الفصل التاسع

نظر الجد لأحفاده فلقد رأى في قرار صقر العقل والرزانة، وأنه قادر علي التحكم في ذاته، ولا يقدر أحد أن يخرجه عن شعوره.

بينما عندما نظر إلى فهد، وجد في عينيه شعله من الغضب كالبركان الذي يوشك علي الإنفجار، بالفعل فهو رغم عدم موافقته عما فعل فهد، ولكن ذلك المغرور يستحق ذلك، ولكن كان عليه اللا يعطي هذا الإنطباع لفهد، حتى لا يتمادى فيما يفعله، هو يعلم إن عقلية فهد عقلية تنظر للمستقبل وليس للوقت الحاضر.

قال الجد متحدثاً مع فهد:

- لقد فعلت الخطأ لأنك بمجرد أن تنافست مع ذلك المغرور، قد قمت بالنزول لنفس مستواه، فكان عليك أن تغادر المكان وتتركه له.

بينما أجابه فهد بغضب:

- أنت تعلم أن ما فعلته هو الثواب، حتى لا يتمادى ذلك المغرور في التحدث معي، ولكن سوف لن تأتي معي حتى لا أفعل ذلك الشيء مرة أخرى، ولكن أوعدك بأنه أن عاد مرة أخرى لما فعله، فسوف يرجع إلى جده جثة هامدة.

نظر له جده وقد شعر بالخوف على حفيده من عدلي، بالإضافة إلي خوفه من الوقوع في لعنة الأخذ بالثأر، فهو رغم رفضه للعادات و بالأخذ بالثأر لكن تلك العادات مازالت موجود، فإن قدر على أن يراجع أحفاده في ذلك، فلن يستطيع أن يراجع العائلات الأخرى وخاصة أنه يعلم بعقلية عدلي، الذي ليس لديه قلب، فهو قد علم حفيده الغرور، وأنه خلق من طينة غير الآخرين.

بينما كان العدلي يشعر بالقهره، فأمامه أحفاده يشبهون الجثث، لا يقدروا على الحركة فغرورهم  قد قام بإيقاعهم في معضلة، ولكنه كانت عيناه تشعر بالغضب، وأسنانه تصق من شدة ما يخفيه ضميره، من ينظر له يعلم بأنه سوف يفعل كارثة.

كان كل ذلك تحت نظرات عز ومهاب، ويعلمون بأنه لم يمر العدلي هذا الموقف مر الكرام، بينما أفاقوا علي صرخة العدلي في إحدى الحراس قائلاً:

- كيف خرج ذلك الأبله من ذلك المكان رغم الحراسة الموجوده عليه، ألم أنبهكم بعدم خروجه من المنزل إلا بإذن مني.

وضع الحارس عينه في الأرض من شدة الخوف وقال:

- أنني بالفعل لم أراه يا سيدي إلا عندما جاءوا به محملاً، فلا أعلم كيف خرج؟

نظره له العدلي وقام بصفعه على وجهه قائلاً:

- أغرب عن وجهي حالاً إلا قتلتك، ولتنتظر عقابك ولكن ليس الآن، اتركني لأري ماذا سوف  أفعل مع  هؤلاء الأوغاد؟

بينما شعر عز أن جده لن يمر ما حدث مر الكرام مع ناصر وخالد، فسوف يلقوا منه عقاباً شديداً وبالفعل ما ظنه عز حدث بالفعل، عندما طلب من إحدى الحراس أن يقوم بنقل الإثنان إلى البدروم أسفل المنزل.

فسأله مهاب عما يفعل فأجابه بأنه سوف يعطي الإثنان درساً قاسياً عما فعلوه، ولكن قبل كل ذلك عليهم أن يفيقوا أولاً.

بينما كانت سعاد تنتظر عودة أبيها وأخيها، فلم يعودوا من عند جدها حتي الآن، بالإضافة إلي أنها لم ترى خالد بعدما إن جاءه هاتف وغادر على الفور.

في ذلك الوقت رن هاتفها وكان المتصل عدي يطمئن على حالها وعلى عز أيضاً، فإنه يهاتفه ولكنه لا يجيبه، فأخبرته أنهم ما زالوا عند جدها، وأنها تشعر بالقلق على تأخرهم، فطمئنها بأنهما سوف يكونوا بخير.

بينما كانت المعركة بالفعل قائمة بين الأحفاد في منزل النعمان، فلقد هاجم فهد صقر قائلاً:

- أريد ولو مره واحدة أن تقف معي وليس ضدي، أنك دائماً تلجأ للعنف، ولكنني أحكم عقلي وأن ناصر أنسان تافه هو وأبن عمه، ولا يستحقوا ما فعله معهما، فكان يجب عليه أن يتركهم ويتجاهلهم حيثما يكونوا.
بينما حاول حسن أن يحل ذلك الحوار قائلاً:

- لقد مر الحوار بخير، ولقد ظننت أن جدي لن يمر ذلك الحوار ولكنه بالفعل قد مر.

فقال له صقر بسخرية:

- مازلت صغير، فجدك لن يمر ذلك الموضوع، ولكنه قام بتأخير التحدث فيه حتي لا نشعر بالقلق، فهو يفكر فيما سوف يفعل لأنه يعلم عقلية عدلي، بينما نظر لفهد وأكمل:

- ماذا سوف تفعل؟ فهل ستسمع حديث جدي وتظل بالمنزل؟ أم ماذا ستفعل؟

أخبره فهد أنه لن يظل في المنزل، بل سيخرج ويعود وقت ما يريد، فلا يستطيع أحد على محاولة إرجاعه عما يفعل، ولو قام عدلي بالغدر به، فسوف يواجه الفهد فإنه أسم على مسمى، ويعلم أيضاً بأنه قادر على ذلك.

بينما كانوا يتحدثوا ويتشاوروا، جاء صقر هاتف من إحداهما وعندما أغلق الهاتف، ظهرت على ملامحه نظرات غل دفين، وتحولت معالم وجهه إلى الجمره.

فقال له فهد:

- ماذا حدث؟ ومن كان يهاتفك؟

ولكنه لم يرد عليه، بينما أعاد حسن نفس السؤال على مسمعه، لكنه ظل صامتاً، فكان عقله الذي يعمل كالآله، فكان يجمع أفكاره ويتوعد لذلك المغرور، ممن جعل فهد وحسن يشعرون بالتعجب، فكيف له لا يعجبه ما فعله فهد منذ قليل! والآن يتوعد ذلك المغرور.

فقال فهد بشدة:

- ماذا فعل ذلك المغرور مرة أخرى، لن يجعل ما فعله يمر مر الكرام، وسوف يعود هذه المرو إلى جده جثة.

كان صقر في صراع داخلي، أيخبره بما حدث؟ أم يلجأ لجده ليعلم صدق ذلك الحديث؟

  غادر صقر على الفور ولحقوا به، بينما كان الجد يتحدث مع أبنه الكبير همام في ما فعله فهد مع خالد وناصر، فأيد همام ما فعله أبنه، وشعر بالنصر والفخر بأنه قام بتربيته تلك التربية.

بينما قال أخيه تمام:

- أنه يجب على فهد أن يأخذ في الإعتبار الغدر من عائلة العدلي، هنا تدخلت لأول مرة أخته متحدثه، لقد أصبحت أشعر بالخوف كلما خرج الشباب، خوفاً من أن يصابوا بمكروه، لكن النعمان كان له رأي آخر، بأن يجعل لهم حراس خاصين بهم أو أن يسافر فهد لفرع الشركة التي في مصر، ويلتحق بكلية الهندسة هناك، فبذلك قد أبعده كل البعد عن تلك المشاكل هنا.

بينما قالت ورد وهي تشعر بالقلق:

- إذا رحل فهد فسوف أرحل معه، فهو يعتبر سندي وأماني، ولا أريد لأحد بأن يفرقنا عن بعض.

هنا لأول مرة نظر لها جدها بغضب، مما جعل الجميع يستغربون لأول مرة ينظر لها جدها هذه النظرة قائلاً:

- هل تشعرين بالخوف على أخيكِ؟ فلو علم ماذا حدث صباح اليوم، لأصبح نهاية اليوم بركة من الدماء؟

نظرت ورد لجدها وقد فهمت ما يعنيه، فنعم عند علم أخيها بما حدث، فلن يمر الموقف مر الكرام، ولم يقبل بأنها قبلت أن تدخل في تحدي مع ذلك المغرور.

في ذلك الوقت كان صقر قد وصل بالفعل، وسمع ما قاله جده فقال:

- أحقاً ما يقال!

نظر له جده وقال دون أن يعي ما يتفوه به قائلاً:

- ماذا حدث؟ هل جد جديد؟

فقال:

- هل بالفعل ما وصل إلى آذان صحيح عن ما حدث في الصباح مع ورد.

ففهم الجد ما يريد قوله حفيده، فأخذه إلى إحدى الغرفات المغلقة، كي لا يسمعه أحد حتى لا تحتقن الدماء في ذلك الوقت.

كان قد وصل فهد وحسن إلى المنزل، ووجدوا أن جدهم وصقر في إحدى الغرف المغلقة، فعلموا بأن هناك شيء فظيع قد حدث بالفعل.

بينما في الغرفة قال الجد لصقر:

- أجل ما سمعته صحيح،  ألم تعلم أنك إن تحدثت بأي حديث عن ورد، سوف تهدر الدماء.

بينما أجابه بغضب:

- أحقاً أن ذلك المغرور قام باختطافها في صباح اليوم.

نظره له وقال:

- ومن أين علمت؟

فأجابه:

- لقد هاتفني أحد أصدقائي، وأخبرني بما رآه في الصباح.

فقال له جده:

- بالفعل حدث وعندما عاودت ورد قد أخبرتني بكل ما حدث دون أن تخفي شيئاً عني، وسوف نلقن ذلك المغرور درساً قاسياً، ولكن بعد أن يستعيد قوته من ذلك الدرس الذي علمه فهد له بالفعل.

بينما تحدث صقر:

- كيف لك أن تتركوه يا جدي يفعل ما فعله، دون رد رادع منك.

فأجابه:

-  لقد كان هذا القرار قرار ورد، ولا أستطيع مراجعتها فيه، فهذا حق من حقوقها وما لا تعلمه بأنه ناصر يريد أن يتقدم لها، ويحصل عليها.

شعر صقر بالصاعقة فكيف لذلك المغرور أن يحصل على تلك الجوهرة الثمينة.

بينما في الخارج كان فهد يشعر بالتوتر لعدم معرفته ماذا حدث؟ فهو قد شعر بأن ذلك المغرور له دخل فيما يحدث الآن، ولكن ماذا فعل؟

بينما كانت ورد تراقب حركات وجه أخيها، وهي تشعر بالرعب فلو علم ماذا حدث؟ لن يصمت فأخذت تدعو الله أن يمر الموقف دون مشاكل.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي