الفصل السابع عشر زوجتي

كان عاصم يجلس وهو يسمتع إلى حديث مراد للنهاية، تجاوزت الساعة السادسة مساءً وهم في انتظار من يعقد قرانهم:

-هل أنت واثق من هذا يا مراد؟ أنت لست صغير ولكن إن لم توافق يلديز أنا لن أقبل بحدوث شيء كهذا، هذا زواج يا ابني.

نظر مراد إلى عاصم وهو يومأ له لعله يطمئن قليلًا:

-انا تحدثت مع يلديز، لا يوجد مانع الآن يا أبي، كل شيء سوف يكون على مايرام، إذا سمحت توقف عن القلق.

تدخل أدم في هذا الوقت وهو غير راضي عن زواجها من مراد، يخشى أن تتورط معه ولا تعرف كيف تتصرف، يبدو أنه ليس سهل ولن يسمح لها بالرحيل:

-انا لا أرشح هذا يا مراد، هذا التصرف أناني، حتى لو كنت تحبها لا يعطيك الحق لتتحكم بها بتلك الطريقة؟ جوردن موجود هنا، سوف يعثر عليها، قل لي وقتها ما العمل؟ سوف يقتلك ومؤكد لن تكون يلديز بخير وقتها، عليها أن تعود للجزيرة.

انفعل مراد وهو ينظر إلى أدم:

-أنا لم أخذ رأيك، أنا تحدثت مع يلديز واتفقنا على كل شيء، سوف أجعلها ترى أهلها وهي زوجتي، أما عن جوردن أنا لا أخاف منه، لا أصدق أن الجميع لا يستطيعوا الوقوف أمامه حقًا!

أخذ أدم نفس عميق، كان يحاول التحدث إليه لكنه يعلم أنه لن يفهمه، هو لم يرى جوردن، لم يخضع لسيطرته بعد، جوردن لا يهابه الجميع من فراغ، يتخيل أدم ماذا لو وقف مراد أمامه، مؤكد سوف يفقد حياته سريعًا دون أي انتظار.

اقتربت يلديز في هذا الوقت، كانت ترتدي فستان بسيط أبيض اللون قد احضره مراد لها:

-لا أعلم هل يبدو هذا جيد يا مراد؟

ابتسم مراد وهو يراها تقترب لتأخذ رأيه في فستانها، تحدث وهو يلمس شعرها بهدوء:

-إنه جميل يا يلديز، يبدو رقيق للغاية، كما أنه واسع وهذا يعطيه مظهر رائع استمعي لي.

اومأت له وروڤان تتابعهم والإبتسامة تعلو وجهها، أتى المأذون وقد قام بعقد قرانهم، رغم القلق الذي يصيب الجميع إلا أن مي كانت سعيدة وكذلك عاصم، أما عن هاجر فكانت تتابع كل شيء بقلب محطم، لم يشعر أحد بها حتى أخاها كان يتابع كل شيء وكأنه يشاهد فيلم ممتع.

اقترب مراد من يلديز وهو يبتسم:

-مبارك يا زوجتي العزيزة، الآن اصبحتي زوجتي وأنا أعدكي يا يلديز لا يوجد مزيد من المعاناة بعد الآن، سوف أقوم بعمل زفاف كبير ورائع لكِ و..

قاطعته يلديز وهي تشعر بالكثير من الارتباك والتردد:

-أنت قولت أن هذا الزواج ليس حقيقي! لماذا طقوس الزفاف لا أفهم!

أخذ مراد نفس عميق وهو يشعر بالكثير من الضيق، حاول أن يتحدث بهدوء أكثر:

-يلديز حبيبتي، يمكنكي أن تكوني لطيفة لبعض الوقت.

تحدثت جدته في هذا الوقت بانفعال واضح:

-أنا لا أصدق أنك قومت باغصابها على الزواج يا مراد، هل هذا معقول؟ منذ متى وتتصرف بهذا الشكل يا مراد عاصم؟

نظر مراد لها ومازال محتفظ بهدوئه:

-أنا لم أغصبها على شيء، كل ما في الأمر أنني أحاول حمايتها.

تحدث يونس وهو يتذكر سماعه لحديث مراد وعاصم:

-كيف تحميها يا مراد؟ أنت تنوي أن ترسل الشرطة لعائلتها، سوف يُقتلون جميعًا.

اتسعت أعين يلديز بصدمة ومن ثم نظرت إلى مراد:

-كيف هذا؟ ما الذي يقوله يونس؟ هل هذا صحيح يا مراد؟ هل تنوي فعل هذا حقًا؟!

رمق مراد يونس بغيظ شديد والغضب يتحكم به، اقترب من يونس وقام بدفعه لقوة:

-ما شأنك أنت لتتدخل في هذا الأمر؟ يونس لا تجعلني أمحيك من على وجه الأرض.

أمسك عاصم به وهو ينظر إلى مراد بضيق شديد:

-مراد عليك أن تهدأ.

امسكت يلديز بزراع مراد والدموع بعينيها:

-قل لي يا مراد ما الذي تنويه؟ هل تنوي أن تقتل عائلتي؟ لا يمكنك أن تفعل هذا ولن أسمح لك مهنا حدث و..

حاوط مراد وجهها وهو يلاحظ زعرها الشديد:

-اهدئي يا يلديز أرجوكِ، عائلتكِ مجرمون، هم يتاجرون في المخدرات ومؤكد ستعثر الشرطة عليهم و..

دفعته يلديز ودموعها تتساقط:

-لا يمكن لشيء أن يصيبهم، لا يمكنني أن أبقى هنا وأنتظر.

تركته وذهبت تجاه أدم وقد فقدت أعصابها:

-أدم أفعل شيء، خذني إليهم الآن، أنا لا أفهم ما الذي يحدث وما الذي فعلوه ليتم قتلهم عن طريق شرطة كما يقولون، أرجوك يا أدم.

نظر أدم إلى مراد والضيق يعتلي صدره:

-هم لا يعرفوا شيء عن كل هذا يا مراد، لا يجب أن تتركهم يهلكون، حرام عليك هم بريئون من كل هذا.

اقتربت يلديز من مراد ودموعها تتساقط، لقد كانت دموعها نقطة ضعفه ولا يمكنه أن يتجاهلها أبدًا، قام بمحاوطة وجهها وهو يومأ لها:

-لن يحدث شيء يا يلديز، كل شيء سيكون بخير، أنا لن أجعل شيء يؤذيهم.

نظرت إلى عينيه برجاء:

-تتحدث بجدية صحيح؟ لا تكذب عليّ يا مراد؟

نظر مراد إلى أدم وهو يومأ:

-لن أكذب عليكِ يا يلديز، سوف نصل لعائلتكِ قبل الشرطة، لم يتحدث حمدي وجاسر بعد، مؤكد لن يبوحوا بهذا السر الخطير.

اقترب أدم وقد كان يشعر بالحزن تجاه سكان الجزيرة:

-صدقني يا مراد، لا أحد يستحق هذا، حتى لو كانت لديهم عاداتهم الغريبة لا يصل الأمر لقتلهم، هم أبرياء حقًا.

أخذ مراد نفس عميق وهو يومأ له:

-حسنًا يا أدم انتهينا من هذا الحديث، سوف تدلني إلى مكانهم، سوف نستأجر مركب يا أبي ويمكنني أن أذهب مع يلديز.

تردد أدم ولكنه قرر البوح له:

-لا أعرف الطريق جيدًا يا مراد، يبدو كما لو أنه متاهة، لكنني سوف أحاول.

لم يتحدث مراد وهو يراها قد هدأت قليلًا، لا يمكنه أن يكسرها بتلك الطريقة، تمنى لو يستطيع أن يمحوا ذاكرتها لتبقى معه، تمنى لو لم تتذكر غيره وتعيش معه، شعر أنه بالفعل أناني، هو أحبها وهو يعلم أنها بريئة من كل شيء، مؤكد عائلتها تشبهها، على الأقل القليل يشبهونها.

صعدت هاجر إلى غرفتها وهي تحزم ملابسها، لقد اتخذت قرارها لو لم تذهب عائلتها معها سوف تتركهم وتغادر، لا يمكنها أن تنتظر وهي تشاهد عشق مراد لتلك الفتاة.

تحدثت روڤان ببعض التردد:

-أنا اعتدت على يلديز لا يمكنها أن تذهب لتبيت معك بتلك البساطة يا مراد.

ضحك بدر وهو يعلم أن مراد على وشك أن يفقد عقله من عائلته في المقام الأول:

-مراد على وشك أن يجن يا روڤان دعيه وشأنه حرام عليكم جميعًا.

تحدث مراد بهدوء وهو يفرك جبينه والإرهاق قد نال منه:

-سوف تبقى معكِ يا روڤان لم نقم بعمل زفافنا ولهذا الوقت سوف تبقى يلديز معكِ.

امسكت يلديز بزراعه وهي تتحدث إليه برجاء ليس من عادتها:

-إذا سمحت يا مراد نفذ حديثك، لا تفعل شيء لعائلتي ودعنا نعود إلى الجزيرة في أقرب وقت إذا سمحت.

أومأ مراد لها وهو يقوم بمحاوطة وجهها:

-حسنًا يا يلديز، توقفي عن القلق وأنا سوف أحل كل شيء، فقط لا تقلقي يا حبيبتي.

ابتسمت وقد احمرت وجنتيها خجلًا:

-سوف افعل، لن أقلق الآن، سوف أنتظر غدًا لتدبر أمر عودتنا حسن!

أومأ مراد لها وهو يطبع قبلة على جبينها:

-حسنًا يا أميرتي، دعينا نتناول طعامنا بهدوء ولا نفكر في أي شيء.

تحدثت عمته في هذا الوقت وهي غير راضية عن هذا الزفاف، تعلم أن ابنتها تعاني ولا يمكنها أن تساعدها بعد أن سقطت في عشق مراد:

-سوف نذهب نحن أيضًا في الصباح الباكر، علينا أن نخلد إلى النوم الآن، تصبحون على خير.

لم يتحدث أي شخص منهم، يعلمون السبب ولا يمكنهم أن يفعلوا شيء، لقد وجد مراد نصيبه رغم كل الصعوبات ولم تجد هاجر نصيبها بعد.

ذهبوا جميعًا إلى غرفهم ليبقى مراد ويتناول طعامه مع يلديز:

-أشعر بالجوع الشديد كيف ذهبوا بهذه السرعة ليناموا يا مراد؟

ابتسم مراد وهو ينظر لها ويضع الطعام أمامها:

-أي شخصين طبيعيين يجلسوا ليتحدثوا معًا يا يلديز بعد عقد قيرانهم، لا احد داعي لقلقكِ الشديد يا حبيبتي.

أخذت يلديز نفس عميق وهي تتناول طعامها:

-في الحقيقة يا مراد أعاني كثيرًا، الأمر صعب للغاية، لن تفهمني وأما لا يمكنني أن أستمر بالشرح.

أسند مراد رأسه على راحة يديه:

-سوف أفهمكي، يمكنكي أن تشرحي لي ما الذي يحدث لكِ؟!

ابتلعت يلديز ما بحلقها ووضعت معلقة الطعام جانبًا:

-أنا أخاف كثيرًا من الحديث، أقلق من التحدث مع شخص غريب، أهاب فكرة الزواج نفسها، لا يمكنني أن أسيطر على مشاعري، تشعر بالضيق مني، لكنني حتى لو أحببتك لا يمكنني البوح؛ ببساطة لأننيلا أعرف كيف يحب المرء.

ابتسم مراد وهو يومأ لها:

-أستطيع فهم كل شيء تقوليه، أستطيع أن أرى حديثكِ بعينيكِ الجميلتين يا يلديز، أنا أتفهمكي، هذا لأنكِ لم تجدي الحب الحقيقي، لقد تسبب جوردن لكِ في عقدة.

عقدت حاجبيها وهي لا تفهم ما الذي يرمي إليه حديثه:

-ما الذي تعنيه بعقدة؟ عن أي عقدة تتحدث أنت؟

ضحك مراد وهو يمسح وجهه بخيبة أمل:

-تقولي لن أفهمكي أنظري من الذي لا يفهم الآخر.

ابتسمت يلديز وهي تتناول طعامها، تحدث مراد سرًا ومازالت عينيه تنظر لها، لقد قطع عهدًا على نفسه، لن يجعلها تخاف من أي شيء بعد الآن، ربما لو ساعده الوضع سوف يجعلها تجلس مع طبيبة نفسية وتتابع حالتها.

عقدت يلديز حاجبيها:

-ماذا بك يا مراد؟ لماذا تشعر بالضيق وأنت تحدق بي هكذا؟

ضحك مراد بعد ان تدارك تعابير وجهه وهو يحرك رأسه بنفي:

-لا شيء يا أميرتي تناولي طعامكِ فقط الآن.

اومأت له وهي تبتسم:

-حسنًا الطعام لذيذ للغاية.

-----
صرخ هذا الضخم وهو يقف أمام جابر:

-كيف يمكنني الإنتظار كيف وقد عادت إلى منزل الأحمق الذي أتى من أجلها، تقول لي أنتظر أنا لن أنتظر يا جابر وبعد معرفتي بمكانها سوف أذهب لأنتزعها بالقوة من بينهم وليحدث ما يحدث هل تفهم؟!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي