الفصل التاسع نزوة

كثيرًا ما اتسائل عن تلك النزوة التي يقع فيها بعض ضعاف النفوس من الناس، رجل كان أو امرأة؟!

لعل ما يقعون به ما هو إلا وهم، يظن به المرء أنه سوف ينال من هذه الحياة الملذات والجمال والمتعة والراحة النفسية.

سواء كانت هذه الراحة نفسية يتخللها الشعور بالأمان والاستقرار، أو جسدية يتخللها الشعور بالسلامة الجسدية وإشباع الرغبة الجنسية، أم كليهما معا؟ وهل سيكون ذلك بشكل مستمر أم أبدي أم ماذا؟

لقد تخلى معتز عن نزوته وملجأه الذي يشبع فيه رغبته الجنسية، لم يستطيع الأستمرار في علاقته مع روز عندما شعر انها ترغب في الزواج به ولم تعد تتحمل تمثيل دور الزوجة المخلصة أمام زوجها المخدوع.

أرادت روز التحرر من شعورها بأنها زوجة خائنة وبدأت تحلم في الخروج بعلاقتها إلى النور؛ عن طريق الزواج بمن تحب، لكن الرياح تأتي بما لا تشتهيه السفن؛ لقد تخلى عنها فارسها، ليصدمها بحقيقته الزائفة أنه لم يكن يعشقها بل كان يعشق أنوثتها حين تثور بداخله الرغبة الجنسية، وبعدها فهي كغيرها.

لم تحتمل روز ذلك الشعور ودلفت إلى المرحاض وظلت تستحم وتستحم كانها بكثرة الأستحمام سوف تطهر جسدها بما لحق به من  دناسة، لم تكن تعلم أن دموعها المنهمرة من الندم هي فقط القادرة على تطهير جسدها وروحها.

وبعد أن أوضح معتز لروز حقيقة العلاقة التي بينهما شعر بارتياح فقد ألقى الكرة في ملعب روز لتحد ما الذي تريده، هل تستمر معه وتكون منديلًا ورقيًا مصيره سلة المهملات أم تعود لزوجها وتبدأ معه حياة جديدة تعامله فيها كزوجة مخلصة؟

أما معتز فقد ذهب  إلى والدته في مكتبها بشركة الصياد وطلب التحدث إليها، وبعد أن سمحت له تحدث إليها قائلًا:
—أمي، لا أستطيع الوثوق بامرأة؛ لتكون زوجة لي، فكل من حولي من النساء لا يمكنني الارتباط بواحدة منهن.

أعجبت الأم بكلمات معتز،فقد وجدت أن حديثه صادق،ولكنه لم يعد يثق بفتاة لأنه لم بقابل بعد تلك الفتاة التي تستطيع ترويضه واجتياح قلبه.

فجأة خطر على بالها ريم هذه الفتاة التي دلفت إلى قلبها دون أن تراها، تمنت حينها لو يستطيع معتز الزواج بمثل هذه الفتاة.

وفجأة خطرت فكرة على بالها وأرادت تنفيذها فحدثت معتز قائلة:
—معتز، كل شيء بأوانه، فلنؤجل الحديث في هذا الأمر الآن، إنني أريد منك القيام بمهمة.

نظر معتز إلى والدته وشعر بالسعادة؛ لقد بدأت  والدته إعادة ثقتها به فعلق قائلًا:
—تفضلي يا أمي سوف أفعل كل ما تريدنه مني.

بني أريد منك الذهاب إلى هذا العنوان بنفسك والأطمئنان على فتاة تدعى هيام.

تعجب معتز وعلق قائلًا:
—أمي، من تكون هذه الفتاة؟!

ابتسمت الأم وعلقت قائلة:
—بني، هذه فتاة تعرفت عليها من فترة قصيرة وهي الآن مريضة وانا اود الاطمئنان عليها، فهل يمكنك أن تقوم بهذه المهمة؟

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—أمي، سوف أذهب إلى هذا العنوان واطمأن على تلك الفتاة ثم أعود إليكي.

نظرت الأم إلى ابنها وقالت:
—معتز، قبل أن تذهب إلى هناك عليك بشراء بعض الأغراض التي سوف اكتبها بهذه الورقة.

غادر معتز مكتب والدته، ثم استقل سيارته متوجهًا إلى منزل ريم وهيام دون أن يعرف أنه ذاهب إلى تلك الفتاة التي قامت بصفعه على وجهه.

وما إن غادر معتز مكتبها، جلست الأم على المقعد الخاص بها ثم تحدثت قائلة:
—كم أتمنى أن تسير الأمور كما أخطط لها!

(منزل ريم وهيام)

منذ أن عادت هيام من المشفى بعد أول جرعة كيماوي وهي ليست على ما يرام، لقد بدأت الأعراض الجانبية للكيماوي في الظهور.

كلما شاهدت ريم صديقتها تتألم كانت تشعر بالألم والحزن لأنها لا تستطيع ان تفعل لها شيء، وعندما قامت بسؤال الطبيب عن هذه الأعراض، علق قائلًا:
—هذه الأعراض شيء طبيعي يحدث عادةً بعد اخذ جرعة الكيماوي.

ريم علقت قائلة:
—سيدي، هل يمكننا أن نستبدل الكيماوي بدواء آخر؟

تحدث الطبيب قائلًا:
—الكيماوي يقضي على الخلايا السرطانية ويمنع انتشارها.

ظلت ريم تتفقد صديقتها النائمة من وقت إلى آخر، ثم جلست شاردة تفكر في كيفية الحصول على المال؛ لتوفير الكيماوي الذي لا يسبب هذه الأعراض المؤلمة، فقررت الخروج بمواصلة البحث عن عمل.

وما إن غادرت ريم المنزل للبحث عن فرصة عمل، وصل معتز إلى منزلها وبعد أن  تأكد من صحة العنوان وأنه هو المكان الذي يريده، قام بطرق باب المنزل، ولكن لم يجيب أحد فعلق قائلًا:
—يبدو أن البيت خالي؛ فلم يقوم أحد بالرد ولم أسمع صوت أو أشعر بحركة داخله.

أخرج معتز الهاتف من جيبه ليقوم بالاتصال على والدته وإخبارها أنه لا يوجد أحد بالمنزل، ولكنه شعر بحركة داخل البيت فأعاد طرق الباب مرة أخرى.

هيام سمعت طرق الباب فظلت تنادي على ريم ولكن دون جدوى فقامت من فراشها واتكأت على الحائط حتى وصلت إلى باب المنزل.

فتحت هيام الباب فوجدت معتز أمامها، لم يتعرف كلًا منهما على الآخر، وقف معتز مبتسمًا ثم تحدث قائلًا:
—هل أنتِ الآنسة هيام؟

أومأت هيام برأسها وعلقت قائلة:
—أجل سيدي أنا هيام هل يمكنني أن أعرف من تكون؟

تحدث معتز قائلًا:
—لقد جئت إليكِ من طرف السيدة مريم زاهر.

تعجبت هيام وعلقت قائلة:
—أعتذر إليك ولكن من تكون السيدة مريم زاهر؟!

تعجب معتز وعلق قائلًا:
—الا تعرفين السيدة مريم زاهر مديرة شركة الصياد؟!

ابتسمت هيام ابتسامة هادئة ثم قالت:
—أجل سيدي لقد تذكرت اعتذر إليك فأنا مريضة وكثيرًا ما اصاب بالنسيان تفضل سيدي.

دلف معتز إلى داخل البيت الصغير، نظر حوله ثم علق قائلًا:
—بيتك يبدو مريحًا! لقد شعرت بإرتياح نفسي عندما دلفت إلى داخله.

ابتسمت هيام وعلقت قائلة:
—سيدي، هذا من ذوقك ولكن ما الذي تود شرابه؟

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—اشكرك لا داعي لذلك سوف اغادر على الفور ولكن لقد قامت السيدة مريم زاهر بإرسال هذه الأشياء البسيطة لكِ.

تعجبت هيام وعلقت قائلة:
—سيدي، وما الداعي لكل هذه الأشياء الكثيرة؟ اعتذر إليك لا يمكنني قبول شيء كهذا فأنا لست بحاجة لشيء.

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—سيدتي، هذه هدايا أرسلت إليكِ ولا يمكنك رفضها.

شردت هيام وتذكرت حجم المصاريف التي ألقت على عاتق ريم، فحدثت نفسها قائلة:
—لم اطلب من أحد شيء، لقد قامت هذه السيدة العطوف بإرسال هذه الأشياء إلي دون أن أطلب منها شيء، علي أن أقبلها فربما تخفف الحمل على ريم قليلًا.

خرجت هيام من شرودها على صوت معتز يقول:
—أنسة هيام سوف تحاسبني السيدة مريم إن قمتي برفض هذه الأشياء، وتخبرني إنني فشلت في أول مهمة تطلبها مني.

ابتسمت هيام وعلقت قائلة:
—حسنًا سيدي، شكراً لك سوف أذهب وأعد لك فنجان من القهوة.

اتجهت هيام إلى المطبخ ولكنها شعرت بدوار شديد افقدها توازنها وقبل أن تسقط على الأرض أسرع نحوها معتز وقام بمساعدتها على الجلوس، ثم حدثها قائلًا:
—سيدتي، لا بد أن ترتاحي قليلًا.

تلألأت الدموع في عين هيام وتحدثت قائلة:
—اعتذر منك سيدي؛ فلم استطيع عمل شيء اضيفك به.

ابتسم معتز وربت على يدها وقال:
—لا عليكِ في المرة القادمة سوف تكونين بحالٍ أفضل،وحينها سوف أطلب منك إعداد فنجانًا من القهوة ولن اتنازل عنه.

ابتسمت هيام وحاولت القيام لتودع معتز ولكنه رفض وعلق قائلًا:
—لا تتحركي إنني أعرف الطريق.

غادر معتز المنزل واستقل سيارته وهو مذهول مما يراه يحدث نفسه ويقول:
—ما هذا المكان الغريب كيف يعيشون هؤلاء الناس في مكان كهذا؟!
ثم تذكر هيام وقال:
—مسكينة تلك الفتاة، كيف تمرض فتاة جميلة كهذه في مقتبل العمر بهذا المرض الخطير؟!

أخرج هاتفه وتحدث إلى والدته وقال:
—أمي، لقد تمت المهمة بنجاح.

ابتسمت الأم وعلقت قائلة:
—هل قابلت هيام؟

علق معتز قائلًا:
—أجل هذه الفتاة مريضة للغاية لقد تأثرت لما تعاني منه يا أمي ولا أعلم لماذا لم اخبرها إنني ابنك؟!

رفعت الأم حاجبيها وعلقت قائلة:
—لعله خير يا بني هل كانت بمفردها أم أن هناك من يعيش معها؟

معتز وقد وضع السماعة في أذنه ليركز في الطريق الذي أمامه علق قائلًا:
—امي، لقد كانت بمفردها ولا اعلم هل هناك من بعيش معها أم لا فهذا ليس من شأني.

ابتسمت الأم وعلقت قائلة:
—حسنًا يا بني لقد قمت بمهمتك بنجاح.

أنهى معتز المكالمة الهاتفية مع والدته، وظل يفكر في هيام ويتعجب مما أصابها ثم تحدث قائلًا:
—أشعر أن وجه هذه الفتاة مألوفًا بالنسبة إلي، ولا أعلم سبب هذه السعادة التي أشعر بها عندما قمت بإعطائها تلك الهدايا، لا بد أنها الآن قد عثرت على الظرف الذي وضعت فيه المال ووضعته داخل الحقيبة.

عادت ريم إلى المنزل وفوجئت بهيام تجلس على الأريكة في صالة البيت، ابتسمت وقالت:
—حبيبتي الجميلة قد استيقظت من نومها.

ثم دنت منها وقامت بتقبيل رأسها وقالت:
—ما تمرين به فترة وبعدها سيزول كل شيء، سيزول المرض وستزول معه كل ما تشعرين به من آلالام.

أومأت هيام برأسها وعلقت قائلة:
—بالطبع كل شيء سيزول.

ربتت ريم على كتف صديقتها وقالت:
—سوف أقوم بتحضير الغداء، لا بد أنكِ جائعة.

إلتفتت ريم وفوجئت بالعديد من الحقائب، نظرت إلى هيام وعلقت قائلة:
—هيام، كيف جاءت هذه الاشياء إلى هنا؟!

علقت هيام قائلة:
—لقد أرسلت إلي السيدة مريم زاهر هذه الأشياء.

تعجبت ريم وعلقت قائلة:
—ومن تكون السيدة مريم زاهر هذه؟!

ابتسمت هيام وعلقت قائلة:
—امرأة تعرفت عليها منذ فترة وقمت بإعطائها العنوان الخاص بي، فأرسلت إلي اليوم هذه الأشياء كهدية.

أومأت ريم برأسها وقامت بتفريغ الحقائب فوجدت العديد من الأشياء، فلفت نظرها ظرفًا امسكت به وقامت بفتحه لتجده مبلغًا من المال، نظرت إلى هيام وعلقت قائلة:
—هيام، ما هذا؟!

تعجبت هيام وعلقت قائلة:
—لم أكن أعلم أنه ترك شيئًا كهذا.

ريم وقد بدى عليها الذهول تحدثت قائلة:
—ما الذي تعنيه ب"ترك "؟!

علقت هيام وقالت:
—السيدة مريم قامت بإرسال شخص يعمل لديها بهذه الأشياء.

امسكت ريم بالظرف وقامت بإعطائه لهيام فأبت هيام أن تأخذه وقالت:
—ريم، احتفظي بذلك المال فأنتِ التي تنفقين على علاجي، وهذا المال سيساعد في الجلسات القادمة.

ابتسمت ريم وعلقت قائلة:
—بهذا المال نستطيع دفع تكاليف الجلسة القادمة من الكيماوي الذي ليس له أعراض جانبية قوية.

علقت هيام قائلة:
—لا داعي لأن ننفق ما لدينا من مال على جلسة واحدة، فلتحتفظي بالمال وسأحتمل الاعراض التي تعقب جلسة الكيماوي.

ابتسمت ريم وقبلت رأس هيام ثم علقت قائلة:
—لن أدعك تتألمين سوف أقوم بدفع تكاليف الجرعة وبعدها سوف نفكر في الجلسة القادمة أهم شيء لدي هو عدم شعور بذلك الألم.

وفي اليوم المحدد لجرعة الكيماوي كانت هيام خائفة للغاية وظلت تلح على ريم أن وتقول:
—ريم، لا داعي لأخذ هذه الجرعة، هيا بنا نعود للمنزل.

ضمت ريم صديقتها إلى صدرها وقالت:
—هذه الجرعة ليست كالجرعة الماضية؛ لقد اخبرني الطبيب أنك لن تشعرين بما شعرتي به في الجرعة السابقة.

وامام اصرار ريم قامت هيام بأخذ الجرعة، وبالفعل لم تشعر بما شعرت به في المرة السابقة من ألم ودوار شديد.


معتز تراوضه الأحلام فيشاهد ريم وقد صوبت سهم إلى قلبه فأصابته، استيقظ معتز مفزوعًا يتحسس موضع قلبه ويشعر بألم في قلبه نظر حوله فاكتشف أن ما رأه ما هو سوى حلم.

نهض من فراشه، واتجه صوب الشرفة ليستنشق الهواء وعقله لا يكف عن التفكير فيما رآه، تارة يتعجب من تلك الفتاة التي تظهر له بين الحين والآخر وفي كل مرة يراها تقود الموقف، وأخرى يبتسم ويتحسس موضع الصفعة التي وجهتها له.

ظل معتز شاردًا يفكر في تلك الفتاة التي لا يستطيع تذكر أسمها، ولكن مواقفها ووجهها محفورًا بداخله.


بدأ القلق يتسلل إلى معتز بعد شعور الاعجاب الذي بدأ يتسلل داخل قلبه فحدث نفسه معاتبًا وقال:
—ما الذي يحدث داخل قلبي؟! هذه الفتاة لا بد أن تعاقب وتنال جزائها لما فعلته معي، لا يمكنني السماح لذلك الشعور أن يجعلني أنسى ما فعلته، سوف أجعلها عبرة لغيرها ممن تسول لهم أنفسهم تحدي معتز الصياد، ولكن في البداية لا بد أن أستعيد الداعم الأول لها.


قرر معتز أن يقوم بالاتصال على صديقه أدهم وحدثه قائلًا:
—أدهم، لا بد أن نتقابل ونتحدث فهناك أمر هام أود التحدث فيه معك.

وافق أدهم على مقابلة معتز والتحدث معه فحدثه قائلًا:
—حسنًا يمكنك أن تأتي إلى منزلي فأنا أنتظرك.

وسرعان ما ارتدى معتز ملابسه واستقل سيارته متوجهًا إلى منزل أدهم.

السيدة مريم زاهر تجلس بجوار حماها وحيد الصياد وتقوم بإطعامه بيدها وبعد أن أنهى طعامه تحدث قائلًا:
—ابنتي، لقد أصبحت بخير وأستطيع الأعتماد على نفسي، فلا داعي لكل هذا الجهد الذي تبذليه معي.

ابتسمت مريم وقالت:
—أبي، أنت لا تعلم مكانتك في قلوبنا، كادت قلوبنا أن تتوقف من الخوف عليك، وأنا أفعل ذلك رغبة مني وسعادة لعودتك إلينا معافيًا.

ابتسم وحيد الصياد وعلق قائلًا:
—أعلم أنكِ وحبيبتي سهيلة قد شعرتم بالحزن لمرضي ولكن هناك من لم يكلف نفسه في المجيء إلى هنا والاطمئنان علي.

شعرت السيدة مريم بالأسف وعلقت قائلة:
—لا تغضب منه فهو لا يعلم أنك تماثلت للشفاء.

نظر السيد وحيد وقد بدى عليه التعجب وعلق قائلًا:
—مريم، هل تعتقدي أن هذا مبرر لعدم مجيئه إلى هنا طوال الفترة الماضية للإطمئنان على حالتي الصحية ومتابعتها؟!

السيدة مريم بكل خجل علقت قائلة:
—أعدك أنه سوف يتغير ويصبح كما كنت تتمنى دائماً.

ضحك السيد وحيد ساخرًا وقال:
—معتز يتغير هل أنتِ واثقة مما تقولين أم إنها مجرد أمنية تجول بخاطرك؟!

علقت السيدة مريم وقالت:
—لدي خطة بدأت العمل عليها ستغير حياته، وأتمنى أن يكتب الله لها التوفيق.

تعجب الجد وعلق قائلًا:
—اتمنى ذلك مريم أنتِ لا تعلمين مدى حزني لسلوكه واخلاقه، كنت أتمنى أن يكون حفيدي رجلًا يعتمد عليه، يعمل على الحفاظ على الشركة وتنميتها وليس هدمها والعبث بأصولها الثابتة.

تعجبت السيدة مريم وعلقت قائلة:
—أبي، لا أفهم ما الذي تقصده بالأصول الثابتة.

السيد وحيد الصياد بوجه حزين يملؤه الآسى علق قائلًا:
—معتز، كان يتلاعب في الحسابات ويقوم ببيع بعض الأصول الثابتة للشركة لصالحه، لقد قامت ريم البارودي باكتشاف ما قام به من تلاعب، والحمد لله استطعت التدخل وإصلاح الأمر قبل أن تنهار الشركة.

شعرت الأم بالغضب لما فعله ابنها وعلقت قائلة:
—اقسم لك سوف يصبح كل شيء على ما يرام.

وصل معتز إلى منزل أدهم الذي استقبله بفتور لم يعهده من قبل، نظر معتز إلى صديقه وقال:
—أدهم، أعتذر إليك على كل شيء.

تعجب أدهم وعلق قائلًا:
—هل ما تسمعه أذني شيئًا حقيقيًا أم أنه مجرد تخيل؟!

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—لقد افتقدتك كثيرًا، إفتقدت إلى الأخ والصديق الذي لم أعرف قيمته سوى الفترة الماضية.

نظر أدهم إليه وحدثه قائلًا:
–معتز، حتى أقبل اعتذارك لا بد أن تعترف بكل ما ارتكبته من أخطاء في حق الجميع.

معتز وقد بدى عليه الضيق تحدث قائلًا:
—أدهم، لقد جئت إلى هنا؛ لرغبة قوية داخلي لاستعادة صديقي الذي أحبه وافتقده، ولم أتي لتقديم كشف حساب أو الأعتراف بأخطاء لم ارتكبها.

أخذ أدهم نفسًا عميقًا ثم قال:
—حسنًا معتز لقد جئت إلى هنا للحفاظ على صداقتك معي، وهذا أقدره لك لنبدأ من جديد صفحة جديدة.

ابتسم معتز وعانق صديقه ثم تحدث قائلًا:
—حمدًا لله على سلامتك أيها الصديق العزيز.

ابتسم أدهم وحدث نفسه قائلًا:
—لا بد أن أكون بجوارك حتى أحافظ عليك من نفسك ومن غرورك.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي