٣ صراحة أم جرأة؟

«هل تريدين الهرب من هنا قبل أن تفجّر "بيلي" الملعب بنا للانتقام من "چير"؟»

اقترب "مايسون" من حبيبته "تايلور" يسألها هامسًا بتوترٍ، فهزّت الأخرى رأسها سريعًا وركضا معًا هربًا من الملعب، تزامنًا مع اقتراب "إيزابيل" بخطواتٍ تهزّ الأرض من "چيرمايا" الذي كان يقف بمنتصف الملعب ويرمقها بتوترٍ.

كانت عيناها الغاضبتان تمنحانه شعورًا قويًا بالتوتر ليُسارع بالدفاع عن نفسه عندما أصبحتْ تلك القصيرة التي بالكاد يصل رأسها لمنتصف صدره قريبةً منه بشكلٍ خطيرٍ:

«لمْ أكن أنا، أقسم.»

«أجل، وهل تتوقع مني أن أصدق هذا؟ احفر قبرك اليوم "فيشر".»

«آه، أ-أنا، أنا آسفٌ "بيلي"، لقد.. لقد كنتُ أنا.»

اتسعت عيناها بصدمةٍ تنظر خلف "چيرمايا"، وبالتحديد إلى "ماكس" الذي نطق بهذه الجملة يحكُّ مؤخرة رقبته بتوترٍ، فرمشتْ "إيزابيل" بينما يبرّر ماكس فِعله:

«لقد، لقد تطوَّعت لمساعدة فريق كرة السلة هذا العام لزيادة درجاتي في الأنشطة الجانبيّة، كنتُ.. آمم، كنتُ أمرِّر كرةً لأحد اللاعبين للتمرّن فاصطدمت برأسكِ دون قصدٍ. أعتذر جدًا، هل أنتِ بخير؟»

«أوه، أ-أجل، أنا بخير. لا بأس "ماكسي"، الحوادث تقع.»

أجابته بابتسامةٍ مرتبكةٍ من نظراته لها، ومن خلفها، كان "چيرمايا" يرمقهما بجمودٍ، عيناه حملتْ بعض الضيق غير المُفسَّر، حتى تنهد يخرج من الملعب معتذرًا عن إكمال التدريب يعتصر قبضة يده بغضبٍ لا يعرف سببه حتى.

ولكن.. ربما السبب واضحٌ؛ فهي سامحت "ماكس" بسهولةٍ وكأنّه لمْ يكن على وشك تحطيم رأسها. بينما.. إن كان "چيرمايا" هو المخطئ، ربما كان هذا آخر يومٍ بحياته.

أليس هذا غير عادلٍ؟

في اليوم التالي، نهضت "إيزابيل" بضجرٍ من السرير، ارتدتْ تنورةً من الچينز تصل لمنتصف ركبتيها، وفوقها قميصٌ أبيض بأكمامٍ طويلةٍ يكشف بطنها، ثمّ صنعتْ من شعرها جديلةً فرنسيةً، وركضتْ لمدرستها.

قبل بدء الحصة الأولى، التقتْ مع "تايلور" أمام مدخل المدرسة في الباحة الأمامية الواسعة، لتوقفها صديقتها متسائلةً:

«تبدين كالأحياء الأموات.. ما خطب هذه الهالات السوداء الكثيرة أسفل عينيكِ؟»

«آه، لمْ أحصل على نومي الكافي؛ هناكٌ وغدٌ يصدر ضوضاء في الليل من جيراننا.»

«حسنًا، هل ستأتين إلى حفلة نهاية الأسبوع؟»

«أي حفلة؟»

«أوه، لا أصدّق هذا "بيلي". لقد أخبرتُكِ البارحة فقط عنها. إنّها حفلةٌ يقيمها فريق كرة السلة وفريق المشجّعات كل عامٍ للتعرّف على بعضهم إن انضمّ جُددٌ للفريقين. سهرةٌ مع موسيقى صاخبة وبعض المشروبات والألعاب المُسلّية.»

«أعتقد، أعني.. هل يجب أن أحضر؟»

«تبًا، اخرجي قليلًا من المنزل يا فتاة، إن لمْ تحضري لن أساعدكِ في خياطة وتصميم فستان أمسية حفلة التخرّج.»

«أوه، لا.. لا، ليس هذا. حسنًا سأحضر. توقّفي عن إزعاجي، سأذهب للحصة، لقد رنّ الجرس.»

قلبتْ "تايلور" عينيها بمللٍ، بينما ركضتْ "إيزابيل" تدخل للمدرسة متجهةً لصفها.

لمْ تكن "إيزابيل" من النوع الانطوائيّ، ولكنها تكره صخب الحفلات، ولمْ يسبق لها أن سمحت والدتها بخروجها لمثل هذا النوع من الحفلات المدرسية، على الرغم من أن "إيزابيل" لمْ تسألها للذهاب يومًا.

دخلت "إيزابيل" قاعة الصفّ، كان بعض زملائها قد جلسوا بمقاعدهم، ولكنّ المعلّم لمْ يدخل بعد. لذلك نظرت في الأرجاء، ثم زفرتْ بضيقٍ حينما وجدتْ "چيرمايا" جالسًا بمقعدها، فاقتربتْ منه بغضبٍ يلازمها دائمًا تجاهه تسأله رافعةً حاجبها:

«لمَ تجلس في مقعدي؟»

«لا أرى اسمكِ مكتوبًا عليه.»

«توقّف "فيشر"، أنت تعلم أنّه مقعدي بهذا الصفّ منذ العام الماضي.»

«أوه أجل، مقعد دودة الدراسة في الصفّ الأوسط بالمقدّمة.»

كانت ستردّ سخريته بصراخٍ، ولكن أوقفها صوت الفتاة التي تجلس إلى جوارها في المقعد تظهر من خلف جسد "چيرمايا" الضخم والطويل مبتسمةً بلطفٍ ابتسامةً أثارت غثيانها لتقول:

«أوه، "بيلي" أنتِ هنا؟ لمْ أتمكّن من رؤية جسدكِ القصير. أنا مَن طلبتُ من "چير" الجلوس إلى جواري. أتمنى أن لا تُمانعي.»

«لا أمانع، يمكنكِ الالتصاق بمؤخرته كما تريدين.»

ردّتها تقلب عينيها ليقهقه "چيرمايا" عاليًا، ولكنّها تجاهلتْه وذهبتْ للجلوس بآخر مقعدٍ بالصفّ الأوسط، كانت ترمق "چيرمايا" بغضبٍ وعيناها تحملان كلّ وسائل القتل للفتاة إلى جواره، لدرجة أنّها لمْ تلاحظ زميلها بالمقعد حتى تحمحم وصدر صوتها ملوِّحًا لها:

«صباح الخير "بيلي". سعيدٌ لرؤيتكِ تجلسين هنا.»

«أوه، "ماكس"؟ آه، صباح الخير لك أيضًا.»

انتبهت له تنظر للجانب حتى وجدتْ الفتى الذي كانت معجبةً به منذ الصف الثامن إلى جوارها، فابتسمتْ له بخجلٍ تحاول التركيز مع المعلّم الذي دخل طوال الوقت، حتى انتهت فترة الصفّ، ونهض الجميع للخروج ولكنّ المعلّم قد رفع صوتها ينادي بصرامةٍ:

«"چيرمايا فيشر"، انتظر! أحتاج الحديث معك.»

انتبهت "إيزابيل" لنظرات "چيرمايا" المتساءة، ولكنّها تجاهلتْه وخرجتْ من الصف تجاه ملعب كرة السلة لحضور تدريب التشجيع.

****

في المساء، تقلّبت "إيزابيل" في فراشها بانزعاجٍ، إنّها الثانية عشرة منتصف الليل تقريبًا، وتلك الضوضاء بالخارج تستمر في إزعاج نومها الليلة أيضًا. لذلك تنفّست بسخطٍ ونهضتْ.

خرجتْ من منزلها بملامح منزعجةٍ دون الانتباه لكونها ترتدي ثياب نومها من سروالٍ قصيرٍ من القماش الأبيض بالكاد يغطّي ردفيها، وقميصٍ رمادي دون أكمام قصير يبدو أقرب لحمالة الصدر.

واتجهتْ للباحة الخلفية لمنزلها حيث مصدر الصوت، لتتفاجأ برؤية "چيرمايا" هناك بملعب كرة السلّة القديم خلف منزليهما، ومصدر الضوضاء هو طرقه الكرة بالأرض وكأنّه ينفّس غضبه بها.

رمقتْه بضيقٍ تهتف فيه:

«من الأفضل أن يكون لديك تفسيرٌ جيدٌ عن سبب إزعاج ضرباتك الغبية لكرة السلة في الليل لحلمي اللطيف. لقد كان "زين مالك" على وشك سؤالي أن أذهب معه لحفلةٍ راقصةٍ في حلمي.»

«هذا ليس من شأنكِ اللعين.»

«بلا، إنّه شأني إن كانت ضوضاؤك المزعجة ستتسبّب لي بالخمول صباحًا وستملأ أسفل عينيّ بالهالات.»

«ارحلي "بيلي"، أنا لستُ في مزاجٍ للشِجار معكِ.»

أجابها بنبرةٍ مرتفعةٍ قليلًا وأعطاها ظهره يستدير تجاه السلّة محاولًا تسجيل هدفٍ بالكرة، ولكنّها نظرت له بقلة حيلةٍ، بدتْ عيناها مهتمّتان، خاصةً كونه يحمل الاستياء على وجهه منذ الصباح.

لذلك اقتربت منه تأخذ الكرة من بين يديه، ثم ألقتْها بعيدًا ليهتف فيها بضيقٍ:

«هاي!»

«تعالَ معي!»

«لا.»

«فقط استمع لي ولو لمرةٍ دون شجارٍ غبيّ.»

قالتها ورحلتْ تجاه باب المطبخ الخلفيّ لمنزلها، ثم دخلتْ والآخر يرمقها بتفكيرٍ، قبل أن يتنهد ويدخل خلفها.

بقي واقفًا في المطبخ الذي اعتاد التواجد به منذ صِغره وحفظ كلّ ركنٍ به يراقبها بينما تعمل تحت الضوء الأزرق الخافت للمطبخ باندماجٍ حتى صنعتْ لهما شطيرتين، زبدة الفُستق مع مربى الفراولة؛ المفضّلة لديهما.

أعطتْه الشطيرة الخاصّة به بعدما قفزتْ بسبب جسدها الصغير لتجلس على أحد مقاعد طاولة المطبخ الطويلة والموصِّلة لصالة المنزل من الزاوية الخلفية، بينما تقول بهدوءٍ:

«أنا جائعة، وأعتقد أنّ شطيرةً لوجبةٍ ليليةٍ لن تؤثّر في عضلات معدتك.»

ابتسم بخفةٍ يلتقط الشيطرة جالسًا على المقعد الآخر جوارها، ولكنّه أخفى ابتسامته سريعًا قبل أن تلاحظها ليسألها:

«ما الذي تريدينه؟»

«أخبرني ما بك؟ لمَ تبدو شاردًا هذه الفترة؟»

«وما شأنكِ؟»

«يا إلهي، توقّف عن كونك مؤخّرة. فقط أجبني، يقولون أنّ في بعض الحديث راحةٌ.»

«أنتِ لن تتركيني إلا إن أخبرتكِ، صحيح؟»

«تعرفني جيدًا "چيرمايا فيشر".»

أجابته وقهقهتْ بخفةٍ تقضم من شطيرتها، فابتسم لها ينظر لطاولة المطبخ الرخامية الرمادية بشرودٍ لدقيقةٍ، ثم تنهّد يقول بصوتٍ بالكاد سمعتْه هي:

«لقد.. لقد رسبتُ في اختبار التاريخ.»

«أوه، آسفة لسماع ذلك، يمكنك تعويضه بسهولةٍ "چير".»

«لا، لا أعتقد أنّني يمكنني ذلك، لقد.. أنا أحبّ لعب كرة السلّة، ولكنني لا يمكنني فعل ذلك إلّا إن حصلتُ على منحة، والحصول عليها يتطلّب بعض الدرجات العالية. كما أنّني بهذا المستوى قد أفقد فرصتي لدخول جامعةٍ جيدةٍ.»

«وأين كنت طوال هذا الصيف؟ لمَ لمْ تحاول أخذ صفّ التاريخ في الصيف أو التجهيز له حتى؟»

سألتْه تدّعي عدم الاهتمام؛ ولكنّ داخلها كان شغوفًا لسماع إجابته، كانت تريد معرفة مكان اختفائه طوال الصيف الماضي لدرجة أنّه لمْ يقضي الصيف مع عائلتيهما كما المعتاد منذ صغرهما في منزل والديه الشاطئي عند شاطئ (كازينز) على طول ساحل كارولاينا الشماليّ.

«لقد كنتُ أقوم ببعض الأعمال التطوعيّة في الأنشطة الشاطئية وأشارك في معسكرات لتحسين خدمتي التطوعيّة، أحتاج شهادتها لدخول الجامعة التي أرغب بها.»

ابتسمتْ بارتياحٍ. لا تعرف لماذا، ولكنّها كانت مرتاحةً أنّه لمْ يقضِ الصيف الماضي مع الفتيات كعادته السنوات الماضية. ولكنّها نفضت تلك الفكرة من رأسها سريعًا تسأله باهتمامٍ واضحٍ:

«إلى أي جامعةٍ تريد الدخول؟ لمْ.. أعني، لمْ تخبرني عنها سابقًا.»

«هذا لأنّني كنتُ يائسًا بعض الشيء بسبب عدم إيجادي الوقت للعب كرة السلة، وهذه الجامعة هي أفضل وسيلةٍ لي للعبها ضمن فريقٍ كبيرٍ. إنّها جامعة (فينش).»

«أوه، إنّها جامعةٌ تحتاج لبعض الجهد.»

«كالجحيم.»

وجدت نفسها تبتسم له، لا تعرف لماذا أو كيف، ولكنّها وضعتْ كفّها على كفّه المرتاح على طاولة المطبخ لتسير رعشةٌ غريبةٌ في جسده جرّاء لمستها، ولكنّها وجدتْ نفسها تطمئنه قائلةً:

«إن كان هناك مَن يستحق الالتحاق بجامعة (فينش)، فهو أنت "چير". كن متأكدًا أنكّ ستدرس العام القادم في واحدةٍ من أفضل الجامعات على الجانب الآخر من المدينة. أنا متأكدةٌ من هذا.»

«أنا أُقدِّر روحكِ المتفائلة "بيلي"، ولكنّني لا أملك الثقة الكافية لذلك.»

«أوه "چير"، لا تقل هذا. أنت تستحق. أنا آسفةٌ لأنك تواجه كل هذا، لقد لاحظتُ كيف كنت مستاءً وأنت تتحدّث مع المعلّم اليوم بعد الصفّ.»

«لا بأس، ليس ذنبكِ. الحوادث تقع.»

أجابها بهدوءٍ مقتبسًا من قولها السابق لـ"ماكس" حتى أصابه الضيق مجددًا من تلك الذكرى. ولكنّها لمْ تنتبه لقصده لتربّت على كفّه مجددًا دون أن تعلم مدى تأثير لمساتها تلك عليه قائلةً:

«أعتقد أنك تستطيع النجاح إن أعدت النظر لجدولك اليوميّ.»

«أجل، أعتقد ذلك. لقد ظننتُ أن بعض الوقت مع كرة السلة قد يخرجني من هذه الأفكار المستاءة.»

«وهل نجح الأمر؟»

«ليس تمامًا.»

«كل شيءٍ سيكون على ما يُرام "چير"، أنا واثقةٌ من هذا.»

طمأنتْه تبتسم بخفةٍ، ولكنّ قلبها قد سقط في معدتها حينما وقعت عيناه من عينيها، يستقرّ بهما على شفتيها، حتى نهضتْ مرتبكةً تغسل يديها في حوض المطبخ قائلةً وظهرها له تتحاشى النظر لعينيه:

«أعتقد أنّ.. أنني يجب أن أخلد للنوم، لديّ يومٌ ممتلئٌ بالحصص والتدريبات غدًا، كما أنني سأذهب لحفلة الفريقين مساءً.»

«أوه، آسفٌ لأخذ الكثير من وقتكِ. سأخرج من الباب الخلفيّ.»

أومأت له دون النظر لعينيه تعضّ وجنتها من الداخل وقلبها ينبض بهذه السرعة، فنهض متجهًا لباب المطبخ الخلفيّ، ولكنه قبل أن يخرج توقّف قائلًا بخفوتٍ:

«شكرًا لاستماعكِ لي "چيلي بيلي".»

«لا تعتد على هذا.»

حاولتْ تغيير الأجواء لإيقاف نبضات قلبها، فقهقه لجملتها وخرج، بينما ضربتْ هي على صدرها تتمتم لنفسها بضيقٍ:

«ما الذي يحدث لي؟»

****

مساء اليوم التالي، وصلتْ "إيزابيل" لمكان الحفل في منزل قائد فريق كرة السلة المدعوّ "مارك"، ترتدي فستانًا ورديًا يصل لمنتصف فخذيها، ضيقًا على تفاصيل جسدها التي تُناسب فتاةً مراهقةً في سنّها، تاركةً شعرها البنيّ الغامق يسبح خلف ظهرها حتى خصرها ناعمًا.

لفت دخولها انتباه "چيرمايا" الذي كان جالسًا مع صديقه المقرّب "مايسون" وبعض زملائهم في الفريق بمَن فيهم "مارك" و"ماكس".

ابتسم لطلّتها الظريفة، ودقّق بعينيها العسليتين اللتين لطالما جذبت انتباهه وجعلتْه يشرُد بهما، خاصةً مع ملامحها المختلطة بين الكوريّة والأمريكيّة، كانت لطيفةً بهذا اللون الورديّ جدًا.

نهض راغبًا في إلقاء التحيّة عليها رغم أنّه لا يجدُر به ذلك لأنّهما لمْ يتواصلا في العلن منذ وقتٍ طويلٍ، ولكن أوقفه صوت أحد المشجّعات وصديقة "تايلور" الأخرى تهتف بحماسٍ رافعةً كوبًا ورقيًا أحمر مليئًا بالكحول:

«وقت لعبة "صراحة وجرأة" أعزائي. تعرفون القوانين جيدًا، مَن نختاره للبدء عليه لفّ الزجاجة لسؤال مَن يقع عليه الاختيار، ومَن يقع عليه الاختيار وينهي دوره سيلف الزجاجة ويتعيّن عليه سؤال الفرد التالي. يمكنكم إلقاء أي أسئلةٍ أو أي تحديات لا قوانين لذلك سوى أنّه يُمنع وضع تحديات قد تتسبّب بمشاكل بين المرتبطين منّا.»

«مَن وضع هذا القانون الغبي؟ ممل.»

علّقت فتاةٌ سمراء طويلةٌ تقف إلى جانب حبيبها أحد لاعبي فريق كرة السلة، فقلبت الفتاة الأخرى المدعوّة "چينيفر" عينيها تجيبها:

«أنا مَن وضعتُه عزيزتي.»

«هذا رائع، أنا متحمسةٌ لذلك.»

هتفتْ "إيزابيل" فجأةً، لتبتسم "تايلور" الجالسة إلى جوارها على أريكةٍ في منتصف الصالة تقول:

«حسنًا آنسة متحمسة، ستبدأين اللعبة.»

«أعطِني ما لديكِ.»

«صراحة أم جرأة "بيلي"؟»

«جرأة.»

«حسنًا، أتحداكِ أن تقومي بتبادل حمالة الصدر مع إحداهنّ.»

«سهل، مَن لها؟»

تساءلت "إيزابيل" رافعةً حاجبها، فردّت عليها الفتاة السمراء وذهبا لغرفةٍ جانبيةٍ لتبادل حمالات الصدر، ثمّ عادت "إيزابيل" تنفخ خصلةً من شعرها قائلةً:

«لقد تمّ الأمر.»

«بهذه السهولة؟ لمَ لا ترينا حمالة صدركِ الجديدة؟»

علّق "مارك" قائد فريق كرة السلة، فقلبتْ "إيزابيل" عينيها تتجاهله مكملةً اللعبة، بينما قبض "چيرمايا" على كفّه وعينيه تنكمشان بضيقٍ، ثم نهض للجلوس على مسند الأريكة جوار "إيزابيل" التي نظرت له بحاجبٍ مرفوعٍ.

استمرت اللعبة لنصف ساعةٍ بين أسئلة صراحةٍ وتحدّيات قويةٍ، حتى وقع الدور على "چيرمايا" الذي سأله صديقه "مايسون":

«صراحة أم جرأة، رفيق؟»

«جرأة.»

«أتحداك، أن تقضي سبع دقائق في الجنّة مع إحداهنّ.»

«ما الذي يعنيه هذا؟»

تساءل أحد الفتيان، فأجابه "مايسون" بينما يرمق "چيرمايا" بنظرةٍ خبيثةٍ:

«هذا يعني أنّه يجب عليه أن يقضي سبع دقائق مع فتاةٍ ما في خزانةٍ مغلقةٍ، يمكنهما تبادل الحديث لهذه المدة أو.. أو فعل أيّ شيءٍ آخر.»

غمزه "مايسون" ليقلب "چيرمايا" عينيه متسائلًا بابتسامةٍ لعوبٍ:

«هل يمكنني اختيار الفتاة؟»

«لا، سنلفّ الزجاجة.»

صاحت "چينيفر" التي وصلت للثمالة مستندةً على كتف "تايلور"، فقام "چيرمايا" بلفّ الزجاجة لتتوقّف فوّهتها على "مارك"، فقهقه الجميع ساخرًا حينما قال "چيرمايا":

«لا أعتقد أنني أميل للمتلاعبين.»

منحه "مارك" نظرةً غاضبةً، فعاد "چيرمايا" لتتوقّف فوهتها على أحد الفتيات، حينها همست "چينيفر" بحماسٍ في أذن "تايلور" إلى جوارها:

«وأخيرًا، بعض الدراما.»

حيث كانت الزجاجة قد توقّفت على "إيزابيل".
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي