الفصل السابع زواج

ضحك مراد وهو ينظر لها، حرك وجهه بنفي:

-هذا الأمر ضروري يا يلديز.

حركت رأسها بنفي واصرار:

-ليس كذلك، لا تخاف يا مراد، أبقى بالقرب وكل شيء سوف يكون بخير.

ابتسم وهو ينظر لها، مازالت ممسكة بيده وهو يشعر بالسعادة لرؤيته إبتسامتها وحماسها الشديد، تحدثت برجاء وبشكل مفاجأ:

-مراد أنا أرغب في بعض الزينة.

تعجب مراد وهو يعقد حاجبيه:

-الزينة؟!

تحدثت ببساطة وتعجب شديد:

-وكأني شخص غريب!

حرك مراد رأسه وهو ينظر لها ساخرًا:

-لا تقولي هذا يا يلديز أنا هو الغريب هنا أما أنتِ عاقلة جدًا.

نظرت له وقد تلاشى حماسها واختفت إبتسامتها:

-هل تراني مجنونة يا مراد؟ قولت هذا ولكنني لست كذلك، أنا لست مجنونة، لست غبية حتى، في عالمي أنا ذكية جدًا، أما هنا لا أدرك غضبك الغير مبرر، أشعر بالكثير من القلق صدقني.

وضع مراد يده على وجنتها وهو على وشك أن يعتذر منها لكنه تفاجأ بها تدفع يده بقوة وهي تبعد وجهها، تحدثت بانفعال وغضب شديد صدم به:

-لم أفعل شيء توقف عن هذا، لا تفعل.

بقيت يده معلقة لثواني قبل أن يخفضها بعدم استيعاب، نظرت له وقد رأى الرعب في عينيها، اقترب بقلق:

-يلديز لم أكن لأفعل شيء لكِ اهدئي لا تخافي.

ابتعدت وهي تضع يدها على وجهها، تتذكر جوردن وكيف كان يعاملها، حاولت أن تتمالك أعصابها:

-لا تفعل مثل جوردن، لا تفعل هذا، كان هذا مؤلم كثيرًا، إن كان هناك ما يزعجك يمكنني أن أتعلم، لكن لا تستخدم تلك الطريقة يا مراد أرجوك.

تحدث مراد وهو يمسك يدها بحزم:

-يلديز انظري لي، لم أفعل لكِ شيء، توقفي عن هذا الجنون يا يلديز.

حاولت أن تبعد زراعها، هي ارتاحت بالفعل إلى مراد، لكن شعورها مازال يُعاد، كما لو كان جوردن معها، تحدثت بصوت مرتجف:

-لست مجنونة يا مراد.

أخذ نفس عميق، يحاول أن يصل إلى تفكيرها، لكنه يفشل في النهاية، لا يعلم ما الذي يجب عليه فعله، تحدث بهدوء:

-أعلم أنكِ لستِ مجنونة، أعلم أنكِ فتاة عاقلة، أريدكي أن تكوني قوية يا يلديز، لا يمكنني أن أتحمل رؤيتكِ بتلك الحالة، مهما حدث يا يلديز أنا لن أتسبب لكِ بأي أذى.

اومأت له بهدوء، ابتعدت عنه وهو يعلم أن هناك صراع داخل عقلها، لا يمكنه أن يتحكم بأفكارها، تمنى لو يستطيع فعل شيء حيالها، لكنه من جديد يفشل، تحدث وهو على وشك الخروج من الغرفة:

-سوف أُرسل لكِ روڤان لتبقى معكِ، تصبحين على خير.

خرج وهي مازالت واقفة، تفكر بحديثه، تشعر بالضيق الشديد من تهورها، تشعر بالاحراج وهي تتذكر انفعالها ونفورها الشديد:

-لقد كان كل شيء دون إرادة مني، لم أتعمد مضايقتك يا مراد.

أتت السفينة بالفعل إلى جزيرة التوابيت، اخبرهم جوردن بكل شيء حدث، اتسعت أعين جابر وهو رئيس الطاقم، صرخ في الجميع وهو ينظر إلى جوردن بغضب وكنان بانفعال واضح:

-من أجل زواج تسمحوا لها بالهرب؟ هل تتخيلوا ما الذي من الممكن أن يحدث لو عرف أحد مكاننا؟ هل تتخيلوا أنكم شوف تفقدوا حياتكم جميعًا؟!

تحدث جوردن بهدوء وهو يعلم جيدًا أن جابر كل ما يهمه أن يبقى أمر الجزيرة سرًا، لم يكن أحد يفهم لماذا، لكن جوردن يدرك هذه الحقيقة جيدًا:

-أنا سوف أرتدي مثلكم وأتي إلى عالمك يا جابر، لا يمكنني أن أتركها، لن تستطيع فعل شيء، هي خائفة وليس لديها الجرأة لتتعامل مع أي شخص غريب عنها.

رمقه جابر بانفعال واضح:

-لا يوجد لدينا خيار آخر سوى البحث عنها يا جوردن، سوف نتفقد الكاميرات حتى نعثر عليها، لن يطول الأمر.

كان أدم يراقب كل شيء بأعين متسعة، شعر بقلبه يرتجف، لم يتخيل أن تهرب معهم على السفينة، كيف استطاعت الاختباء ولم يراها هو، يتمنى أن تكون على مايرام.

اقترب من الشاطئ الذي كان يلتقي بها عنده، ابتسم بحزن شديد وقد لمعت الدموع بعينيه، خُيل له أنها تناديه بصوتها وتتعالى ضحكاتها بمرح لتتلاشى رويدًا رويدًا كما لو أنها سراب.

في منزل مراد كان الضجيج يملأه بوجود الغريبة الشقية كما سماها بدر، لقد كانت تركض خلف روڤان وهي ممسكة بقلم الكحل، تحدثت بضيق حقيقي:

-لقد ارهقتيني يا روڤان، بدر امسكها وأنا سوف أضعه لها، عي وضعته لي ولا تريدني أن أفعل المثل.

كانت روڤان تتحدث من بين ضحكاتها:

-كدتي أن تصيبيني بالعمى يا يلديز، هذا ليس لعبة يا فتاة، لا أريد أن أخسر عينيّ الجميلتين.

حركت يلديز رأسها بنفي:

-لن تخسري شيء، انظري لي أنا لم أخسر عينيّ الجميلتين.

كان بدر يضحك وكذلك عاصم الذي أشار إلى روڤان أن تبتعد ولا يريد ليلديز أن تنتبه إليه، انتبهت يلديز لتقترب منه بضيق شديد:

-لماذا تحرضها على الابتعاد؟ أنا لم أكن لأجعلها تخسر عينيها الجميلتين، أنا لن أتحدث معك أبدًا يا عاصم، شوف أتجنبك تمامًا.

ضحك عاصم من قلبه وهو يرى أمامه طفلة صغيرة وليست أنسة قاربت على عامها السادس والعشرون، اقترب منها وقام بضمها:

-لا يمكنني ترك الجميلة غاضبة، هذه الفتاة لا تلعبي معها لأنها لا تنصت لكِ يا يلديز.

ضحك بدر وهو يحرك رأسه بنفي:

-سوف تفقدوني عقلي لا محال.

تحدثت عايدة أخت عاصم في هذا الوقت:

-لا أعلم لماذا تضحك كثيرًا مع تلك الفتاة يا عاصم، لا أعلم هل قامت بسحر الجميع في هذا الوقت القصير أم ماذا؟!

نظر عاصم لها وهو يتعمد إغاظتها ومازالت يلديز بين يديه:

-ليس لكِ شأن يا عايدة، أعلم أنه من الصعب عليكِ أن تحبي أحد، لكن هذه الفتاة دون خلاف تستطيع أن تحظى بقلوب الجميع.

سمعوا صوت مراد الجهوري في هذا الوقت:

-يلديز تعالي إلى هنا.

كانت ملامحه غاضبة وليست جامدة كما اعتادوا، اقتربت يلديز منه بحيرة، نظر مراد إلى عاصم وقد كانت عينيه حازمة كنبرة صوته:

-أبي للمرة الأخيرة سوف أتحدث بهذا الشأن، يلديز لا أحد يقترب منها.

اقترب عاصم من مراد بتعجب وقد شعر بالضيق الشديد:

-ما الذي يدور بعقلك يا مراد؟ ما الذي تفكر به لتتحدث معي بتلك الطريقة؟ يلديز هي مثل ابنتي، أخاف عليها ولا يمكنني فعل شيء يضرها، هي مثل ابنتي ومازلت لا تفهم أنت يا مراد.

انفعل مراد وهو ينظر إلى عاصم بضيق شديد:

-أنا أتحدث بجدية يا أبي، لم أفقد عقلي وأنا أفهم كل شيء يحدث، أقول أن هناك حدود لا يمكن لأي شخص أن يتخطاها، حتى لو كان هذا الشخص هو أنت يا أبي.

اقتربت مي في هذا الوقت وهي تشعر بالتعجب من ارتفاع صوت مراد:

-ما الذي حدث يا مراد؟ لماذا يتعالى صوتك بتلك الطريقة؟ تحدث مع والدك بشكل لائق.

نظر مراد لها والضيق يظهر على وجهه:

-يمكنكي أن تخبريه أنتِ يا أمي أن يتوقف عن الاقتراب من يلديز بهذا الشكل.

سحبها للأعلى وهي تحاول أن تسحب يدها منه، يعلم أنها منزعجة، هو يعلم جيدًا أنها تحبهم كثيرًا، لا يستطيع أن يجدها تتعامل بتلك العفوية، لا يضمن نوايا أي رجل حتى لو كان هذا الرجل في منزله، تحدث بهدوء معها حتى لا تزداد الأمور سوءً:

-أنا لا أريد لأي رجل أن يضع يده عليكِ يا يلديز؛ لأن هذا الأمر ليس جيد أبدًا.

تحدثت هي بانفعال كعادتها:

-أنت تتصرف بشكل سيء يا مراد، عاصم هو كان يحبني ولم يفعل شيء، أتيت وجعلت الجميع منزعج.

نظر لها رافعًا أحد حاجبيه:

-تريديني أن أذهب الآن؟

حركت يلديز رأسها بنفي على الفور، كانت تشعر بالكثير من الحيرة، لا تعلم ما الذي يمكنها أن تفعله، منزعجة من انفعال مراد مع عاصم، لكن في ذات الوقت هي لا تريد منه أن يذهب:

-لا تذهب يا مراد، لكن كن شخص جيد وتوقف عن الصراخ وازعاج عاصم.

أخذ مراد نفس عميق وتحدث أخيرًا بعد تفكير:

-يلديز هل تقبلي الزواج بي؟

اتسعت أعين يلديز بصدمة وعدم استيعاب، ابتعدت عنه ومازالت عينيها تحدق به:

-ما الذي تقوله أنت يا مراد هل فقدت عقلك؟

حرك رأسه بنفي وهو يقف أمامها، ابتسم ومازال يتأمل وجهها:

-أنا أعني هذا يا يلديز، سوف نتزوج ولن أسمح لأي مكروه أن يصيبكي مهما حدث ومهما كلف الأمر.

ابتلعت يلديز ما بحلقها وابتعدت عنه مجددًا:

-لا تطلب هذا الأمر مجددًا يا مراد، لا أريد هذا وإن حدث واجبرتني أنا سوف أهرب من هنا، سوف أغادر مثلما فعلت في جزيرة التوابيت.

أخذ مراد نفس عميق، حاول أن يتدارك نفسه، يرى خوفها واضح ويندلع من عينيها:

-أنا هنا يا يلديز من أجلكِ، لا داعي لأي خوف صدقيني.

خرجت من الغرفة وعينيها تنظر في كل مكان، تشعر أنها تائهة للمرة الأولى.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي