الفصل الحادي عشر الصفقة

نظرت ريم إلى معتز وقد بدى عليها الذهول والدهشة وعلقت قائلة:
—يا هذا! هل تناولت شيء  فأذهب عقلك؟ أم أنك تمزح مزحة سخيفة؟!

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—لم أتناول شيء ولست بمازح، كل ما بالأمر إنني أريد أن أعقد معكِ اتفاقًا أو صفقة.

ريم بحزم علقت قائلة:
—سيد معتز، لا تنسى أن معك عشر دقائق مضى منها خمسة دقائق
فلتتحدث بشكل مباشر وتخبرني أي اتفاق هذا الذي يمكن أن أعقده معك شخص مثلك؟!

معتز تحدث بثقة وقال:
—سوف توافقين على الزواج مني، نظير ايداع هيام داخل مشفى خاص وتحت رعاية طبيبة مميزة، وسأتكفل بكل مصاريف العلاج.

نظرت ريم إليه نظرة غاضبة وعلقت قائلة:
—أعلم إنك شخص حقير ولكن لم أتصور أن حقارتك سوف تصل إلى هذا الحد، سيد معتز طلبك مرفوض، إن كنت أنت أخر رجل في هذا العالم فلن أفكر في الزواج بك.

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—ريم، هذا هو الكارت الخاص بي، سوف أنتظر منكِ مكالمة هاتفية تعلنين فيها عن موافقتك بالزواج مني، أريدك أن تعلمي أن هذا العرض لفترة محدودة.

لم تتحمل هيام البقاء لحظة واحدة مع معتز فأمسكت بالكارت الخاص به وقامت بتمزيقه.

عادت ريم إلى المنزل دون أن تقوم بشراء الفاكهة.

دلفت مسرعة إلى داخل المنزل لتتفاجيء بهيام في حالة سيئة للغاية، وقفت ريم مصدومة وهي ترى صديقتها تعتصر ألمًا وقد تقيأت على ملابسها ولا تستطيع الوقوف على قدميها.

أسرعت ريم إلى صديقتها وقامت بمساعدتها وقد انفجرت بالبكاء وحدثتها قائلة:
—لقد كذبت علي، لماذا قمتي بإخباري أن الجرعات القادمة لن يكون لها أية آثار جانبية؟!

هيام وقد أصبح وجهها شاحبًا علقت بصوتٍ حزين:
—ريم، لقد اضطررت لفعل ذلك حتى أخفف عنكي الضغط والعبء النفسي الذي تعيشينه من أجل توفير المال اللازم لتلك الجرعات.

انهمت الدموع من عين ريم واحتضنت هيام وانفجرت الأثنتان في البكاء.

وبعد أن ساعدت ريم صديقتها هيام على تغيير ملابسها، وظلت بجوارها حتى راحت في ثبات عميق، خرجت من الغرفة وقد استحوذ الحزن على قلبها، فلم يعد في قلبها مكان للسعادة،خاصة  بعد الذي شاهدت عليه هيام اليوم.

ظلت ريم تبكي كما لم تبكي من قبل، أخذت تلعن العجز والفقر الذان يقفان عائلًا أمام حصول هيام على الدواء اللازم والذي لا تعاني معه بهذا الشكل الفزيع، فجأة خطر ببالها ذلك الأتفاق الذي حدها عنه معتز اليوم، فحدثت نفسها قائلة:
—لا يمكنني أن أفعل ذلك بنفسي، كيف أوافق على اتفاق كهذا مع هذا الشخص الحقير، ولكن أنها هيام التي لم تعرف السعادة طريقًا إلى قلبها، وما إن تحررت من أحزانها حتى فاجئها ذلك المرض اللعين.

ظلت ريم تفكر وفي النهاية حدثت نفسها قائلة:
—هيام تستحق التضحية، لا بد أن أضحي من أجلى أن تحيا صديقتي.

تذكرت ذلك الكارت الذي قام معتز بإعطائه لها ولكنها تذكر أيضًا حين قامت بتمزيقه، أمسكت ريم بالهاتف وقامت بالاتصال على أدهم.

كان اتصال ريم بأدهم بمثابة المفاجأة السارة لأدهم، أسرع أدهم بالرد على الهاتف وتحدث قائلًا:
—ريم، كيف حالك؟! لم أكن أتوقع أن تقومي بالاتصال علي.

علقت ريم وقالت:
—بخير الحمد لله وأنا أيضًا لم أكن أتوقع أن أقوم بإجراء هذه المكالمة.

تعجب أدهم وعلق قائلًا:
—ريم، ماذا بكِ؟!

ريم بصوت يملؤه الحزن علقت قائلة:
—أدهم، أريد الرقم الخاص بمعتز الصياد.

تعجب أدهم وعلق قائلًا:
—ريم، وما الذي تريدينه من معتز؟!

ريم تحدثت قائلة:
—أدهم، من فضلك كل ما أريده منك هو رقم الهاتف الخاص بمعتز، إن لم تود إعطائه لي فسأغلق الهاتف على الفور.

وبلا تردد قام أدهم بإعطائها رقم الهاتف الخاص بمعتز.

علقت ريم قائلة:
—أدهم، شكرًا لك.

وسرعان ما أغلقت ريم الهاتف، تعجب أدهم وعلق قائلًا:
—ترى ما الذي يحدث؟! لماذا تريد ريم هاتف معتز؟! أشعر أن هناك أمر خطير يحدث.

ريم أمسكت الهاتف ثم قامت بالاتصال على معتز، ولكنها سرعان ما أغلقت الهاتف قبل أن يقوم معتز بالرد، كررت ريم ذلك الأمر عدت مرات، لم تطاوعها نفسها أن تعلن له عن موافقتها على الزواج منه.

لم تعلم ريم أن في كل مرة أغلقت فيها الهاتف، كان معتز على علم بها؛ فقد كان الهاتف في يده حين قامت بالاتصال وأدرك ما يجول بخاطرها.

علت الأبتسامة على وجه معتز، وقام بالاتصال على ريم.

تفاجئت ريم وادركت أن معتز علم بأنها قد قامت بالاتصال به عدة مرات.

ردت ريم على هاتف معتز، فوجدته يتحدث بشكلٍ ساخر ويقول:
—لقد حدثتني نفسي أنه ربما لم يكن معكِ رصيد؛ لذلك قمتي بالاتصال وانهاء المكالمة سريعًا، ولأجل ذلك قمت بالاتصال بكِ، ماذا ريدين؟

شعرت ريم بأن قلبها كاد أن يتوقف وأن لسانها أصبح لا يستطيع النطق بأي كلمة، فلم يجد معتز ردًا على سؤاله سوى الصمت.

عرف معتز أن ريم في صراع داخلي بين كبريائها وبين احتياجها للمال من أجل علاج هيام فبادرها الحديث قائلًا:
—أشعر أنك كنتي تريدين أخباري بقرارًا قمتي باتخاذه، أليس كذلك؟

لم يصبح أمام ريم سوى التحدث، فعلقت قائلة:
—أجل، لقد وافقت على العرض الذي قمت بعرضه علي.

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—حسنًا، هذه شيئًا جيد.

ريم تحدثت قائلة:
—سيد معتز، لقد وافقت على ذلك العرض؛ نظير أن يتم علاج هيام في مشفى خاص لعلاج الأورام.

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—بالطبع، أعدك بذلك.

ريم تحدثت قائلة:
—متى سيتم عقد ذلك الاتفاق؟

معتز وقد شعر بارتياح لأنه عثر على الفتاة قبل أنهاء المهلة بيومين، فعلق قائلًا:
—سوف أمر عليكِ في الغد للإتفاق على كل شيء.

أسرعت ريم وقالت:
—لا أريد أن تعلم هيام بأمر هذا الأتفاق  وإلا فسوف ينتهي كل شيء.

علق معتز قائلًا:
—بالطبع، لا تقلقي بشأن هذا الأمر، سوف أكون حريص كل الحرص. حتى لا تعلم صديقتك بهذا الأتفاق.

أنتهت المكالمة الهاتفية بين معتز وريم، وشعرت ريم بعدها بأنها باعت نفسها ولكن بثمنٍ غاليٍ ألا وهو حياة صديقتها هيام.

وفي اليوم التالي.

ارتدت ريم ملابسها استعدادًا للقاء المرتقب بينها وبين معتز، نظرت هيام إليها وحدثتها قائلة:
—ريم، إلى أين ستذهبين؟!

ابتسمت ريم وعلقت قائلة:
—حبيبتي، سوف أذهب لمقابلة عمل، إن نجحت فسيكون هناك خيرًا كثيرًا.

ابتسمت هيام وعلقت قائلة:
—أسأل الله لكي التوفيق ولسداد، ولكن انتبهي على نفسك.

لقد وصل معتز أسفل منزل ريم وقام بالاتصال عليها، نظرت ريم إلى هاتفها وقالت:
—حبيبتي، علي أن أغادر الآن لقد حان الموعد المرتقب.

وضعت ريم قبلة حانية على جبين صديقتها وغادرت المنزل.

وقف معتز أمام سيارته مستقبلًا ريم وقد علت وجهه ابتسامة الثقة بالنفس وحدثها قائلًا:
—أظن أنكِ لن تمانعي في ان تركبي سيارتي هذه المرة؟

أومأت ريم بأسها وعلقت قائلة:
—أجل، لن أمانع.

استقلت ريم السيارة مع معتز، الذي استقل سيارته مسرعاً كعادته.

نظرت إليه ريم وعلقت قائلة:
—سيد معتز عليك أن تخفض سرعتك وإلا سوف أنزل من هذه السيارة على الفور.

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—حسنًا، سأخفص من سرعتي.

علقت ريم قائلة:
—هل يمكنني أن أعرف إلى أين سوف تأخذني؟

ابتسم معتز وقال:
—لا تقلقي فلن أقوم بخطفك.

فكرت ريم في هذه الكلمة وحدثت نفسها قائلة:
—لقد خطفتني بالفعل أيها الندل الحقير، ولكن لن تنال مني شيء أعدك بذلك، سوف أجعلك تندم على هذا الاتفاق وتقوم بإلغائه ولكن بعد أن أطمئن على صحة هيام.

لاحظ معتز شرود ريم وحدث نفسه قائلًا:
—لقد استطعت أن أجبرك على الزواج بي بعد أن عرفت نقطة ضعفك، هكذا استطيع استعادة مكانتي في الشركة وفي كل شيء، وبعدها سيكون مصيرك هو الشارع أيتها المغرورة.

ثم حدثها قائلًا:
—سوف نذهب الآن إلى المطعم الذي اعتدت على تناول غدائي به، سوف نتناول غدائنا وتحدث في كل شيء.

وبعد أن وصل معتز إلى ذلك المطعم الفخم كأنه أراد إبهار ريم بالمستوى الخاص به، وبالفعل شعرت ريم بالتعجب ولكنها لم تبدي شيء أمامه، فقد حدثت نفسها قائلة:
—أليس من العجيب أن يذهب مثل هؤلاء الناس إلى المطاعم الفخمة مثل هذا المطعم، وغيرهم لا يجد ما يعالج به مرضه؟!

وصل معتز إلى الطاولة الخاصة به، ثم أشار إلى هيام بالجلوس وحدثها قائلًا:
—ريم، تستطيعين أن تطلبي كل ما تريدينه.

ابتسمت ريم وعلقت قائلة:
—يمكنني أن أتناول فنجانّا من القهوة المضبوطة.

تعجب معتز وعلق قائلًا:
—ريم  لقد أخبرتك إننا سوف نتناول غدائنا، فاطلبي ما تريدين من الطعام.

ريم بحزم علقت قائلة:
—سيد معتز، لا أريد طعامًا، تستطيع أنت أن تطلب ما تريده.

لم يجد أمام معتز سوى أن قام بطلب فنجانين من القهوة المضبوطة.

وبعد أن انهى معتز قهوته تحدث قائلًا:
—من الغد سوف تأتي سيارة اسعاف وتقوم بنقل هيام إلى المشفى للعلاج هناك بأحدث الوسائل العلاجية.

شعرت ريم بالسعادة وعلقت قائلة:
—هل حقًا ما تقوله؟! هل ستتلقى هيام علاجها بدون عذاب وبدون ألم؟!

ابتسم معتز وعلق قائلًا:
—بابالطبع، لقد وعدتك بذلك، ولكن بعد ذلك سنبدأ في الاعداد للزواج وقبل ذلك لا بد تحدث مقابلة بينك وبين والدتي وأختي وسوف يتم خلال هذه لمقابلة الأعلان عن زواجنا.

ريم بتعجب علقت قائلة:
—سيد معتز، أشعر ان....

وهنا قام معتز بمقاطعتها وهو يقول:
—أظن أنه ليس من الداعي أن تقولين لشخص سوف يكون زوجك بعد أيام قليلة "سيد وسيدي" وهكذا.

أومأت ريم برأسها وعلقت قائلة:
—حسنًا، ولكن لماذا أنا بالتحديد؟! هناك الكثير والكثير من الفتايات لماذا اخترتني بالتحديد؟!

ابتسم معتز وعلق بسخرية قائلًا:
—ريما لأنني عاشق ولهان لا يستطيع العيش بدونك.

نظرت ريم إليه ثم أغمضت عينيها وأخذت نفسًا عميقًا تحاول من خلاله السيطرة على ذلك الغضب المشتعل بداخلها تجاه هذا الشخص المستفز، ثم علقت قائلة:
—حسنًا، ولكن لن أذهب إلى أي مكان حتى اطمئن إلى أن هيام تم نقلها إلى تلك المشفى، أيضًا أود أن أشترط عليك أمرًا.

نظر معتز باهتمام ثم علق قائلًا:
—وما هو ذلك الشرط يا زوجتي المستقبلية؟!

نظرت ريم وقد بدى عليها الضيق وقالت:
—لن يتم إجباري على فعل شيء لا أيده هل تفهم ما أعنيه؟

تعجب معتز وعلق قائلًا:
—بالطبع افهم ما تعنيه  ولكن أود أن  أخبرك أنه سيأتي عليكي اليوم الذي تتمنين فيه قربي.

ابتسمت ريم وعلقت قائلة:
—يا لك من شخص تافه مغرور.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي