بين الحب والانتقام

Jeje Romanzoo`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-12-29ضع على الرف
  • 80.7K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول الحبيب الأول

كانت واجهات المحلات اللامعة والبراقة التي تقف لوليتا أمامها كلها تعرض فساتين الزفاف. أخذت والدتها وصديقتها يحثانها على الدخول للمحل الذي أمامهم، الذي يعرض أجمل العلامات التجارية العالمية لفساتين الزفاف.

كانوا فرحين بالزواج الذي سيقام بعد اسبوع أكثر منها، على الرغم من أنها هي العروس!

ذلك العريس الاستقراطي الغني، وأمواله التي تكاد لا تستطيع النيران أن تلتهمها. وجذور عائلتة العريقة وأصولها التاريخية القديمة، حلم كل عائلة بأن تزوج ابنتها لها.

ولكن بالنسبة للوليتا فهو أسوأ كابوس، كيف لها أن تفرح وهذا الزواج سيبنى على حساب حبها لمالك، حب عمرها منذ أن كانت في سن الطفولة. لم يعرف قلبها يوماً سواه!!

شعرت بوخز في طرفي عينيها يهدد بنزول الدموع حينما تذكرت عندما أخبرت مالك عبر الهاتف من عدة أيام أنها ستتزوج قريبا، رغم صعوبة الكلمات وهي تخرجها من فمها إلا إنها خرجت قاسية، قاسية حتى على أذنيها هي التي نطقت بهم.

ظل مالك يترجاها أن يهربا سوياً، أن يبتعدا بحبهما بعيدة جدا حيث لا يستطيع أحد ايجادهما. وقال لها حينها بكل تأثر وقد شعرت بوجود غصة في صوته: "أرجوك، لا توافقي، دعينا نهرب معا، نتزوج ومن ثم نعود، حينها لن يستطيع أحد أخذكِ مني"

قالت والدموع تغزوا عينيها تهدد بالسقوط: "أبي مدين له ولعائلته، لا أستطيع الرفض، إنه عائلة قوية جدا إذا لم يفعل أبي ذلك فسوف يسجنونه"

صرخ هو في الهاتف: "لا أستطيع يا لولا، لا أستطيع أن أتخيل، سيفعل ما كنا نحلم بفعله سويا"

قامت لولا حينها بتسجيل هذه المكالمة في هاتفها حتى تستمع إليها متى يأخذها الحنين إليه، فستكون هذه هي المكالمة الأخيرة بينهما.

حبست شهقاتها وتمتمت: "أعدك أنني لن أحبه، ستبقى أنت من يسكن قلبي حتى المشيب"

نكزة على كتفها أعادتها للواقع وعيناها مليئة بالدموع، كان قلبها يعتصر كلما تذكرت هذا الواقع الأليم الذي وجدت نفسها فيه.

"هيا أخبريني ما رأيك في هذا الثوب، إنه مذهل، أليس كذلك؟" قالت والدتها.

"أنه يليق على جسدك، سيبرز مفاتك، ستبدين مثل الأميرات في يوم الزفاف، وأعتقد أن رائف سيأكلك أكل" قالت سوزان صديقتها المقربة التي استمرت في نصحها لها بأن تتخلى عن حبها الطفولي لمالك وتتزوج من هذا الزوج الغني.

ابتسمت والدتها بحنان وقالت بفخر أمومي: "ابنتي جميلة دون الحاجة لأي ثوب"

كانت كلمات مالك ترن في أذن لوليتا 'سيفعل معك كل ما كنا نحلم بفعله سويا'.
لطالما اخبرها مالك إنه سيختار معها صوب الزفاف.

نظرت باشمئزاز للثوب وأجابت بلا مبالاة وهي تدير عينيها بملل: "إنه مكشوف جدا، لا لم أحبه"

نظرت مرافقتيها إلى بعضهما البعض بيأس، فهما يعلمان أن مهمتهما صعبة، هذا الثوب العشرين الذي يحاولن اقناعها به منذ عدة أيام ولكن دون فائدة.

هما تعلمان إن شخصيتها عنيدة جدا، ولكن أصبح الأمر وكأنها تصعب عليهما هذه المهمة عن عند.

اتجهت لوليتا نحو مجموعة أخرى من فساتين الزفاف متجاهلة تجهم وجه والدتها وصديقتها.

قطع سيرها نحو الأمام وصول صوت إشعار رسالة إلى هاتفها.

"تنق .. تنق"

فتحت الرسالة ووجدتها من رقم مالك [أنا في زاوية الشارع الخلفي حاولي إلهائهما وإيجاد عذر ما، أريد أن أراك قليلا.]

حملقت للحظة في شاشة الهاتف وهي لا تعلم كيف تتصرف ولم تجد أي عذر.
ولكن ما الذي يريده منها مالك الآن؟ حسناً ستكون المرة الأخيرة التي تراه فيها بهذه الطريقة.

”لما لا تحاولين تجربته على الأقل، ربما يعجبكِ وتغيرين رأيك“ قالت سوزان بضجر.

نظرت لوليتا نحو ساعة يدها مدعية إنها تذكرت شيء ما، فهي ملكة الدراما، فقالت وهي تكذب: "أوووو يإلهي لقد نسيت، كيف نسيت ذلك!!"

"ماذا!؟" قالت والدتها بحيرة وهي متجهة نحوها وتعابير القلق على وجهها.

"ماما، في الحقيقة إنه ثوب رائع، وأعجبني كثير، لقد كنت أمزح معكما فقط. احجزي لنا يوم لأجربه. أما الآن فسوف أذهب إلى المحل الذي في نهاية الشارع وأعود سريعا“

”ماذا؟ أي محل ولماذا؟“ سألت والدتها وهي تتبعها بخطوات سريعة تحاول مجارات خطوات ابنتها“ ...

”هناك ثوب نوم عليا استلامه الآن، فهو توصية خاصة"

نظرت كل من والدتها وصديقتها إلى بعضهما بعدم تصديق، وعلى وجههما ملامح سؤال واحد؛ حجزت في ثوب نوم!!؟

ولكنها بالطبع لم تنتظر لتفسر لهما، بل خرجت مسرعة واتجهت إلى حيث قال لها مالك قبل أن يصرا على أن يرافقاها.

”هل قالت لكِ شيء من قبل عن هذا الثوب؟“ سألت والدة لولا.

هزت سوزان رأسها بنفي وعلامات الحيرة على وجهها.

كانت لوليتا جميلة جدا، بشعرها البتي المائل للحمرة وعيونها الخضراء اللوزية. كانت ملامحها جميلة جدا، ولكنها لا تشبه ملامح والدها ولا والدتها. بل كانت مميزة كثيرا ومختلفة.

وصلت حيث أخبرها مالك ووقفت قليلا تنظر حولها تتأكد إن والدتها وسوزان لم تتبعانها دون أن تعي إلى السيارة الرياضية التي وقفت فجأة على جانب الطريق وسائقها ينظر نحوها من بعيد بنظرات غامضة وعيون مظلمة.

سارت نحو الأمام وابتعدت عن انظار ذلك الرجل الغريب الذي ضغط على البنزين وسار للأمام بسرعة وسيارة دفع رباعي أخرى خلفه.

اقترب مالك من لولا بخطوات متسللة ودون أن تدرك حضنها من خلفها، انتفضت من المفاجأة واستدارت، فابتسم وقال لها: "اهدئي، لا تقلقي إنه أنا"

إلتفتت إليه وقالت بخوف وهي تنظر حولهما مجددا: "لا مالك ابتعد أخاف أن يرانا أحد ما" ثم دفعته بعيداً عنها.

"هل تخافين من أن يراك أحد ويخبر عريس المستقبل؟" سألها وعيناه تلمع من الغضب.

"بالطبع لا!! لا تكن سخيفاً. أنت تعرف أبي، لا يقبل بأشياء مثل هذه"

امسكها من يدها وجرها خلفه وهو يقول: "حسنا. تعالي معي، هذا محل نسائي لقريبتي، سنتحدث في الداخل"

فكرت في داخلها بأن هذه مصادفة جيدة، فلقد أخبرت والدتها أنها ستستلم ثوب نوم من هذا المحل! ولم تعلم أنها ستحضر بالفعل إلى هنا، وأيضاً صاحبته تكون قريبة مالك!! ربما عليها شراء ثوب بالفعل.

دخلت بصحبة مالك للمحل، اتجه مالك نحو قريبته ليقنعها بأن تسمح لهم باستعمال الغرفة الخلفية للمحل لكي يتحدثا بخصوصية.

تركته يتحدث معها واتجهت تبحث عن ثوب نوم حتى تسكت به والدتها، وتتجنب الجدال والتحقيق الطويل القادم. فوالدتها لن تستسلم أبداً حتى تحصل على إجابة مقنعة.
وقع نظر لولا على ثوب نوم جميل، وفكرت في نفسها لو كانت ستتزوج من مالك لكانت اشترته فوراً.

امسكت الثوب بين يديها تتفحصه فجاءت إحدى موظفات المحل مسرعة نحوها بابتسامة متسعة وهي تقول: "هل اعجبك يا أنستي؟"

كانت سترد لا إرادياً بلا، فهي بالطبع لن نشتري ثوب مثل هذا من أجل رجل تكرهه.
ولكن عندما رأت مالك متجه نحوها لم تتجرأ على النقاش مع البائعة، فسيعتقد أنها تبحث لتجهز من أجل زفافها. فهي وإن قررت شراء ثوب لإسكات والدتها، فلن يكون أمام ناظري مالك، ولن يكون بالطبع قميص النوم هذا!!

ففضلت الإسراع في الخروج من الموقف واومأت برأسها للبائعة بلا واتجهت نحو مالك، ولكن البائعة فهمت العكس، فقد اعتقدت أن الثوب قد أعجبها واتجهت به نحو المحاسبة لتحزمه من أجلها.

دخلت إلى الغرفة في خلفية المحل بصحبة مالك ثم جلست على أحد الكراسي الموضوعة في الزاوية "لا أستطيع أن أتأخر، والدتي تنتظرني في المحل" قالت تحثه على التحدث بسرعة.

"هل اخترتي ثوب الزفاف!؟"
همس مالك وعيونه تبحث داخل عيونها، وكأنه يفتش عن جواب من أعماق روحها.

شعرت بالتوتر خصوصا من نظرات مالك هذه، فقد شعرت وكأنه يعري روحها أمامه. ولكن كيف لا يفعل وهو يعلم كل ما تفكر فيه قبل حتى أن تنطق به!؟

أدمعت عيونها وهي تدرك قسوة موقفه، وقسوة كل ما يمكن أن تنطق به ويجرح هذا القلب الذي أحبها، أحبها بجنون طوال هذه السنين "لا يهم، لا يهمني أي شيء في هذا الزفاف" قالت بهسهسة تحاول كبح شهقة من أن تنفلت من بين شفتيها.

ولكن ما قاله وفعله مالك تاليا جعلها تقف مذهولة دون حراك للحظات، حيث قال وهو يكز بين أسنانه:
"إذا دعينا نهرب سويا لوليتا"
ثم أمسكها من كتفيها وأخذ يهزها وارتفعت نبرة صوته أعلى وهو يضيف بيأس: "ارجوكِ وافقي، لا أستطيع أن أراكِ تتزوجين برجل آخر، هذا يقتلني!"

ثم فجأة دون سابق إنذار أطبق على شفتيها يحاول تقبيلها. إنها المرة الأولى التي يتجرأ فيها مالك على فعل أمر كهذا!! حاولت التملص من بين يديه ولكنه كان مصر، مصر وكأن حياته تتوقف على هذه القبلة.

شعرت لوليتا بالغضب لأنه يجبرها على شيء خارج إرادتها، فدفعته بكل قوتها التي استمدتها من الغضب، ثم فتحت الباب وخرجت مسرعة وهي ترى كل شيء أسود أمامها.

لحق بها مالك مسرعاً خلفها يحاول اللحاق بها وهو يلعن غبائه وعدم سيطرته على نفسه. إلا إنه وقف فجأة دون حراك قبل أن يخرج إلى صالة عرض الملابس بلحظة. وقف يراقب من الزاوية.

أما لوليتا فكانت تقف في منتصف صالة العرض فاغرة فاهها.

بهيئته الطويلة ونظراته القاتمة كان رائف عريسها المستقبلي يقف أمامها وخلفه اثنان من رجاله. كان حضوره مسيطراً على المكان، شخصيته قوية وتوحي بأن هذا الشخص ذو نفوذ دون حتى أن تعرفه.

رفع إحدى حاجبيه ينظر لها وهو يضع كلتا يديه في جيوبه. دون أن ينطق أي كلمة مشت نحوه بخطوات مهزوزه، كانت خائفة من أن يكون قد شاهدها بصحبة مالك في الشارع.

نظرت لوقفته المتعجرفة بمقت، لقد شعرت به يطغى على شخصيتها منذ اليوم الأول للقائهم، متعجرف تكرهه حد الموت.

وما إن سارت نحوه عدة خطوات غير متزنة بسبب الإرتباك حتى سقطت على الأرض أمام قدميه مباشرة وحقيبتها انفتحت وتبعثر كل ما فيها.

جلست على ركبتيها تجمع ما سقط منها، نزل هو أيضا وبدأ بجمع أشيائها معها، وبمجرد إن نزل حتى دخلت رائحته إلى خياشيمها وجعل قلبها يزداد في دقاته.

ارتفع الادرينالين لديها وبدأت يداها ترتعشان خصوصا عندما لمست يده عن طريق الخطأ.

كانت تتجنب النظر إلى عينيه وتحاول التركيز في جمع أشيائها حتى لا تظهر مثل الخرقاء بسبب الارتباك وهي تدعوا داخلها ألا يخرج مالك من الغرفة التي خرجت منها.
وفي نفس الوقت تتسائل هل تبعها رائف إلى هنا؟

ما أن انتهوا من جمع أشيائها وقف كلاهما وقال رائف: "هل استطيع ان اصطحبك لتناول فنجان من القهوة؟"

عضت على شفتها السفلية وهي ترى حركة شفتيه عن كثب وتتجنب النظر لعينيه مباشرة.

عندما لم يسمع إجابتها رفع ذقنها بإصبعه السبابة لتنظر له، ضيق نظراته على شفتيها ثم مرر إبهامه على شفتها ليفصل شفتها من بين أسنانها.

"هااا!" همست بذهول غير مقصود.

"سنذهب إلى مقهى للتحدث!"

كانت دائما إجاباته مختصرة.

فجأة تغير مزاجه، من لين إلى غاضب، كان منذ ثانية يطلب منها الذهاب إلى مقهى والآن يأمرها.

بالرغم من أنها لاحظت كل ذلك إلا أنها لم تعترض، لم تعترض على صيغة الأمر التي يستخدمها وكأنها موظفة لديه وليس عروسه. كانت تريد الخروج بأسرع ما يمكنها من هنا قبل أن يلتقيا رائف ومالك.

أمسك يدها في ذراعه واتجه نحو الباب. نظرت لولا للخلف علها ترى مالك حبيب قلبها.

ولكن لم ترى شيء، بالرغم من أن مالك كان يراقبهما والغضب يكاد يقفز من عينيه الحمراء.

عندما وصلا إلى الباب جاء صوت انثوي ناعم من خلفهما.

"آنستي لقد نسيتي هذا."
كانت البائعة مبتسمة وهي تمسك حقيبة شراء بها قميص النوم وتناولها للوليتا.

انصدمت لولا، وصرخت في عقلها: ’ياإلهي إنه قميص النوم…‘

نظر رائف نحوها وشاهد قميص النوم فإنقبض فكه ولكنه لم يعلق.

كانت نظرات البائعة نحو رائف تكاد تأكله، فمن لا تقع فريسة هذا الجمال، لكن لوليتا تعرف حقيقته، فهو انسان استغلالي…
وهي لن تغفر له ابدا، فهي تعلم تماما ما تحت هذه القشرة الخارجية.

انها تكرهه…

تكرهه بكل ما تملك..

بعد أن دفع رائف الثمن رغم اعتراض لوليتا، قالت البائعة: "اتمنى أن يعجب زوجك وتصبحين زبونتنا."

توهج وجه لوليتا ولعنت داخل قلبها
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي