الفصل الثاني والعشرون الطريق إلى النهاية

وقفت ريم بعد أن شاهدت التسجيلات الخاصة بكاميرات المراقبة، وقد بدى عليها الذهول، ونظرت إلى سهيلة التي بدى عليها القلق هي الأخرى، ثم قالت:
—سهيلة أريد أن أغادر.

أومأت سهيلة برأسها، وعلقت:
—حسنًا، سيدي المحقق سوف نغادر الآن ولكنني سوف أقوم بالاتصال بك إن توصلت لشيء.

شعر المحقق أن هناك شيئًا غير طبيعيًا يحدث مع الأثنتين فعلق قائلًا:
—حسنًا، تستطيعا المغادرة، لكن في حالة اكتشاف ما يفيد القضية اتمنى عدم التردد في إخباري.

ريم وقد بدى عليها القلق والتوتر برغم محاولاتها الزائفة في التظاهر بعدم التأثر، علقت قائلة:
—بالطبع سيدي لن نتردد في إخبارك بما يحدث.

غادرت ريم مكتب المحقق فارس الشرنوبي وبرفقتها سهيلة.
وبعد أن غادرت ريم المكتب تحدثت المحقق قائلًا:
—يبدو أن الأثنتين قد تعرفا على هوية القاتل ولكن هناك شيء منعهم من الإفصاح عن ذلك وهذا ما سوف أكتشفه.

وبعد مغادرتهم للمكان، تحدثت ريم قائلة:
—سهيلة، أود الذهاب إلى المقابر لزيارة قبر هيام.

ربتت سهيلة على كتف ريم برفق وعلقت قائلة:
—ريم، سوف أرافقك لزيارة قبر صديقتك، ولن أدعك تذهبين إلى هناك بمفردك.

استقلت ريم وسهيلة السيارة في طريقهم إلى المقابر، وطوال الطريق لم تتحدث إحداهما إلى الأخر، لقد خيم الصمت والشرود عليهما.

وصلت ريم إلى المقابر، وقفت أمام قبر هيام وما رأته من تسجيلات لما حدث لا يفارق عينيها، وقفت تقرأ بضع آيات من القرآن الكريم، ثم تحدثت في نفسها وهي على يقين أن هيام سوف تسمع ما تقوله.

الدموع تنهمر والقلب قد اشتد حزنه بعد تلك المشاهد القاسية التي رأتها، فتحدثت ريم قائلة:
—الآن وقد تبين لي المجرم الذي فعل ذلك بكِ، أقسم لكِ إنني لن ادعه يفلت بفعلته هذه، وسوف يدفع الثمن غاليًا.

ربتت سهيلة على كتف ريم برفق وعلقت قائلة:
—ريم، يكفي هذا علينا أن نغادر.

إلتفتت ريم إلى سهيلة وعلقت قائلة:
—سهيلة، ما حدث معها كان قاسيًا للغاية، ولا يمكنني أن أقوم بالتستر على الجاني.

شعرت ريم بالحزن وعلقت قائلة:
—أجل لا يمكننا أن نقوم بالتستر عليه برغم علاقته القوية بنا.

نظرت ريم في صدمة وذهول وعلقت قائلة:
—هل عرفتي من الذي فعل ذلك؟!

أومأت سهيلة برأسها وانهارت باكية، قامت ريم بضمها إلى صدرها وقالت:
—لا داعي للبكاء، أعرف أن الأمر شاق للغاية ولكن من أخطأ فعليه أن ينال جزاؤه.

عادت ريم وسهيلة إلى فيلا الصياد، لتجد ريم العم سعيد يخبرها قائلًا:
—سيدتي، كنت أنتظر وصولك بفارغ الصبر.

تعجبت ريم وعلقت قائلة:
—عم سعيد، ما الذي حدث؟!

ابتسم العم سعيد وعلق قائلًا:
—سيدتي، لا داعي للقلق لم يحدث شيء، لقد طلب مني السيد وحيد الصياد أن أخبرك فور عودتك للمنزل بسرعة التوجه إلى مكتبه.

تعجبت ريم وعلقت قائلة:
—ترى ما الذي حدث؟! هل يمكن للسيد وحيد الصياد أن يكون قد علم بما حدث اليوم؟

دلفت ريم إلى مكتب الجد وفوجئت بوجود معتز الذي بدى عليه الهدوء والسعادة.

نظرت ريم إلى الجد وتحدثت قائلة:
—سيدي، لقد أخبرني العم سعيد باستدعائك لي.

ابتسم الجد وأشار لها بالجلوس ثم تحدث قائلًا:
—اجل لقد طلبت حضورك لأن هناك أمر هام أريد أن اخبركم جميعًا به.

نظرت ريم باهتمام شديد وبدت الثقة والطمأنينة واضحة على وجه معتز، سرعان ما تبدلت إلى غضب واستنكار بعد سماع ما قاله الجد.

فقدت تحدث الجد قائلًا:
—الجميع يعلم إنني أحتاج إلى الراحة والأبتعاد عن الضغوط النفسية؛ ولذلك لقد قررت بتعين ريم نائب المدير العام بالشركة.

كان الأمر مفاجأة صادمة بالنسبة لمعتز الذي وقف معترضًا وعلق قائلًا:
—جدي، كيف استطعت أن تتخذ قرارًا مثل هذا؟! لقد طلبت متي الزواج حتى لا تحرمني من منصبي أو صلاحياتي، وها قد فعلت ما أردته، ولكنك اليوم تعاقبني وتجردني من منصب أنا أحق الناس به.

نظر الجد إلى حفيده وعلق قائلًا:
—معتز، لا بد أن تتقبل هذا القرار بصدر رحب؛ فالمنصب لم يذهب لأحد غريب وإنما سوف تتولاه زوجتك.

شعر معتز بالضيق الشديد ولم يستطيع البقاء فغادر المكتب على الفور دون أن يستجيب لنداء والدته أو جده.

استقل معتز سيارته، وغادر مسرعًا ساخطًا على  الجميع. 

وفور خروج معتز من المكتب ومغادرته للمنزل، تحدثت ريم إلى السيد وحيد الصياد وقالت:
—سيدي، لقد مررت بالكثير من المواقف الصادمة خلال الفترة الماضية وحتى اليوم تجعلني أرفض هذا المنصب ليس هذا فحسب ولكنني أرفض أيضًا الأستمرار في هذه الزيجة الزائفة.

شعر الجميع بالصدمة وتحدثت الأم قائلة:
—ريم، ألم نتفق على ذلك الأمر من قبل؟! ما الذي حدث لتقومي بتغيير رأيك الآن؟!

علقت ريم قائلة:
-سيدتي، أرجوا المعذرة فلم أستطيع الأستمرار  بهذا الشكل.

ثم صعدت ريم إلى غرفتها وقامت بإعداد حقيبتها استعدادًا لمغادرة المنزل.

دلفت السيدة مريم زاهر إلى الغرفة وتحدثت قائلة:
—ريم، أرجوا منكِ عدم الغضب من رد فعل معتز، فلا تجعلي ذلك يؤثر عليكِ ويتسبب في مغادرتك للمنزل.

ابتسمت ريم وعلقت قائلة:
—سيدتي، قرار مغادرتي المنزل قمت باتخاذه اليوم وقبل أن أعلم بهذا القرار الذي اتخذه السيد وحيد، فأرجوا منك أن تتقبلي رحيلي وألا تغضبي مني. 

ربتت السيدة مريم زاهر على كتف ريم وعلقت قائلة:
—ريم، لا أستطيع إجبارك على فعل شيء لا تريدينه، ولكنني أتمنى لكي كل سعادة.

امسكت ريم بحقيبتها وقبل أن تغادر قامت بإعطاء السيدة مريم زاهر علبة تحتوي على القلادة المصنوعة من الماس التي كانت السيدة مريم قد قامت يإعطائها إياها.

تعجبت السيدة مريم وعلقت قائلة:
—ريم، ما هذا هل تقومين برد هديتي إليكِ؟!

ابتسمت ريم وعلقت قائلة:
—سيدتي، لقد قمتي بإعطاء هذه القلادة لزوجة ابنك، اما الآن فلم أعد كذلك

شعرت السيدة مريم بالأسف لهذا القرار الذي قامت ريم بأخذه، وأمام إصرار ريم اضطرت السيدة مريم بأخذ القلادة دون رغبتها.

غادرت ريم منزل عائلة الصياد عائدة لمنزلها لتفكر فيما عليها فعله دون أية ضغوط قد تمارس عليها.

شعرت سهيلة بالصدمة عندما أخبرتها والدتها بنبأ مغادرة ريم للمنزل نظرت إلى والدتها وحدثتها قائلة:
—أمي، ما الذي حدث لتتخذ ريم هذا القرار في هذا الوقت بالتحديد؟!

علقت الأم قائلة:
—سهيلة، أناِ لا تعلمين شيء عن الطريقة التي تمت بها هذه الزيجة.

نظرت سهيلة بتعجب شديد وعلقت قائلة:
—حسنًا يا أمي، فلتقومي بإخباري بكل شيء لا اعلمه.

قامت الأم بإخبار ريم بكل شيء عن ذلك الأتفاق السري الذي عقده معتز مع ريم نظير وضعه لهيام داخل المشفى الخاص بعلاج الأورام.

شعرت سهيلة بالغضب وعلقت قائلة:
—لم أكن أتوقع ذلك من أخي، كيف استطاع فعل هذه المساومة الرخيصة من أجل أن توافق ريم على الزواج منه؟!


ظلت سهيلة جالسة تنتظر عودة أخيها من الخارج؛ حتى تتحدث معه.

معتز وجد نفسه أمام منزل صديقه أدهم، أخرج هاتفه وقام بالاتصال على أدهم وحدثه قائلًا:
—أدهم، إنني أمام منزلك الآن فهل يمكنك أن تأتي إلي أود التحدث معك في أمرٍ هام.

ابتسم أدهم وعلق قائلًا:
—معتز، تفضل يمكنك الدخول إلى منزلي.

علق معتز قائلًا:
—أدهم، من الأفضل أن نخرج، لا أريد الجلوس في مكان مغلق؛ أشعر بإلإختناق.

علق أدهم قائلًا:
—حسنًا، دقائق وسوف تجدني أمامك.

وبعد قليل خرج أدهم إلى حيث يقف معتز، استقل معه سيارته وحدثه قائلًا:
—إلى أين سوف نذهب أيها الصديق المكتئب؟!

علق معتز قائلًا:
—سوف نذهب إلى مكان من الأماكن التي إعتدنا الذهاب إليها.

ضحك أدهم وعلق قائلًا:
—وها هو معتز الصياد يعود لحياة العزوبية مرة أخرى، مرحبًا بك يا صديقي، ولكن ماذا حدث؟!

معتز بحزن وضيق شديد علق قائلًا:
—لقد قام جدي بتعين ريم نائب المدير العام بالشركة، أدهم، هل تعلم ما الذي يعنيه ذلك؟

أومأ أدهم برأسه وعلق قائلًا:
—أجل أعلم، بذلك تكون ريم قد انزعت منك جميع الصلاحيات، ولن تكون قادرًا على اتخاذ أية قرارات بدون الرجوع إليها وموافقتها.


نظر معتز بغضب وعلق قائلًا:
—لقد قدمت على هذه الزيجة حتى لا ينتزع أحد صلاحياتي، أما الآن فما الذي حدث؟! أنتزعت صلاحياتي واصبحت مجرد موظف مثلي مثل باقي الموظفين.


جلس معتز على البار وأمسك بكأس من الخمر وشرع في شربها ثم نظر بجواره فإذا بإمرأة تجلس بجواره وتحدثه قائلة:
—هل يمكن أن نتشارك الشراب سويًا؟

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—بالطبع فهذا شيء يسعدني.

قامت المرأة بمشاركة معتز في شرابه ثم حدثته قائلة:
—ما رأيك في أن نكمل سهرتنا في منزلي؟

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—في منزلك سوف تكون الليلة ممتعة للغاية.

ابتسم أدهم وعلق قائلًا:
—لقد عاد معتز إلى حياته الطبيعية، أنت الآن لست بحاجة إلي يا صديقي سوف أعود إلى منزلي وأنت استمتع بوقتك.

غادر أدهم المكان، واصطحبت تلك المرأة معتز إلى منزلها.

دلفت المرأة إلى داخل المنزل وخلفها معتز، نظرت إليه وهمست قائلة:
—إنتظر هنا سوف أذهب إلى غرفتي لأستعد لقضاء ليلة سعيدة معك أيها الفتى الجذاب وأنت انتظر خمس دقائق وقم باللحاق بي.

دلفت المرأة إلى غرفتها وجلس معتز يتذكر ريم ومدى سعادته عندما تكون ريم بجواره، شعر معتز بمدى حقارته وحدث نفسه قائلًا:
—لا يمكنني أن أقترف خطأ كهذا، لقد شعرت بالحب، ولا يجتمع الحب والخيانة معًا.

أسرع معتز بمغادرة منزل المرأة.


ظلت المرأة تنتظر اللحظة التي يدلف فيها معتز إلى داخل غرفتها، ولكن دون جدوى خرجت تتفقده، ولكنها فوجئت بعدم وجوده، جلست وقد تملكها الغيظ وعلقت قائلة:
—من أنت حتى تفعل بي هذا أيها الحقير.

عاد معتز إلى منزله ليجد سهيلة في انتظاره.

نظر إليها وعلق قائلًا:
—سهيلة، لماذا تجلسين بمفردك إلى هذا الوقت المتأخر؟!

علقت سهيلة قائلة:
—جلست أنتظر عودتك إلى المنزل؛ لأتحدث إليك في أمرٍ هام، ولكن يبدو أن الوقت الآن غير مناسب.

تعجب معتز وعلق قائلًا:
—وما الذي جعله غير مناسب؟! تستطيعين التحدث فيما تريدي.

علقت سهيلة قائلة:
—وهل ستكون مدركًا لما أقوله وأنت تفوح رائحة الخمر من فمك؟!

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—لا تقلقي بهذا الشأن فأخيكي لا يسكر ولا تؤثر الخمر في عقله.

شعرت سهيلة بأن معتز لديه بعض المشاكل التي لا يستطيع تجاوزها، وإنه في أشد الحاجة لمن يقف بجواره، فحدثته قائلة:
—أخي، أريد أن أعرف حقيقة مشاعرك تجاه ريم.

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—تريدين أن تعرفي حقيقة مشاعري تجاه ريم، سوف أخبرك "إنني أحبها".

علقت سهيلة قائلة:
—معتز، لقد تركت ريم المنزل.

نظر معتز إلى سهيلة وعلق قائلًا:
—ما الذي تقولينه؟! كيف غادرت ريم المنزل؟

سهيلة وقد بدى عليها الحزن علقت قائلة:
— لم أكن أتخيل يوماً أن أخي يفعل شيئًا كهذا، لم أكن لأصدق أن تقوم بمساومة إنسانة على مرض صديقتها وتستغله لصالحك!

شعر معتز بالحرج وعلق قائلًا:
—سهيلة، أعلم إنني أخطأت ولكنني قد تغيرت، أعرف أنني أصبحت في نظرك شخصًا سيئًا ولكنني لم أعد كذلك فعلاقتي بريم جعلت متي شخصًا آخر.

نظرت سهيلة إلى اخيها وتحدثت قائلة:
—اخي، ريم فتاة، رائعة وبفقدها سوف تفقد كل شيء ذي قيمة، لا بد أن تحاول الدخول إلى قلبها بشتى الوسائل.

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—سهيلة، لا يمكنني أن أقوم بإجبارها مرة أخرى على العيش معي، إن لم تقبل ريم أن تعيش معي فليس أمامي حينئذ سوى الطلاق.

جلست ريم في منزلها بين الجدران المليئة بالذكريات الضاحكة والأخرى الحزينة، لحظات تستمع إلى ضحكات ومرح وأخرى إلى أنين وألم، فلم تجد أمامها سوى الهروب من تلك
الذكريات بالنوم.

اعتقدت ريم أن الهروب إلى النوم هو الحل الوحيد للهروب من الذكريات، ولم تكن تعلم ما الذي ينتظرها من كوابيس مزعجة، تجعلها تستيقظ وقد سيطر عليها الفزع والخوف.

استيقظ ريم بعد أن روادها كابوسًا مفزعًا، لتجد معتز وقد قام بالاتصال بها عدة مرات وإرسال العديد من الرسائل التي يرجو منها العودة إلى المنزل ويخبرها فيها إنه ليس لديه مانع في أن تكون هي نائب المدير العام.

لم تجد أمامها سوف غلق الهاتف والعودة إلى النوم مرة أخرى.

وفي صباح اليوم التالي ذهبت سهيلة إلى مكتب المحقق فارس الشرنوني وما إن استقبلها حتى حدثته قائلة:
-سيدي المحقق لدي معلومات ريما تفيدك في إلقاء القبض على القاتل.

ابتسم المحقق معتز وعلق قائلًا:
—حسنًا إنني أصغي إليكِ فتحدثي بحرية وقومي بإخباري بكل ما تعرفينه.

استيقظت ريم وكل ما يشغل بالها هو القصاص لمقتل صديقتها، ظلت تفكر وقتًا طويلًا ثم حدثت نفسها قائلة:
—أعلم أن هنا شيء بداخلي تجاه ذلك الشخص، ولكن الآن وبعد أن تأكدت أنه هو القاتل الذي حرمني من صديقتي، فلا يوجد بداخلي سوى العزم على الإنتقام منه.

أسرعت ريم بإرتداء ملابسها واتجهت إلى مكتب المحقق فارس الشرنوبي وحدثته قائلة:
—سيدي، لقد جئت إليك لأخبرك شيئًا هامًا.

ابتسم المحقق فارس الشرنوبي وعلق قائلًا:
-هل هو خاص بالقضية؟

علقت ريم قائلة:
—أجل سيدي إنه يخص القاتل تحديدًا.

نظر المحقق إليها باهتمام شديد وعلق قائلًا:
—تفضلي إنني أستمع لكل كلمة تتحدثين بها.

في بداية الأمر شعرت ريم بالتردد ولكنها بالنهاية عزمت كل العزم على التحدث قائلة:
—سيدي، الشخص الذي قام بقتل صديقتي هيام هو معتز الصياد.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي