١٠ مفاجأة عطلة عيد الميلاد

كانت "إيزابيل" و"چيرمايا" جالسين في بداية المساء على سريرها بغرفتها يدرسان بكتبهما بتركيزٍ، حتى طرقتْ والدتها الباب وسمحتْ لنفسها بالدخول دون سماع الإذن، ثم ابتسمتْ بحالميةٍ لرؤيتهما معًا:

«آو، صغيراي اللطيفين، أنتما تدرسان منذ العودة من المدرسة بعد دوامها المُرهق، إنّها الثامنة مساءً. ما رأيكما أن ترتاحا قليلًا من الدراسة وتذهبا للمطعم القريب لتناول عشاءٍ لذيذٍ معًا؟ سأعطيكما المال لتتناولا العشاء معًا.»

هزّ "چيرمايا" رأسه بسخريةٍ يكتم ضحكته بصعوبةٍ كونه يفهم تمامًا ما تسعى إليه هذه المرأة، بينما رمقتها ابنتها بإحراجٍ تجيبها:

«شكرًا لكِ أمي، لقد تناولنا غداءً لذيذًا في المدرسة. لستُ جائعةً، ولكن إن كان "چير" كذلك، يمكنكِ صنع شطيرته المفضّلة له. أو أعتقد أنّنا سنطلب البيتزا فقط.»

«حقًا؟ هل أنتما متأكدين من ذلك؟ طعام ذلك المطعم لذيذ.. سأعطيكما ما تشاءان من المال. ماذا عنك "چيري"، ألست جائعًا لذلك البرجر الفاخر؟»

اختفتْ ابتسامة "لوريل" تسأله بحزنٍ، عيناها الكوريتان الضيّقتان رسمتا ملامح جروٍ برئٍ، فزمّ "چيرمايا" شفتيه يكتم رغبته الشديدة في الضحك يجيبها:

«أجل سيدة "لوريل"، أنا متأكدٌ من ذلك، أعني.. أعتقد أنّني أشتهي بيتزا البيبروني الآن.»

«أوه أجل، أنا أحبّ البيبروني.»

علّقت "إيزابيل" بحماسٍ وانشغلتْ في الحديث معه، فخرجتْ والدتها بيأسٍ من الغرفة نازلةً الدَرج لمطبخها، ثم أخرجتْ هاتفها واتصلت بـ"سوزان" تخبرها مباشرةً:

«أعتقد أنّ خطتنا فشلت مجددًا.»

سوزان بيأسٍ: «ماذا؟ ألا يريدان تناول الطعام في ذلك المطعم؟ أوه، إنّه مكانٌ رومانسيٌّ جدًا.»

لوريل بغضبٍ: «أجل، لقد فضّلا الجلوس للدراسة وطلب البيتزا بالبيبروني.»

ضربتْ "سوزان" جبينها بكفّها تهتف بحدةٍ:

«كيف أنجبنا طفلين مملين لهذه الدرجة؟ ظننتُ أنّ صغيري "چيري" رومانسيّ ويعرف كيف يوقِع الفتيات في حبّه.. تبًا، أعتقد أن شقيقه الأكبر "كونراد" أفضل منه، لربما كان من الأفضل أن نجمع ابنتكِ بصغيري "كونراد" بدلًا من ذلك الأحمق "چير"، أعتقد أنّ الشرارة بينهما قبل سفر "كوني" للجامعة العام الماضي كانت واضحةً.»

«أوه، لا أعتقد ذلك، "كوني" قد وجد حبيبةً حقًا، صغيرتي تليق بـ"چيري" أكثر.»

استمرّ حديثهما يضعان المزيد من الخطط، حتى بدأ اليوم التالي، وكان الثنائيّ يجلسان معًا على مقعدين خلف مكتب "چيرمايا" بزاوية غرفته أمام سريره، يدرسان بتركيزٍ حتى دخلت والدته من الباب المفتوح تبتسم بخبثٍ قائلةً:

«هاي يا أطفال، أنا وعزيزي سنخرج الآن لقضاء أمسيةٍ رومانسيةٍ وتناول العشاء، قد نسهر لوقتٍ متأخرٍ جدًا، وقد لا نعود هذه الليلة. تعلمان.. سنترك لكما المنزل فارغًا. أنتما فقط في هذا المنزل الواسع دون أن يزعجكما أو يسمعكما أحدٌ. هل هذا جيدٌ؟»

«أوه، أجل أمي.. استمتعا.»

أجابها "چيرمايا" دون أن يُشيح عينيه عن دفتره حيث وضعت له "إيزابيل" معادلةً رياضيةً ليحلّها، فرمشتْ والدته تقول مجددًا بتوترٍ هذه المرة:

«لقد.. لقد صنعتُ بعض الفراولة المغطّاة بالشيكولاتة بكلّ حبٍ هذا الصباح، يوجد الكثير منها في الثلاجة إن احتجتما لوجبةٍ تثير الحميمية بيـ.. أعني.. تسدُّ جوعكما أثناء الدراسة.»

«شكرًا لكِ "سوزانّاه"، هذا لطفٍ منكِ حقًا. أتمنى أن تقضي وقتًا ممتعًا مع السيد "فيشر".»

ردّتْ "إيزابيل" هذه المرة وعيناها بتركيزٍ على دفتر "چيرمايا" تستمر في وضع علامات خطأ على حلّه حتى رمقها بضيقٍ، ولمْ ينتبها حتى لرحيل والدته من الغرفة، حتى مرّت ساعةٌ أخرى بقيا يدرسان فيها بجدٍ، وهي مستمتعةٌ بتصحيح أخطائه ووضع الأسئلة الصعبة له.

ثمّ نهضت من مقعدها تلملم أشياءها ملوحةً له:

«أعتقد أنّ هذا كافٍ اليوم، لمْ يعُد لديّ رغبةٌ في وضع أسئلةٍ أذلّك بها وأرى حلولك الخاطئة. سنكمل بعد غدٍ بعد مباراتك المهمة.»

«هاها، لستُ سيئًا بالحلّ لتلك الدرجة، لقد أجبتُ سؤالًا صحيحًا.»

«هذا لأنّه كان الأسهل.»

رمقها بحدةٍ يُخرج علبة سجائره، فانفجرتْ ضحكًا على ملامحه لتغادر غرفته بعدما ودّعته تاركةً إياه ينظر لضحكتها الجميلة بعينين لامعتين.

دخلتْ "إيزابيل" منزلها تبحث عن والدتها حتى وجدتْها تجلس على أريكةٍ بغرفة القراءة تكتب بعض المشاهد بروايتها على حاسوبها المحمول؛ فهي كاتبة روايات تطمح للشهرة. ولكنّها ما إن رأت ابنتها حتى تركتْ ما بيدها تركض تجاهها متسائلةً بصدمةٍ:

«هاي! لمَ أنتِ هنا الآن؟ ما زال الوقت مبكرًا. لمَ لمْ تنامي مع "چيري". أ-أقصد، أعني.. لمَ لمْ تستمرّا بالدراسة لوقتٍ أطول بينما منزله فارغٌ وهادئٌ؟»

نظرتْ لوالدتها بحاجبٍ مرفوعٍ، الشكّ ملأ عينيها ولكنّها أجابتْ بهدوءٍ:

«نحن ندرس منذ ثلاث ساعات، هذا كافٍ؛ لدينا مباراة مهمّةٌ غدًا.. سأذهب لأخذ حمامٍ والنوم باكرًا أمي. عمتِ مساءً.»

«أجل، عمتِ مساءً صغيرتي المجتهدة.»

همستْ "لوريل" بضيقٍ، وفور رحيل ابنتها، أمسكتْ هاتفها واتصلت بصديقتها تصرخ بها ما إن سمعتْ صوتها عبر الهاتف:

«لقد عادت "بيلي" باكرًا من منزلكِ. لا توجد شعرةٌ مبعثرةٌ من شعرها حتى، لا شفاه منتفخة، لا أحمر شفاهٍ أُفسِد مظهره.. لا شيء، لمْ يفعلا شيئًا أبدًا. هل أنتِ متأكدةٌ أنّ ابنكِ ما زال يرغب بالفتيات؟ ابنتي ليست قبيحةً لتلك الدرجة.»

«ما الذي تقولينه، بيتش؟ هذا ليس ذنب رغبات طفلي أو جمال طفلتكِ. هذا ذنبنا لأنّنا أنجبنا طفلين نقيين وربّيناهما تربيةً مهذَّبةً جدًا. أعتقد أنّنا لن نحصل على الأحفاد منهما أبدًا.»

أجابت "سوزاناه" باستياءٍ والدموع تترقرق في عينيها، فنظر لها زوجها الجالس على مقعدٍ أمامها بأحد المطاعم بصدمةٍ ممّا قالته للتو، بينما صرختْ بها "لوريل" بصوتها الحاد:

«لا، لا تقولي هذا. سنجعلهما يتواعدان ويتزوجان وينجبان لنا الكثير من الأحفاد حتى وإن كان هذا آخر ما سنفعله في حياتنا.»

هزّت "سوزاناه" رأسها باقتناعٍ، ثم تجاهلتْ ملامح زوجها المصدومة وبقيت تثرثر مع صديقتها عبر الهاتف لوضع المزيد من الخطط.

وبمرور بضع أيامٍ أخرى، كان موسم كرة السلة والتشجيع قد انتهى بالفعل في المدرسة. ولكنّ الفتيات استمرت قي التدرّب على التشجيع في ملعب كرة السلة، حيث وقفتْ "إيزابيل" معهنّ يتدربن على بعض الحركات الصعبة بينما تفكّر في نفسها وعيناها تنظران لـ"چيرمايا" الذي كان يراقبهنّ مع بعض اللاعبين من مدرجات الملعب:

«انتهى الموسم واقتربتْ الامتحانات، ولمْ يعُد "چيرمايا" بحاجةٍ لمساعدتي نوعًا ما في الدراسة. ولكنّنا استمررنا في اللقاء بملعب كرة السلة، أحيانًا أراقبه بينما يلعب مع زملائه، وأحيانًا أشعر بعينيه عليّ بينما أتدرّب مع الفتيات. ولكنّنا لمْ نكن نرى بعضنا أكثر من هذا، و.. نسينا أمر ذلك الرهان السخيف نوعًا ما. وعلى الرغم من ذلك، أعتقد أنّنا أصبحنا أكثر عقلانيةً في التعامل مع بعضنا. لمْ نعُد نتشاجر على الأقل.»

كانت "إيزابيل" محقةً في هدوء علاقتها بـ"چيرمايا" دون محاولةٍ ليصبحا أصدقاء حتى، ولكنّ والدتيهما استمرّتا في المحاولة لتقريبهما، حيث كانتا تجلسان معًا في حديقة منزل آل "فيشر" بعدما أعدّتْ "لوريل" بعض الشمبانيا لهما، وتحدّثتا لتبدأ "سوزاناه" قولها باستياءٍ:

«لمْ أعُد أرَ طفلينا يحاولان قضاء الوقت معًا. إنهما حتى لا يدرسان معًا منذ وقتٍ طويلٍ. لقد قارب الفصل الدراسيّ الأول على الانتهاء ولمْ نُحرز أيّ تقدُّمٍ في خططنا. نحن فاشلتان كبيرتان بامتيازٍ.»

رفعتْ "لوريل" حاجبها تشرب من كأسها رشفةً من الشمبانيا البيضاء الفارهة، ثمّ ضيّقتْ عينيها تنطق بإصرارٍ:

«أظنّ أنّه الوقت المناسب لنستخدم الخطّة (نون).»

«آخ، نحن بالفعل قد بدأنا باستخدام الخطة (نون). نحن فقط.. فاشلتان جدًا في مثل هذه الأمور البسيطة. أعتقد أنّ تدخين بعض الماريجوانا سيساعدنا لنضع خططًا أفضل.»

ردّت "سوزانّاه" وتلاعبتْ بحاجبيها تخرج سيجارةً محشوّةً بالماريجوانا من جيب سروالها الچينز، فقلبتْ الأخرى عينيها تقول:

«لديّ شعورٌ جيدٌ حول هذه الخطّة، ستنجح الآن وسريعًا، وسترين ذلك بعينيكِ. ثمّ توقّفي عن تدخين الماريجوانا، نحن على وشك أن نكون جدّتين أيتها الحمقاء.»

«هل.. هل تقصدين أننا سنقوم بـ..»

قاطعتها "لوريل" بابتسامةٍ خبيثةٍ:

«أجل عزيزتي، سنلجأ لتلك الفكرة الرائعة.»

وبانتهاء حديث هاتين الصديقتين المقرَّبتين منذ ما يقرُب الخمسة وأربعين عامًا، بدأتا في التجهيز للفكرة بالفعل.

ومع بداية إجازة عيد الميلاد المجيد ببداية الشتاء القويّ، كانت "إيزابيل" تستقلّ سيارة والدها مع والديها تبتسم بحماسٍ، فسألتْها والدتها الجالسة بالأمام إلى جوار زوجها:

«هل أنتِ متحمّسة لعطلة عيد الميلاد هذه، طفلتي؟»

«أجل، لطالما تمنّيتُ قضاء فترة تخييم في عيد الميلاد في كوخٍ صغيرٍ وسط الطبيعة الجميلة. هذا أفضل حتى من قضاء الصيف في شاطئ كازينز بمنزل "سوزاناه".. على الأقل سنكون بمفردنا وليس مع "چيري".»

همستْ بالأخيرة دون أن يسمعها والديها، فاضطرب قلبها لا يوافقها ما قالته أبدًا، حتى سمعتْ صوت والدها يبتسم لها عبر المرآة الأمامية للسيارة:

«لقد حرصتُ على تجهيز الكوخ جيدًا بكلّ ما سنحتاجه. ستكون خطة تخييم شتوية جيدة. هاتفتُ شقيقكِ كذلك ودعوتُه للمجيء لقضاء عيد الميلاد معنا هناك. أخبرني أنّه سيحاول بسبب ضغط امتحاناته.»

«شكرًا لك أبي، لمّ شمل الأسرة هذا رائعٌ حقًا.»

أجابتْه "إيزابيل" لتهتف والدتها بحماسٍ كالأطفال مصفقةً:

«مدخنة حرارةٍ تقليديةٍ دافئةٍ، مع الأضواء الشمالية الجميلة للسماء الصافية في هذا المكان، والبقاء أسفل الأغطية السميكة مع أكواب الشيكولاتة الساخنة اللذيذة. هذا رومانسيّ جدًا.»

«إيو، رومانسي؟ هل تحاولان الحصول على طفلٍ آخر يا رفاق؟»

هتفتْ "إيزابيل" بصدمةٍ مجعّدةً ملامحها بتقزُّزٍ، فقهقه والدها عاليًا لتشهق والدتها بخفةٍ، ثم تحمحمتْ تجيب بارتباكٍ:

«أوه لا، بالطبع لا.. مَن ذكر الرومانسية والأطفال هنا؟ أنا فقط أتطلّع لتجربة كلّ هذه الأمور اللطيفة والدافئة مع أسرتي الجميلة و..»

«أوه انظرا، لقد وصلت عائلة "كونكلين" بالفعل للكوخ. تبًا، هذا اللعين "آدم" سريعٌ في القيادة، إنّه يسبقني دائمًا.»

ارتفع صوت "چون" والد "إيزابيل" يقاطع زوجته بتحدٍ بعدما اقترب من طريق الكوخ وسط أشجار الغابة العالية والمغطّاة ببعض الثلوج، فجحُظَتْ عينا "إيزابيل" حتى شعرتْ بغليان دمائها في عروقها.

وما إن توقّف والدها بالسيارة، قفزتْ خارجها تركض تجاه "چيرمايا" الذي كان واقفًا بالقرب من مرأب السيارات الصغير جوار الكوخ يعبث بهاتفه بمللٍ لتصيح به بحدةٍ:

«ما الذي تفعله هنا "فيشر"؟ إنّها عطلةٌ شتويةٌ لأسرتي فقط. لمَ أنت هنا؟»

«ووه، على مهلكِ أيتها النمِرة، لمْ أختَر أن أكون هنا حتى. لقد أجبرتْني والدتي وسحبتْ مؤخرتي للسيارة منذ الصباح الباكر. لمْ أكن أدري أنكِ ستكونين هنا حتى.»

قلب عينيه يجيبها زافرًا بقوةٍ، فرمقتْه بنظرةٍ قاتلةٍ تشير بسبّابتها بتحذيرٍ:

«عظيم، يحدث هذا عندما أظنّ أنّني سأقضي عطلة عيد ميلادٍ مريحةٍ وهادئةٍ أسترخي فيها بعيدًا عنك وعن الجميع.»

«وما علاقتي بانزعاجكِ الآن؟ أنا حتى لمْ يسبق لي وأن أفسدتُ عطلة عيد ميلادٍ واحدةٍ لكِ.»

شبّك ذراعيه على صدره متضايقًا من عودتها لمعاملته كالقمامة بعدما ظنّ أن علاقتهما أصبحتْ أفضل، ولكنّها قهقهتْ كالمجنونة تجيبه بعينين قاتلتين:

«بلا، ألا تتذكّر ما فعلته بي ونحن بالصف السابع؟ لقد قضيتُ أيامًا في صنع رجل ثلجٍ وجئت أنت بكل بساطةٍ لتدميره.»

«لقد كان هذا مجرّد حادثٍ.»

أجابها بضجرٍ، ثم تحدّث في نفسه بابتسامةٍ داخليةٍ خبيثةٍ:

«لا، لمْ يكن حادثًا.. هيهي!»

صرختْ به بصوتٍ أعلى وقد بدأ الغضب يتملّكها:

«في عطلة عيد الميلاد العام الماضي، ارتديتُ سترةً شتويةً من ماركةٍ مشهورةٍ أنفقتُ ثروةً لشرائها للذهاب في موعدٍ مع فتى من زملاء شقيقي "ستيڤن".. وماذا فعلتَ أنت؟ لقد ركضتَ خلفي كالكلب وهاجمتني بكرات الثلج حتى غرقت السترة بالماء وأفسدتَ لي موعدي.. لقد اضُطرِرتُ للعودة للمنزل مسافةً طويلةً وتبديل ثيابي، ثم تأخرتُ على الموعد وغضب مني الشاب.»

جزّتْ على أسنانها أمام نظراته الهادئة دون ندمٍ لتكمل صراخها:

«أمّا في العام قبل ذلك، سخرتَ من بيچامة عيد الميلاد الخاصة بي حتى أصبح الجميع يضحك عليّ. أحبُّ هذه البيچامة كثيرًا وسأرتديها طوال هذه العطلة في الكوخ رغمًا عن أنفك.»

عضّ على شفته السُفلى بضيقٍ يصرخ فيها بدوره بغضبٍ:

«هذه البيچامة الحمراء هي أبشع بيچامةٍ رأيتُها في حياتي. إنها سخيفةٌ جدًا. تجعلكِ تبدين كالطفل الرضيع وأنتِ ترتدينها. أيّ فتاةٍ في على مشارف الثامنة عشرة من عمرها ترتدي منامة طفلٍ سحابها عند مؤخرتها؟»

«أنا أفعل.. أنا أرتديها أيها الوغد.»

علا صوتها حتى رنّ صداه في الأرجاء لتهرب الطيور، فاحتدتْ ملامح "چيرمايا" مستمرًا في الشِجار معها ووالديهما يقفان عند باب الكوخ ينظران لهما بصدمةٍ، بينما "سوزاناه" و"لوريل" تقفان بالقُرب من مرأب السيارات تستمعان لهما بسعادةٍ لتهمس "سوزاناه":

«أعتقد أنّ هذا الشِجار إشارةٌ لبدء قُربهما من بعضهما في هذه العطلة ونجاح خطتنا.»

هزّت "لوريل" رأسها بالموافقة، وتركوهما يتشاجران ليدخلوا الكوخ ويفرغون الحقائب، حتى أتى المساء مظلمًا حول هذا الكوخ، واضطرّا للدخول للكوخ أخيرًا بعد توقّف الشجار.

وجدا طاولة العشاء جاهزةً، فبدّلا ثيابهما وجلسا حولها متقابلين يرمقان بعضهما بغضبٍ، حتى تحمحم والد "إيزابيل" يشرب من كأس نبيذه الأحمر متسائلًا لتخفيف الجو:

«إذًا، ما مخططاتكم جميعًا لقضاء هذه الأمسية الأولى لنا هنا؟ أرى أنّه من الجيد أن نذهب جميعًا غدًا للتزلج على الجليد.»

«نعم، التزلج على الجليد ممتعٌ جدًا. ألا تعتقدين هذا "لوريل"؟»

هتفتْ "سوزاناه" تصفق بحماسٍ، فرمشتْ "لوريل" بحالميةٍ تجيب:

«أجل، إنّه رومانسيّ جدًا.»

«أمي، لمَ تعتقدين أنّ كل شيءٍ رومانسيّ فجأةً هكذا؟»

قاطعتْها "إيزابيل" رافعةً حاجبها، فارتبكتْ ملامح والدتها الجالسة إلى جوارها تقطع شريحة اللحم في طبقها لتجيب متصنعةً البلاهة:

«أوه آه، لا سبب لذلك، أنا فقط.. لطالما اعتقدتُ أنّ عيد الميلاد أكثر وقتٍ رومانسيّ في السنة.»

«هل أنتِ متأكدةٌ من ذلك؟ ألستِ حاملًا حقًا؟»

تساءلت "إيزابيل" تشبّك ذراعيها على صدرها ليغصّ "چيرمايا" في الماء الذي يشربه، فتحمحمتْ "سوزانّاه" تلطّف الأجواء كعادتها:

«ما رأيكِ أن تذهبي للخارج لرؤية أضواء السماء الليلية في هذا الوقت من العام "بيلي"؟ السماء تكون صافيةً في هذا المكان والأضواء اللطيفة تنيرها. لقد أخبرتْني "لوريل" أنكِ لمْ تريها من قبل.»

«أوه أجل، لمْ أرَها من قبل. أعتقد أنّ رؤيتها ستكون خطتي المسلية لتمضية هذه الليلة.»

ابتسمتْ لها "سوزّاناه" بتوسُّعٍ، ثم نظرت لابنها الجالس جوارها تسأله ببراءةٍ:

«ما رأيك أن ترافقها لرؤيتها صغيري "چيري"؟ أنت أيضًا لمْ يسبق لك رؤيتها من قبل. إنّها فرصةٌ جيدةٌ، وسأعدّ لكما كوبين من الشيكولاتة الساخنة المميّزة التي أعدُّها.»
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي