الفصل الثالث والعشرون بداية

نظر المحقق فارس الشرنوبي إلى ريم وقد بدى عليه التعجب، ثم تحدث قائلًا:
—ريم، أنتِ تتهمين زوجك بقتل صديقتك، هل تعنين ما الذي تقولينه؟!

علقت ريم قائلة:
—أجل سيدي، لقد ارتكب معتز جريمة بشعة ولا بد أن يعاقب على جريمته.

ابتسم المحقق فارس الشرنوبي وعلق قائلًا:
—حسنًا سيدتي لكِ مني كل الإحترام وأعدك أن الجاني سوف ينال عقابًا قاسيًا جزاءً له على ما اقترفه من جريمة.

غادرت ريم مكتب المحقق فارس الشرنوبي، ثم اتجهت إلى المقابر وجلست بجوار قبر صديقتها هيام.

ظلت ريم تتحدث إلى هيام وهي على يقين أن هيام تستمع إلى كل كلمة تتفوه بها، فحدثتها قائلة:
—حبيبتي قريبًا سوف أتي إلى هنا وأخبرك أن  القاتل قد نال جزاؤه، لن أطمئن حتى ينال معتز عقابه.

جلست ريم تفكر ثم تحدثت قائلة:
—شيء يشغل بالي منذ أن رأيت معتز من خلال تسجيلات كاميرات المراقبة، وهو يقوم بقتلك، كيف حدث ذلك؟!

لقد كان معتز بجواري طوال الوقت ولم ألاحظ تغيبه بالقدر الذي يسمح له بالذهاب إلى المشفى وارتكابه لهذه الجريمة ثم العودة إلى المنزل ومرافقته لي مرة أخرى إلى المشفى.

ثم تواصل ريم حديثها قائلة:
–لقد بدى على معتز الذهول عندما شاهدك وأنتِ ملقاة على فراشك، هيام أشعر أن هناك شيء لا أعرفه، ولكن في كلا الأحوال لقد قمت بإبلاغ المحقق بكل ما أعرفه وقد وعدني أنه سوف يقوم بعمل اللازم.

غادرت ريم المقابر عائدة إلى منزلها، وأمام المنزل فوجئت بأدهم وهو في طريقه لمغادرة المنزل، نظرت إليه وقد بدى عليها التعجب وعلقت قائلة:
—أدهم، ما الذي جاء بك إلى هنا؟!

ابتسم أدهم وعلق قائلًا:
—لقد علمت بأمر مغادرتك منزل الصياد، وجئت لأرى إن كنتِ تحتاجين لشيء فأحضره إليكِ، وأخبرك إنني على استعداد تام لتقديم أي مساعدة قد تحتاجين إليها.

قامت ريم بأخذ نفسًا عميقًا، ثم قالت:
—أدهم، إنني أعيش هنا بمفردي، ليس من الجيد أن تأتي إلى هنا وتجعل مني علكة في فم الجيران، على الأقل عليك بالاتصال بي والأفضل أن تقوم بحذفي من ذاكرتك، وتنسى أن القدر وضعنا يومًا في طريقك أنت وصديقك.

حاول أدهم التحدث ولكن ريم قاطعته قائلة:
—أدهم، من فضلك ابتعد عن حياتي؛ فلم أعد أود رؤيتك أنت أو صديقك، أخبره أيضًا يقوم بإجراءات الطلاق في أسرع وقت.

أومأ أدهم برأسه وعلق قائلًا:
—حسنًا، أعدك بأنني لن أتركه حتى يقوم بإنهاء اجراءات الطلاق، لقد كان قرارك بالموافقة على الزواج منه خطأ منذ البداية ولكن آن الأوان كي يتم تصحيح هذا الخطأ.

نظرت ريم إلى أدهم نظرة مليئة بالغيظ والغضب ثم تركته ودلفت إلى منزلها.

ابتسم أدهم وعلق قائلًا:
—حبيبتي لست في عجلة من أمري، كل ما يهمني الآن هو أن أخلصك من قيد الزواج الزائف من الحقير معتز الذي لا يعرف قيمتك الحقيقية.

دلفت ريم إلى منزلها وقد تملكها الغضب والضيق من أدهم وضعت حقيبة يدها على الطاولة وعلقت قائلة:
—لا أعلم ما الذي يريده هذا الشخص تحديدًا؟!

أدهم استقل سيارته واتجه إلى منزل الصياد،  لمقابلة معتز في محاولة منه لإقناع معتز بضرورة انهاء اجراءات الطلاق.

وما إن إلتقى بمعتز حتى تحدث إليه قائلًا:
—معتز، لقد كنت الآن مع ريم في محاولة مني لإقناعها بالعدول عن قرارها بشأن الطلاق.

نظر معتز إلى صديقة وقد علت الابتسامة على وجهه وعلق قائلًا:
—حسنًا هذا جيد، هل نجحت في اقناعها بذلك؟

تحدث أدهم وقال:
—للأسف ريم تصر على الطلاق، لقد أخبرتني أن زواجكما كان خطأ منذ البداية.

شعر معتز بالضيق وعلق قائلًا:
—أدهم، إنني أشعر بمشاعر طيبة تجاه ريم، هذه المشاعر قد ملأت قلبي ولم يعد هناك مكانًا في حياتي يستوعب امرأة أخرى.

ضحك أدهم بسخرية وعلق قائلًا:
—حقًا لم يعد هناك مكانًا في حياتك لامرأة أخرى، وماذا عن تلك المرأة التي تعرفت عليها ليلة أمس وذهبت معها إلى منزلها؟!

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—لن تصدق ما الذي حدث؟
نظر أدهم باهتمام وعلق قائلًا:
–هيا أخبرني ما الذي حدث أيها العربيد؟!

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—دلفت إلى غرفتها وطلبت مني أن ألحق بها، فما كان مني سوى أن قمت بمغادرة منزلها.

تعجب أدهم وعلق قائلًا:
—ولكن لماذا فعلت ذلك؟!

علق معتز قائلًا:
—لقد غادرت منزلها؛ لأنني لم استطيع أن أخون ريم لقد وجدت نفسي متشوقًا لرؤيتها فقررت المغادرة على الفور.

شعر أدهم بالضيق وعلق قائلًا:
—ولكنك لا يمكنك أن تستمر في الزواج منها رغمًا عنها.

علق معتز قائلًا:
—بالطبع لن أفعل ذلك ولكن لدي طريقة سوف أقوم باتباعها لعلها تحرك مشاعرها تجاهي.

أدهم بمكر علق قائلًا:
—هيا أخبرني ما الذي تنوي فعله؟

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—اعتذر إليك يا صديقي لا يمكنني أن اخبرك بما أنوي فعله ولكن علي ان أستعد الآن للذهاب إليها.

ابتسم أدهم وعلق قائلًا:
—حسنًا يا صديقي أتمنى لك التوفيق، سوف أغادر الآن وأدعك تستعد كما تريد.

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
-أدهم، أدعوا الله أن يكتب لي التوفيق في مقابلتي بريم.

غادر أدهم منزل الصياد، بينما اتم معتز استعداده للذهاب إلى ريم لإخبارها بحبه الشديد لها.

دلفت سهيلة إلى غرفة معتز وقالت:
—أخي، تبدو كأنك عريس في ليلة زفافه

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—هذا فأل حسن، سهيلة، سوف أذهب إلى ريم وسوف اخبرها بأنني لا أستطيع أن أعيش بدونها، وبأنها أصبحت كل شيء في حياتي.

ابتسمت سهيلة وعلقت قائلة:
—أخي، اتمنى لك السعادة وأن تستطيع حقًا أن تخبرها بكل مشاعرك التي بوحت لي بها الآن، على العموم سوف أخبرها بنفسي إن لم تستطيع إخبارها بنفسك لقد قمت بتسجيل كل كلمة تفوهت بها يا أخي الحبيب.

تعجب معتز وعلق قائلًا:
—سهيلة من فضلك، قومي بحذف هذه التسجيلات على الفور.

ضحكت سهيلة وأسرعت بالخروج من غرفة أخيها وإخفاء هاتفها داخل غرفتها، ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—حسنًا، ما إن أعود فسوف أقوم بحذف هذه التسجيلات بنفسي.

ابتسمت سهيلة وعلقت قائلة:
—هل تود أن أرافقك؟

دنا معتز من أخته وأمسك بيدها ثم قال:
—لا بل أود أن أخبرها بكل مشاعري بكل حرية.

ابتسمت سهيلة وعلقت قائلة:
—أخي، وفقك الله وجمع بينكم في خير.

غادر معتز وقبل أن يستقل سيارته قابل رجل قادم من متجر الورود حاملًا باقة رائعة من أجمل الورود كان معتز قد قام بطلبها.

اخذ معتز باقة الورد ووضعها داخل سيارته، ثم استقل سيارته متجهًا إلى منزل ريم.

وفي الطريق ظل معتز يتدرب على الكلمات التي يود إخبار ريم بها، ولكن فجأة حدث ما لم يكن في الحسبان.

لقد جاءت سيارة بشكل عكسي أمام معتز، فحاول معتز أن يتفادى هذه السيارة ولكنه فوجيء أن الفرامل الخاصة بالسيارة لا تعمل.

حاول معتز قدر المستطاع السيطرة على سرعة السيارة ولكنها بدأت تترنح يمينًا ويسارًا.
 
ولم تنجح محاولات معتز في التهدئة من سرعة السيارة، ليجد أمامه سيارة أخرى فانحرف عن الطريق ليصطدم بقوة بإحدى الأشجار المتواجدة على الطريق.

الجد وحيد الصياد خلال إجتماعًا له في الشركة الخاصة به قام بإصدار العديد من القرارت من أهمها تعين معتز الصياد مديرًا عامًا بالشركة وتعين ريم البارودي نائب المدير العام.

أسرعت السيدة مريم زاهر بالاتصال على معتز لإخباره بسرعة التوجه إلى مقر الشركة، ولكنه لا يجيب على هاتفه، عاودت الأم الاتصال عدة مرات ولكن دون جدوى فقامت بالاتصال على  ابنتها سهيلة التي أخبرتها قائلة:
—أمي، لقد ذهب أخي إلى منزل ريم ليحضرها معه إلى هنا.

ابتسمت الأم وعلقت قائلة:
—يبدو أن الحظ قد ابتسم لك يا بني، حسنًا سوف أقوم بالاتصال على ريم وإخبارهم بهذه القرارات الجديدة.

وبالفعل قامت الأم بالاتصال على ريم ولكن ريم اخبرتها قائلة:
—سيدتي، لم يحضر معتز إلى هنا.

تعجبت الأم وعلقت قائلة:
—ريم، ما إن يصل معتز إلى منزلك رجاءً أخبريه أن يقوم بالاتصال بي على الفور.

انهت الأم مكالمتها الهاتفية مع ريم وبدأ القلق والخوف يجتاح قلبها.

سهيلة تحدثت إلى ريم لتطمئن على وصول معتز فأخبرتها ريم قائلة:
—سهيلة، لم يأتي معتز إلى هنا، يمكنك أن تقومي بالاتصال على المحقق فارس الشرنوبي ربما قام بإلقاء القبض عليه.

تعجبت سهيلة وعلقت قائلة:
—المحقق فارس الشرنوبي يقوم بإلقاء القبض على أخي! ريم ما الذي يحدث أخبريني؟!

علقت ريم قائلة:
—لقد أخبرت المحقق فارس الشرنوبي بأن معتز هو من قام بقتل هيام.

شعرت سهيلة بصدمة وذهول ثم علقت قائلة:
—كيف فعلتي ذلك؟! ريم أنتِ مخطئة أخي لم يقتل هيام أقسم لكِ إنه بريء لقد قمت بالإبلاغ عن القاتل ولكن المحقق فارس الشرنوبي طلب مني عدم الإفصاح عن شخصيته.

شعرت ريم بالتشتت وعلقت قائلة:
—سهيلة سوف أقوم بالاتصال بالمحقق فارس الشرنوبي وسوف أخبره أنني قمت بسحب البلاغ.

فوجئت سهيلة بالعم سعيد يخبرها بكل أسف والدموع تنهمر من عينيه ويقول:
—ابنتي، لقد تم نقل معتز إلى المشفى إثر تعرضه لحادث أليم.

وقفت سهيلة في ذهول لا تصدق ما تسمعه أذنيها وعلقت قائلة:
—من الذي أخبرك بذلك؟!

علق العم سعيد قائلًا:
—لقد اتصل أحد العاملين بالمشفى على الهاتف الخاص بالمنزل.

وبصوت يملؤه الشجن ويقطعه البكاء تحدثت سهيلة إلى ريم التي كانت لا تزال معها على الهاتف وتقول:
—ريم، لقد تعرض أخي لحادث وهو في طريقه إليكِ.

تابعت سهيلة حديثها قائلة:
—قبل أن أذهب إلى المشفى سوف أرسل إليكِ تسجيلًا صوتيًا، كنت قد قمت بتسجيله له قبل مغادرته مباشرةً، وكان ذلك دون علمه.

أرسلت سهيلة التسجيل الصوتي لأخيها، الذي عترف فيه بحبه الشديد لريم، ثم غادرت المنزل وذلك بعد أن قامت بالاتصال بوالدتها واخبارها بما حدث لأخيها.

استمعت ريم إلى التسجيل الصوتي لمعتز، والدموع تنهمر من عينيها وما إن أنتهت من سماعها حتى علقت قائلة:
—لا أعلم ولكن قلبي يحدثني أنك لست بالقاتل.

جلست ريم تفكر وتقول:
—حسنًا، سوف تظهر الأيام إن كنت أنت القاتل أم إنك شخص بريء، ولكن أليس من الواجب الذهاب إليه والإطمئنان عليه.

ظلت ريم في صراع داخلي، هل تذهب إلى المشفى لتطمئن عليه، أم تظل في منزلها حتى تظهر الحقيقة؟

وفي النهاية رضخت ريم لصوت قلبها فأسرعت بالتوجه إلى المشفى.

وصل الجد وحيد الصياد ويرافقه السيدة مريم زاهر إلى المشفى، أسرعت الأم بالتوجه إلى الإستعلامات لمعرفة الغرفة الخاصة بمعتز،  وما إن علمت برقم الغرفة حتى أسرعت إليها لتجد سهيلة خارج الغرفة في حالة انهيار تام.

دنت الأم من ابنتها وحدثتها قائلة:
—سهيلة، ما الذي حدث؟! هل معتز بخير؟!

لم تستطيع سهيلة التحدث فأشارت إلى غرفة العناية المركزة.

شرعت الأم في الدخول إلى داخل غرفة العناية المركزة ولكن الممرضة قامت بمنعها قائلة:
—سيدتي، لقد قام. الأطباء بمنع الزيارة منعًا باتًا؛ فحالة المريض حرجة للغاية.

وضعت الأم يدها على فمها من الصدمة، ووقفت في ذهول كأنها لم تستوعب بعد ما الذي حدث، لقد تجمد كل شيء بداخلها حتى الدموع تجمدت داخل مقلتيها، فظلت واقفة دون حركة، دون أن تلفظ بكلمة واحدة.

وصلت ريم إلى المشفى وتوجهت إلى غرفة العناية المركزة، لتجد ما يصدمها الجد في حالة لا يرثى لها والأم مازالت الصدمة تسيطر عليها، أما سهيلة فقد بدت منهارة لا تجد من يساعدها على التماسك، اقتربت ريم من سهيلة وهمست إليها قائلة:
—حبيبتي، عليكِ بالتماسك فجدك ووالدتك في حالة سيئة للغاية.

نظرت سهيلة إلى ريم وقد احمرت عينيها من شدة البكاء وعلقت قائلة:
—لقد غادر المنزل وقلبها ممتليء بالسعادة لأنه سوف يفصح لكِ عن مشاعره.

شعرت ريم بالحزن وعلقت قائلة:
—سهيلة، لا تقلقي سوف يتعافي أخيكِ، ولكن أرجوك من أن تتماسكي قليلًا.

أمسكت سهيلة بباقة الورد التي اشتراها معتز ليقوم بإهدائها لريم وتحدثت قائلة:
—ريم، انظري إلى هذه الباقة! فبالرغم من فقدانه  الوعي بعد تعرضه للحادث إلا أنه ظل ممسكًا بهذه الباقة وكأنه يصر على أن يقوم بإهدائها إليكِ بنفسه.

لم تستطيع ريم مشاهدة تلك الباقة التي تلونت ورودها البيضاء باللون الأحمر، لون دماء  معتز، فانهمرت الدموع من عينيها، وألتفتت إلى غرفة العناية المركزة في محاولة منها للدخول ولكن الممرضة تمنعها من الدخول أيضًا.

لم يمر وقت طويل حتى خرجت الممرضة من الغرفة وأسرعت نحو غرفة الأطباء، ثم عادت مسرعة ومعها العديد من الأطباء.

دلفت الجميع إلى داخل غرفة العناية المركزة وأمسك الطبيب بجهاز الصدمة الكهربائي في محاولة منه لإنعاش القلب الذي توقف فجأة.

لم تحتمل الأم ذلك المشهد وانهارت فاقدة لوعيها واسرعت نحوها سهيلة وهي تصرخ قائلة:
—النجدة أريد طبيب هنا.

أسرع إليها أحد الأطباء وقاموا بنقلها إلى غرفة مجاورة ليتم الكشف عليها ومساعدتها على استعادة وعيها.

دلفت ريم إلى داخل غرفة العناية المركزة وامسكت بيد معتز الذي ينتفض جسده بقوة مع كل صدمة كهربائية يتعرض لها.

لم تشعر ريم بنفسها وهي تصيح قائلة:
—معتز أرجوا لا تستسلم للموت.

أسرعت الممرضة نحوها في محاولة منها لإخراجها من الغرفة، ولكن حدث ما لم يكن يتوقعه الجميع فقد بدأ القلب ينبض من جديد.
وحاولت ريم سحب يدها ولكن معتز قبض بيده على يدها، أختلطت دموع الحزن مع دموع السعادة بعودة القلب للنبض مرة أخرى.

نظر الطبيب إلى يد معتز وأشار إلى الممرضة قائلة:
—دعيها ففي وجودها النجاة لهذا المريض.

الجد وحيد الصياد يقف خارج الغرفة وقد اطمئن قلبه لوجود ريم بالداخل، رفع يده للسماء وقام بشكر الله على نجاة حفيده.

ذهب الجد إلى الأم وحدثها قائلًا:
—مريم، لا داعي للقلق، لقد أصبحت حالة معتز مستقرة ويعود الفضل في ذلك بعد الله عز وجل إلى ريم.

نظرت الأم وقد بدى على وجهها الإرتياح وهمست قائلة:
—هل حقًا ما تقوله يا أبي؟

ابتسم الجد وقال:
—أجل وهي الآن تجلس بجواره؛ فقد سمح لها الأطباء بالبقاء بعدما شاهدوا التأثير الإيجابي لوجودها.

حمدت الأم ربها وقالت:
—الحمد لله، أسأل الله أن يتم نعمته علينا ويتم شفائه على خير.

وصل المحقق فارس الشرنوبي إلى المشفى للتحقيق في الحادث الذي تعرض له معتز.

إلتقى المحقق بسهيلة وقال:
—أشعر بالحزن لما تعرض له أخيكي من حادث أليم، ولكنني هنا للتحقيق في هذا الحادث.

نظرت ريم إليه وقد بدى عليها التعجب وعلقت قائلة:
—سيدي المحقق، هذا قضاء وقدر وليس به اية شبهة جنائية.

علق المحقق فارس الشرنوبي قائلًا:
—ما الذي أدراكِ إنه لم يكن مدبرًا؟

تعجبت سهيلة وعلقت قائلة:
—سيدي المحقق، هل لديك أية معلومات تفيد أن ذلك الحادث كان بفعل فاعل؟!

أومأ المحقق برأسه وعلق قائلًا:
—أجل، لقد تم قطع الفرامل الخاصة بالسيارة بفعل فاعل، هل كان هناك من يعلم بخروج معتز بسيارته في هذا الوقت تحديدًا؟

نظرت سهيلة إلى المحقق فارس الشرنوبي وعلقت قائلة:
—أجل سيدي كان هناك من يعلم أن أخي يستعد للخروج والذهاب إلى منزل زوجته ريم.

نظر المحقق فارس الشرنوبي باهتمام شديد وعلق قائلًا:
—حسنًا سهيلة، فلتقومي بإخباري بكل ما تعرفينه.

مازال معتز قابضًا يده على يد ريم، وللمرة الأولى تشعر ريم بدفء يتسلل. من يده فيجتاح جسدها ويشعل بداخل قلبها لهيب الحب والغرام بذلك الشاب الممدد على فراش المرض يصارع الموت البقاء بجوارها.


تذكرت ريم المواقف التي جمعتها بمعتز وكيف كانت تنعته بالحقير ومع ذلك كان يصر على الإرتباط بها.

شعرت ريم أن الحب هو من غير هذا الشاب إلى هذه الحالة التي أصبح عليها فحدثت نفسها قائلة:
-الآن أصبحت على يقين أنك لست بقاتل هيام، فالشخص الذي يجتاح الحب قلبه بهذا الشكل ويظل ممسكًا بباقة الورد ليقدمها لحبيبته برغم جروحه وآلامه لا يمكن أبدًا أن يكون بقاتل.

نظرت ريم إلى معتز الغائب عن الوعي ومع ذلك لا زال قابضًا يده على يدها، ابتسمت قامت بتقبيل يده وهمست في أذنه قائلة:
—يبدو أن لك ذوقًا رائعًا في إنتقاء الورود، فباقة الورد التي أحضرتها لي كادت أن تذهب بعقلي.

نظرت ريم إلى وجه معتز فإذا بابتسامة هادئة بدت على وجهه، فعاودت الكرة مرة أخرى وقالت:
—أتشوق لأن تستعيد وعيك حتى تخبرني بكل ما تود قوله لي.

وما إن أنهت ريم هذه الكلمات حتى أحكم معتز قبضته على يدها.

ابتسمت ريم وعلقت قائلة:
—لا تقلق سأظل بجوارك حتى نغادر سويًا من هنا.

سهيلة قامت بالاتصال على أدهم وإخباره بما حدث لمعتز فعلق قائلًا:
—متى حدث ذلك لقد كنت معه في الصباح؟!

علقت ريم قائلة:
—لقد رأيت أنه من واجبي إخبارك بما حدث حتى لا تغضب بعد ذلك.

تحدث أدهم قائلًا:
—هل قمتي بإخبار ريم؟

علقت سهيلة قائلة:
—بالطبع وهي الآن بجواره بالمشفى، يبدو أن الأمور بينهما أصبحت في أفضل حالتها.

اومأ أدهم برأسه وعلق قائلًا:
—حسنًا سهيلة دقائق معدودة وتجدينني أمامك.

دلفت الأم إلى غرفة معتز فوجدت ريم لا زالت على الحالة التي عليها منذ عدة ساعات فهمست إلى معتز وقالت:
-بني، لا بد أن تترك يد ريم حتى تستطيع أن تتناول شيء فمنذ الصباح وهي لم تتناول شيء.

نظرت ريم إلى الأم وعلقت قائلة:
—أمي، لا أريد أن أتناول شيء.

ابتسمت الأم وعلقت قائلة:
—ريم، هذه هي المرة الأولى التي تناديني فيها بأمي.

وهنا ترك معتز يد ريم فابتسمت الأم وعلقت قائلة:
—ها هو معتز يريدك أن تقومي لتأكلين شيئًا.

ذهب الجميع إلى مطعم مجاور للمشفى وبدؤا في تناول الغداء.

في ذلك الوقت دلف أحد الأطباء إلى غرفة معتز وقام بوضع سائل غريب في محلول الملح الخاص بمعتز، وما إن إلتفت حتى وجد أمامه المحقق فارس الشرنوبي.

أسرعت الممرضة إلى المحلول الملحي وقامت بتبديله قبل أن يصل إلى جسم معتز.

دلفت سهيلة إلى غرفة معتز وخلفها ريم التي وقفت مذهولة مما حدث.

ابتسم المحقق فارس الشرنوبي وتحدث قائلًا:
—دلف هذا الطبيب إلى غرفة معتز وقام بوضع هذه المادة السامة في المحلول الخاص بمعتز حتى يتخلص منه، كما فعلها في المرة السابقة.

نظرت ريم وقد بدى عليها الصدمة والذهول وعلقت قائلة:
—سيدي المحقق، أية مرة سابقة؟!

نظر المحقق فارس الشرنوبي إلى ريم وعلق قائلًا:
—في المرة السابقة قام بخنق هيام وحقنها في عنقها، أما اليوم فقد تعلم من المرة السابقة فقام بوضع هذه المادة في المحلول الخاص بمعتز.

اقتربت ريم من الطبيب وقامت بنزع القناع من فوق وجهه، فكانت المفاجأة!

نظرت ريم وتحدثت قائلة:
—أدهم!

بدأ معتز في استعادة وعيه وتحدث بصوت خفيض قائلًا:
—سيدي المحقق أدهم صديقي لا يمكنه فعل شيئًا كهذا.

ابتسم المحقق فارس الشرنوبي وعلق قائلًا:
—منذ أن جاءت إلي الأنسة سهيلة وأخبرتني أنها تشعر بالريبة والشك في أدهم وتعتقد أنه هو الفاعل خاصة مع وجود آثارًا لعضة على ذراعه اليسرى.

فوضعت هذه الشكوك في الحسبان ولكن لم تكن دليلًا كافيًا لإدانته، وبعد تعرض معتز لذلك الحادث، خاصة ان الفرامل الخاصة بالسيارة قد تم قطعها بفعل فاعل، بدأت الشكوك تزداد في أخر شخص كان متواجدًا مع معتز وعلم بموعد خروجه من المنزل، وبالفعل هذا الشخص هو أدهم.


نظر المحقق فارس الشرنوبي إلى سهيلة وعلق قائلًا:
—الفضل في إلقاء القبض على القانل وكشف حقيقته يعود للأنسة سهيلة التى أتوقع لها بأن تكون محققة بارعة.

نظرت ريم إلى أدهم وتحدثت قائلة:
—أدهم، لماذا فعلت ذلك؟! ما الذي اقترفته هيام لتقوم بقتلها؟! لقد جعلتني أشك في معتز ولكن حتى معتز لم يسلم منك أخبرني لماذا فعلت ذلك بي؟!

قامت ريم بصفع أدهم على وجهه عدة مرات، قبل أن تنهار وتفقد وعيها.

اقترب أدهم من ريم والدموع منهمرة من عينه يحاول أن يساعدها على استعادة وعيها وهو يقول:
—لقد فعلت ذلك لأنني أحبك بجنون، وعلى أستعداد لقتل أي شخص يكون السبب في ابتعادك عني، ألم تكن هيام سببًا في زواجك من معتز؛ ولذلك فقط نالت جزائها.


ثم نظر إلى معتز وعلق قائلًا:
—أما أنت فلم أكن لأدعك تذهب إليها وتخبرها بحبك.

حضر رجال الشرطة وقاموا بإلقاء القبض على أدهم لتتم محاكمته فيما بعد على كل ما اقترفه من جرائم.

أما معتز وريم فقد أعادوا الأحتفال بحفل زفافهما ولكن هذه المرة بشكلًا حقيقيًا.

ماذا عن سهيلة، هي أيضًا وجدت فتي أحلامها الذي قام بخطبتها إنه المحقق فارس الشرنوبي.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي