الفصل الرابع عشر كادي

دلفت يلديز مع الرجل الغريب إلى منزل صغير مصنوع من الطوب الأحمر، تعجبت يلديز لهيئته وهي تشعر بالقلق عندما سار بها إلى هذا الشارع الصغير والغريب، كان يلاحظ قلقها لينادي:

-يا شروق تعالي لدينا ضيفة.

رأت باب خشبي يُفتح وتخرج منه سيدة ترتدي عباءة سوداء وتربط رأسها بقماشة من اللون الأسود، لقد كان المنزل صغير وقد علمت يلديز أنها تسمى شقة أرضية:

-مرحبًا! من تكون هذه يا سعيد؟ أين وجدتها تبدو من هؤلاء الأغنياء، نحن نشاهدهم في التلفاز هل تذكر هذا؟

ابتسم سعيد وهو يومأ لها:

-اوجدي لها شيء ترتديه يا شروق وسوف أقص عليكِ كل ما حدث، عذرًا يا ابنتي قولي لي ما اسمكِ؟

ابتلعت يلديز ما بحلقها وتحدثت ببعض القلق:

-يلديز هذا اسمي.

ضحك سعيد وهو يومأ لها:

-حسنًا يا ياديز، لا تراخذيني لكن اسمكِ الغريب هذا يُنسى سريعًا، هيا اذهبي مع خالتكِ شروق لتجعلكِ ترتدي شيء يدفئ جسدكِ هيا.

سحبتها شروق وهي تشعر بالفضول الشديد حيالها:

-سعيد لا يخبرني شيء بسهولة، كما أنه ينسى الكثير، اخبريني أنتِ ما الأمر يا جميلة؟ من أين أتيتِ ولماذا جئتي مع سعيد إلى هنا؟!
-------
تبادلوا الأنظار ومراد يقف في مكانه يحدقهم بغضب شديد، تحدث وعينيه مسلطة على جاسر:

-أين هي؟

نظر جاسر له بذهول ومن ثم ضحك بصوته كله:

-أنت مجددًا؟ أمازلت تبحث عن فتاتك الضائعة تلك؟! لست متعجب من وجودك هنا، أنت بالفعل مجنون، لكن اخبرني كيف تستطيع مراقبتي يا ترى؟!

اقترب مراد منه ومن ثم قبض على عنقه بغضب شديد:

-أنا أحذرك من التمادي معي، أعرف أنك اخفيتها، أعلم جيدًا أنك تعرف طريقها، اخبرني أين هي؟!

كانوا جميعًا في حالة من الصدمة عندما ادركوا اختفاء يلديز، كاد جوردن أن يتحدث ويهرول للخارج ليقبض جابر على زراعه وهو يحاول أن يداري انفعاله:

-من يكون هذا الرجل؟ عن من تبحث أنت؟

نظر مراد له والغضب يندلع من عينيه:

-ليس لك شأن بي، أبحث عن فتاة تخصني وأعلم ان هذا الحقير قام باختطافها، أنا أحذرك يا جاسر سوف أنهيك، سوف أجعلك تتمنى الموت ولا تجده، أنت لا تعرف من أكون وإلى اي مدى اتحول إلى شخص سيء.

تحدث حمدي وهو يضع يده على زراع مراد، حرك رأسه بنفي:

-أنت مراد عاصم؟ ألست محق؟!

دفع مراد يده بتحذير وهو في حالة كن الغضب الشديد، علم حمدي أن يلديز كانت تعنيه بحديثها، مراد عاصم المخرج قد وقع في حب الفتاة، سوف تكون نهايتهم على يدها لا محال.

كانت أعين جوردن تراقب ما يحدث، ينظر إلى مراد ويبدو أنه علم أن الفتاة هي يلديز نفسها، كان يشعر بالحيرة من سؤاله عنها، كلما أراد أن يقترب منه منعه جابر بطريقة غير مباشرة وقد زاد انفعاله:

-نحن لا نعرف شيء عن تلك الفتاة التي تبحث عنها، أخرج من هنا ولتبحث عنها بعيدًا هيا، نحن لدينا شيء هام نتحدث من أجله.

دفعه مراد وهو يدخل لغرفة غرفة في هذا المنزل وينادي بصوته كله دون خوف:

-يلديز تعالي إلى هنا، هل تسمعيني؟ يلديز!

تحدث جوردن من بين أسنانه والغضب يسيطر عليه:

-ما شأنه هو بيلديز؟

نظر جابر له وتحدث برجاء وهو يخفض صوته:

-لا تفعل شيء يدمرنا جميعًا، أصمت وسوف يذهب لا حاجة لنا به وسوف نعثر على الفتاة.

اجابهم حمدي بهدوء شديد:

-أظن أن يلديز كانت تحبه، لكنه فعل شيء جعلها تهرب منه، لا علم لي بكل هذا، المهم أن يخرج من هنا هذا الشخص لو حدث له شيء لن تصمت عائلته وسنقع في مشكلة لا عقل لنا بها الآن.

مازال جاسر يقف بثبات وهدوء شديد، نظر له حمدي بتوعد ليبتسم في وجهه:

-ماذا بك يا رئيس، كل شيء على مايرام والفتاة ليست هنا أليس كذلك؟ لقد استدعاني هذا الشاب المجنون للقسم ولكنني عرفت كيف أخرج منها.

وضع حمدي يده على وجهه وهو يلعب هذا اليوم الذي راى به يلديز:

-سوف أقتلك يا جاسر، أنتم حقًا ستقضون علينا، هذا المجنون إن وجد الغرفة السفلية سوف نضطر إلى قتله، لا يمكننا أن نتركه أبدًا.

ابتلع أدم ما بحلقه، حاول أن يتمالك أعصابه حتى لا يشك أحد به، عليه أن يتحدث مع مراد ويخبره بما يحدث هنا وإلا سوف تكون نهاية الجميع.

انفعل حمدي وهو يحاول أن يخفض صوته:

-ما حدث هو خطأكم، لم يدخل أحد غريب إلى منزلي والآن يسير هذا الرجل ويبحث عن فتاة عديمة القيمة.

تحدث جوردن بتحذير والغضب ينال منه:

-سوف أقطعك إربًا إن لم تتوقف عن هذا الحديث التافه هل تفهم؟! إياك أن تتحدث عن يلديز بسوء.

رمقه حمدي بغضب شديد وهو يحاول ان يتمالك أعصابه، هبط مراد وقد تأكد انها غير موجودة، نظر إلى جاسر وهو يومأ:

-سوف تندم على هذا كثيرًا، من الأفضل أن تخبرني أين هي؛ لأنني سوف أعرف ووقتها سوف تكون في مشكلة كبيرة.

تحدث جاسر وهو ينظر له ببرود شديد واضعًا يده في جيب بنطاله، ابتسم بثقة:

-أفعل ما بوسعك، ليس لدي المزيد من الكلمات لأقولها.

تركهم مراد ورحل، لحق به أدم دون أن يراه أحد، أسرع خطاه وأمسك بزراعه ايقوم مراد بدفعه:

-ما الأمر؟ ما الذي تريده أنت الإن، هل ترغب في الشجار؟!

حرك أدم راسه بنفي وهو ينظر إلى الباب بقلق شديد:

-يلديز كانت هنا، لقد ساعدتها لتهرب، أرجوك تتبع الكاميرات وجدها قبلهم، جوردن سوف ينتقم منها، هذا المنزل مثل المشرحة، أراهن انهم يعملوا بتجارة الأعضاء، ليس لي شان بكل هذا، حمدي رجل خطير ويبدو أنه معجب بها، أرجوك ساعدها.

نظر مراد تجاه المنزل، حاول ان يتحدث مع أدم ليفهم أكثر، تحدث أدم بقلق شديد:

-سوف أتي معك؛ فهم سوف يقتلونني إن لم اتبعهم، لا يمكنني أن أساعدهم على تلك الجريمة، لقد أخطأت في حق يلديز مرة ولا أريد ان أعيدها، سوف أفعل أي شيء لمساعدتها.

وضع مراد يده على كتفه وهو يومأ:

-تعالى معي، علينا أن نتصرف بسرعة.

انفعل جابر في هذا الوقت وهو ينظر حوله:

-تبًا لكم، لقد ذهب الأحمق ليبحث عنها، أنا أعلم أن أدم لن يصمت، علينا أن نجدها قبل أن تتحدث مع أحد وتورطنا، هيا يا جوردن تعالى معي لنجد حلًا لهذا الأمر.

تبعه جوردن بعد أن قام بدفع حمدي الذي سحق أسنانه بغضب شديد:

-لقد فقد عقله حقًا هذا الهمجي! لا يعرف من أكون لكنني ما إن أجد تلك الفتاة سوف أريه ما الذي يمكنني أن أفعله.

جلس جاسر وهو يتنفس بقوة:

-هذا اليوم جعلني على وشك الجنون، المدعو مراد هذا شخص غريب، أتساءل كيف لم يخف؟ دلف إلى هذا المنزل ولم يعطي إهتمام لنا ولا لرجالك، يصرخ هنا وهناك.

انفعل حمدي وهو يقترب ليقف أمامه وهو يرفع سبابته أمامه بتحذير شديد:

-لا تجعلني أفقد عقلي، أصمت الآن هل تفهم؟!

ابتسم جاسر وهو يومأ بهدوء، أما الآن كان على وشك الجنون، نظر إلى رجاله وتحدث بضيق شديد:

-تعالوا معي لنشاهد كاميرات المراقبة ونعلم من أين ذهبت هذه الفتاة، اللعنة عليها.
---------
تحدث سعيد بذهول وهو يتناول الخبز مع الجبن:

-لا يمكنني أن أصدق أنه يوجد مثل هذه الجزيرة على بعد من هنا!

نظرت يلديز له والحزن يحتل عينيها:

-أنا كنت أعلم بوجود عالم بعيد عن الجزيرة، لكن هنا لا أحد يعلم بأمر الجزيرة، أنا أريد العودة إلى هناك، أريد العودة إلى جزيرة التوابيت إلى أمي وأختي.

ظهر التعاطف في أعين شروق وهي تربت على يد يلديز:

-سوف تعودين، الله قادر على كل شيء يا حبيبتي، كلي الآن وسوف نجد حلًا فيما بعد أنا أعدكي، عمكِ سعيد قادر على حل كل شيء، كل شيء سوف يكون بخير أيضًا.

ابتسمت يلديز وقد لمع الأمل بعينيها:

-حقًا؟

اومأت لها شروق وهي تضع أمامها الجبن والخبر:

-حقًا، هيا تناولي الطعام هيا.

------
تساقطت دموع كادي وهي تمسك بيد إيكيز:

-أرجوكِ يا إيكيز ساعدني، أنا سوف أموت إن عرف أحد، أرجوكِ.

دفعتها إيكيز بغضب وصدمة:

-كيف تفعلي شيء كهذا يا كادي؟ لقد دمرتي كل شيء، الجميع في حالة يرثى لها ومع كل شيء يحدث أنتِ تصعبين الأمور.

ابتلعت كادي ما بحلقها ودموعها تتساقط، حركت رأسها بنفي:

-عليه أن يتصرف هو، لكنه سوف يقتلني، جوردن ليس لديه رحمة يا إيكيز، على أحد ان يقف أمامه والوحيد القادر على فعلها هو كنان عمه.

ابتسمت إيكيز بتهكم وهي تتحدث من بين أسنانها:

-تظنين أن أبي سوف يساعدكي يا كادي؟ إن علم ابي بفعلتكِ سوف يقوم بقتلكِ، أنتِ حامل من جوردن حامل ولستِ متزوجة يا فتاة إنها كبيرة ولا يمكنكي أن تتصرفي كأن شيء لم يحدث.

وضعت كادي يدها على بطنها ودموعها تتساقط، تحدثت بانفعال شديد:

-أنا كنت أحبه يا إيكيز، أحبه كثيرًا ولا يمكنني تركه، لا يمكنني أن أستسلم، لقد استغلني جوردن وهو يعلم أنني لا أستطيع أذيته.

ابتسمت إيكيز وهي تومأ لها:

-اتعلمين ما الجيد؟ عندما يعرف الجميع لن يفرق معهم إنجاز جوردن العظيم، سوف يقوموا بقتلكِ وقتله في نفس الدقيقة أنا أراهن على هذا الشيء.

سحقت كادي أسنانها وهي تنظر إلى إيكيز بغضب شديد:

-ليت يلديز كانت هنا، الوحيدة التي كانت ستبكي من أجلي.

ضيقت إيكيز عينيها وقد تملكها الغضب:

-بسبب الحقير الذي كان يريد غصبها على الزواج لا نعرف الآن أين يلديز، أتمنى أن تعود سالمة وأن يساعدها أدم ولا يضرها شيء وإلا سوف أنهيكي أنتِ وحبيبتك القذر جوردن.

تركتها وذهبت بينما كادي جلست فوق تابوتها المغلق:

-الوحيدة التي ظننت أنها سوف تساعدني قد تخلت عني، لا يمكنني أن أصدق أن هذا كله يحدث معي، انا حقًا أشعر بالألم الشديد، جوردن هذا كله بسببك، عليك أن تفعل شيء عندما تعود غير قتلي.

ظلت تفكر كثيرًا ولم تعثر على حل جيد، قررت الانتظار وتتمنى أن يكون كل شيء على مايرام.

-------

شعروا كلًا من حمدي وجاسر بحركة غريبة في الخارج، تبادلوا الانظار بتعجب شديد قبل أن يسمعوا الطرقات القوة على باب المنزل، اقترب حمدي من الباب وكذلك جاسر الذي عقد حاجبيه بحيرة:

-الشرطة معقول؟ هل من الممكن أن يكون الأمر يتعلق بتلك الفتاة؟ لا أصدق هذا وأيضًا الشرطة لا تسير خلف هذا المجنون الذي يبحث عن حبيبته دون عقل؟!

أشار حمدي إلى رجاله بأن يفتحوا الباب وهو يقف ويحاول أن لا يظهر عليه أي شيء، ما إن فتحوا الباب حتى صدم بوجود مراد في المقدمة وخلفه الشرطة، ابتسم مراد بغل شديد عندما التقت عينيه بأعين جاسر وقد كان يتذكر محاولة يلديز في الفرار منه لكنه لم يكن ليسمح لها:

-مرحبًا، التقينا مجددًا وبسرعة ألست مصدوم يا جاسر.

تحدث اللواء ماهر وهو يشير لرجال الشرطة ويتمنى ان يكون مراد صادق وأن يكون يعرف ما يحدث كما اخبره وليست غايته الفتاة الهاربة فقط:

-لا أحد يخرج من هنا وفتشوا المنزل جيدًا و..

قطع حديثه ومن ثم نظر إلى حمدي وهو يعلم أن مراد لو مخطأ لن يمر هذا مرور الكرام، تابع حديثه وهو يتمنى أن يجد ما يدينه:

-وبالأخص الجزء السفلي من المنزل هيا.

تبادل كل من حمدي وجاسر الانظار، يعلموا أن هذه نهايته، نظراتهم كانت تجعل ماهر يطمئن أن تبن صديقه لن يورطه هذه المرة.

نظر مراد إلى ساعة يده ومن ثم إلى ماهر:

-أنت كلفت أحد بمهمة البحث عنها أليس كذلك؟

أخذ ماهر نفس عميق وهو ينظر إلى مراد والضيق يعتلي صدره:

-إن كان هناك شيء كالذي اخبرتنا به سوف نتأكد من وجود كارثة على وشك أن تحدث يا مراد، الأمر أكبر من مجرد فتاة هاربة هل تفهمني؟

تحدث مراد وقد كانت عينيه تطلق الكثير من نظراته الحادة والمليئة بالوعيد:

-يحدث ما يحدث، لا يهمني هلاك هذا العالم بأكمله، ما يهمني فقط هي.. يلديز عليها ان تعود ووقتها افعل ما تريد.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي