١٢ أستمتع هنا معكِ

مضت تلك الليلة صعبةً على "چيرمايا" و"إيزابيل"؛ إذ استمرّ كلاهما في التقلُّب على السرير دون نومٍ والتفكير في الآخر وموجة المشاعر التي تصيبهما حينما يكونا قريبين، حتى غفتْ "إيزابيل" بسبب تعب الإرهاق، واستيقظتْ في العاشرة صباحًا بكسلٍ تُحدِّث نفسها:

«آخ، هل يجب علينا أن نستيقظ باكرًا لهذه الدرجة لنذهب للتزلُّج في ساحة الجليد المغلقة؟ لمَ الاستيقاظ باكرًا ولدينا اليوم بطوله؟ تبًا لك "چيرمايا فيشر"؛ لمْ أستطِع النوم جيدًا طوال الليل بسببك وبسبب التفكير بك، لمَ؟ لمَ أصبحت لطيفًا وتعاملني بهذه الطريقة مؤخرًا؟ لمَ لمْ تبقَ ذلك الوغد اللعوب المتلذِّذ بإزعاجي الذي أصبحتَ عليه فجأةً؟»

أغمضتْ عينيها بإرهاقٍ وخرجتْ من الغرفة لتأخذ حمامًا بدورة المياه الوحيدة بهذا الكوخ، واضُطرّتْ للانتظار عشرين دقيقةً حتى ينتهي والدها بالداخل من حمامه، ثمّ عادت لغرفتها محتقنةً تتمتم بضيقٍ:

«لطالما كرهتُ فكرة وجود دورة مياهٍ واحدةٍ في هذا الكوخ أضطرُّ لمشاركتها دائمًا مع أسرتي وأسرة السيد "فيشر"، يا إلهي.. وفوق كلّ هذا، أحضرتُ الكثير من الثياب اللطيفة معي، وأصبحتُ مُضطرةً لاختيار ما سأرتديه للذهاب للتزلُّج من بينها، هذا مملٌ جدًا، هذه الإجازة مملةٌ.»

صاحتْ في وسادتها لتكتم صوتها، وبعد صراعٍ لاتخاذ قرارٍ مناسبٍ من بين ثيابها، أخيرًا ارتدت سراولًا أبيض ضيقًا وقميصًا أبيض يُظهِر جزءًا صغيرًا من بطنها، وارتدتْ فوقه سترةً منتفخةً زرقاء اللون، وقبعةً شتويةً بيضاء، وحذاءً رياضيًا أبيض سميكًا، وخرجتْ أخيرًا لتجد "چيرمايا" قد سبقها مع عائلته لساحة التزلُّج.

حينما وصلتْ وارتدت حذاء التزلُّج، بقيت واقفةً عند زاوية الساحة كالصنم، تراقب "چيرمايا" الذي يتزلَّج حولها في دائرةٍ بمهارةٍ وابتسامته المستفزّة تغطّي شفتيه، حتى وقف أمامها يتساءل:

«ما الخطب "چيلي بيلي"؟ لمَ لا تتحرّكين؟ هل أنتِ خائفة؟»

«لستُ كذلك، أنا فقط.. لمْ أجرّب التزلُّج من قبل.»

قلبتْ عينيها تدّعي القوة، ولكنّه رفع حاجبه بتسليةٍ:

«لا تقلقي، فقط افعليها، وإن سقطتِ.. سأحرص على التقاطكِ بين ذراعيّ وفي أحضاني قبل أن تلامسي الأرض.»

«أنا لن أقع، لا تفكّر في الاقتراب مني حتى.»

غمزها فجزَّتْ على أسنانها تهتف بذلك، ولكن اقترب منهما والدها يتزلّج بمهارةٍ قائلًا:

«هاي يا أطفال، سنذهب جميعًا لإحضار بعض المشروبات الكحولية لنا لنتناول الغداء جميعًا معًا لاحقًا. هل ستكونان بخيرٍ هنا بمفردكما؟»

«أجل سيد "كونكلين"، لا تقلق، سأعتني بصغيرتك "إيزابيل" جيدًا.»

أجابه "چيرمايا"، فرمقتْه الأخرى بغيظٍ، ثم التفتت لوالدها:

«لا تقلق أبي، أستطيع الاعتناء بنفسي بمفردي جيدًا.»

«بالطبع صغيرتي، أنا واثقٌ من ذلك.»

ابتسم لها بخفةٍ، ثمّ تزلّج مقتربًا من "چيرمايا" يهمس له:

«أرجوك، لا تتركها بمفردها، قد تسقط وتكسر رقبتها.»

أومأ له "چيرمايا" يكتم ضحكته، فتركهما الوالد ورحل، ليلتفت الآخر لـ"إيزابيل"، ولكنّه سرعان ما تأوّه حينما ضربته الأخرى على ذراعه بقوةٍ:

«توقّف عن إظهاري طفلةً ضعيفةً أمام الجميع.»

«ماذا؟ لمْ أقل شيئًا، والدكِ هو مَن طلب مني الاعتناء بكِ.»

«لا أريد منك الاعتناء بي. أستطيع القيام بها بمفردي.. لستُ طفلةً، أنا بنفس سنِّك. أنت فقط.. أنت فقط ضخمٌ وطويلٌ.»

نطقتْ بالأخيرة بخفوتٍ تنظر لجسده العالي أمام جسدها القصير جدًا، فقهقه الآخر يرفع ذراعيه باستسلامٍ، ثم ابتعد عنها لتنفخ بقوةٍ متمتمةً لنفسها:

«حسنًا "بيل" أنتِ لها، أنتِ قوية، التدريب يصنع المحترفين.. فقط تحرّكي.»

نظرتْ للأمام لتجد فتاةً يابانيةً بشعرٍ أسود طويلٍ وملامح ساحرةٍ، جسدها طويلٌ ومثاليٌّ كعارضات الأزيا، اقتربتْ من "چيرمايا" الذي ابتسم لها وتوقّف عن التزلّج ليتحدّث معها.

«تبًا له، لن يتغيّر أبدًا.. سأفعلها بمفردي، لا حاجة لك أيها الوغد المنحرف.»

زفرتْ تحقد عليه رغم أنّها مَن طلبتْ منه الرحيل، وبدأتْ بالتحرُّك فاردةً ذراعيها حتى انفردتْ ساقيها قليلًا واضطربتْ ملامحها إلى أن سقطتْ على وجهها، فانقلبتْ تتمدّد على ظهرها باستسلامٍ:

«لقد ظننتُ أنّ التزلُّج على الجليد ممتعٌ. حسنًا، أعتقد أنّني سأستلقي هنا لبعض الوقت.»

التفت "چيرمايا" للاطمئنان عليها، وحينما وجدها هكذا تنهّد بقلة حيلةٍ وترك الفتاة التي يتحدث معها ليُسرع متزلجًا ناحيتها:

«هل تحتاجين يدًا للمساعدة "چيلي بيلي"؟»

«لا، لديّ يدين في جسدي.. ارحل من هنا.»

قلب عينيه باستياءٍ من عنادها، وانحنى جالسًا على ركبتيه جوارها يدّعي التأثُّر والحزن:

«لمَ ذلك؟»

«أنا لا أثق بك.»

«آو، ما الذي فعلتُه لكِ يومًا لكي لا تثقي بي؟ هذا قاسٍ "چيلي بيلي".»

أبرز شفتيه كطفلٍ مجروحٍ يرمقها ببراءةٍ، فقلبتْ عينيها تزفر:

«ربما لا أثق بك منذ ذلك اليوم الذي أطلقت فيه سنجابًا في غرفتي ونحن بالثامنة من عمرنا؟ أو ذلك اليوم الذي عصرت فيه بعض الفواكه في حقيبة ظهري؟ أو ربما تلك المرة عندما..»

«حسنًا، لقد أوضحتِ وجهة نظركِ، لا نمتلك اليوم بأكمله لهذا.»

نهض مجددًا يقف جوار رأسها متذمِّرًا، فرفعتْ حاجبها تفرد كفّها على صدرها مرتاحةً بالاستلقاء أمام أنظار الجميع ممَن يتزلجون حولهما:

«أجل، سنحتاج لأسبوعٍ أو أكثر لأعرض عليك قائمة ما فعلتَه بي سابقًا كي لا أثق بك.»

«أنتِ لستِ ملاكًا أيضًا، لقد رددتِ لي ما كنتُ أفعله بكِ أضعافًا.»

عضّت شفتها السُفلى تنهض عن الأرض أخيرًا:

«أجل، ربما نكون متعادلين هكذا.. والآن دعني أتزلّج في سلامٍ.»

صاحت به تشير بسبّابتها، ثم بدأتْ تحاول التحرّك على الجليد، بينما الآخر يقف عليه بثباتٍ ومهارةٍ يشبّك ذراعيه على صدره بيأسٍ:

«ستسقطين هذه المرة وتكسرين رقبتكِ "بيلي"، ستؤذين نفسكِ. دعيني أساعدكِ في التزلّج.»

«ولمَ قد تساعدني؟»

كان دورها لتشبّك ذراعيها على صدرها محاولةً الوقوف بثباتٍ، فنظر لها بصمتٍ لثوانٍ يحاول إيجاد جوابٍ لينطق أخيرًا:

«لأنني أشعر بالإحراج عنكِ. هيّا.. سأعلمكِ كيفية التزلّج، إنه سهل.»

مدّ يده لها بابتسامةٍ صغيرةٍ. تردَّدتْ في البداية، ولكنّها أمسكتْ بيده أخيرًا، وبدآ في التزلّج معًا بينما تفكّر في نفسها:

«أمسك "چيرمايا" بيدي اليُمنى في يده يشبِّك أصابعه بين أصابعي يتمسَّك بي جيدًا، ثمّ لفّ ذراعه الآخر حول خصري ولمسته تلك قد أثارتْ قشعريرةً لذيذةً على طول عمودي الفقريّ. ثبّت جسدي بتلك الطريقة، وحاول التحرّك على الجليد محرّكًا جسدي معه ببطءٍ ليُريني كيفية التزلُّج بشكلٍ صحيحٍ.»

كادتْ تسقط أثناء محاولتها عدم تحميل قدميها ثقلًا كبيرًا على الجليد، ولكنّه تمسّك بجانبيّ خصرها يدفن ظهرها بصدره حتى اضطربتْ أنفاسها لهذا القُرب وأفكارها تشتعل:

«يا إلهي، كدتُ أسقط لخمس مراتٍ، ولكنّه كان يلتقط جسدي في كلّ مرةٍ قبل أن أتأذى، لكن هذه المرّة.. قرّبني من جسده حتى كان ظهري ملتصقًا بصدره، أستشعر شيئًا من نبضات قلبه العالية، إلّا أن قوة خفقاتي كانت تسيطر على سمعي داخليًا أكثر.»

استمرّا بذلك بعد أن ابتعدتْ عن صدره، حتى تمكّنتْ بالفعل تدريجيًا من التزلّج دون خوفٍ، و"چيرمايا" يدور حولها مصفقًا لها بتشجيعٍ وقلبه يخفق بشدةٍ كلما ضحكتْ.

طال وقتهما في الساحة ينتظران عودة والديهما، ولكنّهما يئسا وقرّرا العودة بمفردهما، ليجدا والديهما يستلقون بعشوائيةٍ في الكوخ على الأرض نائمين، فضربتْ "إيزابيل" جبينها بقلة حيلةٍ:

«لا أصدّق أنّ والديّ ووالديك قد شربوا الكثير من المشروبات الكحولية وعادوا للنوم ثملين على وجوههم ونسوا أمرنا تمامًا في ساحة التزلّج.»

«هل هذا قيء؟»

صاح "چيرمايا" متقزِّزًا ينظر لبقعةٍ خضراء إلى جوار رأسه والده المستلقي أسفل طاولة الطعام على ظهره، فهزّتْ "إيزابيل" وجهها بقرفٍ، ولكنّها تجاهلتْ الأمر متسائلةً:

«ما الذي سنفعله الآن؟»

«هل سننتظرهم حتى ينهضوا؟ لا أعتقد أنّهم سينهضوا قريبًا بهذا الوضع.. والدتكِ مستلقيةٌ بين خمس زجاجات بيرة على طاولة الطعام.»

قهقهتْ "إيزابيل" تنظر للفوضى حولها، ثم تنهدت تجيبه:

«لا يهم. لا أعرف بشأنك، ولكنني أعتقد أنّني سأذهب للحوض الساخن في منتجع الجاكوزي.»

«هالولويا، هذا يبدو مثيرًا.. هل يمكنني المجيء معكِ؟»

تلاعب بحاجبيه يهتف بحماسٍ، فرفعتْ حاجبها:

«هل تستأذنني حقًا للذهاب؟»

«بالطبع لا، سواء وافقتِ أو رفضتِ، سأذهب في جميع الأحوال. أنا فقط أحاول أن أكون مهذبًا.»

ابتسمتْ لردّه السمِج بسخريةٍ تهزّ رأسها، وتركته للذهاب لغرفتها، تمرّ جوار الأريكة التي يتمدّد عليها والدها على ظهره وفوق بطنه زجاجة نبيذ بها بعض القطرات تتساقط على ثيابه.

جهّزت حقيبتها ثم خرجتْ من الكوخ دون انتظاره تتوجّه للمنتجع المجاور للكوخ تمامًا، ثم دخلتْ غرفة تبديل الثياب وارتدتْ ثوب سباحةٍ أحمر من قطعتين يُظهر جمال مفاتنها الصغيرة، ثم ذهبت للجاكوزي في الغرفة البخارية لتقفز بالحوض الدافئ باستمتاعٍ متمتمةً في نفسها:

«يا له من وضعٍ مريحٍ جدًا، هذا أجمل حوض استحمامٍ رأيتُه بحياتي. إنّها أفضل ما قد يفعله المرء بعد التزلّج على ذلك الجليد السخيف. آخ، أتساءل كم سيُكلّفني إن حاولتُ شراء حوض استحمامٍ بخاريّ كهذا في منزلي المُستقبليّ؟»

قاطع وصلة تأملها البلهاء حمحمة "چيرمايا" من خلفها، فالتفتت لترمش بخجلٍ لرؤية عضلات صدره ومعدته التي لطالما أبهرتها مرتديًا سروال سباحةٍ قصير، هو رياضيّ وهي يعجبها هذا جدًا. حينها دخل في الحوض يغمزها:

«هل اشتقتِ لي؟»

«ما رأيك أن تقترب لأريك الإجابة؟»

غمزته بدورها تثير أنفاسه ليقترب منها سريعًا مستعدًا للشعور بشيءٍ دافئٍ وناعمٍ على شفتيه، ولكنّها فاجأتْه بالقفز على ظهره تُغرِق جسده بأكمله حتى بدأ يسعل، فانفجرتْ ضحكًا بينما يرمقها بغيظٍ:

«أنتِ مزعجةٌ جدًا، تعرفين هذا؟»

«أجل، لقد تعلمتُ أن أكون هكذا منك جيدًا معلمي البارع.»

تراقص حاجباها، فضيّق عينيه يتفحّص المكشوف من جسدها حتى ابتلع لُعابه يسألها مقتربًا منها وسط الماء الساخن:

«ما رأيكِ أن نلعب لعبةً؟»

«حسنًا؟»

كان جوابها أشبه بالسؤال تعجبًا من هذا السؤال المفاجئ، ولكنّه تحمّس:

«لعبة صراحة أم جرأة.»

«هل يمكنك أن تكون أكثر تسليةً؟ هذه اللعبة تقليديةٌ جدًا.»

«هاي، بسبب لعبة صراحة أم جرأة التي لا تعجبكِ هذه، لمْ نكُن لنصبح أصدقاء مجددًا أبدًا.»

ذكَّرها بذلك التحدي الذي جعلهما يقضيان سبع دقائق معًا في خزانةٍ مغلقةٍ، فتحمحمتْ تسأله بجديةٍ:

«هل عدنا أصدقاء حقًا؟»

رمقها بهدوءٍ لثوانٍ، ثمّ غيّر الموضوع:

«حسنًا، لنبدأ اللعب.»

«صراحة أم جرأة "چيرمايا فيشر"؟»

«سأختار الجرأة "إيزابيل كونكلين".»

أجابها بثقةٍ، ففكّرت لبعض الوقت لتتحداه:

«أتحداك أن تقوم بعمل مقلبٍ هاتفيّ في "مايسون".»

«سهلٌ كالنوم.»

قالها وخرج من حوض الاستحمام مقتربًا من الهاتف الأرضيّ أمام غرفة الجاكوزي، ثمّ دوّن رقم "مايسون" به وهاتفه تزامنًا مع خروجها لتسمعه، وحينما سمع صوت "مايسون" غيّر نبرته لأخرى حادةٍ كالنساء:

«مرحبًا، هل هذا هاتف السيدة "تايلور"؟ أنا أتصل من مشفى المدينة لأطلعكِ على نتائج التحليل. مباركٌ سيدتي، لقد ظهرت النتائج إيجابيةً وأنتِ حاملٌ في توأم، سننتظركِ في موعد الفحص الثاني يوم الأربعاء القادم في الرابعة.»

«توأم؟»

صرخ "مايسون" بصدمةٍ يتخلّلها الارتعاب في الهاتف حتى اخترق صوته أذنيّ "إيزابيل" لينهي "چيرمايا" المكالمة سريعًا ينفجران ضحكًا. ثم عادا للحوض لتقول بصعوبةٍ من بين ضحكاتها:

«لقد أرعبته.. هذا مقلبٌ مثاليّ.»

«هذا هو المطلوب.»

«حسنًا، إنّه دوري.. سأختار جرأة.»

قالت بثقةٍ، فنظر لها بتفكيرٍ لبعض الثواني يتحداها:

«أتحدّاكِ أن تؤدي رقصةً استعراضيةً على أحد أغاني مايلي سايروس.»

«رقصةً استعراضيةً؟»

تساءلت ببعض التوتر ثم تابعتْ:

«أعتقد أنّني يجب أن أكون ثملةً كفايةً مثل والدينا كي أؤدي هذا التحدي.»

«إذًا، أظنّ أن هذا سيكون الأفضل لأنني سرقتُ منهم بعض الكحول بالفعل.»

اقترب من حافة الحوض يمسك بحقيبة ظهره التي أحضرها يُخرج منها زجاجة ويسكي بها القليل، فنظرتْ له بصدمةٍ تهمس:

«هل أنت مجنون؟ قد يمسكون بنا هنا نثمل ويخبروا والدينا. لمْ نبلغ السنّ القانونيّ بعد للشرب.»

«والديّ ووالديك ثملين لدرجة أنّهم لن يكونوا قادرين على استيعاب ما سيخبرونهم به إن أمسكوا بنا. أم تقولين أنكِ مجرد جبانةٍ؟»

«حسنًا، أعطني هذا المشروب.»

همستْ بحدةٍ والتقطتْ الزجاجة منه، تجرّعتْ من فوهتها الكثير دفعةً واحدةً حتى كاد حلقها يحترق، ثم بدأت تسعل والمشروب يؤثر عليها سريعًا لتؤدي رقصةً استعراضيةً بينما تغني بجنونٍ أحد أغاني مايلي سايروس.

«هذا أسوأ عرضٍ رأيتُه بحياتي.»

انفجر ضاحكًا يشرب هو الآخر، وبدآ بتبادل الزجاجة يشربان ويلعبان حتى ثملا بالفعل ليهتف "چيرمايا":

«حسنًا، إنّه دوري، سأختار الصراحة.»

«هل تكره بيچامة نومي الشتوية حقًا؟»

نظر لها بتفكيرٍ لثوانٍ، ثم غمزها قائلًا:

«لا أكرهها، أنتِ تبدين لطيفةً بها. إنّها ضيقةٌ على مؤخرتكِ أيضًا. تجعلها أكثر إثارةً؛ لهذا أكره رؤيتكِ بها. تجعلينني مُثارًا وأرغب بكِ.»

شهقتْ وعيناها تتسعان تتمتم في نفسها:

«يا إلهي، أعتقد أنّني ثملةٌ جدًا لدرجةٍ حمقاء تجعلني أتخيّل أن "چيرمايا" وصفني باللطيفة ذات المؤخرة المثيرة للتوّ. والآن ينظر إلى مؤخرتي.. أجل، أنا ثملةٌ كالجحيم.»

رمشتْ تبتسم ببلاهةٍ، فتحمحم "چيرمايا" يستند بظهره على حافة الحوض فاردًا ساقيه في الماء:

«إنّه دوركِ.»

«حسنًا، أختار جرأة.»

«أتحداكِ أن تختاري صراحة.»

«هاي، هذا ليس عدلًا.»

صاحت بثمالةٍ والحازوقة تصيبها فجأةً، فعبس بطفوليةٍ:

«أرجوكِ!»

«آخ، أنت مزعج. حسنًا، سأختار الصراحة.»

«هل سبق وأن فكرتِ أو تخيلتِ إقامة علاقةٍ معي؟»

سعُلتْ بقوةٍ بعد سؤاله المفاجئ هذا بينما يرفع حاجبه باستمتاعٍ، الثمالة تؤثر على ملامحه ونظراته المُخدَّرة بمظهرها حقًا، حتى وجدتْ نفسها تصيح بخجلٍ:

«ما هذا السؤال؟»

«أوه هيا، لقد فكرتُ بهذا وتخيّلتُكِ معي نفعلها عدة مرات. أجيببني ولا تكوني جبانةً كالعادة.»

أجابها يقترب منها مجددًا حتى لمْ يُعد يفصل بينهما سوى بخار الماء الساخن المتدفّق من الحوض، فابتلعتْ لُعابها تلوم الكحول مجيبةً بخفوتٍ:

«أ-أجل، لقد فكّرتُ بهذا من قبل.»

«جيد، علينا أن نجد حلًا لتحقيق أفكارنا وخيالاتنا هذه بأسرع وقتٍ إذًا.»

غمزها لتتسع عينيها مبتعدةً عنه عندما شعرتْ باضطرابٍ كبيرٍ ورغبةٍ أكبر في وضع شفتيها على شفتيه، فعضّتْ وجنتها من الداخل تتلفظ بارتباكٍ:

«أعتقد أنّك قد بلغت حدّ الثمالة المتاح لك اليوم، لقد بدأتْ الكحول تؤثر على عقلك حقًا. يجب أن نعود للكوخ ونحاول الإفاقة قبل أن يستيقظ والدينا ويشعروا بنا.»

«أوه، بهذه السرعة؟ أنا أستمتع هنا معكِ حقًا.»
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي