الفصل العاشر جنون مفاجيء

اقتربت جلسة الكيماوي الخاصة بهيام، شعرت ريم بالحزن الشديد؛ لعدم استطاعتها توفير المال اللازم للحصول على جرعة الكيماوي  التي لا تسبب تلك الأعراض الجانبية القاسية، لم يكن أمامها سوى الموافقة على أن تأخذ هيام جرعة الكيماوي في موعدها.

وبعد انتهاء جلسة الكيماوي انتابت هيام حالة من الدوار والقيء إلى جانب ضعف في الرؤية، كانت ريم تتألم كثيرًا على ما تعانيه صديقتها من ألالام، فقررت الخروج مرة أخرى للبحث عن عمل؛ لعلها تستطيع توفير المال اللازم للجرعة القادمة ولكن بلا ألم.

استطاعت ريم العثور على عمل في أحد المتاجر القريبة من المنزل، وكانت في وقت الراحة تسرع إلى البيت للإطمئنان على صديقتها وإطعامها.

وفي يوم عطلتها كانت تقوم بالأعتناء بالمنزل، وإذا بأحد يطرق باب المنزل، أسرعت هيام وقامت بفتح الباب فإذا بمعتز الصياد يقف أمامها.

ابتسمت هيام وعلقت قائلة:
—مرحبًا بك سيدي كيف حالك؟

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—بخير ولكنني هنا لأطمئن عليكِ، هل قمتي بأخذ جلسة العلاج الخاصة بكِ؟

ابتسمت هيام ابتسامة مليئة بالحزن وقالت:
—أجل ولكنها كانت أشبه بجلسة الموت، لم أشعر بألم من قبل كما شعرت أثناء تلك الجلسة.

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—في المرة القادمة سوف أحضر معك فأنا على حد علمي أن هناك نوع من العلاج الذي لا يسبب ألم او أعراض جانبية قاسية.

هيام وقد بدى عليها الحزن علقت قائلة:
—ولكنه غالي الثمن إن استطعت توفير جلسة فلن أستطيع توفير الأخرى.

سمعت ريم صوت هيام تتحدث فخرجت من الغرفة فإذا بها ترى معتز، أسرعت نحوه وقالت:

—ماذا تريد وما الذي جاء بك إلى هنا؟!

تعجب معتز وعلق قائلًا:
—ما الذي جاء بكِ أنتِ إلى هنا؟!

ابتسمت ريم بسخرية وعلقت قائلة:
— هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها الغرباء يسألون أصحاب المنزل عن سبب وجودهم في منزلهم.

نظر معتز إلى ريم في ذهول وعلق قائلًا:
—هل هذا منزلك؟!

ابتسمت ريم وعلقت قائلة:
—أجل هذا منزلي أيها الحقير.

نظر معتز بغضب وعلق قائل
—إنني هنا من أجل هيام.

تعجبت ريم وعلقت قائلة:
—ما الذي تريده من هيام أيها الحقير؟!

تحدثت هيام وقالت:
—أجل هو هنا من أجلي؛ فقد جاء ليطمئن علي.

نظرت ريم إلى هيام وقد بدى عليها الذهول وعلقت قائلة:
—هيام هل أصابك الجنون؟! ألا تعلمين من هذا الرجل؟!

ابتسمت هيام وعلقت قائلة:
—بلى أعلم! إنه الرجل الشهم الذي أرسلته إلي السيدة مريم زاهر للأطمئنان علي.

شعرت ريم بصدمة من رد فعل هيام تجاه ذلك الشخص، فعلقت قائلة:
—أنت، ما الذي جاء بك إلى هنا؟!
.
ابتسم معتز ابتسامة يملؤها المكر والدهاء، ثم نظر إلى هيام وقال:
—هيام، لقد جئت لأطمئن عليكِ وأحضرت لكِ هذه الأشياء.

قامت ريم بدفع معتز إلى خارج المنزل وامسكت بأشيائه والقت بها في وجهه وهى تقول:
—لا أريد أن أرى وجهك هنا مر ثانية.

ثم قامت ريم بإغلاق باب المنزل، نظرت هيام بذهول وعلقت قائلة:
—ريم هل أصابك الجنون؟! ما الذي فعلتيه؟!

أمسكت ريم بذراع هيام وقالت:
—انا التي أصابني الجنون؟! ترحبين بالشخص الندل الذي صدمك بسيارته ورفض نقلك إلى المشفى؟!

نظرت هيام إلى ريم وقد بدى عليها الصدمة وعلقت قائلة:
—ريم، هل أنتِ واثقة مما تقولينه؟!

أيقنت ريم أن صديقتها لم تكن على علم بحقيقة معتز فحاولت السيطرة على غضبها وقالت:
—أجل، هذا هو معتز مروان وحيد الصياد، حفيد وحيد الصياد رجل الأعمال، لا أريده أن يقوم بخداعك بما يحضره إليكِ من أشياء.

معتز وقد اشتعل بداخله الغضب، استقل سيارته مسرعًا وكل ما يفكر فيه هو الانتقام من ريم، وفجأة جاء إليه اتصالًا من والدته تخبره فيه أن يحضر إلى المنزل فورًا.

ذهب معتز إلى المنزل وأسرع إلى والدته وقال:
—أمي، هل أنتِ بخير؟

نظرت إليه والدته وقالت:
—هل من الطبيعي أن سأل عن الشخص السليم وتتجاهل من هو أحق مني بالسؤال؟!

قام معتز بأخذ نفسًا عميقًا ثم تحدث قائلًا:
—أمي، طلبتي مني الحضور على الفور وها قد جئت إليكِ، فهل يمكنك إخباري ما الذي تريدينه؟!

الأم بحزم علقت قائلة:
—لقد قاربت المهلة التي قام جدك بإعطائها لك على اللأنتهاء، أريد أن أعرف ما الذي فعلته؟

تعجب معتز وعلق قائلًا:
—أمي، ألهذا الأمر أردتي حضوري إلى هنا؟! ولكنني سأجيبك، لم اجد تلك الفتاة التي تستحق أن تكون زوجة معتز الصياد.

تحدثت الأم قائلة:
—الفتاة التي تستحق أن تكون زوجتك، لا بد أن التعبير قد خانك فالأصح أن تقول الفتاة التي دعت عليها والدتها.

نظر معتز إلى والدته وقد علت الأبتسامة على وجهه وعلق قائلًا:
—حسنًا، سوف أبحث عن هذه الفتاة وسأحضرها إليكِ.

ابتسمت الأم وعلقت قائلة:
—تذكر، لم يعد أمامك سوى أسبوعًا واحدًا وتنتهي المهلة.

دلف معتز إلى غرفته وجلس يفكر في تلك الفتاة التي يجدها أمامه حيثما يتوجه، تذكر حديث هيام عن عدم استطاعتها توفير المال اللازم لعلاجها، ابتسم ثم تحدث قائلًا:
—لقد وجدت الطريقة التي تجعلني أكسر كبرياء تلك الفتاة وتكون الطريقة المثلى للإنتقام منها.

وفي اليوم التالي توجهت ريم إلى عملها بأحد المتاجر ولكنها فوجئت بمدير المتجر يخبرها قائلًا:
—ريم، أعتذر إليك فلم نعد بحاجة إليكِ في المتجر.

تعجبت ريم وعلقت قائلة:
—سيدي، ولكنك بالأمس كنت تثني علي وقمت بصرف علاوة استثنائية لي، فما الذي حدث جعلك تغير رأيك؟!

نظر إليها مدير المتجر ثم تحدث قائلًا:
—لم تعد حركة البيع كما هي لذلك قررت خفض عدد العمالة.

تعجبت ريم وعلقت قائلة:
—حسنًا سيدي شكرًا لك.

غادرت ريم العمل وهى تتسائل وتقول:
—ما الذي حدث؟! لقد كان المدير سعيدًا بعملي معه فالمتجر يحتاج إلى العديد من. الموظفين، فهو دائمًا ممتلىء بالعملاء، أشعر كأن هناك أمرًا قام المدير بإخفائه عني، ولكن ليس أمامي سوى البحث عن فرصة عمل أخرى.

خرجت ريم للبحث عن عمل وفي كل مرة تحصل على فرصة وتذهب لإستلام العمل تتفاجيء بتغير الأمر وتنسحب الوعود بالعمل مرة أخرى.

أصبحت ريم في حيرة من أمرها، فحدثت نفسها قائلة:
—أشعر كأن الحياة تعاندني، لا أعلم ماذا أفعل؟ كيف أستطيع تدبير المبلغ اللازم لجلسة الكيماوي الخاصة بهيام؟! لقد وعدتها في المرة السابقة أنني سوف أقوم بتوفير المال اللازم حتى لا تضطر لأخذ تلك الجرعة المؤلمة من الكيماوي المدعوم.

لم تجد ريم أمامها من سبيل سوى العودة إلى منزلها، ولكن كان هناك شيئًا سيئًا ينتظرها؛ لقد  بدأ شعر هيام في التساقط بكثرة، وبدأ ظهور أماكن خالية من بصيلات الشعر في رأس هيام.

عندما دلفت إلى داخل المنزل رأت على وجه هيام أثر  البكاء واضحًا فشعرت ريم بالأسف والحزن ولكنها تماسكت وقامت بحيلة ربما تكون مكشوفة ولكنها أرأدت أن تخفف من وتيرة الحزن الذي تعاني منه صديقتها.

دلفت إلى غرفتها وأسرعت بقص خصلة من شعرها ثم أسرعت إلى هيام وقالت:
—هيام، يبدو أن الشامبو الذي نستعمله رديء للغاية فقد تسبب في تساقط شعري، لا بد. أن أغيره بآخر أفضل منه.

ابتسمت هيام وعلقت قائلة:
—حسنًا يا حبيبتي لا تقومي بشرائه مرة أخرى.

ثم حدثت نفسها قائلة:
-ما أرق قلبك وأحنه علي!، إضطررت لقص شعرك حتى لا أحزن على فقدان شعري.

فكرت هيام وقررت الذهاب لوالدتها لعلها تجد داخل قلبها بعض الرحمة والتعاطف معها فتقدم لها شيء من العون.

وبالفعل أثناء خروج ريم للبحث عن فرصة عمل، خرجت هيام قاصدة منزل واتها ولكنها فوجئت بشيء لم يكن في الحسبان، لقد اخبروها الجيران أن والدتها توفيت منذ أسبوعين بأزمة قلبية، وأنها قامت قبل وفاتها بالتنازل لزوجها عن كل ما تملكه.

شعرت هيام بالحزن الشديد وعلقت قائلة:
—ما أقصى صفعات الحياة وما أقساها!

عادت هيام إلى المنزل لتنفرد بهمومها ومرضها  وتتجرع كؤوس الألم والعذاب.

لقد حان الموعد المحدد لجرعة الكيماوي ولم تستطيع ريم توفير المال اللازم فعادت إلى البيت لا تستطيع الوقوف على قدميها من البحث عمل طوال اليوم.

نظرت هيام إلى صديقتها وشعرت بالتعب والأجهاد الذي تعاني منه لتستطيع توفير المال اللازم للعلاج، دنت منها وحدثتها قائلة:
—ريم، أراكي متعبة للغاية وعندما أكون أنا السبب وراء ذلك فلن أسامح نفسي، أعلم أنكِ تركتي العمل بالشركة والآن تبحثين عن عمل فما رأيك أن أشاركك الكفاح كما كان الأتفاق الذي عقدناه من قبل؟

ابتسمت ريم وعلقت قائلة:
—بالطبع، سوف نتشارك الكفاح لتحقيق أحلامنا ولكن بعد أن تنتصري على ذلك المرض، لا اريد منكِ الآن سوى أن تهتمي بمواعيد الدواء وتهتمين بطعامك؛ حتى تتعافين بشكل سريع.

أومأت هيام برأسها وتحدثت قائلة:
—حسنًا، سوف أذهب غدًا لأخذ جرعة الكيماوي في موعدها.

شعرت ريم بالحيرة فلا تعلم من أين تجلب المال اللازم لجلسة الغد فعلقت قائلة:
—هل يمكننا أن نقوم بتأجيلها يوم أوأثنان؟

ابتسمت هيام وعلقت قائلة:
—ألم تخبريني للتوه أن أحافظ على موعد العلاج، ريم،لا تقلقي في المرة الماضية أخبرني الطبيب أن العلاج في الفترة القادمة لن يسبب أية آلام.
تعجبت ريم وعلقت قائلة:
—هيام هل حقًا ما تقولينه؟!

ابتسمت هيام وقالت:
—أجل حبيبتي لقد أخبرني بذلك؛ لذلك فلا داعي للتأجيل أريد أن أنتهي من ذلك المرض بأسرع وقت ممكن.

ابتسمت ريم وعلقت قائلة:
—حسنًا يا حبيبتي سوف أصطحب لتقومين بأخذ جرعتك.

وفي اليوم التالي قامت هيام بأخذ الجرعة المعتادة وشعرت بمزيد من الألام ولكنها حاولت قدر المستطاع إخفاء ما تشعر به أمام صديقتها ريم، وبعد أن عادت إلى المنزل تحدثت إلى ريم وقالت:
—ريم أريد أن أشرب كوبًا من العصير.

وعلى الفور خرجت ريم لشراء الفاكهة لتقوم بعمل عصير طازج لصديقتها، وأثناء خروجها من المنزل وجدت معتز في انتظارها، تعجبت وقالت:
—ماذا تفعل هنا؟!

علق معتز قائلًا:
—كنت أنتظرك اود التحدث إليكِ في أمرٍ هام ولن أطيل عليكِ.

أومأت ريم برأسها وقالت:
—حسنًا، فلتتحدث بما تريد أن تخبرني به.

علق معتز قائلًا:
—ليس هذا بالمكان المناسب للحديث، هل يمكننا أن نذهب لأي مكان نستطيع التحدث فيه بحرية؟

تعجبت هيام وعلقت قائلة:
—إنني ذاهبة لشراء بعض الفاكهة، سوف أسمح لك في خلال عشرة دقائق أن تخبرني بما تريده وإلا سوف أتركك وأغادر.

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—حسنًا، موافق وكما اخبرتك لن أطيل عليكِ، فهل يمكنني أن أقوم بإيصالك إلى حيث تريدين؟

نظرت ريم إليه نظرة حادة قاضبة حاجبيها وقالت:
—من تكون بالنسبة لي حتى أستقل معك السيارة؟! سوف نرتجل ولتتحدث فيما تريد.

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
بإختصار شديد أريد أن أتزوج منكِ.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي