الفصل السادس

أخبرها والدها بأنها من بدأت المعركة بالفعل، وأنها تعلم عقلية والدتها، فلماذا تحاولي استفزازها؟

بينما أخبرته ميرا أنها لن تنسى لها هذا الموقف، وطلبت منه أن يقم بإخراجها، كي تتناول وجبه غداء لذيذة، لأنها أصبحت ذات نفسية سيئة.

قال لها:

- هل تريدين أن تشن علينا والدتك الحرب؟ فإنك تعلمين أنها لا تفضل الطعام الذي يأتي من الخارج.

قالت له بعفوية:

- سوف أتناول الوجبة علي عجالة، ومن سوف يخبرها ماذا نفعل؟

فأشار لها بأن والدتها بالفعل على الهاتف لم تغلقه بعد.

نظرت ميرا بصدمة إلى الهاتف وقد علمت أن كل ما تفوهت به قد علمته والدتها، واقتربت من الهاتف وقالت:

- سوف نأكل طعام أمي في البيت، فإن طعامه لذيذ شهي غير الذي بالخارج الذي لا طعم له.

ضحك معتز على تلك المشاكسة التي لم تتغير أبداً.

بينما أخبرتهم أميمه أن الطعام بالفعل لم يتبق له سوى وقت قليل وسوف ينضج.

أغلقت أميمه مع أبنتها وزوجها الهاتف، وجلست والدموع تسيل من عينيها، فكيف الحال بين زوجها وأبيها فزوجها عطوف حنين على أبنته على عكس ما فعله والدها وأخيها معها، فلولا وجود مهاب وعمار معها لكانت وقعت تحت يد أبيها وأخيها الذين لا يعرف قلبهم إلا القسوة.
عادت الصغيرة من الروضة، وهي تشعر بالسعادة فإنها قد تأقلمت بالفعل مع هذا الوضع، فتأتي من الروضة كي تؤدي واجباتها، وتجلس وتتناول وجبتها، وتشاهد التلفاز ثم تخلد للنوم، فهي في الصباح تقم باللعب مع يوسف، ووتين، وبعض الأصدقاء في الروضة.

لقد كانت المديرة تتابعها من حين لآخر، حتى تجعل تلك الصغيرة تمر بتلك المرحلة بسلام، وبالفعل تخطت الصغيرة تلك المرحلة وأصبحت تتجاوب مع المعلمين، وتكتب ما يقولوا، ترسم وتلهو دون خوف.

لكن ذاكرتها ما زالت تحمل الكثير من الذكريات، فما عاصرته تلك الصغيرة، كان سبباً لما وصلت له فعادت بذاكرتها، عندما كانت تلعب بالقرب من جدها، وتنظر إليه وتبتسم، فقام بالنظر إليها بغضب وقال لها:

- لما تبتسمِ لي أيتها البلهاء.

نظرت له الصغيرة وهي لا تعي ماذا يقصد؟ وظلت الإبتسامة على وجهها، فقام بصفعها على وجهها، وقال لها:

- أينما تجدني لا تأتي وتجلسي معي، فأنا لا أطيق الإناث، فلو كنت ذكراً لعشقتك، وجلستِ على ذلك الكرسي، ولكنك أنثى لذلك وضعك عند قدمي، وقام بركلها، مما جعلها تصطدم بالطاولة ونزفت الدماء من رأسها، نظر لها دون أي عطف وتركها تنزف ورحل.

في ذلك الوقت كانت أسماء بالفعل تبحث عنها، وعندما وجدت عمها يخرج من أحد الحجرات، دخلت لتبحث عن صغيرتها، فوجدتها في الأرض والدماء تحيط بها، فصرخت وأخذتها كي تذهب إلى المشفى، لكن عمها قال لها:

- أين تذهبين؟ فلتضعي لها قليلاً من البن حتى تتعافى، فتلك أنثى لا يحق لها أي شيء.

نظرت لعمها بترجي كي يتركها تنقذ صغيرتها، ولكن دون جدوى.

كانت حائرة لا تعلم ماذا تفعل؟ لكن عندما حضر مهاب هو من أنقذها وقام بالفعل بأخذ الطفلة، والذهاب الى أقرب مشفى وتم عمل اللازم للجرح، وعاد بها وهو يحملها ومعه بعض الحلوى لها، وفي الطريق وقتها وجدت الطفلة أبيها قد عاد من الأرض، وعندما نظر وجده رأسها محاط بالشاش.

سأل مهاب عما حدث فأخبره بما حدث، لم تنس الطفلة تلك الحادثة، وما زال الجرح يوجد أعلى رأسها ولكن الشعر يغطيها، فتجمعت الدموع في عين الطفلة، ولكنها تلاشت عندما وجدت يوسف مقبلاً عليها، لكي تلعب معه.

أطمئن عمار على طفلته، لأنها بدأت في تجاوز تلك المرحلة والتأقلم مع الغير، ولكن ما لا يعلمه ماذا يفعل عندما تأتي العطلة؟ فسوف يذهب بالفعل إلى بيت أبيه، كي يزوره ويطمئن على حاله، فهل طفلته قد نسيت ما حدث أم ستعود إلى ما كانت عليه منذ سابق؟

لذلك قرر ترك القرار لحين أن يأتي الوقت، جلسوا  يتناولون الطعام، وكانت الطفلة قد بدأت في التعود على تناول الطعام بمفردها، وكانت تقص عليهم ماذا حدث خلال يومها؟ وكانت الشنطة الخاصة بها تحتوي علي مجموعة من الحلويات، انتهوا من تناول الطعام فوجدوا صوت طرق علي الباب، فقامت أسماء لتعرف من الطارق.

وجدت أسماء رباب أمامها، تحمل بيدها طبق يحتوي على بعض قطع الكيك، وتخبرها أنها قد أنهت أعداد الكيك في التو، وأحضرت لياسمين منها قبل أن تذهب إلى النوم، شكرتها أسماء عما فعلت وطلبت بأن تنتظرها حتى ترتدي ملابسها كي تطمئن على صحة جارتهم.

بالفعل استأذنت أسماء من زوجها لكي تصعد إلى جارتها للاطمئنان عليها، فهي قد صعدت لها في الصباح، وقامت بترتيب لها منزلها، وكذلك قامت رباب بإعداد الطعام والصعود إليها لكي تعطيها إياه، فوجدت أن هاجر بالفعل في العمل، فجلست كي تناول تلك المسنة طعامها وتعطيها أدويتها.

عندما علمت رباب بأن المسنة سوف تخلد للنوم استأذنت للنزول على أن تصعد إليها مره أخرى بعد المغرب، استقبلتهم هاجر وشكرتهم عما فعلوه مع والدتها أثناء عملها، وعندما أطمئنت أسماء ورباب استأذنوا كي يعودوا إلى بيوتهم.

بينما كان عمار يريد أن يهاتف أخته، لكنه لا يعلم هل هي مشغوله أم ماذا؟ لكنه قد قرر بالفعل مهاتفتها.

بينما كانت أميمه تجلس مع بناتها وزوجها، يتحدث عما حدث خلال اليوم، ولم تخلوا الجلسة من الضحك، عما فعلته أميمه بميرا أثناء المحاضرة، بينما قالت ميرا بغضب:

- لا أحد يحق له أن يأخذ سيارتي دون الرجوع إلي، وسوف أخفي مفاتيح سيارتي، كي لا يأخذها أحد.

وجدت أميمه أن هاتفها يعلن عن إتصال، وبالفعل ردت على المتصل الذي كان أخيها عمار يطمئن عليها، فسعدت لتلك الإتصال، وأخبرته أنها كانت قلقه عليه، ولا تعلم أين يوجد؟ فأخبرها بعنوانه وأعلمها بأنه سوف يزورها هو وأسرته في أول عطلة سوف يقابلها، وأخبرها أيضاً بما حدث له عندما سافر خوفاً علي أسماء وياسمين منهم، وكذلك مصلحته بأن يجعل طفلته تنشأ نشأة سويه ، وأن يمحو ما رأته  من أبيه وأخيه.

كما أخبرته بما حققته هي، وبناتها، وزوجها من تقدم، فتلك العادات العقيمة تعمل على محو تقدم أي بلد،  فالآن المجتمع أصبح بين شطرين، لا يفرق بين أنثى وذكر، فالجميع يعمل دون توقف، لكي ينهضوا بالبلد دون أن يكن لأحدهما فضل عن الآخر، وأن التعلم هو الذي يكن سبباً لتقدم أي بلد.

بينما أخبرها بأنه بالفعل قد جعل ياسمين تلتحق بإحدى الروضات، كي تتعلم مثل غيرها، لكنه يخشى عندما يذهب في منتصف العام، كي يزور والده هل هذا سيعود بالسلب على طفلته أم ماذا؟

نصحته بأن يهيئ الجو لطفلته حتى لا تشعر بالصدمة مرة أخرى، وأخبرته أنها قامت بالتحدث مع مهاب، لأنها كانت تشعر بوجود شيء ما، وبالفعل هاتفته وعلمت ما حدث، وأن ناصر إبن أخيه أتفق مع خالد  على أن يعطيه أخته مقابل قطعه أرض، لكن لو تدخل عز في الوقت المناسب، لكانت وقعت سعاد بيد ناصر.

وأن خطبة سعاد سوف تكن في الأسبوع المقبل على عدي، ذلك الفتى الذي يعيش مع والده ووالدته بالقرب من منزل مهاب، وأنه رفيق عز في الدراسة.

سعد عمار لما تقوله أخته، لأن بذلك قد نجت أبنه مهاب من هلاك كان لا محاله، فما حدث مع أبنة شهاب، جعله ينفر ويشعر بالخوف على أبنته، لكنه تعجب مما فعل عز، فكان يجب أن يفعل ذلك خالد وليس العكس، ولكن أيقن أن خالد نسخة مصغرة من جده، لا يأبى شيء غير ذاته.

أخبرته أيضاً أنه سوف يلقى اتصالاً من والده خلال أيام، كي يحضر تلك المناسبة، ولكن عليه أن يذهب دون أن يأخذوا زوجته وابنته إلى هناك، حتى لا تتذكر أبنته ما حدث بالفعل، فتعود بمرحله أصعب مما كانت عليه، وطلبت منه أن تهاتف تلك الصغيرة.

بالفعل هاتفت ياسمين عمتها، ففي بدء الأمر كانت مترددة في التحدث، ولكن عندما أشار والدها لها بأن تتحدث، تحدثت دون رعب وأخذت أميمه تداعبها بالكلمات، وكانت تظهر الابتسامه علي وجه الطفلة  وأغلقت بالفعل محادثاتها مع عمتها قائلة:

- أني أحبك كثيراً فإنك ليس مثلهم.

فقالت لها أميمه:

- ماذا تقصدين بمثلهم؟

فقالت الطفلة:
- أقصد عمي وجدي.

فقالت لها أميمه:

- فلتنسي يا صغيرتي ماذا حدث؟ لتستمتعي بما مقبل عليك كما يحلو لك.

كانت الصغيرة قد حفظت ما قالت عمتها بالفعل، لكنها لا تعي ماذا تقصد؟

بينما قام عمار بأخذ الهاتف من يد طفلته، كي يكمل حديثه مع أخته، ولقد أخبرته أميمه بأن طفلته مازالت تحتفظ بتلك الذكريات دون أن تمحو من خيالها، فعليه أن يحذر بأن لا تتقابل الطفلة مع أي أحد كان يحمل معها ذكريات سلبية، كي لا تعد عما كانت فيه.

وأنهت المكالمة مع أخيها، وهي تطمئنه أنها بخير، وسوف تنتظره قريباً.

بينما قال معتز حقاً أن سعاد أبنه مهاب سوف تتزوج، فإنها ما زالت صغيرة.

فقالت له:

- لدينا عادات بأن الطفلة عندما تبلغ تصبح مناسبة للزواج، ولذلك كان مهاب يحاول أبعادها عن طريق أبي حتى لا تكون في عقله، ولكن قد قام  ناصر وخالد بالأتفاق علي أن يتزوجها ناصر، وقاموا باللعب برأس والدي، لذلك قرر بأنه سوف يزوجها إلى أول شاب يطلب يدها.

بالفعل كان ذلك العريس هو عدي، الذي أنقذ سعاد من ناصر وخالد بعد ما وافق والدي علي تلك الزيجة، فهو يعرف الأصول وتربى على عادات غير التي تربينا عليها، فهو سيحافظ عليها ويجعلها تاج فوق رأسه، وكذلك عز قد أنقذ أخته من هلاك.

بينما كانت مازالت حزينة مما قاله أخيها، ففهد رغم أنه أكبر منها ببضع سنوات، ولكنها تعتبره سند لها، فلم تتوقع بأن يتحدث بذلك الأسلوب معها، وأن يتحكم في ما تختاره، فهي خلقت كي يكن لها شخصيتها وكيانها وليس لكي أن تتبع أحد.

عندما عاد فهد ونظر إلى غرفتها وجدها مضاءة بالفعل، فعلم أنها ما زالت تشعر بالحزن عما قاله لذلك لم تغفل، فقام بالرجوع والذهاب إلى أقرب محل للحلويات، والإتيان بما تفضله وعاد إلى المنزل، وصعد إلى غرفتها فأذنت له، وعندما دخل وجد الحزن واضح على وجهها، فقال لها:

- ماذا حدث؟ نظرت له ولكن قبل أن تتحدث أكمل قائلاً:

- فلتذهبي وتعدي لنا كوبان من الشاي، ولدي مجموعه من الحلوى فلنتناولها معاً، ثم نجلس نتحدث فيما يشغل بالك.

شعرت بأن أخيها يريد أن يصالحها بطريقة غير مباشرة، لذلك ذهبت مسرعة وأعدت الشاي، وجاءت محملة به، وجلست بجانبه وقام بوضع الحلويات.

جلس ينظر لها وهي تتناول الحلوى، فهو يعلم بأنها تعشق ذلك النوع، فتحدث معها قائلاً لها:

- أنا لم أقصد بأن آتي عليكِ، ولكن عندما قال حسن بأنه سوف يدخل طب بيطري، فأردت أن يكن  لكل شخص منا مجال مختلف، فلماذا يكن مجالك يشبهه؟  ولذلك قد طلبت منك بأن تلتحقي بكلية الطب البشري، كي نكمل بعضنا البعض.

نظرت له وقالت:

- لقد قررت أن أدخل الطب البيطري، لأن تلك الحيوانات لا تقدر عن الإفصاح عما بداخلها، وكذلك لا يهتم كثير بشأنها، فإنهما يشعرون ويحسون كما نشعر نحن، لذلك قررت أن اكن لهما كملاك رحمة أشعر بهم، بالإضافة إلى أن الجميع يختار ما يريدون، فلماذا لا أختار مثلكم؟

صمتت قليلاً وأكملت:

-رغم إنني أفضل النباتات ولكنني قررت الإلتحاق بالطب البيطري، لأن الكثير مما حولنا يعلموا كل شيء في مجال النباتات، ولكن ليس الكثير يشعرون بهم، فسوف أرعى تلك الحيوانات، بالإضافة إلي أنني سوف اعمل علي تنمية ما يمتلكه جدي.

نظر لها وقال:

- لقد كان اقتراحاً فقط فإن أحببتِ فهذا يعود لك، وأن لم تحبي وقررتِ ما تريدين، فهذا يعود لك أيضاً، ولكن سوف أكن بجانبك ولم أتركك، فأنت الحلوى التي يعشقها الجميع في البيت.

ثم نظر إلى التي الحلوى التي أحضرها وقال لها:

- أين تلك الحلوى؟

نظرت له وقالت له:
-  من أكل الحلوي؟

فقال لها:

- لا أعلم ولكن ما الذي في يدك.

فأخبرته أنها قطعة من الحلوى، فهل تقصد أنني أكلتها دون أن أشعر؟

هز رأسه بالايجاب وطلب منها أن تعد له طبق من الكيك كي يتناوله.

فقالت له:

- بل سوف أذهب وأعد لك بعض الشطائر، كي نتناولها معاً.

بالفعل نزل الإثنين معاً، ووضع فهد المقعد الخاص به في المطبخ، فكانت تعد الشطائر، وتتحدث معه دون أي توتر.

بينما كان حسن وصقر عائدين لاحظوا إضاءه المطبخ في ذلك الوقت، فذهبوا لكي يروا ماذا يحدث، فوجدوا فهد يجلس وورد تعد الشطائر، فأخبروها أن تعد لهم أيضاً فإنهم لهم حق في تناول الشطائر مثلهم.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي