١٤ بدأتُ أقع في الحب

خرج "چيرمايا" أولًا من متجر الثياب، وتبِعته "إيزابيل" بخطوات قويةٍ، وجهها محتقنٌ بالغضب لأقصى درجةٍ، وعيناها تشيران إلى رغبتها الشديدة في الانفجار فيه، لذلك لمْ تنتظر أن يبتعدوا كثيرًا، وأوقفتْه ساحبةً ذراعه بقوةٍ:

«ما الذي فعلتَه بالداخل للتو؟ لقد.. يا إلهي، لقد تصرَّفت بوقاحةٍ تامةٍ مع "ماكس" وقريبته، لمَ هذا التصرُّف "چيرمايا"؟»

رمقها بهدوءٍ، بدا أنّه لا يجد ما يجيبها به حقًا، ولكنّ عينيه حملتا الكثير من تأنيب الضمير، لذلك ضيّقتْ عينيها مغتاظةً من صمته الذي ظنّته عمدًا تسأله بهمسٍ:

«هل كنت تشعر بالغيرة عليّ للتو من "ماكس"؟»

الآن كان يجب عليه الحديث حقًا، فاتسعتْ عيناه يُنكر سريعًا:

«الغيرة؟ ولمَ سأشعر بالغيرة من ذلك الغبيّ؟ لمْ يسبق لي وأن شعرتُ بالغيرة من أحدٍ من قبل، وعندما أفعل، سيكون "ماكس"؟ تخيُّل الأمر مقرفٌ حقًا.»

«لا تتحدّث هكذا رجاءً، ذلك الغرور الذي يملأ كلماتك هو المقرف. أنا..»

صمتت لوهلةٍ وكأنّها تستجمع شجاعتها للتلفُّظ بما هي على وشك قوله، ثمّ ابتلعتْ لُعابها تعاتبه بحزنٍ واضحٍ:

«أنت لست حبيبي "چيرمايا"، نحن لا نتواعد، توقّف عن التصرُّف هكذا حولي. لقد.. لقد كنتُ أستمتع بالتسكُّع معك الفترة الماضية حقًا، لدرجة أنّني فكّرتُ في منحنا فرصةً لنصبح أصدقاء مجددًا. ولكن.. كل ما تفعله هو إفساد هذه العلاقة. إن كنتَ.. إن كنتَ تشعر بشيءٍ ما تجاهي حقًا، فلا تتصرّف كالأحمق، افعل شيئًا جيدًا كالرجال الحقيقيين.»

أنهتْ حديثها دفعةً واحدةً وكأنّها تخشى أن تصبح جبانةً وتصمت لثانيةٍ. لمْ تنتظر ردّ فِعله، وأسرعتْ بخطواتها تهرب من عينيه عودةً للكوخ، وهذه المرّة لمْ تركب معه سيارة والده، بل استقلّت سيارة أجرةٍ.

دخلتْ غرفتها فور وصولها، وما إن انتهتْ من تبديل ثيابها لأخرى منزليةٍ مريحةٍ، حتى سمعتْ طرقات خفيفةٍ على الباب، فأذِنتْ للطارق بالدخول ليتقدّم "چيرمايا" ناظرًا لها باستياءٍ:

«لمَ عدتِ بمفردكِ "بيلي"؟ لمَ لمْ تنتظريني؟ هل أفسدتُ الأمر لهذه الدرجة؟»

أخفضتْ عينيها عنه تنظر للأرض بملامح مستاءةٍ، فتنهّد يتقدّم حتى وقف أمامها مباشرةً، رفع ذقنها بإبهامه يتسبَّب في بعثرة خفقاتها قائلًا:

«أنا آسفٌ جدًا "إيزابيل". آسفٌ حقًا لأنّني تصرّفتُ كالأحمق بوقاحةٍ مع "ماكس"، لمْ يكن عليّ فعل ذلك. رجاءً لا تبقي غاضبةً. أنا فقط.. لا أريد أن أُفسِد ما تمّ إصلاحه بيننا مؤخرًا، لا أريد أن أُفسِد هذه العطلة أيضًا. أنا آسف.»

ابتعدتْ عنه خطوةً تهزّ رأسها، ثمّ ابتسمتْ له بهدوءٍ:

«حسنًا، لا بأس. سأنسى ما حصل، فقط.. تذكَّر أن تعتذر من "ماكس" أيضًا عندما تقابله مجددًا.»

أومأ لها بابتسامةٍ مُرتاحةٍ جدًا، ثمّ همَّ بالخروج مجددًا تاركًا إيّاها تقضي بقيّة اليوم في غرفتها بمفردها حتى أتى الليل، وبدأتْ عشيّة عيد الميلاد. واضُطرَّت للخروج لقضائ الليلة مع أسرتها وأسرته، فكانت تقف جوار والديها تلتقط معهم بعض الصور مُجبَرةً، تُحادِث نفسها:

«أعلم أنّني لا يجب أن أقول شيئًا كهذا، ولكنّني لستُ في مزاجٍ جيّد للاحتفال بعيد الميلاد حقًا. خاصةً وأنا أرتدي هذه السترة الطفولية التي اشترتها لنا "سوزانّاه" وأجبرتنا على ارتدائها جميعًا، إنّها سترةٌ زرقاء بها نقاط حمراء، مرسومٌ عليها من الأمام رأس غزالة عربَة بابا نويل. إنّها مضحكةٌ حقًا، وما غيّر مزاجي للأفضل هو رؤيتي لملامح "چيرمايا" بعدما أجبرتْه "سوزانّاه" على ارتداء هذه السترة. حيث بقي جالسًا على الأريكة طوال الوقت يرفض التقاط الصور بها.»

قهقهتْ "إيزابيل" بخفةٍ على ملامح "چيرمايا" المتضايقة، والتي بدتْ لها لطيفةً جدًا، حتى قطع وصلة تأمُّلها به، صوت والدته تناديه:

«هاي طفلي، تعال إلى هنا. لقد اتصلت "هانّاه" في مكالمةٍ مرئيةٍ وتريد الحديث معك.»

اختفى الضيق من ملامح "چيرمايا" فجأةً ينهض سريعًا مقتربًا من والدته يلتقط الهاتف بحماسٍ، بينما نظرتْ له "إيزابيل" بنوعٍ من القلق بعدما رأتْ سعادته بذكر اسم تلك المدعوّة "هانّاه".

«مرحبًا "چيري"، اشتقتُ لك أيها الأبله.»

صدر صوتٌ نسائيّ حماسيّ من الهاتف، فنظر "چيرمايا" لتلك المدعوة "هانّاه" سمراء البشرة بشعرٍ غجريّ طويل يأخذ مساحةً حول رأسها ليبتسم بتوسُعٍ يجيبها:

«وأنتِ أيضًا أيتها اللعينة، اشتقتُ لكِ كثيرًا.»

«أين تقضي عطلتك؟»

«أوه، لقد استأجر والديّ الكوخ المعتاد لنا في الشتاء لقضاء عطلة عيد الميلاد هنا مع أسرة جيراننا وصديقة والدتي المُقرَّبة.»

أجابها ينظر لـ"إيزابيل"، التي تحمحمتْ تُبعد عينيها عنه سريعًا بعدما أمسك بها تراقبه بصمتٍ، فتدخَّلت "سوزانّاه" في المكالمة تقف جوار ابنها ملوحةً لـ"هانّاه":

«إنّه يقضي عطلته مع صديقته المُفضّلة "إيزابيل"، هل تتذكّرينها؟ مهلًا، سأجعلها تتحدّث معكِ الآن!»

التفتت "سوزانّاه" متجاهلةً نظرات ابنها الحارقة عندما قالت أنّ "إيزابيل" هي صديقته المُفضّلة، ثمّ نادت "إيزابيل" بحماسٍ:

«هاي "بيلي"، تعالي إلى هنا، "چيري" يريد أن يُعرِّفكِ على إحداهنّ.»

لمْ تفهم "إيزابيل" ما تخطّط له "سوزانّاه" حقًا، ولكنّها لعنتْ تحت أنفاسها اضطرارها الحديث مع تلك الفتاة التي كرهتها قبل أن تعرفها حتى، ثم اصطنعتْ ابتسامةً واقتربتْ تقف جوار "چيرمايا" ملوحةً للفتاة بالهاتف:

«أوه مرحبًا، أنا "إيزابيل"، يدعوني الجميع "بيلي".»

«أوه، وأخيرًا تعرّفتُ على "بيلي" الشهيرة، لمْ يكفّ "چيري" عن الحديث عنكِ طوال الوقت.»

صرختْ "هانّاه" عبر الهاتف تصفّق بحماسٍ يلمع بعينيها البنيتين، فرمقها الآخر بنظرةٍ قاتلةٍ لتتمتم بارتباكٍ:

«أوه، يبدو أنّني قلتُ ما لمْ يكن عليّ قوله حقًا.»

ابتسمتْ "إيزابيل" بسخريةٍ تسألها رافعةً حاجبها:

«هكذا إذًا؟ حسنًا "هانّاه"، كيف تعرفين "چيرمايا"؟»

عضّتْ وجنتها من الداخل تندم سريعًا على هذا السؤال الأحمق، ولكنّ "هانّاه" ابتسمتْ بلطفٍ شديدٍ تجيبها:

«نحن جيرانٌ منذ أن كنّا بالثالثة من العمر. منزلنا الصيفيّ يُجاور منزل "سوزانّاه" الصيفيّ في شاطئ كازينز. ولكنّنا توقّفنا عن الذهاب لذلك المنزل بسبب انتقالنا خارج الولاية منذ أن بدأت أسرتكِ بقضاء العطلة الصيفية في منزل "سوزانّاه"، لذلك لمْ يكن هناك فرصةٌ لنتقابل. ولكنّني سعيدةٌ بالتعرّف عليكِ أخيرًا.»

ابتسمتْ لها "إيزابيل" بصدقٍ، ثم تركتها تتحدّث مع "چيرمايا" ووالدته، واستأذنت تدخل غرفتها للنوم متحجِّجةً بالصداع. ولكنّها ما إن دخلتْ غرفتها وأغلقتْ الباب، استندتْ عليه بظهرها وأفكارها تؤرق رأسها:

«لا أعرف لماذا، ولكنّ تلك المكالمة مع المدعوّة "هانّاه" قد ضايقتني حقًا. إنّها جميلةٌ جدًا، كما أنّ.. "چيرمايا" بدا سعيدًا جدًا عند الحديث معها. تبًا، هل.. هل أشعر بالغيرة؟»

اتسعتْ عيناها تضع كفّها على فمها تكتم تلك الشهقة التي كانت على وشك الإفلات منها متمتمةً بصوتٍ مسموعٍ:

«أوه لا، هل لديّ مشاعر تجاه "چيرمايا"؟ يا إلهي، مَن كان يظنّ أن هذا سيحدث حقًا؟»

ضربتْ جبينها بيدها كالمجنونة، ثمّ تقدّمتْ تجاه الخزانة، تبدّل ثيابها لتلك المنامة الحمراء الطفولية مجددًا، متحدثةً في نفسها بإصرارٍ:

«بالطبع لا، لا يمكن لهذا أن يحدث. أنا.. أنا لا أمتلك أيّ مشاعر تجاه "چيرمايا فيشر"؛ لقد كنّا أعداء منذ سنوات، كيف سنقع في الحبّ حتى؟ ولمَ الآن؟ أنا فقط.. يجب أن أتوقّف عن التفكير فيه.»

ختمتْ أفكارها حقًا بهذه الجملة، واستلقتْ على سريرها تسحب الغطاء الثقيل عليها، ثمّ أرغمتْ نفسها على النوم سريعًا كي لا تفكّر فيه.

إلى أن أتى الصباح، صباح عيد الميلاد المجيد، واستيقظتْ على ضوضاء والديها ووالديه في الخارج تتأفّف بضيقٍ، ثم خرجتْ مرتديةً نفس المنامة تتجه لدورة المياه، ولكنّها فزِعتْ لرؤية والدتها تسدّ طريقها فجأةً، مرتديةً ذلك الزيّ الذي يرتديه مساعدي بابا نويل وقبّعتهم الغريبة وحتى ذلك الحذاء الأخضر المقوّس من الأمام، تصرخ في وجهها:

«ماري كريسماس، "بيلي" اللطيفة الجميلة، ابنتي الرائعة.»

قهقهتْ "إيزابيل" على مظهرها وحماسها الطفوليّ:

«ماري كريسماس، أومّا. لقد أحببتُ زيّكِ هذا حقًا.»

«آو، كوماوو (شكرًا) طفلتي. أنا و"سوزانّاه" نرتدي نفس الزيّ، لقد قررنا أن نكون متشابهتين أكثر هذا العام.»

هتفتْ والدتها تعانقها بحماسٍ، فقهقهتْ أكثر لتتفاجأ بعناقٍ آخر من "سوزانّاه" التي ألقتْ عليها تحية عيد الميلاد ثمّ سألتْها بشكلٍ مفاجئٍ:

«إذًا "بيل"، ما رأيكِ في "هانّاه"؟ إنّها صديقةٌ مقرَّبةٌ للعائلة، لذلك فكّرتُ في أنّ هذا سيكون رائعًا إن التقيتُما.»

ابتعدتْ "سوزانّاه" عن عناقها وكذلك والدتها، ورمقتها الاثنتان بحماسٍ ترغبان في سماع إجابتها بفضولٍ قاتلٍ، فابتسمتْ لهما بارتباكٍ تجيب:

«أوه آه، إنّها.. تبدو لطيفةً حقًا. هل.. هل هي حبيبةٌ سابقةٌ لـ"چيرمايا"؟»

رمشتْ "إيزابيل" بذهولٍ بعد أن نطقتْ بهذا السؤال، ثم ابتلعتْ لُعابها تسبُّ نفسها داخليًا بعد إحراج نفسها بهذا السؤال. أعني.. ما شأنها؟

ولكنّ "سوزانّاه" بدا أنّها لمْ تشكّ بشيءٍ وأجابتها بهدوءٍ:

«لا، عزيزتي. ثقي بي.. "چيرمايا" لمْ يفكّر بها بهذا الشكل أبدًا. إنّهما صديقان مقرّبان جدًا فقط. و.. هي ليست عزباء ذاتًا، إنّها تواعد واحدًا من أبناء عم "چيرمايا"، هما ثنائي رائع، يحبان بعضهما كثيرًا.»

«أوه، حسنًا.»

ردّت بابتسامةٍ بلهاء، قلبها امتلأ بالراحة لمعرفة ذلك، حينها لمْ تسمح لوالدتها أو "سوزانّاه" بالنظر لها بشكٍ، وانطلقتْ تركض تجاه دورة المياه، حتى قهقهتْ والدتها تتنهّد بحالميةٍ:

«أوه، طفلتي الصغيرة واقعةٌ في الحبّ حقًا.»

بينما استمرّت "إيزابيل" في الركض تجاه دورة المياه حتى اصطدمتْ بجسد "چيرمايا" العاري وسقطتْ أرضًا. كان في طريقه للخروج يلفّ منشفةً حول خصره، فانحنى سريعًا يساعدها على النهوض متسائلًا بقلقٍ:

«هل أنتِ بخير؟ لمَ تركضين هكذا؟»

رمشتْ تبتلع لعابها حينما وقعتْ عيناها على عضلات معدته التي لطالما حلُمتْ بلمسها وتمرير أصابعها عليها بحريةٍ، ولكنّها رمشتْ تكمل ركضها بعيدًا عنه تصيح بإحباطٍ حتى رمش هو الآخر متمتمًا:

«ما مشكلتها حقًا؟ هل تصبح الفتيات بهذا الجنون في صباح عيد الميلاد؟»

عاد لغرفته وارتدى ثيابه، مرتديًا قميصًا نبيذيّ اللون مطبوعٌ عليه شجرة كريسماس صغيرة من المنتصف، ثمّ خرج للصالة ليتفاجأ بوالدته تقفز على ظهره صارخةً في أذنه:

«ماري كريسماس، طفلي الوسيم الطويل.»

«ماري كريسماس، أمي الجميلة.»

دار بها مقهقهًا، ثم أنزلها عن ظهره يعانقا بحبٍّ، فرمشتْ والدته تنظر له بخبثٍ قائلةً:

«أنا متشوِّقةٌ جدًا لرؤيتك وأنت تعطي تلك الهدية لـ"بيلي".»

حكّ مؤخرة رقبته يسألها ببعض التوتر:

«هل أنتِ متأكدةٌ أنّها ستعجبها، ما زلتُ أظنّ أنها مبالغٌ بها قليلًا.»

«هراء، إنّها الهدية المناسبة لأي حبيبةٍ.»

زمّ شفتيه يتنهد بإحباطٍ:

«ولكنّها ليست حبيبتي، أمي.»

«ماذا؟ ألمْ تسألها حتى الآن؟ أيها الأبله، إن كنتَ تشعر بشيءٍ ما تجاهها حقًا، فلا تتصرّف كالأحمق، افعل شيئًا جيدًا كالرجال الحقيقيين.»

عاتبته والدته بنظرات قويةٍ، فذهبتْ به ذاكرته للبارحة، أثناء شجاره مع "إيزابيل" في مركز التسوّق، عندما قالت له:

«إن كنتَ تشعر بشيءٍ ما تجاهي حقًا، فلا تتصرّف كالأحمق، افعل شيئًا جيدًا كالرجال الحقيقيين.»

لذلك هزّ رأسه يومئ لوالدته هامسًا لنفسه:

«سأفعل ذلك كالرجال الحقيقيين.»

ابتسمتْ والدته تعانقه مجددًا، ومع خروج "إيزابيل" من دورة المياه، اصطدمتْ بوالدتها تصرخ بحماسٍ:

«وقت فتح هدايا عيد الميلاد المجيد.»

قهقهتْ على والدتها واتجهتْ لمنتصف الصالة حيث ثبّت والدها ووالد "چيرمايا" شجرةً كبيرةً وعلّقوا عليها زينة الميلاد مساءً، ووضعوا أسفلها جميع الهدايا التي سيتبادلونها.

وبعد مرور بعض الوقت من تبادل الهدايا، بقيت الهديتان اللتان أحضرها "چيرمايا" و"إيزابيل" لبعضهما، حتى غمزتْ "سوزانّاه" ابنها تشجّعه:

«قدٌم هديتك للفتاة الآن، طفلي.»

هزّ رأسه لها، وذهب يلتقط هديته من أسفل الشجرة، ثمّ قدمها لـ"إيزابيل" التي فتحتها بحماسٍ، لتلمع عينيها سريعًا بمشاعر كثيرةٍ حينما وجدتْ علبةً تحتوي على قلادةٍ فضيّة تنتهي بقلبٍ على شكل قُفلٍ مغلقٍ بإحكامٍ لتهمس له بعينين شبه دامعتين:

«إنّها.. إنّها جميلةٌ جدًا "چير".»

«ضعها حول رقبتها، عزيزي.»

هتفت والدته بحماسٍ، فابتسم "چيرمايا" ينظر لـ"إيزابيل" بعينين لامعتين يسألها بخفوتٍ:

«هل تسمحين لي؟»

أومأت له تعضّ شفتها السفلى من الداخل بسعادةٍ، والتفتت تمنحه ظهرها واضعةً شعرها على جانبٍ واحدٍ من رقبتها، حتى لفّ "چيرمايا" القلادة حول رقبتها وربطها بإحكامٍ لتلامس أصابعه عظمتيّ ترقوتها مرسلًا قشعريرةً لذيذةً على طول عمودها الفقريّ.

«والآن دوركِ "بيلي"، قدّمي هديتكِ له.»

هتفت والدتها بحماسٍ، فزمّت "إيزابيل" شفتيها تتمتم في نفسها:

«تبًا، أنا الآن أشعر بالذنب كوني اشتريتُ له هذه الهدية حقًا بعد هديته الجميلة تلك لي.»

تنهدتْ بقوةٍ وأخذتْ هديتها من أسفل الشجرة تقدّمها له، فرمقها بنظرةٍ جميلةٍ سرقت قلبها يفتح الهدية، حتى عرضها على الموجودين لتقهقه والدته بلطافةٍ:

«آو، اذهب لارتدائها الآن سريعًا. هيّا، هيّا!»

أخذ "چيرمايا" الهدية ودخل غرفته، ثمّ خرج لهم مجددًا يرتدي منامةً متصلة السروال والقميص حمراء اللون، تشبه منامة "إيزابيل" تمامًا، فرفع حاجبه قائلًا:

«والآن أصبحتُ أشبهكِ تمامًا، أعتقد أنّنا سنصبح متشابهين في أعياد الميلاد القادمة جميعها بهذا الشكل.»

«أنا آسفة، لمْ أكن أعرف أنك ستحضر لي هديةً رائعةً كهذه.»

حاولتْ الاعتذار منه باستياءٍ، ولكنّه سارع بتصحيح ظنّها يهتف بصدقٍ:

«هاي هاي "بيلي"، لقد أعجبتني كثيرًا. إنّها أفضل هديةٍ حصلتُ عليها في حياتي.»

لمْ يلبث أن أنهى جملته حتى ارتمتْ "إيزابيل" في عناقه تدفن وجهها في بطنه حيث يصل طولها لافةً ذراعيها الصغيرين حول جسده بسعادةٍ، جاعلةً قلبه ينفجر في هذه اللحظة بالمعنى الحرفيّ، ومن خلفهما والدتيهما تنظران لهما بحالميةٍ حتى أدمعت عينا "سوزانّاه" لينظر لها زوجها ووالد "إيزابيل" بحاجبين مرفوعين لا يفهمان شيئًا.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي