الفصل الخامس عشر لحظة أمل

تحدثت كادي والدموع بعينيها:

-لا يا أبي، لا يمكنني الزواج الآن.

انفعل والدها وهو يرمقها بغضب شديد:

-لماذا يا كادي؟ ما المانع؟ صادق شاب جيد، يتمنى الكثير من الفتيات الزواج به، هو طلبكِ مرارًا ولا أجد مانع يجعلنا نرفضه!

انفعلت كادي وهي تحرك رأسها بنفي، كانت تفكر في شيء تقوله لكنها لم تجد ما ينصفها من الكلمات لتقرر التحدث:

-لا أريده لأنني حرة، أنا لا يمكنني أن أوافق على الزواج بشخص لا أحبه ولا أريده، أنت تعلم يا أبي أنا أفضل من يلديز ومن إيكيز، لا يمكنك أن تعاملني كالعبدة و..

قاطع حديثها اقتراب صادق:

-عمي إذا سمحت دعني أتحدث مع كادي، لن أجل حديثي يطول، أنا فقط أرغب في التحدث إليها لافهم وجهة نظرها، ولكي أعلم سبب رفضها لي.

نظر والدها له وهو يشعر بالتردد، اخذ نفس عميق وهو يومأ في النهاية:

-أذهب تجاه الشاطئ يا صادق، سوف أجعلها تأتي لتتحدثوا، لا يصح ان تبقى هنا حيث يناموا الفتيات.

أومأ صادث ومن ثم ذهب سريعًا، حركت كادي رأسها بنفي:

-لن أغير رأيي يا أبي، هو لن يستطيع أن يغير وجهة نظري لهذا توقفوا عن المحاولة.

كادت تذهب ليقم والدها بسحبها وهو يحاول أن يتمالك أعصابه:

-فعلتي كل شيء تريديه، أنا لم أسألكي يومًا ما الذي تفعليه وأين تذهبي ومع من تتحدثي، الآن عليكِ أن تعطي الفرصة إلى صادق، لأنه يستحقها يا كادي، اذهبي وتحدثي معه ويمكننا أن نقرر فيما بعد.

كانت تنظر له وهي لا ترغب في الذهاب، كادت أن تتحدث وعينيها تحاول أن تمنع دموعها من الهبوط، لكنه قاطع حديثها بحزم:

-أعلم جيدًا أنكِ ترفضين صادق من أجل جوردن، لكن دعيني أذكركي أن جوردن عندما فكر في الزواج لم يطلع عليكِ، هو فكر في ابنة عمه يا كادي، هو يحبها كثيرًا حتى أنه قد ذهب خلفها مباشرة ولن يعد حتى الآن.

نظرت كادي إلى عينيه مباشرة، كانت تشعر بالكثير من الحزن، لا تعلم ما الذي يجب أن تفعله أو تقوله، والدها سوف يقتلها إن علم بعلاقتها مع جوردن، لقد كان يخبرها أن تتقرب منه حتى يتزوج بها، لكنه لو علم أنها تجاوزت حدودها لن يرحمها.

لاحظ والدها شرودها، علم أنها تفكر به، لا يعلم كيف لابنته أن تقع في حبه إلى هذا الحد، أجل هو رجل قوي ولا يخاف من شيء، ابن أخ الحاكم وهو المرشح للسيطرة على جزيرة التوابيت من بعده، لكنه قاسي! تحدث والدها إليها من جديد:

-حبيبتي كادي، اسمعي لي أنا لا يوجد لدي صبر، لن أتنازل عن ذهابكِ إلى صادق والتحدث معه، افعلي هذا من أجلي هيا.

------
اقتربت شروق من سعيد في هذا الوقت وهي تنظر تجاه يلديز التي ارتدت عباءتها وهي تتعجب منها:

-هل أنت واثق من هذا يا سعيد؟ أخشى أن يحدث شيء لك يا حبيبي.

حرك سعيد رأسه بنفي وهو يمسك يدها ليجعلها تطمئن:

-سوف أذهب بها لقسم الشرطة، هم سوف يتعاملون معها يا شروق، لا أريد أن يأتي الليل ويصبح الوضع أكثر صعبة، استمري بالدعاء لي.

خرج مع يلديز التي اشارت إلى شروق وهي تبتسم:

-مؤكد سوف أراكي مجددًا، لم يمر سوى يوم واحد، لكنني احببتكِ كثيرًا يا سيدة شروق.

ضحكت شروق ومن ثم اقتربت وقامت بضمها:

-يمكنني أن أرى كم أن قلبكِ نظيف يا يلديز، أدعوا أن يتم حفظكِ دائمًا، الله لن يترككي وسوف يساعدكي مؤكد.

ابتسمت يلديز وهي تومأ لها:

-شكرًا لكِ.

ذهبت مع سعيد ولا يعلم أنه بالفعل هناك من يبحث عن يلديز، تحدث سعيد وهو يفكر:

-سوف نأخذ تاكسي لأقرب قسم شرطة، سوف نخبره قصتكِ الغريبة تلك ومؤكد سيكون لديهم الكثير من المعلومات.

اومأت يلديز له وقد اشتعل الأمل بداخلها، سألته وقد كان الفضول يتحكم بها طوال الوقت:

-هل تعيش أنت وزوجتك بمفردكم في هذه الشقة؟

أومأ لها سعيد وهو يعلم أنها ستسأله لو كان لديه أبناء:

-اجل نحن نعيش هنا بمفردنا، لم يرزقنا الله بابناء وقد كانت شروق مريضة واضطررنا أن ننتقل من شقتنا الجيدة إلى هذا المكان، على كل حال ليست سيئة إلى هذا الحد ألا توافقيني؟

نظرت يلديز له بجدية:

-أنا رأيت الكثير من المنازل، كانت أكثر جمالًا، إن رأيت عاصم مرة أخرى سوف أخبره أن يجعلك تسكن في منزله، أنا أعدك.

ضحك سعيد وهو يومأ لها، لا يعلم هل تتحدث عن شخص هنا أم شخص في عالمها الغريب داخل الجزيرة التي تستمر في التحدث عنها!

وجد من وضع يده على كتفه تعجب وهو ينظر إلى هذا الرجل ذات البذلة السوداء القاتمة والسماعة الموضوعة بأذنه وبجواره رجلين آخرين بنفس الهيئة، تحدثت يلديز بتعجب وقد شعرت بالقلق:

-هل تعرفهم يا سعيد؟!

حرك سعيد رأسه بنفي وهو يبتلع ما بحلقه بقلق:

-من تكونوا أنتم؟

نظر الرجل له ومن ثم تحدث وهو يضع يده على السماعة:

-لقد عثرنا على الفتاة بنفس المواصفات مع رجل في أحد المناطق التي دلتنا عليها الكاميرات، إحتمال كبير أن تكون هي نفسها.

امسكت يلديز بزراع سعيد والقلق يلتهم قلبها، تتذكر كيف هربت من حمدي وجوردن، هل من الممكن أن يكونوا هؤلاء الرجال معهم؟!

نظر الرجل تجاهها وتجاه العم سعيد ومن ثم تحدث بهدوء شديد:

-تفضلوا معنا هيا، علينا أن نتأكد إن كانت نفسها الفتاة المقصودة.

حركت يلديز رأسها بنفي وهي على وشك أن تهرب ليسرع الرجل بالامساك بها لتعض زراعه ومن ثم تصرخ:

-اتركني، لا أريد الذهاب معكم، لن أتزوج بجوردن هذا، أرجوكم دعوني، سعيد ساعدني.

بدأت في البكاء وحاول سعيد مساعدتها لكنه لم ينجح، أمسك به الرجل وهو يسحبه معه:

-هيا من الأفضل أن تأتي معنا بهدوء.

سحبوهم لإحدى السيارات ويبدو على وجوههم الإرهاق، يبدو أنهم لم يناموا كصديقنا الذي يجلس فوق الكرسي وهو ينتظر الوقت أن يمر سريعًا ويجلبوها له.

اقتربت منه روڤان وعينيها تلمع بسعادة:

-هل حقًا وجدوها يا مراد؟ هل هي نفسها يلديز؟ لا يمكنني أن أصدق لقد كدت أفقد عقلي.

حاوط مراد وجهها ومن ثم قام بتقبيل جبينها والإرهاق يظهر على وجهه:

-أتمنى أن تكون هي يا روڤان، يبدو أن يلديز خلفها أشياء أكبر من مجرد مكان لا نعرف بوجوده هنا، لقد تم القبض على رجال قد تورطوا في حكايتها، ظهر أنه أحد رجال العصابات لتهريب المخدرات والسلاح، كذلك التجارة في الأعضاء البشرية، استطاعت الشرطة انقاذ البعض أما البعض الآخر..

قطع حديثه وهو ينظر لها ويعلم ان هذا سوف يحزنها ويؤثر على مزاجها:

-البعض الآخر قد اصبحوا جثث، يبدو أن المدعو حمدي كان يأخذ احتياطاته جيدًا، لكن هروب يلديز دمر الكثير من المخططات، يرفضوا البوح عن مكان هذه الجزيرة والشرطة سوف تتولى البحث، هل يعقل أن تكون موجودة بالقرب من هنا دون معرفة أي شخص؟ الأمر لا يصدق.

ابتلعت روڤان ما بحلقها والدموع بعينيها:

-هل من الممكن أن يكون هناك سوء قد لحق بيلديز؟ لو كانت هذه الفتاة ليست يلديز ما الذي سوف نفعله يا مراد؟ رجالك وقتها ماذا سوف يفعلون يا ترى؟!

حرك مراد رأسه بنفي وهو يأخذ نفس عميق والضيق يحتل صدره:

-لدي ثقة بخالقي يا روڤان، لن يخيب أملي، أنا أعلم هذا جيدًا.

جلس في مكانه وعينيه مسلطة على الباب، يدعي الله أن تكون الفتاة يلديز وليست فتاة أخرى تشبهها.

--------
تحدث بدر وهو يبتلع ما بحلقه بقلق:

-لم أتخيل أن الأمور بهذا السوء كما اخبرني مراد، لكن ألا تعرف حقًا مكان هذه الجزيرة؟

نظر أدم إلى بدر وهو يجلس معه في حديقة المنزل، يشعر بالكثير من التشتت:

-يمكنني اصطحابكم إلى مكان السفينة، لكنني لا اعرف الجهة الصحيحة، الجزيرة من يراها من بعيد يكاد يجزم أن لا حياة عليها، عندما تمر سفينة أخرى ولا ترفع أجراسها هناك إشارات تعطى من حرس الجزيرة ليختفي الجميع على الفور وعندما يفكر أحد في الاقتراب منها تكون حياته هي التمن.

عقد بدر حاجبيه بعدم استيعاب:

-لا يمكنني أن أصدق أنه يوجد هناك شيء كهذا، أنا بالفعل أشعر بالصدمة الشديدة.

وقف أدم وهو يومأ له، كان يصمت في كثير من الأوقات ويتشتت عقله، عاد للتحدث من جديد:

-سوف يكون كل شيء على مايرام، أنا لم أعد أخاف كالسابق، قال مراد أنه سوف يحميني ويمكنني الوثوق به، لقد تم القبض على حمدي وجاسر في غمضة عين، الآن علينا أن نجد يلديز.

أومأ بدر وهو يفكر في كل ما حدث، أخذ نفس عميق ومن ثم اجابه:

-مراد لن يصمت، سوف يفعل أي شيء ليجدها، أنا واثق أنه لن يستسلم أبدًا يا أدم.

ابتسم أدم وهو ينظر إلى بدر:

-يبدو أنه يحبها كثيرًا، أظن أن يلديز محظوظة ليقع شخص مثله في حبها، لكنني سمعت أنها هربت من هنا هل هذا يعقل؟

نظر بدر له، أراد أن يصمت ولا يتحدث في أي شيء حدث، لا يريد أن يقل شيء يزعج مراد:

-لا أحد يعلم كيف يفكر الشخص يا أدم، دعنا ننتظر.

--------
انفعلت كادي وهي تنظر له وقد كادت عينيها أن تطلق شرارًا:

-أنت تعلم أنني هنا دون ارادة مني، من أجل أبي وحديثه وأمره، لولا هذا لم أكن لأتي وأراك.

نظر صادق لها، لقد كان شاب ذات بشرة خمرية، يرتدي سترة مفتوحة الصدر، تبرز عضلاته ولديه شعر فحمي كثيف:

-أعلم هذا يا كادي، أعلم انكِ كنتِ تحبين جوردن هذا كثيرًا، لكن أعلم أيضًا أنكِ مازلتي صغيرة ولا تعلمين كيف تختاري.

ابتسمت كادي بتهكم وهي تضيق عينيها لتنظر له:

-أنا لن أفكر بك مهما يحدث يا صادق، ليس لدي الوقت لهذا حتى، دعني وشأني.

كادت أن تذهب لكنه وقف أمامها وهو يحرك رأسه بنفي:

-كادي أنتِ تخطأين، أنا أشعر بالحزن الشديد تجاهكِ، جوردن يتسلى وأخشى أن تقعي في شباك صنعها هو بخبثه الشديد، ليس الرجل الشهم وبعيد كل البعد عن الرجال الجيدين.

نظرت كادي له وهي ترفع سبابتها في وجهه لتحذره:

-إياك أن تتحدث عنه بسوء يا صادق أنا أحذرك، سوف أخبره عندما يعود ووقتها لن يغفر لك.

وجدته ثابت وعينيه البندقية مسلطة على عينيها، حرك رأسه بنفي وقد شعر بالضيق الشديد:

-أنتِ مخطأة يا كادي، تخطأين كثيرًا، أنا لا أخاف من جوردن هذا، إن تطلب الأمر للوقوف أمامه سوف أفعل، لست كالجميع ولا أخافه يا كادي.

نظرت له وهي تحرك رأسها بحيرة شديدة:

-لا أصدق انك حقًا تحبني يا صادق!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي