الفصل الثامن عشر صادق

أقام مراد إحتفال عظيم في قصر والده، كان كل شيء مثالي، شعرت يلديز بالسعادة وقد تناست كل شيء حدث، نظر بدر لها وهو يبتسم:

-مبارك يا يلديز، لقد كانت فكرة أن يقوم مراد بهذا الإحتفال قبل سفركم للجزيرة.

نظرت يلديز إلى بدر وهي تشعر بالكثير من التردد:

-مراد قادر على إنقاذ عائلتي يا بدر أليس كذلك؟

شعر بدر بالحيرة، لا يعرف ما الذي يجب أن يقوله لها، هو لا يعلم كيف يفكر أخاه، ما الذي ينوي على فعله بعد أن ضمن أنها الآن زوجته:

-سوف يكون كل شيء على مايرام يا يلديز، تأكدي أن مراد يحبكي، هو سوف يفعل أي شيء لأجلكِ، أنا أثق بهذا كثيرًا.

ابتسمت يلديز وقد احمرت وجنتيها:

-أنا كنت أشعر بالقلق الشديد يا بدر، لم أكن أريد هذا الزواج، لكن مراد يحاول جعلي أطمئن دائمًا، أستطيع أن أرى هذا صدقني.

ابتسم بدر وهو يضع يده على كتفها:

-أنتِ تستحقين كل الخير يا يلديز، مراد يحبكي وأنتِ تستحقين هذا الحب وأكثر.

قاطعهم صوت مراد وهو يقف أمام غرفتها:

-ما الذي تغعله هنا يا بدر؟ لماذا يتعمد الجميع اخراجي عن شعوري في هذا اليوم؟

ضحك بدر وهو يبعد يده وينظر له:

-دائمًا تأتي في وقت غير مناسب، لا نعلم ما هذا الحظ! على كل حال كان حديثنا عادي بشأن حياتكم يا مراد، كنت أخبرها أنك تحبها وأنه لا داعي للقلق.

اقترب مراد ليقف أمامها وعينيه تعانق عينيها:

-وبعد كل شيء حدث ويحدث يا يلديز هل صدقتيه؟ هل تصدقين أنني أحبكي؟

شعرت يلديز بالكثير من التردد والإرتباك، ابتلعت ما بحلقها والقلق يسيطر عليها:

-أنا أعلم، لكن في الحقيقة أنت كنت تزعجني وتستمر في مضايقتي يا مراد.

حاوط مراد وجهها بحنان وهو يحرك رأسه بنفي:

-ليس بعد الآن يا حبيبتي.

نظرت يلديز إلى عينيه، كانت تشعر بقلبها يرتجف، لا تعلم هل هذا جيد أم لا، لكن في داخلها خوف غريب عليه! تشعر أن هناك مكروه على وشك أن يصيبه، ابتلعت ما بحلقها وهي تومأ له:

-أنا أثق بك يا مراد، لكن هل أنت واثق أن كل شيء على مايرام؟!

أومأ لها مراد وهو يبعد يده عن وجنتيها:

-سوف يكون كل شيء بخير، في الغد سوف نذهب إلى جزيرة التوابيت يا حبيبتي، سوف نجدها وسوف أتحدث مع والدكِ، كل شيء سوف يكون بخير.

ابتسمت له ومن ثم هبطت معه للحفل، كانت الصحافة تلتقط الصور، اقترب كارم في هذا الوقت وهو يبتسم:

-لا أصدق أنك تزوجت بها يا مراد، حمدًا لله انك وجدتها بخير.

نظرت يلديز له بحيرة ومن ثم نظرت تجاه مراد، أومأ لها وهو يعرف ما الذي يدور بعقلها:

-هو نفسه الشخص الذي وجدكِ يا حبيبتي لا داعي للحيرة.

ابتسم كارم وهو ينظر إلى مراد:

-في الحقيقة تستحق هذه المغامرة الا توافقني.

رمقه مراد بتحذير وهو يضرب كتفه:

-لا تفقدني عقلي الآن، ليس لك شأن بها.

ضحك كارم وهو يومأ له:

-حسنًا يا مراد عاصم، لا داعي لتتحكم بك غيرتك الآن، زوجة أخي تكون زوجتي وأنت مثل أخي.

ابتسم مراد ومن ثم ذهب كارم، تحدث روڤان إلى نفسها بضيق شديد وهي تنظر للساعة:

-لا أصدق أنك تفعل هذا يا يونس، لم تأتي حتى الآن هل يصدق هذا؟ عمتي وهاجر لا يدركون أن هذا كله نصيب ماذا عنك أنت أيضًا؟!

سمعت صوت من خلفها جعلها تلتفت على الفور:

-لم أكن أعلم انكِ ستشتاقين لي إلى هذا الحد يا فتاتي.

ظهر الارتباك والخجل على وجه روڤان، كانت تشعر بالكثير من التردد:

-يونس؟ أنت هنا، منذ متى وأنت هنا؟!

ابتسم يونس وهو يتأمل عينيها وقد لمعت عينيه:

-لقد سمعتكِ وأنتِ توبخيني لأنني لم أتي، هل حقًا يزعجكي غيابي يا روڤان؟ لم أكن أتخيل أن تفتقديني هكذا و..

قاطعته روڤان وهي تشعر بالكثير من الخجل:

-لا تجعل عقلك يصور لك شيء يا يونس، لقد تحدثت بعفوية، حتى أنني كنت أفكر في عمتي وهاجر قبل أن أفكر لك.

وضع يونس أصبعه على شفتيها ليجعلها تصمت:

-يا فتاة أهدئي قليلًا، لا تفسدي سعادتي، يسعدني أنكِ تفكرين بي.

نظرت روڤان له وابتعدت قليلًا بخجل:

-ما الذي يجعلك سعيد يا ترى؟

ابتسم يونس وهو يتأمل عينيها بتفكير:

-بصراحة لأنني أفكر بكِ دائمًا، أفكر بكِ في كل دقيقة، أفكر بكِ في كل ثانية يا روڤان، أظن أنني لن أجد مثل تلك الفرصة لأتقدم لكِ يا فتاتي.

اتسعت أعين روڤان بعدم استيعاب، حاولت أن تتحدث بشيء لكنها لم تستطيع، تركته وذهبت بعيدًا بينما هو كان يبتسم وقد علم أنها لن ترفضه:

-لا يوجد فرصة أفضل من هذه، أتمنى أن لا يقف مراد في وجهي في هذا الأمر.

------
كانت تجلس أمام الشاطئ ودموعها على وجنتيها لم تجف، نظرت للسماء وهي تحرك رأسها بنفي:

-اخطأت أنا أعلم، لكنني لا أستحق هذا أبدًا، كل شيء حدث كان دون إرادة مني، لقد احببته بصدق، كل هذا لأنني أحببته أكثر من نفسي، أحببته أكثر شيء بحياتي.

بكت بألم أكثر وهي تحرك رأسها بنفي:

-لا أصدق حقًا أنك بهذا الجحود يا جوردن، أنا أتخيل ردود أفعالك، المؤلم أكثر أنني أعرف رد فعلك وكيف سيكون قاسي كثيرًا إن علمت أنني مازلت محتفظة بالطفل، يا الله ساعدني، لا أعرف هل كل شيء أفكر به صحيح أم لا..

شعرت بيد توضع على كتفها لتنتفض وتقف بصدمة، التفتت وهي تطالعه بعدم استيعاب، لا تعلم هل سمع حديثها أم لا، حاولت أن تستجمع نفسها وهي تمسح دموعها بغضب شديد:

-ما الذي تريده أنت؟ لماذا تتواجد في كل مكان أنا به؟ لماذا تطاردني بتلك الطريقة اخبرني ما الذي تريده؟!

كان صادق يطالعها بنظرات لم تفهمها، شعرت أنه علم بالأمر، ربما سمع صوتها، قررت أنها ستهرب منه الآن إلى تابوتها، سارت لتجده يمسك بزراعها ليعيدها أمامه قائلًا:

-ما الذي سمعته أنا يا كادي؟ اخبريني هل حقًا تحملين طفل من هذا الحقير؟!

اتسعت عينيها بصدمة وقد حدث ما كانت تخشاه، علمت أن نهايتها قد اقتربت، شعرت بالخوف الشديد عكس كل شيء توقعته، لم تكن تتوقع أنها ستموت رعبًا مثلما تموت الآن.

انفعل صادقة وهو يقبض على زراعها أكثر، لم تشعر بالألم رغم شدة قبضته، كان عقلها يفكر في مخرج لكنها تعلم الآن أن ما يحدث هو نهايتها:

-اخبريني يا كادي، هل اشتركتِ مع جوردن في هذا الفعل الحقير؟ هل حدث شيء كهذا بالفعل؟ كيف تفعلين هذا؟!

اغمضت عينيها بألم شديد، حاولت أن تستجمع طاقتها، لكنها فشلت في النهاية لتنهار باكية، لم يجد أي إجابة منها، لم يرى عينيها حتى، شعر أنها انفصلت عن العالم لتنهار تمامًا أمامه، اجتمعت الدموع بعينيه رغم غضبه الشديد، ترك زراعها لتسقط أرضًا:

-لقد احببته بصدق، لم أتخيل أن يحدث كل هذا، استفقت لأجد نفسي في واقع أبغضه كثيرًا، أنا نادمة، حتى لو احببت جوردن صدقني أنا نادمة الآن، نادمة بطريقة تجعلني على وشك أن أكرهه.

كان صادق يتابعها وهو يشعر بالعجز عن التصرف، حاول أن يتحدث لكن لسانه لم ينصفه، ابتسم ساخرًا:

-كأنني المغفل الوحيد هنا، ليتني لم أعرف يا كادي، ليتني بقيت بعيد ولا أراكي بتلك الصورة.

نظرت له وهو تعمد أن يطالعها بنظرات مستحقرة، تابع حديثه بجمود:

-سوف أنهي حياته يا كادي، لن أجعله يحظى بأي إحترام، إن كان هناك رجل على هذه الجزيرة لن يقف أمامي بل سيساندني.

تحدثت كادي وهي تمسك بيده وعينيها تترجاه:

-لا تفعل شيء يا صادق، أرجوك أنا أنتظر مجيئه، شوف يكون كل شيء على مايرام، هو سوف يصلح كل شيء.

ابتسم صادق ساخرًا وهو يدفع يدها، حاول ان يتمالك نفسه:

-تظنين انه سوف يتزوج بكِ؟ وهل سيصلح هذا كل شيء؟ كيف سيصلح شخص حقير مثله اخبريني يا كادي؟ كيف سيصلح شخص حقير وشخصية قذرة مثلكِ؟!

اتسعت عينيها بصدمة وهي لم تتخيل أن يتحدث إليها بتلك الطريقة، تركها وذهب، لم تستطع رؤية الألم في عينيه، لم تستطيع أن تشعر بالنيران المشتعلة داخله، ظلت في مكانها تبكي، قررت أنها سوف تذهب إلى إيكيز لتتحدث معها.

ذهبت إلى تابوتها وقامت بالطرق عليه، أتى صوت إيكيز النعسان من الداخل:

-دعوني وشأني، أريد النوم.

تحدثت كادي بصوت متعب:

-إيكيز أريد التحدث معكِ بأمر ضروري، أرجوكِ اخرجي لي الآن.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي