الفصل التاسع مخدرات

كان مراد يجلس في سريره بعد أن حاول النوم وفشل في النهاية:

-لا أعلم ما الذي فعلته أنا، أظن أنني فقدت عقلي بالكامل، كان عليّ التحكم في مشاعري أكثر، كان عليّ أن أنتظر ولكنني كالغبي وأمام روڤان اخبرتها ببساطة أنني أحبها.

صمت مراد والإبتسامة ترتسم فوق شفتيه، ضحك وهو يتذكر هيئتها، وجنتها الحمراء، عينيها اللامعة، ارتباكها الشديد، تمنى لو لم يخرج سريعًا وبقى يتأملها.

كانت يلديز في ها الوقف تقف أمام النافذة، ابتسمت روڤان وهي تلاحظ تعابير وجهها:

-بماذا تفكرين يا يلديز؟

لم تبدي يلديز أي رد فعل، علمت روڤان أنها تفكر في شيء ما يشغل عقلها، من الطبيعي أن تتشتت عن حديث روڤان، اقتربت منها واضعة يدها على كتفها:

-ما الذي يشغل عقلكِ يا يلديز؟ هل مازلتي تفكرين بمراد حتى الآن؟ أوشك الفجر على الأذان وأنتِ لا تفكرين بشيء سوى مراد.

نظرت يلديز لها وقد كان وجهها أحمر اللون، تحدثت ببعض الخجل:

-هل سمعتي الشيء الذي قاله مراد يا روڤان؟ اخبريني هل يعني حقًا كل شيء قاله؟

ابتسمت روڤان وهي تومأ لها بثقة:

-أجل يا يلديز، أنا أثق بمراد كثيرًا، هو يعني كل شيء قاله، هو يحبكي يا يلديز، لا يمزح، هو احبكي بصدق يا فتاة.

ضحكت يلديز وهي تدفعها بلطف وخجل:

-توقفي عن التحدث معي بتلك الطريقة يا فتاة، لا تكوني غليظة.

بقيت روڤان تضحك معها وترى كم هي مشتتة، تارة تراها سعيدة جدًا، تشعر أنها سوف تطير من فرط سعادتها، لكن تارة أخرى لا تعلم ما الذي يصيبها ليحتل الحزن عينيها ويتملك القلق من قلبها!

أتى اليوم التالي، اجتمعوا حول مائدة الإفطار، تحدثت هاجر وهي تبتسم:

-مراد حبيبي أنا أريد التنزه اليوم، قالت أمي أن أذهب معك قبل أن تذهب إلى عملك، يمكننا أن نسير أو نصعد بالسيارة كما تشاء.

تحدق يامن بضيق شديد:

-ما حاجة النزهة يا هاجر؟ نحن نخرج معًا لا تجعلي مراد يمل و..

قاطعه مراد بهدوء:

-لا يوجد مشكلة يا عمي.

كان مراد يلاحظ نظرات يلديز، لم تكن ماكرة بالقدر الكافي الذي يجعلها تزيل ابتسامتها، كان يونس ينظر إلى مراد والضيق الشديد يظهر على وجهه، لا يعلم ما الذي يخطط له:

-ظننت أنك سوف تخرج مع يلديز في يوم أجازتك يا مراد!

تعجبت هاجر من سلوك أخيها، لاحظت هدوء مراد الشديد الذي يقارب البرود:

-هل اليوم إجازتك يا مراد؟

أومأ مراد لها بهدوء، وقفت يلديز مبتعدة عن طاولة الطعام ومن ثم اتجهت للحديقة لتلعب مع جاك، لم تستطيع الصمت كانت على وشك الانفجار لتتحدث إلى جاك:

-يقول أنه يحبني وينسى الأمر سريعًا يا جاك كأنه لم يقل شيء! يريد أن يخرج مع هاجر تلك الغليظة في يوم إجازته، لن أتحدث معه يا جاك أبدًا.

-حقًا لن تفعلي!

التفتت يلديز عندما استمعت إلى صوته، وجدته يقف أمامها بطوله الفارع المعتاد، ابتسم وهو ينظر لها، تحدثت يلديز بضيق شديد:

-ما الذي تريده يا مراد؟ لماذا تبعتني إلى هنا لا أفهم هل تريد الصراخ في وجهي مجددًا؟

حرك مراد رأسه بنفي، اقترب ليضع يده على شعرها:

-لن أفعلها يا يلديز، لا تقلقي بعد الآن، هيا اذهبي واختاري ملابس مع روڤان و..

قاطعته يلديز وهي تحرك رأسها بنفي:

-لن يحدث يا مراد، لن أذهب معك إلى مكان هل تفهم؟

ابتسم مراد وهو يعلم سبب غيظها جيدًا، دفعت يده عن شعرها بغيظ شديد وابتعدت عنه، قام بسحبها بضيق شديد:

-لا تطيقيني ولا ترغبين أن تتزوجي بي، مع ذلك تشعرين بالغيرة والضيق عندما أتعامل مع أحد غيركِ.

دفعته وهي ترفع أصبعها أمام عينيه بتحذير:

-لا تتمادى يا مراد أنا أحذرك، هذا ليس صحيح، تعامل مع أي شخص لا يهمني، لا أغار عليك يا مراد؛ لأنني ببساطة لا أحبك.

نظر مراد إلى عينيها وهو يبتسم، اقترب من وجهها لينظر إلى عينيها مباشرة:

-لا تقول عينيكِ هذا يا يلديز، عينيكِ تخبرني أنها مغرمة بي.

ابتلعت ما بحلقها ومن ثم ابتعدت عنه مجددًا، ضحك مراد وهو يومأ لها:

-لن أزعجكِ أكثر من هذا، لكن هيا اذهبي إلى روڥان لتختار ما يناسبكي من الملابس، جميع العائلة سوف تخرج يا يلديز، لا يمكنكي أن تبقي هنا بمفردكِ.

شعرت بالضيق الشديد من طريقته المراوغة، ذهبت في النهاية وعقلها مشتت، لا تعلم هل حقًا يحبها أم يتلاعب بمشاعرها، لا يمكنها أن تغفر له لو حدث وخدعها.

بالفعل خرجوا جميع إلى حديقة جميلة لتستمتع جنيع العائلة، تحدث بدر وهو يضحك مخاطبًا روڤان:

-أراهنكِ أن مراد أتى إلى هنا غصبًا، هو حقًا لا يطيق تلك الأمور.

ابتسمت روڤان وهي تنظر تجاه مراد:

-لا يا بدر، هو يبدو هادئ، أظن أنه يستمتع بالفعل، أنظر كيف يبتسم بين حين وآخر.

ابتسم بدر ساخرًا وهو ينظر إلى روڤان بجدية:

-من يرى وجه يلديز أمامه ولا يبتسم يا روڤان؟ لقد استطاعت أن تحرك مشاعر مراد المحنطة منذ سنوات، في الحقيقة الشاب معذور.

ضحكت روڤان ومن ثم اختفت إبتسامتها لتقوم بلكم صدره:

-لا تغازل الفتاة يا بدر أنا أحذرك، إن سمعك مراد أيضًا لن يغفر لك.

ابتسم بدر وهو يومأ لها:

-لم أقصد يا روڤان، أريد ان أقول أن مراد معذور فقط، هذا كل شيء يا حبيبتي.

ابتسمت ساخرة ومن ثم قامت بابعاد عينيها، وقفت يلديز لتبتعد عن مراد وتقترب من روڤان، كانت أعين مراد تراقبها في كل خطوة، كأنه يخشى حدوث أي شيء لها، ابتسم بدر وهو يسألها:

-ما الأمر هل ازعجكِ شيء يا يلديز؟

ابتسمت وهي تحرك رأسها بنفي:

-رأيتكم تتحدثون وتضحكون، اردت التحدث معكم فقط.

أشار لها بدر لتقترب وتجلس بجواره، ابتسمت وهي تنظر له:

-أنت تشبه مراد كثيرًا ولكن عينيك أكثر جمالًا يا بدر، لست حاد الطباع مثله.

ضحك بدر وروڤان تنظر له بغيظ وتحاول منع ضحكاتها:

-اعجبتك كثيرًا تلك الجملة.

نظر بدر إلى يلديز وهو يحدق بعينيها:

-أظن ان عينيّ تشبه عينيكِ كثيرًا يا يلديز، من الدرجات الزرقاء.

اومأت يلديز وهي تقترب لتنظر إلى عينيه، قاطعهم صوت مراد الغاضب:

-ما الذي يحدث هنا لا أفهم؟

نظروا جميعًا له، كان وجه هاجر غاضب كثيرًا، سمعت صوت يونس وهو يقترب ليهمس لها:

-تريدي أن تتخلصي من تاك العلاقة؟

نظرت هاجر له بتعجب، وجدته يبتسم بخبث شديد:

-ضعي يدكِ بيدي وأعدكي أن علاقتهم سوف تتدمر تمامًا يا هاجر، أعدكي سوف تفقد يلديز ثقتها به، اتبعيني لنتحدث.

سار مبتعدًا عن الجميع وتبعته هي، كانت والدتهم منتبهة لهم، لكنها لم تتخيل أن يفكروا بتلك الطريقة أبدًا.

نظرت هاجر إلى يونس بحيرة:

-ما الأمر؟ بماذا تفكر يا يونس؟

ابتسم يونس وهو يتأمل السماء:

-سوف نضع شيء بسيط في عصير مراد.

شهقت هاجر بصدمة ونظرت له بغضب شديد:

-ما الذي تريد أن تفعله أنت؟ تريد أن تقتله يا يونس هل فقدت عقلك؟

وضع يونس يده على فمها وهو ينظر حوله بقلق، يتأكد أن لا أحد يستمع لهم في هذا الوقت:

-اصمتي يا غبية، لن أقتله، كل ما في الأمر أنني سوف أضع له دواء سيجعله يفقد السيطرة، سوف تتقربين من روڤان في الفترة القادمة، سوف تشغليها عن يلديز وأنا سوف أحل كل شيء.

ابتلعت هاجر ما بحلقها وهي تشعر بالقلق الشديد، اومأت له وهي تتمنى أن يسير كل شيء على مايرام.

نظرت يلديز إلى مراد وهي تشعر بالضيق الشديد:

-مراد أريد الذهاب إلى منزلك.

تعجب مراد وهو ينظر لها:

-لطالما احببتي الخروج من البيت ما الذي حدث الآن؟

وضعت يدها على قلبها وهي تنظر له بجدية وعينيها مسلطة على الماء:

-لا أرتاح، أشعر بوجود جوردن، لا يمكنني تجاهل هذا الشعور و..

قاطعها مراد وهو يمسك بيدها:

-لا تفكري في هذا الأمر يا يلديز، نحن هنا ولن يحدث شيء لكِ، هذا الحقير لن يقوى على فعل شيء لكِ، أعدكي.

ابتسمت وقد احمرت وجنتيها بخجل، وقف وهو يسحبها:

-سوف أسير مع يلديز، تريد أن تسير لتستنشق بعض الهواء.

تعجبت يلديز لكنه سحبها سريعًا وسار معها، كانت تشعر بالكثير من الحيرة، تراه يسير بهدوء ويبتسم وكأن هناك شيء ما يدور بعقله:

-هل أنت مجنون يا مراد؟

ضحك وهو يرمقها بغيظ شديد:

-أتذكر أنني تمنيت أن أخوض مغامرة ما، بدلًا عن حياتي المملة يا يلديز، لقد فكرت ان تكوني البطلة لفيلمي، لكنني أشعر أن هناك شيء ما يحترق بداخلي كلما اقترب منكِ شخص غريب أو يقربني.

كانت تنظر له وهي تشعر بالحيرة، من جديد تتشتت مشاعرها، ومن جديد لا ينصفها عقلها ولا تعرف السبب، تابع مراد حديثه وهو يبتسم ومازال يسير وهو ممسك بيدها:

-لا أعرف ما يحدث لي بالضبط، لكن في الحقيقية تثيري كل شيء بي لعشقكِ يا يلديز.

ابتسمت ولم تعد تشعر بالخوف كالسابق، لا تعلم كيف أن يكون لطيف بتلك الطريقة معها، لقد صرخت في وجهه، لقد بدت غبية كثيرًا أمامه، مع ذلك لم يسأم منها!

كانت هاجر تنظر في الساعة وكلما ارادت الذهاب خلفهم يوقفها يونس ويجعلها تهدأ، لقد وثقت أنه سوف يحل كل شيء هذه المرة، تعلم أن أخاها سوف يفعلها وكل شيء سوف يكون على مايرام.

وصلوا إلى المنزل والجميع ذهبوا إلى غرفتهم، في الليل اقتربت هاجر من غرفة روڤان، تذكرت ما قاله يونس، تذكرت أنه وضع الدواء في العصير الذي يشربه مراد في المساء، فكرت أن تذهب إلى غرفة مراد وتستغل ما يحدث ليتقرب منها.

ابتعدت عن الغرفة لتجد من يقبض على زراعها، انتفض جسدها واتسعت عينيها قبل أن ترى يونس:

-ما الذي تفكرين به أيتها الغبية؟ كنت أعلم أنكِ سوف تفسدين الأمر و..

قاطعته هاجر بانفعال واضح:

-لقد اخفتني، هذه الفرصة مناسبة لأتقرب من مراد يا يونس، ربما يكون عهد أنه سوف يتزوج بي.

قبض على فكها بغضب وتحذير:

-لا تفقديني عقلي، مراد الآن منجذب لتلك الفتاة، هو يحبها ولا يمكنه أن يطلع عليكِ، نريده أن يخسرها أولًا، كوني ذكية يا هاجر ولا تفكري بقلبكِ، هيا اسحبي روڤان لتتحدثي معها.

استسلمت هاجر لحديثه وبالفعل قامت بطرق الباب على روڤان لتفتح وترى يلديز تقوم بتمشيط شعرها:

-أريد التحدث معكِ يا روڤان في أمر ضروري، أظن أنكِ تعرفيه ولا يمكنني التأجيل إذا سمحتي.

تعجبت ولكنها اقتربت:

-ما الأمر يا هاجر؟ ما الشيء المهم في هذا الوقت؟ نريد أن ننام.

اومأت هاجر لها وهي تنظر تجاه يلديز:

-لن نجلس معًا كثيرًا، هيا تعالي معي.

ذهبت روڤان وبقيت يلديز جالسة في الغرفة، كان يونس في هذا الوقت يفكر كيف يجمعهم معًا، يعلم أن مراد مؤكد تناول العصير ولا يفهم لماذا بدأ يشعر بالتعب فجأة، ذهب يونس إلى غرفته وقام بطرق الباب وفتحه:

-مراد علينا التحدث.

وجده يقف أمام المرآة وهو يمشط شعره:

-ما الذي تفعله هنا في هذا الوقت وما الذي تريده يا يونس؟

تعجب يونس عندما وجده طبيعي، هو تذكر أنه وضع له المخدرات في العصير الخاص به! تحدث يونس ببعض التردد:

-أريد أن أتحدث معك يا مراد، لا أريدك أن تغضب مني و..

قاطعه مراد بانفعال زائد وهو يضرب فرشاة الشعر بالأرض:

-أخرج لست في مزاج جيد للتحدث.

علم يونس أن مراد ليس بحالته الطبيعية، عينيه البندقية حادة، على جبينه بعض قطرات العرق، ابتسم يونس، لكن سريعًا تدارك نفسه وهو يقترب:

-مراد تبدو متعب كثيرًا، حسنًا إن كنت لا تريدني سوف أرسل لك روڤان، يمكنها أن تقوم بعمل مشروب ساخن.

نظر مراد له بضيق شديد وهو لا يفهم لماذا يشعر بهذا الأختناق وكأن الأكسجين تم سحبه من الهواء فجأة:

-أذهب يا يونس، لا أريد أحد، أنا أشعر بضيق أنفاسي وسوف أكون بخير لا داعي للقلق.

حرك يونس رأسه بنفي وهو يخرج من الغرفة، ابتسم وهو يرى مخططه ينجح، يتمنى أن يسير كل شيء كما خطط له، ذهب إلى غرفة روڤان ويلديز، قام بطرق الباب ليسمع صوت يلديز:

-ادخلِ.

فتح الباب ورأها واقفة أمام النافذة، اقتربت منه ليتحدث مسرعًا:

-أين روڤان يا يلديز؟ مراد متعب كثيرًا وأريد لأحد أن يبقى معه ويساعده لأنه لا يريدني أن أقترب منه و..

قاطعته بخروجها واندفاعها تجاه غرفة مراد في آخر الممر:

-سوف أراه يا يونس، روڤان ليست هنا، لقد ذهبت مع هاجر أختك.

ابتسم عندما وجدها تدخل إلى غرفة مراد، اقترب وهو يخرج مفتاح غرفة مراد من جيب بنطاله وبهدوء أغلق الباب، في هذا الوقت استمع إلى صوت مراد:

-ما الذي تفعليه هنا في هذا الوقت يا يلديز؟ اذهبي إلى غرفتكِ الآن.

اقتربت يلديز منه بقلق وهي تحاول أن تفهم ماذا به:

-اخبرني يونس أنك مريض، كان يريد أن يخبر روڤان، لكنها ليست هنا، قل لي ماذا بك؟!

نظر لها وقد شعر بالضيق الشديد، أخذ نفس عميق وتحدث بهدوء وهو يتجه لباب غرفته:

-اخرجِ من هنا الآن يا يلديز، لا أحتاج للمساعدة.

حركت يلديز رأسها بنفي وهي تقترب لتمسح جبينه:

-أنظر أنت تتعرق بشكل زائد وهذا ليس طبيعي، ربما على وشك أن تُصاب بحمى ما!

ابتعد مراد وهو لا يعلم ما الذي يحدث له يشعر بالعالم يدور به، حاول فتح الباب لكنه لم يفتح وهي لا تهتم بشيء سواه:

-مراد هل هناك شيء تأكله يحسن من حالتك؟ أمي كانت تصنع بعض الأعشاب ولكنني لا أتذكر الطريقة، هل تعرف أحد الطرق؟

انفعل مراد وهو يلتفت لها صارخًا:

-توقفي عن الثرثرة، قولت أنني بخير ولا أحتاج لشيء، لا أحتاج للمساعدة.

ابتعدت يلديز وهي لا تعلم ما سبب غضبه، ابتلعت ما بحلقها بتردد وهي تسأله:

-لماذا تصرخ في وجهي؟ لم أفعل شيء لك ومن جديد تتعامل معي بطريقة لا تعجبني.

اقترب وضع يده على وجنتها:

-يلديز أنا أشعر بالأختناق، لا أعلم ما الذي يحدث لي، لست بحالتي العادية وأشعر..

قطع حديثه بعد أن داهمه دوار مرة أخرى ليكاد السقوط، امسكت به وهي تشعر بالقلق الشديد بشأنه:

-مراد تماسك..

فتح عينيه وهو يحاول الأتزان، تحدثت من جديد والقلق يندلع من عينيها:

-كل شيء سوف يكون على مايرام، الآن أنا سوف أسرع بالذهاب إلى عاصم، يستطيع التعامل أليس كذلك؟

لم يسمع لها بالأبتعاد وتعجبت من اقترابه الزائد منها، دفعته عندما قرب وجهه منها وقد احمرت وجنتيها:

-ماذا بك أنت توقف عن التصرف بتلك الغلاظة..

قاطعها بسحبه لها وهو يقترب منها:

-يلديز أنتِ سوف تكونين زوجتي، لا تتركيني أنا أحبكِ كثيرًا.

دفعته بقوة وقد اتسعت عينيها، ابتعدت عنه بخوف:

-لقد فقدت عقلك يا مراد، إياك أن تفكر بالاقتراب، ابتعد لن أسمح لك.

اقترب منها وقام بلوي زراعها والغضب يندلع من عينيه كلما شعر برفضها له:

-تعانديني أم تعاندين نفسكِ؟ أنا أحبكِ وأعلم أنكِ تبادليني الشعور، توقفي عن المجادلة وإلا سوف تندمين كثيرًا يا يلديز.

حاولت الأبتعاد عنه وقد اوشكت على البكاء:

-ابتعد عني يا مراد، لا أريد البقاء معك، هذا ليس حب أنت تحاول استغلالي وأنا لا أوافق على الزواج بك، لن أوافق مهما حدث، سوف أكرهك يا مراد إن تعاملت بتلك الطريقة.

قبض على وجهها لتنظر إلى عينيه مباشرة، تحدث بهدوء شديد وهو يضغط على أسنانه:

-يلديز توقفي عن التصرف بتلك الطريقة، لستِ طفلة، لا أريد أذيتكِ أنا بحاجة لكِ يا يلديز.

دفعته يلديز بقوة ومن ثم قامت بصفعه صارخة بغضب:

-لا تقترب مني، لا أريد هذا، ابتعد وأفتح الباب لي في الحال، إن لم تتوقف أقسم أنني سوف أصرخ وسوف أهرب بعيدًا عن هنا.

ركضت تحاول فتح الباب لكنها فشلت، ظلت تلكمه بقوة ودموعها تتساقط، سحبها مراد بانفعال:

-توقفي عن هذا، أنا لم أفعل لكِ شيء يا يلديز توقفي.

صرخت وقد شعرت بالرعب من حبسها معه في غرفة واحدة:

-اتركني في الحال، أفتح الباب، روڤان ساعديني.

سمع تجمع العائلة واقترابهم من غرفته، أغمض عينيه وهو يلعن نفسه ويلعن خوفها:

-يلديز لن أفعل شيء لكِ أنا أحبكي، لا تنفري مني بتلك الطريقة.

كانت تضربه وهي تحاول التحرر منه، كسر بدر ويونس الباب عندما فشلوا في فتحه، صدموا من اقتراب مراد منها ومحاولتها في دفعه، سحبها منه عاصم ومن ثم قام بصفعه بقوة:

-أجننت يا مراد؟ كيف تجرأ على تجاوز حدودك بتلك الطريقة؟ كيف تفقد عقلك وتخون ثقتها وثقتنا جميعًا.

كانت يلديز منهارة في حضن روڤان المصدومة، تحدثت الجدة بغضب شديد:

-ما الذي تفعله هي في غرفته؟ أليس من المفترض أن تكون في غرفة روڤان؟!

نظرت يلديز لها من بين دموعها، تحدثت بأنهيار:

-ظننته مريض، لم أفعل شيء.

كانت روڤان تمسح دموعها وقد تساقطت دموع روڤان معها، اقترب مراد منها وهو يحرك رأسه بنفي:

-لم أقصد شيء، لست بخير، لا تبكي، لا تفعلي هذا بي يا يلديز.

ابتعدت عنه ومن ثم ركضت بسرعة إلى الأسفل، تحدث عاصم بغضب شديد وهو يرجع شعره للخلف:

-لا أصدق أن تفعل هذا حقًا يا مراد، لقد كنت آخر شخص أتوقع شيء قبيح كهذا منه، هبط مراد ليمسك به بدر والضيق يسيطر عليه:

-ما الذي تريده منها؟ لن تقبل حديثك الآن، لقد فهمت كنت تتعمد ابعادها عنّا جميعًا من أجل تفكيرك المريض هذا؟!

نظرت هاجر إلى يونس الذي يظهر عليه السعادة، شعرت أن هذا لن يساعدها، هو تعمد تدمير مراد في نظر الجميع، تدخل تبعهم يونس لتتسع عينيه بدهشة وهو يقترب من باب المنزل:

-الباب مفتوح! لقد هربت يلديز من المنزل.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي