوده المحيطة بها تارة وكأنها تتأكد بأنها غير مراقبة من أحد، كل ذلك كانت تتابعه اميمة دون أن تجعل الطفلة تشعر بها.

بينما كان يوسف يشعر بالضيق وكان يفكر فيما ستفعل الطفلة تلك الليلة فهل تستطيع الخلود للنوم أم هناك ما يؤرق منامها؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي