الفصل السادس المواجهة

شعرت ريم كأن ماء ساخن قد تم سكبه فوق رأسها، نظرت إلى هيام وقالت:
—هيام ما الذي تعرفينه؟!

انهمرت الدموع من مقلتيها وعلقت قائلة:
—أعرف الشيء الذي تخفينه عني، لقد سمعت الممرضة  تتحدث مع صديقتها عن المرض الخطير الذي أعاني منه.

أسرعت ريم بضم هيام إلى صدرها ودموعها تنهمر فوق وجنتيها وحدثتها قائلة:
—حبيبتي، لا تيأسي من رحمة الله فالأمل موجود, وما دمنا نحيا فلا بد ان نتمسك بالحياة.

هيام بصوت أجش يملؤه الحزن والآسى تقول:
—هل تريدين مني أن أتمسك في الحياة التي لم أرى فيها سوى الحزن والألم والمرض؟!

ربتت ريم على كتف هيام وحدثتها قائلة:
—لا بد أن يكون لديكِ الأمل والرغبة في الشفاء؛ حتى يتم الشفاء.

ابتسمت هيام ابتسامة ساخرة ثم علقت قائلة:
—ريم، أي أمل وأية رغبة في الشفاء هذه التي تتحدثين عنها، أعرف أنه لن يكون هناك شفاء.

—قد توفى والدي بعد صراع طويل مع ذلك المرض اللعين، كنت أشاهده وهو يتألم ويعاني ويلات ذلك المرض ولم يكن في استطاعتي فعل أي شيء من أجله سوى البكاء.

شعرت ريم بمدى الحزن والآسى الذي تعلني منه صديقتها وعادت إلى ذاكرتها تلك الكلمات التي أخبرتها بها العرافة، دنت من هيام وقالت:
—حبيبتي، لقد قررنا أن نتحرر من كل ما يسبب لنا الآلام والأوجاع، فلتساعديني حتى نتحرر من هذا المرض وننتصر عليه.

أومأت هيام وعلقت قائلة:
—ريم، كاد الخوف أن يقتلني؛ فقد كان أبي يموت في الدقيقة الواحدة عدة مرات من الآلآم المبرحة.

انتاب ريم حالة من الشرود قليلًا ثم تحدثت قائلة:
—سوف أبحث عن الأدوية التي تخفف من آلالام التي ربما تخفف من آلالام التي قد تنتج أثناء العلاج سوف اذهب للطبيب وأخبره بذلك، لكن لا بد أن نذهب للمشفى المختص؛ فكلما ذهبنا مبكرًا كان ذلك أفضل.

هيام علقت قائلة:
—ولكن لن نستطيع تحمل تكاليف العلاج الباهظة.

ربتت ريم على كتفها وعلقت قائلة:
—لا تقلقي سوف أبذل ما في وسعي لاوفر لكل كل ما تحتاجين إليه، ألا تعلمين أن صديقتك أصبحت موظفة كبيرة الآن ولديها مرتب كبير.

هيام بصوت حزين علقت قائلة:
—وما الذنب الذي اقترفتيه لتتحملي كل ذلك؟!

ريم عانقت صديقتها وقالت:
—لا بد أن علمي أنكِ أنتِ صديقتي وحبيبتي، وما أفعله ليس لذنب اقترفته بل هو لمعزة وحبي تجاهك واصرار على مساعدتك حتى تجتازين هذه المرحلة الحرجة، والآن هيا لتنالين قسطًا من الراحة فلدينا أشياء عديد سوف نفعلها غدًا.

ابتسمت هيام وافترشت فراشها، فقامت ريم بتقبيل جبينها ثم قالت:
—تصبحين على خير.

هيام وقد بدى عليها الأمتنان علقت قائلة:
—تصبحين على خير، ريم شكرًا لكِ.

قامت ريم بوضع يدها على رأسها برفق وحنان ثم قالت:
—وأنا أيضًا أشكرك على وجودك في حياتي.

وبعد أن اطمأنت ريم لنوم هيام، خرجت من الغرفة وجلست على الأريكة تفكر فيما يمكنها عمله من أجل صديقتها، فغلبها النوم.

وبعد عدة ساعات استيقظت هيام وخرجت من غرفتها تبحث عن ريم لتجدها نائمة على الأريكة، أسرعت مرة أخرى إلى الغرفة وقامت بإحضار غطاء ووضعته على ريم.

وقفت هيام تنظر إلى صديقتها وحدثت نفسها قائلة:
—لا يمكنني أن أحملك فوق طاقتك، لقد تعاهدنا على استكمال مسيرة الكفاح معًا حتى نحقق ما نتمناه، ولكن الآن لن أقبل لأكون العائق في مسيرتك.

وبعد فترة وجيزة استيقظت ريم لتجد الغطاء عليها، علمت أن هيام هي التي فعلت ذلك، نهضت والابتسامة تعلو وجهها ثم اتجهت صوب هيام لتجدها قد اعدت لها الإفطار فتحدثت إليها وقالت:
—لماذا قمتِ بتحضير الإفطار وأنت لم تتعافي بعد؟!

علقت هيام وقالت:
—لا تقلقي بشأني فأنا بخير، ولم أفعل شيء يسبب لي التعب.

قامت ريم بلف ذراعها حول رقبة هيام برفق وحنان ثم قبلتها وقالت:
—كم احبك أيتها الأخت الرائعة! سوف نتناول إفطارنا ونذهب إلى المشفى التي ستتابعين العلاج بها.

هيام وقد عزمت على عدم الذهاب إلى المشفى علقت قائلة:
—ريم، لنؤجل الذهاب إلى المشفى الآن حتى يتم شفاء بما بي من جروح وكدمات.

شعرت ريم أن هيام لديها الحق فيما تقول فعلقت قائلة:
—حسنًا يا حبيبتي لنؤجل ذلك عدة أيام حتى تتعافين بشكل كامل.

هيام علقت قائلة:
— ما دمت لن أذهب إلى المشفى اليوم فعليكِ الذهاب إلى العمل.

ابتسمت ريم وعلقت قائلة:
—حسنًا سأذهب إلى الشركة لأسلم التقرير الذي قمت بإعداده للمدير العام ثم أعود لأطمأن عليكِ.

ابتسمت هيام وقالت:
—حسنًا وانا سوف أنتظر عودتك إلى المنزل لتقصي لي ما الذي فعلتيه.

غادرت ريم المنزل، أستوقفت سيارة أجرة  استقلتها إلى شركة الصياد.

وحيد الصياد يتناول إفطاره استعدادًا للذهاب إلى العمل فشعر ببعض التعب.

نظر مدير المنزل سعيد إليه وشعر أن السيد وحيد الصياد يعاني من شيء ما فحدثه قائلًا:
—سيدي، هل أنت بخير؟! يبدو عليك التعب.

اومأ السيد وحيد الصياد برأسه وعلق قائلًا:
—أجل سعيد إنني أشعر ببعض الإجهاد والتعب، ييدو أن ضغط الدم  مرتفع.

وسرعان ما توجه سعيد إلى غرفة السيد وحيد الصياد وقام بإحضار جهاز قياس ضغط الدم وحبوب الضغط.

وضع الجهاز على يد السيد وحيد وقام بقياس ضغط الدم لديه فوجده مرتفعًا، فقام بإعطاؤه الدواء.

تناول السيد وحيد الصياد الدواء ثم نظر إلى سعيد وقال:
—سعيد، منذ ان جئت إلى هذا المنزل وأنت تهتم لشأني أكثر من أي  شخص آخر، ليت حفيدي يهتم لشأني كما تهتم أنت بي.

ابتسم سعيد وعلق قائلًا:
—سيدي، كيف لا أهتم لشأنك وأنت تحسن إلي؟ فمنذ أن جئت إلى هنا وأنت تعاملني بلطف كأنني فرد من العائلة.

حضر معتز من غرفته فوجد جهاز الضغط أمام جده فعلق قائلًا:
—جدي، هل أنت متعب؟

شعر الجد أن معتز بدأ يهتم به يسأل عن صحته فعلق قائلًا:
—أجل فضغط الدم لدي مرتفع.

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—حسنًا لا تذهب إلى الشركة اليوم وسوف أنوب عنك.

نظر الجد إلى حفيده وعلق قائلًا:
—هل هذا كل شيء؟!

تعجب معتز وعلق قائلًا:
—وما الذي تريده يا جدي؟!

علق الجد قائلًا:
—لا أريد شيء إذهب إلى الشركة وتابع سير العمل بها، ولا تنسى فوالدتك وأختك سهيلة سوف يصلان اليوم بعد أدائهم لفريضة الحج.

غادر معتز المنزل بينما جلس الجد وقد بدى عليه الحزن، نظر إليه سعيد وحدثه قائلًا:
—سيدي، يبدو عليك الحزن فهل لخادمك سعيد أن يعرف السبب  وراء ذلك الحزن؟!

اخذ السيد وحيد الصياد نفسًا عميقًا ثم علق قائلًا:
—أكثر ما يحزنني هو معتز فمنذ وفاة والده وأنا اتمنى أن يأتي اليوم الذي يتسلم فيه معتز كل شيء ويكون أهلًا لذلك وجديرًا بثقتي، لكنني إلى الآن لا أستطيع أن أثق فيه أو أستأمنه على شيء، وإن فعلت ذلك فسوف أخسر كل شيء.

اراد سعيد أن يخفف عن السيد وحيد الصياد فعلق قائلًا:
—سيدي، السيد معتز يحبك كثيرًا ويهتم لأمرك؛ فقد ذهب إلى الشركة بدلًا منك حتى لا يؤثر ذلك على صحتك،، وما إن تعطيه الثقة والقدرة على اتخاذ القرار، سيعمل حينها على إثبات جدارته.

ابتسم السيد وحيد الصياد وعلق قائلًا:
—سعيد، هل أنت مقتنع بما تقوله؟!
معتز لم يعبأ لأمري فقد انتهز فرصة مرضي لينفرد بإدارة الشركة، ولن أنولها له حتى يكون جديرًا بها.

وصل معتز الصياد لمقر الشركة وما إن نزل من سيارته حتى قذف بالمفاتيح الخاصة بها إلى الحارس ودلف إلى الشركة في كبر وخيلاء.

دلف إلى مكتب المدير العام وجلس على المكتب  قال:
- قد عاد إلي مكتبي، لن أسمح لأحد أن ينزع مني إدارة هذه الشركة.

امسك معتز بهاتفه وقام بالاتصال على أدهم ثم تحدث إليه قائلًا:
—أدهم اود التحدث إليك، تعالى إلى مكتبي.

وصلت ريم إلى الشركة واتجهت إلى مكتبها، قامت بإعداد الملف وارفقت معه التقرير الذي قامت بإعداده؛ حتى تذهب إلى المدير العام وتقدمه إليه.

اتجهت ريم إلى مكتب المدير العام وطلبت الإذن بالدخول، قامت مديرة مكتب المدير العام بالسماح لها بالدخول بعد أن اخبرت معتز الصياد بذلك.

في نفس التوقيت أدهم في طريقه لمقابلة معتز بناءً على طلبه.

دلفت ريم إلى داخل مكتب المدير العام، فوجدته وقد إلتفت بالمقعد إلى الجدران وظهره لها فلم تتمكن من رؤية وجهه.

تعجبت ريم فلم تعتاد على أن يقابلها السيد وحيد الصياد بهذا الشكل، فتحدثت قائلة:
—سيدي، لقد قمت بإعداد التقرير الذي طلبته مني.

وفجأة إلتفت معتز وفوجيء كل منهما بالآخر.

ريم وقد بدى عليها الذهول تحدثت قائلة:
—أنت؟!

معتز الصياد بلهجة حادة تحدث قائلًا:
—كيف استطعتي الدخول إلى مكتبي؟! ومن الذي سمح لكي بالدخول؟!

ثم قام باستدعاء مديرة مكتبه وحدثها قائلًا:
—كيف دلفت هذه الفتاة إلى هنا؟!

ريم بغضب تحدثت قائلة:
—تحدث بأدب أيها الحقير.

وضعت مديرة المكتب يدها على فمها وتعجبت من جراءة هذه الفتاة، فاشتعل غضب معتز وتحدث قائلًا:
—اخرجي من مكتبي قبل أن أقوم باستدعاء الأمن.

اسرعت مديرة المكتب وقالت:
-سيدي، هذه الموظفة التي قام السيد وحيد الصياد بتعينها.

معتز الصياد علق قائلًا:
—السيد وحيد الصياد قام بتعينها وأنا اقوم برفضها.

ريم بغضب نظرت إلى روڤان مديرة المكتب وقالت:
—روڤان، هل يمكنك إخباري من يكون هذا الشخص؟!

روڤان علقت قائلة:
—ريم، هذا السيد معتز الصياد حفيد السيد وحيد الصياد، ونائبه.

ودون أن تنظر ريم إلى معتز او تبدي له أي اهتمامًا، تحدثت إلى روڤان وقالت:
—روڤان، ابلغي السيد وحيد الصياد إنني جئت لمقابلته فلم اجده سوف أمر عليه في وقتٍ آخر.

شعر معتز بالغضب فتحدث قائلًا:
—روڤان، قومي بإعطاء أوامر إلى الأمن بعدم السماح لهذه الفتاة بالدخول إلى الشركة وإلا فسوف أقوم برفضهم جميعًا.

نظرت ريم إليه وحدثته قائلة:
—من تكون أنت؟! فأنا لا أرى أمامي سوى شخصٍ تافه ليس لديه مباديء ولا قيم ولا حتى اخلاق.

شعر معتز بالذهول أمام هذه الفتاة وجرائتها، فصاح بصوتٍ عاليٍ:
—اغربي عن وجهي.

وهنا دلف السيد وحيد الصياد ومعه أدهم إلى داخل المكتب.

نظر السيد وحيد الصياد إلى معتز وقال:
—لست هنا لترفض أو تقوم بتعين أحد هذه الشركة ملكًا لي ولم يعد لديك صلاحيات بذلك.

شعر معتز بالصدمة لما فعله جده فعلق قائلًا:
—جدي، لا يمكنك التحدث هكذا أمام الموظفين.

علق الجد قائلًا:
-هيا اغرب عن وجهي الآن قبل أن اصدر أوامري بعدم دخولك الشركة مرة أخرى.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي