4

وقفت ماريا عند باب المنزل من الداخل، تتأمل ما ترى أمامها، منزل متواضع غريب الطراز كل شيء مصنوع من الخشب أو الفخار.

ولا أثر لأي شيء من تلك الاشياء التي اعتادت رؤيتها في منازل صديقاتها واهلها، كان الاثاث متواضعا مصنوعا من الخشب إضافة لبعض الأقمشة التي تغطيه فقط، لا اثر للإسفنج او لتلك الوسائد الناعمة.

وضع الرجل يده خلف ظهر ماريا يدفعها برفق نحو الداخل، وهو ينظر لها برفق وقال: هيا، ألن تدخلي يا ماريا؟

ردت عليه ماريا بتردد: لا ادري انا_

قاطعها الرجل: هيا تعالي، انا واثق من أنك ستحبين المكان جدا، وتحبين الفتيات ايضا.

قالت ماريا بصوت خافت: لا ادري يا عم، انا لست مرتاحة فقط.

دخل الرجل إلى منزله غير ابه بما قالته الفتاة، وهو ينادي: يا فتيات، يا فتيات، اين انتن؟

هرعت الفتيات إلى والدهن عندما سمعن صوته، وماريا لاتزال واقفة عند العتبة تتأمل أنحاء المنزل، كانت تلك الصالة وهي اكبر غرفة في المنزل فيها يحدث كل شيء من الأمور اليومية.

كانت ماريا في البداية تظن نفسها قد أتت بطريقة ما إلى قرية فقيرة او ما شابه ذلك، ولكنها الان تعلم أنها ليست في الدنيا التي كانت تعيش فيها!

لا أثر للكهرباء ولا لأدواته، ولا حتى لأي شيء مما عهدته في منزلها، كانت السرج تضيء المنزل بألسنة لهبها المتراقصة والشموع تساعدها.

كل شيء مصنوع إما من الخشب أو الفخار أو الطوب فقط، وبالكاد هناك ألوان خفيفة على الجدران.

والهدوء غريب في المنزل كأنه فارغ لا احد فيه، قاطع ذلك التفكير صوت قرع الأقدام والنعال على الأرضية المصنوعة من الخشب، عاد الرجل من الداخل وحيداً بعد أن نادى على بناته، ووقف بجانب ضيفتهم التي حلت بهم ليعرفها بهم.

اتت الفتيات الثلاث وتجمعنا بجانب بعضهن، وتقدمت اكبرهن سناً "قمر" إلى والدها وقبلت يده ووضعتها على جبينها، وهي تقول: اهلا بعودتك يا أبتي.

قمر هي إحدى الفتيات الثلاثة، وهي البنت البكر، تبلغ من العمر عشرين عاماً، بقامة رشيقة وجذع نحيل وجمال غير عادي، شعر اشقر ذهبي وعينان زرقاوتان لامعتان.

ببعض حبات "النمش" عند انفها" المدبب الصغير متناثرة فوق ذلك الوجه الأبيض المائل إلى اللون الوردي، مرتدية فستانها الطويل إلى منتصف الساق وضفائرها تلامس خصرها.

تقدمت الفتاة الأخرى وهي "حور" البنت المتوسطة بين أُختيها، وتبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً لتفعل ذات الشيء وتقبل يد والدها.

فهذه من العادات التي لا غنى عنها في هذه البلاد، كانت اقصر بقليل وجسم نحيل ايضا وشعرها الأكثر نعومة بين اختيها، ووجه مائل إلى الحمرة قليلا وتتشارك مع اختها لون العيون ذاته "الازرق".

لحقت بها اختها الصغيرة "نور" لتضم خصر والدها بحب وحنان، تدس رأسها في معطفه تستنشق من عبيره، فوضع الوالد يده على رأس ابنته الصغيرة البالغة من العمر خمسة عشر عاماً، يمسد شعرها بحب.

تبسم الوالد وهو ينظر لفتياته، أغلى ما يملك في هذه الدنيا، وهو يمرر يده على كتفيها ليشعرها بدفئه وحنانه، نظر إلى ابنته الكبيرة وقال: يا قمر الا تسقينا شربة ماء.

أسرعت الفتاة إلى يمين الصالة، هناك حيث هو المطبخ، لتعود حاملة بيدها كأس ماء لوالدها، فتناوله من يدها وجلس على الكرسي.

اشار بيده إلى ماريا كي تأتي إليه واوقفها بجانبه، بينما كانت الفتيات الثلاث ينظرن إلى البنت الصغيرة بتعجب وغرابة مستنكرات وجودها بينهم.

قال الوالد محدث بناته: هل رأيتن هذه البنت من قبل في اي مكان؟

هزت الفتيات الثلاث رؤوسهن نافيات الامر، وقالت اكبرهن: من هذه الفتاة يا ابي؟

اكمل الوالد كلامه وقال: قبل ان أجيب، اين هي والدتك؟ اريد ان ارى إن كانت تعرفها.

اجابت قمر: امي خرجت قبل وصولك ببعض الوقت يا ابي.

استغرب الوالد من الأمر وسأل: خرجت! وإلى أين؟

قمر: قالت إنها ذاهبة إلى حفل في احد القصور.

بدا على الوالد امتعاضه واستيائه من الأمر واجاب: ااه، اجل القرية فارغة من سكانها حتى.

قالت قمر مبررة: قالت انها ستعود أول الليل.

قضم الرجل شفته السفلى وهو يقول مستهزئاً: ومتى عادت في مثل هذا الوقت، تلك السيدة المحترمة؟!

صمتت قمر، تراجعت قليلا إلى الوارء عندما رأت استياء والدها من هذا الامر، فأكملت نور الحوار قائلة بحماس: ولكن لماذا لا تأخذنا معها يا أبي! احب تلك الحفلات.

نظر الوالد إلى ابنته البريئة وقال: لازلت صغيرة على مثل تلك المصائب، ولكن على كل حال هذه هي ماريا، فتاة التقيتها في الطريق، ويبدو انها ضلت وافترقت عن اهلها.

اشار الرجل بيده إلى بناته وهو يعدد اسمائهن ويقول: هذه قمر الكبيرة، وهذه حور وصغيرتي نور وهن بناتي يا ماريا، اتمنى ان تحبينهم فهن لطيفات جدا، وسوف يكن صديقاتك الجديدات بإذن الله.

اقتربت قمر من تلك الطفلة التي بدا عليها انها بالثالثة عشر من العمر وقالت: مرحبا يا صغيرتي، تشرفت بمعرفتك.

تبسمت ماريا وردت التحية على قمر متبسمةً ونظرت إلى الأختين تتأمل شكليهما.

قالت قمر محاولة فتح حديث معها: كم عمرك يا ماريا؟

قالت ماريا باختصار: عمري ستة عشر عاما.

تبسم الجميع وكأنهم يسخرون مما قالت ماريا.

اقتربت قمر من ماريا وردت عليها متعجبة: مستحيل! لا أصدق هذا!

لم تستوعب ماريا ما كان سبب تعجب قمر من جوابها فتغيرت ملامح وجهها تحاول الاستفهام وهي تقول: لماذا؟ ما الغريب في الامر؟

أردفت قمر قائلاً وقد توسعت حدقات عينيها قائلاً: هل نظرت إلى نفسك بالمرآه!

حركت ماريا رأسها مشيرةً بالنفي وقالت متعجبة: لالزلت لا افهم لماذا كل هذا الاسغتراب؟

اقتربت قمر من ماريا وقالت: يا عزيزتي مظهرك يوحي بأنك ابنة ثلالثة عشر عاماً، انظري إلى نفسك.

التفت ماريا إلى الحدار الذي كان خلفها لترى مرآة صغيرة معلقة، ما إن رأت انعكاس وجهها حتى شعرت بالذهول وكأنها رأت شبحاً.

مررت يديها على وجهها تلامس خديها وتحاول استيعاب ما يجري، لقد كانت أصغر من شكلها الحقيقي بكثير وكأنها أصبحت اصغر بثلاث اعوام!

عادت والتفتت إلى الفتيات وهي تقول متلعثمةً: لا اعلم ماذا حصل لي لقد اصبحت اصغر مما كنت عليه!

نظرت قمر إلى والدها، وقالت بعد أن تعجبت من لكنتها الغريبة: يا أبي ما هي قصة ماريا؟ كأنها ليست من هذه القرية!


جعل الوالد يحك رأسه يحاول البحث عن اجابة، وقال: بصراحة، حتى انا لا اعلم شيئاً عنها.

فهي غريبة عن المكان ولولا ان يقال انني جننت لقلت أنها غريبة عن هذا الزمان.

حدقت قمر بوالدها متعجبة مما سمعت، وقالت: غريبة عن الزمان؟

الوالد: نعم، شكلها، لهجتها، وكلامها عن بلدها، حتى انها قالت انها من مصر!، وأنها قبل عدة دقائق كانت هناك!

رفعت قمر حاجبيها وقالت: هذه أغرب حادثة سمعت بها.

تنهد الوالد من شدة تعبه وقال: أنا متعب يا فتيات، سأخلد إلى النوم وانتن اهتممنا بها، أطعمنها وانظرن لما تحتاجه، هيا اذهبن معها جميعكن.

اعتدلت قمر في وقوفها وامسكت بيد ماريا تأخذها إلى غرفة الفتيات، بينما جلس الوالد بانتظار زوجته كي تعود من ذلك الحفل الذي تسميه "امسية شعرية".

اما الفتيات فقد دخلن إلى غرفتهن بصحبة ماريا، هذه الضيفة الجديدة الغريبة عنهم، وألاف الأسئلة تدور في رؤوسهم جميعا.

جلست الفتيات على أحد الاسرة يسألن ماريا عن قصتها، وبدأت ماريا تحكي لهم قصة الكتاب، هذا كل ما استطاعت ان تستوعبه.

أما الفتيات فكن لا يصدقن ما يسمعن من كلام ماريا الغريب والغير معقول، فواحدة تظن انها تهذي، والأخرى ترى أنها ابنة لمشعوذة ما، أما قمر فقد احتارت في توصيف هذا الأمر.

طفلة تدخل في كتاب! وتسافر في الزمان وتقطع البلاد، اهذا ممكن؟ بل والاغرب انه كان معها اخوها، اذاً.. أين هو الان؟

التفتت قمر إلى الفتاة وقالت: اريد ان اسألك في أي عام كنت، قبل ان تأتي إلى هنا؟

رفعت ماريا وجهها نحو السقف تفكر واضعة اصبعها على فمها وقالت: اممم كنت في عام ألفين و أحد عشر للميلاد.

صعقت الفتيات الثلاث من تلك الجملة، ونظرن ببعضهن غير مصدقات للأمر " الفين واحد عشر" هذا يعني أنها عادت إلى الخلف مئات السنين.

ابتسامة رهبة امتدت على وجه قمر: هل انت جادة يا ماريا؟

هزت ماريا رأسها بالإيجاب: اجل، ولكن في أي عام نحن الان؟


قالت لها قمر: نحن في عام ألف وأربعمائة إثنان وتسعون ميلادية

رفعت ماريا حاجبيها بعدم تصديق: اتعنين انني عدت بالزمن لأكثر من نصف قرن!؟

قمر بنفس الابتسامة: اجل، وهذا الذي لا يصدق!

اخبرتهم ماريا قائلة: كنت في زمني اشاهد افلاماً خيالية عن السفر عبر الزمن.


قالت قمر متذمرة: الكلام عن موضوع الازمان هذا يؤلم رأسي.

تسألت ماريا وقالت: ولكن، أين هو أخي عمر يا ترى!

أجابتها قمر: لعله هنا في القرية أيضا.

إلا أن الريبة تربعت على قلب ماريا: انا خائفة عليه، ماذا لو كان ليس بخبير الآن؟


بدت علامات البؤس على ماريا، وقد اغمها امرها وامر اخيها المفقود، فاقتربت قمر منها ومدت يدها على كتفيها تضمها إليها، وهي تقول: لا تحزني يا ماريا، ربما هو الان في المنزل، ولم ينتقل معك إلى هنا.

قالت ماريا بنبرة فيها رجاء: اتمنى ذلك ايضاً، ولكن ترى ماذا تفعل امي الان؟ لا بد وأنها خائفة علينا، لقد اختفينا وهي لا تعلم أين أنا حتى.

قالت لها قمر: لا تقلقي ستكون بخير، الأن يجب ان ترتاحي قليلا لقد تأخر الوقت، وغدا سنتكلم عن الأمر.

ماريا بإمتنان: انا حقا اشكركم لأنكم أدخلتموني إلى منزلكم، لا ادري ماذا كان سيحل بي لو بقيت في الخارج لوحدي!

قمر تبتسم وردت على كلامها بالقول: لا تقولي هذا يا قمر، انت ضيفتنا ومن أهل المنزل ايضا، والأن هيا تعالي ونامي بجانبي، سريري كبير يتسع لنا نحن الاثنتان.


نهضت الفتيات كل منهن إلى سريرها، واستلقت قمر وبجانبها ماريا في سرير واحد، محاولتان النوم بعد هذا اليوم الطويل.

اما قمر فقد كان هناك ما يقلقها ويؤرق راحتها، انها والدتها، التي اصبحت غريبة الافعال، كأن أحدا ما حل مكانها؛ إذ لم تعتد قمر ان ترى والدتها تظل حتى هذا الوقت المتأخر خارج المنزل، وهذا ما يحصل منذ فترة قصيرة.

ومايزيد حنقها تلك الحفلات التي تذهب إليها، التي تحوي من الفسق والفجور ما لا يحتمله انسان سوي، فكيف صارت والدتها تعتاد الذهاب، فهي تكاد لا تفوت حفلة واحدة حتى!؟

في تلك الاثناء طُرق باب المنزل، فسمعت قمر صوت الطرقات، فنهضت مسرعة من فراشها، وذلك لعلمها انها والدتها التي اتت على الأغلب من سهرتها المشبوهة.

تركت قمر فراشها حيث ماريا تستلقي فيه، ضامة ركبتيها إلى بطنها، متكورة على نفسها، يشغل بالها وفكرها عشرات الأسئلة والاستفسارات، أولها هو أين عمر، وآخرها "كيف ستعود إلى الديار؟"

خرجت قمر من الغرفة وذهبت لتفتح الباب، لكن والدها كان قد سبقها إليه، وكان في تلك اللحظة ممسكاً مقبض الباب يشده نحو الداخل.

فتح الباب لينظر من الطارق، وإذ بزوجته تقف خارجاً، وقف امامها وقد تجمد في مكانه للحظات وهو يتأمل شكل زوجته، الذي لم يعتد ان يراها بهذا الشكل.

نظرت الزوجة إليه باستخفاف، وقالت غير مبالية به: مالي اراك ترمقني بنظراتك يا "مأمون" هل انت بخير؟

دخلت إلى المنزل بمشيتها المتمايلة وضحكتها المستفزة، مرتدية فستان سهرة يشف عما تحته لا يكاد يخفي شيئاً منها، ورائحة العطر تفوح منها يشتمها المار بجانبها عن بعد عشرات الأمتار.

تنحى مأمون لزوجته كي تدخل وهو يراقبها غير مصدق لما يراه، هل هذه هي زوجته! هل هذه هي "هند" التي احبها وتزوجها وعاش معها الدهر!؟

اغلق الباب بقوة خلفها صافعاً له، لتلتفت إليه بذعر وهي تقول: ما بك يا مأمون!؟

اقترب منها بغضب شديد وهو يصرخ: أين كنت!؟

تبدلت ملامح وجهها من الضحكة السخيفة إلى العبوس المقيت، وهي تنظر في عينيه دون أن تتكلم، وقف امامها و امسك بمعصمها يصرخ: سألتك أين كنت!؟

حاولت هند الأفلات من يدي مأمون ولكنها لم تفلح، وبدأت تقول وهي تتأفف "دعني يا مأمون دعني"

كانت قمر تقف خلف الجدار، تنظر لوالديها بحزن وهم، بسبب ما يحدث بينهما، لا تملك ان تفعل اي شيء.

جذب مأمون يديها بلحظة غضب، وهو يعض شفته السفلى غاضبا ونفضها إلى الأسفل، يقترب بخطواته أكثر منها، بينما هند تستمر بالتراجع إلى الخلف خائفة منه.

وصلت هند إلى طريق مسدود لا مزيد من التراجع، ان الجدار يلامس ظهرها المكشوف وامامها زوجها مأمون الذي يكاد يفتك بها من شدة غضبه.

قررت هند ان تخفف من غضب مأمون قليلا وهي تقول: اهدأ يا مأمون، ما الذي حدث لك!؟

صرخ مأمون قائلا: ما الذي حدث لي؟ أنا يقال لي هذا الكلام؟ أم أنه انت من يجب أن تُسألي!؟

ما الذي دهاك يا هند الا تلاحظين على نفسك الذي تفعلينه!


قالت هند وهي تحاول أن تجعل الأمر ابسط مما هو عليه: اكل هذا فقط لأنني خرجت لأقضي بعض الوقت مع صديقاتي؟

ردد مأمون ما كانت تقوله زوجته مستنكرا متعجبا: بعض الوقت! وصديقات! على من تضحكين يا هند؟ ترينني طفلا يقف امامك؟

قالت له هند : ما الذي تلمح إليه يا مأمون؟ انت تتكلم بدون ان تعرف معنى كلامك.

صرخ مأمون غاضبا: بل اعرف_ اعرف تماماً ان زوجتي هند صارت تعمل غانية، وربما راقصة!

شهقت قمر عندما سمعت ذلك الكلام ووضعت يدها على فمها من هول ما سمعت، ليكمل مأمون كلامه وهو يصرخ: منذ متى وأنت ترتدين هذه الملابس الساقطة؟ منذ متى؟

صرت ترتادين هذه الحفلات كل يوم، وتكونين اول الواصلين إليها، متى قمت ببيع شرفك أيتها الرخيصة؟

اشتد غضب هند، اكفهرت ملامحها لتصرخ بوجه مأمون: توقف عندك يا مأمون، من تظن نفسك حتى تطعن بشرفي؟ انا أكثر شرفا من عائلتك.

لم يحتمل مأمون تلك العبارة الأخيرة، رفع يده وصفعها على وجهها فرماها أرضا وهي تصرخ، لم تحتمل قمر الأمر فعادت لتشهق وتغطي عينيها، إنها اول مرة ترى والدها يضرب امها.

لطالما حدثت بعض المشاكل الصغيرة والمشاجرات بين والديها تماما كحال أي زوجين اخرين، ولكن هذه المرة الأولى التي تتعرض والدتها للضرب.

نظرت هند إلى مأمون بصدمة، وهي تقول بصوت مرتجف: تضربني يا مأمون! بعد كل هذا العمر تضربني!

وقف مأمون عند رأسها غاضبا، يطبق أضراسه حتى كادت تتحطم وهو يقول: سوف أكسر قدمك إن رأيتك تذهبين إلى مثل تلك الأماكن العاهرة مجدداً، أتفهمين ما اقول؟

لم تستطع هند ان ترد على زوجها بأي كلمة، بل بقيت ملقاة على ألارض، تضع يدها على خدها تحاول ان تستوعب الصدمة التي حدثت.

وبلحظة شيطانية نهضت بعد أن استدار مأمون لتقف خلفه وتقول بكل ثقة: طلقني يا مأمون_

استدار مأمون إليها مستهزئا وقال: ماذا قلت يا هند؟

هند: كما سمعت، أنا أريد الطلاق.

سخر مأمون، بلمعة حزن في عينيه: يبدو لي ان هناك احد ما قد وعدك بالزواج، أليس كذلك؟

رفعت هند رأسها، وملامح وجهها الباردة تعطي ثقة تامة: توقف عن هذا الكلام، وطلقني إن كنت رجلا.

استشاط مأمون غضباً وعاد إليها مسرعاً والدم يغلي في عروقه.

يتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي