الفصل الثالث عشر

طلبت مني ذات يوم أن أقابل أبويها لأحدثهم بشأن خطوبتنا، قلت لها سمعا وطاعة، فمن الآن سنصبح وجهان لعملة واحدة، الشمس والقمر، قالت متسائلة: إذا من منا الشمس ومن القمر؟
قلت: أتعلمين أنا أرى أنك الشمس والقمر، فوجهك قمر منير، أما الشمس فهي تنبع من قلبك لتحرق من يقترب مني من الفتيات، ثم لتنير وجهك بعدها، تنظرين إلي وكأن شمسا أخرى ربما أتت من كوكب بلوتو تحترق يوميا شوقا إليك، أولم تعلمي كم أحبك؟ حبيبتي لو كنت أستطيع إهدائك السماء لما ترددت أبدا.
ابتسمت لي، ثم احتضنتني كما لم تحتضني من قبل، همست قائلة: عدني أن تظل معي إلى الأبد.
أجبتها قائلا: نحو الخلود حيث لا مكان للظلمة، ستكونين منبع ضيائي ومصدر قوتي.
اتصل والدي وحدد موعدا مع عائلتها، كان اللقاء لطيفا في بدايته ،حتى طلبت أن أتزوجها، وانقلبت الجلسة رأسا على عقب، لم تشفع لنا القرابة بين الأسرتين، قام والدها بطردنا شر طردة، وحكم على ابنته بألا تراني.
أصبح لها سائق خاص، يذهب معها أينما تحركت وكأنه ظل لها، حتى أوهمت أباها أنها لا تأبه لي ولا لطردي، وأصبحت تراسلني على هاتفي وأبادلها الرسائل، اكتشف أباها ذلك فقام بضربها وتعذيبها، وكأنها ليست ابنته.
حقا إن للأموال سحرا لا يمكن نكرانه، يقتل الابن أبيه، ويقتل الأب ابنته، أصبحت تبغضه مثلما كرهته أنا من قبل، ذات يوم حاولت الهرب من بين الحصار، فنالت مالا يحمد عقباه، أكان ساديا لا أعلم ربما، ظل يعذبها حتى وقعت مغشيا عليها، واضطر أباها أن يدخلها أحد المستشفيات لتتلقى علاجها، خاصة وأن حياتها كانت على المحك.
هناك قابلت دكتورا نفسيا ظل يتودد إليها، وثقت به وقصت عليه حكايتها وحكايتي، ذات يوم جاءني اتصال فوجدتها هي، كاد قلبي أن يخرج من بين أضلعي فرحا، أخبرتني أن الطبيب يريد مقابلتي، وبالفعل بعدها بساعتين كنت أمام الطبيب.
سألني عن جرائم القتل العمد الغير مكتملة، فأخبرته عن معظمها، ولكنه توقف عند إحداها وابتسم، سألته: لماذا؟
-  قال: ألا تريد أن تحظى بحبيبتك، ونتخلص جميعا من الشر؟
-  سألته: كيف؟
أخبرني بأننا سنقتل عائلتها، اعترضت وقتها ولكنه أخبرني بأنها موافقة.
-  قلت: كيف سنفعل ذلك؟
-  قال: سندبر مقابلة لك معهم، وسيحدث ما تريد.
تعافت هابي بعدها ببضعة أيام، وأحضر لي الطبيب "أمبولا" صغيرا، به بعض الدماء وثم همس قائلا: حين تتم المقابلة ستفرغه داخل طعامهم، لقد أخبرتهم أن عليهم ادعاء موافقتهم على تلك الخطبة كي تشفى ابنتهم .
وبالفعل تمت المقابلة، وقابلني أهلها بكثير من الأسف، نادمين عما فعلا، وأنا بداخلي أعلم أنهما كاذبين، طلبت منهم أن نعود لسابق عهدنا، فقد كنت أحيانا أعد لهم بعض المشويات، ولسوء حظهم أن حبيبتي هابي لا تحب الثومية.
فصنعت الثومية التي لطالما أحبوها من صنع يدي،
ووضعت الدم بها، أوتعرفون ما كان بالأمبول لم يكن دما عاديا، كان دم حيض لا أعلم من أين أتى به الطبيب ربما من إحدى مريضاته، لا أتمنى أن يكون من هابي، فلن أقتلهم بشيء ينضح منها مهما كان.
ابتدأ الجميع بتناول الطعام، ابتسمت هابي وداعبتني قائلة: أرى أن أغير من عادتي قليلا، وآكل من تلك الثومية التي صنعتها بيدك، يا أحب من رأته عيني.
لم أستطع قول لا، نظرت إليها والدموع تتناثر من عيني، أخذ الكل يتساءل لمَ تبكِ؟ أخبرتهم بأني لا أصدق أن تلك ستكون النهاية، حين بدأت بتناولها، طلبت منها أن تعطيني نصف لقمتها، فتقاسمتها معها، مات الجميع ولكنني لا أعلم لما ماتوا جميعا ولم أمت.
فتحت عيني فيما بعد لأجدني هنا لكن من دونها، هل ماتت وأنا صاحب الجريمة حييت لأعذب؟ أم أن روحها الطاهرة سبحت عبر المجرات تجالس الملائكة ؟وروحي مكثت في الأرض لتجالس المجرمين وأراذل الناس؟! حقيقة لا أعلم.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي