الفصل الثامن أحمر شفاة

تكلم معتز مع جده وحيد الصياد بوقاحة عندما تحدث إليه قائلًا:
-أريد أن أعرف ما المقابل الذي قامت ريم بإعطائه لك؛ لتقوم بتعينها في منصب رفيع كهذا المنصب؟!

ما إن سمع الجد وحيد الصياد هذه الكلمات حتى نهض من مكان وتقدم نحو معتز وحدثه قائلًا:
-ما الذي تقوله يا ولد؟!

معتز وقد سيطر عليه الخوف والقلق تعلثم في حديثه قائلًا:
-جدي، اااانا لم...
وهنا قاطعه الجد بصفعة قوية على وجهه أوقعته أرضًا.

الجد بغضب وصوتٍ عاليٍ تحدث قائلًا:
-يبدو أنني قد تهاونت معك كثيرًا، كان علي ايداعك في السجن جزاءً على كل ما فعلته من تجاوزات في الشركة، أغرب عن وجهي لا أريد أن أراك مرة أخرى.

وفجأة شعر الجد بألم شديد في صدره ثم سقط أرضًا فاقدًا وعيه.

اسرعت سهيلة إلى جدها تحاول أن تساعده على استعادة وعيه، وهي تقول:
-جدي، هل تسمعني؟ من فضلك افتح عينك رد علي.

أسرعت الأم باستدعاء الاسعاف، ثم نظرت إلى معتز وحدثته قائلة:
- لن أغفر لك إن حدث لجدك مكروه وسوف أقوم بمحاسبتك على كل ما فعلته.

حضر سعيد من الخارج ففوجيء بما حدث للسيد وحيد، دنا منه محاولًا إفاقته ولكن دون جدوى.

أسرع سعيد إلى مكتب السيد وحيد وقام بإحضار جهاز التنفس الصناعي ووضعه على وجه السيد وحيد الصياد.

حضرت سيارة الأسعاف وقامت بنقل السيد وحيد الصياد إلى المشفى، وفي المشفى تبين تعرضه لزبحة صدرية.

وقفت السيدة مريم والدة معتز تدعو الله ان يكتب السلامة لوالد زوجها الذي كان يعتبرها ابنته وخزنة أسراره.

أما سهيلة فقد وقفت تبكي وقد ملأ قلبها الحزن لما حدث لجدها.

لحق معتز وسعيد بالأم والأبنة اللاتي اصروا على الركوب مع الجد وحيد الصياد داخل سيارة الأسعاف.

وما إن وصل معتز، أسرع إلى والدته وتحدث قائلًا:
-أمي، كيف حالة جدي الآن؟

نظرت الأم نظرة حادة إلى ابنها ولم ترد عليه، فأعاد معتز السؤال قائلًا:
-أمي، من فضلك ردي عليك، كيف حالة جدي؟

انفعلت الأم وحدثته قائلة:
-معتز، لقد تأذى جدك بسببك، اقسم لك إن أصابه مكروه فلن أسامحك أبداً.

إلتفتت معتز ونظر إلى غرفة جده، فشاهد أخته سهيلة وقد ابتلت ملابسها من دموعها التي لم تنقطع.

دنا معتز من أخته ووضع ذراعه على كتفه في محاولة منه لضمها حتى يخفف من وطأ ما تشعر به من حزن، ولكنه فوجيء بها تبعد يده عنها بضيق وغضب.

كانت هذه هي أكثر شيء قد أثر في معتز وجعله يغادر المشفى.

استقل معتز سيارته لا يعلم أين سيذهب سوى إنه لم يستطيع البقاء في المشفى في ظل هذا الأحتقان الذي يجده من عائلته.

ظل يتذكر ما حدث منذ أن طلب منه جده الزواج وامهله ثلاثون يومًا وإلا فسوف يقوم بسحب كآفة الصلاحيات منه، تذكر ما حدث من دعم وتأييد لريم وصفعها له ثم طرده من الشركة إلى أكثر ما اثر على جده عندما تحدث إليه بصورة غير لائقة.

إزداد الغضب والضيق داخل قلب معتز فأسرع بسيارته وكلما تذكر من جده ما يغضبه كان يزيد من سرعته أكثر فأكثر.

فجأة وجد إحدى السيارات التي تسير بشكل عكسي وقد أضاء قائدها المصباح الخاص بالسيارة في وجهه؛ فلم يستطيع معتز رؤية شيء أمامه، وبعدها حدث اصطدام كبير فقد معتز وعيه وهو لا يعلم ما الذي حدث.

لم يتوقف السائق الذي تسبب في الحادث بل غادر المكان على الفور.

تجمع الناس حول سيارة معتز وقام احدهم بفتح باب السيارة للإطمئنان عليه، وما إن قام بتحريكه حتى استعاد معتز وعيه وهو يقول:
-ما الذي حدث؟! أين أنا؟

ابتسم الرجل وحدثه قائلًا:
-لا تقلق أنت بخير لقد انحرفت سيارتك عن الطريق واصطدمت بهذا الحاجز الرملي.

تذكر معتز ضوء السيارة التي كانت تسير عكس الطريق؛ والذي منعه من الرؤية وجعله ينحرف بسيارته.

شكر الرجل وأدار سيارته وغادر بها المكان، وفي الطريق سمع رنين هاتفه، فحدث نفسه قائلًا:
-ترى هل من يقوم بالاتصال هي أمي؟ هل حدث مكروه لجدي؟

فنظر إلى هاتفه ليجدها إحدى الفتايات التي كان معتز على علاقة بها، فأمسك هاتفه وقام بالتحدث إليها قائلًا:
-مرحبًا روز كيف حالك؟ لقد اشتقت إليكِ كثيرًا.

ابتسمت روز وعلقت قائلة:
-حبيبي معتز أنا أيضًا اشتقت إليك كثيرًا، ما رأيك أن نقضي معًا بعض الوقت الممتع عندي في منزلي؟

شعر معتز أنه بحاجة للإبتعاد عن الحزن والضغط النفسي الذي تعيشه الأسرة بأكملها فعلق قائلًا:
-حسنًا روز أنا في طريقي إليكِ.

ابتسمت روز وأخذت تعد العدة لسهرة رائعة مع صديقها معتز.

وبعد وقت قصير كان معتز أمام منزلها، أسرع بالاتصال عليها؛ ليخبرها بوصوله أمام المنزل فعلقت روز وقالت:
-حسنًا هيا اصعد فليس لدي أحد بالمنزل.

صعد معتز إلى الشقة الخاصة لروز التي استقبلته بثوب شفاف يظهر مفاتنها.

وما إن رآها معتز حتى قام بتقبيلها معانقتها ثم أغلق باب المنزل بقدمه.

لقد قام معتز بقضاء الليلة مع صديقته داخل غرفة نومها بعد ان قام بإغلاق هاتفه حتى لا يزعجه أحد.

لم يشعر معتز بالوقت الذي مضى وكأنه أراد نسيان كل شيء مع تلك المرأة، التي سرعان ما حدثته قائلة:
-معتز لا بد أن تغادر الآن فزوجي قد اتصل بي واخبرني إنه عاد من السفر، وفي طريقه إلى المنزل.

وسرعان ما نهض معتز من السرير وقام بإرتداء ملابسه، وقبل أن يغادر عانق روز وهو يقول:
-شكرًا لكي حبيبتي لقد كنت في حاجة لمثل هذه الليلة.

غادر معتز واثناء خروجه من منزل روز قابل زوجها وهو متوجه لركوب المصعد فاصطدم به لتقع باقة الورد التي كان يحملها بيده.

ابتسم معتز وحدثه قائلًا:
-أعتذر إليك، لم اقصد ما حدث.

ابتسم الرجل وعلق قائلًا:
-لا عليك لم يحدث شيء، حتى باقة الورد التي احضرتها لزوجتي لم تتأثر.

ابتسم معتز وغادر دون ان يعلق بكلمة واحدة، اتجه لسيارته واستقلها وهو يقول:
-في بعض الأوقات لا يمكنك إرضاء المرأة بباقة ورد فقد تحتاج منك إلى ما هو أقوى من الورد.

وصل معتز إلى منزله، دلف إلى داخل المنزل ففوجيء بوالدته تجلس على المقعد الخاص. بجده وتنتظر عودته إلى المنزل.

نظرت الأم إلى ابنها وحدثته قائلة:
-معتز، أين كنت طوال ذلك الوقت؟! كيف تغادر المشفى وجدك بهذه الحالة الحرجة؟!

تردد معتز قليلًا، ثم علق قائلًا:
-لقد تعرضت لحادث بسيارتي، وفقد على أثره الوعي ولم أستعيد وعي سوى في وقت متأخر.

شعرت الأم بالقلق على ابنها فنهضت واتجهت صوبه تدقق النظر إليه وتقول:
-هل أصابك شيء؟ ما الذي حدث أخبرني؟

معتز علق قائلًا:
-أمي، أنا بخير كنت شاردًا بسبب ما حدث لجدي، فانحرفت عجلة القيادة من يدي وتعرضت لحادث بسيط، لقد غادرت المشفى لانني لم اتحمل ما حدث لجدي وكنت أنا الذي تسببت فيه.

امسكت الأم ذراعه وقالت:
-اعلم يا بني إنني كنت قاسية معك بعض الشيء ولكنه جدك الذي نعيش في كنفه، وتحت حمايته، هو كبيرنا الذي لا بد أن نعطيه الأحترام المناسب والتقدير لشخصه.

تأثرت الأم وانهمرت دموعها فقام معتز بإخراج المنديل الخاص به من سترته، ثم قام بمسح. دموع والدته.

امسكت الأم بالمنديل لتمسح عينيها ولكنها فوجئت بمنديل معتز ملطخ بأحمر الشفاة.

نظرت الأم إلى المنديل ثم تابعت النظر إلى ابنها وقالت:
-معتز، ما هذا الذي بمنديلك؟.

تلعثم معتز ثم قال:
-هذاااا لا أعلم ربما يكون دماء من أثار الاصطدام.
امسكت الأم بالمنديل وقامت بقذفه في وجه معتز وهي تقول:
-أعلم إنك حقير لكن لم أكن أعلم أن حقارتك قد وصلت إلى هذا الحد من اللامبالاة والبلادة.
اريد ان أخبرك إنك أسوء شيء في حياتي.

وبعد أن أنهت الأم حديثها غادرت إلى غرفتها
واغلقت الباب من الداخل وهي تقول:
-لا أريد أن اراك، لا تريني وجهك قبل أن تصلح من شانك أيها الحقير.

وضع معتز يده على رأسه من الحيرة وعلق قائلًا:
-أشعر أن كل شيء يعاندني، كأن الحظ لم يعد يبتسم لي كسابق عهده معي.

وفي اليوم التالي، استيقظ معتز وارتدى ملابسه، ثم ذهب إلى الشرك، وهناك جلس على مقعد المدير العام.

أخذ نفسًا عميقًا، ثم حدث نفسه قائلًا:
ها أنا على هذا الكرسي الذي لا يليق سوى بي أنا، لن يستطيع جدي إدارة هذه الشركة بعد الآن.

وسرعان ما قام معتز باستدعاء مديرة مكتب المدير العام وطلب منها أن تقوم باستدعاء أدهم البحيري.

تعجبت روڤان وقالت:
—سيدي، لقد أمر السيد وحيد الصياد بعدم دخولك مكتبه فلا يمكنك مخالفة هذه الأوامر.

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—السيد وحيد مريض ولن يستطيع إدارة الشركة وانا بصفتي الوريث الشرعي له سوف أقوم بإدارة هذه الشركة.

روڤان علقت قائلة:
—ما الذي حدث للسيد وحيد؟!

معتز علق قائلًا:
-لقد أصيب بذبحة صدرية، وهو الآن داخل العناية المركزة بالمشفى.

شعرت روڤان بالحزن والآسى لما أصاب السيد وحيد الصياد، ثم أومأت برأسها وغادرت المكتب.

وبعد قليل حضر أدهم إلى مكتب معتز وحدثه قائلًا:
—لقد أرسلت في طلبي هل يمكنني أن أعرف السبب وراء ذلك؟!

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—على الرغم من إنك اسأت إلي إلا إنني أفتقدتك يا صديقي.

نظر أدهم إليه ثم تحدث قائلًا:
—أما أنا فلم أفتقدك يا معتز، ولم يعد هناك ما يربطني بك.

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—أريد أن اذكرك أنك هنا بفضل هذه الصداقة.

ابتسم أدهم وعلق قائلًا:
من قام بتعيني هو السيد وحيد الصياد وليس أنت.

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—قام بتعينك السيد وحيد الصياد المدير العام أما الآن فقد أصبحت أنا المدير العام.

تعجب أدهم وعلق قائلًا:
—لم يتم اصدار قرار بهذا الشأن من قبل السيد وحيد الصياد.

معتز وقد وضع ذراعه على كتف ادهم علق قائلًا:
—السيد وحيد الصياد لن يمكنه إصدار قرار كهذا فهو يرقد داخل غرفة العناية المركزة يصارع الموت.

وقف أدهم مذهولًا ثم تحدث قائلًا:
—جدك مريض وأنت تستغل فرصة مرضه وتسيطر على شركته بدلًا من وجودك بجواره
ألا تتذكر ما الذي كان يفعله جدك من أجلك؟!

ألهذه الدرجة وصل بك الحد في العناد والكبر لإنكار كل ما فعله جدك، لم أندم على شيء في حياتي بقدر ندمي على صداقتك.

معتز وقد اشتعل الغضب داخله تحدث قائلًا:
—كيف تتحدث هكذا مع المدير العام؟!

وفجأة دلفت السيدة مريم إلى داخل المكتب وتحدثت قائلة:
—معتز ما الذي جاء بك إلى هنا؟! ألم يمنعك جدك من دخول شركته؟

ثم نظرت إلى أدهم وقالت:
— أدهم خذ هذا القرار وقم بإعطائه لمريم وأخبرها أن تبلغ جميع من بالشركة أن هذا قرار من السيد وحيد الصياد بتعيني نائب المدير العام.

ابتسم أدهم وعلق قائلًا:
—حسنًا سيدتي سأفعل ما ذلك على الفور.

وقبل أن يغادر أدهم المكتب نظر إلى معتز وعلق قائلًا:
—نصيحة من صديق سابق عد معتز الذي احببته وكان بمثابة الأخ والصديق بالنسبة إلي، لا ذلك الحقير الذي يقف أمامي.

ثم غادر مكتب المدير العام، نظر معتز إلى والدته وقال:
—كيف حدث ذلك ومتى؟!

منذ ان عدت من العمرة، قام جدك بإخباري بكل ما فعلته، وقام بعمل توكيلًا عامًا لي لإدارة كل شيء في حالة مرضه، أما اليوم عندما استيقظت ولم أجدك، فقد علمت على الفور أنك هنا وكعادتك تنتهز الفرصة لفرض سيطرتك على هذه الشركة.

نظر معتز بخجل ثم علق قائلًا:
—أمي أعتز إليكِ عن كل شيء، لقد اقررت بخطأي والآن تستطيعين الوثوق في.

ابتسمت الأم وعلقت قائلة:
—الآن أستطيع الوثوق بك والعودة إلى المنزل، وأنت تدير هذه الشركة أليس كذلك؟

أومأ معتز برأسه وعلق قائلًا:
—سأفعل كل ما تريدينه مني.

علقت الأم قائلة:
—سوف تفعل ما يريده جدك، كم تبقى من المهلة التي منحها لك؟

تعجب معتز وعلق قائلًا:
—أمي هل علمتي بأمر هذه المهلة؟!

تحدثت الأم بحزم وقالت:
—لديك أسبوع من الآن لتتزوج وإلا فسوف أنفذ ما كان جدك سيفعله.

علق معتز قائلًا:
—أمي، كيف اتزوج وجدي مريض وحالته حرجة؟!

ابتسمت الأم وعلقت قائلة:
—منذ متى وأنت تهتم بصحة جدك؟! لن اتنازل عن تنفيذ أوامر.

(منزل ريم وهيام)
دلفت ريم إلى داخل المنزل ومعها بعض المستلزمات التي قامت بشرائها من المتجر، ولكنها فوجئت بهيام تقوم بالتقيوء داخل المرحاض، تركت ما بيدها وأسرعت إليها لتجدها في حالة سيئة.

أمسكت بها وساعدتها إلى الوصول للاريكة ثم قالت:
—هيام، ما الذي يحدث معك؟!

حاولت هيام السيطرة على حالة الغثيان التي تشعر بها ثم قالت:
—لا عليكي ربما قد أصيبت معدتي بالبرد.

أسرعت ريم إلى المطبخ وقامت بعمل بعض السوائل الدافئة لعلها تجدي نفعًا.
وبعد أن هدأت هيام وشعرت ببعض التحسن أو هكذا أظهرت أمام صديقتها، نظرت إلى ريم وقالت:
—ريم، أفكر في أمرٍ ما وأريدك أن تساعديني على تنفيذه.

ابتسمت ريم وعلقت قائلة:
—حبيبتي تستطيعين أخبريني ما الذي تريدنه وسوف أنفذه لكي على الفور.

هيام تحدثت قائلة:
—أفكر في العودة لأمي.

وما إن سمعت ريم بهذه الكلمات حتى وقفت وقالت:
—هل تريدين العودة إلى هذه المرأة التي فضلت مصلحتها الخاصة على ابنتها؟! هل تويدين العودة لذلك المتحرش؟! هل سئمتي من البقاء معي أم أنك تودين الهروب والأستسلام لذلك المرض لينتصر عليكي ويدمرك؟

تلألأت الدموع في عين هيام وقالت:
—ريم يكفيكي ما تواجهينه من صعوبات الحياة، لا أريد أن أكون تلك العقبة التي تمنعك من تحقيق ما تريدينه.

عانقت ريم صديقتها وعلقت قائلة:
—لا عليكي، كما أخبرتك من قبل كل شيء سيكون على ما يرام.

هيام علقت قائلة:
—لماذا لم تذهبي إلى العمل اليوم؟!

ابتسمت ريم وعلقت قائلة:
—لقد منحني السيد وحيد الصياد اليوم إجازة عندما أخبرته إنني أعاني من بعض الإجهاد.

ابتسمت هيام وعلقت قائلة:
—يبدو أن هذا الرجل عطوفًا للغاية.

ربتت ريم على شعر هيام وقالت:
—أجل حبيبتي هو كذلك.

والآن سوف أذهب لأعد لكي شوربة خضروات حتى تتحسن معدتك.

وبعد مرور يومان لاحظت هيام أن ريم لم تعد تذهب إلى عملها، انتهزت فرصة ذهاب ريم للتسوق وقامت بالاتصال على أدهم ولكنه لم يرد.
شعرت أن هناك. شيء تخفيه عنها ريم فقامت بإرتداء ملابس الخروج وذهبت إلى شركة الصياد.

وهناك طلبت مقابلة المدير العام، وعندما دلفت إلى مكتب المدير العام وجدت السيدة مريم فتحدثت قائلة:
—سيدتي، اعتذر عن قدومي بدون موعد سابق، ولكنني جئت لمقابلة السيد وحيد الصياد.

ابتسمت السيدة مريم وعلقت قائلة:
—مرحبًا بك يا ابنتي، أنا هنا بدلًا من السيد وحيد الصياد حتى يتعافى من مرضه.

تعجبت هيام وعلقت قائلة:
—سيدتي، هل هو مريض؟!

اومأت السيدة مريم برأسها وعلقت قائلة:
—أجل يا ابنتي فهو بالعناية المركزة منذ عدة أيام، ولكن ما الذي يمكنني تقديمه لكي؟!

هيام تحدثت قائلة:
—سيدتي، كنت أريد. أن أسأل عن موظفة هنا في قسم الحسابات والمراجعة اسمها ريم مصطفى البارودي.

تعجبت السيدة مريم وعلقت قائلة:
—ابنتي لم اسمع بهذا الأسم من قبل ولكن سوف أتأكد حالًا.

أستدعت السيدة مريم نديرة مكتبها روڤان وحدثتها قائلة:
—روڤان، هل لدينا هنا في قسم الحسابات موظفة تدعى ريم البارودي؟!

ابتسمت روڤان وعلقت قائلة:
—سيدتي، بالفعل كانت تعمل لدينا بالشركة ولكنها قامت بتقديم استقالتها على الرغم من أن السيد وحيد كان قد أصدر قرارًا بتوليتها منصب نائب المدير العام، ولكنها رفضت المنصب وقامت بتقديم استقالتها.


تعجبت السيدة مريم وقالت:
—كيف يحدث ذلك ترفض منصب كهذا لا بد أن مصابة بداء في عقلها؟!

تلألأت الدموع في عين هيام واستأذنت وهمت بالخروج من مكتب المدير العام، ولكن السيد مريم حدثتها قائلة:
—من فضلك انتظري قليلًا، ثم نظرت إلى روڤان وقالت:
—روڤان، قصي لي كل ما حدث، ولا تخفي عني شيء.

قامت روڤان بسرد كل ما حدث إلى السيدة مريم التي علت علامات التعجب والدهشة على وجهها مما تتحلى به هذه الفتاة من صفات وأخلاق حميدة، وما إن علمت ما فعلته ريم مع معتز حتى علقت قائلة:
—هل حقًا قامت بصفعه هلى وجهه؟!

أومأت روڤان برأسها وعلقت قائلة:
—أجل سيدتي فهي لم تتحمل أن يتهمها بشيء يسيء إليها وإلى كرامتها.

شعرت السيدة مريم بإعجاب شديد تجاه هذه الفتاة وتمنت لو تستطيع مقابلتها وإقناعها بالعمل معها.


نظرت السيدة مريم إلى هيام ثم حدثتها قائلة:
—وأنتي هيا أخبريني، ما الذي جاء بكي إلى هنا؟!

قصت هيام ما حدث معها هى وريم منذ ان تركت كلًا منهما منزلهما وقاموا بشراء منزل جديد، ثم الحادث الذي حدث معها وأخيرًا إكتشافها لذلك المرض الخطير الذي تعاني منه، وما فعلته معها صديقتها ريم.

أسرعت السيدة مريم بإعطاء هيام مبلغًا من المال ولكنها رفضت وعلقت قائلة:
—سيدتي، لم أتي إلى هنا لأطلب المساعدة، ولكنني جئت لأعرف ما الذي تخفيه عني صديقتي.

ابتسمت السيدة مريم وعلقت قائلة:
—ابنتي تمسكي بهذه الفتاة بقوة، فلم يعد هناك الكثير الذين يتحلون بما تتحلى به هذه الفتاة.

غادرت هيام مكتب المدير العام، وبعد مغادرتها طلبت السيدة مريم من مديرة مكتبها روڤان أن تحضر إليها الملف الخاص بريم البارودي.

عادت هيام إلى منزلها ولكنها شعرت بدوار شديد أفقدها وعيها، ظلت هيام فاقدة الوعي حتى عادت ريم من الخارجة (فقد كانت تبحث عن عمل).

دلفت ريم إلى داخل المنزل وفوجئت بصديقتها جد على الأرض فاقدة لوعيها، حاولت إفاقتها ولكن دون جدوى، أسرعت ريم بطلب سيارة أڛعاف وقامت بالذهاب إلى إحدى المستشفيات المختصة بعلاج الأورام.

وفي المشفى تم إسعاف هيام، وعندما أرادت ريم أن تعرف ما الذي أصاب صديقتها حدثها الطبيب قائلًا:
—هذه أعراض الورم الدماغي، فالمريض يشعر بالغثيان الذي قد يصل إلى حد القيء أحيانا والدوار الشديد وعدم التوازن وفي بعض الأحيان الضعف الشديد في الرؤية.

شعرت ريم بالحزن والآسى لما تعاني منه صديقتها فحدثت الطبيب قائلة:
—سيدي، هل يمكن للتدخل الجراحي إزالة هذا الورم؟

علق الطبيب قائلًا:
—ربما يجدي التدخل الجراحي نفعًا في بعض الحالات الخاصة بالورم الدماغي ولكن ليس في حالة صديقتك فالورم الخاص بها في منطقة شديد الخطورة ولا يمكن المجازفة بإجراء تدخل جراحيّ.

تحدثت ريم إلى الطبيب وقد بدى عليها الحزن قالت:
—سيدي، هل هناك أمل في شفائها؟

ابتسم الطبيب وعلق قائلًا:
—بالطبع هناك امل في شفائها، ولكن لن تقوم بإجراء عملية جراحية وإنما بجرعات الكيماوي
والعلاج بالأشعاع.

علقت ريم قائلة:
—ولكن العلاج الكيماوي يسبب الكثير من الاعراض المؤلمة، فهل هناك ما يخفف هذه الآلام؟

لا بد أن يحاول المريض للتحمل كما إن هناك أنواع من الكيماوي التي لا تسبب الآلام ولكنه تكلفتها باهظة.

علقت ريم قائلة:
—ومتى ستبدأ في أخذ هذه الجرعات؟

الطبيب علق قائلًا:
—كلما كان مبكرًا كان ذلك أفضل.

اومأت ريم برأسها وعلقت قائلة:
—حسنًا سيدي الطبيب، فلنبدأ بالعلاج.

تم إعطاء هيام الجرعة الأولى من الكيماوي عن طريق الحقن الوريدي، وبعد انتهاء الجرعة لم تكن هيام تستطيع الوقوف بشكل جيد فقد كانت تحاول تحمل ما تشعر به من ألم ولكنها لم تستطيع إخفاء عدم التوازن أو الضعف في الرؤية الذان صاحبها بعد جرعة الكيماوي.

عادت ريم وهيام إلى منزلهما وبدأت رحلة المعاناة مع المرض، وكلما رأت ريم صديقتها تتألم كان لذلك واقعًا قاسيًا على قلب ريم.

فظلت تبحث عن عمل؛ كي تستطيع توفير العلاج الذي لا يسبب لها هذه الألام.


(منزل وحيد الصياد)
جلس معتز يفكر فيما عليه فعله، تذكر أدهم وما كان يفعله معه وكيف كان يشاركه في حل مشاكله التي قد تعرضه هو أيضًا لكثير من المشكلات غير انه لم يكن يعبأ بما يحدث وكان دائمًا يحاول أن يساعد صديقه معتز.


شعر معتز أنه بخسارته لصديقه أدهم قد خسر كل شيء، لكن كبره وغروره لم يسمحان له بالاتصال عليه والاعتذار له عن ما حدث.

سمع معتز رنين هاتفه ليجدها روز تحدثه وتقول:
—معتز، لم أعد أستطيع الابتعاد عنك، لقد اخبرت زوجي برغبتي في الطلاق.

علق معتز قائلًا:
—روز، لماذا فعلتي ذلك؟!

علقت روز قائلة:
—لم يعد باستطاعتي الإبتعاد عنك إنني أحبك كثيرًا.

شعر معتز بأن روز لم تعد ترغب في دور الصديقة والعشيقة بل باتت تتطلع لدور أكبر. من ذلك، فحدثها قائلًا:
—وبعد أن يقوم زوجك بطلاقك ما الذي ستفعلينه؟!

علت الابتسامة على وجه روز وعلقت قائلة:
—لن يكون هناك ما يمنع زواجنا يا حبيبي، بعدها سوف نتزوج ونعيش معًا في سعادة وحب.

تعجب معتز وعلق قائلًا:
—ولكنني لم أعدك بالزواج روز، لا تتعجلي في طلب الطلاق من زوجك حتى لا تندمي على ذلك.

شعرت روز كأن معتز قام بصفعها صفعة قوية افاقتها من وهم العشق الذي كانت تعيش فيه
لتفيق على حقيقة قاسية للغاية؛ ألا وهي إنها لم تكن سوى امرأة يلجأ إليها حين يحتاج إليها فقط وبعد أن ينتهي من متعته يتركها،ولا يتردد أن يلقيها في صندوق المهملات، كما يلقى المنديل الورقي بعد استخدامه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي