ريم والصياد

دودو`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-06-30ضع على الرف
  • 84.9K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول ساعة الصفر

عندما تعصف الرياح بقوارب الحياة وتحطمها، حينها يبحث الناجون عن ملجأ لهم؛  ليكون المأوى الذي يحتمون به من عواصف الرياح، وفي رحلة البحث هذه، قد يقعون فريسة لمن يستغل ضعفهم وظروفهم القاسية.

في ليلة من ليالي الشتاء المطيرة، جلس مروان الصياد أمام المدفأة وبداخله بركان من الغضب؛ نظر إلى خادمه المقرب سعيد وتحدث باقتضاب قائلًا:
—هل وصل؟

ابتسم سعيد محاولًا تهدئة سيده، الذي بلغ الحادي والسبعون من العمر، وحدثه قائلًا:
—سيدي، ربما هناك شيء هام أدى لتأخيره هكذا.

وقف مروان الصياد وهمس إلى خادمه سعيد بسخرية قائلًا:
—أجل يا سعيد، شيء هام هو الذي تسبب في تأخره عن استدعائي له، ترى ما هو ذلك الشيء الهام؟!

ثم واصل حديثه بصوتٍ عالٍ، لا بد أنها نزوة من نزواته التي يبعثر عليها أموال الشركة.

فجأة حدث ضوء داخل الغرفة، فعلق سعيد قائلًا:
—سيدي لقد حضر؛ رأيت وميض سيارته يضوي داخل الغرفة، سأحضره إليك على الفور.

أسرع سعيد بفتح البوابة الخاصة بفيلا الصياد، ووقف أمام السيارة التي توقفت، ليهبط منها شاب في اواخر العشرينات من عمره، وعلى خده آثار احمر شفاة، تحدث إليه سعيد قائلًا:
—سيدي، لماذا كل هذا التأخير؟ جدك بالداخل ينتظر قدومك؛ وقد تملكه الغضب لتأخر قدومك رغم استدعائه لك.

وقف الشاب مترنحًا يمينًا ويسارًا، لا يستطيع التحكم في حركته؛ من أثر الخمر التي فاحت من فمه، وعلق قائلًا:
—العم سعيد الرجل الطيب الذي يخاف على. ذلك الجد المتعلق بالحياة، لا تقلق لقد حضرت لأ ستمع منه الاسطوانة المعتادة عن نزواتي التي ابعثر عليها أموال الشركة.

نظر العم سعيد إليه وعلق قائلًا:
—اسأل الله ان تمر هذه الليلة على خير.

دلف العم سعيد إلى الجد مروان الصياد وحدثه قائلًا:
—سيدي، لقد وصل حفيدكم الأستاذ معتز.

دلف معتز الصياد إلى داخل المكتب الخاص بجده مروان الصياد ثم تحدث قائلًا:
—جدي، طلبت حضوري على عجل فما الذي تريده؟!

نظر الجد إلى حفيده ودنا منه ثم حدثه قائلًا:
—معتز، أين كنت إلى هذا الوقت المتأخر من الليل؟!

معتز وقد أخذ نفسًا عميقًا علق على حديث جده قائلًا:
—جدي، إن لم يكن الأمر هامًا فيا حبذا لو قمت بتأجيل هذا الحديث إلى الصباح، فانا متعب للغاية.

ابتسم الجد وتحدث ساخرًا:
—بالطبع أنت متعب؛ فآثار التعب تبدو على وجهك وجسدك المترنج وفمك الذي فاحت منه رائحة الخمر.

ثم نظر الجد مروان الصياد إلى خادمه سعيد وحدثه قائلًا:
—سعيد، خذ هذا العربيد من أمام وجهي، ولا يغادر المنزل في الصباح حتى يقابلني.

الخادم سعيد امسك يمعتز وقام باصطحابه إلى غرفته ليستريح.

وفي صباح اليوم التالي
استيقظ معتز على صوت طرق لباب الغرفة الخاصة به.

نهض من فراشه ممسكًا برأسه يعاني من صداع شديد براسه، فتح باب الغرفة فوجد أمامه العم سعيد يخبره قائلًا:
—استاذ معتز، جدك ينتظر قدومك على الأفطار فلا تتأخر؛ حتى لا يثور غضبه.

شعر معتز بالضيق وعلق قائلًا:
—حسنًا عم سعيد، اخبره إنني ما إن استحم، فسأنزل إليه على الفور

وعلى الفور ذهب الخادم سعيد واخبر الجد قائلًا:
—سيدي، الاستاذ معتز سيلحق بي ما إن ينتهي من استحمامه.

ترك الجد سكين الفاكهة التي كان يمسك وتحدث. فائلًا:
—سعيد، حفيدي معتز هو الذي تبقى لي في هذه الحياة منذ وفاة والده في حادث، وللأسف كي اعوضه عن والده؛ قمت بتدليله حتى أصبح هكذا شاب يسير خلف نزواته لا يهتم بعمله، لا يقدر أهمية الوقت أو العمل.

العم سعيد نظر بأسف إلى الجد مروان ثم حدثه قائلاً:

—سيدي، لا زال في مقتبل العمر، غدًا ستعلمه الحياة، فلا تقلق بشانه.

الجدة بغضب علق قائلًا:
—سعيد، عندما تعلم الحياة، فإنها تقسو، ولن انتظر حتى تقسو الحياة علة حفيدي، سأبادر بتعليمه رغمًا عنه.

وصل معتز إلى مائدة الطعام وقام بتقبيل يد جده مروان الصياد، جلس على الطاولة ليتناول افطاره فبادره الجد قائلًا:
—معتز، تبدو عليك آثار التعب فما الذي تعاني منه؟

ابتسم معتز الصياد وعلق قائلًا:
—أجل يا جدي، إن رأسي تؤلمني ولا اعلم ما سبب هذا الألم؟!

ضحك الجد وعلق قائلًا:
—أنا أخبرك عن سبب تلك الألام التي تؤلم راسك أيها العربيد، تاتي بعد منتصف الليل وقد اكتفيت من شرب الخمر بالاضافة إلى توقيع فتاتك على خدك.

وضع معتز يده على خده، ونظر إلى العم سعيد الذي أومأ برأسه، فعلق قائلًا:
—جدي، ليس الموضوع كما تظن،  لقد كنت في عشاء عمل وعندما كنت أقوم بتوديع الوفد الاجنبي قامت إحدى السيدات بوضع قبلة بريئة على خدي.

ضحك الجد ونظر إلى خادمه سعيد وقال:
—ألا تسمع يقول قبلة بريئة؟

ثم التفت إلى حفيده معتز وحدثه قائلًا:
—اعرف عنك كل شيء، أعلم أين كنت ليلة أمس، ومع من فلا داعي للكذب لست بذلك الجد الخرفان الذي لا يدري ما يدور حوله.

صمت الجد قليلًا، قام باحتساء فنجان القهوة الخاص به، ثم نظر إلى معتز وعلق قائلًا:
—لقد صمت على الكثير من الاشياء التي لا يمكن السكوت عليها، اما الأن فلا.

نظر معتز إلى جده مترقبًا ما سيسفر عنه حديثه، ثم علق قائلًا:
-جدي، من الآن أعدك ألا أفعل أي شيء يغضبك.

ابتسم الجد وعلق قائلًا:
—اليوم سأتحدث  وأنت تستمع لما أقوله في صمت.

واصل الجد حديثه قائلًا:
—سأقوم بتعين مديرًا آخر للشركة، لا تربطته بي علاقة قرابة؛ فيفسد بعلاقته الشركة.

نظر معتز وقد بدى عليه الضيق وشرع فالتحدث فأشار إليه الجد يإلتزام الصمت، ثم حدثه قائلًا:
—سوف أسترد منك كل شيء تملكه، وكل الصلاحيات التي قمت باعطائها لك سأقوم بسحبها منك.

وقف معتز مذهولًا، ثم علق قائلًا:
—جدي، ما الذي تقوله؟! هل حقًا تنوي فعل كل هذه الأشياء بي؟!

قبض الجد يده وقام بطرق الطاولة في غضب، ثم علق قائلًا:
—معتز، لقد منحت كل شيء، ولكنك لم تكن أمينًا، وقمت باستخدام المال الذي جمعته بمجهودي وكفاحي طوال عمري، قمت ببعثرته يمينًا ويسارًا دون ادنى مسئولية.

شعر معتز بالخجل من جده وعلت الابتسامة وجهه عندما سمع جده يخبره قائلًا:
—أمامك فرصة واحدة، إن لم تستغلها فلا تلومن سوى نفسك.

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—وما هى هذه الفرصة يا جدي؟!

الجد بكل حزم وجدية علق قائلًا:
—الزواج، أريدك أن تتزوج في فترة لا تتجاوز الشهر.

تعجب معتز وعلق قائلًا:
-جدي، ولكن كيف يكون ذلك؟! لا بد أن تقوم باعطائي مهلة أطول من ذلك.

اصر الجد على طلبه وأخبره قائلًا:
—الزواج، هو شرطي الوحيد، ولن اتنازل عنه، فقم بفعل ما طلبته منك.

نظر معتز إلى جده وعلق قائلًا:
—حسنًا يا جدي سأفعل كل ما تريده، ولكن عليك باعطائي مهلة أطول؛ لانتقي الفتاة المناسبة، ولن استطيع الزواج حتى تعود والدتي وأختي حسناء من العمرة.

ابتسم الجد وعلق قائلًا:
—بالطبع سيادتك مشغول لدرجة أن لا تعلم بموعد وصول والدتك، معتز ستصل والدتك في طائرة الغد، فلا داعي لوضع اعذار واهية.

تأهب الجد للذهاب إلى مكتبه، وأثناء توجهه للمكتب إلتفت إلى معتز وقال:
—لا تنسى لقد قمت باعطائك مهلة لا تتجاوز الثلاثين يومًا، وبعدها لا تلومن إلا نفسك.

دلف الجد إلى مكتبه بينما جلس معتز على الطاولة مرة أخرى وقد وضع يده على وجنته ولا يعلم ما الذي يفعله؟

حضر أدهم صديق معتز المقرب، وعندما دلف إلى داخل الفيلا، وجد معتز وقد جلس شاردًا واضعًا يده على وجنتيه، دنا منه وحدثت قائلًا:
—معتز، ما الذي حدث؟ ألم تحظى فتاة الأمس على اعجابك؟! أم إنك قمت بإعطاء موعدين في آنٍ واحد؟

نظر معتز إلى أدهم وقام بإلقائه ببيضة من الطبق الذي أمامه، فاميك بها والتقمها، ثم حدثه قائلًا:
—هيا أخبرني ماذا بك؟

معتز بصوت يملؤه الضيق والغضب علق قائلًا:
—يبدو أن جدي قد اصابه الجنون! تخيل لقد طلب مني أن اتزوج في موعد اقصاه ثلاثون يومًا؛ والا سوف يقوم بسحب جميع الصلاحيات مني!

ابتسم أدهم وعلق قائلًا:
—ما أشد أعجابي بجدك مروان الصياد، أنه شخصًا رائع حقًا!

شعر معتز بالغضب والضيق يشتعلان بداخله، فعلق قائلًا:
—أدهم، هيا بنا إلى العمل قبل ان يخرج جدي من مكتبه ويخبرني أنه قام بإقالتي.

ضحك أدهم وعلق قائلًا:
-حسنًا يا صديقي، هيا بنا ولنكمل حديثنا في الطريق.

في منزل مصطفى البارودي

الهاتف لا يكف عن الرنين، الضجيج في كل مكان، شجار فوعيد ثم في النهاية تهديد.

الزوجة تتشاجر مع زوجها وتخبره قائلة:
—لم اعد اتحمل تلك الفتاة، لقد طفح الكيل.

الزوج يحاول تهدئة زوجته فيحدثها قائلًا:
—اخفضي صوتك رجاءًا، البنت نائمة ولا داعي لتستيقظ هى والجيران كل يوم على هذا الصوت العالي.

اشتعلت الزوجة غضبًا، وعلقت قائلة:
—الآن أصبح صوتي غير مرغوبًا به، هذا الصوت الذي كثيرًا ما تغزلت فيه سيد مصطفى.

الزوج علق قائلًا:
—فايزة، لم أقصد مضايقتك، فقط لا ارغب في أن يعلو صوتك بالشجار كل يوم، إنني لا  اجد داعيًا لذلك! لا تطيقين ابنتي، وأنا أرى أنها لم تفعل شيء يغضبك، بل تحاول دومًا أن تحظى برضاكي الذي لا تناله ابدًا مهما فعلت.

الزوجة الغاضبة علقت قائلة:
—اجدك شديد التحمل علي، أصبحت  لا اطيق العيش في البيت الذي اصبح أشبه بالفندق؛ ابنتك تخرج في الصباح ولا تعود إلا في المساء!

الزوج معللًا خروج ابنته فيقول:
—ألم تخبريها من قبل أنك لا تريدين رؤية وجهها؟! فهى تخرج في الصباح تبحث عن عمل ولا تعود إلا للنوم، حتى الطعام لم تعد تتناوله في البيت!

الزوجة بابتسامة ساخرة علقت قائلة:
—ألم أخبرك أن هذا البيت صار أشبه بالفندق؟!

عاود الهاتف في الرنين، استيقظت ريم التي وضعت وسادتها فوق راسها؛ للحد من صوت الضجيج، نظرت إلى هاتفها لتجد المتصل هيام صديقتها المقربة.

أسرعت بالرد على الرغم من أن الشجار ما زال مستمرّا بالخارج، لتجد هيام تتحدث إليها بكلمات لم تميز الكثير منها؛ بسبب بكائها الشديد، فعلقت قائلة:
—هيام، اهدئي حتى أستطيع أن افهم ما تقولينه، ما الذي حدث؟

تحاول هيام التماسك، ثم تتحدث قائلة:
—ريم، لا يمكنني العيش داخل جدران هذا البيت يومًا واحدًا بعد الآن.

شعرت ريم أن هيام لم تعد تحتمل العيش في بيتٍ واحدة مع زوج أمها( ذلك الشاب الذي لم يتجاوز الثلاثون من عمره والذي تزوج من والدتها التي تكبره بنحو عشرون عامًا.

فأصبح يتسبب في الكثير المضايقات التي تصل في بعض الأحيان إلى التحرش بهيام).


علقت ريم قائلة:
—هيام، لقد آن الأوان، انها ساعة الصفر.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي